18. أغسطس يقول: لا يوجد أخطاء.
نظرتُ لديليا وفتحتُ ذراعيّ لها لتحضنني هي بسعادة؛ إذ قمنا الآن بآخر خطوة بالمحكمة وقد أصبحت رسميًّا امرأة عزباء بعدما تطلقت من ستيڤن الأحمق.
نظرًا لأنها لا تود التعامل مع اضطررنا لتقديم طلاق غير الناجم عن خطأ، والذي يعني أنه لم يتم إلقاء اللوم على أي من الطرفين أو تحميله عبء إثبات الأفعال التي أدت إلى انهيار الزواج. لا يتم عادةً الخلاف في الطلاق غير الناجم عن خطأ لأنه لم يتم إلقاء اللوم. وهذا يجعل الإجراءات أكثر سلاسة عندما لا يوافق أحد الزوجين على الطلاق نظرًا لعدم وجود أسباب لدحض الطلب. وعلى أنه هناك أسباب كثيرة لطلب الطلاق لكن ديليا أرادت أخذ الطريقة الأقل لفتًا للانتباه.
يتضمن الطلاق عدم موافقة الطرف الآخر، بشرط ألّا يكونا الطرفان يعيشان أو يتواصلان مع بعضهما لمدة سنة، وبما أنها قد هربت منه قبل ثلاثة سنوات جعل الأمر أسهل.
أرسلنا لمنزل ستيڤن عريضة للطلاق واستدعاء وأوراق أخرى لا يمكنهم رفضها مرة أخرى، ولأنه لم يجبنا فانتقلت القضية إلى الحكم الافتراضي. قدمت الأمر بالطلاق وقدمنا طلبات الحضانة فقط، لا تريد ديليا أي ممتلكات منه. ولأن كل الصلاحيات بيد ديليا من وجود منزل وعمل فقد أخذت الحضانة، وحتى لو أراد ستيڤن الإعتراض مستقبلًا فلن يكون له حق الرجوع نظرًا لعدم استجابته في الإطار الزمني المخصص.
بعدها انتقلت القضية إلى فترة انتظار بينما تعمل على اتفاقية الانفصال وانتظرنا موعد جلسة المحكمة. من المفترض في تاريخ جلسة الاستماع أنه إذا توصلت إلى تسوية يراها القاضي عادلة، فسيتم منح الطلاق، وإذا لم يعتبر القاضي أن التسوية الخاصة بك منصفة أو تم الطعن في طلاقك، فستستمر الجلسات حتى يتم حل هذه المشكلات. لكن حينما تحدثت ديليا عن ماضيها وأيضًا البلاغ في تقرير الشرطة الذي حصلنا عليه بصعوبة أخذت حق الطلاق، وها نحن الآن نحتفل معًا بهذا الخبر الرائع بعد انتظار شهران له.
نظرتُ لديليا التي تركض وراء جويا الذي يلحق القطط كي تطعمه. قررت المجيء والعيش معي منذ أسبوعان تقريبًا، وهذا بالطبع بعد محاولات عديدة من الإقناع. زاك كان يقنعني بفعل هذا كي يكونا أقرب مني للإعتناء بي، وأنا أحاول إقناع ديليا رغم كل الأفكار التي تخبرني ألّا أفعل هذا كي لا أزيد الأمر سوءًا عليها. هي لم تحتج للكثير من الوقت حتى تقبل وتأتي لهنا، لكنني علمت أنها لم تكُ مرتاحة بالأيام الأولى نظرًا لأن كل هذا جديد على كلانا. أنا فقط سعيد لتواجدها هنا.
حالتي للأسف أصبحت أسوأ. خسرتُ الكثير من وزني واضطررتُ لوضع إبرة للمغذي لأن تناول الطعام أصبح صعبًا علي، وحتى لو تناولته أتقيّأه في كثيرٍ من الأحيان.
حينما انهارت صحتي للمرة الثانية طلبتُ من ديليا الرحيل كي لا تتأثر لكنها رفضت وقالت أننا في هذه الرحلة معًا ولن تتخلى عني، وعلى أنني كنتُ سعيدًا لهذا لكن لم أستطع إبعاد فكرة الشعور بالذنب لأنها تستحق أحد أفضل مني، رجل يسعدها ويستطيع البقاء معها وأن يشيخا معًا، لا أن تعتني بي هكذا.
كنتُ في حالة من التناقض الشديد طيلة الأيام الماضية. أريد كل شيء ولا شيء بالوقت نفسه. أشعر أنني عالّة على كل من حولي ومع ذلك لا أريدهم أن يرحلوا أبدًا. فكرة رحيلي عن هذا العالم وأنا وحيد تجعلني مكتئبًا. أيامي التي قضيتها وحيدًا في هذا المنزل ولا أملك شيء سوى العمل تجعلني أبغض فكرة ابتعادهم عني. قضيتُ طيلة حياتي وأنا وحيد، لن أرحل منها وأنا على نفس الحالة. حتى ولو أن من يسعدونني يعانون معي.
أشعر أنني بدائرة مفرّغة من الأحاسيس السلبية والإيجابية. كلّما شعرتُ بالامتنان لتواجد ديليا وجويا معي تأتي فكرة أنهما لا يستحقان أن يتواجدا هنا تسحقني. لقد عانا كثيرًا في هذه الحياة ولا أستطيع سوى الشعور أنني أزيد هذه المعاناة أكثر. ومهما حاولت شرح هذا لديليا هي توبخني وترفض حتى الاستماع لي.
«ما بال حبيبي حزين؟» قالت وجلست بجانبي ومررتُ يداها على العقدة بحاجباي. نظرتُ لها ولم أقل شيئًا لتعبس. «لا تفكر بأنني أستحق رجلًا آخر وحياة أفضل من هذه، صحيح؟» حينما لم أرد قرصت عضدي بخفة وقالت: «توقف، أرجوك. أنا هنا لأنني أريد أن أكون هنا، ولا شيء سيسعدني أكثر من تواجدي معك. أنا سعيدة أغسطس، لم لا تستطيع رؤية هذا؟»
«لأنني أحبّكِ حُلوتي، لهذا لا أستطيع رؤيتكِ معي سعيدة.» قلتُ بصراحة. صحيح هي تضحك وتعتني بي دون أية تذمر، لكنني أستطيع الرؤية التعب على وجهها. أستطيع رؤية انتفاخ عيناها كل يوم لأعلم أنها كانت تبكي. من الصعب أن أراها سعيدة وأنا أراها بحق.
«إذًا ارتدي نظارة، أنا لن أذهب لأي مكان، لذا توقف عن محاولة إفساد ما بيننا بالأفكار السلبية التي لا داعي لها.» ابتسمت لعصبيتها وقبّلتُ جانب رأسها وهمست: «حاضر.» حتى لا تزداد حدة الحديث بيننا ويتحوّل لشجار. كلانا ليس لديه الطاقة لفعل هذا.
«أنا جائع.» قاطع زاك حديثنا بدخوله المنزل وجلوسه على الأريكة. هو أيضًا ينام هنا في بعض الأحيان. التعب بادٍ على وجهه وقد خسر بعض الوزن. أشعر بالذنب بسبب الأشياء التي يتعرض لها لكن حتى هو يتجاهل كلامي ولا يريد تركي. أنا محاط بأشخاص عنيدين.
«أنا جائع.» قلّده جويا بالقول والجلوس ليبتسم زاك ويبعثر شعره.
«أيّها الشقي أنا ألاحقكِ منذ خمس دقائق لأطعمك.» قالت ديليا ونهضت عن جانبي كي تذهب لجويا الذي حالما رآها اختبأ بحضن زاك الذي وضعه أسفل قميصه ويدّعي أنه لا يعرف مكان جويا الذي يصدح صوت قهقهاته بالمكان.
في هذه اللحظات أقبل فكرة وجود ديليا بحياتي، لا بأس ببعض الأنانية من جانبي إذ أفضّل أن أرحل معهم بدلًا من أن أكون وحيدًا.
حينما بدأ زاك يتناول الطعام وبنفس الوقت يطعم جويا أتت ديليا وعادت للجلوس بجانبي وترسم دوائر على كتفي لأعلم أن هناك شيء ما ببالها، لهذا نطقت: «أخبريني ما برأسك حُلوتي.» ابتسمت بخجل ونظرت لي بعينان مليئة بالحب. أستطيع رؤية انعكاسي المُتعب بها. لا شيء أجمل من رؤية كم تحبّني.
«هل تقبل أن تأتي بموعد معي؟» سألت لأعقد حاجباي.
«موعد؟»
«أجل. نحن لم نذهب لواحد منذ أن التقينا، ألا تظن أنه الوقت المناسب لهذا؟» بدأت تلعب بأصابع يدي لأبتسم على فكرتها. «أجل، أعتذر لهذا. ولا أريد شيء سوى أخذكِ بموعد، لكن...» أشرتُ للحالة التي أنا بها من المغذيّ المُعلّق أمامي لتنفي برأسها وتقول: «سيكون هنا بالمنزل، لقد طهوتُ بالفعل، وصنعتُ فطيرة التفاح التي تحبّها كثيرًا والتي هي بالطبع فطيرتك المفضلّة فقط لأنها من صنع يداي.»
«تثقين بنفسكِ كثيرًا.» مازحتها لتقلب عيناها وتبتسم بنفس الوقت. «ماذا قلت يا سخيف، هل سوف تقبل الدعوة أم لا؟ إذ لن أمانع استبدالك بزاك وجويا الذي يرمي الطعام على سجادة منزلك.» قالت وأشارت بأصبعها لجويا الذي بالفعل يرمي الطعام على السجادة لأقهقه.
«سوف أذهب لكن بشرط، قولي إنه منزلنا.» همست لها ورأيتُ الدموع بعيناها لأضع يدي برقة على وجنتها وأقبّل جفونها قبل أن تنزل الدمعات. «حسنًا أيّها الرومانسي إنه منزلنا.» قالت ووضعت رأسها برقبتي وعضتني بخفة.
«يا إلهي، ألن تتوقفي عن عضي؟ ليس وكأن جسدي يستطيع تحمّل أنياب اللبؤة هذه يا امرأة.»
«توقف يا ملكة الدراما قبل أن أعضك بقوّة وتذهب باكيًا لوالدتك.»
«أفضّلُ البكاء عندك.» قلت وحضنتها أقرب لي ودفنتُ رأسي برقبتها لتعضني مرة أخرى وأقهقه قائلًا: «أنا من جلب هذا لنفسي، هاه؟»
«وأنا شجعته!» همست بالمقابل لأبتسم على الجمل التي لاحظت أننا نستخدمها كثيرًا بيننا.
«حسنًا يا رفاق، أنا سوف أذهب لأعدّ لنا الطاولة لأن كل شيء جاهز، أما أنت فاذهب وارتدي ملابسك كي يكون موعدنا جميل.» قالت لي لأومأ لها، طبعت قبلة على وجنتي ووقفت بطريقها.
أتى زاك وساعدني على المشي لغرفتي وارتداء واحدة من بدلاتي التي أصبحت عريضة علي. حينما انتهيت ساعدني بالذهاب لغرفة الطعام حيثُ هناك وجدتُ الطاولة التي عليها الأطباق، الشموع، الورد وكؤوس أعلم أنها مليئة بعصير التفاح.
جلستُ على المقعد ودقائق قليلة مرّت قبل أن تأتي ديليا وتُثير الضجة بدواخلي إذ كانت ترتدي فستانًا باللون الأزرق طويل، يعانق جسدها الذي وكأنني أراه للمرة الأولى. فردت شعرها ولأوّل مرة جعلته على طبيعته المجعدة لأشعر بقلبي ينبض بسرعة لجمالها.
أردتُ أن أقف وأمشي معها للطاولة لكنني لم أستطع، لهذا هي تقدمت نحوي وأمسكت يدي. نظرتُ لها بعينان تفيض قلوبًا بجميع الألوان وهمست: «أنتِ رائعة وفاتنة، جميلة وقد سحرتيني. أحبّكِ.» وضعت يداها بخجل على وجهها وتركتني لتذهب للجلوس على مقعدها أمامي.
«وأنت أيضًا تبدو جميلًا، ليس وكأنني لم أرك مُسبقًا ببدلة.» قالت بلا مبالاة مصطنعة لأقهقه على كلامها.
كان الطعام شهيًا، لقد صنعت لي وعاءً من الحساء وبعض المقبلات التي يُسهل على معدتي تحمّلها وأيضًا مُفيدة لصحتي. بقينا طيلة الساعة والنصف نتحدث عن كل شيء وأي شيء، وحتى لا شيء بعض الأحيان، فقط ننظر لبعضنا بحب.
وهي كانت محقة إذ فطيرة التفاح التي تصنعها فطيرتي المفضلة، حتى ولو أنني لم أتناول سوى لُقيمات منها.
تحدثنا عن عملنا وعن ذكرياتنا المفضلة معًا. تحدثتُ معها عن علاقتي المضطربة مع والداي. هي تحدثت عن أوقاتها القديمة وهي تتنقل من عمل لآخر، علاقتها مع جاك ومارثا.
لقد استمتعتُ كثيرًا بوقتي معها. شعرتُ أن الحياة عادت لي طيلة الدقائق التي نظرتُ لها وتأملتها بقلب من درجة حبّه لها كان يؤلمني. في هذه اللحظة علمتُ أنني لم ولن أحبّ امرأة مثلما أحببتُها. وأنني شاكرٌ كثيرًا لأن رئيس عملها بالمطعم طردها من عملها حتى سنحت لها الفرصة وأتت للتقدم للشركة كي أستطيع التعرف عليها.
في كثيرٍ من الأحيان حينما انظر لسمير أتذكر شخصية أوفيليا من مسرحية هاملت لويليام شكسبير. هو كان من الأسباب التي جمعتنا معًا. واسم أوفيليا يعني الميزة والمساعدة، وأشعر أنه بطريقة ما كان مميزًا وساعدنا بالتقري لبعضنا أكثر. إنَّ سمير هو قط أوفيليا بالنسبة لي.
حينما انتهينا من الموعد حاولتُ مساعدة ديليا بتوضيب المكان لكنها رفضت. كانت بالفعل الساعة التاسعة مساءً، لهذا طلبتُ من زاك مساعدتي للذهاب لغرفة النوم واستلقيتُ على السرير بتعب ورأيت زاك يخرج. حتى أبسط الخطوات أصبحت صعبة عليّ. من المفترض أن أكون الآن بالمشفى وأن أتلقى علاجي هناك، لكنني فضّلتُ البقاء هنا.
دقائق مرّت قبل أن تدخل ديليا بملابس النوم خاصتها. «هل لا زلنا على موعدنا غدًا مع عائلتك؟» سألت ديليا بينما تضع الغطاء حولي.
عائلتي...
اضطررتُ لإخبارهم بما حدث حينما رفضتُ أكثر مرة أن ألتقي بهم. والدتي انهارت لدرجة أنها نامت بالمشفى يومان، وأبي احتضنني يومها وبكى. كانت هذه المرة الأولى التي أراه يبكي فيها. ومن يومها ونحن نحاول اللقاء بهم عدة مرات بالأسبوع.
كانت الأمور صعبة علينا. أميّ تحاول أن تكون قوية لأجلي لكن بكل مرة تراني تبدأ بالبكاء. أما أبي يحاول توبيخها على هذا لكنه ينتهي بالابتعاد عني لأعلم أنه يبكي أيضًا. وددتُ ألّا أخبرهم كي لا يتعبوا، لكن من الصعب إخفاء حالتي عليهم وأنا بمنظري هذا.
«أجل.» همست بتعب وأغلقتُ عيني، حينما شعرت بها تستلقي بجانبي قبّلتُ رأسها وقرّبتُها لي. «شكرًا لأنكِ تكونين معي حينما يكونون هنا.» العلاقة بينهم صعبة بعض الشيء، أمي لا زالت غير متقبّلة فكرة مرضي حتى تتقبّل أنني وديليا معًا، خصيصًا مع تواجد جويا بالصّورة. أما أبي فهو لسببٍ ما أحبَّ جويا ويحاول اللعب معه حينما يكون هنا، ويتصرّف بلطف مع ديليا لكن لا يتحدثان كثيرًا.
لا أنكر أنني شعرتُ بالغيرة لمنظرهم معًا؛ في كثيرٍ من الأحيان كان أبي يعمل لوقت متأخرًا ونادرًا ما يلعب معنا. لكنني سعيد أنه تقبّل جويا وديليا، على الأقل هكذا أعلم أنهما لن يكونا لوحدهما بعدما أرحل.
«توقف عن شكري حينما أفعل أشياء أريد فعلها.» همست ونكزتني بأصبعها لأبتسم بخفة.
«أحبُّ شكرك، هكذا على الأقل أستطيع إزاحة تأنيب ضميري بعض الشيء لبقائكِ معي.» قلت وهي تصنمت، أنفاسها أصبحت أسرع وحينما ابتعدت عني رأيتُ ملامح الغضب على وجهها.
«هل تريدني حقًا أن أبتعد عنك؟» حاولت أن تجعل صوتها قويًا لكن الرجفة به فضحها. أردتُ قول لا، وأن أقول لها أنني أحبّها وأن أتزوجها كي أكمل حياتي معها، لكنني ببساطة أومأت لأنني أعلم أن الوقت قد حان، أشعر به، ينتظرني كل يوم خلفي، لقد اقترب.
«لقد تعبتُ من كثرة محاولة إقناعي لك أنني لا أريد الذهاب! أنا أريدك، أريدنا! وماذا عن قصتنا مثل جودي وجيرفس؟ أريد قصتنا ديليا وجويا وأغسطس. أنا لستُ بصاحبة ظلٍّ طويل لأنني معك دائمًا. خلفك وأمامك، ظلّي يحيطكَ لأنني أريدُ البقاء معك، أرجوك لا تفعل هذا بي. خذ قلبي وحطمه، اكسره لأكثر من قطعة لا بأس، لأنني سأحبّكَ بكل قطعة، لكن لا تتركه معي، لا تتركني.» قالت من بين شهقاتها وأكملت بصوتٍ منخفض: «لا تتركني الآن، ليس بهذه الحالة.»
كلامها كان كالسكين بقلبي. أردتُ أن آخذها وأخبرها بكم أحبّها وأنني لن أتركها أبدًا حتى لو أنها أرادت هذا. أردتُ إخبارها أنها قلبي وحياتي وأنا أعيشُ لأجلها ولأجل قصتنا معًا. أنني لم أنظر يومًا لجويا على أنه من رجلٍ آخر وعاملته كما لو أنه طفلي من صُلبي، ليس فقط لأنها أنجبته وهي أمه، بل لأنني حقًا أحببته بكل جوارحي. أردتُ تقبيلها. وددتُ أن أتحوّل لقطعة من الجماد بهذه الغرفة كي لا أكون محط عتابها. تمنيتُ لو أنني لم أصب بهذا المرض أبدًا، وأردتُ أن أخبرها أنني أهواها ولا أريد أحدًا سواها.
لكن في عالمي كلّ هذا كان صعبًا علي. قلبي يرى حبّها لي، وعقلي يرى عاقبات هذا الحبّ الذي يجعلها مُتعبة وتبكي.
لهذا نطقت بـ: «أنا أعتذر. أحبّكِ.» فقط وبقيتُ صامتًا لا أقوَ النظر لوجهها. أما هي شعرتُ بشهقاتها تخبو حتى أصبحت مجرد أصوات ضعيفة.
«كما تريد، سوف أنام اليوم بغرفة أخرى.» همست وخرجت دون أن تنظر لي، وأنا فقط أغمضتُ عينيّ وسمحتُ لدموعي بالهطول. هكذا أفضل، خطوة خطوة حتى تذهب عني كليًّا كي تعيش بسعادة.
ومع ذلك أشعر أنني خسرتُ جزءًا كبيرًا من نفسي. الآن بالذات شعرتُ أنني أحتضر. أنني ضائع ووحيد. ومع كل هذه الأفكار بقيتُ أردد أن رحيلها عني للأفضل.
بعد مرور دقائق شعرتُ بها تدخل مرة أخرى، استلقت بجانبي تعطيني ظهرها وقرّبت نفسها أكثر هامسة: «فقط اليوم سأنام هنا.» تنفستُ براحة وشعرتُ بدموعي تهبط مرّة أخرى، ضعفي استولى علي لأومئ لها وأحضنها بقوّة، شعرتُ بجويا بين يداها نائمًا لأمسح على شعره.
«لا تبقي وحيدة، حسنًا؟ عديني أنكِ سوف تجدين رجلًا آخر وسوف تعيشي حياتكِ بسعادة معه. اختاريه مناسبًا لكِ وجويا، أنا أحبّكِ حُلوتي، ولأنني أحبّكِ أريدكِ سعيدة، حتى ولو عنى هذا أن سعادتكِ ليست معي.» قلتُ بصعوبة، لكن هذا ما يجب أن يحدث. أريد أن أوضّح لها هذا كي ارتاح.
«لا تقل هذا أرجوك. أقسم أنني متعبة من كثرة الشجار معك ولا أريد شيء الآن سوى النوم بحضنك.» همست والتفتت لي، تضع يداها على صدري وأنا مسحتُ دموعها. «أريد النوم بحضنكِ أيضًا. لكنني أعتذر، إنَّها الحقيقة، وهذا واقعنا. لا أريد أي شيء سوى البقاء معكِ، لكن لا أستطيع فعل أي شيء، أنا عاجز، ديليا، أشعر أنني عبءٌ ثقيل، لهذا أرجوكِ أريحني وعديني أنكِ سوف تحبّين مُجددًا.»
بقيت صامتة لوقت طويل ظننتُ أنها نامت أو تفكر بالرحيل عني، لهذا رفعتُ وجهها لي وقبّلتُ عيناها هامسًا باسمها بنبرة توحي قلة يأسي، أوضّح لها رجائي أن تخاطبني. وفعلت أخيرًا قائلة: «أعدك. أعدك أنني سأختار رجلًا مناسبًا لكلانا، وسوف أحبّه، لكنني أعدكَ أنني لن أتوقف عن حبّك أبدًا، وسوف أحرص على أن يتذكرك جويا وأن يحبّك هو أيضًا، لن ترحل أبدًا عنا.» قالت لأبكي معها.
«أحبّكِ كثيرًا.»
«وأنا أحبّكَ أكثر مما تتصوّر ومما تفكّر به. والآن توقف عن طردي من حياتك واخلد للنوم أيّها الأحمق.»
شاكرًا لوجودهما في حياتي، أغمضتُ عينيّ وزفرتُ براحة بينما ابتسم بخفة على شتائمها.
---
مجموع الكلمات للآن: 27,547.
اتنءهءنهخسس 😔
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro