16. أغسطس يقول: أنانية متبادلة.
حدّقتُ بالسقف بينما استمع لكلام الطبيب براين: «حالتك تتدهور للأسوأ، أغسطس.» أردتُ البكاء لكن لا شيء خرج. أنا أعلم أنها بالفعل تتدهور، وأريدُ الرثاء على حالي لكن لا ليس هناك ردّة فعل. رُبَّما لأنني بكيتُ كثيرًا من قبل، لا أعلم حقًا.
«كم بقي من الوقت؟» سألت ولم يقل شيئًا، نظرت له لأجده يزمُّ شفتاه ويعقد حاجباه. هو صديقي، وأعلم أن هذا صعبٌ عليه مثلما هو صعبٌ علي، لكنني أريده أن يفهم أن عدم معرفتي لن يزيد حالتي إلّا سوءًا إذ أريد أن أملك وقتًا كافيًا لمحاولة ترتيب مجريات حياتي، لا أن أرحل فجأة دون معرفتي. لهذا شددتُ على يداي وبحزم قلت: «براين، كم؟»
«ثلاث أشهر ونصف، أربعة أشهر كحد أقصى. السرطان وصل لأماكن متفرقة من جسدك ولن يفيد العلاج الكيميائي.» أعلم هذا، منذُ أن أخبرني بمصابي وأنا لدي فكرة أن المصابين به لا يعيشون أكثر من خمس سنوات كحد أقصى، وها أنا قد دخلتُ بسنتي الرابعة. ورغم حديثي الكثير مع نفسي إلّا أنني لا زلتُ أتألم لسماعه.
«لقد...» قال ونظر بعيدًا عن وجهي، ملامح وجهه توحي بالقليل من الذنب. حمحم وأكمل: «اضطررتُ لإخبارهم.» همس وشعرتُ بقلبي يخرج من صدري، كم من مرّة نبهته ألّا يخبر أي شخص بمرضي حتى ولو أنني جئته على شكل جثة. أردتُ الاستقامة كي أعاتبه لكن الدوار منعني وشعرتُ أنني سأتقيّأ مرة أخرى لهذا عدتُ للاستلقاء، الإبر الكثيرة من تخفيف الألم والمُغذيّ تزعجني.
«بقيا ينتظرانك كثيرًا، أفضل حل كان إخبارهم.» حاول تبرير موقفه لكن كلُّ ما يكون يدور بعقلي هو منظرهم وهم يتلقون الخبر. زاك قلبه رهيف ولن يتحمّل سماع هذا، هو حتى مجرد شجار بين والداي يجعل يومه يتحوّل، فكيف بخبر مثل هذا؟
أما هي، حُلوتي. أيامي الماضية لم تخبرني بشيء سوى أنها حساسة رغم الصّلابة التي تظهرها.
«ألا تعتقد أن هذا من حقي لفعله؟» سألت بقسوة. وعلى أنني لم أفكر بإخبارهم بهذا الوقت المبكر إلا أن شعور الرّاحة قد اجتاحني بكميات صغيرة لأنهم قد علموا بالفعل، وليس مني، إذ بالتأكيد لن أستطيع قول كل هذا لهم بسهولة. تنهد براين وقال: «هل تريد أن تراهم؟ لا زالا بالخارج.» ترددت لكنني أومأت له بالنهاية، رغبتي برؤيتهم تضاهي خوفي. خرج وحاولت أن استعد لرؤيتهما لكن لا شيء سوف يساعد، لقد كذبت عليهما.
دخل أوّلًا زاك وحدّقت بعيناه الحمراء، وجهه لا زال عليها آثار الدموع الجافة، شعره مبعثر كما لو أنه كان يمسكه بشدّة. آلمني مظهره، وآلمني حينما رآني وركض نحوي وعانقني بقوّة لأفعل المثل، وفقط الآن خرجت دموعي. «أنا أعتذر.» همست ليزداد بكاؤه.
«لمَ؟ لمَ لم تخبرني من قبل؟» قال من بين شهقاته لأكتم دموعي وأمسد على شعره وكتفه. إنه أخي الصغير وأعلم كيف أتعامل معه إذا ما كان يبكي بسبب والداي، لكن كيف يمكنني التعامل معه وهو يبكي بسببي؟
«كنتُ خائفًا، من المفترض أن أكون أخاك الذي يحميك لا أن يثقل عليك بهمومه.» قلت الحقيقة. أكثر من مرة داهمتني فكرة إخباره بكل شيء لكن لم أستطع. أحبّه جدًا لأفعل هذا به.
«توقف! لا تتكلم هكذا، أنت أخي الذي أحبّه وسأحميه بالمقابل، ما أصابك ليست همومك وحدك.» قال لأشد على عناقه. أنا بحاجة له كثيرًا هذه الفترة، لهذا تمسكتُ به وجعلته يجلس بجانبي على السرير بينما لا يزال يعانقني. بين الحين والآخر يشهق ويتنفس بصعوبة لأعلم أنه لا يزال يبكي.
«كنت الوحيد الذي جعلني أتحسن مع الوقت. الأيام التي أمضيتها بمنزلي كانت الضوء في عتمة أيامي. لم أستطيع تخريب هذه اللحظات بمرضي. أنت تظن أنني أناني وعلى الأرجح تكرهني بسبب إخفاء هذا الأمر عنك، لكن أرجوك تفهّم أنني فضّلتُ بقاءك سعيدًا معي على أن نكون حزينين سويًا.» همست بألم وشعرتُ بدموعي تتجمّع أكثر بعيناي.
«أنا لا أكرهك. وأنا أتفهّم عدم إخبارك لي، أنا فقط...» لم يكمل لأنني أعلم ما الذي يقصده، لهذا فقط شددتُ على عناقه وقلت: «سوف نمرُّ بهذه اللحظات معًا، حسنًا؟ سوف نبقى سويًا، ويمكنك النوم في منزلي حتى. أريدك أن تبقى معي.»
«أجل، سوف نحارب المرض سويًا.» قال وابتسمت بخفة بقهر، عالمًا أن فكرة المحاربة قد آل عليها الزمان وليس هناك فائدة لمحاولة تجنب المحتوم. لكنني أومأت له وشددتُ على عناقي مرة أخرى. وبقينا هكذا عشر دقائق، أحاول شرح الأشياء التي فعلتها وكيف اعتنيتُ بنفسي، لكن لم يكُ لدي الجرأة لإخباره بكم تبقى لي قبل أن أذهب.
«ديليا بالحمام منذ أن علمت بالخبر، لم تخرج للآن.» همس زاك بينما يمسك يدي لتختل أنفاسي. «والداي اتصلا لكنني لم أجبهما، لم أرد أن يأتيا لهنا.» شعرتُ بالذعر لتواجد والداي هنا لكن سعدتُ لأنه لم يجبهما، لستُ مستعدًا لإخبارهم.
«جيد، لا أريد إخبارهم، ليس الآن على الأقل.» همست وأومأ لي. «هل تريد أن أناديها لك؟» سأل لأشير له أنني لا أعرف. أنا خائفٌ من مواجهتها. أريدها معي لكنني ليس وأنا بهذه الحالة.
«حبيبتك، هاه؟» سأل وابتسم بخفة ليكمل: «لم أتوقع أن أعيش لأرى حبيبتك، لديها طفل جميل. ما الذي حدث؟»
«وقعتُ بحبّها.» قلت ببساطة ليومئ بخفة. «سعيد لهذا، أنت تستحق أن تقع بالحب بعد علاقتك مع عملك. سأناديها لك.» قال وخرج وحاولت التفكير بما سأقوله لها، مهما كان تصرفها فالحق معها، سواء لو قررت الصراخ بي أو حتى الانفصال عني لإخفائي الحقيقة عنها. فركتُ قلبي حيث آلمني، فقط مجرد ابتعادها عني تجعلني بحالة أسوأ.
بعد عدّة دقائق دخلت ورأيت وجهها المنتفخ، تقدمت نحوي ببطء ووقفت أمامي، مددتُ يدي كي ألمسها لكنها تراجعت للخلف لأشعر بقلبي ينكسر قليلًا. حتى رغم قولي لنفسي أنني أستحقُّ هذا إلّا أنه لا يزال يؤلم.
«أنا أعتذر.»
«توقف.» قالت بنبرة غاضبة. «أنت تعتذر منذ الصباح على أشياء كثيرة دون تفسير.» صوتها كان مبحوحًا، منذ متى وهي تبكي؟
«أهذا كل ما لديك لقوله، أنك تعتذر؟ أخفيت عني حقيقة مرضك لمدة ثلاثة أشهر وأكثر والآن تعتذر!» قالت بصوتٍ عالٍ لكنني بقيتُ صامتًا. «أتعلم كيف كان شعوري حينما أخبرني الطبيب قبل قليل؟ كان سيغمى علي، أغسطس شعرت أن طوق النجاة الوحيد لغرقي في البحر العريض يُسحب مني ببطء ولا أملك القوّة للسباحة إليه.» قالت وبدأت تبكي، أمسكتها من يدها لكنها سحبتها.
«لا! لا يحق لك لمسي الآن، ليس بعد ما فعلته.» قالت وشعرتُ بالغضب على نفسي. «منعتُ نفسي من الوقوع بالحبّ مرة أخرى كي لا أشعر بالحزن. مجرد فكرة الدخول بعلاقة كانت تجعل العجلات برأسي تدور وتدور حتى تجعلني أتخلى عن هذه الفكرة كي لا أصاب بالجنون. لم أرد لرجل آخر أن يدخل حياة جويا كي لا يتعلّق به ويرحل. جميع هذه المخاوف تجاهلتها حينما تعرفت عليك، حينما وقعتُ بحبّك!» كان صوتها عاليًا بعض الشيء. تشير بيداها إلى كل مكان وتتنفس بصعوبة.
حاولت قول شيء لكنها أصمتتني بإشارة من يدها وأكملت: «أنا حاربتُ أفكاري لأجلك. لقد أعطيتني حياة جميلة لم أظن يومًا أنني سأحظى بها ما عشته بالسّابق. والآن هذا...» نظرت للغرفة من حولنا ولسريري: «أشعر أنه تم خيانتي، أنني عدتُ مرة أخرى للحالة التي كنتُ عليها. أشعر بالضّياع والخوف وقلّة الحيلة والأمل. أشعر أنني خسرتك.» همست وانقبض قلبي. هناك شيء ساخن على وجنتاي، ولستُ بحاجة للنظر لأعلم أنها دموعي.
«أنا أشعر أنني أخسر نفسي مجددًا.» قالت واسندت نفسها على الحائط وانزلقت على الأرض، حضنت ركبتاها لصدرها وبدأت تبكي بصوتٍ خافت. وأنا قلبي يتقطع مع كل شهقة. أريد الوقوف وأخذها لحضني لكن لا أستطيع. أريد مواساتها لكن ليس هناك كلام لحالة مثل هذه.
مرت خمس دقائق ولم أستطيع إبقاء هذا السؤال بفمي، لهذا نطقته: «هل ستتركيني؟» همست بقلّة حيلة. رفعت رأسها عن حضنها وأسندت نفسها قبل أن تقف مرة أخرى وتمسح دموعها بكم الجاكيت بعنف.
«لا أغسطس، هل ستتركني أنت؟» سألت لأعضَّ على شفتاي غير عالم بما أجيبها، هذا يؤلمني مثلما يؤلمها بالضبط. لهذا فقط أومأتُ برأسي لأنني لا أستطيع قول شيء. لا أظن أنني أستطيع تحمّل رؤية هذه النظرة على وجهها أكثر من هذا، أفضّل أن تتركني كي لا أؤذيها أكثر من هذا.
«لا! لن تتركني، ليس بعد أن أصبحنا معًا، ليس بعد أن وجدتك.» قالت ومسحت دموعها. «قواعد جديدة، من الآن فصاعدًا سوف تبقى بالمنزل، لن تخرج منه سوى لحالات طارئة، ولا حتى للعمل.» قالت ووجهت أصبعها نحوي. لم أفهم ما كان يحصل، قبل دقيقة كانت تعاتبني والآن هي تأمرني. كل ردات فعلها طبيعية لكن كمية المشاعر قد أرهقتني، ولا أملك الطاقة لمواكبتها.
«أنا لا أفهم.» قلت بصدق لتقترب مني وتنطق: «أريد ضربك والهروب من هذه الغرفة بأسرع وقت ممكن كي أدمر إطارات سيارتك على ما يحدث، لكنني أريد البقاء معك. أريدك رغم ما يحدث لأنك أفضل شيء حصل لي بعد جويا.» همست ونظرت لي بألم.
«أنتِ أفضل شيء حصل لي بحياتي كلها.» قلتُ بصوتٍ مبحوح وأردتُ دفنها بقلبي هنا والآن. «لكن أحبّكِ أكثر من اللازم لأجعلكِ تبقين معي.» أكملت لتقعد حاجباها وتنفي برأسها: «لا! لا تحاول حتى.»
«ديليا أرجوكِ أنتِ لا تفهمين، لن أستطيع تحمّل فكرة تواجدكِ معي وأنا بهذه الحالة، أنا لن-...»
«توقف! أنا لا أريد سماع كلامك هذا، أخبرتك أنني لن أرحل مهما حاولت. ليس الآن، وليس أبدًا. دخلت حياتي بإذني وسوف تخرج منها بإذني، هل فهمت؟» قالت بحزم بينما تهطل دموعها. أردتُ الحديث ومعارضتها لكن لم أقوَ على هذا، لهذا فقط أومأت، وقررت بنفسي أن حديثنا هذا لم ينتهِ. لن اسمح لها بالبقاء مع شخص حالته ميؤوسة مثلي.
«جيد. والآن كما قلت، سوف تستقيل من عملك وترتاح.» أردتُ الإعتراض لكنها أوقفتني قائلة: «اليوم انهرت لأنك تناولت الطعام، لن اسمح لك بالذهاب يوميًا للعمل. سوف تستقيل، أغسطس، أرجوك.» قالت وأمسكت يداي أخيرًا. من المستحيل علي أن أذهب للعمل من الأساس وأنا بهذه الحالة.
«لن أستقيل فورًا، سوف أقوم بفعل بعض الأشياء عن بُعد حتى يستيطعوا إيجاد مدير آخر.» فكّرت بالأمر وأومأت. «لكن بشرط،» أكملت لتنظر لي. «سوف أبقى بمنزلي، لكن ستأتين للعيش معي أنتِ وجويا.»
«أغسطس...»
«أرجوكِ، أريد إكمال باقي أيامي معكِ ومعه، يمكنكِ النوم بمنزلكِ لكن باقي اليوم في منزلي، هناك لديّ أشياء خاصة بمرضي ولن أستطيع نقلها.» شعرتُ أنني أناقض نفسي بكلامي. أريدها بجانبي ولا أريدها معي، أنا فقط أريدها. لهذا اجتاحني الدفء حينما أومأت لي.
«زاك سوف يأتي يكون معنا، لا بأس؟» سألت. لن أستطيع التخلي عن زاك الآن، أنا بحاجة له أكثر ممّا هو بحاجة لي. أعلم أن الحديث بيننا لم ينتهِ حول مرضي. لكن أعلم أنه بحاجة للمزيد من الوقت كي يستوعب ما حصل. كلانا بحاجة للمزيد من الوقت رغم أنني لا أملكه.
«بالطبع، هذا أفضل.» قالت. عضت شفتاها وأزحت لها كي تستلقي بجانبي، بتردد فعلت لأضع يدي حول جسدها وقرّبتها لي أقبّل رأسها.
«أحبّكِ، كثيرًا. ظننتُ أنكِ سوف تنفصلين عني.»
«كنتُ سأفعل هذا، لكنني أنانية أكثر من اللازم كي أبتعد عنكَ بعدما وجدت سعادتي بك. لن تهرب مني بهذه السهولة.» قالت وبدأت ترسم دوائر على صدري، ومنعتُ نفسي من إخبارها كم كان سهلًا على المرض أن يأخذني له ومعه.
تمنيتُ لو أنها انفصلت عني.
---
ترددت بالدخول لكن حينما شددتُ على يدها أخذت أوّل خطوة لمنزلي. خرجتُ من المشفى بعد يومان وأخيرًا وها نحن الآن هنا، زاك خلفها يحمل حقائبنا. خلال اليومان قد تعرفا على بعضهما أكثر، جويا أصبح يتقرّب منه، لا يزال أخي غريبًا بعض الشيء بالتقرب منه لكنه يحاول.
وضعَت جويا على الأرض ونظرت لمنزلي، نظرت الدهشة على وجهها لطيفة. فجأة سمعتُ صوت خطوات عديدة لأبتسم وأنظر للفرسان الأربعة وهم يمشون نحوي. «آه أطفالي، كم اشتقت لكم.» قلت وجلستُ على الأريكة ليقفزوا علي.
علا صوت مواء سمير من قفصه، أما ديليا نظرت للقطط بتفاجؤ، عقدت حاجباها وحدقّت بكل واحدة لوحدها، الاستيعاب غسل وجهها ونظرت لي بغير تصديق بينما يتشكّل فمها على شكل دائرة.
«مرحبًا بكِ في منزلي، مربية القط الغريبة، سعيدة لقدومكِ وأخيرًا.» قلتُ لها لترمش عدة مرات، عضّت شفتاها وضربت كتفي بخفة قائلة: «لا أصدق أنه كان أنت من البداية!» قالت وشعرتُ بالذنب لأنني أخفيت عنها هذا الأمر أيضًا، لكنني تناسيت الأمر حينما بدأت تلعب معهم.
أخرجت سمير من قفصه ونظر لقططي، حاول الاقتراب منه لكن تشاكي ضربه وهرب، لوسي بدأت تشمّه وسمير فعل المثل.
حينما ذهب زاك للمطبخ جلست هي بجانبي ونظرت له بملامح متؤلمة ممزوجة بالحيرة وأردفت: «أنه أنت، منقذ القط الغريب.»
«أجل. أنا أعتذر لأنني أخفيتُ الأمر عنكِ.» قلتُ بصدق وشددتُ على يدها، لكنها لم تشدَّ على يدي بالمقابل. «لمَ؟» سألت. «لم أرد كشف هويتي كي لا يكون الأمر غريبًا بيننا داخل العمل.» فسّرت لكنها بقيت صامتة لقليلٍ من الوقت قبل أن تكمل: «هل أكملت إعطاء السيدة مريم المال بسبب علمك بوضعي المادي؟» سألت بنبرة يشوبها الألم.
«لا! أكملتُ فعل الأمر لأجل سمير. حينما خرجتِ من الشركة رأيتكِ تحاولين الضرب الرجل وتحملين سمير بيدك، بعدها ذهبتُ للعيادة وأخبرتني السيدة مريم بكل شيء. أجل فعلتُ هذا لعلمي أنكِ لا تملكين المال، لكن لم أردكِ يومًا أن تعيديه لي. أنا دائمًا أفعل هذا لباقي القطط ويمكنكِ سؤال السيدة مريم حول الأمر.»
كانت تنظر للأرض، وكم أردت أن تنظر لي بعيناها. اليومان الماضيان لم نتحدّث كثيرًا إذ انشغلنا بالترتيبات للعمل وترتيب منزلي لجعله ملائم أكثر لحالتي. وازداد شعوري بالذنب أكثر لتواجدها معي الآن بسبب التشتت الذي مرت به بسببي. من المفترض أن أجعلها تشعر بالراحة، لا القلق والخوف طيلة الوقت.
«لهذا السيدة مريم كانت تتصرف بغرابة عندما ذهبنا معًا.» قالت وابتسمت بخفة وأنا أومأت لها. «هل أنتِ غاضبة مني؟»
«قليلًا. الأمر رومانسيّ بعض الشيء. أعني كنتُ أقرأ رسائلك أكثر من مرة وأشعر بالدفء بسببها، وفكرة أنك هو تجعل الجانب الذي يحبّك يذوب. لكن بنفس الوقت لا أحب أن أكون بالخفاء عن عدة أشياء. ومؤخرًا، هذا ما كان يحدث في كثيرٍ من الأحيان.» همست ونظرت لي بعتاب وعينان زجاجية من طبقة الدموع. لمَ دائمًا أجعلها تبكي؟
«فقط عدني أنك ستخبرني عن الأشياء من الآن فصاعدًا، مهما كان حجم الأمر، أرجوك.» قالت وأومأت لها بسرعة وأخذتها بحضني.
«شكرًا لك، بالمناسبة. على ما يبدو أنتَ قد أنقذتني وحياتي بأكثر من طريقة. حتى ولو أنني غير راضية عن هذه الطرق، لا تظن أنني سأسامحك بهذه السرعة، على الأقل أريد ثلاثة قُبلات وخمسة أحضان.» همست لأقهقه على كلامها. «هل هذا الحضن يحتسب؟» سألت وشددتُ عليه لتنفي برأسها وتقول: «لا، هذا فقط تجربة أداء. والذي عليك أن تحسنه قليلًا.» سخرت لأضحك هذه المرة بصوتٍ عالٍ وتشاركني هي.
---
بعد مرور ساعة أصبح القطط معتادين على بعضهما، عدا تشاكي الذي لا يزال يضرب سمير بين الحين والآخر ويُثير جنون ديليا.
كنا نجلس بغرفة المعيشة، ديليا بحضني وزاك على الأرض يأكل الليمون الأخضر مع جويا، على الأقل وجدا شيء متشابه بينهما. القطط الخمس يلعبون مع بعضهم، أو بالأحرى يحاولون تكسير أثاث المنزل. بهذه اللحظة بالذات علمتُ أنني بالمكان الصحيح، ولم أرد فعل شيء سوى تخزينها برأسي أو إيقاف الزمن الآن كي أبقى معهم للأبد، لن يسعدني شيء أكثر من هذا.
---
مجموع الكلمات للآن: 23,707.
فصل قصير لكن اويء، مدري "-".
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro