13. ديليا تقول: كأس البروتين.
تنهدت. على الرغم من تعبي إلّا أنني أقنعتُ نفسي بالاستيقاظ حينما تذكرت أن أغسطس سيوصلني وليس هناك داعٍ للمشي. أجبرتُ نفسي على الجلوس وبدأتُ بفرك عينيّ كي يذهب النُعاس، استقمتُ وذهبتُ للحمام للاغتسال.
حضّرتُ نفسي وجويا وخرجتُ من الشقة مشيًا للناديّ، على الرغم من أنني ممتنة لأغسطس وتوصيله لي إلّا أنني اشتقتُ للمشي. أكملتُ شهران ونصف وأنا أعملُ عند أغسطس وأشعر أن وضعي المادي أفضل بكثير مما كان عليه، رُبّمَا يمكنني شراء سيارة قريبًا.
وصلتُ النادي واستقبلني جاك الذي بدأ يحاول استفزازي بالعدول عن القتال معه، ولأنه نجح قررتُ ملاكمته، بقوّة. نظرتُ بابتسامة لجويا الذي يضحك مع جاك بينما ألفُّ القماش حول يداي، وضعه بعربته وعدّل جلسته لينظر نحونا، وقفتُ بمنتصف الحلبة وانتظرت حتى استعدَّ الآخر.
«هيّا أيّها العجوز، أرني ما لديك.» قلت له بينما أعدّل وضعيتي وأضع يداي أمام وجهي، ابتسم بجانبية وأردف: «أنا العجوز هنا؟ انظري للشيب في شعركِ أوّلًا ثُمَّ تكلّمي.» قال وقلبتُ عينيّ، لطالما تباهى بكون شعره خالٍ من الشّيب عكسي، أنا لدي فقط خمسة ولا يمكن رؤيتهم بسرعة. ممازحته لم تجدي نفعًا لأنني أحبُّ الشّيب، وهو يعرف هذا.
أغسطس لديه شيب جميل، عدّة خُصل بيضاء مُوّزعَة على شعره.
لماذا فكرتُ بهذا!
بسبب فقداني لتركيزي فاجئني جاك وأعطاني لكمة على الجانب الأيمن من فكّي، تراجعتُ للخلف بينما أنظر له بغير تصديق وهو استوعب ما فعله وفتح عيناه على مصاريعهما. «قُلنا لا ضرب على الوجه بسبب العمل! يا إلهي جاك ما-...» قاطعتُ نفسي حينما سمعتُ صوت قهقهات جويا الذي ينظر لنا ويصفق بيداه.
«هل مشاهدة مؤخرة والدتك تُضرب ممتعة أيّها الشقي؟» سألته بينما أفركُ فكّي، هذا سيترك علامة بالتأكيد إذ لدى الوغد قبضة قويّة.
أومأ جويا بينما يبتسم لأنقر على أنفه وأردف: «إذًا شاهد ماذا سيحصل له.»
التفتتُ لجاك واندفعتُ فورًا نحوه دون مقدمات ليتفاجأ لكنه تدارك قدومي ورفع يداه كي يمنع قبضتي من الالتحام بوجهه وقال: «يا إلهي على الجمل حينما يحقد.» قهقهتُ على تعليقه وأكملت بإنزال لكماتي عليه.
بعد نصف ساعة من القتال خرجتُ من الحلبة بيدان دامية وجسد مُتعب مليء بالكدمات وجاك مُرمى على الأرض بينما يتنفّس بصعوبة، هذا ما يحصل حينما يحاول استفزازي.
«يا رفاق برأيكم هل سوف يتم اعتقالي لأنني اعتديتُ على عجوز بعمره؟» سألتُ المشاهدين ليرفع لي المعنيّ أصبعه الأوسط وهو على الأرض، ضحكتُ بينما أمسح العرق بالمنشفة من جهة وبالأخرى النظيفة ألوّح بها أمام وجه جويا.
خرجنا من النادي ووصلتُ للمبنى، وضعتُ جويا عند مارثا ودخلتُ الشقة وبعدها الحمّام كي استحم. شهقتُ حينما نظرتُ للكدمة على فكّي وعلى كامل جسدي، حتى يداي وذراعاي لم يسلما من الضرر، تبًّا لجاك ولي لأنني قررتُ التمرن بيوم عمل.
استحممتُ وحينما انتهيتُ تركتُه يجفُّ لوحده فأنا لا أستطيع تحريك ذراعاي لوقت طويل كي أجففه. ارتديتُ ملابس طويلة تغطي الكدمات وبالتأكيد القفازات بعدما عالجتُ جروحي.
أمسكتُ هاتفي وفقط حينها انتبهتُ لرسالة أغسطس التي تقول أنه لن يستطيع القدوم لتوصيلي لظرف طارئ. اوه...رُبَّما يمكنني المشي قليلًا مثل الأيام الخوالي. غيّرتُ حذائي العالي لآخر رياضيّ وبعدها خرجتُ من المنزل.
---
تبًّا للأيام الخوالي!
حينما وصلتُ الشركة كنتُ على شفا خطوتان من أن يُغمى عليّ، أنا بالفعل متأخرة عشرة دقائق بسبب حاجتي لأخذ أنفاس عميقة بين الحين والآخر، رُبَّما علي إضافة عدم ضرب منطقة الصدر حينما نتقاتل بالإضافة للوجه.
غيّرتُ الحذاء الرياضي لآخر عالٍ ودخلتُ مكتب أغسطس بعد أن طرقته بأنفاس عالية. حينما نظر لي أرخى بجسده على الكرسيّ، أرخى يده اليمنى على ذراع الكرسي وبالأخرى مررها على ذقنه بينما ينظر لي بحاجب أيمن مرفوع.
«آنسة ديليا، أنتِ متأخرة، هل كل شيء بخير؟» سأل بصوته العميق وتجاهلت القشعريرة التي مرّت على طول جسدي، أردتُ أن ألقي اللوم على الهواء لكنني مغطاة بالكامل من القماش.
«أعلم، أنا أعتذر، ظننتُ أنني أستطيع القدوم لهنا مشيًّا لكنني كنتُ مخطئة.» قلت وخرج صوتي ضعيفًا بعض الشيء. لننسى أمر إضافة أي شيء، سوف نلغي القتال ونبقى على التمرن بالآلات الرياضيّة.
«أعتذر مرّة أخرى لعدم قدومي فكما قلت كان لديّ ظرف طارئ.» قال وبدى صوته بعيدًا بينما ينظر لشعري المجعّد. كل يوم قدمتُ لهنا وهو منسدل، لكن طبيعة شعري مجعّدة، ولديّ لائحة مليئة بالأسباب لفعل هذا، أنا فقط لستُ قوية كفاية للتعامل معها واحدة واحدة وجعل نوعيّة شعري الطبيعيّة تبقى حرّة، والتي الآن حرصتُ على أن تغطي الجزء الأيمن وجهي حيثُ الكدمة.
«لا بأس.» قلت، وهو عقد حاجباه وأراد قول شيئًا لكن رنين هاتفه قاطعه، أعتذر وردَّ عليه لآخذها كتلميح أن أخرج من المكتب، جلستُ على مقعدي وتنفست الصّعداء.
«يوم حافل؟» قالت جانيس من جانبي لأبتسم وأجيبها: «لا يمكنكِ أن تتصوريّ كم.» جانيس والتي الآن عزباء حسناء لأنها انفصلت عن حبيبها الذي كان يخونها. حينما تعرفنا أوّل يوم أخبرتني أنها تحبُّ التمرن وهذا فقط جعلها صديقتي من ذلك الحين. هي تفهمني وتعلم ما يعني أن تكون متعبًا بسبب التمرن، لهذا مدّت لي كأس شراب بروتين وبيدها الأخرى واحد لها لأخذه منها بسعادة وأقول: «أنتِ منقذتي الرائعة، أحبّكِ!»
قهقهت وقالت: «وأنا أيضًا عزيزتي.» قبل أن تذهب بطريقها لعملها. وضعتُ الكأس على الطاولة وتأملت قفازايّ الجديدان، منذُ أن استلمتُ راتبي الأوّل وأنا اشتري أشياء عديدة أريدها، بالطبع دفعت الأساسيات مثل الأجار لمارثا ووضعتُ القليل من المال في البنك، والباقي على أنه كان قليلًا إلا أنني سمحتُ لنفسي بشراء ما أريد أنا وجويا، مثل لعبة جديدة من السيارات وقفازات بألوان متعددة.
ابتسمت حينما تذكرتُ يومنا بالسوق الذي كان لطيفًا وعدتُ لعملي بينما تبقى الكأس في يدي واشرب منها بين الحين والآخر.
«آنسة ديليا، تعالي هنا للحظة.» قال أغسطس من الهاتف لأقف واذهب له بينما ارتشف من البروتين. فتحتُ الباب وتدعثرتُ بحذائي العالي، اصطدمتُ بظهر أغسطس أمامي لينفتح غطاء الكأس من جهتي ويخرج كل ما بمحتواه على يداي وملابسي.
«لا!» قلتُ بتذمّر بينما أنظر لحالة الفوضى التي أنا بها.
«هل أنتِ بخير؟ أنا أعتذر.» قال أغسطس لأنفي برأسي وأنطق: «أنا التي يجب أن أعتذر، لقد تدعثرتُ بحذائي.» قلتُ وشاهدتُ بينما يقطر البروتين من يداي على الأرض لأفتح عينيّ بذعر واسترسل: «يا إلهي، يا إلهي أنا أعتذر للفوضى التي خلّفتها!» قلتُ وهبطتُ فورًا على ركبتاي كي أنظف الفوضى.
«لا بأس، يمكن لأحد أن يأتي وينظفها.» قال أغسطس لكنني لم أبالِ حينما خلعتُ قفازاي وقلبتُهما كي لا يزداد الطين بلّة وبدأتُ بمسح الأرض بالمناديل التي كانت بجيبي، لكن المزيد من البروتين كان يقطر ونظرتُ للجاكيت المليء به لأبدأ بالأنين بتوتر، خلعته وحينها اقشعرَّ جسدي لنسمة الهواء التي مرّت على ذراعاي العاريتان.
«آنسة ليديا، لا بأس...»
«لماذا لا تذهب هذه البقعة السّخيفة؟» همستُ وشعرتُ بالدّموع تتجمع داخل عيناي.
«ديليا، انظريّ لي!» قال أغسطس وأمسكني من رسغاي ليمنعني من الحركة، أغلقتُ عينيّ وانتظرت ليده أن تصطدم بوجهي كصفعة لكنها لم تأتِ أبدًا، شعرتُ بالقلق يزداد داخلي بمرارة، الجوُّ أصبح حارًا وجسدي أصبح أثقل من أن أحمله لهذا لِنتُ بثقلي على ذراعيّ أغسطس وتنفستُ بعمق.
أنتِ لستُ بالمنزل، ديليا، مرّ بالفعل سنوات عديدة ويد والدتكِ لن تطلكِ لتصفعكِ لأنكِ أوقعتِ العصير على الأرض، أنتِ الآن بمأمن، سعيدة ولديكِ طفل، استرخي ديليا.
بدأتُ بمحاولة تهدئة نفسي وفقط حينما أبعد أغسطس شعري عن وجهي وشعرتُ بيداه الحارقة على جلدي عدتُ للواقع. فتحتُ عينيّ ونظرت لوجهه المليء بالمشاعر المختلطة بينما ينظر لي، العقدة بين حاجباه وعيناه التي تشعُّ بالفضول، بالحنية، بالغضب، نظرتُ لحيث يفعل ورأيتُ الكدمات المتفرقة على ذراعاي وجروح مفاصلي، وفقط حينما نظر لفكّي شعرتُ بنبضات قلبي تزداد تزامنًا مع الشعور أن الغضب قد ازداد بعيناه وبالزّم على شفتاه.
«من فعل هذا بكِ؟» قال بصوتٍ شعرتُ أنه ليس له، وأنا بقيتُ صامتة أحاول جمع شتات نفسي بسبب نوبة الذعر التي كانت على وشك أن تصيبني ولتأثير صوته عليّ.
«ديليا، من فعل هذا بكِ!» قال وجفلتُ لنبرة صوته العالية، شتم تحت أنفاسه وخفف من قبضته على رسغيّ واسترسل: «أعتذر، لكن أنتِ كنتِ على وشكِ شعرة من الدخول بانهيار، جسدكِ مليء بالكدمات والجروح وحاليًا لا أستطيع إبقاء غضبي في مكانه، لهذا أخبريني بمن فعل هذا بكِ كي أريه أنه لا أحد يستطيع مدُّ يده عليكِ وأن يبقى على هذه الأرض كي يتنفّس.» قال وشعرت بكلِّ كلمة تدخل قلبي قبل أذناي، وحينها فقط سمحتُ لدمعة واحدة بالهطول، نظر لها ولانت ملامح وجهه ليضع يده برقة على وجهي ويمسحها بطرف إبهامه وأكمل: «والآن جعلكِ تبكين، هذا الحقير لن يفكّر بكِ مرّة أخرى نظرًا لما سأفعله به، ليس فقط لن يمسّكِ مرة أخرى.»
وددتُ لو أن أحدًا قال لي هذا بينما كان ستيڤن يمدُّ يده علي، كم تمنيتُ أن يسمح أحدهم دموعي الكثيرة ويسألني من فعل هذا بي لأخبرهم أنه زوجي الذي من المفترض أن يحميني، لا أن يكون الشخص الذي أنا أحتاج الحماية منه.
حينما وضع أغسطس شعري خلف أذني تذكّرتُ أنه ينتظر مني جوابًا، لهذا نطقت: «لا أحد.» يبدو أن إجابتي لم تعجبه لأن ملامح الغضب عادت ووقف، مررَّ يده بشعره وبالأخرى أرخى ربطة عنقه فكَّ اثنان من أزرار قميصه وقال: «لا تحاولي التستر عليه ديليا، ليس الآن، أنا لن اسمح له بالهرب مني وأنا أراكِ بهذه الحالة.»
«يجب أن ترى الرجل الآخر إذًا.» مزحت، ويبدو أنني دائمًا ما أقول الأشياء الخطأ لأنه نظر لي بغير تصديق، هبط على ركبتاه وأمسك وجهي بين يداه وقال: «ليديا أرجوكِ، فقط أخبريني، أعدكِ أنني لن أقوم بشيء دون إذنكِ.» قال وانقبص قلبي بسبب كلماته الحنونة لأبدأ بالبكاء أكثر، شعرت بذعره لهذا أمسكت يده وهمستُ لها: «أقسم أنه لا أحد، هذه الكدمات من القتال مع مدربي في النادي.»
رمش عدة مرات وعقد حاجباه، رأيت عدم تصديقه لي بعيناه لهذا أكملت: «كل يوم قبل أن آتي للعمل أذهب للناديّ الرياضيّ، في أيام أتمرن فقط على الآلات وفي أيام أخرى أتدرب على القتال معه، واليوم هو استفزني وتقاتلنا بقسوة أكثر من اللازم، لقد تركته على الأرض بينما يلهث رغم أنه أكبر مني حجمًا وعُمرًا.» قلتُ من بين دموعي، وألوم فقط الدورة الشهريّة لهذه الحالة التي أنا بها الآن.
«هل تقولين الحقيقة؟» همس وأومأت له، أغمض عيناه وأرخى جبهته على جبهتي وتنفسّ براحة وشعرتُ بأكتافه ترتخي لأبتسم بخفة، هو حقًا كان قلقًا عليّ.
«إذًا لم كنتِ تبكين؟» سأل بخفوت لأبتلع الغصّة التي تكوّنت بحلقي، طعهما مرٌّ، ولولا أنني بالعمل لأخرجتها على شكل ليلة طويلة من البُكاء.
«هذا...هذا ما لا أستطيع قوله.» لا أستطيع إخباره بالحقيقة، والتي أعلم أنه اكتشفها حينما نظر لعيناي وللطريقة التي تصرّفت بها. أومأ عدّة مرات بتفهّم، وبدى كما لو أنه أومأ لنفسه بدلًا مني.
«حسنًا، حسنًا.» قال وأزاح يداه عن وجهي لأشعر بالفراغ حيثما كانتا، وقف وساعدني على الوقوف، أشار لي بالجلوس لأفعل، ووضعتُ يداي على فمي كي أغطي شهقتي حينما جلس على ركبتاه وأمسك قدمي كي ينزع الحذاء العالي عنها، وانتقل للأخرى حينما انتهى.
«من الآن فصاعدًا حتى لو أنَّ رئيس البلاد يطلبني سوف آتي وأوصلكِ من منزلكِ، وحينما تقاتلين أريدكِ أن تخبريني، حسنًا؟» قال وأشغلتُ يداي بالعبث ببنطالي كي لا أمررها بشعره. «ألن، ألن تطردني من العمل لأنني أقاتل؟»
«ولمَ سأفعل هذا؟ أنتِ حرّة بما تفعلينه بوقتكِ الخاص طالما لا يؤثر على مجرى وجودة العمل هنا.» قال ووقف على قدماه لأشعر أنه أكبر من الحياة نفسها بطوله. نزع جاكيت بدلته ووضعه حولي، وملأت رائحته أنفي لأخبّئ نصف وجهي داخله واستنشقها بسرّية، وعلى كوني شعرتُ أنني بسماءٍ عالية إلّا أن تذكري لمنظر ذراعاي جعلني أهبط بقوّة للأرض.
عقدتُ حاجباي وتنهدت، ويبدو أنه لاحظ تغيّر مزاجي، أو بالأحرى تغيّره للأسوأ، قال بينما يُشير لجاكيته عليّ: «وضعتُه كي لا يفكّر الغير بأشياء أخرى، لا أحد سوف يبقى لوقت طويل كفاية كي يستمع للقصة الحقيقيّة. ولو سألكِ أحدهم أخبريهم بما حصل فعلًا للجاكيت الخاص بكِ.» أومأت له ليعدل حلّته ويقول: «جيد، الآن اعذريني إذ يجبُ عليّ الجلوس وتقبّل حقيقة أنكِ تستطيعين هزيمة رجل ضعف حجمك.» قال لأقهقه عليه بينما يهوّي وجهه.
---
مجموع الكلمات للآن: 19,041.
حبكة: who did this to you 😩🤞
هالفصل زاؤوينينسمنسم أحبببهه!
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro