07. ديليا تقول: جانيس والليمون الأخضر.
رنَّ المنبه لأطفئه، بدأتُ أتأمّل الحائط بتعب بينما أشعر بالصدّاع ينهشُ عقلي كما ينهش النمل الأبيض الخشب، أغلقتُ عينيّ لثوانٍ قليلة كي أستعد لليوم لكن رنَّ المنبه مرّة أخرى لأطفئه وأرى أن الساعة أصبحت ستة، يا إلهي هل عدتُ للنوم!
أجبرتُ نفسي على الجلوس وبدأتُ بفرك عينيّ كي يذهب النُعاس، استقمتُ فورًا وذهبتُ للحمام للاغتسال. من الجيد أنني وضعتُ عدّة منبّهات وإلّا كنتُ سوف أبقى نائمة حتّى الظّهر.
نظرتُ لملابس التمرين التي جهزتها البارحة وقلّبتُ فكرة الذّهاب بعقلي، هل حقًا يستحق الأمر كلّ هذا العناء؟
لا!
مررتُ بهذه الحالة قبلًا ولن أعود لها مرّة أخرى، يمكنني عدم بذل الكثير من الجهد لكن عدم الذهاب لا يعدُّ خيارًا.
حضّرتُ نفسي وجويا، وضعته داخل عربته وأخذنا نمشي، على الرغم من أن الطريق تأخذ فقط خمسة دقائق لكنني شعرتُ أنها خمسة ساعات بسبب المشي الكثير الذي أقوم به بالوقت الحاليّ.
أكملتُ شهر وأسبوع وأنا أعمل في الشركة، في بعض الحالات طلبتُ تكسي عند العودة للمنزل لكن كثيرًا ما كنتُ أمشي، وعلى أنني أحبُّ المشي إلّا أنني أكون مرهقة كثيرًا بسبب عملي حتّى ساعات متأخرة وقلّة ساعات نومي، حتى أن الهالات السّوداء قد بدأت بالظّهور والأوقات التي أقضيها مع جويا أصبحت أقل، لهذا أحاول استغلال ساعات الصّباح لأقضيه معه.
وصلتُ النادي واستقبلني جاك الذي بدأ بتوبيخي حول القدوم لهنا، ولأنه زاد وضع صداعي سوءًا قررتُ تجاهله والبدء بالتدريب على الآلات الرياضيّة لكن ليس بجهدي الكامل، وهذا ممتاز نظرًا لحالتي التي أنا بها الآن.
حينما انتهيتُ خرجت وقمتُ بروتيني من وضع جويا عند مارثا والذهاب للشركة، غيّرت حذائي وبدأتُ العمل مع أغسطس.
---
«إذًا هل تريدين الخروج لحانة أو لمطعم حينما ننتهي اليوم من العمل؟»
سألتني جانيس بينما نجلسُ معًا على طاولة داخل الكافيتيريا نتناول الغداء بين الاستراحات. هي واحدة من الفتيات التي تعرّفتُ عليهنّ هنا، أصغر مني بسنتان، لطيفة وتساعدني في بعض الأحيان لأتعرّف أكثر على الشركة وموظفيها. على أنني أريدُ حقًا الذهاب معها لكن لا يمكنني ترك جويا عند مارثا أكثر من ساعات العمل، مع ذلك مضى وقت طويل منذُ أن خرجتُ مع صديقة لي.
«كم أود هذا، لكن لا يمكنني ترك جويا لوحده.»
«من جويا؟» سألتني باستغراب بينما تأكل لأنظر لها بحيرة، آه، يبدو أنني لم أخبرها قبلًا عن جويا، منطقي نظرًا لأنني لا أشارك الكثير مع أحد، خصيصًا أمر جويا.
«ابني؟» قلت بصيغة سؤال لتقف اللقمة بمنتصف الهواء وتنظر لي بغير تصديق. «لديكِ، لديكِ طفل؟» سألت لأومئ لها، أوقعت المعلقة وصرخت بينما تصفق لتجلب انتباه الموظفين علينا.
«خذيني له، أريد أن أراه! أنا أحبُّ الأطفال.» قالت وأمسكت ذراعي بقوّة لأتألم: «حسنًا حسنًا لكن اتركي ذراعي المسكينة لوحدها.»
«رائع! كم عمره؟ وماذا يحبّ؟ هل اشتري له الشوكولاتة أم قطع حلوى؟ أيحبُّ السيارات؟» بدأت تسأل عدّة أسئلة لأبتسم بخفوت على حماسها لرؤية ابني، هذا يعني لي الكثير.
«عمره سنتان وعدة أشهر، ولا تحضري أي شيء حقًا.»
«اوه اصمتي أنا سأحضره له لا لكِ، لذا ماذا يحبّ؟»
«يحبُّ الأشياء الحامضة، مثل الليمون الأخضر، لتناوله ويلعب به كبضاعة لينقلها بسياراته.» قالت لتومئ بينما تعيد الكلام لنفسها وقالت: «ليمون حقًا؟ معظم الأطفال لا يحبّون طعمه.» رفعت كتفاي بغير عِلمْ وعدتُ لتناول طعامي.
«يا إلهي كم هو مثير.» سمعتُ همس جانيس ولم يكُ هناك داعٍ لأرفع رأسي حتى أرى من تقصد إذ أعلم أنها تتحدّث عن أغسطس. «جانيس! لديكِ حبيب، ما هذا الذي تقولينه.» وبختها لتقلب عيناها وتردف: «أرجوكِ، لا ضرر من التغزل بجمال مثل هذا، ليس وكأنني أخون مارك، أنا أحبّه.»
«آها، لن يضرّكِ قول هذا بين الحين والآخر.» قلت واسترقتُ بعض النظرات لأغسطس الذي يقف ويعطينا ظهره، أكتافه العريضة تتمدد حينما يحرّك يداه وأنا مضغتُ طعامي ببطء أكثر من العادة. أحبُّ الأكتاف.
في الواقع ما الذي لا أحبّه؟ يمكنني أن أحبُّ كل شيء بشخص عدى أن أحبّه لنفسه، غريب.
«تعلمين أن طعامكِ على الطاولة وليس مؤخرة مديركِ، أليس كذلك؟» سخرت جانيس ليعلق الطعام بحلقي وبدأتُ أسعل بشدّة، أعطتني قارورة الماء وهي تضحك لأشرب نصفها.
كنتُ أمسح دموعي حينما شعرتُ بأحد يقفُ بجانبي، نظرت ورأيت أغسطس الذي يعقد حاجباه. «هل أنتِ بخير، آنسة ديليا؟» سأل لأومئ له، لا أظن أنني أستطيع الحديث ولو أردت بسبب نظراته العميقة نحوي.
أحبُّ عيناه ورموشه الكثيفة.
ما هذا الذي قلته للتو!
«جيد.» قال وأومأ لي وجانيس وذهب بطريقه لأتبعه بعينايّ.
«هل أنتِ معجبة به؟» سألتني جانيس لأنفي برأسي فورًا وأشخر. «لن ألومكِ، لا أحد سيفعل في الواقع لأنه شخص رائع بكل ما للكلمة من معنى.» قالت وبدأت توصف لي أعماله وتصرفاته.
«حتى ولو أنني معجبة به، وهذا بالتأكيد ليس ما يحصل الآن، هو على الأرجح لديه زوجة.» قلت وشددتُ على 'بالتأكيد' كي أحاول إقناع نفسي أو إقناعها، لا أعلم.
«أنا هنا لأخيّب ظنكِ وأعطيك الأمل وأقول لا، هو أعزب.» قالت وأنا وصل حاجباي لمقدمة رأسي، حقًا؟ ظننت أنه سيكون لديه زوجة نظرًا لشخصيته.
هل شعرتُ بقليلٍ من الراحة لكلامها لسببٍ ما؟ أجل، وأنا أشعر بالعار لهذا.
لكن هل أيضًا شعرتُ بالحزن؟ أجل، على الأقل حينما كان لدي فكرة أنه متزوجًا جعل أمر التحكم بمشاعري أسهل، أما الآن فلا يمكنني إخراج فكرة أن يكون هناك فرصة لكلانا أن نكون معًا. إلّا أن هذا لن يحدث أبدًا، لن أفعل هذا بجويا وبي بعد ما مررنا به سابقًا.
حاولت إنهاء طعامي ببطء كي لا ينتهي وقت الاستراحة واضطر لرؤية أغسطس مجددًا. لربّما يمكنني التحكم بأفكاري نحوه، لكن بالتأكيد لا يمكنني التحكم بنبضات قلبي حينما أتأمّله.
---
نظرتُ لظهره بينما نخرجُ من المكتب وندخل المصعد، لا أعلم لمَ لكنني أشعر أنه يمشي ببطء أكثر من العادة، هل لا زال مريضًا؟ البارحة لم يأتِ للعمل لأنه كان مريضًا، آمل أنه بخير حقًا.
حينما خرجتُ من المصعد استقبلتني جانيس بينما تحمل بيد كيس من الليمون الأخضر بيد وبالأخرى كيس مليء بمختلف أنواع السكاكر الحامضة وأيضًا سيارة بها سلّة.
«جانيس...» قلت لتلوّح بيدها وتشير لخارج الشركة، لوّحت لأغسطس الذي ينظر لنا باستغراب وخرجنا، مشينا حتى سيارتها وصعدناها وبدأتُ بإرشادها لشقتي.
«إذًا، أين تضعينه حينما تكونين بالعمل؟»
«عند جارتي مارثا، لكنني أفكر بوضعه بحضانة قريبًا.» حالما أملك المبلغ الكافي لثلاثة أشهر على الأقل، أو أدفع لمارثا أفضل.
«آه، هذا جيد. متى عيد ميلاده؟»
«بعد شهران تقريبًا.» قلت وهي نظرت لي بحماس، حبيبي سوف يصبح عمره ثلاثة سنوات خلال وقت قصير، أشعر أن الوقت مرَّ بسرعة إذ لا زلتُ أذكر حينما ولدته كما لو أنه البارحة، مررتُ بألم لم أشهده من قبل وقت ولادته لكن حالما أمسكتُ يده الصغيرة ووضعته على صدري نسيتُ ألمي وشعرتُ بمشاعر جديدة تجتاحُ قلبي وعقلي.
حينما وصلنا الشقة خرجت قبلي من السيارة وأشارت لي بالإسراع لأقهقه على حماسها، وصلتُ منزل مارثا لتفتح لي الباب، سلّمتُ عليها وعرفتها على جانيس.
«جوو، ماما هنا.» نادته مارثا وابتسمت على لقبها له. صدح صوت مرتفع النبرة يقول: 'ماما' وبعدها خطوات صغيرة قادمة نحونا حتى ظهر جويا بشعره الأسود وعيناه الزرقاء الكبيرة، ركض نحوي لأنزل على ركبتاي وأحمله بينما أقبّله.
«يا إلهي إنه لطيف!» قالت جانيس بينما تضع يداها على صدرها، دخلنا الشقة وبدأت تعطيه ما أحضرت ليصفق بحماس.
«ماذا نقول لمن يعطينا هدايا؟» سألته بينما يحمل ليمونة بيد وبالأخرى السيارة، نظر لجانيس وابتسم بينما يقول شكرًا، لكنه نطق الشين كحرف الثاء والراء كحرف اللام لتظهر: 'ثكلًا.' وأنا وجانيس أخرجنا أصوات مضحكة للطافته ونظرنا لبعضنا بابتسامة غبية، من الآن قد أصبحت جانيس بمرتبة الصديقة المفضلة بدلًا من صديقة وزميلة عمل.
«مياو.» قال سمير من آخر الغرفة لأبتسم واذهب إليه قائلة: «سمير حبيبي، اشتقتُ لك أيضًا.» ردَّ علي وبقينا هكذا نتحدّث بينما تنظر لنا جانيس وتضحك. هذا القط الذكيّ يشعرني أنني أتحدّث مع إنسان حقيقيّ، في بعض الأحيان يغار حينما ألعب مع جويا وهو لا، يبقى يصيح عليّ ويتفادى قُبلاتي.
حملته واقتربت من جانيس ليبقى هادئًا حينما مسحت على رأسه. «سمير، هذه صديقتي جانيس. وهذا طفلي الثاني سمير، لو أهنته فأنتِ تهينين العائلة، ونحنُ لا نسمح بإهانة مثل هذه.»
«على مهلك، دوم، أعلم أن العائلة كل شيء.» قالت ورفعت يداها وأنا ضحكتُ بشدّة على نكتتها حول شخصية دوم المشهور بمقولته: 'العائلة هي كل شيء' من الفيلم.
---
«هذا أفضل بكثير من الذهاب لحانة.» قالت جانيس بينما تغلق عيناها وتتنهد باسترخاء. نظرت لجويا النائم بحضنها وابتسمت. هي هنا منذ السادسة، والآن أصبحت التاسعة، لعبنا معًا وحضّرتُ لنا العشاء، والآن نحن نشاهد فيلم كرتون بينما نأكل الليمون الذي أحضرته.
«أجل. أنا سعيدة لقدومكِ اليوم، وأنتِ مرحّبٌ بكِ دائمًا، جويا أحبَّكِ وهذا يعني لي الكثير.»
«وأنا أحببته لهذا سآتي متى ما أستطيع.» قالت بينما تحمل جويا بيداها وأشرت لها أن تضعه على السرير بغرفتي. «نامي هنا، يمكننا الذهاب غدًا للعمل معًا، وسوف أسهر معكِ ونتناول طعام غير صحيّ.» قلت وتمنيت لو توافق، لطالما أردتُ أن أحصل على ليلة خاصة للفتيات مثلما يحصل على التلفاز.
ضحكت وأردفت: «على أنه عرضٌ مغري لكن يجب أن أرفض، مارك بالمنزل وحده وأنا لا أملكُ ملابس. أعدكِ أنني سوف آتي يومًا ما ونفعل كل هذا.» مارك حبيبها منذُ ثلاثة سنوات، رأيته قبل عدة أيام حينما قدم لعملها وأحضر لها باقة من الورود، كم كان لطيفًا منظرهما.
«وعدكِ يكفيني.» قلت وعانقتها. ودعّنا بعض وحرصتُ على أن إخبارها أن تراسلني حالما تصلُ منزلها.
عدتُ لسريري واستلقيتُ بجانب جويا وسمير على رقبتي بدلًا من فوق رأسي وخلدتُ للنوم.
---
مجموع الكلمات للآن: 8700.
قاييزز مش قادر أنهيت كتابة الرواية، يعني خلص اكتملت! 😭
انتهت الرواية بمعدل تقريبًا 25 ألف كلمة، وصراحة مش عارفة كيف رح تكون المسابقة لكن ندعي إنه النوفيلا تقرأها كاملة وتمشي هالكم ألف لعيون جويا وسمير عشان تنفهم بالكامل. 😔👈👉 (فوزني بليز)
المهم حاليًا فوزي إني كملت الرواية عشان والحمد لله آخر مرة أنهيت شي بسنة 2021 وهي رواية في جحر الأرنب.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro