04. أغسطس يقول: الفرسان الأربعة.
شاهدتُها بينما تقرأ العِقد بتمعّن بينما آخذ رشفات من كأس الويسكي. ترتدي بيدها اليُمنى قفّازًا أسود لكن اليُسرى لا، أصابعها الطويلة تنتهي بطلاء أحمر وخاتم في أصبعها السبابة. اشتعل فضولي لمعرفة لماذا ترتدي قفاز بيد وبالأخرى لا لكنني أبقيتُ سؤالي لنفسي.
حينما انتهت وودعنا بعضنا وقفتُ عند النافذة وشاهدتها تخرج من المبنى، وقفت مكانها لبضعة ثوانٍ قبل أن تكمل طريقها ليمين الشركة لأعلم أنها ذاهبة للعيادة، من المفترض أن يكون اليوم الموعد الثاني لقطها.
جلستُ على مقعدي وعدتُ لعملي محاولًا عدم التفكير بها. لا زلتُ في حالة من التناقض بشأنها، في البداية كانت لماذا دفعتُ عنها مستلزمات القط، والآن لمَ وظفتها. لأكن صريحًا مع نفسي دينا اختارتها كواحدة من ثلاثة مرشحين، لكنها جاءت بالمرتبة الأخيرة.
حاولت إقناع نفسي أنني اخترتها لأنها بوضع سيّئ بحياتها لكن حينما أفكر بها أرى عيناها الخضراء وشعرها الأسود الطويل وأصابعها ذات الأطراف الملوّنة.
رنَّ هاتفي لأمسكه وأرى اسم زاك المتصل، عقدتُ حاجباي وأجبته: «مرحبًا زاك، هل كل شيء بخير؟» على الرغم من أنه أخي لكنه لا يتصل بي كثيرًا، دائمًا ما يكون حديثنا وجهًا لوجه.
«متى سوف تعود لمنزلك؟» سأل لأتصنم في مكاني. «لماذا؟» سألته وبقي صامتًا، ولولا صوت تنفسه العالي لظننت أنه أقفل الخط.
«أنا الآن خارج منزلك، وأسأل لأعلم هل انتظرك هنا أم أخرج مع أصدقائي وأعود حينما تأتي.» فسرّ لي، لكنني علمت باقي الجملة التي لم يكملها: الأوضاع في منزلنا ليست بخير ولا أريد البقاء هناك.
نظرتُ للساعة وكانت الحادية عشر، لا زال الوقت مبكرًا كثيرًا للرحيل لهذا أجبته: «اذهب مع أصدقائك وسوف أقلّك لنعود معًا. هل تحتاج مال؟» سألته لكنه بقي صامتًا لأعلم أنه يحتاجه، دائمًا الشخص الذي لا يوضّح أنه يحتاج المساعدة، هذا الصعلوك. «مُرَّ على مكتبي وسأعطيك المال، في الواقع أريدكَ أن تشتري لي بضعة مستلزمات للمنزل ولا أملك الوقت الكافي لشرائها بنفسي.»
«حسنًا، عشر دقائق وأكون عندك.» أقفل الخط واسترخيتُ على مقعدي بينما أتنهد وأفرك أرنبة أنفي. لا زال عمري ثلاثين سنة لكنني بالفعل أشعر أنني أب لهذا الشاب الذي بعمر العشرون. إلا أنني أعلم ما الذي يمرُّ به، حينما كنتُ بعمره وددتُ لو كان لدي مكان يمكنني اللجوء له للهرب من الحياة والاسترخاء لبضعة أيام، ويُسعدني أن أكون هذا الملجأ له، حتى ولو كان هذا لأوقات قليلة بدلًا من سنوات.
بقيتُ أعمل حتى أطلَّ زاك برأسه من الباب لأومأ له بالدخول، وقفت ومشيتُ نحوه حتى أعانقه وشددتُ على عناقه ليبادلني اياه كما لو أنه يحتاجه، وأنا أعلم أنه يفعل.
بقينا نتحدّث لبعضة دقائق عن أحواله وأحوال جامعته حتى أخرجت مال من محفظتي ونطقت: «هناك على يمين الشركة عيادة بيطرية، أريدكَ أن تذهب وتقول للسيدة مريم أن أغسطس يريد الأغراض المُعتادة، وأن تأخذ سعرها وسعر أغراض المرأة الوسيمة البلا لحية.» نظر لي كما لو أنني تحدثت بلغة فضائيّة لكنني فقط ابتسمت بغباء ليهزّ رأسه بلا حيلة.
«هل هناك أشياء أخرى تريدها؟» سألني لأومأ برأسي قائلًا: «أجل، هذه نسخة من مفتاح المنزل، اصنع نسختان أخرى وأبقها معك. يمكنك استخدام المنزل كما تريد، اشتريت البارحة طعام لذا ستجد هناك كل ما تريد.» أومأ لي قبل أن يشكرني ويخرج من المكتب. منذ مدة طويلة أردتُ صنع نسخة من المفتاح لكنني انشغلت، وأعلم لو أبقيتُ الأمر لأجلته حتى أصبح عجوزًا ينسى أنه لديه مفتاح أصليّ من الأساس.
---
حينما انتهيتُ من العمل خرجتُ من الشركة وقدتُ بسيارتي للبيت الذي يبعد خمسة عشر دقائق عن الشركة. دخلتُ المنزل ورأيتُ زاك يشاهد التلفاز وأمامه العديد من المأكولات المختلفة مُبعثرة على الطاولة وبجانبه. تصرّف طائش مثل هذا ممنوعًا في منزلنا لكني اتيح له فعل ما يُريد هنا، الجميع يستحق أن يكون فوضويًّا بعض الشّيء طالما أنه سينظّف خلفه.
صعدتُ غرفتي وغيّرتُ ملابسي لأخرى مريحة قبل أن أنزل وأبدأ بترتيب الأغراض من العيادة وحولي أربعة قطط بألوان مختلفة. القط البرتقالي هو رون لأنه يذكرني برون ويزلي من سلسلة أفلام هاري بوتر، القطة البيضاء لوسي، القط الأسود والأبيض جيمي، والقط البنيّ تشاكي.
«مرحبًا يا جميلين، كيف حال أطفالي؟» قلت بينما أربت عليهم وأضع لهم الطعام. بدأتُ بصنع أصوات لطيفة لا تناسب صوتي العميق، ليخرج كما لو أنني دب يحتضر.
«يجب أن تحصل على أطفال حقيقين.» قال زاك من خلفي بينما يشربُ الماء من القاروة فورًا. «أنا لا أصلح لأن أكون أبًا.» قلت بينما أكمل تفريغ الأكياس، بقي صامتًا وخرج من المطبخ. هو يظنّ نفس الشيء، كلانا لا نريد أن نكون مثله. آه، حتى التفكير به يؤثر على مزاجي ويجعله أسوأ.
حينما انتهيت أردتُ التخلص من الأكياس لكن لفت انتباهي مغلّف أبيض عليه ورود صفراء. عقدتُ حاجباي وأمسكته، ما هذا؟ السيدة مريم لم تعطني شيء مثل هذا مُسبقًا.
فتحته وأخرجت ورقة مطوّية وصورتان لقط أبيض لطيف. جودة الصورتان سيئة كما لو أن الشخص التقطها بآلة حاسبة.
فتحت الرسالة ليظهر لي خط أنيق متوسط الحجم:
«عزيزي مُنقذ القط الغريب،
في البداية أريد أن أقول لا أعلم ما الذي أفعله الآن. أنا أقهقه بخفّة بينما أكتب لك هذه الرسالة السّخيفة بعض الشيء. الأمر كما لو أنني جودي أبوت وأنت صاحب الظل الطويل. لكنني لا أعلم إذا ما كان ظلّكَ طويلًا، ولو أنك صاحب أي شيء من الأساس، إلا أنني أعلم أنه لديك قلبٌ طيبٌ اتجاه القطط، وآمل أن قلبك طيبٌ اتجاه باقي الأشياء أيضًا.
ممتنةٌ أنا لك كثيرًا. لن أستطيع التعبير عن مدى شكري لك ببضعة كلمات لأن مبادرتك قد أنقذتني من موقف كبير وليالي عديدة من البكاء قبل النوم.
ستبقى كلمة شكرًا هي الأساسية. ولكن كي نكمل دورنا في روايتنا معًا مثل جودي وجيرفس، فأنا أرسلت لك هذه الصور التي تخص القط الجميل، والذي اسمه سمير.
أخبرتني الآنسة مريم بمدى حبّك للقطط وعنايتك بهم، لهذا لم أجد طريقة أخرى للتعويض عنك سوى إمدادك بالمعلومات عن سمير كي أبقيك على اطّلاع بمدى كيف كانت مساعدتك مهمّة وكيف أنها أنقذت كِلانا.
سوف أحاول إيصال هذه الرسائل عن طريق الآنسة مريم وآمل أنها لن تزعجك إذ أنا حقًا واقعة بحبِّ سمير لهذا يجب على الجميع فعل المِثل، وأوّلهم أنت.
أود أن أعتذر من الآن على جودتهم إذ أنا سيئة بالتقاط الصور.
إلى اللقاء، مُنقذ القط الغريب.
الغريبة بدورها بالنسبة لك، مربية القط.»
لم أستطع منع ابتسامة من التكوّن على وجهي، اعترف أن الرسالة لطيفة للغاية، والآن مع كلامها حول الجودة أصبحت الصّور ألطف بكثير.
صعدتُ لغرفتي ووضعتُ الرسالة على المنضدة، من دون القول أنني قرأتها ثلاثة مرات. أما الصور ف علقتهم على اللوح الذي أضع بالفعل عليه صور قططي، وأضفت اسم سمير فوقهم.
أشعر أنني سوف أحصل على المزيد من هذه المغلّفات.
أمسكتُ ورقة وقلم وبدأت بكتابة رسالة أنا أيضًا، ترددت بـ هل يجب أن أضع صورًا لقططي أو لا، لكن حينما بدأت لوسي تفرك نفسها على قدميّ علمتُ أن الآنسة ديليا يجب أن ترى فرساني الأربعة، لهذا وضعت أربعة صور مختلفة لكل واحد منهم ووضعتهم بمغلّف أسود، ثُمَّ حرصت على وضعه داخل حقيبة العمل كي لا أنساه.
حينما انتهيت عدتُ لغرفة المعيشة وأكملتُ اليوم مع زاك نشاهد الأفلام ونضحك على كل شيء بينما نثير الفوضى من حولنا. أحبُّ لحظات مثل هذه وسوف أضحي بوقتي الذي من المفترض أن أعمل به كي أقضيه مع زاك وأرى ابتسامته بعد يوم حزين مثل هذا.
---


مجموع الكلمات للآن: 4594.
هذا قطّي بالصور واسمه سمير فعلًا. 😭🫶
أغسطس؟
زاك الورع؟
فقط بدي اياكم تنتبهوا كيف أغسطس يناديها الآنسة ديليا قدامها وبتفكيره، وهي تناديه أغسطس من غير رسميات بتفكيرها، هذا لحاله يوضّح شخصياتهم من البداية. برأيكم كيف ممكن نحلل شخصيتهم فقط لهي المعلومة البسيطة؟
انتبهوا على كل الأشياء المختلفة بينهم، كيف ينظروا وشو بسموّا الشيء.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro