«ماما، قطة!» قال جويا بينما يحمل سمير من رأسه ويركض نحوي، قهقهت على منظرهما وحرّرتُ القط المسكين من عذابه ليركض ويختبئ أسفل الطاولة. حملتُ جويا ووضعته على مقعده وبدأت بإطعامه بينما أنفض وبر سمير الأبيض عن ملابسه. مضى أسبوع منذُ أن أحضرت سمير للمنزل وجويا بالفعل أحبّه.
حينما خرجتُ من الشركة ركضت قطة بيضاء نحوي، وحينما حملته كان خائفًا وأراد الهرب مني لكنه توقف حينما رأى رجل أمامنا واختبأ أكثر بملابسي. حينها قال الرجل أنه قطه وهرب منه، لكن حينما رأيت ردة فعل سمير والدماء على وبره الأبيض شعرتُ بالغضب لدرجة أنني خلعتُ حذائي العالي وسط الشارع ورميته عليه، وحينها شكرتُ أنني كنتُ ألعب كرة اليد لأنني أصبته بمعدته ليتألم ويهرب. لا أصدق أنه كان يؤذي القط المسكين!
حينها هرعت لأقرب عيادة بيطرية وطلبت علاج القط فورًا رغم أنني لا أحمل التكلفة. حينما انتهت السيدة مريم أردتُ ترك سمير هناك لأنني لستُ مؤهلة لرعايته لكنه لم يتركني، بل وحاول خدشها عندما حاولتْ أخذه.
عرضت عليّ أخذه معي، عندها تذكرت المسؤولية التي علي من منزل وجويا والمال القليل الذي لدي وشعرتُ بالدّموع تتجمع بعينيّ. أردتُ حقًا أخذ القط كي يتسلى جويا معه ويصنع صداقات من الآن، لكن لم أستطع. وحينما عرضت السيدة ألّا أدفع أي شيء هذه الزيارة وتعطيني مستلزماته شعرتُ بالأمل يتسلل لي لهذا وافقت فورًا، كما لو أنني حصلت على الوظيفة التي كنتُ قد قدمت لها.
وها نحن الآن نعيش ثلاثتنا معًا بسعادة. سمير بدأ يعتاد علينا ويحبُّ اللعب مع جويا لكنني أحاول إبقاؤه بعيدًا عنه حتى أتأكد أنه سليم وأيضًا جراحه قد شُفيت.
حينما كنتُ بالعيادة نادت السيدة مريم ابنها سمير، وبقي اسمه عالقٌ برأسي طيلة اليوم، لهذا حينما عدتُ للمنزل أطلقتُ عليه اسم سمير. اسمٌ غريب بعض الشيء لفتاة تعيش بنيوجيرسي، لكن ليس وكأن اسم جويا أقل غرابة. أحبّه لأجل معناه، الفرح، لأنه هذا هو بالنسبة لي، كل شيء مُفرِح.
هذا ولأن أباه لا يحب الاسم جوي، لهذا أردتُ الانتقام منه بطريقة أو بأخرى.
وضعتُ الطبق على الطاولة حينما رنَّ هاتفي وكان رقم السكرتيرة ماري من الشركة التي قدمت لها، شعرتُ بنبضات قلبي تزداد والجو يزداد حرارة، لهذا حرّكت يدي على وجهي وأخذت نفسًا عميقًا قبل أن أُجيب: «السيدة ماري، مرحبًا! كيف حالك؟»
«أهلًا آنسة ديليا. أنا بخير شكرًا لكِ. آمل أنكِ بخير أيضًا.»
«أجل، شكرًا لك.»
«جيد. اتصلتُ لأسألكِ هل لا مانع لديكِ من القدوم غدًا للشركة من أجل استكمال إجراءات الموافقة على الوظيفة؟»
توقف العالم من حولي لبرهة، حدّقت بوجه جويا الدائري المليء بالطعام، وحينما فقط رمى ملعقته على الأرض وصدح صوتها العالي أفقتُ من حالة الصدمة التي أنا بها.
«هل، هل هذا يعني أنني حصلتُ على الوظيفة؟» همستُ بقليلٍ من عدم الثقة، لا أريد رفع آمالي عاليًا كي لا تتحطم، إذ رُبّما تقصد بإكمال الإجراءات هي أوقع عقد يقتضي ألّا أخطو خطوة أخرى داخل الشركة ووصل عدم الاقتراب من أي موظف نظرًا للجلبة التي فعلتها أمام أبوابها الأسبوع الماضي.
«أجل، مُبارك آنسة ديليا! سوف تتحدثي أنتِ والمدير أغسطس حول جميع الإجراءات وأنا سوف أرشدكِ لجميع الخطوات لتبدأي العمل بأسرع وقت ممكن، فكما ترين بطني لا تصغر مع كل يوم، إذا تعلمين ما أقصد.» مزحت لأقهقه على كلامها، اوه أنا بالضبط أعلم ما الذي تقصده، فهذا الدليل أمامي يرمي طعامه على الأرض وعلى جسد سمير ليهلع ويهرب. آه، لقد حمّمته البارحة!
«اوه، آمل أن تلدي الطفل بسهولة وأن يخرج كلاكما بصحة.» أخبرتها وشكرتني. اتفقنا على موعد وأغلقت الهاتف وأنا على وشك أن أحطمه بيدي من كثرة سعادتي.
«ماما قد حصلت على الوظيفة جويا!» صرخت وبدأت بالتصفيق ليفعل المثل ويقول ماما عدة مرات. لا أعلم كم مرة قالها لكنني توقفت عن العد بعد المرة السابعة، يبدو أنني فتحتُ على نفسي بابًا لا أعلم كيف سأغلقه فهو يعشق قول كلمة ماما.
ذهبتُ لمارثا وأخبرتها بالخبر المفرح وقالت أنه يمكنني وضع جويا عندها غدًا. أخبرتها فقط قبل يومان من المقابلة بأمر طردي من عملي وحينما تأكدتُ أنه لدي مقابلة، لا أريد إقلاقها، لكنني بالوقت الذي من المفترض أن أعمل به كنتُ أبحث عن وظائف.
لوهلة كنتُ فقدتُ الأمل بكل شيء، لكن قد التقيتُ بدينا وجلسنا معًا ندردش حول الأيام الخوالي من العمل بالمطعم، وحينها عرضت علي شركة يعمل بها صديق مقرّب لحبيبها والذي هو أغسطس. ومع ذلك أخبرتها ألّا تخبر حبيبها بأي شيء، لا أريد إفساد حصولي على هذه الوظيفة باستخدام الواسطة. وسعيدة أنني فعلتُ هذا لأن شخصية أغسطس وضحت أنه يود فعلًا الحصول على سكرتيرة جيدة وليس فقط أي موظف من توصية رفيقه.
كم كنتُ متوترة وقت المقابلة، أريدُ أن أقول لأن المنصب كبير بالنسبة لي، لكن جزء صغير كان بسبب عينيّ أغسطس السوداء وأنفه الحاد. أنا لدي شيء مع الأنوف الحادّة، أنا فقط أحبّها، ونصف المقابلة حاولت ألّا أحدق به أو بيداه.
النصف الثاني حاولت ألّا أضحك على كم أنا جيدة بالتعامل مع مختلف أنواع الناس، قبضتي المجروحة من لكمي لرجل كان يركل كلبًا تثبتُ هذا. من الجيد أنه لدي قفازات يمكنني إرتدائها غدًا للمقابلة إذ لا أظن أنه من الاحترافية الذهاب هكذا.
نظّفتُ جويا والمكان حوله، وبالتأكيد سمير الذي لعق بالفعل معظم الطعام. جهّزتُ ملابسي للغد وخلدتُ للنوم وبحضني جويا وفوق رأسي سمير.
---
مسدّتُ بنطال القماش حول ساقاي الطويلتان وطرقتُ على باب المكتب قبل أن اسمع صوت أغسطس العميق والذي يسمح لي بالدخول. حينما دخلتُ لفحتني رائحة السيجار لأراه يطفِئها بالمكان المخصص لها بينما ينفثُ على الدخان بفمه. لا أحبُّ التدخين، ولا أحبُّ رائحته على الملابس، حتى وإن كانت لا بأس بها مثل رائحة السيجار الذي يدخنه.
«آنسة ديليا، تفضلي.» قال وأشار لي بالجلوس أمامه لأفعل. «قبل أن نبدأ إجراءات العقد أود أن أبارك لكِ بحصولك للمنصب.»
«شكرًا لك، سيد أغسطس، آمل أن أكون عند حسن ظنك.» قلت قبل أن يبتسم ويمد لي مجموعة من الأورق ويقول: «هذا هو العقد، إقرأيه جيدًا قبل أن توقعي. خذي وقتكِ.» قال وجلس على مقعده ويرتشف من كأسه، هل هذا ويسكي؟ وفي ساعات العمل؟ هاه. لكن من أنا لأحكم عليه؟ توقفت عن الشرب بسبب جويا، لكن قبله لم يكن لدي مانع بكأسٍ من الويسكي في الصّباح بدلًا من كوب قهوة.
قرأت العقد بتمعّن ووجدت أنه لا يوجد شيء يضرني، والراتب أفضل مما توقعت. لهذا حينما وقعته ومددته له كانت هناك ابتسامة واسعة على شفتيّ حدّق بها أغسطس أكثر من اللازم. على الأرجح ينظر للفراغ بين أسناني العلوية، آه، لطالما كانت ابتسامتي محط أنظار البعض للأسف، وليس كأنني احتاج سبب آخر كي أشعر بقلة الثقة نحوها.
«إذًا هل يناسبكِ العمل لأوّل يوم غدًا؟» سأل لأومئ له بحماس وأجيبه بـ: «بالطبع.» سوف أبدأ العمل الآن لو عنى الأمر الحصول على المزيد من المال. أريد حقًا شراء بعض الملابس الجديدة لجويا، التي لديه أصبحت صغيرة عليه. مع حجمه الذي يتزايد مع الوقت، هو بالفعل عمره سنتان وكم شهر وأصبح من الصعب عليّ حمله لأوقات طويلة. لكن قرص وعض وجنتاه مقابل جيد لألم ظهري.
«جيد، أراكِ غدًا.» قال لأخذها فرصة لي كي اخرج من المكتب. حينما خرجتُ البوابة أخذتُ نفسًا عميقًا ومنعتُ نفسي من القفز لسعادتي للحصول على هذه الوظيفة.
تذكرتُ أمر سمير وذهبت للعيادة حيث تركته عند السيدة مريم والتي أخبرتها أنني سأعود له ريثما انتهي من المقابلة هنا.
دخلتُ المحل ليأتي نحوي سمير وهو على المنضدة لأحمله وابتسم. «يا للطافة، هو بالفعل يحبّكِ!» قالت لابتسم لها وتكمل: «هو بخير، جراحه مائلة للشفاء. أعطيناه إبرة للتأكد من سلامة صحته. إنه قطٌ جيد، ومع ذلك يحتاج للمزيد من الزيارات كي نتأكد من أن كل شيء بخير.»
«أنا وسمير ممتنان لكِ.» قلتُ له ليرتفع حاجباه بدهشة وابتسم أنا بخجل: «هكذا أستطيع تذكركِ بكل مرة أناديه وأشكركِ لما فعلته الأسبوع الماضي.» فسّرت لها لتقهقه وتناديني باللطيفة.
«إذًا، جهزتُ لك ما تريدينه.»
«كم سعر العلاج والأغراض؟»
«اوه لا عليكِ، لقد تم دفعها مسبقًا.» قالت لأعقد حاجباي. «هناك زبون لي، رجل لطيف يحبُّ القطط أكثر من البشر، تبرّع بدفع كل شيء يخصُّ سمير.» نظرتُ لها بغير تصديق، الدموع بدأت تتجمّع بعيناي لما قالته ولفعل الغريب. كنتُ بالفعل قلقة لأنني سأدفع مال احتاجه لعلاج اليوم، فأنا لن استلم الراتب إلا بعد شهر.
«هل يمكنني معرفة من هو الرجل كي يمكنني شكره؟»
«للأسف لا، أخبرني أن أبقي هويته سريّة.» عبستُ لكلامها لكن خطرت في بالي فكرة أخرى لهذا قلتُ لها فورًا: «لو كتبت له رسالة، هل يمكنكِ إعطاؤها له؟» انتظرت بصبر بينما تفكّر، لكنها بالنهاية أومأت لأبتسم.
بدأتُ بكتابة الرسالة على ورقة أخذتها من عندها بخطٍّ أنيق. حينما انتهيتُ خرجت من العيادة وذهبتُ لمكتبة قريبة من هنا، طبعتُ صورتان واشتريت مغلّف ووضعت كل شيء به وأعطيته للسيدة مريم. «شكرًا لك مجددًا.» ودعتها وخرجتُ من العيادة بابتسامة آلمت فكّي وبيدي القفص الذي به سمير.
---
مجموع الكلمات للآن: 3495.
سمير لما جويا رمى عليه الأكل: 😭
فرحة ديليا، حسيت إني مكانها، الله يرزقنا. 😔🫶
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro