39: نظريات.
«أرى رجلًا، ربّما بالثلاثينيات أو الأربعينيات، يقفُ أمام قبر أحدهم ويبكي بقوّة، وحوله امرأة وشابة».
«هل هناك اسم لهم، أو تعرف من هم؟».
«من مات هو ابنهم، المرأة هي زوجته والشابة ابنته، ليس لهم اسماء بعد».
«هل تستطيع تحديد شيء آخر أو معلومة أخرى؟».
«الكاميرا تركّز على الوالد فقط، الوالد غاضب ويسأل في كل مكان عن ابنه وكيف مات».
«هل تعرف كيف مات؟».
«حادث سير، سائق ثمل قتله، لم يعرفوا من هو لأنه هرب بعيدًا ولم يكن هناك كاميرات لتراقب ما حدث».
«هل تستطيع تحديد المدينة؟».
«أجل، إلينوي» قال ووقف كالوم كي يبحث بالأمر. «بالفعل كما قال، لم يتم إمساك القاتل، حقير» همس في آخر كلامه وعاد ليجلس بجانب مارسيل.
«ثم ماذا حدث أغسطس؟».
«الكاميرا تقترب أكثر فأكثر من الرجل، لكن جاء مشهد واختفى فيه الرجل وبقيت فقط الكاميرا. الزوجة تعاتب الكاميرا. مهلًا... نظرت الكاميرا إلى نفسها في المرآة وكانت الرجل».
«أجل؟».
«الكثير من الأفكار الشريرة والقاتمة، انتقام وغضب، مقاومة لكن... جريمة قتل ضد مجهول، ومرتكبها هو الرجل».
«هل تعرف من قتل؟».
«سائق ثمل، لقد أخرجه من سيارته ثم دهسه، لم يترك أي آثار خلفه في شارع 67.
السّماء قارصةُ البرودة
تصيبُ بالتيبُّس وتأكلُ روحنا بردًا
لكن الجسد ميتٌ، باردٌ للغاية
والرّوحُ تفيض من العيون
وجيدةً للأكل تكون».
عقد مارسيل حاجبه للجملة وبحث كالوم عن الموقع وما قاله كان صحيحًا. «أغسطس هل هناك اسم للشخص؟» سأل كالوم بينما يقرأ لكن لا إجابة. «هو لا يجيب إلا على صوتي» قال مارسيل ورفع حاجباه ليقلب الآخر عيناه.
«أغسطس، هل للشخص اسم؟».
«لا».
«حسنًا، ماذا حدث بعدها؟».
«الرجل ندم لأنه قتل، هو يحارب الأفكار الشريرة. ثم الفتاة، ابنته، أغضبته بحملها من رجل لهذا طردها من المنزل، لكن حين أغلق الباب بوجهها أصبحت الكاميرا خارج الرجل. انتهى المقطع».
«ماذا الآن؟» سأل مارسيل كالوم ليجيب الآخر: «دعه يشغّل شريط آخر، شريط بتاريخ 1994» قال وأومأ له.
«حسنًا أغسطس، أريدكَ أن تعيد الشريط إلى مكانه وتمسك واحد آخر، تحديدًا بتاريخ 1994، هل وجدته؟».
«أجل».
«جيد، الآن ضعه بالجهاز وشغّله، ماذا ترى؟».
«أرى فتًى صغير، يتعرض للضرب والتعذيب من قِبل والدته، هي تحرقه بالسجائر، مثلما كان يتم حرقي في كابوسي الأوّل».
قال أغسطس وعقد الاثنان حاجبهما. «ثم ماذا أغسطس؟» سأل مارسيل. «الكاميرا تصوّرهما، وفي كل مشهد الكاميرا تقترب من الفتى. لكن جاء مشهد واختفى فيه الصبي وبقيت فقط الكاميرا. الأم تصرخ على الكاميرا وتعذبها. مهلًا... نظرت الكاميرا إلى نفسها في المرآة وكانت الصبي، مثلما حدث مع الرجل».
قال لينظر مارسيل إلى كالوم: «هل يعقل أن الكاميرا هي شخص ما؟ وأن ما نراه هي ذكريات مخزنة على شكل أشرطة؟» تساءل ليفكّر كالوم بما قاله. «لكن ذكريات من؟ وكيف أصبح هذا الشخص داخل الفتى؟» تساءل ليجيب مارسيل بـ: «لنعرف هذا» ثم أعاد بصره نحو أغسطس.
«ماذا حدث بعد هذا أغسطس؟».
«الفتى، أو الكاميرا، لقد قتلا الأم».
«هل تستطيع معرفة المكان؟».
«لا، بعد أن أصبحا واحد هما لم يخرجا من المنزل».
«في يوم قتل الأم، هل هناك أي دليل على تاريخ أو يوم معين؟».
«أجل، كانا يتكلمان مع نفسهما بصوت مرتفع، الجريمة حصلت بتاريخ الثامن عشر من يوليو».
استقام كالوم وبدأ بالبحث عنه. «أريد اسم شخص، مدينة، شارع، أي شيء» قال ليومئ مارسيل ويعيد تركيزه على أغسطس وأردف: «أغسطس هل تسمع صوت الوالدة؟ هل تنادي باسم أو مكان معين؟».
«لا، هي تنادي الفتى بألفاظ سيئة ولم تقل اسمه، لكن هما قالا اسم الأم حين قتلاها».
«ماذا قالا؟».
«وداعًا ميرا، وهذه المرة إلى الأبد».
بدأ يكتب بسرعة. «وجدتها، حادثة قتل حاولت الأم قتل ابنها وهي نائمة بسبب مشاكل في النوم، لكن الابن يدافع عن نفسه وتموت جراء هذا. حسنًا ما قاله أغسطس ليس ما حدث بالضبط، هذه جريمة قتل متعمد!» قال كالوم وهو يشير للأخبار بينما مارسيل فوق رأسه يقرأ المكتوب.
صدح صوت أنين من ناحية أغسطس ليهرعا له. «أغسطس ماذا ترى؟» سأل مارسيل بقلق. «الأفكار، هناك الكثير منها ولا أستطيع التركيز، أيضًا الأصوات».
«هل يمكنك فهم ما تقول؟».
«لا، هناك الكثير منها».
«واحدٌ منها يشبه صوتي، اتبعه واستمع له، حلله جيدًا، الآن قُل لي ما تسمعه».
«السّماء قارصةُ البرودة
تصيبُ بالتيبُّس وتأكلُ روحنا بردًا
لكن الجسد ميتٌ، باردٌ للغاية
والرّوحُ تفيض من العيون
وجيدةً للأكل تكون».
قال وازداد أنينه ووضع يداه على أذناه، أعاد مارسيل الطرق بالقلم مرة أخرى وتكلم: «حسنٌ أغسطس استمع لصوتي ولصوت الطرقات، عندما تلتفت لليمين سوف تجد حائط عليه باب، أخرج منه وسوف تعود لنا».
ثوان قليلة من حبس الأنفس حتى استيقظ أغسطس من التنويم ليتنفسا براحة. «هل وجدتما شيئًا؟» سأل بتعب لينظرا لبعضهما ثم نظرا له. «وجدنا الكثير» قالا معًا.
---
«إيجاكس ماتياس» تمتم مارسيل بينما يطبع الاسم في حاسوبه، مضت ربع ساعة بعد أن استراح أغسطس واستعاد وعيه الكامل وها هم الآن يبحثون في الأدلة التي لديهم.
«طبيب، بدأ العمل في مشفى شيكاغو سنة 2015، في الواحدة والأربعين من عمره، متزوج ولديه طفلان» أراد أن يكمل لكن قاطعه أغسطس: «هل قلت مشفى شيكاغو؟» سأل وأومأ مارسيل، استقام أغسطس وبدأ يبحث بين الأوراق والملفات، وجد ضالته وبدأ بقراءتها حتى وضعها على الطاولة وأشار لمكان. «لي نابي، تعمل في مشفى شيكاغو وماتت سنة 2015 حين بدأ إيجاكس يعمل هناك، هل هذه مصادفة؟».
استقام كالوم وأحضر ملف أيضًا. «ابحث أين درس في الجامعة» نقر مارسيل بأصابعه بسرعة. «جامعة شيكاغو» قال وأشار أيضًا إلى دخول مايا نفس الجامعة.
«هذا ليس دليل أو مصادفة هذا نمط، وأراهنكم أننا لو بحثنا عن أماكن تواجده فسوف نجد ضحايا أيضًا» قال كالوم ورمى الملف على الطاولة. «يا رفاق، لن تصدقوا ماذا وجدت» قال مارسيل لينظروا له، أشار على شاشة الحاسوب حيث اسم شخص وتكلّم: «قامت والدة إيجاكس بتغيير اسم عائلتها إلى ماتياس في فترة من حياتها وهي تاريخ إنجاب إيجاكس. اسم عائلتها الأوّل ساميول، احرزوا من أيضًا من عائلة ساميول؟» سأل وقام بفتح صفحتان معًا واحدة تظهر معلومات ميرا والأخرى معلومات: «نيد ساميول» قالا معًا بذهول.
«بالضبط، الرجل الذي خسر ابنه في عملية دهس وفرار، أصبح قسيسًا وطرد ابنته من المنزل بعد حملها من رجل، ابنته هي ميرا، وإيجاكس ابنها» قرأ مارسيل وجمع الأحداث معًا.
«هل تذكر أوّل جريمة حيث الأب قتل زوجته ثم انتحر؟ ابحث عنه» قام بالبحث ليظهر اسم عائلة «ساميول» بالشاشة، جلس أغسطس على الأريكة بصدمة وكالوم وضع يداه على رأسه. «هل هذه عائلة قتلة متسلسلة أم ماذا؟ أعني هل يصدف وجود أربعة قتلة بهم!» سأل كالوم.
«ماذا لو كنت محقًا؟ ماذا لو أن العائلة بأكملها قتلة؟» قال أغسطس وشدد على العائلة. «ماذا تقصد؟» سأل كالوم ليقف أغسطس. «مارسيل من فضلك ابحث لو كان هناك أفراد آخرين في العائلة، ثم عددهم جميعهم».
«أجل هناك أحدٌ جديد. مايسون الابن الذي دخل السجن في نفس السنة لديه ابن آرِيان، آريِان لديه ثلاثة أبناء، ثم يأتي أخ مايسون نيد ولديه ميرا، ميرا وابنها إيجاكس» قال وكتبهم ثم بدأ أغسطس يحدق بهم ويفكر. «ماذا برأسك؟» سأل كولوم ليتنهد الآخر: «لا أعلم حقًا».
«مهلًا، قلت أن في بداية أول شريط يظهر الأب يوقع العقد باستخدام دمائه، صحيح؟» سأل كالوم وأومأ أغسطس ليكمل: «لذا نظريتي أن الشيء المشترك بين هؤلاء هم صلة الدم، بحيث أن وحدهم من يملكون دماء عائلة ساميول يقتلون، وبهذا نستبعد زوجة مايسون، زوجة آرِيان، زوجة نيد وحبيب ميرا. تبقى هذه نظرية لذا يجب أن نبحث أكثر» قال وأومأوا له. «أيضًا-...» قال أغسطس لكنه عطس فجأة.
«أين كنت؟ أجل، لاحظوا التواريخ، هي تظهر لنا متى قتلوا المشتبهين اللذين نعرفهم، لكن حسب الرفوف هناك المزيد. مثلًا إيجاكس بدأ القتل تاريخ 1994 وهي أمه، صحيح؟ حسب الرفوف كان هناك تواريخ قبل هذا تتضمن عمليات قتل، لذا من كان يقوم بها؟» سأل لينظروا لبعضهم بشرود.
«ربّما الأم ميرا؟ أعني الكاميرا كانت بالفعل هناك حين دخلت أو أصبحت الفتى، لذا ربّما هي تتنقل من شخص لشخص حسب أين تتواجد لآخر مرة؟ مثلًا عندما قتل الأب زوجته ثم انتحر كان مايسون هناك لهذا هو أصبح القاتل الأوّل، وهكذا» قال مارسيل ليومِئوا له. «هذه نظرية جيدة، قد تكون من العوامل المشتركة بين القتلة» قال أغسطس.
«مارسيل ارسلني إلى هناك مرة أخرى، أريد أن أرى ما في جميع الشرائط، حينها يمكننا معرفة سبب قتلهم، أيضًا نوع الضحايا» قال أغسطس لكن كالوم أوقفه: «أوّلًا، حسب ما اعرف فإن جلسات التنويم المغناطيسي في أوقات متتالية خطرة، صحيح؟» وجه سأل لمارسيل ليومئ: «معه حق».
«ثانيًا، نوع الضحايا؟» سأل باستغراب ليجيبه الآخر: «مايسون كان يقتل الرجال وتحديدًا من لديهم مسدس باستخدام مسدس، لأن والده ارتكب الجريمة باستخدام مسدس. نيد دهس سائق ثمل لأنه خسر ابنه بسبب واحد. لهذا نظريتي تقول أن كل شخص يقتل نوع محدد من الضحايا؟ ولإثبات هذه النظرية يجب أن أشاهد كل المقاطع».
«رفاق، ماذا لو أن العامل المشترك الآخر هو الحزن؟» سأل مارسيل فجأة لينظرا له بعدم فهم. «مايسون كان حزينًا بسبب موت والداه، نيد كان حزينًا بسبب موت ابنه، ميرا لأنها خسرت والدها وحبيبها بنفس الوقت. هي نظرية ضعيفة وليست مبنية على دلائل، لكن أجد أن الشخص في أشد أوقات حزنه يمكن أن يرتكب الكثير دون أن يوعى على نفسه» أقرّ مارسيل لينظروا لبعضهم بتفكير.
«ولهذا يجب أن أذهب لهناك» قال أغسطس وأراد الذهاب للأريكة لكن كالوم أمسكه. «قبل أن نذهب، لنسأل هذا السؤال، الآن كل ما لدينا فرضيات، صحيح؟ وكل ما نعمل عليه هو أحلامك الغريبة وعقلك اللاواعي، لو أردنا فعلًا تقديمهم للعدالة، فماذا سنقول؟ بناءً على أحلام أغسطس ريكاردو قبضنا على المجني عليهم. أعني معظم المشتبه بهم مثل مايسون ونيد قد فارقوا الحياة، ولو سوف نأخذ الدلائل على أحلامك فآخر جريمة حصلت بتاريخ 2016».
سأل عليهم الحقيقة المرة ليجلس كلًا منهم في مكانه يتفكّر بماذا سيحدث تاليًا.
«لا يهم، هذا عملنا ويجب أن نقوم به حتى ولو لم يكن هناك ناتج. هيّا لا نريد تضييع الوقت، مارسيل خذني إلى عالمي وكالوم شغّل الكاميرا، لدينا قتلة يجب أن نقبض عليهم» قال أغسطس واستلقى على الأريكة.
---
موود وأنا أكتب لأنه باقي فصل وتنتهي الرواية! 😭🖤
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro