18: بِركة.
سلّمتُ على إيجاكس وإليون عندما رأيتهم، ابتسمتُ باتساع لإيجاكس، سأحاول أن أحبّه من أجل نيرو ولكنه صعب، أزيّف ابتسامتي، لكنني من الداخل شاكرة له بالتأكيد لمساعدتي بالاعتناء بنيرو. رغم أنه مجنون ويبتسم لنفسه لكن لا يهم هذا.
التفتّ لأركب بسيارتي وذهبت للعمل.
وصلنا وغيّر الجميع ملابسه، لكن الغريب بالموضوع أن المشرفة لي لم تأتي مثل كل صباح كي تملي علينا أوامرها، أفضل شيء يمكنها فعله.
خرجت من الغرفة وباشرت بالعمل، لا زال الجميع متعب من البارحة، فلم ننم كثيرًا ولكن ما باليد حيلة.
بدأتُ بتفقد مرضى الحادث، المعظم بدأ بالتّحسُن وهذا جيد. تقدمتُ نحو فتاة مستلقية على سريرها وبجانبها والدتها. أتت الفتاة البارحة ولديها عدة كسور بيداها وقدمها. «كيف حال بطلتنا اليوم؟» سألتها وابتسمت لتردها بخفة «بخير» قال بصوتٍ مبحوح. «أنتِ حقًا بطلة، وانظري ماذا أحضرتُ لكِ» قلت وأخرجتُ دمية صغيرة لأدمها لها، ابتسمت بوساع لتبدأ باللعب معي وتشكرني الوالدة.
في المشفى نبقي غرفة بها العديد من الأغراض للأطفال، دمى، حلويات، ألوان ودفاتر رسم. بالطبع هذه الأشياء تبرع من الأطباء ولمن يريد من المرضى، يمكنك أن تتبرع بالمال أو بالأشياء.
المشرفة لي هي من فكرت بهذه الفكرة، وبالطبع مجموعتنا كانت أوّل من تبرع، غصبتنا كي تكون فكرتها ناجحة ولكن لا يهم.
أين هي على أية حال؟ لم نرها منذ الصباح. أخرجتُ هاتفي واتصلت بها لكنها لم ترد، أعدتُ الاتصال لكن لا شيء.
ذهبتُ للكافيتريا ورأيت إليون، تارا وجاكسون هناك. «رفاق، هل رأى أحدكم المشرفة لي؟ هي لا ترد على اتصالاتها أيضًا» سألتها لينفوا برأسهم وتجيب تارا: «معكِ حق، بالعادة تكون هنا لكنني لم أرها» قالت لأومئ «هل تظنون أنها بخير؟ البارحة كان يومًا طويلًا وهي، مثل العادة؛ آخر من يعود لمنزله، لكنها أيضًا أوّل من يأتي لهنا، أشعر بالقلق» أكمل إليون لينظر الجميع له.
«ما رأيكم أن نذهب لها بعد الدوام؟» اقترح جاكسون لينظر الكل لبعضه، ثم اومأ الجميع بموافقة.
«سأذهب لأسأل المدير جايمسن وأخبركم بما يقول» قلتُ لهم وهم وافقوا، وقفت وذهبت لمكتبه، طرقت الباب وسمح لي بالدخول، وقفت أمامه لأسأل: «مرحبًا مدير جايمسن، هل رأيت المشرفة لي؟ لم نرها منذ الصباح» سألته لينفي: «للأسف لا، وهي لا تجيب على اتصالاتي أيضًا، أنا قلقٌ عليها» قال لأومئ له بسرعة «ونحن أيضًا، لهذا سوف تذهب مجموعتنا اليوم لترى ما بها».
«جيد، أخبريني بما يحصل معكم».
«حاضر سيدي» قلت وخرجت، أمسكت هاتفي وفتحت على مجموعتنا لأرسل لهم رسالة.
-المدير لا يعرف أين هي ولا تجيب على اتصالاته، سنذهب اليوم جميعنا لمنزلها لنرى ما بها.
-حسنًا.
أول من أجاب إيجاكس والجميع حدد رسالة إيجاكس ووضع نقطة عليها بمعنى أنه موافق، كسالى حمقى.
---
أغلقتُ باب السيارة ونظرتُ لمنزلها، متوسط الحجم لكنه متواضع المنظر، جميل. تقدمنا جميعنا لأكون أنا بالمقدمة لأطرق الباب، وعندما أقول جميعنا أعني جميع الشلّة اللعينة.
طرقتُ الباب وانتظرنا عدة ثوان لكن لم يحدث شيء، أعدتُ الطرق أقوى لكن نفس الشيء، نظرتُ له بقلق «اكسروه» أردفت وتراجعت، تقدم إيدجار وإيجاكس وبتردد بدأوا بدفع الباب حتى كسروه.
دخلتُ المنزل وكان هادئ بشكل مرعب، تقدمنا وكان هناك ماء أمام باب الحمام ممزوج ببعض... الدماء، ندهتُ عليهم والجميع وقف أمام الحمام خائفين من أن يكون ما نفكّر به هو الحقيقة.
بلعتُ ريقي وتقدمتُ ببطء، دستُ على بركة الماء الحمراء، رأيت يد على الأرض ولم أرفع رأسي كثيرًا خوفًا من أرى الباقي، تمالكت نفسي ورفعتُ نظري لأرى منظرها، شهقتُ بقوة ووضعت يدي على فمي لما أراه!
هرعتُ نحوها بسرعة وتفقدت نبضها لكن... لا شيء. تراجع إليون وسمعته يتصل بالشرطة، تارا تبكي بحضن إيدجار والباقي متفاجئ مثلي، لا أصدق أنها... ماتت.
أتت الشرطة بعد خمسة دقائق مع الإسعاف، وجميعنا لحقناهم للمشفى لنعلم ما حدث، لا زلتُ غير مصدقة أن هذا حدث، بسبب غرور المشرفة لي اعتقدت أنها أفضل منا ولن تموت، لكن هذا فاق توقعاتي، رغم أنها متسلطة إلا أنها شخصٌ جيد، وخسارتها سيكون أمرًا محزنًا.
---
وقف الجميع ومعنا الشرطة حالما خرج الطبيب من الغرفة، خلع قفازاته ونظر لنا بحزن وقال: «للأسف ماتت جراء حادث، جهازها الهضميّ لا يظهر أنها قد أكلت شيئًا، وحسب ما شهدنا البارحة كان يومًا متعبًا عليها. سبب الوفاة هو النزيف حتى الموت، الزجاج دخل جسدها وجرح أماكن عديدة لهذا... حدث ما حدث» قال وذهب بطريقه.
خرجنا جميعنا من المشفى وذهبنا لحانة كي نستوعب ما حدث، بقي آليك بالخارج كي يهاتف أحدهم، جلسنا على طاولة وطلب كل منا مشروبه المفضل، وأنا طلبت فودكا مع ليمون وثلج.
«تحدثت مع ابن عمي من الشرطة، حددوا أن موتها كان كان حادثًا بسبب طريقة الموت ووجود الماء على الارض يدل أنها تزحلقت ووقعت على الزجاج، كما أن الزجاج كان يتزحزح لهذا انكسر بسهولة وخرج الماء منه. ومع كلام الطبيب الشرعيّ أثبت أن الجريمة كانت حادث» قال آليك بالتطورات لنومئ له ويجلس للمجموعة الهادئة.
المشفى قررت قيام جنازة لها غدًا في الصباح الباكر. جميع المشفى تعرف المشرفة لي، فهي موجودة منذ وقت طويل هنا وقد أشرفت على معظم الأطباء ومنهم مجموعتنا.
رغم أنها قاسية معنا في بعض الأحيان لكنها حنونة. حتى عندما نكرهها كانت تضفي جو على المجموعة عندما نسخر منها أو نجادلها، نحب رؤيتها غاضبة لأنها تصبح حمراء مثل الطماطم.
حتى شتمي لها يكون مزاح، رغم كل شيء فهي كانت مثل الأم لي في بعض الأحيان، كنا نمزح كثيرًا، كانت أقصر مني ببضعة سنتميرات لهذا في بعض الأحيان كنت أتنمر عليها. وهي من جعل مجموعتنا مقرّبة هكذا، فالجميع اجتمع على كرهها وحبّها بنفس الوقت، حتى هي تعلم هذا، وكانت تسايرنا في بعض الأحيان.
نزلت دمعة لأمسحها بسرعة، لا أريد البكاء هنا. بعد نصف ساعة استأذنت للرحيل وكانت الساعة العاشرة. وصلتُ المنزل وكان أبي نائمًا، تجاهلت كل شيء، حتى حقيقة أنني لم أتناول شيء منذ الصباح وذهبتُ لسريري، احتضنتُ إيسِن وغطيتُ بنومٍ عميق محاولةً نسيان منظرها في رأسي.
أما في مكان آخر ليس ببعيد يرقدُ هو، الأفكار تتصارع داخل رأسه، يحاول تجاهل الصوت في رأسه، ليس الصوت بحد ذاته بل بما يقوله، يخبره يجب أن يحتفل، أنه نسى ويذكّره، لكن... كيف يمكنه ينسى اليوم المشؤوم بنظره؟ كيف يمكن أن ينسى أن اليوم عيد ميلاده وهو يقتل ضحية قبل يوم؟
حقيقة أنه يكبر سنة ثاني يوم من القتل تؤرقه، كأنه يأخذ من عمرهم سنة ليضعها بحياته. هو لم يسبق له أن احتفل بعيد ميلاده، ليس بعد أن بدأ بالقتل، فكان يعاقب نفسه بدلًا من الاحتفال لأنه يقتل.
أما من برأسه فهو لم يصمت أبدًا، يدعوه للاحتفال كما أن لا شيء حدث البارحة، أما هو منهار يحاول تجاهله.
«أرجوك اصمت» همس بقلة حيلة ليقهقه الآخر ويردف: «لمَ؟ اليوم يوم سعدكَ أيها المغفل، كبرت سنة وقتلت دون أن يشتبه بك أحد، يجب أن نحتفل مرتان لأجل هذه الانتصارات» قال بصوتٍ رخيم ليغمض الآخر عيناه بيأس، ستكون ليلة طويلة.
---
صمت...
فصل حزين. 😔
لا تعليق... أحبكم. 🖤
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro