
أزهارٌ ذابِلة|09
ليلٌ طويل، باردٌ، مُثلج وغَليظ، سرّى عن هواءٍ مُعادي لجسدِها الضعيف مِّما أدّى إلى خضّ عِظام قدميها وإِنهيارها على الأرضِ باكِية.
" اشتاقُ إليكِ يا أُمي."
اِنقبض جسدها واحتضنت قدمِها بيديها تصطكُّ مِن الصَقِيع، تغتنم كدّ التفكير بهِ، أتعبها صَحِيح لكنه لَبث في قلبِها لأيامٍ معدودة، تناست أمر شخصيته المُعقّدة وأرتسم فيّها ظَاهرًا، جالت في محيّاها اِبتسامة ظريفة وحِسّت بالدفئِ مُنبسِط على قلبها.
"إنَّه لا يترُكنِي، ولا يأتي إليَّ! "
نامت على أرضٍ كاسيةٍ للثلج وتُردّد بصوتٍ خافت:
"أود أنْ يأكلني الحزنُ مرة واحدة وأخيرة، تعبِت مِن كوني وجبةٍ مُتكرِّرة لدى الجميع."
في حيّن أنّ بيكهيون يتجرّع سُمّ الحياةِ جُرعةٍ تلوّ الأُخرى، كأس يتبعه كأس، لا يكَلّ ولا يملّ.
" ليتنا لم نلتقِ منذ البداية، ليتني تأخرت في العملِ عشر دقائقٍ أُخرى، كنت اختصرت عمرًا مِن الوجع."
ترك الكأس مِن يديه وحرك جسده صوب الباب مُتجهًا نحو سيارتهِ السوداء الهَامِدة أمام المبنى، اشتهّى الوصُول إلى سَعيره، فعاطفتهِ الزائِدة إِنحدرت إليّها وأخذت على عاتقِه الكثير.
تغلغل إلى اعماقِ منزله وهمّ لغرفتهِ، ألقى روحهِ على الفِراش وأغمض عينيه مُعبّرًا:
" إن داعَب النسيم البارد خَدُّها الآن، فالتتأكد أنّها قُبلة منّي. "
تربّع على السرير وأعاق تناثُر شعرهِ بأصابعهِ قائلًا:
" كِرِهت نفسي وأفكاري بسببها، كُلّما شرعتُ إلى النومِ أو باشرت في العملِ أجدُها تجلسُ في خلايا عقلي، إلهي خلّصني مِن لعنتِها."
لمست قدماه العاريّةِ الأرض وسحب بَدنه المُتكاسِل إلى بوابته الزُجاجية، رمى نفسهِ في بحرٍ مِن الهُموم وغَرق في فضاءٍ شائِب، جسده يَزّلُ إلى الأسفل، عيناهّ تتصفّح السماء، تبعد حياتِه سطّرٌ مِن الموت. ضَيّق فُتحة تنفّسهِ واستقر في عُمق الحُوض، يُقلّل أنفاسهِ عمدًا حتّى يُرحّب بجحيمٍ أفضل.
- أهكذا ستُنهي حياتِك؟ كافَحت وعاركت العالم حتّى يركَب أسمُك سقف الشُهرة، بعدئذ أُليقت نفسك وتعلّت؛ ستترّيث عنها؟
أستنكّس عِن الرُقي تحت اسم مشتقّ مِن الحُبّ؟
خِداعُك لنفسِك وكَراهيتِك للجنس الأنثويّ من سيَهمّك إلى الأمام لا العشقِّ أيُّها الجاهِل، استيقظ وراقب حياتِك فلن يمدّها الموت يد العونِ، أنت من سيمدّها.
لحظاتٍ مِن قطعِ الأنفاس حتّى فتح عيناه يحثّ قدمه على الدفعِ، لن يخسر أسمه برهبةٍ، تعب مِن أجل رفعه كيف سيضِيعه بحفاوة؟ سَكن على سطحِ الحياة، يبصُق تعبها بعزيمةٍ، يأمل وُصول تعزيزًا مِنها يُرجع الرجاءِ إليه.
طَمح إلى النهوض وأصابع قدمه أعترضت، فالبرد يلعب بأعصابِها وأتلفها. شدّ مسامعه صوتِها، وغلت إلى قلبه، تمنّى أن يلفّ ولا يجد شيء سِوى الظلام وأتضّح أن مخاوفِه آلت إلى الحقيقة.
" بيكهيون، أين انت؟ "
صلّبت قدماها أمامه، تُطالع فيه كأن لا وجود للعالم غيره، رسّخت عيناها عليه حتّى تشكّل القلق فيها، أرادت المضي إليه فخلعَ بيكهيون سكُونه وقيّدها بأحضانهِ، يُشبه أن تركض العمر كله مذعورًا، ويصادفك في منتصف الطريق كهفٌ تستريح به من عناء المسافة.
" لستِ بيتي! لماذا كلّما أضعتُ الطريق جئتي إليّ؟ "
رفعت يديها تُحاوط جسده وشعور النجاح يُخالج صدرها، تدري أنّه في خضونِ ساعاتٍ سيعود كمّا كان، قاسٍ، حقود ومُتكبّر لكنها أصرّت على احتضانه وطبطبّت خاطرِه.
" هذا لأنّي أحسّ بوجعك، فتجدني دائمًا مُقيّدة بك."
جذبته خلفها كالطفلِ الضائع وأوته بين أحضانِها تُدفئه، ربتت على شعره وحسّسته بالأمان. وَهلةٍ سمعته يقول:
" لِما تركتني إيڤا، أَمِثلُ قَلبيَّ يُهمَل؟ "
رفع رأسه مِن صدرِها وعارك عينيها، الصمتُ أيضًا لهُ صوت، لكن بحاجة إلى روح تفهمه وكِلاهُما يفهم الآخر لكنهما يُكابِران.
حديثٌ طويل بدأ بينهما.
" أنت أهملتني لهذا لجأ قلبي إلى الوحِدة. "
" لِماذا عُدتِ إليّ إذًا؟ بالرغم مِن أهتمامي بكِ وحُبّي الكبير اتجاهكِ، أجدُكِ واقفة أمامي تلوميني على الإهمال. قدمت لكِ الكثير مِن حياتي وبعد أن صارحتُكِ بفُقرِي هربتي مني، من سيلُوم من الآن؟ "
امسكت يديه وتحدثت معه بعيونٍ دامِعة.
" تفكيرك الزائد هو من أوصلك إلى هذهِ النُقطة وجعلك تعتقد أنّني تركتُك لأجلِ المال. "
دفعت يديه وطَفقت لضرب صدرهِ.
" لن أسمح لك بأن تُفكر بتِلك الطريقة عني، هَجرتُك لأنّك قلّلت مِن شأني وسحبت ذراعك مِن الأهتمام بي، فقد كنتُ وما زلتُ أؤمن أن إظهار الاهتمام هو إظهار للحُبّ، لا حُبّ بلا اهتمام، أو بالأحرى لا تُخبرني أنّك تُحبّني، اهتمَّ بي وسأعرفُ لوحدي أنّك كنت تُحبني!
ثبت يديها على صَدره وصكّ على اسنانه قائلًا:
" العِتاب لن ينفع الآن، فأنتِ قد اقترفتي ذنبًا وكنتِ سببًا في ضياعِكِ وأنا رسمت فكرة سيئةٍ عنكِ قد سببت في خرابِ كُلّ شيء بيننا ولا أظن أنّ هُناك من سيصلحه."
" دعنا نصلحه إذًا، فكِلانا لا يقدر على العيشِ بدون الآخر."
رمقها بنظرةٍ ساخِطة
" ومن قال؟ عشتُ بدونكِ لسنواتٍ وصنعتُ نفسي وتشكلتُ على هيئة الكثير لأصبح كما أبدو عليه الآن، بيون بيكهيون أسطورة عالم الأزياء لم يكن بحاجة أحد قطّ واستطاع النجاة مِن الحياة بمفرده، بالرغم مِن المتاعب الّتي ارتبطت به وخُذلان عشيقّته وسَيلان دمه معها إلّا أنّه ألحّ على المقاومة وحده. "
" لم أهجُرك عبثًا ولم أحبّك ضياعًا، عانيت في حياتي كما عانيت أنت، لقد صمّمت على رسمِ حياتي مِن أجل مُستقبلًا زاهِرًا بيننا، وعِندما رسمتُها وعدتُ إليك وجدتك هائمًا في أُخرى غيري، وجدتُك تلهو مع طفلة لا قيمة لها، إذ كُلّما حاولت ابعادِها عنك تصدّني انت وكأنّني عدوة لك. "
تملكه الغضب وسادَ القلق فيها، فكلّ ركنٍ مِن البيت لم يسلم منه، حتّى حياته رماها في جوفِ السعير.
" اللعنة الّتي لا تكّفين عنها لم تكُن يومًا سببًا في تشتت عِلاقتنا بل لم تكُن سببًا في زوال حُبّكِ مني، ستظلين أنتِ السبب إلى الأبد ولا أظن أنّ خطأُكِ سيغتفر عنه. أما بالنسبةِ لميني، لا داعي أن أُفسر لكِ محور علاقتي بِها، فلو تعمقتي في العلاقةِ معي لوجدتي مكانة شخص واحد فيّ؛ أنتِ، إذ كُلّما تشجعت للتخلّص منكِ وغلتِ فيّ كالنارِ تبَرق لا تركُد، لكن الآن اختلف الوضع وصرتي ماضٍ مِن حياتي لا يعود لي وأن عاد سيكُون حُطامًا أدوّس عليه بقدمي."
•
اهلا بطاريقي 🐧💙
شلونكم شخباركم، هل مرة تأخرت شوية بس رجعتلكم.
شنو رأيكم بالبارت؟
بيكهيون! وهل سيفكر بالعودة إلى إيڤا؟ وماذا سيحصل له ولميني؟
إيڤا! ما شعوركم اتجاهها وهل من حقها العودة إلى بيكهيون؟
كيف ستواجه ميني حقيقة أن إيڤا لا تزال عالقة في ذهن بيكهيون وكانت حبيبته السابِقة، وأنّها ستُعارك خصمًا ليس بهين؟
دمتم بخير 💙
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro