
THE END
أهلين و بهلين و سهلين و نهلين 😭😭😭❤️
جاهزين للبارت الأخير من فتاة الجيش ؟ :)
أنا عن نفسي مش جاهزة و بكيت لما خلصتها عشان قرابة السنتين و أنا معاها و تعرفت على كتيير ناس حلوين و أصحاب جدد و صرت متعلقة بهالعالم البرتقالي كتير 😭😭😭
متأخرتش أهوو إجيت بأطول بارت في الواتباد كلو بطول 16607 كلمة ಥ‿ಥ حبيت أخلص الرواية قبل النيو يير
البارت مقسم لجزئين ، الجزء الأوّل تكملة للأحداث تبع الرواية و الجزء الثاني جزء التصحر العاطفي و مليئ بأونسون وتيتي و قلة الأدب 😭😭😭🙂
ممكن تحسو بالملل لطول البارت لهيك اقرو جزء هلئ و جزء بعدين :))❤️
مش حطول عليكم يلا إستمتع يحلو ياعسل (◕દ◕)
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
كوريا الجنوبيّة - منزل نامجون و أطفاله .
كانت سويونغ و توأمها سوجونغ يجلسان بجانب بعضهما البعض على أريكة غرفة الجلوس ، يضمّان قدميهما بأدبٍ و خوفٍ ، يقابل كليهما والدهما نامجون عاقداً لذراعيه يرمق كليهما بغضبٍ و نظراتٍ حادّةٍ .
"إذن من منكما سيبادر بالشرح ؟ لماذا كانت سويونغ تتواجد في الثكنة العسكرية اليوم صباحاً ؟وأنت معها سوجونغ !! .. لو لم أتدخّل لتمّ سجن كليكما بتهمة إقتحام ثكنةٍ عسكريّة أثناء التدريبات !"
لم يصرخ .. بل كان يعاتب كليهما بنبرةٍ هادئة ، و هذه النبرة هي من يستخدمها أثناء غضبهِ من أطفاله ، حتّى يبثّ الندم في أوصالهما .
"أنا سأفعل ! سأشرح !"
صرخ سوجونغ بإنفعالٍ فتوجّهت نظرات سويونغ له بصدمةٍ و نامجون كان يحدّق بتعابيرها محاولاً التحكّم بإبتسامته !..هو يدرك تماماً أنّ إبنته واقعةٌ لأحد الجنود في الثكنة .. لكنّه يمثّل الجهل حتّى تعترف بمفردها .
توالت الهمسات بين التوأمين ، و كلّ ماسمعه نامجون كان حديث سوجونغ الخافت حيث قال :
"لا سويونغ !! أبي يجب أن يعلم !! أنا إكتفيت ! .. أبي !"
نادى بصوتٍ عالٍ نهاية حديثه رافعاً رأسه تجاه نامجون اللّذي رفع حاجبيه ينتظر شرحاً فرطّب سوجونغ شفتيه و بادر بشرحه متفادياً النظر لوالده :
"أولاً أبي يجب عليك أن تعلم أنّ إبنتك واقعةٌ لأحد الجنود بالثكنة التّي تعمل بها .. هو يدعى بارك جيمين ، صحيح أنّه عجوز ويكبرها كثيراً لكنّها إستبدلت مؤخّرتها بعقلها و باتت تجلس عليه و لا تستخدمه "
إتّسعت أعين نامجون تدريجياً و حدّق في وجه إبنته بإستنكارٍ و كانت هذه الأخيرة تعقد حاجبيها على وشك البكاء بينما تضمّ نفسها خوفاً من ردّة فعله .
نامجون كان يضنّ أنّ الشاب لن يكون سوى يكبرها بخمسة سنواتٍ أو أقلّ ! .. لكن بارك جيمين ؟؟!! .. صاحب الواحدة و الثلاثين سنةً جذب إنتباه مراهقةٍ على وشك بلوغ الثامنة عشر ؟؟
"أنا عاجزٌ عن الحديث حتّى !! .. هل جذب إنتباهك هذا فقط من دون كلّ الرجال ؟!"
تسائل نامجون بإستنكارٍ فرمشت سويونغ بغباءٍ من ردّة فعل والدها ثمّ رفعت رأسها تتبادل مع سوجونغ النظرات المستفهمة ، فتحت ثغرها على وشك الحديث لكن سوجونغ قاطعها ضاحكاً :
"تحت شِعارِ ثلاثينيّ جادّ يبحث عن زوجة "
إرتعشت شفاه سويونغ على شفير البكاء ، نظرت لشقيقها بغضبٍ لطيفٍ و تمتمت بصوتٍ باكٍ :
"توقّف عن سخريتك سوجونغ !! أنت لا تـ-.."
لم تنهي حديثها فقد إنفجرت باكيةً بينما تخفي وجهها بكفّيها فتنهّد نامجون بحزنٍ على طفلته ثمّ إستقام بصعوبةٍ عن الأريكةِ مستعيناً بعكّازه ، فهو منذ إصابة جونغكوك له بالسّكين لم يعد قادراً على المشي بطبيعيّةٍ .
جلس حذو طفلته ثمّ فتح ذراعيه ، من دون تفكيرٍ هي إندفعت لصدره العريض تعانقه بينما تبكي بصخبٍ ، فقالت وسط نحيبها :
"أنا لا أدري كيف أحببته أبي .. هو كان دائماً صديقاً لك !! .. كان يأتي لمنزلنا و أنا طفلة ، كان يلعبُ معيِ ، كان يلاطفنيِ و يهتمّ بي .. أنا وجدت نفسي مولعةً به فجأةً .. "
"توقّفي عن النحيب كالعانس !! .. و إحذري حتّى لا تلوّثي قميص أبي بمخاط أنفكِ !!"
قاطعها سوجونغ ساخراً و إستقام من مكانه يهمّ بالذهاب للمطبخ ، لكن أثناء مروره تلقّى صفعةً على مؤخّرته من والده فضحك راكضاً ، حيث صرخ به نامجون محاولاً إخفاء إبتسامته :
"توقّف عن إحزان شقيقتك !!"
هزّ نامجون رأسه بقلّة حيلةٍ عندما لم يتلقّى سوى ضحكاتٍ من إبنه ثمّ وجه نظراته ناحية طفلته يبتسم بدفئٍ قائلاً :
"تريدينه ؟ .. إذن أحصلي عليه صغيرتي .. هو أيضاً يكادُ يعنس ، لا تبكيِ .. يمكنكِ الإلتحاق بالجيش في سبيله حتّى لن أمانع !!"
وهنا أدركت سويونغ أنّ والدها قد أصيب برجّةٍ دماغيّة ! ..لكنّها ممتنّةٌ لهذه الرّجة .
•°•°•
كوريا الجنوبيّة - مكتب المحامي جيون 'والد جونغكوك'
كان ذلك العجوز المحامي جونغ لي يستلقي على الأريكة في مكتبه حتّى برزت بطنه الكبيرة بينما يضع قبّعته على وجهه و شخيره قد ملئ الأرجاء .
في الخارج تحديداً أمام باب المكتب كان جين يسير في حلقاتٍ يحاول إستجماع شجاعته للدّخولِ ، هو لن يكذب في إعترافه بخوفه من هذا المحامي ! ، مجيئه إلى هنا لم يكن سوى لغرض الطلاق اللّذي حلّ على رأسه كالمصيبة الكبرى !
"سيّدي هل من خطبٍ ما ؟!"
تسائلت تلك الفتاة بينما تحمل ملّفاتٍ عديدةٍ بين ذراعيها فتوقّف جين عن سيره ثمّ إلتفت لها مبتسماً بإرتباكٍ متسائلاً :
"من تكونين ؟!"
"سكريتيرة المحامي جيون !"
أجابت مبتسمةً بأحمر شفاهها الجريئ ، رفع رأسه وحاجبيه ممثلاً إدراكه لهويّتها ثمً أشار بإصبعه لباب مكتب المحامي قائلاً بصوتٍ أجشٍّ :
"أريد مقابلة المحامي"
"يمكنُك الدّخـ-.."
صمتت السكريتيرة قليلاً عندما بلغ شخير المحامي أذنيها قبل أن تواصل حديثها ترمش بإرتباكٍ :
"هو مشغولٌ بعض الشيئ-.."
"لابأس يمكنني إيقاظه من نومه"
قاطعها جين واضعاً يده على مقبض البابِ يهمّ بفتحه ، مسبباً الإحراج لتلك المسكينة بسبب إهمال رئيسها ، و قبل أن تهمً بالإعتراض كان قد سحب الباب و دخل مغلقاً إيّاه فتنهّدت و ثمّ تمتمت مغادرةً :
"روايةٌ مليئةٌ بالمجانين !"
..
إبتلع جين مافي حلقه محدقاً في المحامي بإرتباكٍ ، تقدّم ناحيته بخطواتٍ حذرةٍ ، لا يدري كيف سيقوم بإيقافه من دون أن يتلقّى كتابٓ قانونٍ ذو ألف صفحةٍ ليحطّم رأسه !
حدّق جين في الأرجاء ، حتّى وقعت عينيه على الهاتف الأرضيّ فوق المكتبِ ، من دون تردّد تقدّم ناحيته و رفعه للأعلى ثمّ ألقاه على سطح المكتب بعنفٍ مسبباً ضجيجاً جعل من المحامي يجفل مستيقظاً حتّى وقعت القبّعة من وجهه أرضاً .
"ماللعنة !! هل سينفجر المكتب !!! .. مهلاً من أنت ياصاحب المؤخرة المستديرة !؟"
صرخ المحامي نهاية حديثه بينما يستقيم من على الأريكة بإستنگارٍ من وجود جين ، لم يدرك هويّته إلاّ حين إستدار هذا الأخير رافعاً حاجبيه محاولاً إخفاء خوفه من هذا المحامي العنيف !!
حدّق المحامي في وجه جين لثوانٍ مضيقاً لعينيه فاتحاً لثغره محاولاً معرفة هويّته ، قبل أن تتسّع عينيه صارخاً :
"مهلاً ! أنت هيدروجين !"
"اللعنة عدنا للكيمياء مجدداً"
تمتم جين ينقر بسبّابته على المكتب ثمّ تحمحم مستدركاً ببرودٍ :
"أتيت لأستعين بك في قضيّتي أيّها المحامي جيون !"
"قضيّة ماذا ؟!"
تسائل المحامي مستقيماً من مكانه يتقدّم ببطنه السمينة ناحية جين اللّذي عاد بخطوةٍ للخلفِ وجلس على الكرسيّ ، ثمّ أخرج ضرفاً من جيب سرواله متحدثاً محاولاً تمثيل الجديّة و القوّة :
"وجدت هذه الدعوة من المحكمة بمنزلي ، زوجتي قامت برفع قضيّة طلاقٍ ضدّي "
إرتعشت شفتيه نهاية حديثه على وشك البكاء ، يحدّق في المحامي اللّذي جلس على الكرسيّ المقابل عاقداً لحاجبيه ، فواصل جين بأعينٍ إمتلئت دموعاً :
"كما أنّ سوجيني سمينتي لم تعد سمينةً أبداً ، و لم تقبل أن تعانقني ، هي لم تشتاق لي كما فعلت ، أريد إنجاب سوجيناتٍ جميلاتٍ و سوكجينين وسيمين ، لكنّها تريد الطلاق !!"
صرخ نهاية حديثه منفجراً بالبكاءِ ، ينتحب كالأطفال فاتحاً لفمه ، ثمّ أخفى وجهه بكفّيه أسفل نظرات المحامي الضّجرة ، مرّت الثواني فقال هذا الأخير معدلاً نظّاراته الطبيّة على عينيه :
"القاعدة رقم واحد ، لا تبكي كالماعز و كن رجولياً ، القاعدة رقم إثنان ، قُبلةٌ شغوفة و تصرّفات رومانسيّة ستحلّ كلّ شيئ !"
إبتسم المحامي نهاية حديثه بخبثٍ فتوقّف جين عن نحيبه رافعاً رأسه بإستنكارٍ ، فواصل العجوز محركاً حاجبيه بخبثٍ :
"و إذا لم ينجح كل ما سبق ..."
صمت قليلاً ثمّ رطّب شفتيه بخبثٍ أسفل نظرات جين المستغربة ، حيث واصل المحامي مرخياً وجهه على كفّ يده :
"من حقّك إختطافها !"
.
.
.
.
.
كوريا الشّماليّة - بعد أسبوعينِ
كان الممرّض يغرس تلك الإبرة في المغذّي المتّصل بشريانِ أونسون الفاقدة لوعيها منذ ثلاثة أيّامٍ .. ضوء الشمس جعل الغرفة منارةً ، حذو تلك النافذة في الركنِ وقف العميد جونغ مرخياً ظهره على الجدار يحدّق في أونسون بشرودٍ .
لن ينكر أنّه سعيدٌ كون هذه الجنديّة الشّابة ذات القدرات العاليٓة تتواجد الآن أسفل جيشه و تحت قوانينه ! .. و الجنود الكوريون الجنوبيوّن ليسوا على علمٍ بكونها على قيد الحياة البتّة !
تمّ إنتشاله من شروده من قِبل أنين أونسون الخافت ، فإعتدل بوقفته بأعينٍ مجحوظةٍ بسعادةٍ ، حيث هرع إليها الممرّض يتفقّد مؤشّراتها الحيويّة ثمّ إستدار ناحية العميد مبتسماً بإتّساعٍ قائلاً :
"إنّها تستيقظ .. مباركٌ سلامتها"
إنحنى الممرّض نهاية حديثه ثمّ غادر الغرفة تاركاً ذلك العميدٓ يقف على مقربةٍ من سرير أونسون .. و بذكرِ هذه الأخيرة هي علّقت بصرها عليه من دون تعابير تُذكرُ .. فقط تحدّق بينما ترمش بهدوءٍ تحاول إدراك هويّته .
لم يلبث العميد طويلاً فعندما لاحظ نظراتها إتّجاهه إنحنى تسعون درجةً ثمّ إستقام يضرب قدمه بالأرض واضعاً كفّ يده يسار جبينه بوضعيّة الجيش كما يقوم أغلبيّة الجنود صارخاً :
"تحيّة من عميد الفرع الثالث و الأربعون بمدينة كايسونغ ، أيّتها الجنديّة الشجاعة"
رمشت أونسون بتفاجئٍ ثمّ إبتسمت بخفوتٍ .. و تحوّلت لضحكةٍ بسيطةٍ بسبب عدم توقّعها لحركته هذه ، عندما لاحظ العميد ردّة فعلها إبتسم بإتساعٍ و أخفض يده عن جبينه ثمّ سحب الكرسيّ حذو السرير و جلس قبالتها .
"أنا حقّا سعيدٌ كونكِ على قيد الحياة !!"
إستدرك منحنياً بجذعه ناحيتها ، فأغلقت عينيها ثمّ فتحتهما بهدوءٍ كردٍّ على حديثهِ ، هي تعجز عن تكوين الكلماتِ حالياً بسبب جفاف حلقها و ألمها لهذا تكتفي بالإيماءِ .
رفع العميد يده و نزع قبّعته العسكريّة فظهر شعر رأسه القصير ثمّ مسح عليه قائلاً :
"كما ترين أنا جنديّ ، أدعى جونغ سوهو ، أنا ممثّل كوريّ جنوبيّ ، لكنّني أقوم بآداء واجبيّ العسكريّ لمدّة سنتين "
رفعت أونسون حاجبيها تبتسم بإتّساعٍ ، تبدو كمن أدركت هويّته فقهقه و قرّب وجهه من خاصّتها قائلاً بحماسٍ :
"من المؤكّد أنّكِ تعرفينني !!.. هل شاهدتيِ إحدى أعمالي ؟؟"
ضحكت أونسون مبرزةً أسنانها ثمّ نفت برأسها فإختفت إبتسامة سوهو و تراجع للخلفِ متمتماً بعد أن ملئ اليأس تعابيره :
"ماذا كنت أتوقّع ؟ على أيّة حالٍ أنا ممثّل مبتدئ!!"
"الطّـ-الطفلة"
تمتمت أونسون بصوتٍ ملئته البحّة ، فعقد سوهو حاجبيه بعد أن أدرك مقصدها و عاد لجديّته متجهّم الوجه ، حادّ الفكّ قائلاً :
"الطفلة تكون إبنة المجرم الكوريّ الجنوبيّ جيون جونغكوك ؟ . هي في منزلي منذ يومين .. في أمانٍ تامٍّ .. مع طفلتي الوحيدة و مربّيتها فلا تقلقي"
أغلقت أونسون عينيها تتنفّس بعمقٍ مرتاحة البالِ بعد سماعها لما قاله ، ثمّ أرخت رأسها تحاول نيل قسطٍ من الرّاحة ، قبل أن يتمّ طرق البابِ من قِبل أحدهم و تالياً كان قد دلف ذلك الطبيب المسؤول على حالتها .
"حمداً للربّ على سلامتكِ أيّتها الجنديّة !"
قال الطبيبُ منحنياً برأسه بخفّةٍ فإبتسمت أونسون بخفوتٍ قبل أن تتجهّم ملامح الطبيب و قال محدقاً في مستنداته أسفل نظرات أونسون و سوهو المستفهمة :
"أخشى أنّ عمودكِ الفقريّ ليس سليماً أيّتها الآنسة .. فبسببِ سقوطٍ عنيفٍ أدّى إلى حدوثٍ شللٍّ نصفيٍّ ، آسف لكن لن تقدري على المشي منذ الآن وصاعداً "
عندما ختم الطبيب شرحه رفع رأسه لمراقبة ردّة فعل أونسون ، لكن هذه الأخيرة كانت تحدّق بهدوءٍ في الفراغ و قد بدى الحزن على محيّاها حرفياً .
حدّق سوهو فيها لثوانٍ قبل أن يوجّه بصره للطبيب متسائلاً بأملٍ طفيفٍ :
"هل هناك أملٌ أن تقدر على المشيِ مجدداً ؟!"
"أخشى أنّ العلاج ليس متوفراً في كوريا الشماليّة .. يوجد أملٌ في عودة قدميها للحياة مجدداً .. لكن للأسف ليس هنا .. "
•
.
.
.
كوريا الجنوبيّة - الثكنة العسكريّة بمقاطعة بوسان
غرفةٌ مظلمةٌ بجدرانِ من الإسمنتِ الرّطب بفعل قلّة التهوئةِ مع شبّاك صغيرٍ عالٍ ، أرضيّةٌ تموضع في منتصفها طاولةٌ خشبيّةٌ متعفّنةٌ و كرسيٌّ مماثلٌ .
كان جيون جونغكوك يجلس على الكرسيّ يدوس على الأرض القاسيةِ حافيٓ القدمينِ ، وجهه قد إمتلئ ببقعٍ سوداء و جروحٍ متعفّنةٍ ، يداه محطتانِ بالأصفادِ يتمركزانِ على الطاولة يحدّق بشرودٍ في الأرضِ من دون تعابير تُذكرُ .
رمش بثقلٍ عندما سمع صوت الباب الحديديّ المزعجِ و من دون أن يتكفّل عناء النّظر للشّخص اللّذي دلف تواً .. كان يستمع لخطواته المقتربة يستمرّ بالرّمش بهدوءٍ .
راقب تلك اليد السّمراء التّي تموضعت بعنفٍ على الطّاولة الخشبيّة بكلّ برودٍ .. تالياً كان تايهيونغ قد دخل مجال نظره بملامح وجهه الباردة .
تبادل كلاهما النّظرات لثوانٍ قبل أن يرطّب تايهيونغ شفتيهِ و إنحنى بجذعه ناحيته قائلاً بصوته العميقِ :
"في الأخير .. أنت قد عدت لبلدكٓ رهن الإعتقالِ من قبلِ الجيشِ الكوريّ الجنوبيِّ .. جيون جونغكوك "
أشاح جونغكوك بمقلتيه بعيداً ثمّ نظر ليديه المحاطة بالأصفاد يتجنّب الردّ و قد نزلت خصلاته الغرابية تخفيِ جرح جبينه و أسنانه تعضّ على شفتهِ السّفليّة بعنفٍ .
أغمض تايهيونغ عينيه بقلّة حيلةٍ ثمّ إستقام ليسير ببذلته العسكريّة لركنِ الغرفة الباردة يسحب كرسياً خشبياً حتّى أصدر صوتاً مزعجاً بسبب إحتكاك خشبه مع الأرض القاسيةِ .
وضع الكرسيّ مقابلاً لجونغكوك ثمّ ألقى بجسده عليه ينحني بجذعه للأمام ناحية الآخر يرخي ذراعيه على الطّاولة مشابكاً أنامله يحدّق في وجه جونغكوك بارد التّعابير .
"إذن .. أنت وافقت على أن تسرد لي قصّتك من الألفِ إلى الياء .. "
رفع جونغكوك مقلتيه محدقاً في من أمامه و هزّ رأسه بهدوءٍ موافقاً فإبتسم تايهيونغ بجانبيّةٍ ثمّ رفع حاجبيه قائلاً :
"كلّي آذانٌ صاغية"
رطّب جونغكوك شفتيهِ الجافّة ثمّ إبتلع مافي حلقه و قال بصوته الّلذي يغلب عليه البحّة :
"كنتُ في الرابعة عشرة .. عندمآ وُلدت شقيقتيِ آيري من مرأةٍ لا أعرفها ، كان قد عاشرها أبي ، أتت لمنزلنا البسيط لتلقي الطفلة على صدري قائلةً أنّها لن تتكفّل بالإعتناء بفتاة لقيطةٍ ، عمرُ شقيقتي خمسة و عشرون سنةً حالياً ..."
توقّف عن سرده و إستنشق الهواء عميقاً لصدره ، ثمّ زفره بإرتجافٍ مواصلاً :
"حينها تخلّى عنّا والدي المحاميِ مادياً .. فأضطررت أن أضحّي في سنٍّ صغيرٍ حتّى أعمل في الفلاحةِ أزرع و أحصد أسفل الشّمس الحارقة لأوفّر لنا ما نحتاجهُ .. و كان الجنديّ بارك يوسونغ صديق أبي وذراع الأكبر كانغ اليمنى قد ساعدنا كثيراً .. حتّى أنه
قبلنا في بيته البسيطِ بصدرٍ رحب "
صمت قليلاً و إبتسم بخفوتٍ ثمّ رفع رأسه محدقاً في وجه تايهيونغ وهذا الأخير بادله النّظرات يستمع لسؤاله الدافئ :
"تذكرني جيداً صحيح ؟ .. ذلك اليوم .. عندما أتيت لمنزل يوسونغ .. لقد لعبنا الورق معاً أنا و أنت و جينيونغ و تشانيول .. لقد صرنا أصدقاءً لستّة ساعاتٍ و لم أراك بعدها !"
قهقه نهاية حديثهِ فطأطأ تايهيونغ رأسه يرطّب شفتيه بهدوءٍ .. هو بالفعل يذكر كم مرّةً يزور فيها منزل طليق والدته هو و أخيه جين ليرى إخوته و يحضى ببعضِ المتعة ثمّ يعود .. و سبق و قابل جونغكوك اللّذي يقطن برفقة بارك يوسونغ صادف أن يجده في المنزل مراتٍ عديدةٍ .
"أذكرُ أنّك كنتٓ دائماً تنسى الأكل عندما يضع السّيد يوسونغ المائدة الصًغيرة .. لأنّك تهتمّ بإطعام أخيك الصّغير جين ..وأنتٓ تأكل بضعة لقيماتٍ .. أو لا تأكل أبداً"
أضاف جونغكوك مبتسماً شبح إبتسامةٍ ، وعندما لم يتلقّى ردّة فعلٍ دافئةٍ من تايهيونغ ، تنهّد ثمّ واصل عاقداً حاجبيه :
"جدّي جيون جيفريد كنتُ أراه نادراً .. مرّةً كلّ ثلاثة سنواتٍ بسبب عمله في المباحث الفدراليّة الشّماليّة .. أذكر التّاريخ جيداً كان في آخر سنةِ 1996 عندما وجدت نفسيِ مخطوفاً من قِبل جنودٍ لا يتحدّثون لغتيِ .."
...
•27 نوفمبر 1996 - مقاطعة دايجون الرّيفيّة•
كان صاحب الخصلات الغرابيّة الملساءِ يحمل تلك القفاف الثّقيلة بصعوبةٍ حتّى يضعها في صندوق درّاجته الهوائية الخلفيّة و بسبب بنيتّه الجيّدة كان الأمر سهلاً نوعاً ما .
وضع القفاف مكانها ثمّ حرّك يديه على سرواله الأسود الممزّق يُبعد التّراب عن كفوفهِ مجعداً ملامحه بسبب الشّمس الحارقة التّي تتصادم بوجهه .
حرّك قدميه و صعد الدرّاجة ليضع أقدامه على الدوّسات منطلقاً على تلك الأرض الترابيّة .
مرّت الثّواني تليها الدقائق وهو يقترب من قريته الصّغيرة حيث سيقدّم القِفاف لأصحابها .. هو يعملُ في هذا العمل منذ أشهرٍ عديدةٍ .. يجمعُ الكثير من البطاطا الحلوة و الفجل في القفاف و يحملها للقرية حيث المعملِ و يتلقّى مالاً كافياً ليسدّ حاجياته هو و شقيقته .
أوقف درّاجته فجأةً عندما لاحظ تلك السيّارات العسكريّة المتوقّفة على الطريقِ و هناك رجالٌ ببذلاتهم العسكريّة و أسلحتهم القويّة يقفون حذوها .
تحرّك بدرّاجته مجدداً يهمّ بالعبور بسلامٍ ناحية قريته ، و لمّا شقّ طريقه بينهم كان قد إقترب أحدهم و إلتقط القفاف من الخلف و أوقعها أرضاً فتناثرت الخضارُ على الأتربة.
نظر جونغكوك خلفه للخضارِ المتناثرة فإتسعت عينيه و رفع حاجبيه خوفاً و بسبب عدم تركيزه على القيادة كان قد سقط بالدراجة أرضاً حتّى لامس رأسه الأتربة بعنفٍ فتأوّه بصخبٍ مغلقاً عينيه بعنفٍ .
إرتكز بيديه على الأرض القاسية يحوال النهوض مغلقاً عينيه بقوّةٍ بسبب ألم رأسه لكنّه تالياً شعر بكفّ يدٍ قاسيةٍ تحيط بخصلاته الطويلة الملساءِ و كلماتً بلغةٍ غير مفهومةٍ :
"أين هو جيون جيفريد ؟ يقطن بهذه القرية صحيح؟"
فتح جونغكوك عينيه قليلاً ماإن سمع لفض إسم جدّه في جملة هذا الجنديّ الغريب و رفع رأسه عاقداً لحاجبيه بألمٍ محدقاً في وجه هذا الجنديّ .. حيث كان وجهه ملطخاً ببقعٍ سوداء و أعينه آسيويّة مسحوبةٌ .
شدّ الجنديّ قبضته على شعر جونغكوك يسحبه للخلفِ بعنفٍ فوقف هذا الأخير بطاعةٍ بسبب ألم رأسه و يد هذا الغريب التّي تعنّفه لتزيد ألمه !
"جيون جيفريد !! عميل المباحث الفدراليّة الكورية الشماليّة ! هل يسكن هنا ؟"
تسائل الجنديّ هذه المرّة بلغةٍ كوريّةٍ ركيكةٍ فإرتعشت شفاه جونغكوك لوهلةٍ قبل أن ينطقٓ بكلماته بصوتٍ خافتٍ :
"هو يكون جدّي"
....
أخفض جونغكوك رأسه بينما أعين تايهيونغ تستمرّ بتفحّصه ، و لم يلبث طويلاً حتّى رفع رأسه و حدّق فيه مستمراً بحديثه :
"لم أكن على درايةٍ أنّ ذكري لقرابتي بجيون جيفريد ، سيجلب لي المصائب لما تبقّى من حياتي !"
نقر تايهيونغ بإصبعه على الطّاولة زاماً لشفتيه ثمّ تحرّك معتدلاً بجلسته منحنياً بجذعه ليقرّب وجهه من جونغكوك متسائلاً :
"أريد أن أسمع الأهمّ ، كيف صرت جزءً من الصينيين ؟!! جزءً من هذه المكيدة في عمرٍ صغيرٍ !"
تحمحم جونغكوك و عبث بأنامله المليئة بالخدوش ثمّ إستدرك عاقداً لحاجبيه :
"جدّي جيفريد ، كان عدوّهم الأولّ و الأخير ، بفطنته هو أدرك هذه المكيدة السّرية و عمل على إيقافها ! ...كان الوحيد اللّذي وضع باباً عاليّ التقنيةِ يُفتح بمعلوماته الجسديّة ، إيجاده و إستخدامه كمفتاح ثمّ قتله كان غايتهم "
عندما أوشك جونغكوك على مواصلة حديثه قاطعه تايهيونغ رافعاً لحاجبيه مستنتجاً :
"إذن الحصول على حفيده كورقة رابحة لتهديده ، و الحصول على غايتهم !"
رفع جونغكوك رأسه و حدّق بأعينه الحادّة في تايهيونغ ثمّ دفع وجنته بلسانه متمتماً :
"بالضبّط"
...
30 نوفمبر 1996 - مقاطعة دايجون الريفية.
كان جونغكوك يجلس ضامّاً قدميه لصدره بينما يرخي ظهره على أكياس الفحم خلفه ، هو يجلس في هذا المخزن من دون طعامٍ و لا مياهٍ قرابة الثلاثة أيّامٍ .
صرخ و توسّل حتّى يعود لشقيقته ، حتّى فقد جُلّ طاقته ! لكن لا فرصة له للهروب من أذرع الجنود هؤلاء !
إتّسعت عينيه ليستقيم عندما لاحظ باب المخزن اللّذي فُتح مصدراً صوتاً مزعجاً ، و تالياً كان قد ظهر أحد الجنود ببذلته العسكريّة و الحزام الأسود المليئ بالأسلحة يحيط خصره .
إرتعشت شفاه جونغكوك و تقدّم سريعاً ناحيته ليجثوا على ركبتيه أمام الآخر و أمسك ذراعه بكلتا يديه متوسلاً :
"أرجوك !! أريد العودة لشقيقتي !! أنا أرجوك سيّدي.. هي وحيدة لا تملك من يعتني بها و يطعمها غيري !"
رمق الجنديّ الصينيّ جونغكوك بأعينٍ تعكس عدم إكتراثه بتوسّلات هذا الصّغير ، ثمّ و أثناء خروج شهقات جونغكوك أمسكه الجنديّ من ياقة قميصه و رفعه للأعلى قائلاً بلغته الكوريّة الركيكة :
"أنت من تطعمها ؟ تعمل و تشقى في سبيلها ؟ .. لما لا تقوم بالمزيد من أجلها ؟.. تكره الفقر ؟ .. بالطبع من لا يفعل ؟ .. إتبعني"
تمتم نهاية حديثه مفلتاً إيّاه بدفعةٍ بسيطةٍ حتّى تراجع للخلف خطوتين .
إستدار الجنديّ مغادراً المخزن تاركاً الباب مفتوحاً ، بينما جونغكوك عدلّ قميصه المهترئ ثمّ تنفّس الصعداء ليخرج من هذا المكان البارد المظلم .
أوّل ماقابلته كانت أشعّة الشمس التّي إنعكست على الأرض الجافّة و بشرته الحنطيّة مع خصلاته السوداء ، ضيّق عينيه محدقاً في ظهر الجنديّ المبتعد ثمّ حرّك قدميه سريعاً يلحقه .
"مهلاً ؟! أين سنذهب ؟ أريد الخروج من هنا !!"
صرخ جونغكوك بعد أن توقّف عن سيره رافضاً اللّحاق بالجنديّ ، و بذكر هذا الأخير هو إلتفت برأسه و رمقه بنظراته ثمّ إبتسم بجانبيّة و عاد أدراجه ناحيته .
"إذن أنت ترفض الغرق في المال الوفير و العيش في حياة التّرف و الرقيّ ؟!"
تسائل الجنديّ رافعاً حاجبيهِ يمثلّ التفاجئ ، فرمش جونغكوك بعينيه مراراً يحاول الإستيعاب ، مادخل حياة الترّف بوجوده في هذا المكان الخالي من البشر عدى الجنود اللذّين لا يتحدّثون لغته ؟
"مهلاً مالّذي تقـ-"
"خيارُك إذن .. ستخسر فرصةً لن تعوّض .. يمكنك المغادرة "
قاطعه الجنديّ ماداً لشفتيهِ ممثلاً الأسفٓ ثمّ إستدارٓ يهمّ بمواصلة سيره قبل أن يحيط جونغكوك ذراعه بكفّه مستوقفاً إيّاه متسائلاً :
"ماللّذي تقصده ؟"
"كنت على وشكِ منحك فرصةً لتغيّر وضعك من الفقر للغِنى ! .. لكنّك رفضت !"
فسّر الجنديّ من دون أن يتكفّل عناء الإستدارة ناحيته ، جُحظت أعين جونغكوك ببرائةٍ و حماسٍ .. لا يدرك أنّ برائته و حماسه سيتحوّلانِ للطمعِ و إنعدام الضّمير لغاية الحصول على مايُسمّى 'الغِنى' !
"ماللّذي توجّب عليّ فعله إذن ؟"
تسائل بعد ثوانٍ من غرقه بأفكاره الاّ متناهية ، فإبتسم الجنديّ بخبثٍ ثمّ حرّك ذراعه ينزع يد جونغكوك بقوّة ملتفتاً ليواجهه مهسهساً بكلماتٍ بثّت الرّعب و الطمع بأوصل الأصغر :
"مجرّد تفاصيل .. توجّب على شخصٍ شجاعٍ القيام بها ! .. معلومات الكوريّتين غايتنا .. الأكبر كانغ المسؤول الحاليّ توجّب عليه الموت .. "
"لكنّه شخصٌ طيّبٌ و لماذا توجّـ-.."
"الطيّبون مجرّد أغبياء أيّها الطفل .. مهمّتك إقناعُ أحد الجنود القريبين للأكبر كانغ أن ينظّم لنا .. بمجرّد إغتيال الأكبر الحاليّ وعائلته سيحلّ محلّه .. أمّا بالنسبة لك ؟"
صمت الجنديّ قليلاً ثمّ رفع كفّ يده ليحيط رقبة جونغكوك من الخلفِ و سحبه ناحيته بنوعٍ من القوّة قائلاً :
"أنت ستغرق بالمال عند إيقاع جدّك في فخّنا ..فهو غايتنا .. أيّ مهمّتك جلب المفتاح و الرّمز بحوزة جدّك ... ثمّ بووم !!! تصبح غنياً و صاحب منصبٍ لا يُقدّر بثمنٍ "
ربما إعماء بصيرة الشخص بالغناء و التّرف في حالة جونغكوك المزرية .. حيث كان عامل حقول بشقيقةٍ رضيعةٍ .. تخلّى عنهما والدهما المحامي .. و هو مجرّد مراهقٍ في الرابعة عشر يأكل يوماً و يعيش جائعاً لأسبوعٍ ..
كان يظنّ أنّ الفرصة أتته في قدرٍ من ذهبٍ لا يجب عليه تضييعها ! .. إنظمّ للصينيين و أقنع يوسونغ بأنّ ينظمّ لصفّه .. لغاية الحصول على مناصب و مالٍ وفير !
لكن بعد ثلاثةٍ و عشرون سنةً من الركض خلف الطمع ..تمّ إلقاء العجوز يوسونغ ذو الأسنان الذهبية في السجن .. و جيون جونغكوك فقد أغلى مايملك من أشخاصٍ و يكاد يفقد ذاته !
....
"وهاأنا ذا !! شخصٌ كان ولا يزال بنفس فقره و حالته المزريةِ ، مادياً و نفسياً"
تمتم جونغكوك ثمّ أغلق عينيه بقلّة حيلةٍ ، بينما تايهيونغ حرّك لسانه داخل فمه ثمّ تنهّد مرخياً ظهره للخلفِ ، يشعر بالشفقة حيال هذا اللّذي أمامه نوعاً ما ..
ثوانٍ مرّت وسط صمتٍ قاتلٍ كان تايهيونغ خلالها ينظّم أفكاره بينما جونغكوك يحدّق بأصابعه متحسّراً على ذاته و حياته التّي ضاعت تماماً في سبيل خسارة من يحبّ .. و في ربحِ لا شيئ !
عقد تايهيونغ حاجبيه عندما أدرك أهمّ سؤالٍ توجّب عليه طرحه ، فمال بجذعه ناحية جونغكوك ثمّ تسائل بفضولٍ :
"ماذا عن أونسون ؟ لماذا باتت غاية الصينيين ؟ .. لماذا قمت بإنتشالها من بين أذرعي ذلك اليوم وهي طفلةٌ رضيعة أوشكت على الموت في حريقٍ متعمّد؟!"
إنفرجت شفاه جونغكوك بضحكةٍ بسيطةٍ بينما يحدّق بخشب الطاولة ، ثمّ رفع رأسه يرمقه بإستهزاء قائلاً جوابه :
"ألم تدرك بعد لما فعلت ذلك ؟ .. إنتشلتها من يديك حتّى أقوم بقتلها مباشرةً .. توجّب عليها الفناء أثناء الحريق لكنّك تدخّلت و أنقذتها .. لهذا قمت بإنتشالها من يدك حتّى أقطف روحها .."
توقّف عن سرد كلماته ثمّ إرتخت ملامحه و لمعت عينيه متمتماً :
"لكنّني لم أقدر على فعلِ ذلك"
"لما ؟ لماذا لم تفعل ذلك .. ألم تكون أوامراً من الصينيين توجّب عليك تنفيذها ؟"
تسائل تايهيونغ بصوتٍ عالٍ منفعلاً و ضرب الطاولة بقبضته بعنفٍ نهاية حديثه بشفاهٍ مرتعشةٍ ! هو لم يتخطّى فكرة مغادرتها للحياة بعد .. بالرغم من مرور أسبوعين منذ عودته من كوريا الشمالية .
"لم أقم بتنفيذها و لا أعلم السبب حتّى ! .. لقد رقّ قلبي لحالها و لشكلها الصغير .. إهتممت بها خفيةً لسنواتٍ .. حتّى اللحضة التّي عاد فيها جدّي جيفريد من عمله بالمباحث الفدرالية .."
شرح جونغكوك منفعلاً بدوره و سرعان ماهدأت نبرته أثناء جملته الأخيرة مواصلاً :
"عندما أدرك جدّي إقتراب موته ، غيّر مفتاح باب القنبلة لها .. لقد إستعمل معلوماتها الجسديّة كمفتاح لذلك الباب ملغياً معلوماته.. فقط حتّى يضمن عيشها"
أخفض تايهيونغ بصره ثمّ رفع كفّ يده يمسح تلك الدمعة المتمرّدة خفيةً ، إستنشق مياه أنفه ثمّ زفر أنفاسه مستنتجاً :
"وهكذا باتت هدفاً لهم جميعاً ؟"
"تماماً.."
•°•°•°•
بعد أسبوعٍ - الثكنة العسكريّة
01:22 صباحاً
أسبوعٌ ثالثٌ مرّ على العقيد كيم منذ ذلك المشهد المشؤومِ ، حيث رآى الفتاة التّي يحبّ تموت بين ذراعيه .
وبذكره هو ، كان يسير في ساحة الثكنة الكبيرةِ بينما يضع كفوف يديه في سرواله العسكريّ ، يرفع رأسه يحدّق في السّماء حتّى ظهرت تفّاحة آدم خاصّته و شعره المجعد قد طالٓ أكثر .
أغمض عينيه و توقّف عن رسم خطواته وسط الساحة الفارغة من الجنود .. إنّه الوقت اللّذي تنتهي فيه مهمّةٌ طويلةٌ و يذهب كلٌّ منهم لمقابلة عائلته ، أمّا بالنسبة له ! لا عائلة يملكها و لا رغبة له بمقابلة أحدٍ !
ركل الصّخرة التّي إعترضت حذائه العسكريّ ثمّ عقد حاجبيه لتتداخل في ذاكرته تلك الكلماتُ بصوتها المحبّب لقلبه .
"أصرخ !!!! أصرخ !!! تايهيونغ أخرج كلّ ما بداخلك !! أصرخ !!.. أنت يجب أن تصرخ !!"
إرتعشت مقلتيه في محجريهما بينما تلمعان بدموعٍ جاهد لإمساكها ، لم يلبث طويلاً فإنحنى جاثياً على ركبتيهِ ، أخرج كفّيه من سرواله العسكريّ ووضعهما على الأرض القاسيةِ ، ثمّ باشر بنحيبه !
يبكي بينما يشهق مراراً يغمض عينيه بقسوةٍ و يقبض كفوف يديه على الحصى ، ثمّ صرخ ملئ حلقه في هذا المكان الخالي من البشر عداه !
"أجل !! الإنهيار ليس ضعفاً تايهيونغ !! أنت تستطيع تحملّ كلّ شيئ !.. لا بأس بالإنهيار ! أصرخ و أبرز ضُعفكٓ ثمّ إستقم مجدداً !"
صوتها لا يزال يندفع داخل أذنيه ليجعله يصرخ أكثر و تجعل من دموعه تتدفّق أكثر و أكثر حتّى أرخى جبينه على الأرضِ متمتماً بصوته الباكيِ :
"أونسون !! اللعنة عليكِ لما تبقّى من حياتي سألعنُكِ .. لأنّك دائماً ماكنتِ السبب في إنهياري !"
"أنا كانغ أونسون .. تعلن في هذا المكان الخالي .. أمام كيم تايهيونغ و أمام الربّ !! أننّي تعوّدت على وجودِ هذا الرّجل الذّي يبعدني ببضعةِ أمتارٍ في حياتيِ .. لا يمكِنُني أن أقولٓ أنّه حبٌ .. هذه الكلمة تثيرُ إشمئزازيِ"
"لكن لو كانت مشاعريِ تجاههُ تسمّى حُباً .. فسيُعدّ هذا إهانةً و تصغيراً لما أشعرُ بهِ تجاههُ .. هو بمثابةِ عالميِ .. الشخص الذّي أطلق عليّ إسم أونسون .. الشّخص الذّي رآنيِ رضيعةً قبل أن تفعل والدتيِ .. الشّخص الذّي أُحبّ و أهوى"
يتخيّل وجودها حذوه ، تصرخ بهذه الكلمات التّي ستبعث الجنة داخله !! لكنّه مدركٌ أن وجودها حالياً من المستحيل أن يحدث !
"يكفي !! هذا يكفي واللعنة أخرجي من رأسي !!"
صرخ يستقيم بجذعه و ضرب الأرض بقبضته مراراً و تكراراً بأقسى قوّةٍ يملكها ! .. حتّى إنتهى به الأمرُ يضرب جبينه بالتّالي فنزف دماً ! .. جعله يشعر بالدّوار لوهلةٍ .
هدأت حركاته بسبب دواره ثمّ تراجع بجسده ليستلقي على ظهره وسط الساحة محدقاً في السماء بأعينٍ ناعسةٍ و جبينٍ ينزف دماً .
وجهه مبلّلٌ بدموعهِ و خصلاته الطويلة تراجعت للخلفِ فظهرت جبهته و ضوء القمر ينعكس على ملامحه الأخّاذة !
"أنا أعلنُ هنا أمام الربّ و أمام المقصودِ بكلاميِ .. أنا أحبّ العقيد كيم تايهيونغ"
عندما بدرت هذه الجملة على ذهنه ، رمش ببطئٍ ثمّ رسم شبح إبتسامةٍ على شفتيهِ ، أغلق عينيه بهدوءٍ ثمّ أرخى ملامحه فاقداً لوعيه !
لقد أحبّها ! .. لشكلها لروحها لقوّتها لغمازّتها ، لشعرها القصير ، لطولها ، لكلّ ماتملكه .. هو قد سقط لها حرفياً .. للحدّ اللّذي وصل للقاع ولا مجال للسقوط أكثر !
•°•°•°•
كوريا الجنوبيّة - سجنُ بوسان الشّرقيّ
بأعينٍ أحاطها السّواد ، وجهٌ مصفرٌ خالٍ من الحياة ، قميصٌ أبيض إمتلئ بالدّماءِ والقذوراتِ ، كان جيون جونغكوك مكبّل القدمين و اليدينِ ، يمسك ذلك الأمنيّ ذراعه لأخذه للحبسِ الإنفراديّ حيث سيقبع حتّى يحين موعد الحكمِ .
فتح الأمنيّ الباب صاحب القضبانِ الحديديّة ثمّ دفعه للدّاخلِ بقوّةٍ و سرعان ما أغلق البوّابة بالمفتاح بإحكامٍ متمتماً :
"فلتتعفّن حتّي يحين موعد حكمك ، مجرمٌ لعين !"
أغلق جونغكوك عينيه بقلّة حيلةٍ ثمّ تقدّم بهدوءٍ بيديه المقيّدة و قدميه المكبّلة بالسلاسل يجرّها خلفه لينحني جالساً في ركن الغرفةِ مرخياً ظهره على الجدارِ .
ألقى برأسه للخلفِ و كلّما أغمض عينيه تأتي صورة طفلته على ذهنه لتدفعه للبكاء على فقدانها و التشاؤمِ لحياته التّي ضاعت سدًى !
بدايةً من زوجته التّي ماتت ، و إبنته التّي لا يدري كيف غادرت هذه الحياة نهايةً بأونسون التّي شاهدها بكلتا عينيه تستلقيِ ميّتةً على بعدٍ بسيطٍ منه !
مقلتيه إمتلئت بالدموع على وشك البكاءِ ، لكن صوت تلك الشّهقة التّي دوّت أرجاء المكان دفعه ليجفل و إعتدل بجلسته محدقاً حوله ، حتّى وقعت عينيه على ذلك العجوز ! لم يكن سوى ذلك العجوز يوسونغ في الزنزانة المقابلة !!!
كان الأكبر السابق للكوريّتين يضحك مبرزاً فمه فارغ الأسنانِ و رأسه الأصلع يكاد يخرج من بين القضبان بينما يحدّق في جونغكوك بأعينٍ لامعةٍ تطلق الشّماتة علناً !
"أنت هنا كوكيّة ياصاحب المؤخرة الخضراء !!!"
صرخ ضاحكاً بينما يراقص مؤخّرته بثياب السّجن البرتقاليّة خاصّته ، فأشاح جونغكوك برأسه للجدار محاولاً تجاهل وجوده ! لكن هيهات .
العجوز إستمرّ بالضحك و قال بحماسٍ بينما يرفع حاجبيه للأعلى و الأسفل محاولاً إثارة غيض الآخر :
"هل رأيت ؟ لقد حصل عكس ما أراده كلانا ، دخلنا السّجن سوياً في النّهاية !!"
صمت قليلاً ثمّ أضاف بينما يقهقه بصوتٍ عالٍ :
"لقد قلت أنّ اللجوء للصينيين سيجلب الثروة و المال و السّعادة !! جلب لي الثروة فقط و السعادة ليست موجودةً البتّة ! تماماً كرجوليّتك ، أيّها اللعين !"
أغلق جونغكوك عينيه بعنفٍ و أدار رأسه ناحية زنزانة يوسونغ ، حدّق فيه بأعينٍ ناعسةٍ و تعابير باهتةٍ ثمّ تمتم بحدّةٍ :
"دعنيِ و شأني"
"لست ملتصقاً بكٓ يحبيب أمّك ¡"
هسهس يوسونغ عاقداً حاجبيه ثمّ أضاف بخبثٍ بينما يسير ذهاباً و إياباً بتمايلٍ داخل زنزانته :
"هل حصلت على منصب الأكبر ؟ بالطبع لا !! .. ماذا عن المال ؟ .. من المؤكّد مستحيل ! .. السعادة ؟ ضعها في مؤخرّتك لأنّك لا تبدو سعيداً حالياً .. تبدو كمن تمّ حشرُ عكّاز ذهبيّ في مؤخرّته"
"مالذّي تفعله أنت هنا ؟!"
تسائل جونغكوك بعد أن تنهدّ بثقلٍ ، هو يحاول جاهداً نسيان مايمرّ به لكن هذا العجوز قد أقسم على تحطيمه بكلماته ، و بذكر هذا الأخير هو توقّف عن سيره عندما سمع سؤال الغرابيّ فأجاب ساخراً :
"كما ترى أنا هنا لأشتري منزلاً بسبعة طوابق و مسبحٍ يطلّ على المحيط .. .. بربّك ماللّذي أفعله أنا هنا ؟!! عدى أنّني في الحبس الإنفراديّ لأنّني قمتُ بطعنِ سجينٍ في مؤخّرته لأنّه سرق طعامي "
أجاب أخيراً مبتسماً بإتّساعٍ فقلب جونغكوك عينيه ونظر للجدار مجدداً يتجهاله ، و عندما أوشك يوسونغ على إلقاء كلماته السّاخرة عليه مجدداً ، مرّ الأمنيّ وضرب القضبان الحديديةٓ بعصاه صارخاً به :
"توقّف عن الثرثرة أيّها العجوز .. و أنت أيّها الحقير موعد حكمك سيكون غداً "
وجهّ جملته الأخيرة ناحية جونغكوك بنبرةٍ ساخرةٍ ثمّ واصل سيره مغادراً الممرّ .
.....
محكمة سيول الوطنيّة - 10:30 صباحاّ
كان جين يقف أمام قاعة الجلسةِ التّي ستحصل بعد دقائق لأخذ قرارٍ قانونيٍّ بحقّ المتّهم المبحوث من العدالة جيون جونغكوك .
على يمينه و يساره وقف إثنان من فرقته الخاصّة يحرسون ظهره ، كونه شخصيّة مهمّةٌ ، قد يتعرّض للخطر في أيّة لحضةٍ .
إعتدل بوقوفه عندما ظهر القاضي المسؤولُ على القضيّة و خلفهُ كان يسير خلفائهُ الإثنانِ المساعدان على الحكمِ ، دلف ثلاثتهم القاعة بعد أن إنحنى لهم عديد المسؤولين ومنهم جين اللذّي إكتفى بإيمائة رأسٍ بسيطةٍ .
إلتفت خلفه حيث جونغكوك اللّذي يتمّ جرّه بواسطة الأمنيين لقاعة المحكمةِ وهو منصاعٌ لمصيره لا يأبى المعاندة ولا إظهار النّفور !
عندما أوشك جونغكوك على دخول القاعة تقابلت عينيه مع جين لثوانٍ ، فرّق شفتيه ثمّ قال بصوتٍ خافتٍ :
"مباركٌ إنتصارك كيم سيوكجين"
بالرّغم من خفوت صوته إلاّ أنّ مايقصده قد وصل لمسامع جين اللّذي إبتسم بجانبيّةٍ يلحق جونغكوك بمقلتيه حتّى إختفى جسده داخل القاعة .
"يمكنكما الإنتظار هنا حتّى إنتهاء الجلسة"
أمر جين عضويّ فرقته اللّذان خلفه بجديّة و لم ينتظر تلقيّ الإيجاب منهما ، بل دلف القاعة يلحق بالبقيّة ، يتحرًق شوقاً لمعرفة ما سيكون الحكم الأخير بحقّ ذلك المجرم !
...
هدوءٌ هو كلّ ماإنتشر في تلك القاعة و القاضي يجلس خلف منصّته يراجع مستنداته، يحيطه كلّ من خلفائه يميناً و يساراً .
رفع القاضي رأسه و عدّل نظّاراته الطّبية ثمّ طرق على خشب المنصّة و قال بصوتٍ جهوريٍّ :
"القضيّة رقم ثلاثمائةٍ و تسعة بعد الألفينِ بحقّ جيون جونغكوك سبعةٌ و ثلاثون سنةً ، أرملٌ بطفلةٍ وحيدةٍ ، تبدأ الآن ."
صمت قليلاً ثمّ مررّ مقلتيه في أرجاء القاعة ، سيوكجين يجلس في إحدى الكراسي في مدرّجٍ أماميّ ، جيون آيري شقيقة الجانيِ و مين يونغي يتجاورانِ المقاعد في المدرّج الخلفيّ ، و أخيراً جونغكوك يقف وحيداً محاطاً بثلاثة أمنيين مكبّل اليدين مطأطأً لرأسه يحدّق أرضاً بخيبةٍ.
"فليتقدّم الشّاهد الأوّل ليجهر بأقواله"
أمر القاضي مشيراً للجالسينِ ، و أوّل من إستقام كانت آيري التّي أخذت نفساً عميقاً بمقلتينِ محمرّتينِ ثمّ تقدّمت ناحية موقف الشهود قائلةً بصوتٍ غلب عليه البحّة :
"كنت صغيرةً عندما أدركت أنّ شقيقيّ جيون جونغكوك ، ليس شقيقاً كبقيّة الأشقّاء ، بل مجرمٌ من أتباع القوّاة الأجنبيّة الصينيّة .. لا أذكر التاريخ تحديداً , كان في نهاياتِ سنةِ 2001 ، سمعته يخطّط لقتلِ كانغ أونسون .. كونها من دون نفعٍ ، بعد أن نجت من حريقٍ يوم ولادتها.. لكن جدّي جيون جيفريد إستغلّ الطفلة صاحبة الثلاثة سنواتٍ .. ليجعل من معلوماتها بدايةً من بصماتها إلى نبض قلبها مفتاحاً لباب قنبلة كوتشينا .. فقط حتّى يضمن عيشها قبل وفاته .."
صمتت قليلاً ثمّ رطبّت شفتيها مواصلةً تحدّق في خشب القاعة من دون رمشٍ :
"أيّ أنّ عيشها هو المفتاح الوحيد .. لهذا تكفّل جونغكوك بالعناية بها .. درّبها و عمل على نشأتها .. أنا أكبرها بتسعة أشهرٍ .. تربّينا سوياً .. لكن مكانتها كانت أغلى و أعلى من مكانتي لديه.."
"هل كنتِ شاهدةً على أيّة جرائم قتله سابقاً ؟!"
تسائل القاضيِ بعد أن صمتٍ دام لثوانٍ لتكتفي آيري بالنّفيِ و قالت بعد أن رفعت بصرها تنظر تجاه أخيها الخائب :
"أبداً لم أكن شاهدةً على أيّ جرائم قتله .. بالرّغم من أنّ الأغلب يجزم أنّه قد قتل العشرات رفقة قوّاتهِ .. لكن .. لا أدري"
تردّدت نهاية حديثها و شهقت باكيةً فأشار لها أحد خلفاء القاضي أن تعود لمجلسها فإنصاعت تجرّ أذيال الحزنِ والحسرة خلفها .
"فليتقدّم المحقّق مين يونغي فضلاً"
قال أحد الخلفاء ، ولم يتردّد يونغي في أن يستقيم فخوراً بنسبه لعمل المحقّقين ! تقدّم بخطواتٍ واثقةٍ يرمق جونغكوك بحدّة ، و لم يلبث حتّى رفع جهاز التّسجيل خاصّته مستدركاً :
"بعد أشهرٍ من التحقيق و البحث بين طيّاتِ أعمال الجاني جيون جونغكوك .. يسرّني أن أخبر حضرتك أنّ المدّعي عليه مذنبٌ بحقّ دولته بكلّ مافي الكلمة من معنى .. إستحقر مكانة الفقراء و كلّ مابحث عنه هو النّفوذ .. حتّى لو فرضنآ أنّه لم يكن مسؤولاً عن جرائم قتل الأبرياء على مرّ عشرون عاماً .. لكنّه مذنبٌ من كلّ النواحي لتقديمه معلومات الدولة لقوّاة أجنبيّةٍ عدوّة "
إستنشق أنفاسه ثمّ تقدّم بخطواته ناحية القاضي ليضع جهاز التّسجيل خاصّته أمامه على خشب المنصّة مواصلاً :
"يحتوي هذا الجهاز على جميع المعلومات .. حتّى أنها تحتوي على شهادة الأكبر الخائن السابق بارك يوسونغ ... و كيم تايهيونغ عقيد الثكنات الرّئيسية بالدّولة بعد أن قام هذا الأخير بالتّحقيق معه لساعتين متواصلتين "
أومئ القاضي بتفهّمٍ فتراجع مين يونغي للخلفِ ثمّ عاد إلى مجلسهِ .. لم ينتظر كيم سيوكجين الإذن للإدلاء بشهادته .. فهو إستقام و تقدّم إلى منصّة الشهود يشعر بالحماس لما سيقرّ به !
" كيم سيوكجين قائد الفرقة الخاصّة لمكافحة الإرهاب أسفل الأضواء .. الفرقة التّي تعمل من دون إذنٍ من القوّاة الدّاخلية .. سبعةُ سنواتٍ مرّت و أنا أخطّط لإنهاء أفعال جيون جونغكوك الإجراميّة ..."
بادر جين بالحديث رافعاً لحاجبيه مرخياً لكفوف يديه على خشب منصّة الشهود .. و عندما أوشك على مواصلة حديثه .. تسائل القاضي عاقداً حاجبيه :
"في المستندات تمّ ذكر أرقامٍ عشوائيةٍ تفرّقت على أماكن معدودةٍ في كوريا الجنوبيّة ! وقد ذكرت أنّك من وضعها مستعيناً بأحدهم ؟ .. هل يمكنك الشّرح ؟"
إبتسم جين بجانبيّةٍ محدقاً في الأرض ثمً رفع رأسه لينبس مشيراً بأصابعه يمثّل الرّقم بينما يسير ذهاباً و إيّاباً أمام جونغكوك اللّذي رفع رأسه منتظراً شرحاً مفيداً لجهله :
"ثمانية في إحدى المخابئ العسكريّة .. سبعة و تسعون في سقف مكتب العقيد اللّذي تمّ حرقه .. رقم سبعة محاطٌ برزمٍ المال المزيّف .. و أخيراً ثلاثةٌ و خمسون في معسكر غوانغجو اللّذي تمّ تفجيره !"
توقّف جين عن سيره و إتّسعت إبتسامته ليستدير برأسه ناحية جونغكوك مميلاً رأسه ساخراً .. ثمّ واصل قوله مفسّراً :
" اليوم الثامن من الشّهر السابع سنة 97 ذكرى قيامك بقتل أكثر من 53 عائلة برفقة القوّاة الصينية و منها عائلةُ كانغ أونسون حفيدة الأكبر كانغ .. اللذّي تمّ إغتياله .. كلّ تفصيلٍ مررت بهِ معيِ كان له معنٓى جيون جونغكوك "
كان قطر عينيّ جونغكوك يتسّع تلقائياً ماإن وصل حديث جين لأذنيه ! لا يستطيع تصديق كميّة غبائه طيلة المدّة التّي قضاها مع جين واثقاً به !
ضحك جونغكوك مستهزئاً من ذاته .. و لم يلبث حتّى تقدّم جين ناحيته حتّى أصبح الفاصل بينهما خطوتينِ فإستمرّ جين قائلاً بتعابير وجهه الجامدة :
"إحذر ألف مرّة من شخصٍ تضنّ أنّه سهل التعامل و العبث بعقله الغبيّ .. بينما هو يحمل على رأسهِ ثلاثة أضعاف خبثِك و ذكائك ! .. ثمّ بووم !! ينقلب السّحر على السّاحر !"
لم ينتظر إجابةً من غرابيّ الشّعر بل إلتفت ناحية القاضي و إنحنى برأسه بخفّة كإذنٍ للعودة لمكانه .. ثمّ عاد أدراجه ناحية مقعده .. ينتظر كيف سيكون الحكم بحقّ المجرم هنا .
"يستطيع جيون جونغكوك قول مايودّ التصريح به"
قال القاضي .. فتنهدّ جونغكوك ثمّ حدّق حوله في الأمنيين اللّذين يحيطونه .. لم يملك الطاقة للحديث لكنّه لم يملك الخيار فبادر متحاشياً النظر لوجه القاضي :
"الفقر كارثةٌ حلّت على الإنسانيّة ، بسببهِ لجئت للعدوّ طامعاً ، لكنّني بعد حينٍ جثوتُ على الأرضِ باكياً بعد أن بتّ لقوّاتهم الشّريرة أسيراً ، عبداً منفذاً ، صدق من قالٓ لو كان الفقر رجلاً لقتلتهُ "
بالرغم من حديثه البعيد كلّ البعد عن الفكاهة .. لكنّه ضحك بصخبٍ نهاية حديثه ثمّ هدأ ليواصل بنبرةٍ سعيدةٍ منافرةٍ لكلماته بعد أن دفع وجنته بلسانه من الدّاخل :
"قيلٓ الكثير على أنّ الفقراءُ عاهة ، الفقراء أشرارٌ مجرمون ، الفقراء عالةٌ على المجتمع ، الفقراءُ حُثالة ، لكن لا يدركون أنّ بقايا طعام غنيّ واحدٍ كافيةٌ لإقناعِ بطونِ آلاف الفقراءِ الجوعىٓ ، هراء !!!! ينعتون الفقراء بمواصفاتهم ! .. لجئت للصينيين حتّى لا يتمّ نعتي بهذه المواصفات ."
إبتسم بجانبيّة ثمّ رفع رأسه محدقاً في القاضي مسترسلاً مظهراً أسنانه ضاحكاً :
"أردت أن أصبح مثلك أيّها القاضي .. مثل من يملكون المناصب العليا ! .. يرتدون أبهى الملابس .. يأكلون أشهى الطعام .. يعيشون أسعد حياة .. و يتحكّمون في حياة الأقلّ شئناً منهم .. على حسابِ الفقراء !!!!"
صرخ نهاية حديثه رافعاً لحاجبيه .. كمن يعاني من إنفصامٍ تحوّلت نبرته السعيدة لأخرى حاقدة ثمّ إستدرك ينقر على خشب المنصّة أمامه بيديه المكبّلة :
"أنا أدرك تماماً أنّ كلّ تهمكم الموجّهة لي لم أقم بأدنىٓ تُهمةٍ منها ، والأبرياء اللّذين تزعمون أنّني قتلتهم ، أنا أؤكّد أنّ لابريئ في هذه الحياة ، هل تعلمون ما أنا على وشكِ أن يتمّ معاقبتيِ عليه ؟!.. الفقر .. لأنّني فقير ، الفقر جريمةٌ عُظمى تعاقبك الحياة عليها أولاً ..
ثمّ الأعلى شأناً منك في المجتمع .. "
"سأغادر بريئاً من تهمكم الباطلة ! أيّها الفاسقون ، لستُ قاتلاً أو إرهابياً أنا مجرّد شخصٍ سعى جاهداً لتقديم الرّمز للصينيين حتّى يتمّ وضعي في منصب الأكبر اللعين ، حتّى يتمّ الإعفاء عن جريمة فقري و أصبح من ضمنكم أنتم الأغنياء !!"
يصرخ ملئ حلقه بينما مقلتيه على وشك الخروج من محجرهما من كثرة الغضب الشديد !! .. فإنفعل القاضي يطرق على منصّته بيده غاضباً من سلوك الجانيِ .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
"الحكم بالإعدام شنقاً حتّى الموت للمتّهم جيون جونغكوك أكبر إرهابيٍّ للقرن الحادي و العشرون بالكوريّتينِ اللّذي قتل 331 شخصاً مع منظّمته الصّينيّة عبر عشرون عاماً "
كان هذا الحكم اللّذي أصدره القاضي .. شهقات آيري إرتفعت .. أعين يونغي إتسعت و إبتسامة جين إختفت .. بينما جونغكوك لم يبدي ردّة فعلٍ منطقيّة في موقفه هذا ..
بل رفع رأسه يبتسم بإتّساعٍ و تمتم باسم المحيّا:
""إنتهت فترة عقوبتيِ في سجن الحياة أخيراً !"
"جيون جونغكوك ؟ .. هل تشعر بالنّدم ؟"
تسائل أحد خلفاء القاضيِ فإتسعت إبتسامة جونغكوك ثمّ نفى برأسه بهدوءٍ متمتماً :
"لا .. لا أشعر بالنّدم البتّة .. لقد قمتُ بالصّواب"
"قولك الأخير قبل تنفيذ الحكم ؟"
عندما سمع جونغكوك هذا السؤال الأخير .. إرتخت تعابير وجهه و تلاشت إبتسامته ثمّ قال:
"يجب أن يكون جميعكم على علمٍ .. أن تولد فقيراً ليس ذنبكٓ ! .. لكن أن تموت فقيراً هذا ذنبك بكلّ تأكيد !!"
"سأرحل للمكانِ اللّذي كنتُ مدركاً تمام الإدراكِ أنّنيِ سأنالهُ عاجلاً و ليس آجلاً .. "
"مذنبٌ بموتيِ فقيراً !"
•°•°•°•
آسفة على المقاطعة :)
_لو تتعمقون قليلاً بقصة جونغكوك ستجدون أنّه مات بريئاً تقريباً.. بالرغم من كون الأكبر بارك يوسونغ و جيون جونغكوك كلاهما يملكان نفس التهم .. لكن العجوز تم الحكم عليه بالسجن .. بينما جونغكوك بالإعدام .. لأنّ الأكبر عاش بمنصبٍ عالٍ غنياً لسنواتٍ عديدةٍ.. بينما جونغكوك طيلة حياته كان فقيراً ... تماماً كما يحدث في مجتمعاتنا حالياً _
•°•°•°•
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
كوريا الجنوبيّة - الثامنة صباحاً
كانت سوجين تقف أمام المرآة تقوم بإرتداء قرطها ، تحدّق في إنعكاسها بشرودٍ شديدٍ ! باتت لا تأكل و ترفض كلّ شيئٍ في سبيل تراجع والديها عن قرارِ الطلاق ! .
رؤيتها لزوجها من دون معانقته بعد سبعة أشهرٍ من الفراق ! كان جحيماً بالنسبة لها لكنّها تحاول المقاومة ! و هاقد مرّ ثلاثة أسابيعٍ منذ رؤيتها له .. و لم يتكفّل عناء إلقاء نظرةٍ على حالها حتّى !
لا تدرك أنّه غرق في عمله ! .. لا تدرك أنّه و بالرغم من عمله الكثير لكنّها تتبادر على ذهنه كلّ ثانية .
إنتشلها رنين هاتفها من شرودها فإلتفتت متجهةً لمكتبها الصغير و حملت هاتفها تراقب إسم المتّصل ، لم يكن سوى زوجها المحبّب لقلبها .
تردّدت في الإجابة على الإتّصال ثمّ لم تلبث طويلاً حتّى أجابت ترفع السماعة لأذنيها من دون ذكرِ گلمةٍ البتّة .
"سوجين.."
تمتم جين بصوتٍ عميقٍ فأغلقت سوجين عينيها تشعر بالفراشات ببطنها لجزءٍ من الثانية قبل أن يواصل :
"لنتقابل .. في منزلنا .. على الساعة السابعة مساءً ، يجب أن نتحدّث"
لم يترك لها المجال للإعتراض ! .. فقد أغلق الخطّ و لم يترك لها الخيار ، فتنهّدت ثمّ ألقت بالهاتف على السرير متمتمةً :
"اللعنة عليه دائماً يجعل جميع أنواع الحشرات على الأرض تزحف إلى بطني !!"
.
.
.
.
.
.
.
.
.
السابعة مساءً -
كيم سيوكجين يجلس على الأريكة في منزله يرتدي ثيابه المنزليّة المتكوّنة من سروالٍ رماديٍّ واسعٍ من دون قميصٍ يترك صدره عارياً .
بينما يمسك قنينة المشروب في يده يحدّق أمامه بأعينٍ محمرّةٍ و وجهٍ شاحبٍ يحمل البؤسٓ ، هو لا يريد خسارة زوجته !
رنينُ جرس المنزل قد إنتشر في الأرجاء فتنفّس الصعداء ثمّ وضع القنينة على الطاولة أمامه ليستقيم متجهاً للباب بخطواتٍ بطيئةٍ .
ماإن فتحه حتّى مرر حدقتيه على تلك صغيرة الهيئة لطيفة الملامح و الجسد أمامه ، كل دهونها إختفت ! لكن إمتلاء وجنتيها لا يزال قائماً ليزيّن ملامحها ، كانت تحرك مقلتيها بإرتباكٍ هنا و هناك لظهوره أمامها بهذا الشكلِ بالرغم من كونه زوجها !.
حاول تمالك نفسه و عدم الإندفاع لمعانقتها ، ترك الباب مفتوحاً ليدلف قائلاً :
"لا تحتاجين الإذن للدخول هذا منزلك !"
هي تدرك هذا جيداً ! لكنّها عجزت عن الدخول بعد رؤيتها لصدره العاري ! .. حرفياً هو فتنةٌ لمن يبصره !.. جميلٌ و حسن الخُلقِ و الخلقِ !
دلفت بعد تردّد طفيفٍ تسير بخطواتٍ سريعةٍ خلفه تحدّق بكتفيه العريضينِ بشرودٍ ، توقّف عن سيره ليجلس حيث كان و أمسك بقنينة المشروب يزدرد محتواها أسفل نظراتها متمتماً بصوته العميق :
"إجلسي"
رمشت بإرتباكٍ ثمّ تقدّمت لتجلس مقابلةً لهُ على الأريكةِ المقابلة ، زاد في إرتباكها عندما مرّر حدقتيه على جسدها من أطراف أصابع قدمها المحاطة بصندلٍ جميلٍ حتّى توقّف عند عينيها ليطرق بسبابته على زجاج القنينة قائلاً بهدوءٍ :
"جميلةٌ في كلّ حالاتكِ ، لكنّني أفضّل سمينتي عليكِ .. فهي كانت راضيةً بما نعيشه .. تقبّلت إختلافاتنا الماديّة ، لم تذكر يوماً أنّها غنيّةٌ و أنا لست كذلك ، لكنّكِ أنتِ .. من أنتِ ؟"
تسائل نهاية حديثه عاقداً حاجبيه بخفّةٍ يلاحظ لمعان أعين سوجين المحدّقة بعينيه تتبادل النظرات معه ، قبل أن تخفض رأسها قائلةً :
"أنت تدرك جيداً أنّني لستُ السبب في رفع قضيّة الطلاق هذه جين !"
هزّ رأسه ساخراً ثمّ إرتشف من القنينة قليلاً ليبتلع مافي حلقه قائلاً بإبتسامةٍ جانبيّةٍ :
"دائماً ما تتخّذين والديكِ عذراً .. كيف لي أن أصدّقكِ ؟ .. زواجنا كان على يدِ والديك قسراً .. وطلاقنا أيضاً سيحدث قسراً ؟ .. هل نحن أطفال روضةٍ لا نملك الحقّ لإتّخاذ القرارات ؟"
تسائل نهاية حديثه مخفياً إبتسامته ثمّ أرخى ظهره للخلفِ مستدركاً بجديّةٍ :
"سأبلغ الثلاثين بعد أقلّ من سنةٍ ، ستصبحين في السابعة و العشرين الشهر القادم .. أظنّ أنّنا راشدان كفايةً .. هل أنا مخطئ ؟"
تسائل نهاية حديثه رافعاً حاجبيه محاولاً إغاضة سوجين التّي أغمضت عينيها تتنفّس بعمقٍ محاولةً تمالك نفسها ثمّ فتحتهما لتنظر لزوجها متمتمةً :
"جين أنا .. لقد كذبت.."
صمتت قليلاً تلاحظ إرتخاء ملامح جين لأخرى مستفهمة ، زمّت شفتيها ثمّ قالت مشيرةً لبطنها :
"لقد كذبت على والديّ مزيفةً خبر حمليِ ، .. فقط حتّى يتراجعا عن قرار الزواج !"
عقد حاجبيه مضيقاً عينيه ليميل بجذعه ناحيتها واضعاً مرفقيه على ركبتيه متسائلاً بجديّةٍ :
"حملكِ من مٓن ؟"
رفعت سوجين حاجبيها بقلّةِ حيلةٍ ، قلبت عينيها ثمّ تراجعت ترخي ظهرها للخلف عاقدةً ذراعيها عند صدرها ساخرةً :
"حملي من ليوناردو ديكابريو "
"بحقّكِ سوجين ! أنا أتحدث بجديّة ! ، كيف لكِ أن تكوني حاملاً منّي ! .. لم ألمسكِ قطّ و لو بالخطأ !"
كان حديثه بدر بغضبٍ بينما يشدّ قبضتيّ يديه يرمق وجهها بأعينه الحادّة مع منكبيه العاريينِ .
"لهذا ذكرتُ أنّني كذبت في سبيل إبقاء زواجنا قائماً "
تمتمت تجول بعينيها في وجهه ثمّ إستقامت بعد تنهّدها بعمقٍ أسفل نظراته تخطّته لتسير للمطبخ المكشوف قائلةً بصوتٍ عالٍ حتّى يصل لمسامعه :
"هل يوجد طعامٌ هنا ؟ .. أكاد أموت جوعاً !"
لم يجبها بل كان شارداً يحدقّ أمامه محاولاً الإستيعاب ! .. كذبها بشأن حملها هذا يعني أنّها لا تريد الطلاق ! .. رطبّ شفتيه ليستقيم حاملاً القنينة بيده يلحق زوجته التّي تستقرّ بالمطبخ تبحث عن مرادها من الأكلِ .
إرتكز بظهره على بار المطبخ يلحقها بنظراته ، حيث تسير هنا و هناك بثوبها البنفسجيّ القصيرِ و أقدامها الممتلئة البيضاءِ اللطيفةِ ، أغلق عينيه بعنفٍ محاولاً تجاهل أفكاره ثمّ تقدم ناحية طاولة الطعام يضع قنينته الشبه فارغة .
"أكاد أقسم أنّك لم تتناول شيئاً منزلياً منذ مدّة طويلة ! .. مارأيك بوجبةٍ لذيذةٍ من صنع زوجتك السمينة ؟"
"المثيرة.."
تمتم شارداً بوجهها المبتسمِ ، فعقدت ملامحها بإستفهامٍ ، هي لم تسمع كلمته الحاليّةٓ ، لكن من تعابير وجهه المتجهّمة إعتقدت رفضه لإقتراحها فعبست مقتربةً ناحيته متذمرةً :
"المشروب لن يسدّ جوع بطنك المسكينة جين !! .."
أخفض رأسه يحدّق بوجهها القريبِ ، مرّر مقلتيه على أبعادهِ ثمّ أشاح بوجهه ليجلس على الكرسيّ مرخياً ذراعيه على الطاولة متمتماً :
"لابأس سوجين ، إفعلي ما تريدين فعله "
تنهّد ممرراً أنامله بين خصلاته و همس محدثاً ذاته :
"وماللّذي سيسدّ جوع قلبي المسكين سوجين ؟"
إبتسمت هي برضى ثمّ سحبت الكرسيّ مقابلاً له لتجلسٓ و سحبت قنينة المشروب ناحيتها حدّقت فيها لثوانٍ أسفل نظرات زوجها ثمّ مررت فوهتها على شفتيها ترتشف محتواها .
أخفضتها بعد ثوانٍ عاقدةً ملامحها بسبب لذوعتهِ ، ثمّ تذمرّت بصوتٍ لطيفٍ :
"ياإلهي طعمه حارق !!"
"مثلكِ"
تمتم جين بشرودٍ و نظراته قد إستقرّت على شفتيها اللاّمعة بسبب المشروبِ ، يشعر بمشاعره المضطربة و هو يرى طريقة لعقها لشفتيها حيث أضافت :
"سوف أعدّ الطعام"
إستقامت لتتوجّه ناحية الثلاجة ، تاركةً زوجها بمشاعر مضطربة ، يحدّق في الفراغِ بينما يمسح كفوف يديه على سرواله الرماديّ ، يشعر بحرارة صدره .
نهض من مجلسهِ ، تقدّم بخطواته ناحية زوجته التّي تغسل الخضار أسفل المياهِ ، و على غفلةٍ منها أمسك خصرها لطيف الحجمِ بكفوفِ يديهِ ، ظهرها قد إلتصق ببطنهِ و جزءٍ من صدره بسبب قصر قامتها .
توقّفت عن تحريك يديها و باتت تحدّق أمامها بمقلتين ترتعشان في محجرهما ، بسبب زوجها اللّذي غرس رأسهُ في رقبتها بينما ينثر أنفاسه الدافئة على جلدها .
"جـ-جين .. أأنت بخير ؟"
تسائلت بكفوف يدها المرعشة تضعهما على طرف الحوض محاولةً تمالك نفسها ، ركبتيها بالكاد تحملانها .
همهم جين بالإيجاب على سؤالها ممرراً شفتيه على جلد عنقها بقبلةٍ لطيفةٍ جعلت جلّ جلدها يقشعرّ فجأةً ، لكن تالياً هو قد أبعد رأسه ليدير جسدها ناحيته ببطئٍ و رفقٍ .
تقابلت مقلتيه مع وجهها المحمرّ بشدّةٍ حيث تخفضه بخجلٍ ، مظهر وجنتيها دفعه للقهقهة بخفّةٍ بينما يهمس وسط أضواء المطبخ الخافتة :
"لطالما رغبت بإفتعال الأشياء السيئةِ بوجنتيك هذه سوجين ! .. هما مغريتانِ جداً تعلمين ؟"
سأل يرفع كفّ يده ليمررّها على وجنتها الدّافئة ثمّ إختفت إبتسامته ليرفع رأسها ، و هنا تقابلت عينيه مع خاصّتها مواصلاً :
"هل تعلمين ماهي خططيِ لليلة ؟"
رمشت بتوترٍ عندما قرص جين وجنتها بلطفٍ ثمّ قرّب وجهه برفق من خاصّتها يحطّ مقلتيه على شفتيها متمتماً :
"سأعمل على جعلِ كذبتكِ حقيقةً صغيرتي"
لم يلبث طويلاً فقد إتّخذ شفتيها مكاناً لخاصّته بينما يشدّ كفوف يديه على خصرها ، ليس لطيفاً ! .. بل بطريقةٍ مبالغةٍ في عنفها تدلّ على كون صبره قد نفذ .. هو يريدها ، يريد كلّ ماتملكه ، يريدها أن تكون إمرأته رسمياً هذه المرّة .
.
.
.
.
.
.
.
•°•°•
بعد ثلاثة أشهرٍ
كوريا الشمالية - الثامنة صباحاً
رائحة الطعام اللذيذة إنتشرت في أرجاء ذلك المنزل التقليديّ ، حيث كان ذلك عريض المنكبينِ يقوم بتحريك البيض في المقلاة بينما يتراجع بجسده للخلفِ خائفاً من تناثر الزيت الساخن على جلده .
"جونغ سوهو .. أنا أكاد أموت جوعا !!"
لحنّت أونسون جملتها بينما تتراجع برأسها للخلف بمللٍ ، تضع تلك الطفلة الصغيرة على قدميها المغطّاة بلحافةٍ قطنيّةٍ ، تجلس على كرسيّها المتحرّك ..
قلب سوهو عينيه بينما يطفئ نار الموقد ثمّ حمل الأطباق يضعها على الطاولة أمامها بهماجيّة ، وهنا تبيّن أنّه يرتدي ميدعة المطبخ الورديّة !
"أنا هنا أكاد أحترق ياناكرة الجميل !!"
هسهس ممثلاً الغضب ، بينما المعنيّة زمّت شفتيها محاولةً كبت ضحكها و شدّت ذراعيها على الطفلة صاحبة الإحدي عشر شهراً تداعب خصلاتها السوداء المماثلة لأبيها .
"أخشى أن أتسمم كما حدث منذ أسبوع !"
تمتمت بينما تحمل الملعقة وغمستها في الحساءِ غريب اللون ، لكن زكيّ الرائحة .
سحب سوهو المقعد المقابل و جلس ليسحب طبقه ناحيته و باشر بإلتهام محتواه بينما يرمق أونسون من طرف عينيه بغضبٍ لطيفٍ ثمّ تسائل بوجنتين منتفختين بسبب الأكل :
"ألن تتناول آلين الطعام ؟!"
"إنّها نائمة ، .. سأطعم أومون عبوّة الحليب خاصّتها الآن ، ثمّ سأتكفّل بإطعام آلين "
أجابت أونسون مبتسمةً بخفوتٍ تبتلع مافي حلقها من طعام و تتبادل النّظرات مع سوهو حيث لمعت عيناه بإمتنان ثمّ أخفض بصرهُ لطبقه يرمش بإرتباكٍ قائلاً :
"لو لم تكن طليقتي اللعينة تنتظر أقلّ خطاٍ منّي لإنتشال أومون ، لكنت تزوّجتكِ !"
حاول جعل جملته غرض المزاح فقط ، قهقهت أونسون ثمّ أخفضت ملعقتها و عدّلت جلوس الطفلة أومون في حضنها مازحةً :
"لو تسمعك طليقتك سوف تنتشل قلبك من بين أضلعك !"
عقد سوهو حاجبيه بصدمةٍ لطيفةٍ ثمّ وضع كفوف يديه جهة قلبه صارخاً بإنفعالٍ :
"ألن تتوقّفي عن تهديدي !!"
"تدرك جيداً أنّني أستمتع بهذا !"
أجابت أونسون ضاحكةً بصخبٍ حتّى ظهرت غمّازتها الوحيدة ثمّ نظرت ناحية الصغيرة التّي تعبث بخصلاتها التّي طالت مؤخّراً حتًى باتت تصل لأسفل كتفيها !
"والآن حان وقت طعام الصغيرة أومون الجميلة !!"
لحنّت جملتها ثمّ عانقت الطفلة لصدرها بذراعٍ واحدةٍ تحرك الكرسيّ المتحرّك للخلف متّجهةً للثلاجة أسفل نظرات سوهو التّي شردت بها .
هو لم يمزح عندما قال لو لم تكن زوجته تهدده بأخذ الطفلة قانونياً لتزوّج أونسون ! .. هو رجلٌ عسكريّ هرب بطفلته لكوريا الشماليّة أثناء خدمته العسكريّة حتّى لا تنتشلها طليقته الخائنة ! ، و رآى في أونسون الأمّ المثالية لطفلته .. كونه رآى الحنان ينبعث منها .
"أونسون .."
نادى بصوتٍ أجشٍّ يعود لجديّته بينما يحدّق فيها ، فإلتفتت برأسها مهمهمةً تنتظر حديثه بينما تضع قطرة الحليب على يدها من العبوّة تستشعر حرارتها قبل تقديمها للطفلة .
"خدمتي العسكريّة تنتهي بعد سنةٍ و ثمانية أشهر .. سنعود لكوريا الجنوبيّة .."
أجاب محدقاً في وجهها الجانبيّ بهدوءٍ و ترددٍ ، فسكنت حركاتها و حدّقت أرضاً بملامح قد إرتخت ، تغرق بتفكيرها و تحدّق في الفراغ بأعين لامعةٍ كما عادتها منذ شهرٍ .
تحمحم سوهو ثمّ دفع كرسيّه و إستقام ليواصل متقدماً ناحيتها :
"أعلم أنّكِ لا ترغبين بالعودة .. لكن سنذهب لتوفير علاجكِ و العودة لسابق عهدكِ .."
"لا أريد"
إكتفت بتلك الكلمةِ و عادت لحركتها مجدداً تتفقّد حرارة الحليبِ بينما تشدّ ذراعها على الطفلةِ فتنهّد سوهو ثمّ أغلق عينيه بقلّة حيلةٍ قائلاً :
"ستغيّرين رأيكِ .. أنا متأكدٌ من هذا "
"لن أفعل .. راضيةٌ بوضعي هذا"
تمتمت بعد أن عدّلت وضعيّة جلوس الطفلة للإستلقاء ووضعت فوّهة العبوّة في فمها تقوم بإطعامها فشرد سوهو بطفلته و أونسون لثوانٍ قبل أن يجيب بحزمٍ :
"ستفعلين ، حتّى لو تطلّب الأمر جرّكِ إلى كوريا الجنوبيّة !"
"لكن سوهو !!"
"من دون لكن ! .. ستتعالجين ثمّ ستعودين جنديّةً شجاعةً و ترتادين إحدى الثكنات .. هذا وعد"
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
•°•
كوريا الجنوبيّة - السادسة مساءً
إنحنى الصغير دويانغ و حمل أصيص الزّهور يبتسم بغباءٍ بينما يحدّق في تلك الزّهرات التّي تفتّحت أخيراً ! ..لقد قامت والدته بغرسها قائلةً أنّها ستزدهرُ عندما تعمّ السعادة ! فقد أقبل فصل الربيع بالفعل .
إستدار ضاحكاً و ركض في فناء منزلهم ثمّ دلف باب المنزلِ منادياً :
"أبي !! أبي !! لقد تفتّحـ-"
توقّف عن حديثه و إختفت ضحكته عندما لاحظ والده العملاق و هو يضع سمّاعات الرأس بينما يراقص رأسه و مؤخّرته و يغسل الصّحون مرتدياً ميدعة المطبخ الصفراء يغنيّ عالياً بصوته المزعجِ :
"Cause we don't need permission to dance !! Nanananana nnanana "
ميّل رأسه جانباً و غنّى بحماسٍ ما إن أنهى غسل الصّحون ثمّ مسح يديه في ميدعة المطبخ ووضع أحدهما كقبضة حذو فمه تمثّل الميكروفون ليستدير فجأةً ! ..
صرخ كالفتيات فزعاً ماإن لاحظ إبنه صغير الحجم يقف خلفه تماماً يرفع زاوية شفتيه بإستنكارٍ ، فرمش تشانيول بغباءٍ و نزع سمّاعات الرأس متذمراً :
"كاد قلبي يقع في سروالي الداخليّ من الفزع دويانغ !! أصدر ضجيجاً !!"
عقد دويانغ حاجبيه و إتجه لطاولة الطعام واضعاً أصيص الزهور أعلاها قائلاً :
"كيف يمكنني إصدار ضجيجٍ و أنت من يصدر الضجيج و يغنيّ كهواسّا هنا !"
"راقب كلماتك ياولد !! أنا والدك !"
مثّل تشانيول الحدّة و سحب الكرسيّ حذو الطاولة ليجلس محدقاً في أصيص الزهور بإستفهامٍ ، فقهقه دويانغ ساخراً و قال بصوته الطفوليّ :
"لا تحاول تمثيل دور الأب حادّ المزاج أبي ! هذا لا يليق بِك !"
عقد تشانيول حاجبيه بإستنكارٍ من حديث طفلهِ ، فمدّ يده يهمّ بسحب شحمة أذنهِ لكنّه ضحك و فرّ هارباً يصرخ مازحاً :
"الأب هواسّا !!"
"هذا الطفل سيسبب لي سكتةً عقلية !"
تمتم تشانيول و سحب شعره للخلفِ ، هزّ رأسه بقلّة حيلةٍ ثمّ تقدّم ناحية ركن المطبخ يحمل المكنسة غرض تنضيف الأرضيّة ، لكنّ جرس الباب قد رنّ جعله يتراجع .
خرج من المطبخ و تجاوز فناء المنزل ثمّ فتح الباب الخارجيّ ليقابله شقيقه الأصغر .
لم يكن سوى جينيونغ اللذّي كان مفتوح الذراعين بالفعل قصد معانقة شقيقه ، باسم الشفتين ، لكنّ إختفت إبتسامته ماإن لاحظ تلك الميدعة الصفراء التّي يرتديها الأطول و لا سيما المكنسة التّي يحملها فتراجع خطوةً للخلف متمتماً :
"أخطأت المنزل ربّما !"
"مهلاً !! جينيونغ ماللعنة معك ؟!"
صرخ تشانيول محدقاً في شقيقه فعقد جينيونغ حاجبيه و أشار له بسبّابته ساخراً :
"هل تزوّجت لِتهتمّ بشؤون المنزل ؟!"
"شينهاي ذهبت لمراجعةٍ طبيّةٍ ما ! .. هيّا تفضّل بالدّخول"
أجاب تشانيول يغلق عينيه بقلّة حيلةٍ و دخل تاركاً الباب مفتوحاً فدلف جينيونغ ببذلته الرّماديّة الأنيقة .
"هل تريد بعض الماء ؟ .. لا أريد تلويث الأوانيِ لقد غسلتها للتوّ"
قال تشانيول بينما يفتح الثّلاجة أسفل نظرات جينيونغ المتململةِ حيث جلس على كرسيّ طاولة الطعام و صرخ بالأكبر مغتاضاً :
"يالك من بخيل !! فقط إجلس أحتاجك للحضة !"
"مالأمر ؟!"
تسائل تشانيول بفضولٍ يجلس مقابلاً لأخيه فإنحنى هذا الأخير بجذعه ناحية الآخر قائلاً بنوعٍ من الحقد :
"إنّ وويون قد رفعت قضيّةً ضدّ تايهيونغ !! أتصدّق ؟!"
"ماذا ؟!! لماذا ؟؟ أتزال هذه المرأة مصرّةً للحصول عليه ؟!"
تسائل تشانيول بإستنكارٍ فقهقه جينيونغ ساخراً ثمّ أجاب :
"هي فقط تريد لفت إنتباهه .. هي تشعر بالغيض و الغضب منذ معرفتها بعلاقته مع أونسون ! .. و عندما عاد لم يتكفّل عناء تقديم أيّة إنتباهٍ لها حتّى ! .. فقامت برفع قضيّة بحقّه قائلةً أنّه قام بالتعدّي عليها جنسياً !!"
"بحقّ السّماء !!"
صرخ تشانيول بأعينٍ مجحوظةٍ بصدمةٍ فأغلق جينيونغ عينيه بغضبٍ و أضاف قابضاً على كفّ يده مستشيطاً :
"أنا حقًّا لم أعد أحمل المشاعر لها البتّة !! لقد خسرت المشاعر الثمينة التّي قدمّتها لها .. و ركضت خلف أخي .. هو ليس مذنباً أبداً ! .. و قد إزداد كرهي لها بفعلتها الأخيرة هذه !.. مجرّد رخيصة !"
"مالعمل الآن ؟!"
"إذا ماتمّ إثبات التهمة ضدّه .. سوف يضطرّ لتنفيذ كلّ ما تطلبه هي .. هو يبدو بائساً منذ ثلاثة أشهرٍ .. تقريباً منذ عودته من المهمّة و إختفاء أونسون الغريب ! .. لن أستغرب إذا ماقبِل طلب وويون للزواج حتّى !!"
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
..
.
.
.
.
..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
بعد أربعة سنواتٍ ---
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
ساحة الثكنة العسكرية إمتلئت بالجنودِ ، العقيد كيم تايهيونغ يرتديِ سرواله العسكريّ و قميصه الأسود الضّيق بينما يترقّب خطواتهم و تدريباتهم .
شعره قد قام بحلقه فبات قصيراً ليبرز وجهه اللذّي يشعّ رجولةً و جمالاً ! .
"الرّكض في خطّ مستقيم مع تركِ مترٍ بين كلّ خطوة !!.. أريد القوّة !!"
صرخ بصوتٍ جهوريّ عميقٍ بينما يركض في مستوى الجنود يراقب المسافة التّي تتخطّاها خطواتهم .
هو قد تغيّر .. قد غادر بؤسه و إعتاد على حياته ! ..عقيدٌ رجوليّ شجاعٌ ، بات ميسور الحالِ بمنزلٍ عصريٍّ و سيّارةٍ فارهةٍ ! بعد أن تمّ إخلاء منصب الأكبر نهائياً و تمّ توكيل أمان الكوريّتين للجيّش المدنيّ .
أيّ أنّ منصبه بات عالياً ! بالرّغم من كفائته لمغادرة الثكنة و إلتزامه بعملٍ مكتبيٍّ سياسيٍّ مرتفع الأجر في مجلس الوزراء لكنّه رفض قطعاً الإهتمام بأمور السياسة !
هذا هو العقيد كيم !..
توقّف عن ركضه في الساحة خلف الجنود عندما لمح تلك التّي تنتظره في بوّابة الثكنة الخلفيّة ، فإبتسم و إلتفت لإحدى الجنود المسؤولين قائلاً :
"أكمل التدريب على هذا المنوال .. سأعود في غضون دقائق "
لم ينتظر موافقة الجنديّ بل رسم خطواته ناحيتها بينما يمسح العرق عن وجهه بكفوف يديه مبتسماً بإتّساعٍ .
"لطالما أخبرتك أن تتوقّف عن مقاطعة تدريباتِك لرؤيتي ! يمكنني الإنتظار !"
تذمّرت بصوتٍ عالٍ بينما تتجاوز البوّابة ناحية الدرج المؤدّي لمكتبه ببطنها المنتفخة قليلاً فلحقها واضعاً كفّ يده على ظهرها يجيب بإبتسامةٍ مربّعيةٍ :
"تعلمين أنّكِ حاملٌ و لا يجب على الحامل الإنتظار ! عزيزتي وويون !!"
قلبت عينيها ضاحكةً بقلّة حيلةٍ و ماإن بلغت مكتبه حتّى دلفت و إستدارت ناحيته حيث قابلها ليحيط خصرها بذراعيه ، فأحاطت هي رقبته بذراعيها متمتمةً :
"مجرّد شهرينِ و ستُقبِل إبنتنا للحياة تايهيونغ حبيبي !"
رمش بإرتباكٍ ثمّ أخفض نظراته ناحية بطنها المنتفخة التّي تلمس بطنه بخفّةٍ فإبتسم قليلاً و قال متفادياً النّظر لعينيها :
"أجل وويون .. فقط إهتمّي بصحّتكِ..هذا هو المهمّ حالياً "
تنهدت مبتسمةً بإتّساعٍ و حركّت كفّ يدها تمسح على بشرة وجهه السمراءٓ تحدّق بملامحه بهيامٍ قائلةً :
"أخبرتُك أنّك لن تكون سوىٓ ملكاً لي عزيزي !"
تجهّمت ملامحه بنوعٍ من الغضب و حرّك رأسه قليلاً مبعداً كفّ يدها ثمّ أفلت خصرها ليتفاداها و جلس على كرسيّه خلف مكتبه أسفل نظراتها قائلاً بجديّةٍ :
"أخشى أنّني أملِك الكثير من الأعمال حالياً وويون .. عودي للمنزلِ .. سآتي غداً .. "
"ألن تأتي الليلة ؟"
تسائلت بينما تكوّر شفتيها بعبوسٍ لطيفٍ فتنهّد و نفى برأسه مبرّراً :
"سيأتي عديد النّساء الوافداتِ حديثاً للثكنة لأوّل مرّة منذ عقود اليوم مساءً .. سأبيت هنا للإهتمام بأمور الإقامة و التسجيلات "
هزّت رأسها متفهّمةً ، ثمّ تقدّمت ناحية مكتبه لتضع يديها على سطحه الخشبيّ تحدّق في ذلك الجالس المنغمس في تفحّص إحدى الوثائق ممثلاً إنشغاله !.. هو فقط يريد منها المغادرة .
"أنت حقًّا لا تتخّذ زواجنا على محملِ الجدّ تايهيونغ !"
تمتمت وويون بتعابير وجهها الهادئة ، فتوقّف تايهيونغ عن تصفّح الملفّاتِ و حدّق في الفراغ يرمش بهدوءٍ قبل أن يرفع رأسه ناحيتها متسائلاً بأعينه الحادّة :
"ما مناسبة هذا الحديث الآن ؟!"
"أنت فقط لم ترفع قضيّة الطّلاق بسببِ حمليِ .. أنت تريد فقط الطفلة التّي بين أحشائي"
تمتمت عاقدةً حاجبيها ثمّ عضّت شفتيها بقهرٍ بينما تايهيونغ يحدّق في وجهها بكلّ هدوءٍ ثمّ قال رافعاً حاجبيه :
"محقّة"
أخفض رأسه متجنباً رؤية ردّة فعلها .. لم تمرّ عشرة ثوانٍ حتّى سمع صوت باب مكتبه يُغلق بعنفٍ ، دليلٌ على مغادرتها غاضبةً !
تنهّد و أفلت الملفّات ثمّ تراجع بظهره للخلف مرخياً إيّاه على كرسيّه الجلديّ و رفع كفً يده يمسح على جبينه بسبب ألم رأسه .
لقد تزوّج وويون منذ سنتين ، بعد تلك القضيّة التّي تمّ رفعها ، ربحت هي القضيّة بعد رشوةٍ علنيّةٍ لأصحاب الشأن في المحكمة ! .. و كان الحكم هو تنفيذ كلّ ما تطلبه هي .. أو مصيره يكون السجن !
هو لم يمانع دخوله السجن ! لكن قد قبِل الزواج بها لغرضين .. الأوّل هو لمحاولة تناسي تلك التّي رحلت حاملةً فؤاده معها .. و ثانياً لكونه يريد تكوين عائلةٍ بسبب تجاوزه للرابعة و الثلاثين من عمره .
وبعد قرابة السنتين من زواجه بها .. و بعد أن عمل على تجنّبها و معاملتها كلا شيئ ! .. قرّر أخيراً الإستسلام و تكوين عائلةٍ ..وهاهي الآن حاملٌ في الشهر السابع بطفلته ، لانت تصرّفاته ناحيتها قليلاً .. و كلّه بسبب طفلته في أحشائها !
لكن لم و لن يحمل مشاعر خاصّةً لها البتّة ! .. هو فقط يحاول لكنّه يعجز بكلّ بساطةٍ .
هزّ تايهيونغ رأسه يحاول إبعاد أفكارهِ و دفع كرسيّة ليستقيم حتّى يعود لعملهِ .
...
بعد ساعتينِ .
بوّابة الثكنة الرئيسية مفتوحةٌ على مصرعيها ! .. سيّاراتٌ عسكريّة كبيرةٌ تدلف الواحدة تلو الأخرى محمّلةً بوافدين ووافدات جددٍ لتستقرّ بساحة الثكنة حيث إصطفّ الجنود و يترئسّهم تايهيونغ و جين لإستقبال الوافدين الجدد .. و أخذ الجنود المدرّبين .. فهذا التبادل الحكوميّ يحدث كلّ سنةٍ .
إبتسم تايهيونغ بجانبيّة عندما تداخلت ذاكرته بأحداث الماضي ! .. عندما حصل ذلك التبادل الحكوميّ قبل أربعة سنواتٍ و قد أصرّت أونسون على الذهاب و مغادرة الثكنة ! .. حيث قام هو بأمرِ نامجون حتّى يقوم بربط أطرافها في منزله ! ، فقط حتّى يضمن عدم ذهابها .
تلك الفترة حيث كان بالفعل يحمل مشاعر مجهولةً ناحيتها لكنّه يُكابر !
إتسعت إبتسامته مطأطأً رأسه أرضاً قبل أن يضرب جين كتفهُ بكتفهِ متمتماً :
"توقّف عن الإبتسام كالأغبياء .. إذهب و تفقّد أمر الجنود !"
رمش تايهيونغ بإرتباكٍ و أخفى تعابيره الغبيّة لأخرى عمليّة جادّةٍ بعد أن تحمحم ، ثمّ تقدّم بخطواته ناحية الجنود الجدد اللّذين ينزلون من صناديق السيّارات الخلفيّة .
يشعر بعدم الإرتياح لرؤيته للنسوةِ .. أمرٌ يبدو حديثاً بالنسبة له ! .. لم يقم بتدريب نساءٍ في حياته البتّة و لم يتعامل معهنّ كجنديّاتٍ ! .. عدى أونسون ! ..
تنهّد و مسح على وجهه بكفوف يديه ! .. يدرك أنّ أونسون تتبادر على ذهنه منذ الأزل .. في كلّ لحضةٍ تمرّ و كلّ تفصيل بسيطٍ هي تتبادر على ذهنه ! .. حتّى عندما ينظر لزوجته وويون ، يقارن تفاصيلها بتفاصيل أونسون .
حتّى عندما ضاجعها يتخيّل أونسون ! .. حتّى عندما يلاحظ بطنها التّي تحمل طفلته ، يذكر بدواخله أنّه سيطلق عليها إسم أونسون .. شائت أمّها أم أبت !
يسير ذهاباً و إيّاباً أمام الجنديات الوافداتِ يحدّق بوجوههنّ بإسترسالٍ مع عدم تركيزه على ملامحهنّ .
في تلك السّيارة العسكريّة التّي تبعده ببضعة خطواتٍ كانت أونسون ترتدي بذلتها العسكريّة بينما تتمسّك بالنافذة الحديدية رافضةً الخروج و ذلك الرجل يقوم بسحبها من ذراعها محاولاً إفلات قبضتها عن القضبان الحديدية صارخاً بصوتٍ مكتومٍ :
"هيّا !! هيّا أونسون .. سوف تقومين بجلب المشاكل لنا ! .. يجب عليك الإصطفافُ حذو بقيّة الجنديات !!"
نفت أونسون برأسها مراراً و تكراراً ثمّ حرّكت مرفقها تضرب الرّجل بقوّة في بطنه فتراجع هذا الأخير للخلف متأوّهاً يستمع لصراخها المكتوم :
"أقسم أنّني لن أغادر هذه السيارة ! .. سوهو !! أنت لم تخبرني أنّ هذه الثكنة هي وجهتُنا ! ..ظننت أنّ ثكنة غوانغجو هي ما سأرتاده !! ليس ثكنة بوسان هذه !!! ذات الثكنة التّي كنت ظمنها سابقاً واللعنة !!"
"ما مشكلتُك مع هذه الثكنة !!"
هسهس سوهو عاقداً حاجبيه بإستسلامٍ فتنهّدت هي بقوّةٍ ثمّ أفلتت القضبان الحديدية و إلتفتت ناحيته مرجعةً شعرها الطويل للخلفِ بأناملها تجيب بنبرةٍ غاضبةٍ :
"مشكلتيِ مع عقيد هذه الثكنة !! و ليس الثكنة ذاتها !!"
زاد سوهو في عقدة حاجبيه بإستفهامٍ لكنّ ماإن أوشك على طرح سؤالٍ آخر حتّى أقبل أحد المسؤولين يطلّ على صندوق السّيارة صارخاً بكليهما :
"إنزلا من السّيارة حالاً !! .. و إصطفّا مع بقيّة الجنود !!"
"هذا ليس من شأنِك !"
هسهست أونسون تضغط على أسنانها بغضبٍ بسبب خوفها من أن يتمّ فضح وجودها هنا ! .. لكن ذلك المسؤول قد صعد صندوق السّيارة و تقدّم ناحيتها ليمسك شعرها بقوّةٍ مهدداً :
"سأقوم بقطع رقبتكِ ، عندها ستدركين ماهو شأنيِ ياآنسة !"
"أنت !! لا تتجرأ على الإقتراب منها حتّى !!"
صرخ سوهو دافعاً وجه المسؤول الكهلِ بكفّ يده فتراجع هذا الأخير للخلفِ و نظر لكليهما بسخريةٍ ، و قبل أن يفكّر بفعل حركته التالية ! .. حرّكت أونسون رأسها يميناً و شمالاً تصدر صوت إحتكاك عضامها قائلةً :
"شعري اللّذي عملت على جعله يطولُ مجدداً لأربعة سنواتٍ .. لن تمسكه يدك اللعينة .. و لسانك الطويل هذا لن ينجح بتهديدي !"
لم تلبث أن تقدّمت لتسدّد قبضتها على وجه هذا المسؤول الوقح فتراجع للخلف بقوّة ليسقط من صندوق السّيارة جاذباً إنتباه الجميع من في ساحة الثكنة .. و من ضمنهم العقيد كيم تايهيونغ !!
"لقد إنتهى أمرنا "
تمتم سوهو يهزّ رأسه بقلّة حيلةٍ بينما يحدّق بأونسون التّي نزلت من صندوق السّيارة و أمسكت ياقة المسؤول الواقع أرضاً تقوم بلكم وجهه مجدداً أسفل تحديقات الجميع !! .. و أقول مجدداً من ضمنهم تايهيونغ !!!
"ياآنسة !! ماللذّي تضنّين أنّك فاعلة !!"
صرخ تايهيونغ بصوتٍ عميقٍ غاضبٍ لم تسمعه هي بسبب غضبها بينما يتقدّم بخطواته السريعة ناحيتها حيث يغطيّها شعرها الطويل بينما تعتلي المسؤول يتبادلان اللكمات !
إنحنى ماسكاً ذراعها بعنفٍ و سحبها للخلف بقوّة ذراعه حتّى إستقامت لتلتفت ناحيته بغضبٍ مسببةً تطاير شعرها للخلفِ .
وهنا توّقف كلّ شيئ بالنسبة لكليهما ! .. و له خصيصاً .
إرتخت تعابيره للصدمةِ بالتّزامن مع إرتخاء حاجبيها و قد تحوّلت ملامحها الغاضبة لأخرى تحمل التّوتر و الخوف و الإشتياق !
باتت عينيه تجولان أبعاد وجهها بعدم تصديقٍ ، شفته السفلية إرتعشت ، قبضته عن ذراعها إرتخت .. بينما دواخله تشتّت ، و قلبه بدقّاته قد إضطرب !
"أونسون ؟.."
تمتم ذاكراً إسمها بعدم تصديقٍ و قد لمعت عينيه بمياهها ، الجميع يحيط بكليهما .. لكنّ لا أحد بينهما قد إكترث ! .. يتبادلان النّظرات المشتاقة من قِبلها و المصدومة الحاملة لشتّى المشاعر من قِبلهِ !
"أنتِ ؟ .. هنا حقًّا ؟ .. أنا بالتّأكيد جننت !"
تمتم رافعاً كفّ يده بترددٍ محاولاً لمس وجهها لكنّها أبعدته و تراجعت ثلاثة خطواتٍ للخلفِ تحدّق بهيئته كيف يستمرّ برفع يده التّي كانت ستلمسها ثمّ أشاحت بوجهها تتراجع لتقف حذو الجنديّات .
أخفض تايهيونغ يده محدقاً في الفراغ ، ثمّ حرّك مقلتيه ناحيتها يرمق هيئتها ، .. هل هي قد باتت أقصر أم هو من إزداد طولاً ؟ .. هل هي ذاتها سالبة فؤاده التّي تقف بين الجنديّات ... أم هو فقط من فقد عقله ؟
كانت هذه الأسئلة تتبادر لذهنه فإلتفت متقدماً بخطواته ناحية جين اللّذي ينظر بأعينٍ مجحوظةٍ بصدمةٍ بدوره ! .. وقف أمامه ثمّ أحاط ذراعيه بقبضتيه متسائلاً ببصيص أملٍ :
"هل تراها جين ؟؟ أنت تراها صحيح ؟!"
إكتفى جين بالإيماء يحدّق في حالة شقيقه هذه ! .. ثمّ إستدرك بقلّة حيلةٍ :
"يمكنك طلبُ شرحٍ منها لاحقاً .. الآن إذهب أنت و إرتح قليلاً .. سأهتمّ أنا بتبادل الجنود ."
همهم تايهيونغ ثمّ أفلت جين ليتراجع خطوةً للخلف بدواخل مضطربة و توجّه بخطواته السريعة و ركبتيه المرتعشتان ناحية مكتبهِ .. لم يُرد الإلتفات لإلقاء نظرة أخرى عليها ! .. يكفي أنّه تأكّد كونها هي .
هي من كانت تتبعه بمقلتيها المليئة بالدّموع حتّى إختفى عن مجال نظرها ! ..فإستدارت تحدّق أمامها حتّى تمرّ بإجراءات التبادلات الحكوميّة هذه .
لاحضت وجود سوهو حذو بوّابة الثكنة بينما يحدّق فيها بقلقٍ .. جاهلٍ عن مايحصل و ماسبب حدوث ماحدث تواً ! .. حرّك شفتيه بسؤال 'هل أنتِ بخير ؟!'
فهزّت رأسها مبتسمةً بخفوتٍ ثمّ أشارت له بإمكانيّة ذهابه .. فأومئ برأسه ثمّ ألقى نظرةً أخيرةً عليها مغادراً ، فهو قد أتى فقط لإيصالها ، كونه قد أنهى خدمته العسكريّة منذ قرابة الثلاث سنواتٍ بالفعل .
أمّا بذكر العقيد .. فهو قد أغلق باب مكتبه بعنفٍ ، تقدّم ليرخي يديه على طرف مكتبه يتنفّس بعمقٍ ثمّ ضحك بعدم تصديقٍ متمتماً يحادث ذاته :
"هي حيّة !!.."
"الفتاة التّي أحبّ حيّة !!"
"لكنّها لم تتكفّل عناء رؤيتي ! .. أو المجيئ قبل أن يحصل كلّ ما حصل لثلاثة سنواتٍ !"
إختفت إبتسامته بجملته الأخيرة .. يذكر زواجه بوويون ، و حملها بطفلته .. بعد أن إقتربت حياته للإستقرار ظهرت هي !! .. بعد أن جاهد لإعطاء جلّ إهتمامه لعائلته الصغيرة .. أتت هي من كانت و لا تزال تستولي على إهتمامه و عقله !
أبعد كفوف يديه عن أطراف المكتب ليسقط بجسده و جلس أرضاً يحدّق في الفراغ بتلك الدموع التّي إنهمرت على وجنتيه متمتماً :
"هي قامت بهذا عمداً !!"
"لو كانت أحبّتني حقًّا لما أخفت حقيقة عيشها عنّي !!"
"أنا أكرهها !!"
صرخ و ضرب قبضته على المكتب خلف ظهره بقوّةٍ ثمّ أخفض رأسه و قد هدأت حركاته يتنفّس بعمقٍ .. يذكر تفاصيلها ! .. طول شعرها و ملامحها ! هيئتها و قوّتها التّي زادت ..
هو يريدها !
.
.
.
.
ساعتينِ متتاليتينِ مرّت حتّى أقبل المساء و غرب الشّمسُ ، تحلّق الجنود القدامى مع عديد الوافدين و الوافدات الجدد حول طعامهم يتناولونه في ساحة الثكنة .
كان رجال الثكنة يشعرون بالغبطة لوجود السيّدات والآنساتِ نوعاً ما ! .. يتبادلون أطراف الحديث بينما يتعرّفون على بعضهم البعض .
في إحدى الأماكن في الساحة جلس جيمين عاقداً قدميه أسفله بثيابه العسكريّة بينما يتناول مافي طبقه المعدنيّ .
تقابله سويونغ بأعينٍ تتراقص بتوتّرٍ ترتدي ثياباً عسكريّةً، لا تستطيع تصديق أنّها تجالسهُ في ثكنةٍ ! بعد أن أمضت مراهقتها واقعةً بحبّه عن بعدٍ ، و هاهي الآن تبلغ الثانية و العشرين و لازالت مشاعرها قائمة !
أخفض طبقه أرضاً و مسح شفتيه بظاهر يدهِ عاقداً حاجبيه ثمّ بادر بالحديث بإعتياديّةٍ قائلاً :
"حسناً سويونغ !! يجب أن تكونيِ جادّة !! نامجون والدكِ قد جعلني أقسم على حمايتكِ ! لا تخذليني و تعرّضي ذاتكِ للخطر !"
صمت منتظراً ردّها ، لكنّها كانت تمسك الملعقة البلاستيكيّة التّي ترتعش داخل كفّها ، هي تشعر بالتّوتّر الشديد ! .. لو يعلم فقط أنّها إلتحقت بالثكنةِ بسببه !؟
"مفهوم سويونغ ؟!"
تسائل بحدّةٍ رافعاً حاجبيه محدقاً بوجهها ، حيث كانت وجنتيها محمرّتانِ لكن لم تظهرا لجيمين بسبب إنارة السّاحةِ الخافتة .
"أجل"
إكتفت بتلك الكلمةِ تنظر ناحية طبقها فحرّك جيمين فمه يمضغ طعامه بينما يحدّق بها مستمراً برفعه لحاجبيه حتّى ظهرت بعض التجاعيد على جبينه ، يتفحّص حركاتها ، و قد لاحظ إرتعاش يديها ، فقال مبعداً بصره عنها :
"لا داعي للتوتّر ، أعلم أنّ هذا جديد كلياً بالنسبةِ لكِ ! ..لكن إسترخي"
همهمت ترمش عديد المرّات ثمّ أرخت يدها الحاملة للملعقة عندما إلتفت جيمين لينهض من مكان جلوسه ، و مسح سرواله بكفوف يديه يبعد التراب عنه ، بغية الذهاب لغسل يديه ووجهه .
بعد مروره بعديد الجنود والجندياتِ الجالسين ، كان قد بلغ مكان صنبورِ المياه ففتحهُ ليغسل وجهه و ملئ يده يشرب محتواها ، جاهلاً عن تلك الفتاة التّي تجلس في الظلمةِ حذو مكان وقوفه ترخي رأسها على الجدار خلفها تحدّق أمامها بشرودٍ .
لم تكن سوى أونسون بوجهها المبلل بدموعها و خصلات شعرها الأماميّة الرطبة .
رفع جيمين قميصه الأسود و مسح وجهه بأطرافه و عندما أنزله عن وجهه قفز للخلفِ فزعاً و صرخ بإنفعالٍ :
"واللعنة ظننت أنّ الثكنة أصبح فيها أشباح ! ماللذّي تفعلينه هنا ؟!"
هسهس نهاية حديثه و إنحنى بجذعه محاولاً رؤية وجهها ، و ماإن أدرك ملامحها و هويّتها إتّسعت عينيه و صرخ بصوتٍ حادٍّ ليتراجع للخلفِ و ركض بين الجالسين صارخاً :
"اللعنة إنّها شبحٌ بالفعل !! شبح !!!!"
إندفع بعد ركضه السريع ليسقط أرضاً حذو سويونغ الجالسة التّي إنتفضت بفزعٍ بينما تملّكها شعور التوتّر بسبب أنظار بقيّة الجنود المتوجّهة ناحيتهما بإستفهامٍ .
"ماللذّي يحدث ؟!"
تسائلت بشفاهها السفلية المرتعشة فأمسك جيمين ذراعيها بكفّيه و صرخ بصدمةٍ تملّكت وجهه :
"إنّه شبح أونسون يجلس هناك أقسم !!"
عقدت سويونغ حاجبيها بإستفهامٍ ، لكن ماإن أوشكت على طرح سؤالها حتّى تقدّمت المعنيّة بالأمر بينما تسير بهدوءٍ تحشر يديها في جيوب بنطالها العسكريّ بشعرها الطويل المرفوع للأعلى ، ثمّ جلست حذو كليهما بهدوءٍ و قالت موجهةً حديثها لجيمين :
"توقّف عن التصرف بغباءٍ ، إنّها أنا فعلاً .."
ماإن أدرك جيمين وجودها حتّى تراجع ليختبئ خلف سويونغ و أشار لها بإصبعه محدثاً هذه الأخيرة :
"أترينها سويونغ ؟؟ .."
هزّت سويونغ رأسها بالإيجاب بينما أونسون قد نظرت خلفها للجنود اللّذين يرمقون مكان جلوسهم بإستفهامٍ ، وصرخت بهم :
"لا يوجد شيئٌ مهمٌّ ، إهتمّوا بأكلكم و ضعوا أعينكم قيد أطباقكم"
بالفعل كان قد عاد ضجيج الجنود و حديثهم في الساحة يبعدون إنتباههم عنها ، فإستدارت أونسون ناحية جيمين اللّذي ينظر لها بوجهه الشاحب برعبٍ ، فنهرته بحدّةٍ :
"أحسنت سيّد جيمين !! .. أحدثت جلبةً ، ستجلب المشاكل لكلينا !"
لم يتحدّث جيمين و لم ينطق ببنت شفةٍ بل تقدّم ناحيتها بجزئه العلويّ ببطئٍ بينما بقي جزئه السفليّ خلف سويونغ بحذرٍ ثمّ رفع يده ليصفع وجهها بخفةٍ بسرعةٍ حتّى يتأكدّ كونها بشر ! .. وسط أنظارها المتململة حيث تسائلت بقلة حيلةٍ :
"إنتهيت ؟!"
"أنتِ حيّة ؟"
تسائل بمقلتيه المجحوظتان و قد هدأ أخيراً ليتقدمّ جالساً بهدوءٍ ، و أونسون تستمرّ بالنظر له بأعينٍ ناعسةٍ بمللٍ و أجابت ساخرةً :
"أنا زومبي "
"لن أستغرب إذا كنتِ كذلك "
تمتم جيمين خفيةً مشيحاً بوجهه ثمّ أعاد بصره ناحيتها و تسائل يميل بجذعه ناحيتها بفضولٍ :
"كيف عدتِ للحياة مجدداً ؟!"
"سأتجاهلك جيمين .. أنا أتاجهلك"
هسهست أونسون مشيرةً لنفسها ثمّ له و نفخت الهواء من فمها لتستدير ناحية سويونغ وإبتسمت بدفئٍ لتقول مادةً كفّها قصد المصافحة :
"مرحباً ياصغيرة .. أدعى كانغ أونسون"
"أوّل مرأةٍ تدخل الثكنة وسط مئات الرجال وحيدةً .. ببساطة هي من كسرت القواعد و سبب تواجدكِ و تواجد كلّ الإناث هنا حالياً "
واصل جيمين مبتسماً بإتساعٍ و كانت نبرته كالأمّ الفخورة فرمقته سويونغ بثغرٍ مفتوحٍ على مصرعيهِ ثمّ نظرت لأونسون متسائلةً بصدمةٍ :
"أنتِ أونسون زوجة تايهيونغ التّي أخبرني عنها أبي ؟!"
تراقصت مقلتيّ أونسون يمنةً و يسرةً و إرتخت تعابيرها للاشيئٍ .. ثوانٍ مرّت قبل أن تتحمحم لتنفي برأسها قائلةً :
"لستُ زوجته ، أنا مجرّد متدرّبةٍ في ثكنته ، وهو رئيسي "
عبست سويونغ و رفعت كوب الماء المعدنيّ ترتشف محتواه لتنظر لجيمين اللّذي يبتسم كالأبله محدقاً بأونسون حيث قالٓ متحمساً :
"أونسون إذا كنتِ عزباء دعينا نتزوّج ، أكاد أموت عانساً "
بصقت سويونغ الماء من فمها بصدمةٍ و سعلت بحدّةٍ فإنتفض جيمين ناحيتها ليضرب ظهرها من الخلف بقوّةٍ قائلاً بصوتٍ عالٍ يحمل القلق :
"تنفسيّ سويونغ و إدفعي "
"أنا .. لا ..ألد جيمين !"
تمتمت وسط سعالها الحادّ فعبس جيمين ليبرّر مبعداً خصلات شعرها عن وجهها المحمرّ :
"كنت أقصد إدفعي حتّى يخرج ماعلق بحلقكِ !"
كانت أونسون قد إنفجرت ضاحكةً بعد ردّ جيمين الأخير و سويونغ قد باشرت بالضحك بدورها بهدوءٍ على غباءِ جملة جيمين فأصبح الجوّ دافئاً بلطفٍ .
و في تلك الشرفة الحديديّة كان عقيد الثكنة يقف بوجهٍ متجهمٍ يقبض على أطراف الشرفة بيديه بعنفٍ حتّى برزت عروقه على جلدهِ ، يحاول تمالك نفسه و عدم الذهاب لتمزيق وجهها و تلقينها درساً !
عينيه لم تفارقها منذ مجيئها ، كان يطلّ ليلمح هيئتها فقط و يطمئن قلبه بوجودها فعلاً !
أغمض عينيه و تنهّد بتعبٍ عندما سمع طرقاتً على باب مكتبه في الداخل فدلف قائلاً بصوتٍ عالٍ نسبياً:
"من هناك ؟"
"عشائك سيّدي"
قال طبّاخ الثكنة و تقدّم ليضع الطبق على سطح مكتب تايهيونغ ثمّ إنحنى بعد أن شكره الآخر بخفوتٍ.
و عندما أوشك على المغادرة أوقفه تايهيونغ منادياً بإسمه فتسائل الطباخ مستفهماً :
"هل من خطبٍ سيّدي ؟!"
"أخبر حرّاس بوّابة الثكنة أن يقوموا بسجنِ الجنديّة الوافدة كانغ أونسون في الزنزانة بالأسفل ، و لا تقوموا بأذيّتها قطعاً ! "
أمر ببرودِ صوته فعقد الطباخ حاجبيه بإستفهامٍ و عندما أوشك على طرح سؤاله هسهس تايهيونغ بحدّةٍ :
"قم بما أمرتك به ، لا تتدخّل"
إنحنى الطباخ مجدداً بطاعةٍ ثمّ إستدار مغادراً ، نمت إبتسامة تايهيونغ الجانبيّة بينما يقف و ينقر على خشب المكتب متمتماً بخبثٍ :
"أقسم أنّني سأنتقم لتدميركِ لأحلاميِ معكِ برحيلكِ"
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
"فإستيقظت يوماً من قيلولتي لأجد أمّي قد جلبت ثلاثة فتياتٍ من حيّ قريبٍ ، فقط حتّى أختار زوجةً لي !! تخيّلي أنّني من كثرة نعاسي ظهرت أمامهنّ بسروال داخليّ عليه وجه غامبول !! أبلغ الخامسة و الثلاثين واللعنة !"
صرخ جيمين بإنفعالٍ نهايةٓ حديثه بعد أن سرد قصّته بغيضٍ و مسح على رأسه الخالي من الشعر ينظر لأونسون و سويونغ اللّتّان إنفجراتا بالضحكِ .
فقهقه ليهزّ رأسه بقلّة حيلةٍ ثمّ فتح ثغره على وشك مواصلة حديثهِ قبل أن يتقدّم إثنان من الحرّاس أسفل نظرات العديدين تقدّموا ليمسكوا ذراعا أونسون بقوّة و سحباها للخلف حتّى وقفت بصدمةٍ بسبب عدم توقّعها .
و في غفلةٍ منها إستقرت صفعتانِ على وجهها بقوّةٍ جعلت من وجنتيها تحملان إحمراراً شديداً ، فعقدت حاجبيها تشعر بالألم في وجهها و ذراعيها و الغضب أيضاً .
"ماللعنة !! أفلتاني !!"
صرخت تحاول تحرير ذراعيها من قبضتيهما ، وقد إستقام كلّ من سويونغ و جيمين بينما تقدّم هذا الأخير ناحية من يقيّدانها متسائلاً :
"لماذا تقومانِ بتعنيفها !؟ هي لم تفعل شيئاً !"
"لا تتدخّل!"
هسهس أحدهما و لم يلبث حتّى جرّ أونسون معه قسراً أسفل نظراتِ الجنود العديدين بينما يمسك بشعرها بعنفٍ يسحبها والآخر يمسك بذراعيها ، هي تعقد ملامحها بألمٍ تحاول فكّ ذاتها من بين أيديهم ، لكنّها عجزت .
عقد تايهيونغ حاجبيه بقوّةٍ بينما يهزّ قدمه بسرعةٍ للأعلى و الأسفل ، يطلّ من الشرفة ، يراقب كيف يقوم هؤلاء الحرّاس بِتسليط العنف عليها فضرب الفراغ بقبضته متمتماً :
"اللعنة !! "
تراجع للخلفِ بالتزامن مع نثره لشتائمه غاضباً ثمّ غادر مكتبه ليغلق الباب بقوّةٍ و نزل الدرّج راكضاً ، يحاول الوصول للحراس .
.
.
.
.
فتح أحد الحرّاس الزنزانة ثمّ دفعها الآخر بعنفٍ فإنفكّت عقدة شعرها لتتناثر خصلاتها على وجهها بالتزامن مع سقوطها أرضاً على يديها حيث خُدشت بسبب قساوة الأرضِ .
تأوّهت متألمّة و إرتكزت بكفّيها اللذان جُرحا تحاول النهوض بصعوبةٍ حتّى تلقّن هؤلاء الحرّاس درساً ، لكنّ صوت إنغلاق الزنزانة دفعها للشعور بالإحباط و الغيض فجلست أرضاً تتنفّس بعنفٍ تحدّق في الفراغ أمامها .
حيث باتت وحيدةً هنا أسفل الأرض في زنزانةٍ مليئةٍ بالدماء الجافّةِ و الظّلمةِ بعد مغادرة الحرّاسِ.
ركض تايهيونغ يتخطّى بعض الدرجات لينزل أسفل الأرض حيث تقبع عديد الزنزاناتِ يقبض يديه بقوّةٍ ينتظر رؤيةٓ وجوه حرّاسه حتّى ينفّسٓ عن غضبه.
ماإن رمق كلاهما يسيران خلف بعضهما البعض يتبادلان أطراف الحديث يستعدّان للخروج ، صرخ بغضبٍ و تقدّم ناحية أحدهما ليلكمه في وجهه بقوّةٍ فتراجع هذا الأخير ليسقط أرضاً بدماءِ أنفه التّي باشرت بالنزول على شفتيه .
"أنا واللعنة أمرت بعدم تسليط العنفِ عليها !!"
صرخ تايهيونغ بصوتٍ مخيفٍ حتّى برزت عروق رقبته و تقدّم ليمسك ياقة الآخر و ثبّته على الجدار بقوّةٍ مهسهساً بأعينه المخيفة :
"لمس تلك الفتاة لا يجوز على غيري !! .. مفهوم !!!"
صرخ واضعاً أنفه على مقربةٍ من أنفِ الحارسِ المثبّت على الجدار فأومئ هذا الأخير برأسه بسرعةٍ و خوفٍ قبل أن يفلته العقيدُ بهمجيّةٍ و غادر لوجهتهِ .
نزل درجاً آخر مؤدٍ إلى مكان وجود أونسون ، المكان مظلمٌ و باردٌ للحدّ اللّذي جعله يشعر بالقلق أكثر ، فأسرع في خطواته ليحمل المفاتيح المعلقّة على الجدار بخفّةِ يده أثناء ركضه ثمّ أقبل على الزنزانة التّي تستقرّ فيها هي .
ضغط على مقبس الكهرباءِ في طرف الجدار حتّى ظهرت هيئتها لهُ حيث كانت تجلس أرضاً تحدّق بإنعدامِ تعابيرٍ على وجهها ، لكن ماإن رأته حتّى إتّسعت عينيها و نهضت لتقفٓ تتبادل معه النظراتٓ لثوانٍ بحقدٍ .
فصل التواصل البصريّ مخفضاً رأسه ناحية القفل ليضع إحدى المفاتيح داخله ثمّ فتح بوّابة الزنزانة ليدلف من دون تردّدٍ .
صوت المفاتيح التّي تتصادم ببعضها البعض هي كلّ ما يُسمع في هذا الهدوء و هذه الظلمةِ وسط الزنزانةِ الواسعة ، ماعدى النور الخافت اللّذي يضيئ أمامها .
نظر لها لثوانٍ حيث تقوم بتحريك عظام رقبتها حتّى نتج عنه صوتُ إحتكاكٍ ! هذا يعني أنّها غاضبةٌ و تريد الشجار ! هذا دفعه لأن يلتفت مقابلاً إياها بظهره و إبتسمٍ بخفةٍ.
ثمّ حشر المفتاح في القفل ليغلق البوًابة ! لكن الفرق هذه المرّة هو أنّهما سوياً داخلها !
إلتفت و قابلها مجدداً ثمّ رفع حاجبيه بالتزامن مع رفعه للمفاتيح عالياً قبل أن يلقيها من بين القضبان لتستقرّ في الخارج بعيداً ! .. هذا يعني أنّه من المحال خروجهما من هذا المكان المظلم وهذه الزنزانة إلاّ إذا أقبل أحدهم لفعل ذلك من الخارج !
"ماللعنة التّي فعلتها !!"
صرخت تتقدم ناحية القضبان لتطلّ من خلالها تحدّق في المفاتيح اللتّي تستقرّ على الأرض بعيداً ثمّ إلتفتت ناحيته عاقدةً حاجبيها بغضبٍ ، لكنّه لم يبدي أيّة تعابيرٍ فقط يرمقها بنظراته الهادئةِ .
هو حالياً كلّ مايراه هي الفتاة التّي يحبّ بشدّةٍ ! .. لو كان الأمر قبل أربعة سنواتٍ لأقبل على ثغرها بقبلاته مشتاقاً ! .. لكنّه الآن يشتاقها وهي تقف أمامه بوجهها الغاضبِ تعامله كغريبٍ ! و هو يعجز عن إبداء مشاعرهِ .
"تايهيونغ أنا أحدّث لعنتك هنا !!"
صرخت دافعةً صدرهُ لكنّه لم يتزحزح ولو إنشاً فإرتبكت نظراتها تلاحظ تحوّل ملامحه الهادئة لأخرى غاضبة .
إندفع ناحيتها ليرفع يده في غفلةٍ منها محيطاً وجنتيها بقوةٍ بأصابع يمناه حتّى برزت شفتيها و دفعها للخلفِ بقوّة فتراجعت ليصطدم ظهرها بالجدار لتئنّ بألمٍ .
"أدعى عقيد كيم و ليس تايهيونغ ، راقبي ألفاضكِ قبل أن -"
صمت فجأةً عندما فتحت عينيها لتقابل خاصّته ، إرتعشت مقلتيه و إضطربت دواخلهُ ، و قد جالت مقلتيه جلّ ملامح وجهها برويّةٍ حتّى إستقرّت على شفتيها البارزة بسبب ضغط يديه .
إبتلع مافي حلقه يشعر بحرارة صدره ثمّ واصل حديثه و لم يُبرح عينيه عن شفتيها قطّ :
"قبل أن -"
توقّف عن مواصلة الحديث مجدداً و أعينه الغاضبة قد إرتخت لأخرى ناعسة بينما يرمقها بطريقةٍ جعلت منها ترتعش داخلياً تعجز عن إبعاده .
"قبل-"
إكتفى بهذه الكلمة يقرّب شفتيه من خاصّتها عاقداً لحاجبيه بينما يحدًق في عينيها ، أنامله و قد إرتخت قليلاً على وجنتيها ليهمس بسؤاله بنبرةٍ حزينةٍ قريباً من شفتيها :
"لماذا عدتِ؟"
إبتلع مافي حلقه حتّى تحرّكت تفاحة آدم خاصّته ثمّ رطب شفتيه ليزفر أنفاسه مفلتاً وجنتيها مرخياً جبينه على خاصّتها مستمراً بعقده لحاجبيه واضعاً يده على الجدار حذو رأسها هامساً سؤاله بصوته العميق :
"لماذا عدتِ بعد كلّ ماحصل في حياتي ؟"
تراقصت مقلتيها على وجهه القريب للغايةِ بأعينٍ لامعةٍ بسبب دموعها ثمّ رفعت كفوف يديها لتدفع صدره بخفّةٍ فإبتعد محدقاً بعينيها حيث قالت بصوتٍ جادٍّ :
"كانغ أونسون عادت لتنهي حلمها في مجال الجيش أيّها العقيد كيم! .. لم أعد لأخرّب حياتك ولا لِأكون جزئاً منها"
دفعته مجدداً نهاية حديثها ثمّ إبتعدت تاركةً إيّاه يقف محدقاً في الجدارِ يحاول السيطرة على ذاته ، فأضافت أونسون من خلفه بحدّة :
"بسببك سنبقى عالقينِ هنا !!"
إلتفت لها ليرخي ظهره على الجدار يحدّق في شعرها الطويل اللذي يكاد يلامس خصرها بلونه الجذّاب ، هو يشعر بالغيض لا يريد أن يكون شعرها طويلاً ! فهذا يزيدها حُسناً !.
مرّ صمتٌ لفترةٍ وجيزةٍ قبل أن يقطعه هو بنبرةٍ آمرة :
"لنتقاتل، إذا كان الفوز من نصيبكِ يمكنكِ القيام بما تريدين ، و إذا كان من نصيبي سأقطع شعركِ "
رفعت حاجباً واحدًا ترمقه بإستنكارٍ فتقدّمت ناحيته بخطواتٍ بطيئةٍ بثيابها العسكريّةِ و قد لاحظ للتوّ وجهها اللّذي يحمل آثار أصابع محمرّةٍ بسبب الصفعات التّي تلقّتها ، فقبض يده بغضبٍ يستمع لكلماتها :
"إذا فزتُ أنا ، ستسمح لي بالعودة للمنزل نهاية هذا الأسبوع ، ستصطحبُني بذاتك "
همهم من دون تردّدٍ ، يشعر بالثقة لفوزه ! و هكذا سيتخلّص من شعرها الجميل هذا اللّذي يغيضه بشدّةٍ بطوله !
هزّت رأسها بحزمٍ ثمّ تراجعت للخلفِ ووقفت تشير له بأصابعها بالإقتراب ، فميّل رأسه يميناً و يساراً و شدّ قبضته ثمّ تقدّم راكضاً ليندفع ناحية جسدها يوقعها أرضاً معتلياً إيًاها مثبتاً ذراعيها محاولاً عدم تسليط القوّةِ الشديدةِ !
لكنّها رغبت بالعكس حيث حركت قدمها لتركل بطنهُ بقوّةٍ شديدةٍ فتراجع للخلفِ بألمٍ مفلتاً لذراعيها ووقع أرضاً حذوها لتعتليه رافعةً قبضتها في الهواء تستعدّ لتستديدها لوجهه الوسيمِ .
"لقد علمّنيِ أحدهم أنّ إبداء المشاعر ليس من شيمِ الجنديّ !"
صرخت بالتزامنِ مع لكمها لوجهه بقوّةٍ فأشاح به للجهةِ الأخرى يشعر بألمٍ حادٍّ في فكّهِ ، ثمّ تحرّكت هي لتمسك ذراعيه و رفعتهما للأعلى تقيّدهما بقوّةٍ ، و قرّبت وجهها لخاصّته هامسةً مع إبتسامةٍ أظهرت غمّازتها الوحيدة :
"لا تستخفّ بقوتي و تكن واثقاً بفوزك ! هذا يُعدّ إهانةً لي كفتاة جيش !! ألا تراني كأخيك الأصغر"
أنفاسٌ متسارعة تخرج من كلّ من أونسون و العقيد أسفلها ، حيث كان هذا الأخير يحدّق فيها بأعينٍ متفحصّةٍ لشتّى أبعاد وجهها ، شعرها ينزل على الجانبِ ، و خصوصاً تلك الغمّازة التّي تسبب جنونه !
إبتلع مافي حلقهِ مرخياً رأسه للخلفِ ثمّ ضحك ضحكته المربعيًة مبرزاً أسنانه ، و حان دورها بتفحصّ تفاصيله الفاتنةِ هذه مخفيةً إبتسامتها !
"أنا لا أراكِ كأخٍ أصغر أونسون ! ، أنا أراكِ كلّ شيئٍ ، لكنّك لا تتموضعين في قاموس الأخوّة البتّة"
تمتم بإبتسامةٍ جانبيةٍ بينما يتبادل معها النظراتٓ الهادئة و ذراعيه مايزالان تحت قبضتها .
إستغلّ شرودها ليقلب اللعبة لصالحه ! فقد تحرّك مبدياً قوّته ليجعلها أسفله بجزءٍ من الثانيةِ ، مقيداً يديها أعلى رأسها و قرّب وجهه من وجهها يحدّق في صدمتها بهذه الحركة المباغتة متمتماً وسط أنفاسه السريعة المماثلة لخاصّتها :
"لقد فزتِ"
صمتٌ جال في الأرجاءِ ماعدى صوت أنفاسهما فرفع يده الحرّة ليلمس وجنتها المتضرّرة بسبب تهوّر حرّاس ثكنته ، و أنفه يكاد يلامس أنفها ، فقال مرطباً شفتيه :
"أنا لا أستخفّ بقوّتكِ ، أنا فقط أجيد قلب اللعبة لصالحي في الوقت المناسب بالطريقة المناسبة "
إبتلع مافي حلقه يتنفّس بعمقٍ يحاول التحكّم بمشاعره المهتاجة حالياً ثمّ و بكلّ وعيٍ يملكه قرّب شفتيه ليحطّها على وجنتها المحمرّةِ يضع قبلته الرطبة ، شعر بإرتعاشِها أسفله لكنّه لم يبعد شفتيه بل حطّها في مكانٍ آخرِ قريبٍ من مكان قبلته الأولى ، ليقبلها مجدداً!
حرارةٌ غمرت صدره مجدداً فإبتعد إنشاً ليحرّك شفتيه بخفّة على بشرة وجهها المشتعلة حتّى مركزهما على ذقنها يضع قبلةً رطبةً أخرى !
إبتعد ليضع أنفه قيد أنفها برفقٍ يشعر بأنفاسها المضطربة بينما خاصّته لا تقلّ إضطراباً !
"إبتسمي"
تمتم بصوته العميقِ محدقاً بعينيها المغلقة لكنّها لم تجب بل قالت بهدوءٍ متجنبةً فتحها لعينيها :
"أنت تتهوّر بأفعالك"
"و سعيدٌ أنّني أفعل "
قال هامساً بينما يمسح بإبهامه على وجنتها تحديداً مكان ظهور غمّازتها ، دام صمتٌ لثوانٍ قبل أن يقطعه معيداً قوله الخافت :
"إبتسمي"
تنهّدت بقلّة حيلةٍ ثمّ حرّكت ثغرها لتنفرج في إبتسامةٍ متسعةٍ أبرزت ذلك الثقب اللطيف !جعلت الفراشات تندفق لمعدته ، لقد إشتاق لكّل هذه التفاصيل التّي يعشق رؤيتها !
لمس غمّازتها بسبّابته بخفّةٍ ثمّ فرّق شفتيه ليضعهما بقبلةٍ رطبةٍ على مكان غمّازتها ، فرّق قبلاته عديد المرّات لخمسة ثوانٍ ثمّ سحب جلدها بين أسنانه بخفةٍ و تركهُ .
إبتعد بشفتيه اللامعة متنهداً بتعبٍ من مشاعره المضطربة ، رمش بثقلٍ محدقاً فيها ثمّ تمتم :
"لم أكتفي بعد ، ربّما الإله قرّر مكافئتيِ بعودتكِ ، و إختباري أيضاً !"
إبتعد مباشرةً عنها بعد إنهائه لجملته ليستقيم مفلتاً ذراعيها ففتحت هي عينيها لتتنهد و إعتدلت بجذعها لتجلس محدقةً في ظهره حيث أدخل يده في جيب سرواله العسكريّ يبحث عن مراده ، لم يكن سوى اللاسلكيّ خاصّته .
"أرسل أحدهم للزنزانة الرابعة عشر في الطابق الثاني أسفل الأرض "
أنهى أمرهُ ليتنهّد يمسح بكفّ يده على شعره القصيرِ يغرق بتفكيره ! .. قصده بكون أونسون إختبارٌ له ! ..هو إذا ماكان سيحسن الإختيار بينها كالفتاة التّي يهيم بها و يحبّها ! أم سيختار المرأة التّي تزوجته قسراً و هي الآن تحمل طفلةً في أحشائها من نسله !
.
.
.
.
.
.
.
.
.
بعد أسبوع - الثالثة مساءً
"أقسم أنّني .. أموت !!"
قالت سويونغ بين أنفاسها اللاهثة ، تركض بثقلٍ بينما تجرّ تلك العجلة البلاستيكيّة الكبيرة خلفها حيث كانت مربوطةً بحبلٍ سميكٍ يحيط بخصرها .
كان اليوم أوّل التدريبات القاسية للجنود الوافدين ، أغلب النسوة وجدن عديد الصعوباتِ ومنهم سويونغ التّي توشك على الموت كما ذكرت .
"اللعنة عليك بارك جيمين ! لو لم يكن بسببك لما إلتحقت بهذه الثكنة !!"
صرخت وسط أنفاسها المسلوبة جاهلةً عن تواجد جيمين اللّذي يركض حذوها بمترٍ تقريباً و قد كان رشيقاً يتعامل مع هذا التمرين بسهولةٍ بسبب إعتياده عليه .
توقًف عن ركضه ليلتقط أنفاسه ثمّ تقدم ناحية سويونغ التّي توشك على الزّحف بسبب التعب أمسك ذراعها ليسحبها خفيةً في غفلةٍ منها ناحية إحدى بيوتِ المعالجين الفارغة .
"مهلاً جيمين !!"
صرخت بصوتٍ معتدلٍ تلاحظ جرّه لها حتّى فتح باب البيتِ ليدخلها و دخل بدوره ليغلق الباب خلفه غير مكترثٍ للعجلات التًي بقيت خارجاً ، تنهّد أسفل نظراتها المتسائلة ثمّ جلس أرضاً مرخياً ظهره على الباب .
"وجهكِ يبدو كمؤخرة القرد الحمراء "
تمتم جيمين ضاحكاً وسط أنفاسه السريعةٍ يحدّق في وجه سويونغ المحمرّ بشدّة بسبب ركضها فعبست هذه الأخيرة و تقدّمت ناحية الباب تهمّ بالمغادرة غاضبةً ، أمسك ذراعها وسط ضحكاته قائلاً :
"آسف .. لم أقصد ! لكنّها الحقيقة !!"
دفعت ذراعه بهماجيّة فسقط بجسده العلويّ على الأرض يضحك بصخبٍ لتخرج هي تمشي بخطواتٍ غاضبةٍ تجرّ العجلة المربوطة بخصرها خلفها .
صادف و مرّت أونسون بقميصها المبللّ بالعرق بسبب التدريب فنظرت لسويونغ الغاضبة بأعينٍ ضيقةٍ بفضول ثمّ سألتها بصوتٍ عالٍ:
"مالخطب سويونغ ؟!"
توقّفت سويونغ عن سيرها ثمّ ميّلت شفتيها بغضبٍ و أجابت بنبرةٍ تعكس ماتشعر به :
"إسألي ذلك من نعتني بوجه مؤخرة القرد الحمراء !!"
قهقهت أونسون بينما تهزّ بعدم إستيعابٍ وقبل أن تفكّر بطرح سؤالٍ آخر عليها تخطّتها سويونغ وواصلت نثر خطواتها الغاضبة في الساحة .
هزّت أونسون رأسها بقلّة حيلةٍ ضاحكةً ثمّ رفعته للأعلى حيث يقف تايهيونغ مرخياً كفوف يديه على طرف الشرفة محدقاً بها بهدوءٍ .
هزّت رأسها متسائلة بمعنى 'ماذا' فأشار لها برأسه أن تقابله في مكتبه ، إنشرح صدرها و إبتسمت بإتّساعٍ فهو سينفّذ وعده بإصطحابها للمنزلِ بسبب فوزها قبل أسبوعٍ في ذلك النّزالِ !
هذا الأسبوع مرّ بتدريباتٍ قاسيةٍ لأونسون خصيصا ، فتايهيونغ عمِل على إبداء غضبه ناحيتها عبر وضع الكثير من التدريبات الصعبة على عاتقها ! وهو يجلس خصيصاً ليراقبها !
لم تلبث حتّى إلتفتت ركضت بطول السّاحة بثيابها العسكريّة ناحية الغرف الخاصّة بالجنود ، قصد بلوغ غرفتها المشتركة لتغيير ثيابها .
...
جلس على مكتبهِ يرخيِ وجهه على كفّه بينما يقلّب أوراق الملفّ ، أعينهُ تتموضع على الحروف و الكلمات الموجودة لكن عقله قد رحلٓ في مذهبٍ آخر ! .. وهو عودة أونسون التّي تُعدّ معجزةً ! .. فهو رآها ميتّةً بين يديه !
رمش عديد المراتِ ورفع رأسه محدقاً في الباب حيث تمّ طرقهُ تواً ، لم تنتظر الإذن بالدّخول فقد دلفت تلك المختلفة عمّا إعتادها سابقاً !
كانغ أونسون كانت ترتدي ثوباً لطيفاً قصيراً و حذاءً رياضياً و كنزةً شتويّةً تمسك بحقيبة يدها، تاركةً شعرها الطويل ينعم بجزءٍ من كتفيها ، و قد طبّقت ملمّع شفاهٍ لطيفٍ على شفتيها !
تقدمت بخطواتها لنصف مكتبهِ نظرت لهُ بإبتسامةٍ ثمّ أشارت له برأسها للباب متسائلةً بحماسٍ :
"نذهب ؟"
هو لم يستمع لكلمتها ! .. هو فقد يجول بمقلتيه على ثوبها ، أقدامها ، و خصوصاً ملمّع الشفاه اللّذي طبّقته على شفتيها ! .. يشعر بدقّات قلبه تتعالى بينما يده الحاملة للملفّ قد إرتخت ليسقط من يديه .
الشعر الطويل و الغمّازة كانت إحدى الأشياء التّي تثير غيضه بشدّة ! و ها قد أضاف للقائمة اليوم ملمّع الشفاه و الثوب و أقدام أونسون ! .. كل مايجعلها جميلةً يغيضه بشدّة !
"تايهيونغ ؟!"
تسائلت رافعةً حاجبيها بإستفهامٍ فأشاح ببصره عنها و تحمحم بحرجٍ لينخفض بجسده حاملاً الملفّ من الأرض ثمّ قال مشيراً للكرسيّ أمام المكتبِ يحدّق في كلّ مكانٍ عداها :
'إجلسي قليلاً ، يجب أن أرتّب الملفّات وأغير ملابسي قبل المغادرة"
همهمت و تقدّمت لتجلس مقابلةً له على الكرسيّ الجلديّ فإرتفع ثوبها ليبرز جزءٌ من فخذيها ، شرد تايهيونغ في هذا التفصيل لثوانٍ قبل أن يغلق عينيه بعنفٍ و ألقى بالملفّ على المكتب بهماجيّةٍ و غضبٍ جاذباً إنتباهها .
"ماسبب هذا التغيير ؟!"
تسائل بحدّة بينما يعقد ذراعيه لصدره ، ميلّت رأسها بإستفهامٍ و إبتسمت بخفّةٍ تجيب رافعةً كتفيها بعدم إكتراثٍ :
"أحدهم أقنعني بأنوثتي "
رفع حاجبيه مستنكراً قولها ثمّ إنحنى بجذعه ليرخي مرفقيه على المكتب متفحصاً وجهها غاضباً و تسائل بنفس نبرته السابقة :
"ومن يكون تعيس الحظّ ؟!"
"جونغ سوهو .."
إرتخت ملامحه للتجهّم الشديد و دفع وجنته بلسانه من الداخل ثمّ عاد للخلف ليرخي ظهره على الكرسيّ و لم يبعد نظره عنها ولو لثانيةٍ و تسائل مجدداً محاولاً عدم فقدان صبره :
"حبيبُكِ؟"
"هو أكثر من حبيبٍ بالنسبةِ لي بالمناسبة .."
أجابت بإعتياديةٍ ، تقصد كونه من ساعدها و ساندها و عالج عجزها عن المشيِ ، جعلها تقف مجدداً كمرأةٍ شجاعةٍ تقاوم الحياة التّي تدفعها للهاوية ! .. لكن كيم تايهيونغ كان قد فهم الأمر بشكلٍ مغايرٍ فأشار لها برأسه و لم تنتهي أسئلته .
"يعيش معكِ ؟!"
"أجل ، هو منزله الخاصّ ذاتاً"
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
كان الطقس بارداً و الطرقات مبلّلةً بمخلّفات المطرِ و الليل ملئ المدينة ، و كانت لتغمرها الظّلمة لولا تلك الأضواء الخاصّة بالمدينةِ المسمّاة ببوسان !
توقّف بسيّارته السوداءِ على واجهة الطريقِ محدقاً أمامه محاولاً قدر الإمكان عدم النّظر جانباً حيث تجلسُ تلك التّي يكاد قلبه يغادر صدره من شدًة خفقاته بسببها !
"وصلنا"
وسط تلك الأجواء الصامتة نطق بصوته العميق بينما يضع يده على عجلة القيادة و لم يتكفّل عناء النّظر لها .
رمشت بإرتباكٍ واضحٍ وشدّت قبضتها على حقيبة يدها محاولةً تمالك نفسها و لم تلبث طويلاً حتّى حرّكت يدها لتنزع حزام الأمان ، و لم تكن على علمٍ بنظراتِ ذلك الأسمر اللّذي تتفحّص هيئتها .
فتحت باب السّيارة و عندما همّت بالمغادرة إستدارت ناحيته فأبعد نظراته سريعاً ناحية الجهة الأخرى ، لتقولٓ مبتسمةً :
"أظنّ أنه سيكون من اللطيف أن تشاركنا على العشاء"
"لا أريد أن أقوم بإزعاجكما في خلوتكما"
أجاب سريعاً عاقداً لحاجبيهِ محدقاً بيده الموضوعة على عجلة القيادة ، فكلمة 'خلوتكما' التّي نطقها واقعها أثار الغيرة في دواخله !
"لا بأس !! أقصد أنت رئيسي ، من واجبيِ أن أدعوك للدّاخل"
صمتت قليلاً تلاحظ إرتخاء حاجبيه يرفعهما بنوعٍ من الإستنكارِ بينما يبتسم بجانبيةٍ ، فواصلت ضاحكةً :
"هيّا أنا أنتظرك"
خرجت من السّيارة مغلقةً الباب و شدّت معطفها على جسدها بسبب البرد خارجاً ، بينما تايهيونغ ضحك بصوتٍ خافتٍ ثمّ رفع حاجبه محدقاً فيها من شبّاك السّيارة متمتماً :
"رئيس مؤخرّتي !"
تزامن قوله مع فتحه لباب سيّارته و خرج ليلفع الهواء البارد جسده ، لكنّه لم يبدي ردّة فعلٍ بالرغم من عدم إرتدائه لملابس ثقيلةٍ ، ماعدىٓ بنطالٌ أسودٌ و قميصٌ بنيّ قطنيٌّ مع حذائه بنفس لون بنطاله ، كان قد جذب إنتباه أونسون التّي تقدّمت ناحيته مهسهسةً :
"ستمرض هكذا !! قم بإرتداء معطفك !!"
"غريبٌ كيف تقلقين على رئيسكِ "
قال رافعاً حاجبيه مشدداً على كلمةِ 'رئيسكِ' و لم يترك لها المجال لإبداء ردّة فعلٍ كونه تخطّاها متقدماً بخطواته ناحية المنزل ! ، فهزت رأسها بقلة حيلةٍ محدّقةً في الفراغ ثمّ إستدارت تلحقه و باتت تسير في مستواه من دون كلمةٍ تُذكرُ .
عندما وصل كلاهما لباب المنزلِ التقليديّ كان مفتوحاً بالفعل فدفعته لتدلفٓ و أشارت لتايهيونغ برأسها تحثّه على الدّخول !
أوّل ما قابلها كان رائحة اللحم المشويّ التّي دفعتها للإبتسامِ فسبقت تايهيونغ بخطواتها مناديةً :
"سوهو !!! أين أنت !!"
بذكر سوهو ، هو كان يقف خلف المشواة يقوم بتقليب اللحم بينما يعضّ على لسانه بتركيزٍ ،و عندما سمع مناداة أونسون له ، قام بحرق إصبعه عن غير قصد فتأوّه ملقياً الملقاط الحديديّ أرضاً .
"اللعنة أونسون !! لا تصرخي هكذا !! ياإلهي إصبعي !!"
تذمّر سوهو يسير هنا و هناك بينما يلعق إصبعه بين كلماته ، فضحكت أونسون بينما تلقي بحقيبتها على إحدى المقاعد الخشبيّة ، و تايهيونغ يكاد يثقب وجه سوهو بنظراته حرفياً .
"لقد أعددت العشاء الليلة حقاً ! أتمنّى أنّه لن يتسبّب لي بتسمّم غذائيّ !"
إستدركت بينما تجلس حذو المشواةِ تحاول إلتقاط بعض اللحم من على النّار بأطراف أصابعها ، فدفعها سوهو بخفّةٍ يصرخ بصوته العميقِ :
"أنتِ فقط لا تشعرين بالإمتنان !! لقد قمت بها من أجلكِ!! "
"أنا ممتنّة لك للغاية عزيزي سوهو !"
تمتمت أونسون وأرخت رأسها على ذراعه ، كلاهما غافلٌ عن نظرات تايهيونغ المشتعلةِ ! ، و عندما أوشك سوهو على معانقة أونسون جانبياً قام الآخر بجذب الكرسيّ الخشبيّ بعنف فإحتكّ مع الأرضيّة محدثاً ضجيجاً مزعجاً .
رمش سوهو مرّاتٍ عديدةٍ و إلتفت يرمق تايهيونغ اللذّي جلس تواً بحاجبين معقودين قبل أن يتقدّم ناحيته متسائلاً :
"من تكون أنت ؟!"
"كيم تايهيونغ عقيد أوّل ، لثكناتِ بوسان و دايڨو الدّاخليّة ، و من تكون أنت ؟"
أجاب تايهيونغ بثقةٍ مرخياً ظهره للخلفِ بينما ينقر على الطّاولة بأطراف أصابعه ، محركاً فمه يمضغ علكةً وهميّةً كما عادته الدّائمة .
تقدّم سوهو ناحيته أكثر ثمّ جلس على الكرسيّ المقابل له ليعقد ذراعيه محدقاً فيه بحدّة ، قبل أن يجيب ملقياً نظراتٍ غاضبةٍ ناحيته :
"جونغ سوهو ، عميد سابقٌ للوحدة الثانية عشر الكوريّة الشمالية لخدمةٍ عسكريّةٍ دامت لسنتين ، و ممثّل لصالح وكالةِ إس بي إس حاليًّا "
رفع تايهيونغ حاجبيه مميّلاً شفتيه للأسفل كردّة فعلِه على هويّة سوهو ، و كان هذا الأخير يقبض على كفوف يديه قبل أن تضرب أونسون ظهره بخفّةٍ و جلست حذوه مستدركةً بينما تمضغ اللحم عاقدةً حاجبيها بسبب حرارته :
"كيم تايهيونغ يكون رئيسيّ السابق.. لقـ- "
"حبيبها السّابق"
صحّح تايهيونغ ثمّ دفع وجنته بلسانه من الدّاخل محدقاً في سوهو مترقباً ردّة فعله ، يحاول جاهداً عدم ضربه و تلقينه درساً ! يتخيّل عديد السيناريوهات التّي حدثت طيلة ثلاثة سنواتٍ !
هل وقع بحبّها ؟ قام بلمسها ؟ تقبيلها ؟ ، كلّ هذه الأسئلة جعلته يحرّك قدمه اليمنى للأعلى و الأسفل ، أسفل الطاولة ، محاولاً التّماسك .
"حبيبُك السّابق ؟!!"
تسائل سوهو بإستنكارٍ رافعاً حاجبيه محدقاً في أونسون مطالباً إيّاها بتفسيرٍ ، لكن هذه الأخيرة كانت تسعل بسبب الطعام اللّذي علق بحلقها حتّى إحمرّ وجهها .
لكن لا أحد من هذينِ الرّجلين إكترث لفكرة إختناقها ! فقط يتبادلان النّظرات بتحدٍّ !
"هو .. يكون .. أخ حبيبي السّابق .. بارك تشانيول اللّذي أخبرتك .. عنه"
شرحت أثناء سعالها بين الكلمات ، و تايهيونغ إكتفى برفعه لحاجبيه كـ'حقًا ما تقولينه !؟' ، لكنّه إختار الصّمت ، يكفيِ أنّه و هيِ يعرفان حقيقة ماحدث بينهما سابقاً ! .. لكنّه يريد إثارة غيض هذا السّوهو وحسب !
"إذن سيّد ساهو .."
"أدعى سوهو !"
تمتم المعنيّ بينما يقضم وجنته من الدّاخل ! لا يدري سبب مجيئ هذا الرّجل لمنزله ! .. ولا يريد الدّراية حتّى ! هو يثير غيضه كثيراً !
"هل أنت أعزب؟"
تسائل تايهيونغ يمسح كفّه اليمنى على شعره القصير ، فقهقه سوهو و نظر لأونسون التّي تحدّق في تايهيونغ بشرودٍ ، فسكنت ضحكته و أجاب ساخراً :
"هل يهمّك حتّى ؟!"
"أكثر ممّا تتخيّل"
هسهس مرخياً مرفقيه على خشب الطاولةِ ، لكن سوهو لم يكن ليستسلم لثقةِ تايهيونغ الواضحة بل قرّب وجهه منه ثمّ سأل مميّلاً رأسه بسخريةٍ :
"ماذا عنك عقيد كيم ؟!"
تراجع تايهيونغ للخلفِ مرخياً ظهره على الكرسيً ووجّه نظراته ناحية أونسون التّي كانت شاردة بوجهه ، تبادل معها النظرات لثوانٍ ثمّ رطّب شفتيه يجيب :
"متزوّج ، و زوجتي حامل ، .. بفتاة"
تشتّتت نظرات أونسون لثوانٍ ثمّ إبتسمت بإرتباكٍ موجّهةً حدقتيها ناحية سوهو ، و إستقامت مخفيةً كفوف يديها المرتعشة في جيوب معطفها قائلةً :
"سأقوم بتجهيز طاولة الطّعام بالدّاخل الطقس باردٌ بعض الشّيئ ، لقـ- لقد دعوت العقيد كيم لتناول العشاء معنا بالفعل"
ظهر الإرتباك في جملتها ، لكنّ قبل أن تصطادها أعين سوهو المستفهمةٓ ، كانت قد إتّجهت ناحية المشواةِ تهمّ بإلتقاط قطع اللحم من أعلاها حتّى تحضّر طاولة العشاء .
تنهّد سوهو و وجّه نظراته ناحية تايهيونغ مجدداً ثمّ مدّ يده يلتقط علبتيّ كحولٍ من طرف الطاولة فتح واحدة و مرّر الأخرى ناحيته قائلاً :
"بالمناسبة ، لست متزوجاً ، لكنّني على علاقة بأونسون ، لدينا طفلتينِ ، آلين بالتبنّي و أومون طفلتنا البيولوجيّة ."
شدّ تايهيونغ قبضته على علبة الكحول بينما زاد في وتيرة هزّه لقدميه حتّى باتت تصدر صوتاً خافتاً وصل لمسامع سوهو اللذّي إبتسم بجانبيّةٍ .
مرّر تايهيونغ لسانه على شفتيه محدقاً في علبة الكحول عاقداً لحاجبيه يتنفّس بصعوبةٍ على وشك الإختناقِ ، كان بصدد فتحها فسأل بصوتٍ خافتٍ :
"هل الطفلة أومون هنا ؟ و لما لم تتزوّجا بعد ؟"
إزدرد سوهو القليل من علبته ثمّ أخفضها مجعداً ملامحه بسبب مذاقها اللاّدع و أجاب بخبثٍ دفينٍ :
"أومون نائمة بالدّاخل حذو آلين ، .. نحن لم نتزوّج بسبب كوني ممثّل ملتزمٌ بعقدٍ يمنع هذا"
إختلق كذبةً من العدم ! .. كونه ممثلٌ في الأفلام ! يجيد التمثيل في الواقع أيضاً .
إرتشف تايهيونغ من العبوّة بينما يلحق أونسون التّي تسير هنا و هناك بمقلتيه ، يشعر بالخيانة الشديدة ! ... و من حقّه أن يشعر بهذا ! .. لا يدري لما يتماسك عن ضربه و تحطيم رأسها حتّى الآن !
مسح كفّ يده على فخذه مراراً و تكراراً محاولاً تمالك ذاته ، على وجهه الأسمر ظهرت حمرةٌ طفيفةٌ بسبب ما يكبته .
طأطأ رأسه و أخذ نفساً عميقاً ثمّ رفعه محدقاً في سوهو بحقدٍ ظاهرٍ متسائلاً بنبرةٍ ظهر فيها الإهتمام :
"كيف تعرّف كلاكما على الآخر ؟"
مرّر سوهو نظراته على العبوّةِ و قد إنتفخت وجنتيه بسبب إمتلائها بالمشروبِ و سرعان ماإبتلع محتوى فمه ليجيب يطرق أنامله على الطاولة :
"في الواقع كانت على حافّة الموت في كايسونغ الفراغ الترابيّ بكوريا الشّمالية ! ، كنت والجنود على وشكِ دفنها ، لكنّ تبيّن حقيقة عيشها و تمّت معالجتها و الإهتمام بما يخصّ صحّتها ٫.."
صمت سوهو قليلاً ، حقيقةً هو لم يكذب في أيّ ممّا قاله ، حتّى الآن لم يفعل ، لكنّه واصلٓ بعد أن وضعٓ إبتسامةً جانبيّةً على محيّاه :
"و بعد مدّة قاربت السنة من عيشها في منزلي بكوريا الشمّاليّة ، برفقتنا طفلةٌ يتيمةٌ تبنّاها كلانا ، إنتهت فترة خدمتي العسكريّة و عدنا للوطنِ سوياً ، بعد طول المدّة تولّدت مشاعرُ بيننا ، و إزدادت هذه المشاعر في قوّتها عندما حملت أونسون بطفلتي .."
كان على وشك المواصلة لكنّه جفلٓ عندما وضع تايهيونغ عبوّة الكحول بقوّة على خشب الطّاولة و مسح فمه بخشونةٍ عاقداً حاجبيه ، رفع كفوف يديه يمسح على وجهه !
بالرغم من كون كلّ ماسرده سوهو كذبة ! لكن تايهيونغ قد صدّق كلّ ما ألقي على أذنيه ! .. يفكّر أنّه بالطبع قد وجد زوجة و هي على شفير الولادة ، كما أونسون التي تملك طفلة ولديها عائلة !
لكنّه يشعر بالخيانة ، فهو لم يقع في حبّ مرأة غيرها ، إستولت عليه كاملاً ، لكنّها قامت بالعكس و هذا دفعه للشعور بالخيانة !
زمّ سوهو شفتيه يحاول تمالك نفسه و عدم الإنفجار ضاحكاً ، ثمّ أخذ نفساً عميقاً ليقسم ظهر البعير بالقشّ قائلاّ :
"على أيّة حالٍ ، نخطّط الزواج صيف السّنة القادمة"
تشّتت نظرات سوهو بتوترٍ عندما أخفض تايهيونغ كفوف يديه فظهرت عينيه شديدة الحمرةِ ، يتنفّس بقوّةٍ يحاول عدم إبداء ردّة فعلٍ تؤدّي لمشاكل أقوى من طاقة تحمّله .
رفع رأسه عالياً للسماء أعلاه ثمّ أخفضه ليغرق بذهنه لأونسون التّي وقفت حذو المشواة تحاول إطفائها ، و قد نزعت معطفها لتظهر بثوبها طويل الأكمام ، ضيقٌ من ناحية خصرها ، جاهلاً عن نظرات سوهو الخبيثة تجاهه .
"هيّا للدّاخل ! العشاء جاهز !"
....
عقد قدميه أسفله بينما يجلس على الفرائش الأرضيّة ، قابله سوهو اللّذي يلتهم محتوى صحنه غير مكترثٍ لنظرات أونسون التّي تجلس حذوه .
فهي تغتنم الفرصة لتلقي على الأسمر النظرات بين الفينة والأخرى ! و عندما تشيح بوجهها ناحية الطعام يحين دوره ليلقي النظرات عليها !
"إذن تايهيونغ كيف تعرّفت على زوجتِك ؟"
تسائل سوهو بفمٍ ممتلئ بالطعام ، يشعر أنّ أونسون بحاجةٍ لمعرفة هذا ، فهي قد رفعت رأسها بإهتمامٍ تنتظر الإجابة من تايهيونغ ، أخفض هذا الأخير الكوب من يده ثمّ أجاب محدقاً في طبقه :
"كانت حبيبةً لي لخمسِ سنواتٍ ، تعرّفنا عن طريق شقيقيّ جينيونغ ، تدعى.. شوا وويون"
ماإن نبس بإسمها حتّى حرّكت أونسون محتوى طبقها بإرتباكٍ و إرتعشت كفوف يدها ثمّ نهضت فجأةً تتجّه ناحية الغرفة ، جاذبةً إنتباه الرجلينِ ، فتسائل سوهو بإهتمامٍ :
"لم تنهي عشائكِ بعد ؟!"
"سأتفقّد الأطفال "
أجابت أونسون بنبرةٍ كافحت لجعلها ثابتة ولم تتكفّل عناء الإلتفاتِ حتّى لا تظهر دموعها ثمّ دلفت الغرفة لتغلق الباب بهدوءٍ .
عُلّقت نظراتُ تايهيونغ على البابِ شارداً بنظراته الحزينةِ ، بينما سوهو يمضغ محتوى فمهِ الممتلئِ بينما ينظر لمن يقابلهُ بغضبٍ طفيفٍ .
يشعر أنّ گلمات هذا التايهيونغ هي ما أثارت الحزن في وجه أونسون فإبتلع مافي حلقهِ سريعاً و همّ بردّ الصّاع صاعينِ بحديثه الغير مباليِ :
"هي دائمة الغضب أثناء حملها ، هرمونات نسائية "
إتّسعت أعين تايهيونغ في قطرها و إلتفت ناحية سوهو ليعقد حاجبيه بغضبٍ متمتماً بسؤاله فاقداً لصبره :
"من تقصد ؟!"
"أونسون حبيبتي !"
أجاب سوهو رافعاً حاجبيهِ ببرودٍ فهزّ تايهيونغ رأسه مهمهماً ثمّ وضع عصيّ أكلهِ على خشب المائدةِ ، رفع ذراعيه و باشر برفع أطراف قميصه بهدوءٍ و قد و قد ظهر فكّه بسبب ضغطه على أسنانه غضباّ ، وهذا بثّ الخوف في أوصال سوهو اللّذي إستنتج أن الآخر على وشكِ ضربه .
نهض تايهيونغ فجأةً منحنياً بجذعه ناحية سوهو و بذكر هذا الأخير هو تراجع للخلفِ فزعاً و صرخ مستنكراً :
"هل ستقوم بضربي ؟!"
"أريد هذا بشدّة ، لكن سوف أؤجّلها "
أجاب تايهيونغ بهدوءٍ محدقاً في وجه سوهو بأعينٍ محمرّةٍ غاضبة ، ثمّ أشاح وجهه ناحية الأطباق يحملها و إستقام متسائلاً :
"أين المطبخ ؟!"
"اه ! أجل ، هناك "
أشار سوهو لباب المطبخ نهاية حديثه فتوجّه ناحيته بينما يحدّق في الفراغ محاولاً كبت غضبه و إنكساره بما سمعه ! لا حقّ له بِإبداء ردّة فعلٍ .
أونسون تملك حبيباً و طفلة ؟ و حاملٌ فوق كلّ هذا ؟ .. ماذا توقّع من غيابها لأربع سنوات ؟
جاهلاً عن كون كلّ ماسُرد كذباً .
.
إستنشقت أونسون مياه أنفها بينما تحدّق في آلين النّائمة صاحبة التسع سنواتٍ ، إبنة جونغكوك التّي أقسمت أن تعتني بها حتّى تصبح فتاةً يفتخر بها والدها اللّذي مات منذ أربعة سنواتٍ .
تبكيِ بهدوءٍ بسبب ماسمعته من ثغر تايهيونغ منذ دقائق ، لقد حدث ماأرادته ، و بات هو من نصيب صديقتها القديمة وويون ، لكنّها تشعر بالألم حيال هذا بشدّة !
"أونسون ؟"
تمتمت الطفلة آلين بأعينٍ ناعسةٍ بينما ترتفع بجذعها تحدّق في تلك التّي مسحت دموعها بظهر كفّها سريعاً ثمّ إبتسمت بدفئٍ و مسحت على خصلاتها الملساء هامسةً :
"لا تصدري صوتاً ! ..ستتسبًبين بإيقاظ أومون ."
هزّت ألين رأسها متفّهمةً و رمقت أومون ذات الأربع سنواتٍ النّائمة حذوها ثمّ إبتسمت لتوجه بصرها لأونسون متسائلةً :
"هل سوهو هنا ؟ "
هزّت أونسون رأسها بالإيجابِ تستمرّ بالمسح على خصلاتها ، فإختفت إبتسامة آلين تلاحظ نظرات الحزن على وجهها لتتسائل عابسةً :
"ماللّذي أحزنكِ ؟!"
زمّت المعنيّة شفتيها ثمّ عدّلت وضعيّة جلوسها للإستلقاء حذو الطفلة و إرتكزت بوجهها على كفّها مستدركةً بصوتٍ خافتٍ :
"هل تذكرين العقيد تايهيونغ اللّذي لم أنفكّ أحدثّكِ عنه ؟!"
إتسع قطر عينا آلين بحماسٍ ثمّ قرّبت وجهها من أونسون و أومئت بالإيجاب متسائلةً :
"ذلك الرّجل اللّذي وقعتِ بحبّه ؟!"
"أجل ، لقد عاد"
تمتمت أونسون بحزنٍ مخفضةً بصرها ، ففتحت آلين ثغرها على وشكِ الصّراخِ بحماسٍ قبل أن تندفع الأخرى ناحيتها تكمّم فمها بحذرٍ قائلةً بحدّةٍ :
"ستُوقظين أومون !"
هزّت آلين رأسها بأسفٍ ثمّ أبعدت كفّ أونسون عن ثغرها لتتسائل مبتسمةً :
"هذا يعني أنّكما ستتزوّجان ؟!!"
"هو متزوّج ، و زوجته حامل "
أجابت أونسون بأعينٍ لامعةٍ فعبست تعابيرُ آلين ، و قبل أن تهمّ بقول شيئٍ آخر ، إندفع صوت سوهو من الخارج منادياً لأونسون فنظرت هذه الأخيرة ناحية الباب ثمّ عادت ببصرها ناحية آلين تقبّل جبينها هامسةً :
"عودي للنّوم "
ثمّ إستقامت تغادر الغرفة بخطواتٍ سريعةً لتغلق الباب بهدوءٍ و تقّدمت ناحية سوهو اللّذي يقف في المطبخ بينما يقابله تايهيونغ اللّذي يستعدّ للخروج .
"مالخطبُ سوهو ؟!"
"تايهيونغ سيغادر"
أجاب سؤالها مشيراً للمعنيّ اللّذي يرمق بطن أونسون بنظراتٍ مخيفةٍ ، ثمّ رفع مقلتيه يتبادل النظرات معها حيث إبتسمت بهدوءٍ تشير له بيدها ناحية المخرج قائلةً :
"تفضّل سأصطحبُك للسيًارة"
همهم موافقاً ثمّ تقدّم ليتخطّاها ناحية باب الخروجِ ، تقدّمت أونسون على وشك اللحاق به قبل أن يوقفها سوهو منادياً :
"أونسون عزيزتي"
وكأنّما ندائه كان موجهاً لتايهيونغ حيث إلتفت ناحية كليهما ، ينتظر ماسيحدث بينما يقبض على كفّ يده يحدّق في ظهر أونسون .
تقدّم سوهو ناحيتها و أحاط وجهها بين كفّيه مسبباً نظراتها المستنكرة بفعلته ، حاولت الإبتعاد لكنّه همس مقترباً بوجهه ناحية خاصّتها :
"أشكريني لاحقاً"
كانت الزاوية التّي يقف فيها تايهيونغ جعلت منه يرى وضعيّة سوهو وكأنّه يقبّل أونسون ، فإرتعشت شفتيه ليشدّ على قبضته و قال بإنفعالٍ :
"هل سأنتظر طويلاً ؟!"
"ماللّذي تحاول فعله ؟!"
تمتمت أونسون ببلاهةٍ تحدّق بوجه سوهو القريب حيث زمّ شفتيه كابتاً ضحكته ثمّ همس بكلماته :
"أنا أجعله يغار ، إذا قتلكِ إتّصلي بي "
رمشت بغباءٍ جاهلةً مقصده لكنّه أدارها و دفع جسدها بخفّة ناحية مكان وقوف تايهيونغ قائلاً بصوتٍ عالٍ :
"هيّا رافقي العقيد كيم إنّه ينتظر "
كان تايهيونغ قد غادر بالفعل بوجهٍ متجهّمٍ فإلتفتت أونسون برأسها ناحية سوهو قبل خروجها لتحرّك سبّابتها دائرياً حذو جبينها قائلةً :
"لقد فقدت عقلك !"
.
وقف تايهيونغ أمام الباب الخارجيّ بينما الهواء البارد يلفع وجهه و يديه اللّذان إحمرّا بسبب البردِ ، لكنّه لا يشعر ، بسبب دواخله المشتعلةِ بغيرته !
"هيّا !"
قالت أونسون التّي ظهرت من خلفه توًّا مرتديةً معطفها فوجّه نظره ناحيتها غاضباً ثمّ أشاح به بعيداً ليسير ناحية سيّارته القريبةِ .
"إصعدي"
تمتم فاتحاً باب السّيارة لها ثمّ إستدار للجهة الأخرى ليصعد مغلقاً الباب بعنفٍ .
حدّقت أونسون في الباب المفتوح قبالتها لثوانٍ ثمّ صعدت بهدوءٍ و أغلقت الباب خلفها برفقٍ لترمق الآخر اللّذي يقبض على عجلة القيادة بيده ، قبل أن يشغّل محرّك السيّارة و تقدّم بها وسط هذه الأجواء الهادئة .
"أين ستأخذني ؟!!"
تسائلت تراقب الطريق من النافذة حذوها لكنّه لم ينبس ببنتِ شفةٍ فقط يقودُ و أسنانه تقضم وجنته من الدّاخل و يده تحرّك عجلة القيادة برويّةٍ .
"تايهيـ- "
"لمنزليِ"
أجاب مقاطعاً إيّاها بصوته العميق فوضعت كفوف يديها على ركبتيها و ترددّت في الحديث لثوانٍ قبل أن تقول جملتها بصوتٍ خافتٍ تحدّق في الطّريق :
"لا أريد رؤية وويون"
"لن تفعليِ"
إختصر الحديث و قد زاد سرعة السّيارة في الطريق السّريعِ فنفخت أونسون الهواء من فمها بقلقٍ ليختار كلاهما الصمت طوال الطريق .
خمسة عشر دقيقةً مرّت قبل أنّ يدخل تايهيونغ بسيّارته في إحدى الأحياء التقليديّة و توقّف بها أمام إحدّى المحلاّت المفتوحةِ فقال موجهاً حديثه لأونسون ولم يتكفّل عناء النظر لها قبل نزوله من السّيارة :
"إنزلي"
رمشت بغباءٍ و فتحت الباب من جهتها لتنزلٓ تحدّق بتايهيونغ اللّذي دلف المحلّ بخطواتٍ سريعةٍ حتّى أصدر الباب صوت الجرسِ بالتّزامن مع دفعه له .
من دون تردّدٍ تبعتهُ و دلفت لتحدّق في الأرجاء ، كان محلاً بسيطاً لطيفاً يبيع الحلويّات و الخبز بشتّى أنواعه .
"أمّي"
نادى تايهيونغ متوجهاً ناحية تلك المرأة التّي تجلس على كرسيٍّ متحرّكٍ حذو النّافذة في الركنِ ، و ماإن أدركت وجوده حتّى إلتفتت بالكرسيّ مبتسمةً ، حيث إنحنى لمستواها ، مررّت نظرها على إبنها بدفئٍ ثمّ رمقت أونسون بتساؤلٍ .
هي تعجز عن الحديثِ و الحراكِ ، فقط يدها اليمنى تتحرّك بصعوبةٍ لتضغط أزرار الكرسيّ حتّى تحرّكه ، والدته المشلولة التّي تكفّل بشراءِ محلٍّ لها و الإعتناء بها بعد أن توفيّ والده الأعمى أثناء تواجده في تلك الحرب قبل أربعة سنواتٍ .
"إنها هي"
همس تايهيونغ بكلماته لوالدته بأعينٍ لامعة ، فإختفت إبتسامتها و حدّقت في أونسون المشتّتةِ التّي تقف في الخلفِ بعيدةً بخطوتينِ .
"إنّها حيّة "
أضاف بشفاهٍ مرتعشةٍ فعقدت والدته حاجبيها و إمتلئت عينيها بدموعها بسبب إبنها اللّذي يحمل تعابير الحزنِ البؤسِ حيث أضاف رافعاً حاجبيه :
"لقد صنعت عائلة"
بعد جهدٍ كبيرٍ منها رفعت يدها الوحيدة لتضعها على كفّ إبنها برفقٍ ثمّ فتحت ثغرها تحرّكه بكلماتٍ تعجز عن إخراجها ، تحاول إيصال ماتقصده لإبنها .
"أحصل عليها بنيّ"
.
.
.
.
غادر كلاهما المحلّ بعد أن ألقت أونسون التّحيّة على والدته تشعر بالحزنِ لحالتها هذه ، كانت جاهلةً كون والدته ماتزال على قيد الحياة !
وهاهو الآن يقف أمام منزله الخاصّ و فتح الباب ليدلفٓ فلحقتهُ هي بخطواتٍ ميسورةٍ ، عكس خطواته التّي تدلّ على غضبه مع تجاهله لها ! .. هي أدركت أنّ هناك خطبٌ ما به .
توقّف هو عن سيره ليجلس على الأريكة في غرفة جلوسهِ بينما يرخي رأسه للخلفِ مغمضاً لعينيه حتّى ينعم بقسطٍ من الرّاحة ، بينما أونسون نزعت معطفها و وقفت قبالته على بعد خطوةٍ منه و تذمّرت قائلةً :
"أنا للآن جاهلةٌ عن سببِ جلبكٓ لي لمنزلكٓ بينما تتجاهلني !"
فتح عينيه الناعستانِ و حدّق فيه بهدوءٍ ، يراقب ثوبها هذا ، حتّى إستقرّت مقلتيه على بطنها ، حيث يخال أنّ طفل رجلٍ آخر يحتلّها !
تنهّد ليرفع يده و أمسك ذراعها ليسحبها ناحيته برفقٍ ، حتّى إستقرّت بين قدميه جالسةً على فخذه الأيسر .
"ماللّذي تفعله تايهيونغ !؟"
تمتمت بإستنكارٍ تحاول النّهوض لكنّه شدّ ذراعيه على خصرها بينما يرفع رأسه محدقاً في وجهها القريب ، حيث أخفضته لتتبادل معه النّظرات الهادئة .
إبتلعت مافيِ حلقها و أرخت كفّيها على كتفيه هامسةً :
"أنت مخطئٌ بما تفعله ، لديك زوجة"
"لا أحبّها"
أجاب بصوته العميق فتشتّت نظرات أونسون على وجهه بضياعٍ ثمّ همست مجدداً بأعينها اللامعة :
"سيصبح لديك طفلة"
"لا أريدها"
أجاب من دون تردّدٍ ثمّ أخفض رأسه ليحدّق في بطنها قبل أن يحرّك إحدى يديه ليلمسها مسبباً إرتعاشها هامساً :
"لطالما رغبتُ أن تحمل بطنكِ إبني"
صمت قليلاً ثمّ أعاد بصره ناحيتها يرمقها بعتابٍ مواصلاً :
"لكنّها الآن تحمل طفل رجلٍ آخر "
عقدت حاجبيها ببلاهةٍ ثمّ فرّقت شفتيها متسائلةً بإستنكارٍ :
"ماذا ؟!"
"كان من حقّهِ لمسُكِ "
أضاف ليحرّك يده حتّى وضعها على فخذها الظّاهرِ و حرّكه بخفّةٍ ثمّ مركز مقلتيهِ على شفتيها المزيّنةِ بملمّع الشفاه ذاك مواصلاً :
"لقد لمسكِ "
كانت تتنفّس بصعوبةٍ تشعر بيده التّي تتحرّك على فخذها ، وقد تعالت خفقاتها تراقب عينيه التّي تتمركز على شفتيها حيث أضاف :
"أريدكِ ، ولو لمرّةٍ أريدكِ"
لم ينتظر موافقتها البتّة بل تقدّم ليحيط شفتيها بخاصّته و حرّك ثغره عليه بعنفٍ بينما يعقد حاجبيهِ يدفع جسدها للخلفِ حتّى إستلقت على الأريكةِ ليعتليها بينما كفّه تضغط على فخذها يرفع ثوبها للأعلى .
كانت عاجزةً عن ردعه ! و حتّى ولو باتت قادرةً على ذلك هي لن تدفعه ! هي تريده !
رفعت كفّ يدها لتضعه على رقبته تمسح على شعره القصيرِ بينما تحرّك ثغرها ضدّه تبادله قبلته المحتدمة ! حيث يستخدم أسنانه كما لو أنّه يرعب بإلتهامِ ماتملكه ! وقد تجاوز الدقيقتين وهو يظهر مشاعره تجاه شفتيها !
إبتعد يسحب جلد شفتيها بأسنانه ثمّ تركها ليرخي جبينه على خاصّتها بأنفاسٍ سريعةٍ و رفع يده ناحية أزرار ثوبها يفتحه هامساً بصوته العميق :
" فاتنةٌ أنتِ حتّى بتّ قابلاً أنّ تتدمّر حياتي التّي بنيتها بسببكِ"
أخفض ثوبها من ناحية كتفيها برويّةٍ بينما ينثر قبلاته المتفرّقة على شفتيها اللاّمعة بسبب تهوّره .
"لا أكترثُ لأطفالكِ و حبيبكِ أريدكِ"
همس مرخياً جبينه على كتفها العاري بتعبٍ يتنفّس بسرعةٍ بسبب مشاعرهِ المضطربةِ .
فتحت أونسون عينيها برفقٍ تحدّق في الفراغ بوجهٍ محمرٍّ ، رفعت أصابعها لتغرسها بين خصلاته القصيرة تمسحه برويّةٍ ، هي للتوّ أدركت خطبه و غضبه الغير مبررّ ! .. كلّه بسبب سوهو اللّذي صنع كذبته !
"لا حبيب لي و لا أطفال البتّة ، مجرّد كاذب.. يكون صديقاً أخاً فقط"
أجابت بتقطعٍ بينما ترطّب شفتيها ، فتح تايهيونغ عينيه و رفع رأسه عن كتفها ليحدّق بوجهها لثوانٍ قبل أن يشدّ قبضته على خصرها و همس بحدّةٍ :
"سأعمل على قطع مصدرِ أطفال ذلك اللعين"
قهقهت أونسون بخفوتٍ حتّى ظهرت غمّازتها اللطيفة ثم رفعت كفّها لتمرّر سبّابتها برفقٍ على حاجبهِ و رموشِ عينيه قائلةً :
"لم أعد طيلة أربعة سنواتٍ ، لأنّني أردت أن يحصل ماحصل في حياتك تواً .. أنا قمتُ بخيانة صديقتي المفضّلة مع الرجّل اللّذي تحبّ"
بنبرةٍ مرتعشةٍ ختمت حديثها بينما تتبادل معه النّظرات ، تنهّد تايهيونغ ثمّ همس مقرباً وجهه يغرس أنفه في وجنتها :
"بذهابكِ فقدت نفسي ، زواجي بها حدث قسراً ، أنا لا أريدها بقدركِ"
أغضمت أونسون عينيها بهدوءٍ بينما تستمرّ بتحريك أناملها بين خصلاته ثمّ قالت بحزنٍ ظهر بصوتها :
"زوجتكٓ ، حاملٌ بطفلتكٓ يجب عليك أن تهتمّ و إرادتك لهما هي الأهمّ "
زفر أنفاسه على وجنتها و أبعد وجهه قليلاً ليعود لثغرها و قبّلها برطوبةٍ لثانيتينِ قائلاً :
"أريدكِ"
حرّك يده مواصلاً إنزال الثوب عن جسدها وواصل هامساً بينما يغرس رأسه برقبتها الظاهرة :
"أريد فتاة الجيش "
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
وتوتة توتة إنتهت الحتوتة :)
بدأت : 01-04-2020
إنتهت : 31-12-2021 ✓
.
.
.
.
أنماط شخصيات الرواية :
unsoun : ENTJ
Taehyung : ISTJ
chanyeol : INFP
Chinhuy : ISFP
Wooyun : ENFJ
Soojin : ESTP
kim seokjin : ENTP
Soobin : INFP
IERY : ENFP_T
PARK YEOSONG : ESFP
jeon jungkook : INTJ
jimin : ESFP
Jinyoung : INFJ
Namjoon : ISTJ
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
مين يللي خلص قراية البارت بعد قرابة الساعة ؟ .. أيوة انت/ي :))
بارت أطول من صور الصين 😂
مين يللي خلصت الرواية وهي تبكي هلئ ؟ أنا أيوة أنا ಥ‿ಥ
نهاية مفتوحة ؟ أيوة نهاية مفتوحة عشان تتخيلو إيه للي حيصير وواضح انو تايهيونغ إختار أونسون على مراتو . إيه تخيلاتكم ليلي حيصير مستقبلاً ؟ ، شخصيا مش راضية على النهاية أبدا بس حبيت أخلصها عشان طالت مدة بقائها :)
النهاية مش عجباني عشان انا كنت أخطط انهيها بموت أونسون بس عشانكم غيرت كل حاجة :)
أنا عن نفسي اجاني تصحر وصرت صحراء إفريقيا بسبب أفعال المتزوجين تبع أونسون و تايهيونغ الملعونين يلا حصل خير 🙂
كل سنة وانتو طيبين و هابي نيو يير يجماااعة 🎉🎉🎉🎂🎇انا مش قادرة اصدق انو نحنا هلئ حنصير ب 2022 :))) .. كأننا سافرنا عبر الزمن .
الرواية الجديدة (لا عنوان) تبع جيمين حتنزل البارت الأول بعد بكرة ..😭❤️❤️ الرواية دي كانت مختفية لسنتين و أنا مستنية انتهاء الرواية دي عشان أنزلها عشان متحمسة الها ألفففف .
فكرتها حتكون جريئة شوية ، و الرواية فكرتها زي فكرة فتاة الجيش ، معقدة و مليئة بالأحداث الي تحتاج الذكاء و المنطق ، طابع ميلودرامي ، حيكون فيها الفكاهة و الرومنسية الجريئة ، المنطق و لازمها الذكاء :))
أتمنى تنال إعجابكم زي مانالت فتاة الجيش إعجابكم و بجد أنا سعيدة و ممتنة و مدري أعمل إيه عشان أعطيكم و لو جزء من السعادة يللي تلقيتها بسسبكم 😭😭❤️❤️ .. بسببكو انتو أفكاري دي صارت تتنشر و خرجت من عقلي على شكل مشاهد ..
هنا مساحة عشان كل واحد فيكم يحكي مشاعرو تجاه الرواية بصدق : .. أكثر مشهد عجبكم طول الرواية ؟ .. أكثر مشهد ماعجبكم ؟ .. إحساسكم عامة ناحية القصة و فكرتها وطريقة السرد ❤️❤️❤️🎂
أنا بس عم أتسائل إذا في أولاد يقرون القصة دي 😭😭؟؟ ..
مدري بس أنا بعرف ولد واحد يقرا قصتي وهو أخوي حسان , بجد أشكرو عشان شجعني و كان يستنا البارت على جمر و كل يوم يسألني إمتا أنزلو و متعلق بالرواية بشكل .. ❤️❤️❤️ mohamedhassenjouini0
KTHXNARA7 اشكرك على كلماتك اللطيفة ومرافقتك الي لقرابة 3 سنوات من البدايات 😭😭❤️
user2125171o شكرا لحبك للرواية بالطريقة دي و كلماتك اللطيفففة 🎂🎂🎂احبكك❤️
Notte_mochi أحبك عشان دعمك و لطافتك 🥺❤️
وشكرااا لكل شخصص من دون استثناء ، حطو كلمة هنا عشان أشكركم وحدة وحدة 🥺 بجد مش قاادرة ابطل أقول شكرا عشان انتو سبب فرحة كبيرررة داخلي ❤️❤️❤️❤️
إلى اللقاء في الرواية الجديدة (تلميح في سبيشل بارت لفتاة الجيش حينزل فجأة كدةة) 😉
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro