Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

عاشق من الجن


< رقدت دموعها على أطراف رموشها السوداء الطويلة وغطت على حدقتيها الزرقاوتين الواسعتين فبدوتا كبحرٍ هائج ، وما عيناها سوىٰ بحر عظيم الجمال ضاع كل من أبحر فيه بلا رجعة ، تشبع جفنيها بالحمرة وتهاوت تلك اللآلئ على وجنتيها المحمرتين كحال أرنبة أنفها ، فاغرة شفتيها المشبعتين بالحُمرة فبدوتا كبتلتين من ورد الجوري تطلق شهقاتها بخفة ، كانت واقفة امام مرآتها تناظر نفسها وهي بفستان زفافها حيث انسدل شعرها الحريري الذي بدى كقطعة من الليل الحالك بجانب خصرها النحيف وهو مموج كموج البحر تزينه بتلات ملونة لأزهار صغيرة تناسقت في ترتيب جميل كتاج قبع في مقدمة رأسها أسفل الاكليل ذو القماش الشفاف . كانت تحمل باقة بين يديها حملت ازهار بيضاء وزرقاء جميلة فبدت في مجمل شكلها كعروسة هاربة من قصص الخيال ، لم تتوقف دموعها لوهلة عن الهطول وهي تحدق الى نفسها بشفة مرتجفة لتسقط الباقة من يدها وهي ترى انعكاسها قد تلاشى وحل محله صورة لمالك فؤادها !
فرفعت أناملها المرتعشة بخفة تتلمس سطح المرأة بأبتسامة حملت الدهشة والانكسار وقد تشربت بشرتها بالحمرة اثر ازدياد بكائها تراقب صورته التي كانت تبتسم لها ، طوله الفارع كالمارد شعره الاسود كان مسدول على شكل ظفائر غليظة امتدت على صدره الواسع ، ذقنه كان ملتحياً وكعادته حتى وشفتيه تبتسمان فحاجباه الغليظان كانا منعقدين او هذا ما يبدوا لتقاربهما ولكنها مع ذلك رأت في عسليتيه الحادتين المثبتتين عليها نظرته الولهانة العاشقة التي لطالما منحها اياها حالها كحال ابتسامته الدافئة هذه كدفئ حضوره البهي ، تراجعت بفزع حينما أخرج يده لتمتد نحوها ممسكاً بكفها لتستمع لصوته الخشن ذو البحة المميزة مخاطباً اياها :
-لقد عدتُ اليكِ كما وعدتكِ يا ملاكي .
ضحكت بغير تصديق ودلفت اليه عابرة زجاج المرآة لتستقر بين يديه حيث قبلها قبلة شغوفة متذوقاً رحيق شفتيها ليطوق وجهها بين يديه ماسحاً دموعها قائلاً وهو يعقد حاجبيه ليلتحما حيث برزت تلك الخطوط بينهما كما تعشق تماماً حينما يعاتبها :
-ألم أقل لكِ ان الموت أهون علي من دموعكِ فلما البكاء ؟
ابتسمت تشفط سائل انفها محدقة اليه بعدم تصديق :
-لان ... لان اليوم هو يوم زفافي على غيركَ .
ثم ارتجف فكها ببكاء ليلوي شفته ساخراً معلقاً على كلامها :
-ومن قال ذلك ؟ اليوم هو يوم زفافنا يا ملاكي .
توسعت حدقتيها بدهشة لتتسع ابتسامته اكثر ليقبل جبهتها ثم نظر كلاهما لباب الغرفة القابعين فيها والذي دلف منها رجل انحنى بأحترام قائلاً :
-الكل جاهز وبأنتظار حضرتكم يا جلالة الملك .
اومأ ايجاباً ثم أخذ بيدها ليقف بعد دخول الخدم حيث البسوه ردائه وتاجه لتكتمل حلته ولتقف هي ناظرة نحوه فاغرة فاهها بأعجاب تطالع زيه الملكي الذي صنع من الحرير الفاخر مطرز بالياقوت واللؤلؤ وردائه كان من الفرو وتاجه كان من الذهب الخالص يشع كما تشع الشمس في كبد السماء وقد حمل جوهرة كبيرة تسلب الالباب تلونت بألوان الطيف وللمفاجأة فقد حمل الخدم تاج مشابه له حيث وضعوه على رأسها لتطالع نفسها في المرآة مندهشة من جمال تاجها ، ثم اخيراً خرج الاثنان معاً حيث كانت متأبطة ذراعه تحدق كل فينة وأخرى اليه غير مصدقة انها تُزف اليه حقاً .
استقبلهما الحشد بأصوات الابواق المرتفعة والتهليلات والتبريكات ليمثلا امام القاضي والذي اعلن زواجهما بشكل رسمي .

النهاية >
*******

#مريم:

قرأت السطور الاخيرة من الرواية ومعها وصلت الى نهاية هذه الرحلة وكم كانت رحلة شيقة ومليئة بالعجائب والمغامرات ! اطلقت زفيراً عميقاً أخرجت به أنفاسي المكبوتة وكأنني أفرغ جبلاً من الهم كان يرقد داخلي ، وتبسمت ببعض الرضا سعيدة بهذه النهاية وكأنني قد عشتُ الاحداث حقاً وهذا ما جعلني أتأثر بكل لحظة من لحظات هذه الشخصيات ، عادة ما نقرأ هروباً من واقعنا رغبة منا في عيش حياة أخرى سعيدة نعيش مغامراتها لحظة بلحظة نفعل ما نرغب به بدون قيود وكأننا على ارض لا تحكمها قوانين او شروط معينة ، نعايش فيها اشخاص يكونون محطات مهمة في حياتنا بعضهم نُسر لمعرفتهم وبعضهم نتعلم منهم والبعض الاخر يكونون حافزاً كبيراً لتحقيق أحلامنا ، عدت للولوج الى الصفحة الشخصية للكاتبة أطالعها بذهن شارد وانا أُعيد أحداث روايتها داخل ذهني كشريط فيلم سريع أقلب كل كبيرة وصغيرة داخل عقلي وانا اقضم شفتي اتنهد بين فينة واختها ، فكيف لشخص ان ينقلك بواسطة حروف فقط الى عالمه الخاص وكأنه ساحر القى عليك تعويذته الخاصة ليرميك في بُعد آخر حيث تكون انتَ البطل الرئيسي لهذه الحكاية التي تُنسج وكل ما لا تتوقع حدوثه يحدث معك الجيد منه والسيء ،فكيف لفتاة قروية بسيطة ذات جمال خلاب وتعليم محدود تعيش حياة روتينية معقدة حيث تكون حبيسة المنزل ودورها ضمن العائلة هو القيام بكافة اعمال المنزل ان تجد نفسها فجأة معشوقة من قِبل مخلوق في بادئ الامر لم تعرف ما هيته ، كان طيفاً عكف على زيارتها في الاحلام حتى بات يظهر لها حقيقة جاعلاً اياها ضحية لتلك الكوابيس التي كان هو صانعها لتجد نفسها مختطفة الى عالمه حيث لم يكن سوى جني ! او بالاحرى اميراً من الجن وسيم الخلقة بهي الطلة عذب اللسان وبليغ الكلام لتعيش في قصره معززة مكرمة موقعاً اياها في شباك عشقه ! كانت قصة حبهما بريئة جداً فكانت ملاكه وصغيرته الفضولية والمحبة للاستكشاف وامرأته الجميلة وكان لها هو ذلك الذي عوضها عن حنان والدها المتوفى والذي احاطها برعايته وحبه وحنانه وكان حبيباً ورفيقاً وصاحباً لسرها وزوجاً تتطلع لتصبح مُلكه ، كانت علاقة متكاملة وحميمية وكأن الاثنان عوضا بعضهما عما ينقص كلاهما ولكن في عالمه زواج الجن من الانس مُحرم لذا عُزل من عرشه وسُجن اما هي فلقد كانت تعيش بروحها معه وليس بجسدها لذا كانت في غيبوبة طويلة استفاقت منها حالما انفصلا عن بعض ! انا نفسي لم اتوقع هذا واعتقدت ان الرواية ستنتهي عند اعتراف كليهما لبعض بالحب في الليلة التي سبقت الانقلاب ضده ! وبعدها عاشت الفتاة في القرية والغريب انها عادت بلسان فصيح لكونها تعلمت منه فعرضتها عائلتها على شيوخ كانوا اغلبهم دجالين حتى مرت ثلاث سنوات من عمرها تقدم فيها رجل لخطبتها بعد ان انبهر بجمالها وسرعان ما وافقت العائلة عليه لكونه اول من تقدم لابنتهم المنبوذة اجتماعياً لكونها ممسوسة كما شاع في القرية وهكذا في يوم زفافها عاد عشيقها بعد ان تناولت الكاتبة نضاله من اجل عرشه والخيانات التي تعرض لها واخيراً استعادته لمكانته كحاكم ليعلن زواجه بمحبوبته ! اخذت اقرأ التعليقات على القصة وكم حسدت الكاتبة على هذا الخيال الرائع لأعلق انا ايضاً مدلية بأعجابي بها ، عدتُ مجدداً لتصفح صفحتها كانت فتاة كويتية اسمها ياسمين في العشرينات من عمرها ولها قصص عديدة على انستغرام كلها تتحدث عن العالم الاخر منها الرعب ومنها الرومانسية كما هي روايتها " الجن العاشق " والتي انهيتها وانا اشعر وكأنني انهي آخر اتصال لي مع شخص عزيز على قلبي فلم اشأ ولو للحظة ان تنتهي هذه القصة ولو بعلمي ان لكل شيء نهاية ولابد ان ينتهي يوماً .
لم اقاوم رغبتي في الدخول على المراسلة الخاصة للتحدث اليها لأشباع ذلك الفضول عن كيف اتت بهذه الفكرة وتحديداً استنباط معلومات عن امكانية حدوث هكذا قصص في الحياة الواقعية ، كانت لطيفة جداً في الرد علي وسرعان ما انسجمنا كصديقتين لنتعرف على بعض عن قرب ، وبعد القليل من المجاملات تنهدت اطرد بعض التوتر المعتمل بداخلي لتطرق اناملي على شاشة الهاتف بسرعة كاتبة جمل كثيرة احاول اختصار حديثي قدر الامكان :
"- كيف خطرت ببالكِ هذه الفكرة أعني انها فعلاً غريبة وخارجة عن المألوف فقصص الجن العاشق اغلبها تتطرق الى الرعب وعن كيف الامر مخيف فكيف خطرت ببالكِ كقصة حب ممكنة الحدوث ؟"

مع احد الوجوه التعبيرية التي تعبر عن التساؤل لتظهر لي جملة ' جاري الكتابة ' وبعد دقيقتين أرسلت رسالتها والتي كانت طويلة قليلاً منمقة وذات اسلوب سلس يعبر عن شخصية صاحبته :
"-كثيراً ما يرتبط الجن بالرعب وعن كم هم مخيفون لذا احببتُ ان اُغير قليلاً ، بصراحة كان المشروع ان تكون قصة رعب ولكن عند منتصف الاحداث وعند ذهاب ' ملاك ' الى عالم ' عفرين ' وجدت نفسي اكتب عن علاقة افلاطونية مفعمة بالحب لذا غيرتُ رأيي بعد قرائتي لما كتبته وقررت انه ليس كل ما يرتبط بالجن يجب ان يكون مخيفاً ."

ختمت حديثها ببعض القلوب وبوجه تعبيري يعبر عن ابتسامة خجولة لأصمت قليلاً اتمعن في كلامها وبداخلي فيض من الحديث يود الخروج فقط كبحر هائج تتلاطم امواجه داخلي يود الخروج فقط والتسبب بفيضان هائل ! بللت شفتي بلساني متذوقة احمر الشفاه الزهري الذي اضعه لأعود للنقر فوق سطح الشاشة متحدثة بما يجول بخاطري لربما قادني القدر الى هذه الفتاة لعلها تجد تفسيراً لما اعانيه خاصة وانني وجدت نفسي في سطورها ! ولكن بهيئة واسم آخرين !:
"-هل تعلمين عن الجن ؟ يعني هل هناك جن يعشق حقاً كما كتبتي ؟"

سرعان ما قَرَأتها ليظهر لي انها تكتب لتصل رسالتها :
"-لا اعلم الكثير ولكن الجن يعشق كما نفعل نحن البشر وربما اكثر "

صمتت بعدها ليحين دوري :
"-هل يمكنك اخباري المزيد ؟"

تنهدت منتظرة جوابها بفارغ الصبر ليصل بعد ثواني :
"-ومالذي تريدين معرفته تحديداً ؟"

زممت شفتي واخذت انظر في جميع الاتجاهات مفكرة فيما يجب علي معرفته لأكتب بعد ان قررت :
"-كل ما تعرفينه "

عادت جملة ' جاري الكتابة ' للمثول امام حدقتاي ولكنها تأخرت لدقيقة ونصف لتصل رسالتها طويلة بعض الشيء لتعود للكتابة مجدداً بينما أقرأ انا بصمت وقررتُ عدم مقاطعتها اطلاقاً رغبة مني في التركيز بكل ما تكتبه ، ولسبب ما كان قلبي يطرق بعنف وكأن مفتاح حلول مشاكلي يقبع بين هذه السطور ! واي مشاكل ؟ مشاكل عاطفية مع طيف خيالي لستُ حتى متأكدة مما اذا كان نتيجة تأثري من روايات العشق ام من احلامي الوردية المتراكمة داخل عقلي :
"- عزيزتي عليكِ معرفة اولاً ان الجن هم مخلوقات مثلنا وهم غير مرئيون وكما ذُكر في القرآن انهم خُلقوا من النار وهم يفرقون عن الشياطين بكونهم مثلنا اي بعضهم صالح وبعضهم طالح ويعيشون ويموتون مثلنا تماماً حتى انهم يتزوجون ويُنجبون وكذلك لهم مشاعر واحاسيس !" رفعتُ حاجباي عند هذه الجملة تحديداً لأكمل القراءة مبتسمة بدهشة حقاً لا اعلم الكثير عنهم سوى من بعض كوابيسي وقصص والدتي في زمن جدي حينما كان هو ومن عاش برفقته يتعرضون لمواقف مرعبة من قبل هذه المخلوقات وبعض المعلومات المتفرقة على النت ومن الافلام الكلاسيكية التي تصورهم كمخلوقات تحب ان تسيطر على الانسان واغلبها شيطانية تكيد له المكائد لذا انا حقاً اخشاهم بشدة وقرائتي عنهم حالياً هي مخاطرة بحد ذاتها كون الاهل وكبار السن يقولون عادة < لا تقرأ عنهم او تجلب سيرتهم فهم سيحضرون وان حضروا لن تقدر على صرفهم > لذا نقول دائماً عند ذكرهم <اللهم اسكنهم في مساكنهم > عدتُ للقراءة بنهم :
"-بالنهاية هم عالمهم وحدهم ونحن عالمنا وحدنا ولكن هناك انواع كثيرة منهم حسب ما يصل الينا من بعض الكتب والاحاديث والتي منها احاديث نبوية شريفة ، لذا هناك ايضاً نوع من الجن وهو يسمى العاشق لكونه يعشق الانسان لكونه يُفتتن بجماله فهم بشعين الخلقة كما يقول البعض ."

ارسلت لها :
"-ولكن 'عفرين ' رجل وسيم فكيف تُفسرين ذلك ؟"

قرأت لتُجيب :
"-كما قُلت الجن انواع لذا ليسوا كلهم خُلقوا بخلقة بشعة فبعضهم جميل وبعضهم فائق الجمال اي اشكالهم درجات كما نحن تماماً ."

لم اقتنع بحديثها لذا كتبت مع بعض الوجوه المعبرة الساخرة :
"-اكيد سيتشكل ليصبح جميلاً "

ردت من فورها :
"-التشكل هو احدى قدراتهم ولكن هذه القدرة لا يلجئون لها دائماً ولا يستخدمونها الا عند دلوف عالمنا لذا وان تواجدوا بيننا فهم يكونون على اشكالهم الحقيقية وكما اسلفت بعضهم قبيح وبعضهم جميل نسبة اليهم هم لأننا بالنهاية لا نراهم ."

بدا كلامها منطقياً لذا لذتُ بالسكوت مترددة عما اذا سأخبرها او لا لأعض على شفتي لأشرع بالكتابة وقد حزمتُ امري :
"-طيب هل استطيع اطلاعكَ على سر ؟"

ارسلتها لأكمل :
"-لا يعلم به احد وانا فعلاً احتاج لمن ينصحني "

شعرت برغبة بالتكلم حول تلك السنوات الاربع ولسبب ما علقت الغصة في صدري وكأنني اتمنى ان اُخرج هذه الفتاة من الجانب الاخر كما فعل ' عفرين ' مع ' ملاك ' لأرتمي بحضنها ساردة لها الكثير والكثير اي اُثرثر بلا مقاطعة منها لأضع عيني بعينها مستمعة الى رأيها حول الامر ، وبما ان هذه القدرة فقط في الخيال اكتفيت بأرسال مقطع صوتي بعد ان ارسلت لي موافقتها برحابة صدر لأتنهد بتوتر وكأنني على وشك القاء محاضرة بخصوص علم الذرة لأضغط على زر التسجيل محاولة ترتيب كلامي قدر الامكان لتفهم علي بوضوح ولسبب ما حينما مر بخاطري دمعت عيناي وازداد النغز في قلبي :
"-لا اعلم حقاً من اين ابدأ ولكن الامر بدأ منذ اربع سنوات تحديداً .." تنهدت بثقل وكأنني غير مستعدة بعد لمشاركة هذا السر مع احد خاصة بعدما تشوشت رؤيتي بفعل الدموع مع ذلك اكملت مُرغمة سامحة لدموعي بالهطول لتخفف عني ذلك الالم الذي لطالما اعتدت وجوده في جوفي :
"- هناك شخص ما وقعت بالحب معه ولكنه ..هو ليس ببشر يعني .. فقط اراه غالباً في احلامي هكذا بلا سبب او مقدمات ! "-تنهدت مجدداً شافطة سائل انفي ماسحة دموعي مكملة بصوت حاولت قدر الامكان جعله ثابت بالرغم من ارتجافة نبرة صوتي -لا اعلم حقاً من يكون ولكن اعلم فقط اننا عشنا في قصة حب جميلة كما في روايتكِ تماماً والان اختفى هكذا فجأة ! صعب علي شعور فراقه وانا حقاً حائرة فيما اذا كان هذا الرجل الذي عشقته هو نتاج خيال خصب لكوني كاتبة ايضاً او هو اضغاث احلام من عقلي الباطني لكوني انسانة حالمة وخيالية زيادة عن اللزوم !."
لا اعلم لما ذممت نفسي ولكن اعلم انني عُدت للاحتراق مجدداً كما افعل كل ليلة خاصة بعد مرور اسبوع اخر من دون اي اشارة تدل على عودته ! وكأنني على حين غرة استيقظت من عالمي الوردي لأعيش حياتي الواقعية حالي من حال غيري لكوني بلغتُ سن الرشد اي السن الذي يجب ان اتوقف فيه عن الحلم وتقبل حياتي كما هي بدون حوريات او جنيات او قصور خيالية !
اطلقت شهقات متتالية لأنظم انفاسي محاولة انهاء رسالتي سريعاً :
"-لا اعلم كيف اوصل لكِ الامر فالكلمات تتلاشى من على لساني ببساطة ولكن فقط اعلم ان هذا الطيف قد سلب لُب قلبي وملك روحي له وانني فعلاً لا استطيع النوم او الاكل او حتى التفكير بشأنه وكأن محور حياتي كله يدور حوله "
ارسلت المقطع لها لأنتظر كلماتها على احر من الجمر حيث مسحت دموعي لتهطل مجموعة اخرى غيرها وكأن شخصاً ما قد فتح ماسورة مياه داخل رأسي لتهطل دموعي بغزارة هكذا !
ردت بمقطع صوتي لأستمع اليه حيث كان صوتها هادئاً رزيناً تتحدث بلهجتها والتي وجدتها ظريفة حقاً لجمال كلماتها :
"-تبدوا كمشكلة عاطفية عزيزتي كلنا نمر بهذا السن وهذه الفترة من العشق والرغبة في ان يُحبنا احدهم لذا اتركيه ببساطة وحاولي نسيانه وركزي على دراستك فصدقيني ستجدين الافضل منه مستقبلاً ."

أجبتُ بمقطع :
"-لكنني لا استطيع ، نسيانه والتخلي عنه ليس بهذه البساطة لو استطعت لنسيته منذ زمن ولكنه اشبه بذرات الهواء لا اقدر على التخلي عنه هكذا ".

تنفست بصعوبة وقد وجدت دموعي ترقد كقطرات الندى فوق شاشة هاتفي لأمسحها ببساطة ، وعدتُ لبكائي الصامت اطالع الشاشة وصورته تحوم حول رأسي لتجر معها شريط الذكريات ذاك والذي في كل مرة يمتلك ذلك الشعور الذي يسيطر على داخلي ، وكأن سكاكين حادة تطعنني برفق فتكون طعنتها عميقة وبطيئة كقاتل يتلذذ بتقطيع ضحيته على مهل مستمتعاً بألمها هكذا هو حالي مع هذه الذكريات القاتلة ! والتي في يوم ما كانت لها حلاوتها الخاصة بها اما الان فيبدوا الامر وكأنني اتجرع سماً مُراً وكأن لا طعم في العالم اَمَرُ منه .
استمعت الى صوتها الذي شابته الحنية وهي تتحدث معي بتأني :

"-ستفعلين فقط اقدمي على تجاهله ان قِدم اليكِ وحاولي صده ان تحدث معكِ ومارسي حياتكِ بطبيعية سواء كان موجوداً او لا ".

تضايقت من حديثها وكأن كلماتها هذه تضيق على قلبي وتمنحني شعوراً مُنفراً يجعل الغضب يستعر بداخلي لأتحدث بنبرة غضوبة وحادة مما جعل صوتي عالياً وكأنني على وشك الدخول بعراك شرس :

"-اقول لكِ انه بعيد عني اصلاً ولا اعلم اين هو او من هو حتى وتقولين لي انسيه ومارسي حياتكِ بطبيعية اقول لكِ لا استطيع العيش بدونه وانا حتى لا اعلم كيف اصل اليه هل تفهمين ما اقول ؟"

ردت بعد وهلة ببعض الحدة وقد ظهر الاستنكار في صوتها :

"-اذا كنتِ لا تعرفينه فكيف عشقتيه اصلاً ؟"

اجبتها بصوت مهزوز باكي وقد ارتعشت نبرة صوتي :

"-لهذا اقول لكِ لا اعلم انه مجرد طيف اراه في احلامي فقط ولكن انا .. حقاً لا اعلم كيف افسر الامر ولكنه يشبه ما كتبته انتِ في روايتكِ ، كما حدث مع ملاك تماماً حينما عكف طيف رجل وسيم على زيارة احلامها فأصبحت تحبه وتخافه في الآن نفسه هذا هو حالي ولكن الفرق انا استمريت معه لأربع سنوات كاملة ولا اعلم حتى من يكون اذا كان انسي او جني او مجرد طيف من وحي الخيال "

ابعدتُ الهاتف قليلاً اعض على شفتاي بقهر اشعر بعقلي وهو ساكن تماماً لا يملئه سوى الفراغ ، ذهني متشتت وكأنه مبعثر بألف اتجاه ولا يتردد بداخلي سوى صوت قلبي وهو يردد جملته المعتادة التي تطرق اذاني فتزيدني وجعاً "اين انتَ يا ملاكي الحارس ؟" سهوت عن هاتفي لوهلة اطالع انعكاسي في المرآة وللحظات تخيلت انه سيظهر لي بدل صورتي وسيسحبني معه الى عالمه الخيالي ليعلن انه سيبقى بجانبي وللابد وصدق عقلي هذه التراهات ورحتُ احدق بلا توقف ولكنني لم احصل سوى على رعشة سرت بقلبي وانا اشاهد شكلي وقد تغير الى هيئة اخرى لا اعرفها ! فكلما ركزتُ اكثر في وجهي كلما اصبح بياضه ناصعاً وتغيرت ملامحه الى ملامح اخرى ويحدث هذا التغيير في اقل جزء من الثانية وكأن وجهي يتبدل الى آلاف الوجوه خلال مدة لا تتعدى الثانيتين ، لأشيح بنظري نحو الهاتف مستشعرة صداع عنيف قد ضرب برأسي مما جعل شعور الخمول يسيطر على جسدي لأجد ثلاث رسائل منها وكانت صوتية ففتحتُ الاولى استمع اليها بلا تركيز :

"-مالذي تقصدينه بهذا الكلام اتقولين انكِ احببتِ شيء في احلامكِ ؟"

"-قصتي هذه خيالية كما ذكرتُ سابقاً ولا ارى وجه الشبه بين مشكلتكِ وبين احداث ما كتبت "

"-لا املك تفسيراً لما يحدث لكِ لأنني لم افهم قصدكِ حقاً لأن ما عانته شخصيتي كان اثر عشق الجني لها "

لم ارد عليها بشيء لترسل مقطع رابع بعد لحظات ففتحته وقد ظننت انها تود الاعتذار لتتخلص مني ولا الومها على ذلك :

"-أ يُعقل انكِ مصابة بالمس العاشق !"

توسعت عينا فجأة على اقصاهما لأضغط زر التسجيل على الفور بعد ان تنبهت جميع حواسي بحذر وكأنني قد جهزت دفاعاتي لدخول ارض معركة ضروس فتكلمت بخوف :

"-وما هذا الان هل هو شيء خطير ؟"

ارسلته على الفور لتجيبني بالسرعة ذاتها :

"-انتِ قلتِ انكِ تعانين ما عانته ملاك على الرغم من كونها شخصية خيالية لذا من المحتمل ان من تحبيه هو جني لا اكثر ولا اقل !"

ثم اعقبت :

"-لم اتوقع ان اكتب شيئاً صادف ان حدث حقاً لدى احدهم هلا اخبرتني بالمزيد ؟"

ابتلعتُ ريقي بخوف وشعرتُ بقلبي وهو على وشك التوقف لسرعة نبضاته لأتحدث بصوت بليد خرج قسراً :

"-انا كما اخبرتكِ قبل قليل يعني قصة حبنا كما هو في قصتكِ يعني اشعر بالامان لدى رؤيته كما انني منذ مجيئه اصبحت لا ارى الكوابيس وو.. و اشعر بالامان يعني !"

لم اكمل بل ارسلت المقطع علها تفهم علي هكذا وقد خفتُ من التطرق لعلاقتنا الحميمية فأرسلت لي مقطع استمعت له على الفور :

"-اسمعي عزيزتي لا اعلم بماذا انصحكِ ولكن اذا كنتِ لم تري منه الاذية فهذا يعني انه صالح ولكن لا يعني ان تُرخي دفاعاتكِ هكذا واظبي فقط على الاذكار وسيكون كل شيء بخير ".

ضغطتُ الزر مجدداً متلهفة للحديث عنه :

"-انه صالح انه يحميني يكون كالحارس حولي انه اخبرني بكونه حارساً لي ولكنه اختفى منذ ثلاثة اسابيع ولم استطع رؤيته ابداً انا حقاً لا اقدر على نسيانه لم اكن اعلم حقيقته ولكن بفضلكِ عرفت الان ، هل يمكنكِ اخباري كيف اصل اليه فقط اريده ان يعود الي "

لم ترد بشكل سريع بل انتظرت عدة دقائق لترسل لي رسالة مكتوبة :

"-هل يمكنك ان تجري معي اتصالاً هذا امر جدي جداً "

قمتُ بنسخ رقم هاتفها لأدلف بسرعة نحو جهات الاتصال وأدون الرقم ليتم خزنه ثم قمتُ بأظهار جهة الاتصال الخاصة بها على تطبيق واتس آب لأضغط زر الاتصال وأضع الهاتف على اذني وحدقتاي تدوران في الارجاء بتوتر وسرت رعشة خفيفة في جسدي ويكاد قلبي على الخروج من أضلعي ! بالرغم من أنني لم أفهم الامر بعد بشكل كامل الا أنني سعيدة بتمكني من قطع نصف الطريق في سبيل إيجاده ، ردت علي ليستقبلني صوتها والذي حمل نبرة الجدية بوضوح لتنهمر علي أسئلتها كالشلال والتي لم استطع الرد على معظمها لعودة شعور النرفزة والضيق ليلتف حولي وكأنني أنتظر بفارغ الصبر حكمها الاخير لأقر به اي شيء يخبرني انني لم افقد عقلي وان ما أحبني وأحببته حقيقي وليس وهم ، تملصت من الاجابة على بعض الاسئلة لتختم حديثها اخيراً بعد استهلالها للحديث بكلمات مطمئنة لتتحدث بجدية داخلة بصلب الحديث :

"-اسمعيني يا عزيزتي هذا الرجل الذي ترينه هو جني وواضح انه قد عشقكِ منذ الصغر ربما جاءك عن طريق سحر او مس او اي طريقة اخرى ولكن بما أنه لم يقم بإيذائك فهذا في صالحكِ مما يبدوا انه صالح بالفعل لان الجن لا يمكن ان يكون حارساً لدى احدهم الا اذا قام بتسخيره لذا حاولي الاحتراس منه ان عاد اليكِ وحاولي زيارة شيخ او شخص مختص بهذه الامور للتأكد من الامر ".

تنهدت بضيق قائلة بلهفة حيث خرج صوتي متقطعاً منتظرة ان تخبرني بكيفية ايجاده :

"-طيب لكنه لن يعود كيف استطيع ايجاده او الوصول اليه اريده ان يعود الي ؟"

تنهدت هي هذه المرة لتتحدث :

"-هل قمتي بتسخيره او فعل امر من هذا القبيل ؟"

رددت عليها احرك يدي بعصبية :

"-لم افعل اقول لكِ انني علمت منكِ الان فقط انه جني ولكن لا اكترث اريد فقط ان يعود الي ."

ردت بعد لحظات كانت قد صمتت فيها :

"-عليكِ معرفة اسمه لتقومي بتحضيره فيأتي اليكِ ولكن هذا امر خطير لا يجدر بكِ العبث به فقد يرتد عليكِ "

قاطعتها بصوت عالي وقد شلتني الحماسة وجعلت حركتي صعبة بعض الشيء وكأنني احمل فوق جسدي حمل ثقيل :

"-لكنني لا اعرف اسمه كيف اقوم بتحضيره هل من طريقة اخرى ؟"

تنهدت بيأس لتجيب :

"-لا اعلم حقاً عن كيفية تحضير الجن لكنه امر خطير حقاً ويعود بالسوء على صاحبه ولن تجني منه سوى الاذية لما لا تنتظرين عودته فقط وفي هذه الاثناء حاولي التذكر عن كيف أُصبتِ به فقد يكون ضره عليكِ اكبر من فائدته ".

جابهتها بالسكوت وقد انقطعت آخر حبال أملي لتتحدث الي بود :

"-يمكنكِ الاتصال بي كلما احتجتي الى شيء يا عزيزتي فأنا بمثابة أختكِ الكبرى وصديقتكِ ايضاً لذا لا تترددي في القدوم الي وارجو ان تكوني دائماً في حفظ الرحمٰن ، وحاولي قدر الامكان الابتعاد عن هذه الامور وعيشي حياتكِ بطبيعية وانسي امره فنحن نعيش في الواقع لا في الخيال لا تتصوري انكِ ستتمكنين من رؤيته حقاً لأن هذا سيُصيبكِ بالجنون ولا يمكنكِ الدلوف الى عالمه لأنكِ ستموتين على الفور من هول ما سترينه واخيراً يا عزيزتي هو لن يتزوجكِ وتعيشين معه عيشة وردية فهذا مخلوق يختلف بخلقته عنكِ تمام الاختلاف وهذا الارتباط مقتصر على الاحلام فقط ، وستكون حياتكِ كالجحيم اذا استمريتي معه هكذا مهما كان صالحاً حاولي نسيانه وطرده من حياتكِ فمبادلتكِ حبه لوحده يعتبر محرماً وفعل من افعال الكفر ستكونين دائماً معزولة عمن حولكِ ولن تتمكني من الزواج والارتباط كما تفعل قريناتكِ من البشر لذا عزيزتي حصني نفسكِ وان شاء الله تتخلصين منه فهذا الحب هو وهم وليس حقيقة فلا يمكن للأنسي ان يتزوج بجني ويعيش معه حياة طبيعية هذا في الروايات الخيالية فقط ".

شددت على كلماتها الاخيرة لتنهي الاتصال بعد توديعي وانا لم انطق بحرف واحد حتى بل رميت الهاتف بقربي وتمددتُ على السرير بوضعية الجنين احدق الى الحائط بغير تصديق وعقلي لا يمكنه أستيعاب ما يحصل وكأن كلامها كان بشكل ما لا يمكن تصديقه وقلبي يرفضه بشدة اما عقلي فقط يقف مكتوف الايدي يراقب بصمت ولا يملك ردة فعل ! بالنهاية أسبلتُ جفناي لا ارادياً لأغرق في نوم عميق .
**************
كانت المروحة تخلف هواءً بارداً في ارجاء الغرفة ، الاضواء كانت مطفئة والسكون حل بهيبته على الاجواء وهناك داخل تلك المرآة التي عكست صورة صاحبة الغرفة وهي غارقة في النوم تضم جسدها اليها تخفي وجهها بين ركبتيها وتستقر يديها على صدرها ظهر بريق لعينان خضرواتان تلتمعان في الظلام كعيون القطط تبعهما تشكل هيئة دخانية اتخذت شكل رجل ضخم الهيئة ليطير كغيمة سوداء حاملة تلك الاعين الشرسة والتي حطت على الجميلة النائمة بثبات فبدى كصياد يترقب فريسته ، توقفت الغيمة الحالكة الشبيهة بغيوم الشتاء الرمادية فوقها مباشرة ليرتعش جسدها لا ارادياً وهي في غمرة احلامها لتستوي الغيمة امام وجهها بعد ان حطت على الجانب الايمن تراقب ملامحها بنظرات ثاقبة ، وكانت الاميرة النائمة محمرة الانف والوجنتين وعيناها الناعستين متورمتين تهطل منهما دموعها بهدوء ، خدها كان مضغوطاً فوق الوسادة ليظهر منتفخاً مغطياً على شفتيها الزهريتين اللتان اتخذتا شكل فم السمكة اثر سحقهما بين وجنتيها السمينتين بدت كطفلة حبيسة في جسد شابة جميلة ، ومما زادها طفولية هو تناثر خصيلاتها السوداء على وجهها فقد كان ذيل حصانها غير مهذب وقد حُلت عقدته .
اخذت تلك العينان تراقبان هذا المنظر بتمعن وكأنها تقوم بنسخه في ذهنها ، ليصدر من هذه الهيئة الدخانية صوت غليظ ترتعد له الفرائض :
-أنىٰ لأنسية بالغة الحُسن ان تَعشق واحداً منا ؟
تبعه ضحكاته الساخرة ليحادث نفسه مميلاً برأسه وقد توضحت معالمه قليلاً متوشحة بالسواد :
-يا لكَ من مبخوت يا ابن العم فأمرأتكَ جمالها لا يقارن بجمال الجوهرة القابعة في تاجي !
ثم اطلق تنهيدة طويلة ليراها وهي توليه ظهره متكورة على نفسها محتضنة وسادتها ليبتعد قليلاً يراقب باب غرفتها الذي فُتح تبعه دخول والدتها التي قامت بتغطيتها جيداً ثم جلست قربها على حافة السرير لتمسد على شعرها تراقبها بأعين حملت نظرات الام الحنونة وكأنها تراقب مولودها الاول ثم انحنت تطبع قبلات عديدة على خدود صغيرتها لتعود للتمسيد على رأسها قائلة بهمس تخاطب تؤامتها النائمة :
-مهما كبرتي يا ابنتي ستبقين طفلتي المدللة ولو بلغتي الثلاثون من سنكِ فأنىٰ لي بطفلة غيركِ سواكِ ؟
رحلت بعد انارتها للمصباح الصغير قرب السرير والذي اخذ يتلون بالوان عديدة مبددة الظلمة التي كانت مهيمنة في المكان لترحل بعدها مبقية جزء من الباب مفتوح خوفاً على صغيرتها من النوم وحدها ، لترحل اخيراً وتبقى تلك الغيمة تتجول في الارجاء لتخرج من النافذة تطير بهدوء في عنان السماء حتى باتت تحلق بين الغيوم لتتخذ هيئة رجل ضخم البنية ذو طول فارع يطير بلا جناحين كان يرتدي ملابس فاخرة اشبه بملابس ملوك العصر القديم ، حطت خضراوتيه اخيراً على القصر الضخم الذي ظهر في مرأى رؤيته ليتوجه نحوه وينزل بهدوء دالفاً من خلال شرفة غرفته الفخمة ، حيث كان جناحاً كاملاً يمكن ان يكون منزلاً لأحدهم لكثر ما توفرت فيها جميع المرافق العامة فضلاً عن الفخامة في تصميمها وترتيبها والذي لا يقل عن تصميم القصر جمالاً ، وجد في انتظاره ملابس زاهية ردقت فوق سريره ولمح بطرف عينه خادم مطأطأ الرأس والذي نطق بكل هدوء :
-حان موعد العشاء الان والجميع في انتظار حضرتكَ يا جلالة الملك .
ثم تبخر ببساطة ليتأفأف المعني ويخلع ما عليه ملقياً ملابسه في كل مكان ليرتدي ما على السرير والذي تمثل برداء حريري كعباءة ماثلت عينيه لوناً متزينة بياقوت اخضر مع اللؤلؤ بترتيب خاطف للانظار فوق ثيابه الملكية ذات اللون الاسود والتي كانت مصنوعة هي الاخرى من احدى المنسوجات الثمينة ليضع اخيراً تاجه الذي تمثل كعمامة تخالط فيها الاسود والاخضر بتنسيق جميل قبعت في مقدمتها جوهرة واحدة ذات حجم كبير يماثل قبضة اليد تشع بدرجات الاخضر كلون عينيه ليضع بعض العطر الفواح وينتقل بلمح البصر ليغدوا امام باب غرفة الاجتماع حيث دلفها يراقب بعينيه الحضور والذين اغلبهم كانوا ملوكاً لا يقلون عنه هيبة وجمالاً ليحط نظره اخيراً على ' ابن العم ' والذي جلس في الكرسي الثاني عند مقدمة الطاولة بجوار ابيه الذي ترأسها ، ارتدى ملابس بسيطة تمثلت بزي ذو لون ابيض وعباءة بلون سُكري مطرزة بنقشة ذهبية ناعمة على طول الحواف ، وعمامته حملت اللونين ولم يتخللها اي احجار كريمة ، جلس هو بوقاره يراقب خصمه بأعين تشع غيرة ينظر اليه وهو يعترف في اعماق اعماقه  بجمال وهيبة ابن عمه ، والذي كان يبتسم بهدوء يتحدث بصوته الرنان برزانة وكان قليل الكلام يستمع اكثر مما يتكلم على عكسه تماماً ، لحيته الكثة كانت مهذبة وعطره الفواح كان طاغياً في الجو كهيبته حيث كان اغلب الملوك الحاضرون يوجهون اسئلتهم اليه ويمطرونه بالمديح وكيف لا وهو " الاسد " ذلك المحارب ذو البأس الشديد والذي تتقاذف رؤوس الاعداء بين يديه في ارض المعركة، وهو ذلك الملك العادل ذو القلب الرحيم ، بالرغم من كونه لا زال شاباً في اواسط عمره نسبة الى اقرانه فأن سمعته تكبره بألف سنة وفوق ذلك مما جرح كبرياء عدوه ذو الياقوتتين اللتان تشعان حقداً وكراهية نحوه ان معشوقته الانسية تبادله عشقه بأضعاف ! بدأ الجميع بتناول العشاء وعلى الرغم من الضجيج المتعالي بسبب ضحكهم وحديثهم الا ان الحاقد كان يراقب بصمت متجنباً نزوح عينيه عن خصمه والذي كان عكسه في كل شيء مما جعله معشوق القبيلة ! الرجل الذي تقع على عاتقه كل المسوؤليات والذي يتحملها برحابة صدر ، فبرقت زمرديتيه بمكر قائلاً محدثاً نفسه :
"اذا كان ابن العم مشغولاً تاركاً تلك المعشوقة تتلظى بشوقها اليه لما لا اخفف عنها قليلاً ريثما يعود هو اليها."
ثم تناول كأس مشروبه يتجرعه بتلذذ مراقباً المعني الذي بادله النظر بعسليتيه الملتمعتين بلمعة صفراء فبدوتا كعيني غضنفر شرس يبادله النظرات الحادة وكأنه قادر على معرفة ما يجول بخاطره فهو الاخر يبادله مشاعر الكره ذاتها ، بالنهاية ازاح حدقتيه بهدوء متطلعاً الى الحاكم بجوار زمردي العينين يحدثه بصوته العذب ليسود الصمت للحظات ليستمع الجمعُ اليه مدلياً برأيه حول احدى المسائل ولم يُخفى على الجميع نظرات والده الفخورة نحوه وهو يرى خِلفه كلمته مسموعة والكل يضع له وزناً ويحترمونه ويهابونه ، حتى انتهى العشاء الملكي وعاد الجمع للجلوس والتسامر فيما بينهم عدى زمردي العينين الذي تلاشى من الوسط بلمح البصر ليظهر مجدداً في غرفة الطفلة النائمة ليبتسم كاشفاً عن اسنانه اللؤلؤية ثم تحول بلمح البصر الى غيمة دخانية حامت حولها لتدخل الى داخلها من خلال فتحتي انفها وفمها المفغور !

**********
كان كل ما حولها بياض في بياض وكأنها وسط ضباب لا متناهي وجدت نفسها تتلفت في الانحاء بلهفة علها تراه لتقف حدقتيها على تلك الهيئة الضخمة التي انبثقت من العدم لتمثل امامها لتتجمد هي بوقفتها امامه دامعة العينين تفتح فاهها وتغلقه في محاولة فاشلة للحديث ليقترب منها محدقاً اليها بنظرات ثابتة مبتسماً بخفة معانقاً خصرها النحيف بين يديه ليقترب منها واضعاً شفتيه قرب اذنها هامساً :
-لقد عُدت من اجلكِ يا ملاكي .
لسبب ما تقشعر جسدها وارتعدت فرائضها وهي تحدق الى عسليتيه وتشعر بشيء خاطئ فيه ، في محبوبها الذي اختفى فجأة وعاد فجأة ولكن به شيء يثير الضيق في قلبها وكأن الامور ليست حقاً بخير كما تبدوا واحساسها لا يُخطئ ابداً فأستمرت تحدق اليه ليقترب منها مقبلاً شفتيها بخفة واكتفت هي بالجمود بين يديه دون مبادلتها له مفتوحة العينين تراقب تفاصيل وجهه بتعمن ورعشة قلبها تزداد كجرس ينذر بحدوث الخطر !

يتبع .....


+++++++++++++++

"- ما خطب الحزن راقداً في عينيكِ أو لا يُفترض بالفرح ان يرقص داخل حدقتيكِ لعودتي ؟

"-يأبى السرور ان يزور قلبي لأنه بشكل ما يعلم انكِ عُدت ولكن الذي أَحَبَهُ لم يأتي معكَ !

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro