Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

الحقيقة

قبل اسبوع :

جَلَسَتْ الجميلة ذات الشعر الحليق ترتدي بيجاما قميصها ابيض يتوسط الصدر دب زهري ، بنطلونها ابيض تزينه دببة شابهت الذي يزين قميصها ، بيجاما مريحة واسعة كما تُحب صاحبتها تماماً .
أمامها جَلَسَتْ صبية نسخةً عنها عدی عن كونها ذات شعر طويل كالحرير يسترسلُ علی كَتِفَها بظفيرة تصل حتی اسفل صَدْرَها .
ترتدي بيجاما أيضاً قميصها ازرق مطبوع علی الصدر ورود شكلها غريب وجميل باللون الابيض ، انطبعت علی بنطالها الاسود باللونين الازرق والابيض .
كانت شديدة البياض ، حدقتيها واسعتين قليلاً مقارنة بتؤامها الجالسة مقابلة لها . والتي سألتها وبدی عليها الحماس :
ـ ماذا تكونين بالضبط ؟
ويطل الفضول من كل انش من ملامحها ، ردت الاخری :
ـ سأشرحُ لكِ من دون الحاجة الی ان تسأليني لذا استمعي فقط وإياكِ مقاطعتي .
نبرتها مُحذرة وهي تشير بسبابتها نحو الاخری التي اومأت بصمت لتشرع صاحبتها بالحديث بصوت عالي وعلی مهلها كمعلمة تشرح لطلابها الدرس :
ـ اعلم من الصعب ان تفهمي كل ما سأقولهُ الان ولكن عليكِ ان تحاولي علی الاقل تقبلهُ ، فبعد تمكنكِ من رؤيتنا يجب ان تحصلي الان علی اجوبتكِ .
ثم انحنت مقتربة تتحدث مُركزة علی هذه الجملة بالذات :
ـ فأنتِ من الان وصاعداً عليكِ معرفة ان حياتكِ في خطر ونحن المكلفين بحمايتكِ .
زاغت عينيها بخوف وشل التوتر جسدها مُدركة لربما الخطر الذي وُضِعَتْ به قسراً ، اكملت الاخری كلامها قائلة :
ـ بدايةً ، الجن نحن مخلوقات غير مرئية بعضنا يولد معكم والبعض الاخر وُلِدَ قبلكم منذ آلاف السنين .
انحنت صاحبتها مقتربة منها تصغي بفضول وكأنها تستمع الی رواية خيالية عجيبة بينما استمرت صاحبتها بالحديث :
ـ الجن الذي وُجِدَ علی وجه الارض قبل وجودكم انتم البشر انتشروا في الارض واتبعوا ديانات مختلفة منها الاسلام وعاشوا كما انتم تعيشون ، ولكن نحن بشكل عام لا نُری وقُدر لنا ان نستتر عن عيونكم حالنا حال بعض المخلوقات الاخری .
حَضَر مرجان في هذه الاثناء ظاهراً وسط الغرفة من العدم برفقة رجل كهل شابههُ بالهيبة والوقار ، لتنهض زوجتهُ البشرية تعقد حاجبيها بخفة والاستغراب يطل من ملامحها ، تقدم منها زوجها قائلاً يشيرُ نحو الرجل :
ـ هذا والدي .
اومأت بخفة مُبتسمة بخجل لتُلقي السلام علی المعني والذي ردهُ ببشاشة وعلی ما يبدوا يكن لها حُباً واحتراماً كبيرين ، ثم تحدث مرجان مجدداً مُربتاً علی ظهرها وقد رافق حديثهُ تنهيدة قصيرة :
ـ سنذهب الان لملاقاة شخص مهم ستجدين عندهُ اجوبة اسئلتكِ التي لطالما رغبتِ بسماعها .
لكن تحدثت قرينتها معارضة :
ـ انتظر بضعة دقائق علي ان اوضح لها بعض الامور واساعدها ان تتهيأ نفسياً لما سَتُقبِلُ عليه .
اجاب والدهُ شمهورش :
ـ اذن سأسبقكم الی ضيفنا ريثما تتحضرون .
ثم اختفی بلمح البصر ليبقی الثلاثي حولها . جَلَست علی السرير وفعل هو المثل بعد ان خَلَعَ عُمامتهُ وجلست زيزفونة الدمية قُربهُ وعادت قرينتها لشرحها لتوضح لها بعض الامور :
ـ المهم ان الجن مخلوقات تعيش مثلكم ، تنقسم الی قبائل وتعيش في بلدان مختلفة ولكلٌ لغتهُ وحياتهُ وما سواها ، عدی عن كوننا نملك قدرات لا تملكونها انتم ، كالطيران والتشكل وما الی ذلك ـ عَددت علی اصابعها ثم اختصرت الحديث خاتمة اياها بزفير انفاسها ـ والان معنی القرين سأوضحهُ لكِ بأختصار يعني نحن انتم لكن في العالم الاخر .
عقدت الفتاة المُقابلة حاجبيها ويبدوا عدم الفهم علی وجهها لتوضح صاحبتها كلامها بشكل مبسط اكثر :
ـ يعني انا هي انتي لكن جنية لذلك لكوننا وُلِدنا معاً فأنا اسمی قرين لأنني مُقترنة بك منذ الولادة وحتی تموتين ، وظيفتنا تتلخص بحمايتكم انتم اقراننا البشر وصلاحنا يرتبط بمدی صلاحكم انتم وهكذا .
سألتها وقد فهمت جزء من حديثها :
ـ وهل لكم اسماء ؟
اجابت ساخرة ترفع احد حاجبيها :
ـ لا ننتظر منكم تسميتنا .
كادت لوهلة تُصدقها صاحبتها الادمية لكنها قالت بجدية :
ـ نحن نتسمی بنفس اسمائكم ولكن عند كتابتها بلغتنا فهي تختلف طبعاً .
لترد البشرية مُعلقةً علی حديثها :
ـ يعني أسمكِ مريم كذلك ؟
اومأت الاخری دون قول شيء ليعم الصمت للحظات ومريم الانسية تُقلب علی ما يبدوا كل ما سمعتهُ من صاحبتها لحد هذه اللحظة ، ثم ادارت جسدها نحو زوجها والذي كان يُطالعها بهدوء مُنتظراً أن تسألهُ ما ترغب به ، خاطبتهُ وهي تضع ذقنها علی ركبتيها تحوطهما بذراعيها وابتسامة خفيفة تُزين محياها :
ـ اخبرني الان عنكَ كل شيء جملةً وتفصيلاً .
رد عليها وهو يتكئ جيداً علی السرير ليُريحَ رأسهُ :
ـ أنا يا اميرتي جني قمري ، ملك علی بلادي ووالدي شمهورش الذي قابلتهِ تواً هو قاضي قضاة عالمنا والحاكم الاعلی ولكنني ذراعهُ اليمين دوناً عن اخوتي ـ بانت الدهشة عليها وهي تعلم انه يملك اخوة ـ اسمي هو بُرقان او مرجان كما تحبين مناداتي انتِ ولقبي الملك الابيض ، وُلِدتُ منذ عهد النبي آدم عليه السلام وانا مُسلم .
رفعت حاجبيها تبتسم بأتساع لتعلق علی كلامهُ بحماس :
ـ هل شاهدتَ النبي آدم عليه السلام ؟
كادت مُقلتاها تخرجان حماسةً وهي تستمع له غير مُصدقة ليرد عليها بهدوء ولا زالت ابتسامتهُ الجميلة تُزين ثغرهُ :
ـ اجل بالطبع ، كنا لا نزال نستطيع التعايش معاً منذ ان خُلق عليه السلام ، كان رجلاً شديد الطول وسيم الملامح ، حواء عليها السلام كانت كذلك فائقةُ الجمال ، بيضاء ، طويلة ، شعرها اسود كان يسير خلفها لطولهُ .
فتحت فاهها تتخيل شكليهما لتتحدث بحماس وقد زادت رغبتها بسماع المزيد :
ـ اذن هل عاصرت الحروب وازمان السلاطين وما الی ذلك من عجائب ؟
اومأ لها بخفة مُعلقاً :
ـ وكل هذه الاحاديث سأسردها عليكِ يوماً ما .
تحدثت قرينتها بنبرة ماكرة تُحدث مرجان :
ـ لما لا تخبرها عن زوجاتكِ وشجرة عائلتكَ الكبيرة .
نظرت صاحبتها البشرية له بتشوش وتجاهلها هو ليتحدث مُخاطباً زوجتهُ :
ـ نحن كملوك لا نحب اتخاذ الجواري ونُعد ذلك من افعال الزنی لذلك نتزوج لكي يكثر نسلنا وينتشر في الارض .
سألتهُ وقد ظهرت الغيرة مُرافقة للاستياء في نبرتها :
ـ وكم زوجة لك ؟
اجابها ببساطة :
ـ ثلاث .
غامت عينيها بضيق وتحدثت موضحةً انزعاج اكبر مُنصدمة مما سمعتهُ تواً :
ـ وانا الرابعة ؟
اومأ مُجدداً وهي في المقابل زادت عقدة حاجبيها لتسألهُ وقد ظهرت الغيرة في صوتها الذي خرج مُنخفضاً :
ـ هل تزوجت اي منهن عن حب ؟ يعني من الاقرب لقلبك منهن ؟
اجابها عفوياً وابتسامتهُ قد اتسعت علی ثغرهُ الجميل :
ـ انتِ طبعاً ، انتِ الاحب لقلبي بل انتِ قلبي كله يا قلبي .
ظنتهُ كلاماً معسولاً ليجبر خاطرها لذا زاد ضيقها تسألهُ من جديد تعاود الاتكاء علی ركبتيها :
ـ ولماذا تزوجتني ما دُمت تملك زوجات بالفعل ولديكَ عائلة واولاد ؟
رد مُتَنَهِداً وهو يتكئ علی ذراعهُ اليمنی علی الوسادة قُربهُ :
ـ لأن يا زوجتي الحبيبة أنا اُرسلتُ اليكِ بأمر آلهي لأكون لكِ حارساً لمدی العمر ، جِئتُكِ منذ كنتِ طفلة ولم يقاوم قلبي الوقوع بحبكِ وانتِ تكبرين سنة عن سنة حتی اتخذتك لي زوجة في عالمي ، والجني فينا اذا احب انسية فهو يُحبها حتی يلفظ اخر انفاسهُ ولا يميل قلبهُ لغيرها مهما حصل . لذلك لا تقلقي فقلبي وحبي لكِ انتِ فقط وجميع زوجاتي هُن جاريات تحت امركِ .
ابتسمت حتی بانت غمازتيها وتوردت خدودها استحياءً غير مقاومة لكلامهُ اكثر . تحدثت قرينتها هذه المرة والتي جاورتها الجلوس :
ـ والان لنخرج من جو الرومانسية هذا لأوضح لكِ امر آخر .
تربعت وجلست تنتظر صاحبتها البشرية تعتدل في جلستها والتي تربعت ايضاً تُطالعها تنتظر ما تنوي قولهُ :
ـ هناك شيء آخر يتعلق بكِ عليكِ الان معرفته ، انها معلومة عامة عن جميع البشر بشكل عام يعني ـ حركت يديها موضحة ولا زالت الاخری صامتة تنتظرها تتحدث ـ الان انتِ كبشر تمتلكينَ جسدكَ المادي هذا ـ واخذت تشير عليها بكلتا يديها من رأسها حتی نصف جسدها موضحة اكثرـ حسناً هناك جسد آخر تمتلكينهُ داخل هذا وهو ما يُسمی بالغير المادي او الاثيري !
ردت تعقد حاجبيها وقد بدأت تضيع وسط كل هذه المعلومات الغريبة :
ـ ماذا تعنين لم افهم شيء ؟
ردت عليها بشرحها المُبسط تتخذ دور المعلمة مجدداً :
ـ أنتِ الان انسان مخلوق من مادة يعني شيء ملموس ثابت لا يتغير ـ صمتت لوهلة تنتظر استجابة من الاخری التي اومأت دلالةً علی فهمها للمعلومة ـ وبداخل هذا الجسد ـ اشارت بسبابتيها نحوها ـ هناك جسد آخر وهو غير مادي مثلنا نحن الجن ، اي مادة غير صلبة وغير ملموسة ـ مُجدداً اتسعت عينيها بأستغراب وهي تسمع هذا الكلام للمرة الاولی واومأت لصاحبتها ان تكمل وهي تُعطيها كامل تركيزهاـ يعني مثلاً انتِ بجسدكِ هذا المادي لا تستطيعين الطيران او الانتقال من مكان لآخر ، ولكن جسدكِ الاثيري له القدرة علی ذلك وانتِ لكِ كامل السيطرة عليه ، تستطيعين دخول عالم الجن كذلك بواسطتهُ والذهاب الی اي مكان آخر في الدنيا وفعل ما تشائين .
صمتت مجدداً وتحدثت الاخری بفضول :
ـ وكيفَ افعل ذلك ؟
تحدثت :
ـ طبعاً أنتِ لا تلجين عالم الجن الا بمرافقة زوجكِ لأنه عالم خطير بالنسبة اليكم أنتم البشر ، اما كيفية الخروج والتحكم به فهذا من خلال امور تعتمد عليكِ الان كالتدرب مثلاً علی هذا الامر .
تحدثت تكمل :
ـ واخيراً روحكِ ، هي الوقود الذي يُحركُ كِلا جسديكِ ، وهي حينما تخرج فتذهب لوحدها الی عالم يُطلق عليه بعالم الارواح وهذا ما حصل حينما كنتِ في الغيبوبة .
اومأت مجدداً وعلی ما يبدوا تُقلب ما سمعتهُ في ذهنها ، لتُضيف الاخری :
ـ عادة ما اخرج انا وارافقكِ في رحلة جسدكِ الاثيري وكذلك استطيع الذهاب مع روحكِ ورؤية اين تذهب ومع من تتحدث وبنفس الوقت احميها من الخطر .
عقدت حاجبيها ابتغاء الاستفسار بينما اكملت الاخری :
ـ لكن لسبب ما لم استطع فعل ذلك حينما دخلتِ في الغيبوبة لربما لأن ما حَدَثَ لكِ هناك كان لابد من ان تواجيههِ لوحدكِ .
ـماذا تعنين ؟
تجاهلت سؤالها قائلة مُرقصة حاجبيها :
ـ امتلك ايضاً ميزة خاصة وهي سماع ما تفكرين به بينكِ وبين نفسكِ لذا غالباً نستطيع انا وأنتِ التحدث دون ان سمعنا احد .
ثم ختمت حديثها بأبتسامة ليتحدث مرجان قائلاً :
ـ الان سنذهب الی ضيفنا المنتظر ليجيب علی كل اسئلتكِ .
اشارت غير مهتمة بما قال علی زيزفونة تسأل بفضول تتفرسها بعيون متسعة :
ـ ماذا عن هذه ؟
اجابها وهو ينهض مُرتباً ثيابهُ :
-أنها ابنتي .
طالعتهُ مُتعجبة ليكمل وهو يرتدي عمامتهُ :
ـ انها يتيمة احد الحروب الغابرة فأتخذتها ابنة لي وربيتها وهي حارستكِ الخاصة في غيابي .
اومأت ثم طالعتهُ بشرود ليتحدث اليها من جديد وقد انتهی من ترتيب هندامه ووقف عاقداً يديه خلف ظهرهُ :
ـ والان نامي يا جميلة .
طالعتهُ عاقدة الحاجبين لم تفهم ما قصدهُ لتتحدث مُستنكرة كلامهُ :
ـ ظننتُ سنذهب لرؤية ذلك الشخص الذي تحدثتَ عنهُ تواً !
أجابها بأبتسامتهُ المعهودة :
ـ سنفعل .
صمتت ولم تستوعب بعد ماذا يقصد كيف سيذهبون وهي نائمة ؟ أمتثلت لأمرهُ وتمددت مُغطية نفسها ، ثم مَدَ يدهُ وأمسكتها لتنهض مجدداً ، وَقَفَتْ أمامهُ تطالعهُ بأستغراب ثم التفتت لتجد جَسَدَها لا زال نائماً !
لهثت بخوف لتقف قرينتها قُربها قائلة موضحةً لها :
ـ أنتِ الان بجسدكِ الاثيري وهذا النائم هو المادي .
فهمت ما قصدتهُ ولكن مع ذلك لم يقل خوفها بل راقبت الوضع تشعر بعَجَبْ ما تعايشهُ الان .
اقتادها زوجها نحو المرآة الطويلة القابعة في الزاوية اليُمنی ليدخل من خلالها ووقفت هي تنظر الی الی الزجاج الذي بدل ان يعكس صورتها ، كان يعكس صورة عربة واقفة في وسط السماء ! كانت تری السماء والطيور تُحلق والغيوم المُتناثرة اسفل العربة وزوجها يقف فاتحاً الباب ينتظر خروجها .
دفعتها قرينتها لتعبر من خلال المرآة مُتعثرة بردائها الطويل ! لم تنتبه الی كونها ترتدي فُستاناً ملكياً انيقاً مصنوع من قماش ثقيل وتلبس فوقهُ رداء ثخين مُزين بنقوش وجواهر ورداء حاوط رأسها كالحجاب تحت تاجها المُرصع بالجواهر . وقفت بأرتجاف حانية نصف جسدها تُطالعُ بفاه مفتوح تعجباً ويديها تُرفرفان بالهواء ، امسكها زوجها مُحتضناً اياها لتتمسك به بقوة ، جسدها يرتجف وهي تطالع السماء اسفلها ! ولا زالت غير مستوعبة كيف تقف هكذا علی الهواء وكأنها فوق ارض ثابتة !
تُشاهد طبقات الغيوم البيضاء واشعة الشمس التي تعبر من خلالها ، الارض خضراء اسفلهم بعيدة المدی ، تستطيع رؤية الحقول والبيوت وكل تضاريس سطح الارض وكأنها داخل طائرة تُحلق فوق بين الغيوم .
تنفسها كان سريع جداً وجبهتها تتصبب عرقاً ، رَفَعتْ رأسها تُطالع طبقات الغيوم الداكنة التي تدرجت حتی بلغت مع الارتفاع نحو الاعلی اللون الاسود ، تلتمع حولها النجوم وتخترقها اشعة الشمس من الطبقات العُليا للغلاف الجوي .
ساعدها علی صعود العربة لتجلس امامه وقربها قرينتها امامها زيزفونة ، طَرَقَ علی جدار العربة الفخمة خلفه آمراً السائس بالتحرك ، تحركت العربة تجرها أحصنتها البيضاء ، راحت تنظر الی تفاصيلها ولا زالت ترتجف وتنفسها لم يهدأ ، كانت عربة واسعة من الداخل ، يزينها الذهب والاحجار الكريمة ، يغلب عليها اللون الابيض ، مقاعدها مريحة ايضاً بيضاء اللون مطبعة بطبع ورود فضية اللون وسائدها مريحة ، نافذتها كبيرة تسمح برؤية شاملة . اخذت تُطالع ما بخارج النافذة بفاه مفغور والدهشة تتجلی علی ملامحها البريئة ، عيونها مُتسعة وخدودها محمرة وقد نست خوفها تماماً ، وزوجها كان يحدق اليها هائماً بجمالها ، تتسع ابتسامتهُ مع ارتفاع صوت قهقهتها بسعادة وقد اخذت تمد يدها للخارج تستشعر الهواء العليل الذي يضرب كفها وكأن الهواء تشكل ليصبح علی هيئة ايادي تصافحها بأستمرار !
انتهت الرحلة وبدأت العربة تتوقف تدريجياً ، نزلت قرينتها مع زيزفونة التي تشكلت علی هيئتها الفتية وتخلت عن شكل الدمية ، نزل مرجان اولاً ومد يدهُ لتمسكها زوجته التي نزلت بجسد بالكاد يتحرك فلا زالت تظن نفسها في داخل احد مناماتها العجيبة ، نزلت تُطالع محطتهم ، والتي كانت مغارة كبيرة الحجم اشبه بالبوابة ، تأبطت ذراعه وسحبها معهُ للداخل ولا زالت مُشتتة التركيز ، بينما بقيت الاثنتان في الخارج .
عبرا ممراً ثم دلفا من بوابة عظيمة مزينة كما لو كانت ابواب قلعة عظيمة ليستقر الاثنين في غرفة ضخمة التصميم حوت والد مرجان شمهورش وذلك الشيخ الطاعن في السن واللذان رحبا بالاثنين بأبتسامات هادئة .
اقتربا من الجالسين ليتكلم مرجان مُعرفاً زوجتهُ علی الشيخ بعد ان القت السلام علی الاثنين الجالسين ارضاً مُتقابلين علی وسائد مُريحة تفصل بينهما طاولة عريضة منخفضة :
ـ هذا شيخنا "شعشوع" الاعلی رتبة في عالمنا ومن نلجأ له بكل كبيرة وصغيرة و أحد الاركان المهمة في سن القوانين والحفاظ علی سيرها في عالمنا .
اومأت مُرحبة به تستشعر هيبتهُ ولا زالت غير مُصدقة لما يحصل ، هل حقاً ما تعايشه الان ؟ ام كله عبارة عن وهم وخَلق خيالها الواسع !
جَلَست علی وسادة مريحة قُرب والد زوجها الذي جاورها من الجهة الاخری بالجلوس بعد ان جلب لهم خدماً وسادتان ليجلسا عليها .
تحدث الشيخ بصوتهُ الرزين وبكل وضوح وهدوء :
ـ اهلاً بكِ يا بُنيتي سعيدٌ بكوننا التقينا اخيراً .
هزت رأسها بخجل ليكمل هو :
ـ بما ان الحال قد آل الی ما آله فلقد حان الوقت لتعلمي يا بُنيتي عن حقيقتكِ .
توسعت عينيها بلهفة وهي تستعد لسماع تفسيراً لكل ما حصل معها ولحد هذه اللحظة ولتكشف اخيراً الغموض عن كل تجاربها الغريبة .
فأستمعت له تصغي بكل حواسها واخذ هو يتحدث ليتردد صوتهُ في الانحاء باعثاً المزيد من الرهبة داخلها :
ـ يا بُنيتي قد خلقكم الله عز وجل وكرمكم في الكثير من نعمهِ ، الظاهرة منها والباطنة وجعل من ابوكم آدم خليفةً له ، وكل هذا مذكور في كتابنا المقدس القرآن الكريم ـ اومأت موافقة والتردد يحتل تحركاتها المرتجفة ـ لكي لا أطيل عليكِ الحديث يجب ان تعلمي ان هناك نوع معين من البشر خلقهُ الله تعالی وميزهُ عن غيره من بني جنسهُ .
ابتلع ريقه ثم بلل شفتهُ السفلی مكملاً :
ـ هذا النوع من البشر بالذات يُحبه الله تعالی فيبتليهِ بنعمة وهذه النعمة تتمثل بقدرات خاصة يملكها منذ ولادتهُ دوناً عن البشر حتی عن ابواه واهله ، يُطلق عليه بالزوهري .
اومأت مجدداً ووجهها مُتصلب بحماس وقد اسكتت عقلها قصراً عن أسئلتهُ المُلحة لتركز فيما يقولهُ الشيخ :
ـ هذا الزوهري قدراته تتفاوت حسب زوهرية الانسان ، بشكل عام يمتلك القدرة علی رؤية المستقبل من خلال احلامهُ ، يجلب الرزق لأي مكان يدلف اليه ويستطيع مخاطبة الكائنات الروحانية كأمثالنا وما سوانا من خلال احلامهُ ايضاً .
ـ هذه المميزات بحد ذاتها تختلف من زوهري لأخر ، اما تكون قوية او ضعيفة او وسط حسب قدرتهِ وتزداد طبعاً اذا كان الانسان مواظباً علی الاذكار والصلوات فهي قدرات روحانية بالنهاية يمنحها الله لعبادهُ الصالحين .
صمت قليلاً ليری مدی استيعابها ، فأبتلعت ريقها مومئة له ان يستمر دون ان تتحدث فأكمل متنهداً :
ـ هناك نوع يا بنيتي يسمی بالزوهري الثمين او الذهبي ، وهذا النوع بالذات هو اكثر مخلوقات الله تعرضاً للخطر وبنفس الوقت احد اكبر مُسبب للدمار في العالم !
لاحظ شفتيها اللتان فُغرتا دهشة مع اتساع ملحوظ في حدقتيها فأسترسل في حديثهُ :
ـ هذا النوع بالذات لا يولد منه سوی انسان واحد كل سبعة قرون ، خلقهُ ربه ووضع فيه من الرحمة والرأفة ما لا يملكها مخلوق آخر قط وغالباً ما يتغلب نقاءهُ علی فطرتهُ الانسانية ، فلا يتبع الشهوات الا قليلاً ولا يتمنی الا الخير والصلاح لمن حولهُ ويكون مُسالماً لحد كبير .
ـ ولكن ـ شدد علی نبرته ـ هذا الزوهري له قدرات لا يضاهيها اي مخلوق وُجد يوماً علی وجه البسيطة ويُعتبر سلاح مُدمر قادر علی محي امم كاملة اذا رغب بطرفة عين !
شعرت بعظمة ما يتحدث عنهُ وراعها تخيل وجود هذا الانسان وتساءلت عن سبب منحهُ هو دون غيرهُ كل هذه القدرات ؟ لكنها اجلت اسئلتها وفضلت الاستماع :
ـ هذا الانسان بالذات قادر علی قراءة اي مخلوق يقع تحت ناظريه ، يقرأ افكاره ، مشاعرهُ ، يری حياتهُ منذ ولادتهُ وحتی موتهُ اي يری ماضي المقابل ومستقبله ، وله القدرة دون غيرهُ علی رؤية عالم الارواح سواء من الموتی او العوالم الغير المادية كعالمنا نحن الجن بعينهُ المجردة ! لا يحتاج الی وسيط او الی معبر فهو بحد ذاته حلقة وصل بين عالمين .
ـ يمتلك بداخلهُ وحشاً مُسالماً ، قد تبدوا تسمية متناقضة فالوحوش لا تُحبذ السلام ، ولكنه انسان كما اسلفتُ مُسالم ، نقي كنقاء البلور ولكن ما يمتلكهُ في داخلهُ من قدرات تعادل الشر الموجود في العالم اجمع .
كان الصمت من بعد سكوتهِ هو ما يُسمع في الغرفة حيث شرب القليل من قدح الماء امامهُ علی الطاولة واستئنف حديثه للشابة المذهولة التي لا تعلم حتی ما سبب كل هذا الحديث وما الضرورة من الاستماع اليه :
ـ المعنی من ان " نقاءهُ يساوي شر هذه الدنيا اجمع " هو قدراتهُ التي لا نستطيع نحن المخلوقات العادية تفسيرها ، لا احد منا قادر علی تفسير ووصف قدراتهُ التي تتخطی المعقول لذا سأريكِ فقط يا صغيرتي .
عقدت حاجبيها ولم تفهم حتی طارت بلورة من العدم اخذت هي تنظر اليها بذهول ، كانت كبيرة الحجم شديدة الشفافية تنعكس الوان قوس القزح داخلها ، اخذت تحلق فوق المائدة حتی استقرت ببطء ثم فجأة راحت تعرضُ بداخلها صوراً مُتحركة كشريط فيديو  ليزداد بها العجب ،
رأت صورة طفل وُلِدَ وسط عائلتهُ ، كان ظريفاً جداً وهو يمنح ابتسامة لمن حولهُ لا سيما ابواه ، اخذت الصور تتحرك بسرعة لتراه يكبر تدريجياً ، كان هادئاً يتعامل برقة مع كل شيء حولهُ .
حتی بدأ يدخل سنوات مراهقتهُ وبدأ يتخطی مرحلة الشباب ، كانت تراهُ وهو يضغطُ علی رأسهُ عاقداً حاجبيه ، ليتحدث الشيخ قائلاً :
ـ تبدأ قدرات هذا الزوهري بالظهور منذ سنوات شبابه ويبتدأ الامر بقدرتهُ علی سماع افكار الاخرين .
ثم صمت وهي تراقب بوجه خالي من الملاح الشاب الذي لم يكن واضحاً كثيراً كان كرسم توضيحي يوضح فترة حياة هذا الانسان الذي يُسمی زوهرياً .
الشاب كان يستطيع رؤية ما بداخل الاخرين فأخذت البلورة تعكس عينيه التي تتحول الی الاسود بالكامل لينتصب قلبها بهلع وهي تدرك التشابه الكبير لما مرت به مع ما تشاهدهُ الان ، كان الشاب في البلورة يبدوا مشتتاً ، ضائعاً وسط تلك الاصوات حولهُ ، وتلك المشاعر التي تلفهُ من كل مكان ، تحدث الشيخ :
ـ غالباً لا يعلم هذا النوع عن قدراته شيئاً لذا هو يتعامل بهلع مع كل قوة تتحرر من جسدهُ تدريجياً وجهلهُ هذا يجعلهُ خائفاً من نفسهُ والاخرين ولاسيما اذا شهدوا تحرر قوته فيظنوهُ ممسوساً او حاملاً لشر مُدقع ، وان كان نصف ظنهم حقيقة فهو لا ذنب له فيما ابتلي به .
راقبت الشاب الذي بدأ يری العالم الاخر ببطء ، فيتحدث مع مخلوقات عجيبة ، منها الذي يطير والذي يزحف ، يتكلم مع اشخاص شفافين ومع شخص نُسخة عنه يرافقهُ علی الدوام ، عقدت حاجبيها وفكها يرتجف تستوعب ببطء التشابه الكبير فيما تمر به فتحدث موضحاً :
ـ يبدأ الدخول بمرحلة جديدة وهي الانكشاف علی عالم الارواح ، علی كل ما هو مستور طبيعياً عن عيون البشر العاديين ، فيتكلم الی القرائن وما سواهم من انواع الجن ، يُحادث ارواح الموتی وارواح من سافروا خارج اجسادهم حتی في منامهم ، ويری ما لا يستطيع اي عقل عادي استيعاب او تحمل رؤيته .
راقبت بعدها تعودهُ علی هذا الامر فكان داخل البلورة سعيداً وهذه المخلوقات الغريبة تُحيط به ، ثم بدأ فجأة بتحريك الاشياء من حولهُ بحركة طفيفة من اصبعهُ او حتی من عينيه ، كان الذهول يظهر عليه كما يظهر علی ملامح مريم المراقبة له ليصلها صوت الشيخ وهو يشرح لها كل ما يظهر في البلورة :
ـ يبدأ بالتعرف علی ما يمتلكهُ من قدرات ، وهي تحريك الاجسام عن بعد ، الطيران ، التنقل بلمح البصر ورؤية ما خلف الاجساد الصلبة ، فضلاً عن سمعه ونظرهُ الحادين .
وكان هذا ما يحصل في داخل البلورة ، كان الشاب يطفو وعلی الارض يظهر خيال لأجنحة كبيرة ، ثم ابتدأ يُحرك كل ما حوله بتسلية ومتعة كبيرين .
اصبح اكبر عمراً والوقار والهيبة يظهران عليه وحولهُ ، حول رأسهُ تحديداً تلف اشياء اشبه بحروف ليتحدث الشيخ :
ـ يملك الزوهري الذهبي عِلماً وحكمة لا تتواجد عند احد من العالمين ، عِلماً آلهي يُمنح له دون تدريس او تعليم فيملك عقلاً يوازن امماً وحضارات بما يملكهُ من العلوم .
ارتفع حاجبيها بدهشة وهي تراقب الشاب الذي تقدم به العمر ولسبب ما كل من حولهُ كانوا يهابونهُ ، راقبته وهو يتمشی علی الارض ينظر الی الكنوز التي تقبع تحت آلاف الكيلومترات من طبقات الارض وبلمح البصر وبحركة من يديه أُستخرِجتْ تلك الكنوز وباتت تحت قدميهِ ليتحدث الشيخ :
ـ هذه من قدرات الزوهري الذهبي والتي لا يملكها سواهُ ، يری الكنوز والمجوهرات وبحركة اصبع كُلها تصبح بين يديه حالما يُشيرُ عليها .
كل هذا كان مُدهشاً علی عقلها لتستوعبه ، كان كفيلم خيال علمي ولم تُصدق بوجود انسان كهذا .
الشاب بالفعل وصل اواسط العشرينيات علی ما يبدوا ، كانت تری حوله مخلوقات مُرعبة تخضع له بخوف وكأنهُ تَنَصب مَلِكاً عليها او غدت تحت امرتهُ ، راقبت نفور الناس منه وهربه دون كلل الی بقاع شتی .
يتنقل بلمح البصر ويطير بأجنحة لا تُری ، حتی بات يخوض معارك دامية ضد بني جنسه وتلك المخلوقات .
كان الشيخ يراقبها صامتاً ولم يتحدث واخذت هي تراقب الشاب الذي كلما غضب غرقت حدقتيه بظلام اسود ويتحرك كل ما حولهُ مُسبباً تطاير الاجسام المادية ، في كل معركة لسبب ما كان يبدوا انه مضطر لمواجهة اناس يلحقونه ، تبدوا اشكالهم كريهة بعضهم يتعامل معه بنفاق والبعض يستخدم القوة ضدهُ ، وكان هو في كل مرة يُسبب الكوارث ، فتنخسف الاراضي وتتطاير جبال بكبر حجمها ، تُباد امم وتسيل انهار من الدماء، يواجهُ مخلوقات ضخمة بكبر الجبال وما ان تغرق عينيه بظلام دامس حتی يستطيع بقبضة يدهُ علی ان يقضي علی تلك المخلوقات بما يبدوا كسيف لا مرئي .
كانت قواهُ مرعبة لا توصف ، وكان الشاب يجلس مهموماً وسط تلك الانهر من الدماء يبكي صامتاً وعاد للهروب من جديد .
حتی اختفی كل شيء فجأة وهي لا زالت تراقب البلورة ليتحدث الشيخ ملاحظاً تأثرها ومستشعراً لخوفها :
ـ هذه قدرات الزوهري التي تُعد سلاحاً مُدمراً ، فهو يخضع تحت امرته جيوش كاملة من المردة والعفاريت خوفاً منه لذا يُعد كنزاً ثميناً للسحرة ولذوي المصالح الدنيئة .
نقلت بصرها اليه ليوضح لها :
ـ الزوهري الذهبي يُحكم عليه بالعيش وحيداً خائفاً لمدی الحياة ، يطاردهُ الانس والجن ، شياطين الانس يحاولون استمالتهُ لتحقيق مآربهم الضالة ولكونهُ لا يُحبذ الشر فهو يرفض التعامل معهم ايما تعامل وبالنهاية يجدُ نفسه وسط حروب لا تنتهي هدفها هو ان يعيش بسلام بعيداً عن الجميع .ولكنه سلاح ذو حدين .
عادت البلورة تعرض الشاب بهيئة اخری وحوله مئات من المصابين غارقين في دمائهم وعلی ما يبدوا كان وسط مجزرة ! فتحدث الشيخ والصور تتحرك :
ـ له القدرة علی الشفاء من جميع الامراض وحتی اعادة الحياة لمن فَقِدَها ، فهو عبدُ صالح منحهُ الله هذه القدرة النادرة ليكون ملاكاً مُنقذاً للارواح .
كان الشاب يُتمتم بشيء ما وظهرت حولهُ هالة نورانية بهيئة اجنحة ، وراقبت تشافي تلك الاجساد ببطء لتتسع حدقتيها تعجباً ، بالنهاية نهض الناس من حولهُ واختفت ما عليهم من اصابات خطيرة ولم يبقی الا الدماء الجافة .
تحدثت وهي تراقب الشاب الذي لا زال جالساً مُبتسماً بهدوء وكم كان شكلهُ مريح للنظر :
ـ لماذا قد يوجد انسان بهذه القوة المُدمرة علی وجه الارض ؟
اجابها باسماً :
ـ أنه من جنود الله تعالی واحبابهُ علی الارض .
عقدت حاجبيها ليكمل هو :
ـ انهم عباد صالحين يا بُنيتي ، قلوبهم شديدة الرقة ونقاءهم لا يُلوث ولو بلغوا المئة عام ، علی الرغم من ما لديهم من قدرات جبارة لا يعلمها الا خالقهم فهم لا يستخدمونها الا لكل ما فيه خير وصلاح ، هم جنود الله يا صغيرتي ومن خلالهم يسود الخير والعدل في المجتمع الدنيوي .
تحدثت تستذكر المشاهد الدموية التي رأتها تواً :
ـ ماذا عن كل الدمار الذي يسببهُ اذن ؟
طالعتهُ ليتنهد هو :
ـ هذا ما يحدث حينما ينكشف سره ويتم مطاردتهُ من قِبل العالم اجمع .
ثم تحدث بنبرة مُشددة :
ـ هذا الانسان بما هو قادر علی فِعلهُ فهو وسيلة مهمة لمن يريد الجاه والسلطان سواء من الانس او الجن ولكون طبيعتهُ المسالمة ترفض الانصياع للرغبات الدنيئة الضالة فعادة ما يُقتل !
توسعت عينيها علی اشد اتساع وصدی الكلمة يتردد في اذنها ، عرضت البلورة صوراً اخری هذه المرة للشاب الذي قُتل غدراً بسكين لتشعر بألم يغزو قلبها ، ثم صور اخری لأشخاص مختلفي الملامح يُقتلون في اعمار مختلفة وبأبشع الطرق ليُصفر وجهها ويتملكها الذعر فتحدث الشيخ :
ـ لكونه انساناً صالحاً من المستحيل ان يحيد يوماً عن طريق الصلاح فلا تتم الاستفادة من قدراته العظيمة الا بعد موتهِ .
سرت القشعريرة في جسدها وارتجفت بخفة وهو اكمل :
ـ من الصعب اكتشاف قُدراته وهي لا زالت لم تظهر بعد وان ظَهَرت فمن المستحيل التعاون معه علی امر يراهُ مُسيئاً او غير صالح لذا يُقتل غدراً او يقتلهُ الحزن حينما يقضي الساحر او من يريد استغلالهُ شراً علی كل من يُحبهم فيموت حُزناً عليهم .
كانت صامتة تستمع الی هذه الوحشية المتُجسدة في هذه المخلوقات الفانية وكم راعها تخيل ان يُقتل انسان لسبب سخيف كهذا ، ان تُزهق ارواح كل من يحبهم امام عينيه ، ان يفقد امانهُ وحقهُ من العيش بطبيعية بسبب تلك الرغبات التي لا تنتهي ، تلك المصالح البشرية الفانية ، ذلك الفساد الذي لا ينتهي ولن ينتهي يوماً .
تحدث مجدداً وهي استمعت بهدوء بأعين دامعة :
ـ فائدتهُ الحقيقية تكمن بعد موتهُ ، ولا سيما انه يموت بأعمار مُبكرة طبيعياً لكون جسدهُ الفاني غير قادر علی تحمل ما يحملهُ من قوة عظيمة ، لذا يصاب غالباً بأمراض المفاصل والامراض المزمنة وامراض القلب فضلاً عن فقدان التركيز .
تنهدت هي تكتم دموعها تنتظر نهاية هذا الحديث :
ـ اذا أُستُخدِمَتْ يديه فهما تستخرجان الكنوز من بواطن الارض والبحار ، اذا ما استخدم احدهم عينيه فهو يری من خلالهما المستور ، عظامهُ واعضاءهُ تصنع سحراً اسوداً عتيداً ومن يأكل دماغه يملك علماً لا يملكه غيرهُ حتی من الامم الغابرة ومن يشرب دمهُ فهو يتمتع بالخلود الابدي .
بان الاشمئزاز علی وجهها وسرت رعدة اخری بجسدها لتتحدث بصوت منخفض غير مُصدقة :
ـ من يفعل امراً دنيئاً كهذا ؟
رد زوجها الذي بدی شارداً في وادي آخر وعينيه تُركزان علی نقطة وهمية في الجدار :
ـ الكثيرون يا صغيرتي .
التفت اليها يُطالعها بعيون دامعة قائلاً :
ـ فالعالم بالخارج ملوث جداً ويفعل اكثر الافعال دموية وشراً ليحصل علی مبتغاهُ .
ـ لكن ـ قاطعها ـ شخص نقي مثلك لم يمسسهُ الشر يوماً بالتأكيد لن يفهم الشر القابع في الخارج .
تنهدت مجدداً تُتمتم :
ـ هذا فظيع جداً .
بلعت غصتها والتمعت حدقتيها الساحرتين اثر تغطيتهما بطبقة شفافة من الدموع ليتحدث الشيخ وقد ناظرتهُ :
ـ انه انسان واحد فقط من يملك الشر مُتمثل بالخير داخله ، وهذا الشيء لا يفهمهُ سواهُ ، فهو بالعلم الذي لديه والحكمة لا يستغل قوتهُ العتيدة في السلطان او الجاه او السيطرة بل يعيش ببساطة ويكون مسالماً قدر ما يستطيع حتی يموت ، وهذا ما يجعلهُ مستهدفاً من قِبل من هو مستعد ليشن حرباً ويُبيدُ أمماً ليحقق رغبة زائلة .
اكمل مضيفاً :
ـ كما اسلفت يولد هذا الانسان كل سبعة قرون ، يعيش مُتخفياً قدر ما يستطيع ويقوم بعمله بأن ينشر الخير بما ما يملكهُ من قوة ، لذا هم حُلفاء لنا واكثر من اصدقاء نُقدم لهم الحماية وبالاخص لمن يُحبون .
ـ حتی حينما يتزوج ويُنجب فلا يرثهُ اطفالهُ ولا هو يستطيع نقل قواه لجسدً آخر فقط انسان واحد من نسله سيملك كل هذه القدرات ولن تتكرر لربما الا بعد سبعة قرون .
قاطعتهُ :
ـ لماذا يا شخنا ؟
رد وابتسامة خفيفة ترتسم علی شفتيه :
ـ هكذا هو فقط يا صغيرتي فألله تعالی من خَلَقهُ وله في خَلقهِ شؤون لا تستطيع الكائنات الفانية مثلنا ان تعيها .
ثم تحدثت بتوجس :
ـ ولماذا انا اعلم كل هذا الان ؟
رد عليها بعد تنهيدة طويلة :
ـ أنتِ تُدركين الجواب يا بُنيتي .
توقف الزمن من حولها وارتسمت ملامح الصدمة والهلع علی كل إنش من حركاتها ووجهها لتتحدث بتقطع وقد انحسر الهواء من حولها
- هل ...ـ هزت رأسها نفياً وقد تساقطت دموعها ـ كلا هذا غير صحيح . بكت وهي تنفي برأسها لتتحدث بصوت متقطع وقد أُحمر وجهها بكامله :
ـ كلا انا لستُ هذا النوع ... لستُ كما قُلتَ قبل قليل .
ضاعت كلماتها بين شفافها وراحت تنتحب بقوة ، حتی وضعت يديها علی فاهها صامتة تشفط سائل انفها غير واعية لكل ما يحدث تُردد وقد بدأت تضحك بهستيريا :
ـ هذا حُلم ، انا لا زلتُ في الغيبوبة وهذا كله ليس حقيقي .
اخذت تنظر لكل جزء من ارجاء الغرفة بأرتجاف واضح في بدنها تُردد كلمة حُلم بلا انقطاع وعقلها يُعيد لها تصوير ما رأتهُ في البلورة وما حكاهُ الشيخ وما حَصَل معها ، ودموعها تتساقط بوهن ، زوجها بكی بصمت ووالدهُ يطالعها بشفقة .
بالنهاية نهضت متعثرة ترغب بالخروج فنهض مرجان يُمسك بها وهي تتمايل بين يديه تُكاد تفقد وعيها لتردد له بوهن :
ـ اريد الخروج اشعر بالاختناق .
حملها بين يديه وارتمی رأسها علی كتفهُ وبدت خارج الكون بعينيها الشاردة وبملامحها الباهتة ، حينما خرج اقترب والدهُ من الشيخ الذي كان يبتلع ريقهُ ليتحدث بصوتهُ العذب :
ـ علينا حمايتها جيداً يا شمهورش ، فلقد ماتت آمال كل ذي مآل سيئة بموت آخر انسان زوهري قبل سبعة قرون ولم يكن اياً منا متوقع ان له نسل حتی مجيء زوجة ابنكِ .
نهض بحركة سريعة لتظهر قامتهُ القصيرة والاخر ينتظر اوامرهُ :
ـ سأعطيكَ ما يلزم علينا منع ظهور هالتها للاخرين والا ستتحول الحياة الی جحيم لها ولمن حولها .
اومأ صامتاً وتوجه الشيخ داخل مكتبتهُ بينما في الخارج ، كانت مريم تحتضنتها قرينتها في العربة تُخفف عنها هي وزيزفونة ومرجان يُراقبها بهدوء متوقعاً ردة فعلها ، ولا زالت دموعهُ تهبط خشيةً عليها .توقعها زوهرية عادية ولم يكن يتوقع ان يكون مصيرها اسوداً لا سيما وانه لم يتوقع احد ان يُحافظ آخر زوهري ذهبي علی سلالته وصادف هي ان تكون سليلتهُ الموعودة ...

يتبع .......

لا تبكي يا فؤادي فأنا لكِ سأكون حامياً ومن أجلكِ أُقَدِمُ نفسي فداءً وسأصيرُ لكِ حصناً يحميكِ وملجأً آمناً تلوذين به ، لن تُمس منكِ شعرة ولن يطال الاذی ظفركِ ولا الهم سيجدُ درباً الی عينيكِ الجميلتين ، فأنا لكِ ومن أجلكِ أقيمُ حرباً وأمحي أُمماً .

ـ ما أُبتِليتُ أنا به لن يكون سبباً ليطال الاذی احبابي ، فيا أنفاسي ودقات قلبي أنتَ سأخوضُ دربي وحيدة وسأدعو لكَ أينما كنتُ أن يحفظكَ ربي ، فالموتُ أهون علي من ان اری جزءً يُمس منكَ

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro