1
* العائلة *
الحياة، كلمة واحدة معناها أكبر مما يمكن لشخص ان يتخيله، الحياة للبعض هي الحب، بينما هي لآخرين فهي تعني النفوذ، هناك من يعتبرها القوة و هناك من يراها كضعف، و لكن بالنسبة لقصتنا الحياة عبارة عن العائلة.
العائلة هي الوطن و هي الأحلام و ما تبقى من الأمان، العائلة هي الكتف الذي يحتضننا و يروينا كلما عطشنا، يجعلنا دوماً على ثقة بأن ظلّاً ما يحمينا، و يسندنا حين الفشل، يقف بجانبنا و يشدد من أزرنا، إن الحياة بهم هي الحياة، و دونهم نحن في عبث.
عائلة بروفاسي التي يقف جميع أفرادها الان بمقبرة العائلة بملابسهم السوداء و ذلك من أجل حضور جنازة آفا بروفاسي زوجة الابن الاكبر للعائلة سامويل بروفاسي التي قد تم قتلها دون رحمة.
و كأن الجو كان حزينا لفراقها، و كأن السماء كانت تبكي لفقدان شخص مثلها فالمطر لم يتوقف منذ ليلة أمس و بمعنى أصح منذ أن اغمضت عيناها لاخر مرة مستسلمة لموتها.
وقف جميع أفراد عائلة بروفاسي من كبيرها و هو الجد هنري بروفاسي اكثر شخص سادي و مختل بكل عالم المافيا، الى اصغر فرد و هي هيرا بروفاسي.
كانت ملابسهم السوداء تدل على الحزن الذي يحتل قلوبهم لفراق شخص مثل آفا؛ فهي قد كانت مختلفة عن الجميع بحق كانت البياض الذي دخل على تلك العائلة، كانت الامان لافرادها، كانت الملجأ و الاساس لأسرتها.
اقترب سامويل المصدوم من القبر بكل هدوء بعد ان تمت تغطيته بالتراب كليا، نظر الى الارض التي تفرقه عن المرأة الوحيدة التي احبها قلبه، ليشرد بخياله الى اليوم الاول الذي قد تعرف بها على آفا.
كانت سيارته يومها قد تعطلت و قد اضطر إلى ان يمشي قليلا الى حين وصول السائق ليتوقف فجأة في مكانه و هو يسمع الى لحن الموسيقى الهادىء و الجميل الذي كان يسمع بمكان قريب منه، دون اي تفكير و دون ان يعلم السبب كانت قدماه تأخذانه الى الطريق الذي سوف يغير حياته كليا.
تصنم و هو يرى فتاة جميلة بفستان صيفي اصفر اللون تجلس وسط أطفال و على ما يبدو انهم اطفال شوارع مشردين من لباسهم و لكن هذا لم يغير فكرة ان آفا كانت تجلس وسطهم و هي تلعب لحن الموسيقى العذب بكمانها بكل حب و الابتسامة التي قد رسمتها فوق شفتيها قد سرقت انفاس سامويل منذ الوهلة الأولى و من وقتها قلبه لم يعد ملكه بل سلمه لها.
لم يكن قادرا على الذهاب، و كيف يذهب و قلبه تعلق بمن تجلس على بعد أقدام منه فقط. كان حبا منذ النظرة الأولى، تعرف عليها و من يومها بدأت قصة حبهم، كانت فتاة خجولة و لكن بنفس الوقت كانت قوية الشخصية و هذا ما جعل هنري يكرهها فقد كانت تؤثر على تفكير سامويل و تجعله يفعل أشياء لا يريدها والده.
بالحقيقة افا لم تكن شخصا يهتم لعمل سامويل، هي قد احبته لنفسه و كانت ستحبه من جديد اذا كان فقيرا فالنقود لم تكن لها علاقة بمشاعرها، هي احبته لنفسه و ليس لما يملكه . مشكلتها الوحيدة او لنقل همها الوحيد كان ابعاد أطفالها عن هذا العالم السفلي، و لكنها لم تتخيل يوما بأن هذا العالم هو من سوف يأخذها من حبها، اطفالها و حياتها.
" و لو فرقنا الموت، إلى اخر نفس لي سوف أحبك آفا "
سقطت دموعه بصمت ثم انخفض جالسا بجانب القبر و وضع سامويل زهرة الياسمين و التي قد كانت زهرة زوجته المفضلة فوق قبرها و وقف ليقترب من طفله ماكسيمس الهادىء و الذي كان يجلس بهدوء بجانب القبر بصمت و شرود.
ماكس الذي كان يبلغ الثانية عشر من العمر وقتها كان يجلس بجوار قبر والدته و ينظر اليه بصمت، لم يبدي اي رد فعل، و لم تنزل دمعة من عينيه كان يجلس و يشاهد دفن والدته بكل هدوء مما جعل باقي افراد العائلة يقلقون على حاله خصوصا والده الذي لا يملك شيءا غيره الان فالشيء الوحيد المتبقى من زوجته هو طفلهم ماكس.
انحنى سامويل بجوار ابنه و مسح على شعره و هو يقول بصوت حنون محاولا اخفاء حزنه فهو يجب ان يكون السند لابنه
" طفلي، هل تريد توديع والدتك؟"
ظل ماكس صامتا ينظر الى نفس النقطة بصمت و بدون ان يبدي اي حركة حتى مما اخاف سامويل اكثر و اوقفه من مكانه و هو يمسح ثيابه من التراب بينما يردد بقلق واضح و هو يردد
" ماكس، بني هل انت بخير؟ هل نذهب إلى المنزل؟"
لاول مرة منذ وفاة والدته فتح ماكس فمه محاولا النطق بشيء و لكن لا شيء قد صدر منه، لم يكن قادرا على الكلام بالرغم من انه قد فتح فمه اكثر من مرة كمحاولة منه للاجابة و لكن لاشيء صمت غريب يصدر منه و كأنه يوضح الفراغ الذي بداخل الطفل الصغير. و من هنا و من هذه اللحظة كان ماكسيمس بروفاسي قد فقد الكثير، والدته، اخته التي كانت جنين ببطن والدته، صوته، طفولته و الاهم من ذلك كان فاقدا لجميع مشاعره ليتحول من طفل صغير إلى جماد لا يستطيع الشعور.
منذ موت آفا تغيرت الكثير من الاشياء، سامويل كان كالميت كل ما يربطه بالحياة كان صغيره و لكن حتى ماكس كان فاقدا لرغبة العيش، اخذه الى العديد من الاطباء حول العالم و جميعهم قد اثبتوا نفس الشيء و هو ان ماكس يعاني من مرض analgesia اي ما يسمى بمرض اللاشعور.
طفل بالثانية عشر لا يشعر، كيف يمكن للأمر ان يصبح اسوء. جميع الاطباء رددوا نفس الجملة، تعرض ماكس لصدمة قوية بسبب ما رآه يوم مقتل والدته و قد سببت مرضه و لا احد يعلم اذا كان سوف يسترجع مشاعره بيوم ما ام انه سوف يبقى على هذا الحال إلى ما تبقى من حياته.
بالنسبة للجد هنري بروفاسي، الرجل الظالم و الاكثر خبثا بجميع العالم السفلي، كان الجميع يخشاه فهو كان شخصا ساديا لا يرحم احدا، قتل زوجته لانها قد ابتسمت لاحد الاشخاص بأحد الحفلات السنوية بالرغم من ان الابتسامة كانت دون اي معنى او هدف إلى انه وفد نرجسي مهووس، جعل حياة اولاده جحيما منذ طفولتهم مما جعلهم يكبرون دون ان يشعروا بطفولتهم او يذوقوا طعمها بل كانوا من صغرهم يعرفون انهم عن غيرهم من باقي الناس لكونهم جزء من مافيا.
هنري الجد اعجب بماكس الفاقد لمشاعره فقد كان يعتبره كنزا ثمينا لا يقدر بثمن، فهو و بالرغم من كل محاولات سامويل مع ابنه الا انه لم يسترجع و لو حتى جزءا من مشاعره. بالنسبة لهنري كان ماكس سلاحه الجديد فقد اصبح الجميع يخشون ما سوف يصبح عليه ماكس عندما يكبر خصوصا ان جده كان يعتبره يده اليمنى و يعلمه اصول العمل منذ سن مبكرة.
بالنسبة إلى ميكايل بروفاسي ابن هنري الثاني و اخ سامويل فقد كان شخصا جديا للغاية، تزوج من أميليا زواجا تقليديا و انجبا ثلاثة اطفال، حياتهم لم تكن الحياة الوردية بالطبع و لكنها كانت هادئة الى أن اكتشف خيانة زوجته و التي قد تم كشفها من قبل ابنهما ديمن الذي كان عائدا من مدرسته بعد ان تشاجر مع احد الأطفال و كان يجب على احد اولياء اموره الحضور. و عندما كان ديمن يريد التحدث مع والدته عن ما فعله وجدها بالسرير مع احد الحرس ليتصنم مكانه و لكن ذلك لم يدم طويلا فقد توجه الى غرفته متصلا بوالده الذي عاد الى القصر بلمح البصر.
استقبل ميكايل طفله جالسا عن بوابة القصر و هو ينظر امامه بصدمة بسبب المنظر الذي كان قد رآه، والدته كانت مشغولة بما تفعله مما جعلها لم تنتبه لوجوده حتى. قبل ميكايل رأس صغيره و طلب منه التوجه الى الحديقة للعب دون العودة الى القصر، علم الطفل ما الذي كان سوف يفعله والده و لكنه لم يقل شيءا و ابتعد بهدوء.
اميليا لم تكن الأم الحنون التي يحتاجها اي طفل، نعم لقد كانت جميلة للغاية و لكن جمال جسدها لم يكن ينطبق على جمال قلبها، تزوجت هي و ميكايل زواجا لم تقبل به الا لكونه يحمي مصالحها و مصالح عائلتها، و كذلك كان الزواج من احد ابناء بروفاسي و كأنها قد ربحت باليانصيب.
ماتت أميليا منتحرة او لنقل مجبرة على الانتحار بعد ان دخل ميكايل الغرفة عليها هي و عشيقها ليقتله بكل برود و لكنه لم يقتلها بل اعطاها السلاح لتحمله ببكاء و هي تتوسل اليه ان يسامحها و لكنها كانت تعلم انه حتى لو سامحها ميكايل فإن هنري سوف يقتلها دون ان يرف له جفن بالطبع بعد ان يعذبها كليا. كان موت اميليا بعد موت آفا بسنتين بالضبط، كان اطفالها بحالة صدمة نعم و لكنها لم تكن مقربة منهم يوما مما جعلهم يتخطون الامر في اسرع وقت.
بعد ما يقارب الستة أشهر بالضبط قامت غريس زوجة رونالد و ام روميو و هيرا بالهرب من قصر بروفاسي دون النظر وراءها، لم تفكر حتى اخذ اطفالها معها فهي كانت واثقة بانها لو قامت بأخذهم او فكرت بالامر حتى لن تتمكن من تجاوز جدار الحديقة حتى. كانت غريس شخصا انانيا بنظر اطفالها فهي لم تكلف نفسها و تودعهم، كانت خائفة لما أصاب آفا و اميليا و لم تكن تريد الموت و لكن الا يستحق أطفالها و لو وداعا صغيرا.
قرر رونالد عدم البحث عنها، فلو كانت شخصا يستحق المحاربة لاجله لما تخلت عنه و عن اطفاله، لذلك قرر العيش مع طفليه و تعويضهم عن كل ما اصابهم دون الاهتمام لرحيل والدتهم.
كبر الاطفال داخل قصر بروفاسي يوما بعد يوم و لكن كل واحد منهم كان يفتقد لشيء، لم يكن احدهم كاملا و لم يكن ليصبح كاملا فقد كانت اهم قطعة من احجية حياتهم ناقصة و هي الام.
عندما كان ماكس بالسادس عشر قام بالشيء الذي لم يستطع فعله و قد بدأ الحديث من جديد، و هذه كانت نقطة تحول بالنسبة لماكس الذي لا يزال فاقدا لمشاعره. بينما كان فكتور وقتها بالسابع عشر و بدأ يتعمق بأمور العمل الشرعي و الغير شرعي مع والده و أعمامه، و اصبح جزءا مهما من عالم العمل. بالنسبة لروميو و ديمن فقد كانا مراهقين مستهترين، روميو يبلغ الخامس عشر و ديمن الرابع عشر و كل همهم كان الاستمتاع. ماري التي كانت بالثالثة عشرة و هيرا التي كانت تبلغ الثانية عشر كانتا فتاتين مدللتين من قبل الجميع، خصوصا هيرا التي كانت تعتبر اصغر فرد بالعائلة و قد كانت تحب الاهتمام الذي تحصل عليه من الجميع خصوصا بعد رحيل والدتها.
عائلة بروفاسي كانت اهم عائلة تصنع الأسلحة و تبعيها، كانت عائلتهم من بين الاقوى بعالم المافيا و كانوا محافظين على مركزهم و ثباتهم بالرغم من موت الجد فقد كان الجميع يخاف ماكس بالتحديد فقد كان شخصا لا يشعر على عكس الباقي.
" ماكس هل جننت كيف تقطع اصبع اوكتافيو وسط الاجتماع"
صرخ سامويل بابنه الذي كان يجلس على الاريكة و ينظر اليه بوجه لا يحمل اي مشاعر و لا يبدي اي ردة فعل ليلعن سامويل نفسه لان لا شيء ينفع مع ابنه و بالطبع لن يغير صراخه اي شيء
" لقد اجتماعا وديا، لقد كنا نحاول الوصول الى حل "
" اخبرته بأن لا يشير بأصبعه نحوي "
اجاب ماكس بكل هدوء و كأن ما قاله حجة كافية لما قام به، لينفجر رونالد ضاحكا و هو يقول لاخيه الاكبر
" كيف يجرأ على رفع أصبعه نحو ابن اخي، الا يعلم من هو ماكسيمس بروفاسي "
" رونالد لا تشجعه و اللعنة "
صرخ سامويل غاضبا لان عدم شعور ماكس جعله لا يعرف كيف يتعامل مع اي احد، كان شخصا منطويا على نفسه لا يقترب من احد و لا يسمح لاحد بالاقتراب منه، كل ما تعلمه من جده هنري جعل وضعه اسوء فقد كان عديم الرحمة بعيدا عن كونه بعيدا للمشاعر مما جعل التعامل معه امر ليس بالصعب بل بالمستحيل
اقترب ميكايل من اخيه و اعطاه كأسا من المشروب و هو يتحدث ببرود و يشير الى كل من ماكس و رونالد
" سامويل لا تتعب نفسك فهو لن يستوعب و أقصد كلاهما بكلامي "
كان فكتور يجلس بجانب ابن عمه ليقول بكل برود و هو يسترجع ما حصل بالاجتماع بعد ان دخل اوكتافيو و بدأ يستفز بسامويل و لكن لغباءه اشار نحو ماكس الذي قطع أصبعه دون اهتمام
" بالحقيقة اظن بأن ما قام به ماكس شيء جيد"
نظر اليهم الجميع بعدم فهم ليضيف بهدوء
" حسنا انا لا اعني ان نقوم بقطع أصابع اي احد و لكن اوكتافيو قد كان يقصد اهانة عائلاتنا وسط بلدنا، مكاننا و مكتبنا و كان يجب لاحد ان يوقفه عن حده"
نظر ميكايل لابنه بفخر و هو يضيف بموافقة
" لو علم الباقين ما فعله لكانوا قد تمادوا خصوصا ان الاوضاع لم تكن كلها جيدة بعد موت هنري "
" اذا لنشكر ماكس على ما قام به "
تحدث رونالد بحماس و هو يرفع كأسه قبل ان يشربه مرة واحدة
" كان اوكتافيو بحاجة الى قرصة اذن و لكن اظن ان ما حصل اليوم كان يمد لصالحنا بنوع ما "
نظر الجميع لماكس الذي كان يغادر الغرفة غير مهتم لما يقولونه فهو لم يقطع اصبع الرجل ليعطيه قرصة اذن، فعل ذلك لانه قد اخبره ان يبعد اصبعه و هو لم يستمع اليه
بنفس اللحظة كان ديمن و روميو يدخلون القصر ليركضوا نحو ماكس بحماس فقد علموا ما قد حصل باجتماع اليوم، بالحقيقة لقد علم الجميع بما حصل لان مثل هذه الاخبار كانت تنشر بسهولة
" cugino هل ما سمعناه صحيح؟"
تحدث روميو بحماس ليكمل ديمن بحماس اكبر و هو يشير بيديه
" هل قطعت اصبع اوكتافيو ؟"
نظر ماكس بين الاثنين ببروده المعتاد لا يعلم كيف يستطيعان ان يكونا بهذا الحماس اربع و عشرون ساعة باليوم
" هل كانت اليد اليمنى ام اليسرى؟"
اضاف روميو مجددا غير سامحا لماكس بالاجابة ليقاطعه ديمن و هو يسأل كذلك
" هل قمت بذلك بضربة واحدة بالسكين ام برصاصة ؟"
نظر ماكس الى الاثنين مرة اخرى قبل ان يبعدهما عن طريقه بيده و هو يمشي نحو غرفته دون الإجابة حتى فهو يعلم بأنهما لن يتوقفا عن التحدث حتى لو اجابهما لذلك قرر اختصار الامر و تجاهلهما
" روميو، ديمن تعاليا الى هنا حالا "
صرخ رونالد ليتسمر الاثنين مكانهما قبل ان ينظرا نحو الصالة حيث كان الجميع يقف هناك، من كثرة حماسهم لم ينتبها الى والديهما. اقترب روميو من ديمن و همس له
" هناك موت و ليس هناك اعتراف "
" و لو ضربنا لن نعترف، ابناء بروفاسي دائما على صواب"
" حتى لو اخطأنا اليس كذلك ؟"
" دائما cugino و لكن السؤال الان ما الذي سوف نعاقب عليه بالضبط؟"
سلم الاثنين على بعضهما البعض و توجها نحو الصالة بابتسامتهم المعتادة
" famiglia، اشتقتم لي "
صرح ديمن بحماسه و هو يجلس بجانب اخيه الذي كان ينظر اليه بعدم تصديق، بينما اقترب روميو من والده و يقف مقابله قبل ان ينحني و كانه ينحني امام ملك ما
" طاب يومك يا جلالة رونالد بروفاسي "
امسك رونالد اذن روميو و قرصه منها قبل ان يقول
" سوف اريك انت و ذلك الاهبل الذي معك، ما الذي يعني رمي استاذ الفيزياء من الطابق الثالث "
صرخ روميو و هو يحاول ابعاد يد والده بينما كان ديمن يحاول الهرب من الغرفة ليمسكه اخوه من يده دافعا اياه نحو والدهما ليصرخ ديمن في اخيه بغضب
" ايها الخائن انا اخوك الشقيق و لست عدوك "
رفع فكتور كتفيه بملل و هو يشاهد كيف امسك ميكايل اذن ابنه يؤنبه كذلك ليصرخ روميو بألم
" كيف علمتم بذلك ؟"
نظر الاثنين نحو هيرا التي كانت تدخل الصالة مع هاتف جديد ليعرفوا بأنها من اخبرت عنهم
" هيرا انا اخيك كيف تشيين بي؟"
نظرت هيرا لاخيها ببراءة و هي تتوجه نحو سامويل الذي استقبلها بعناق و هي تقول بملل
" كان لدي خيارين، الاول عدم الافشاء بكما و اتكافىء بحبكما لي و الثاني كان ان افشي بما فعلتما و اخذ الهاتف الجديد الذي اريده "
" و انت اخترتي الهاتف ايتها القزمة "
صرخ ديمن بغضب لتنظر اليه هيرا بتحد و هي تضيف
" و هل هذا يحتاج تفكير، روميو اخي و لن يستطيع التفريط بي يومين و سوف يسامحني بالاخير انا اخته الوحيدة و الصغيرة "
نظر روميو نحو اخته بجدية و قلب عينيه بملل فكلامها صحيح، هو حقا لا يستطيع البقاء غاضبا من اخته ابدا. لتضيف و هي تشير الى ديمن
" اما بالنسبة لك فقد قررت اننا سوف نتزوج عندما اصبح كبيرة لذلك لن تستطيع الغضب مني فلا أحد يستطيع ان يبقى غاضبا من زوجته "
" ماذا؟"
صرخ الجميع بصدمة حقيقة، قبل ان يمثل ديمن و كأنه سوف يتقيء و هو يقول باشمئزاز واضح
" اتزوج بك؟ انت؟ هل فقدت عقلك ام ماذا؟"
" انا قد اتخذت قراري و لست بحاجة لموافقة منك اليس كذلك ابي ؟"
رمشت بعيونها البريئة لوالدها الذي ضحك بصخب على جنون ابنته الصغيرة و هو يقول موافقا على كلامها
" اي شيء تريده principessa ينفذ "
" عمي ما الذي تقوله؟ ابي قل شيءا "
صرخ ديمن بغضب ليضحك ميكايل و هو يجيب
" بالحقيقة انا غير مستوعب كيف تريدك principessa خاصتنا و لكن كما تعلم هي صغيرتنا و ما تريده ينفذ "
ضحكت هيرا بحماس بحضن سامويل و هي تجيب بحماس طفولي عفوي
" ما دام الجميع موافقا اذا سوف نتزوج عندما اصبح كبيرة "
" انا لست موافقا "
صرخ ديمن بغضب و حقد لتبتسم هيرا باستفزاز و هي تجيبه
" انا لم اسألك عن رأيك حتى "
ضحك الجميع لجدية الموقف و كيف كانت هيرا متخذة قرارها دون الاهتمام لما يريده ديمن حتى، بينما روميو كان قد ابتعد عن الجميع متوجها الى خارج القصر ليشاهد اشخاصا يتحركون بالفيلا القريبة من قصر عائلته
اقترب من المكان بفضول و دخل الحديقة كما قد تعود فهذا المكان كان مغلقا منذ سنين و قد كان يستعمله هو و ديمن كملجأ لعب لهما.
بالفيلا كانت جوليا مع والديها تستكشف منزلهما الجديد، لقد كان اكبر من منزلهم السابق و لكنها كانت حزينة نوعا ما لانها لن تكون قادرة على رؤية أصدقاءها من جديد و لكن ذلك لم يوقفها فهي سوف تبني صداقات جديدة
كان والدها جاك قد بدأ عمله الجديد مع عائلة بروفاسي و قد أهداه رونالد بروفاسي هذا المنزل كهدية ترحيب به بينهم. جاك ميغيل يعتبر شخصا عبقريا في صناعة الاسلحة فتصاميمه فريدة من نوعها و هذا كان سبب اصرار عائلة بروفاسي على ضمه لجانبهم
خرجت الطفلة التي تبلغ الثانية عشرة من العمر الى الحديقة تستكشف منزلها الجديد لتتفاجىء بطفل اكبر منها يتجول حول المكان لتركض نحوه و هي تصرخ
" من انت؟ و ماذا تفعل بحديقة منزلنا؟"
نظر روميو الى الفتاة التي تقترب منه قبل ان يقول بملل
" ابتعدي عني ايتها الطفلة "
صرخت جوليا بغضب و هي تمشي خلفه فقد تجاهلها و ذهب في طريقه
" طفلة؟ انا قد اتممت الثانية عشر لست طفلة بعد الان. انا جوليا ميغيل و هذا منزلي "
تسمر روميو مكانه فهو لا يتحمل اطفالا اخرين غير عائلته فذلك يعني المشاكل بالنسبة له
" يا الهي، و ها هو طفل آخر سيكون حولنا الان"
" هل انت تعيش بالقرب من هنا؟"
تحدثت جوليا بفضول و هي تمشي خلف روميو الذي كان قد توجه الى الجانب الخلفي من الحديقة ليحمل دراجته التي يضعها هناك
" و ما دخلك انت بأين أعيش ؟"
كان لا يريد التحدث معها و لكن على ما يبدو انها كانت مصرة فهي تلحقه منذ ان رأته
" انا جديدة هنا، و انت اول شخص اراه لذلك منذ اليوم انا و انت اصدقاء "
ضحك روميو بسخرية و هو يركب دراجته و يقول
" انت ايتها الطفلة كفي عن اللحاق بي، و انا لا اريد ان يكون صداقة مع أي أحد "
نظرت جوليا الى روميو بحزن و لكنها اخفته بسرعة و هي تجيب بإصرار
" انا و انت سوف نكون اصدقاء "
" لا اريد "
ذهب روميو بدراجته لتركض خلفه و هي تناديه
" ما اسمك ؟"
لم يجبها لتضحك بطفولة على ما حدث فقد تعرفت على شخص ما بهذا المكان البعيد بعد ان كانت تظن بأنها لن ترى اي احد بتاتا
" speranza, سوف اسميك la mia speranza و هو ما يعني أملي فأنت كنت أملي بهذا المكان "
مر شهرين على انتقال جوليا الى منزلها الجديد، تعرفت على عائلة بروفاسي بالعشاء الذي تمت دعوة والدها جاك اليه كترحيب به لتتفاجىء برؤية نفس الفتى الذي رأته من قبل بحديقة منزلها
تعرفت على جميع اطفال بروفاسي و لكنها لم تقترب الا من ماريا و هيرا اللتان كانتا بنفس عمرها و محببتين للغاية، و كذلك لم تتنازل عن فكرة صداقتها بروميو الذي كان ينذب حظه للقاءها ذلك اليوم
بدأت ارتياد نفس المدرسة الخاصة التي يرتادها ابناء بروفاسي و قد كانت مدرسة ليست كغيرها من المدراس لان جميع ابناء المافيا المهمين يرتادونها و كانت هناك حماية مشددة حول المدرسة اكثر من الحماية حول البيت الأبيض بأمريكا
المدرسة كانت عالما اخر يوضح العلاقات المبنية بعالم اعمال رجال المافيا، كل اولاد العائلات ذات النفوذ و القوة موجودين مثل عائلة روجر و غيرهم.
مع مرور الايام كانت جوليا قد تعودت على حياتها الجديدة، تقربت من هيرا و ماري و اصبحوا اصدقاء و لكن ذلك لا يغير حقيقة تعلقها بروميو. لقد كان اول شخص التقته بهذه المدينة الجديدة و اعتبرته املا لها بهذا المكان فقد كان والديها يعانون بعض المشاكل بهذه الفترة حيث ان والدتها كانت رافضة فكرة الانتقال و العمل مع عائلة بروفاسي لخوفها من ما يمكن ان يصيبهم.
كانت جوليا تلاحق روميو أينما يذهب، بالرغم من كونه كان يعاملها ببرود و لكنه كان يحب تعلقه بها، كيف ان شخصا من خارج العائلة يريد ان يكون صديقه. و لكن لكونه عنيد رفض صداقتها كثير الا ان جاء اليوم الذي غير مسار كل شيء.
كان هناك اشخاص قد ارسلوا جوابات تهديد الى جاك الذي لكونه قد تجاهلهم فهو يعلم بأن لا شيء قد يصيبه ما دام محميا من طرف عائلة بروفاسي و لكن الرياح تمشي بما لا تشتهي السفن.
عندما كان جاك بقصر بروفاسي يناقش الأسلحة الجديدة ورده إتصال هاتفي يعلمه بأن هناك أشخاص قد اطلقوا النار على منزله ليركض الى منزله مع رونالد و روميو الذي كان قلقا على جوليا للغاية فهي صديقته الوحيدة بالرغم من انزعاجه الدائم منها.
تجمد الجميع لرؤية لونا زوجته ميتة و فوقها جسد جوليا الصغير و كلاهما غارق بالدماء. توقف العالم تحت اقدام جاك الذي لم يكن قادرا على ان يخطي خطوة اخرى على عكس رونالد الذي تقدم نحو الاثنتين لكي يتحقق ما اذا كانت على قيد الحياة ام لا ليسمع صوت ابنه المرتجف و هو يقول
" هل.. هل جولي بخير يا ابي ؟"
نظر رونالد لطفله قبل ان يضع أصابعه على عنق لونا محاولا تحسس نبضها لتدفع جوليا يده بعيدا و هي تصرخ بجنون و عدم تصديق و هذا ما جعل والدها يركض نحوها ليحملها بحضنه و هو يعانقها بالرغم من صراخها و دفعها له
" لا تلمسني... اتركني... امي... امي.."
بسبب عمل جاك خسرت جوليا امها بيومها، كان امرا لا يصدق بتاتا، كانت قد عادت من مدرستها و توجهت لتغسل يديها لكي تتغدى مع والدتها كما اعتادت لتسمع وقتها صوت الرصاص مما جعلها تظل مختبئة و تبكي و بعد ان توقف الضجيج توجهت الى الخارج لتجد والدتها على حالها، صدمتها كانت كبيرة و كل ما فعلته كان الركض نحو امها و معانقتها بالرغم من انها كانت تعلم بأنها قد توفت.
" جولي"
خرجت من شرودها على صوت روميو الذي كان يقف امامها لتنفجر بالبكاء و هي تتقدم بخطواتها الصغيرة نحوه و لكن بوسط الطريق اليه توقفت و كانت على وشك السقوط ارضا ليركض روميو نحوها و يعانقها بشدة و كأنه يخبرها بعناقه هذا انه معها و لن يفرقه شيء عنها
يبدو ان عالمهم هذا مصر على ابعاد الجميع عن امهاتهم، بقي روميو مع جوليا الصغيرة و حضر جنازة لونا جميع افراد العائلة و وقفوا بجانب جاك فهم يعلمون جيدا بأنه لو لم يكن يعمل معهم لما حصل ما حصل. اقترب سامويل من جاك و وضع يده على كتفه و هو يقول بجدية و حزم
" انت جزء منا يا جاك و ابنتك جوليا هي واحدة من بناتنا لذلك لا تقلق نحن لن نتخلى عنك و لن نترك الامر يمر مرار الكرام"
بالضبط كما قتل سامويل الشخص الذي ظنه قاتل زوجته آفا حرص على إحضار قاتل لونا الى قدمي جاك الذي لم يتوانا على اطلاق الرصاص عليه و قتله منتقما لموت زوجته.
بقي روميو مع جوليا منذ يوم الحادثة الى يوم الدفن، بعد الجنازة كانت جالسة بالحديقة على الارض بفستانها الاسود تعانق قدميها الصغيرة و هي تبكي بصمت بينما تنظر بشرود للمسبح ليجلس روميو بجانبها بهدوء
" جولي "
همس و هو يمسح على شعرها، بالرغم من ان والدته حية ترزق بمكان ما الا انه يعتبرها ميتة فهي لم تكن بالوقت الذي احتاجها به لذلك هو يشعر بما تشعر به فهو ايضا قد فقد والدته. نظرت له جولي بصمت فاقترب منها و عانقها بهدوء لتتمسك به و هي تقول بصوت طفولي حزين
" عدني بانك لن تتركني ابدا "
ابتعد ينظر لها من جديد ليجد الدموع تزين عيناها الجميلة ليمسح دموعها بصمت لتضيف بصوت اضعف من الاول
"عدني بانك ستكون هناك من اجلي دائما مهما حصل "
مدت اصبعها الصغير ليمسكه و هو يوثق الوعد قائلا بجدية
" اعدك جولي"
" الى اخر يوم بحياتي روميو"
" الى اخر يوم بحياتي جوليا "
تغيرت حياة الجميع دون ان يعلموا، لقد كان امرا خارجا عن إرادتهم، و تغيروا هم كذلك مع التغيير الذي طرأ حولهم.
بالجهة الاخرى من ايطاليا كانت عائلة ألفارو و هي من أغنى العائلات بإيطاليا مستمتعون بالعطلة التي سوف يقضونها بألمانيا. كان جيمس من اغنى رجال الاعمال و الذي كان عمله يتمحور حول تصنيع السيارات، بينما زوجته أوليفيا كانت ملكة جمال سابقة و كل همها كان عن جسدها، سمعتها و مكانتها مما جعل اولادها الثلاثة يتربون بين يدي المربيات. كانت كاثرينا ابنتهما الأكبر و قد كانت نسخة من والدتها، كانت تبلغ السادسة عشرة من العمر و لكنها كانت مغرورة للغاية و كل ما تطمح له هو ان تصبح مثل والدتها ملكة جمال بيوم ما. اخرها ليون الاصغر منها كان بالخامسة عشر و قد كان مهووس سيارات مثل والده و قد كان يريد ان يصبح مثل والده عندما يكبر فقد كان والده عبقريا فيما يتعلق الامر بالسيارات، اما ليليا و هي الاخت الاصغر كانت تبلغ الثالثة عشرة من العمر و كانت اوليفيا تعتبرها مجرد خطأ فهي لم تكن تخطط لانجابها و كانت تريد إجهاض الطفل كذلك لكن جيمس رفض الامر كليا لذلك لم تكن أوليفيا تحب او حتى تهتم لها، لذلك كانت ليليا متعلقة بوالدها و أخيها.
بينما بمدينة برشلونة الاسبانية كانت عائلة لوشيس تحضر حفلا خيريا جديدا، كانت ليزا بكامل أناقتها مثل عادتها تتحدث بغرور مع باقي النساء بالحفل فهي تحب كونها زوجة زعيم مافيا مثل فرناندو لان هذا يجعل الجميع يحترمها، قد تكون غير قادرة على إنجاب الوريث الذكر الذي لطالما حلم به فرناندو و لكنها تعلم بأنه لن يستطيع الحصول على طفل خارج نطاق الزواج بسبب قانون المافيا الذي ينص على قتل اي طفل خارج نطاق الزواج. بالنسبة لها كانت تعلم بأن ابنتها الينا و بالرغم من كونها فتاة الا انها سوف تكون مستقبل هذا العمل لان جميع الحضور يريدون حجزها لابنهم عندما تصبح اكبر.
بالنسبة لفرناندو لوشيس، كان شخصا قاسيا و عنيدا و كان يكره فكرة عدم حصوله على الصبي الذي سوف يرث عمله مستقبلا لان ابنته إلينا بالاخير سوف تتزوج مما يعني ان زوجها من سوف يأخذ ما قام هو بالحرص و بناءه لسنوات. و هذا كان يزعجه للغاية.
نظر فرناندو نحو زوجته التي كانت تثرثر كعادتها غير مهتمة لأحد ليقلب عينيه بملل و نظر الى ابنته التي كانت تجلس لوحدها بعيدا عن الجميع بجوار آلات الموسيقية و كان يعلم حبها لتعلم عزف الكمان و لكن هذا لم يكن يهمه كثيرا فهي تستطيع فعل ما تريده و لكن ما يهمه هو ان تحترم ما يقوله و تحرص على إتباع اوامره.
الينا ذات الرابعة عشرة من العمر كانت بالجهة الاخرى من الحفل كانت تمرر يدها الصغيرة حول الكمان الموضوع و هي تبتسم فهي تحب الموسيقى للغاية و كانت قد اخبرت والديها اللذان طلبا من المربية ان تهتم بذلك فقامت الاخيرة بتسجيلها بكورس موسيقى حيث كان الاستاذ يحضر الى القصر لتعليمها و كانت الينا قد أصبحت تعزف قليلا و هذا كان الشيء الوحيد الذي يفرحها فغير ذلك هي مجبورة على اتباع أوامر والديها، والدها الذي يحرص على تعليمها كيفية الرماية و تعلم فنون الدفاع عن النفس بينما والدتها التي تعتبرها دمية و تجعلها تلبس و تتزين كما تريد.
و هنا سوف تبدأ قصتنا عن أربعة عائلات مختلفة،
خمس قصص،
عشر اشخاص ،
كيف سوف يجمعهم القدر داخل دوامة لم يكن أي احد يتوقعها؟
ما الذي سوف يفعلونه؟
كيف سوف يواجهون قدرهم؟
و كيف سوف تكون النهاية؟
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro