الفصل السابع
مملكة غوغوريو
ليل آخر حمل معه رياح هائجة وظلام بسط أجنحته على أهالي قرية في غوغوريو،وفي مكان لتجارة العبيد أنتصب شخص متشح بالسواد لا يكاد يميز الفرق بينه وبين ظلمة الليل على سطح أحد المنازل رافعاً سيفه كإشارة لبدء المهمة.قفز أتباعه على السطوح في سباق مع الزمن المحدد للمهمة بلباس أسود موحد وأقتحموا مكان تجارة العبيد لتتعالى أصوات تلاحم السيوف وصرخات الحراس.توسطهم ذاك الشخص وبضربة واحدة جعلهم جثثا خامدة ليهموا بإخراج العبيد من زنزاناتهم ويتواروا عن الأنظار بإستثناء رئيسهم الذي بقي يتفحص الانحاء.تناهى إلى سمعه خطوات أقدام فتبع مصدرها ليجد أحد العبيد يتلصص هنا وهناك زائغ البصر في حيرة من أمره خائفاً من الخروج كيلا يمسك به احد...ما إن رآى الملثم حتى تعثر في مكانه ظانا إنه سيقتله ..فقال متوسلا
ً
-أ...رجوووك ...لا تقتلني
مد الملثم يده ناحيته بعد إن اطمأن العبد إنه منقذه ليسيرا سوية يريدان الخروج وإذا بعدد من الجنود اللذين قدموا فور سماعهم بخبر الهجوم إلتفوا حولهم.إستل الملثم سيفه وتردد قليلاً في قتالهم فهم يفوقونه عدداً وما من أحد من أتباعه يستنجد بهم!.تنفس بعمق وفكر بخطوته القادمة..أبعد عنه العبد وقاتلهم ومما أثار إعجابه هو دخول العبد المفاجئ في أرض الحدث وقاتل كقتال الأبطال بالسيف الملقى جانبه مما أدى لتعرضه لضربة سيف أدمت ظهره.هذا الرجل ماهر في حركاته مع السيف..فكر الملثم لكن هذا ليس وقت الإعجاب.حوصرا من كل الجهات وعلم أنها ستكون نهايته حتى إنبثق الأمل بقدوم عدد من أتباعه لنجدته وقال أحدهم له
-القائد في الغابة ينتظرك..بسرعة سنحمي ظهرك
لم يجب وأكتفى بإيماءة من رأسه.ساعد العبد على المشي وأمتطى أحد الاحصنة مخلفا وراءه زوبعة دامية لينطلق بعيداً نحو هدفه التالي.
في جبال المملكة ...
تحظرت الأميرة سونغ هي لرحلتها إلى شيلا بأمر من والدها الملك فهي الآن وحيدة ولا قوة لها مما جعل والدها يأمر بإعادتها للقصر لتكون بين أحضان إخوتها ولم تمضي فترة وجيزة على دفن والدتها في تلك الجبال النائية.موت والدتها حجر قلبها وحولها لشخص آخر هدفه في الحياة الباقية هو الإنتقام من عدوة والدتها التي كان سبباً في شقاءهم وعذابهم . أي قسوة هذه مسببوا الدمار وجذور الفساد يتلحفون بثياب من حرير وأسرتهم من ذهب وطعامهم ما لا يتصوره أحد بل يتغذون على لحم أولئك الجياع اللذين يدقون أبواب القصر يستجدون لقمة تسد جوعهم القاتل ليتلقوا عوضاً عنها الضرب والتنكيل من قبل أسيادهم وهي ليست بإستثناء فقد ذاقت ما ذاقت من ألاذى.. جمالها الساحر تلاشى.. بنيتها الجسدية هزلت لسوء العيش والتغذية السيئة.. موت والدتها وإكتشافها السر المسبب لتعاستها كل هذا جعلها تحسب خطواتها القادمة وهدفها آلذي ستحيا ﻷجله ستنتقم وتقاتل للحياة حتى لو كان على حساب شخص آخر ماذا سيضرها إن أتبعت طريقتهم في الحياة ستجعلهم يركعون لها مقبلين قدمها متوسلين خاضعين واضعة في خلدها كل السبل لسلاحها القادم ﻹخضاع أعدائها.
تناولت طعامها مع خادمتها وعيناها تقدحان شررا لتصاب خادمتها بالرهاب لمنظرها
-ممممممولاتي....م..ما بك ...وجهك مخيف
لعبت بطعامها وعلامات الجنون تغزوا محياها وقالت
-لن نأكل هذا الطعام من بعد الآن ...فلتفرحي سأصحح ألاخطاء عند عودتي وستساعديني في مهمتي هل ستفعلينها؟ ...
أجابت الخادمة بخوف
-ننعم...بكل تأكيد كلي ..كلي ولتنامي لدينا رحلة طويلة غداً
-من سيرسل لأخذنا ؟..هل سيرسل مثل أولئك الأشخاص الذين أرادوا قتلنا
- كلا ...تعرفين إنهم كانوا أتباع الملكة بالتأكيد سيرسل لنا أتباعه
تماثلت لسونغ هي صور الملكة لتمسك بالسكين وترميها على الخيال الممتثل أمامها وترعب خادمتها ونطقت تضغط على حروفها متوعدة
-شو..إنتظريني اللعبة ستبدأ..سواء كنتي مغولية أو لا فهذا لن يردعني عن قتلك حتى لو كنت سأموت فسأسحبك معي للموت
صهيل حصان كسر صمت الليل ..رياح هوجاء ثارت وعفاريت الغابة خرجت من مخابئها تتراقص على سنفونية الليل والملثم يرقص طربا لنصره.وصل مخبأ في وسط الغابة وترجل من على حصانه والعبد مغمى عليه.حاول إنزاله لكنه لم يستطع بسبب جرح ساعده فأطلق صفيرا تبعه صفيرا آخر علامة على إتمام المهمة ليظهر رجلان حملا المصاب وأدخلاه المخبأ يتبعهم الملثم لتلقي العلاج.خاطبه أحدهم
-نحن سنذهب أتممنا المهمة وسنأخذ هذا المصاب معنا
أجاب الملثم معترضاً بأدب
-لكنه مصاب وفاقد للوعي سأهتم به وأجلبه لكم
-السفينة ستغادر الآن ليس هنالك وقت
-دعه إذا سأتكفل بأمره ...
مع إنهاءه لجملته إنتصب أمامه رجل مهيب إنحنى له إحتراماً وقال له الرجل مشيداً بعمله
-أون سون كنتي عونا كبيراً لنا لا أعرف كيف اكافئك هل تودين الإبحار معنا ؟
نزعت أون سون لثامها كاشفة عن محاسن وجهها ذو الملامح الثورية وأجابته بنبرة إمتنان
-سيدي كان لي شرف القتال إلى جانبكم ولا أستحق مكافأة فهذا واجبي ..وأعذرني فعائلتي وقومي بحاجة إلي علي البقاء بجوارهم وحمايتهم .. فلتوصلوا العبيد بسلام
الزعيم
-إذا سيكون هذا فراقنا
-نعم أوصل تحياتي للجميع
-سنكون في خدمتك دائماً إن احتجتي إلينا لاتترددي في إخبارنا سنعلمك بمخابئنا بمسقط رأسنا الجديد ..
أنحنيا لبعضيهما وغادرا لتهتم بجرحها وبالمصاب.إنضمت أون سون في تلك آلسنوات لحركة تحرير العبيد السرية التي دقت أعناق النبلاء والتجار ..دوختهم وأفقدتهم أموال طائلة ليصدر الملك مرسوماً للقضاء عليهم ومحوهم من الوجود وباءت مساعيهم بالفشل.كانت الساعد الأيمن لزعيم الحركة وحاولت بجهد التستر على عملها حماية لعائلتها وأهل قريتها.نصبها أهل قريتها التي يقارب تعداد ساكنيها المائتي شخص زعيمتهم وحاميتهم لشجاعتها ومساعدة أهلها في اوقات شدتهم ولم يتجرأ أحد على المساس بأهاليها آنذاك.هدأت العاصفة وهدأ معها الجريح المتأوه.نهض من سريره المهترئ ممسكا بظهره ﻷلمه الشديد وحاول الخروج ليصده صوت أون سون الحاد
-إلى أين ..أتريد الهرب حتى يقبضوا عليك؟
إستدار لرؤية صاحب الصوت ويفاجأ لكونها أمرأة بلباس رجل أشار بأصبعه ناحيته مدهوشاً
-أنتي...
وضعت إناء الماء بجانب السرير وأقتربت منه تجيبه عما لم يقدر على نطقه
-نعم..أنا أمرأة لاداعي لقولها وأيضاً أنا من أنقذك هيا تعال ﻷعالج الجرح
أحس بشئ خنقه ومنعه من التكلم فأنصاع لمطلبها حذراً ..سمح لها بكشف ظهره وعلاجه مجدداً كان شابا شعره الطويل ولحيته الكثيفة وشارباه تخفيان ملامح الشباب فيه فبدا كرجل عجوز.راقبها وهي تعالجه ولم يتجرأ على قول كلمة حتى ضبط أنفاسه وتلعثم في كلماته
-شش...كرا ﻹنقاذي...
نظرت إليه نظرة تراجع بها للخلف من فرط حدتها وأبدت إعجابها
-كنت تقاتل ببسالة كيف يعقل أنك عبد
-كنت حارسا شخصياً ﻷحد النبلاء ..باعني بعد إن أتهمني بتقصيري ومنذ ذلك الوقت وأنا قابع في السجن منتظرا سيدي الجديد ..
أنهت تضميد جرحه بصمت بينما أستمر بطرح الأسئلة
-إلى أين أخذتم العبيد؟
-لمملكة أخرى ليعيشوا حياتهم أحرارا إن بقوا هنا فصائدي العبيد سيبحثون عنهم ﻷرجاعهم..هناك سيتكفل بهم شخص ثري يعطيهم مايكفيهم لعيش حياتهم وسأفعل معك بالمثل ما أن يلتئم جرحك ..
أبدى ممانعة كبيرة وهو يقول
-كلا ..لا أريد ..أريد البقاء في مملكتي
أنفعلت أون سون قليلاً وصرخت بوجهه
-تريد البقاء هنا حتى تعود للخدمة هاااا ماذا إن وجدوك سترحل من هذا المكان وتعش حياتك أفهمت
قامت لتسكب الأناء في الخارج وعند عودتها وجدته جاثيا على قدميه فصاحت به
-مالذي تفعله إنهض الا يؤلمك ظهرك
-أدعى وونغ دعيني أرد لك ديني سأكون خادمك وحارسك المطيع
-ماذا...تريد أن تعود خادما من جديد ؟
-أمضيت حياتي كلها أخدم الناس وأن عشت خارجاً سأفعل المثل لكن لا أعلم نوع هذا الشخص الذي سأخدمه ...لكني أعلم نوعك وأريد البقاء بجوارك أنقذتني من موت محتم وسأرد لك الدين
سخرت من كلامه وسألته
-وهل تظن بأنك تعرفني جيدا لمجرد إنقاذي لك ؟
أخفض رأسه وأفصح عما كونه في ذهنه عنها
-لو لم تكوني شخص جيد لما أنقذتني وأنقذتي العبيد ليس لدي عائلة ولا أقرباء أحيا لأجلهم فدعيني أحيا لأجلك وأساعدك في مهمتك أتوسل إليك
لامست الصدق في عينيه ورغبته الشديدة في الدخول لحمايتها ومساعدتها ولن تفرط بحماس شخص مثله ليس لديه عائلة ولا شئ يحيا من أجله وبدل أن يخدم أشخاصا نبلاء همهم قتل الناس والاشتراك معهم في إثمهم ستستغله لفعل الخير في زمن لم يعد الخير فيه يطرق أبواب الفقراء...
-حسناً وونغ...فلتقسم لي على الولاء
أحضرت له سيفا وناولته إياه وهي تقول بحدة وتوعد
-هذا سيكون سيفك أقسم بأنك ستعينني على فعل الخير ولن تتزعزع أو تضعف قوتك ..أقسم لي ستخوض معي في كل الطرقات وإن أخلفت وعدك بالخيانة فسأقتلك بسيفي لتكون عبرة للآخرين..
أخذ سيفه وأقسم عليه بحماس
-سأكون سيفك وضلك أقسم بأني لن أتهاون في فعل الخير أقسم لك في اللحظة ألتي تزل بها قدمي سأقطع عنقي بنفسي ...
تهلل وجهها بإبتسامة رضا وقالت
-أدعى أون سون وسنذهب لبلدتي قص شعرك فهو طويل جدا وأحلق لحيتك لتكون بصورة أفضل ولكي لا يتعرف عليك أحد ...
أخرجت من جيبها خنجرها ألتي إعتادت على حمله منذ صغره وعصابة رأس وناولتهم إياه
-أرجع لي الخنجر عند إنتهاؤك من قص شعرك وضع هذه العصابة على جبهتك لتخفي هذا الندب
-إنه علامة تميزني على أني عبد
-أعرف لهذا ستضعها سأجهز الخيل بينما تفعل ماامرتك به وسأثق بكلماتك
نهض منحنيا لها مردداً
-سمعا وطاعة ....
جيئ بالعربة الملكية يجرها جمع من العبيد وعدد من الحراس الملكيين ..دخلتها سونغ هي وخادمتها متجهة لمملكتها الام شيلا ..حملت في أعماقها مخاوف عدة تجاه الحياة ألتي ستعيشها في القصر كيف ستتمكن من مواجهة الصعاب فالقصر هو الحياة والموت معا أخوتها وعدوتها اللدود كيف ستتعامل معه كل هذا وضعته في الحسبان ...كيف سترسوا على القارب آلذي أختارته هل سيكون نجاتها؟..شخصيتها الجديدة ألتي على وشك البدء وخططها المنتظرة لتنفذ على أعدائها وتضعف أقدامهم لتنجو هي معتلية عرش النصر متباهية مفتخرة هل ستكون لجانبها أم ستخونها وتسقط في لعبتهم لتكون فريستهم؟..شرحت لها خادمتها كل العوائق ألتي يجب عليها الحذر منها وتجنبها قدر الإمكان كونها كانت خادمة في القصر وتعلمت كل الحيل وأساليب الخداع المقترفة في سبيل الحياة ....
مملكة شيلا ..بوابة القصر الملكي ...
وصلت بعد سفر متعب شاق ..وقفت أمام البوابة وسيل من الذكريات القديمة أنهالت على رأسها البوابة ألتي خرجت منها وهي طفلة بريئة تعود إليها فتاة بالغة وجد إلانتقام والمكر طريقا لقلبها وكان لسر والدتها أثر فتذكرت كلام خادمتها يوم ماتت أمها..
- أين هو الدليل كي..هل تعرفيه
-نعم أعرفه لكن لا أعلم أين هو الآن
-ماهو ؟
-إنها الوصيفة ومربيتك السيدة يوان
هتفت سونغ هي
-يوان !!!
ثم تذكرت كيف إن والدتها أمرتها بمغادرة القصر وأن تبقى على قيد الحياة لمساعدتها في المستقبل..لقد حل اللغز وعليها المباشرة في إيجادها..واصلت الخادمة كي تقول
-تملك دليلاً أقوى من مجرد محاولة الملكة لتسميم إبنها بل شئ يمكن أن يدمرها بالكامل ...
قالت سونغ هي متحمسة بجنون
-إذا سأبحث عنها فهي سبيلي الوحيد...
قطع عليها ذكرياتها صوت بوابة القصر وهي تفتح وصوت الحارس الآمر
-أفتحوا البوابة للاميرة المنفية ...
دخلت بحضرة خادمتها ولايوجد أحد ﻹستقبالها سوى أخاها غير الشقيق آلذي أعتاد على حمايتها منذ صغرها ...أهرع إليها الأمير تشيو وعانقها بلهفة وإشتياق
-لقد كبرتي أختي مرحبا بك في منزلك
للوهلة الأولى لم تتذكره لكن بمجرد إحتضانها وحنانه الدافئ ألتي إعتادت عليه في صغرها تذكرته ودمعت عيناها شوقاً لرؤيته
-تشيو...أخي...لقد كبرت أنت أيضاً
-تعالي لندخل القصر وتلقي التحية على الملك إنه في شوق للقياك
أمسك بيدها وسارا معا لقصر الملك وعلى بعد خطوات وقف شاب نبيل بصحبة رجلان آثار الفطنة والذكاء مرتسمتان على وجهه ليقول أحدهم بنبرة ذات معنى
-هذه هي الأميرة المنفية سيبدأ القتال الآن
بينما الآخر قال موضحاً إنطباعه عنها
-إنها جميلة لكن نحيفة جدا
علق صديقه
-وكيف لا وقد عاشت بين الجبال ألا توافقنا سعادتك ؟
لم يجبهما وأكتفى بنظرات أصمتتهما بتاتاً وشق طريقه حيث مايريد
أنحنت للملك والملكة وبادرتها الملكة نظرات كره وحقد لتبادرها الأخرى بالمثل وأصبح المكان أشبه بساحة قتال كلا منهما تتوعد ألاخرى بنظراتها
خاطبها الملك مرحباً
-مرحباً بك في القصر أبنتي أنتي الآن أميرة حقيقية وكل من في القصر من خدم سيكونون تحت إمرتك
لم تعجب كلماته الملكة وقالت
-أنا هي الآمرة والناهية في بلاط السيدات أتمنى منك إلالتزام بالقواعد ألتي ستلقى على كاهلك ففتاة جبلية مثلك بحاجة لدروس عديدة فيما يخص شوؤن القصر
علم الملك مغزى كلامها ولم يتوقع خيرا وتأمل في قرارة نفسه أن تكون أبنته كوالدتها وتتعايش مع حالتها الجديدة وأعجبته حينما ألقت بقنبلتها ألتي ذكرت الملكة بأسوء أيامها مع عدوتها
-بلا شك سأتعلم منك الكثير مولاتي لكن ليس بقدر ماتعلمته من والدتي المرحومة..وخلافا لذلك أوصتني أن أتعلم منك العلم آلذي تكنينه في صدرك..العلم آلذي تتبعينه في العيش على حساب الآخرين
كان وقع كلماتها كالسكاكين في قلب الملكة شو أدركت مغزى الكلام وضبطت أنفاسها وأبتسمت بزيف
-سأعتبر هذا إطراءا منك سموك
إطمأن الملك بقدرة إبنته وأمر الخدم بأخذها لغرفتها وقلبها متعطش ﻹراقة دم قاتلة والدتها
"شوو...أيتها الملعونة . ستبدأ ألاعيبنا الآن "
يتبع...
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro