الفصل الثاني
مملكة شيلا
في صبيحة اليوم التالي
إجتمع وزراء وقادة المملكة في القاعة الكبرى بغية الإستماع لشهادة المحظية "يون"بحظور الملك الجالس على عرشه بهيبته وشموخه المرسومتان على وجهه الموحي بالقوة والعظمة لكنه ضعيف جداً أمام إرادة النساء وطمعهن وبالأخص تجاه ملكته سليطة اللسان،القاسية القلب،الخارقة الذكاء من تفوقه دهاءً وعظمة التي تجلس جواره متحمسة لرؤية عدوتها تجر وراءها ذيول الذل والعار، فأخيراً وبعد طول إنتظار تحقق ما تمنته لسنوات.لقد خاضت حروباً في سبيل إمتلاك قلب الملك مع عدوتها والحصول على لقب الملكة ورغم أستيلائها على جسد وروح الملك والعرش سوية الا إنها لم تظفر بقلبه كونه ينتمي لحبيبته السيدة "يون"من نكث بوعده لها بأن يجعلها ملكة ﻹخماد تلك الألسنة..تلك النيران المتأهبة لحرق القصر ومن فيه في سبيل وضع إبنتهم على ذلك العرش لكن الآن عليه نسيان ضعفه وحماية حبيبته
-جلالتك ...وصلت المحظية يون
أعلن أحد الخدم عن قدومها.فتح باب القاعة ودخلت متجملة بتاجها وفستانها الحريري الأحمر فهي تكره الظهور أمام حبيبها مجرد إمرأة عادية.جمالها وروحها العذبتان هي كل ما استهوته حتى في آخر أيامها معه تحاول فرض جمالها عله يمنع عنها ما سينطق به لسانه.جثت أرضاً متوسطة القاعة وعن يمينها وشمالها عيون حائرة غير مصدقة إن تلك المرأة البريئة الهادئة يخرج منها ما صدم الجميع
وقف أمامها ألقاضي التابع للملكة وخاطبها
-سيدة يون لدينا دليل يثبت إدانتك في محاولة تسميم ولي عهد هذه البلاد ولو لا فطنة الخادمة لمات أميرنا فهل تعترفين بجرمك القبيح؟
-نعم...
إجابة هزت الملك فكم تمنى لو تنفي عن نفسها هذه الشبهة وتخالف ما تمناه فيما انفرجت إبتسامة نصر على فاه الملكة لتواصل السيدة إعترافها
-أنا هي من سممت طعام الأمير ..أستحق الموت جلالتك
في قرارة نفسه يدرك أنها ما فعلت هذا إلا ﻹنقاذه وهام داخل عقله يخاطبها
"كيف تطلبين الموت في حين تعلمين إني لن أنفذه "
سأل القاضي -وتدركين العقاب لذنب كهذا ؟
-نعم...
إستدار ناحية الملك وخاطبه منحنياً
-جلالتك ..هي بلا شك مذنبة ..والقانون يجب أن يأخذ مجراه ..إنها خائنة والخائن يستحق الموت
صمت الملك وصمته أثار شكوك الملكة فجعلت تؤلبه على الخائنة
-مولاي..لا داعي لكل هذا التفكير إنها خائنة مجرمة أرادت قتل طفلنا..هي لا تستحق رحمتك وشفقتك..فلتنطق بحكمك..أرجوك
أحست من شروده بأنه لن ينفذ أمرها لذا لم تتفاجئ حين قال
-أحبسوها في السجن إلى أن أنطق بحكمي
حاولت الملكة إمساك نفسها عن الصراخ
-مولاي..
نهض متجاهلا إياها وفي نيته قمع هذه الإدعاءات الكاذبة بحق هذه البريئة ومعاقبة أيا من سيعترض طريقه وأعلن بحدة عن قراره الذي يعلم أنه ليس بصالحه أو صالح حبيبته لكنه ربما يوفر له وقتاً لكشف الحقيقة
-كل من سيتجاهل حكمي سيعتبر خائناً و ينفذ به حكم الإعدام ويعلق جثمانه على بوابة القصر
رفع يده آذنا للجميع بالانصراف وقلوب البعض مرتعبة خائفة من حكم كهذا فيما أخذت سيدة يون لتودع في السجن بينما وقفت خلفه الملكة تحتد بقوة
-أواثق أنت من عدم الندم.. حبك لها قد أعماك وأبعدك عن المنطق..من أرادت قتله هو أبني من عشيرة(...) لاتنسى إن لم أحصل على إنتقامي منها ف...
-فسوف ماذا ..هاا..مهما كانوا فأنا مازلت ملك هذه الأمة ..كلمتي هي القائمة..لاتنسي هذا..من جعل نفسه عظمة أكلته الكلاب ..أظنك فهمتي..كلامي إنتهى
تركها مغادرا تحيك الخطط ﻹفشال قراراته الجائرة بحقها
"هه..هل هذا تهديد مليكي ..عشيرتي قوم لا تهزهم الرياح العاتية مستعدون ﻷجل إبنتهم ملكتهم ..ستموت تلك القذرة على يدي ولا حكمك ولا أي شئ سيوقفني"
جناح الأميرة الصغيرة
-أريد أمي...أريد رؤيتها دعوني أراها ...أرجوكم
البكاء وتحطيم أثاث الغرفة هو كل ما فعلته الأميرة احتجاجاً وتنفيساً عن غضبها ولوعتها لرؤية والدتها، وخادمتها الصبور لا تملك من القوة على إسكاتها وإعانتها في مصيبتها وكلما حاولت تهدئتها تثار من جديد وتحطم كل ما هو أمامها..فخاطبتها على سبيل تهدأتها لآخر مرة
-مولاتي ..لا تتصرفي هكذا ..والدتك بخير ..
-كاذبة ..سمعت أحد الحرس يقول إنها في السجن..مالذي فعلوه بها..أمي ..
ألتقطت آنية ورمتها أمامها لتصطدم بقدم الملكة التي نطقت إسمها بعصبية من بين أسنانها نتيجة فعلة هذه الطائشة الصغيرة
-سونغ هي...
وقفت خادمة سونغ هي وتراجعت منحنية بينما سالت دموع الطفلة مجدداً تطلب رؤية والدتها من الملكة
-دعيني أراها...دعيني...أرا....
إقتربت منها..رفعتها من على الأرض وصفعتها صفعة شديدة أسقطتها أرضاً لتثير رعب الخادمة..حدجتها بكره وألقت عليها كلماتها الواعظات
-تصرفك همجي سونغ هي...الأميرات لا يتصرفن على هذا النحو يبدو أن والدتك لم تحسن تعليمك النبل والأخلاق ..هه..فهذا طبيعي من ناحيتها
أحنت ظهرها وقربت وجهها لوجه الطفلة وأمسكت ذقنها تبث الرعب داخلها وقالت مصطنعة الحنان
-إن كنتِ ترغبين بالعيش فأطيعيني وسترين والدتك
توقفت عن البكاء كإطاعة لأمرها وأستدارت الملكة تمتم وضحكاتها الشريرة تجلجل في الجو
-ربما ستريان بعضكما في حياة أخرى
عانقت الخادمة سونغ هي وربتت على ظهرها وهي تسأل
-هل أنتِ بخير مولاتي؟
-هل...هل ستجعلني الملكة أرى أمي حقاً ؟
سألت متأملة خيراً لتومئ خادمتها قائلة مطمئنة
-نعم...سترينها سترينها فقط أطيعي الملكة
ثم خاطبت نفسها وهي تحتضن الطفلة
"جلالتك لو لا إصرار سيدتي في أن التزم الصمت لكنتِ أنتِ في السجن..حتى لو كلف ذلك موتي سأنتقم منكِ يوماً ما"
كانت مستعدة للتضحية بكل شئ من أجل سيدتها، فهي من أنقذتها من حياة البؤس والتشرد بعد وفاة زوجها واتخذتها خادمة مخلصة لها ولا بد يوماً من رد الجميل..ستنتظر بصبر مجيئه وعندها على الملكة أن تحفر لنفسها حفرة تنجيها منهم كما توعدت.
جناح الملكة
هرعت خادمتها المخلصة الخمسينية ألتي لا تقل خبثاً وقسوة عن سيدتها مسرعة ودخلت المهجع ونادت باضطراب
-مولاتي ..مولاتي
-ماذا هناك ؟
-ذهب جلالته لزيارة سيدة يون في السجن
وخزت أصبعها بعدما كانت تطرز منديلاً وعقدت حاجبيها مستشيطة غضباً.نظرت لإصبعها وأمتصته ثم راحت في شرود تفكر وكأن الوخزة ألهمتها فكرة. ثم طلبت على عجل من خادمتها إحضار ورقة وريشة لتكتب عليها ما راودها من إلهام.
جيء بمطلبها وكتبت بضعة كلمات لم تستطع خادمتها إصطياد شئ منها مع محاولتها في التلصص.ختمتها وسلمتها لها قائلة
-سلميها لخادمي الشخصي قولي له أن يذهب بها إلى شقيقي
-حاضر...مولاتي
"أخي..فلتريني ما أنت قادر عليه من بعد وفاة أبي"
في السجن
-لستِ من فعلها واثق من هذا
أحتضن يديها ثائراً لرؤيتها بهذا الوضع المزري لتجيبه متساءلة
-وما أدراك بأني لست الفاعلة ؟
-ﻷن حبيبتي لا تقترف جرماً..لستِ الملكة ..لو كنتِ تريدين منصبها لقاتلتها عليها في يوم زفافي بها لأعترضتي علي يومها
-كيف أعترض وعائلتها كانت بجوار والدك ملقية بسيوفها حول عنقه لأجل تتويجها ..
-مستحيل ..برري ما فعلته
افلتت يدها ووضعت يده على بطنها وبإبتسامة واسعة قالت
-من أجل طفلنا
أتسعت عيناه غير مصدق مايسمعه وهتف في ذهول
-أنتِ حامل!!!
-نعم.. أخبرني الطبيب إنه صبي ..إن كنت لم أحصل على مكانتي في العيش كملكة لك فسأجعل طفلي وريثاً لك لذا حاولت قتل الأمير
-لا..لا أصدق ما تسمعه أذناي كم..كم أنتِ غبية ؟
إحتج حانقاً لتردد كلمته في تساؤل
-غبية !!
-غبية بفعلتك أتضحين بطفلنا هكذا هااا تدركين إن مصيرك الموت فهل تريدين له الموت أيضاً
-أعتقدتها ستنجح بغياب الأدلة ...
-حتى لو أعترفتي فأنا سأظل أصدق بأنكِ بريئة ووراء هذه الفعلة الملكة ..أتسمحين لها أن تسقطك بهذا الشكل لم أعهدك هكذا
-سواء صدقت أم لا فهي أنا نفذ حكمك علي
-هل أنتِ واثقة مما تقولين..تعلمين أن الوزراء سيطالبون بموتك وسيكون علي تنفيذه تحت الضغط..تعلمين كم القانون صعب
-أعلم أنك ستحميني وطفلنا
-سأنفيك ..هذا كل ما سأفعله لأجلك ولأبننا ولأبنتنا..أخاطر الآن بكل شئ من أجلك فالملكة لن تسكت ابداً وسيكون علي إيجاد دليل ينفي التهمة عنك
-لا تفعل..سيكون الأمر أصعب بكثير..لن تجد شيئاً..قلت لك بأني الفاعلة وهذا يكفي..الموالين للملكة لن يجعلوك تحصل على ما تريد بسهولة
-كيف...
-هلا نفذت لي طلبي
قاطعته قبل أن يزيد الأمر سوءاً بعناده
-لم تطلبي في حياتك شئ مني ..سعيد لسماعكِ تقولين هذا الآن أطلبي ما تريدين
-إنفيني لمملكة "غوغوريو"مع أبنتي وخادمتي
-غوغوريو!!
هتف لتفسر مطلبها
-تعلم أنها موطني الام ترعرعت على سفوحها وجبالها وإليها سأعود
أومأ بعد تفكير موافقاً وفكرة جنونية خطرت في عقله سيفرج عنها في وقتها وقال
-حسناً..سأطلب كتابة مرسوم لملكها ربما سيستغرق ذلك أياما لوصول الرسالة فهل أنتِ قادرة على التحمل ؟
-نعم...من أجلك سأتحمل كل شئ
شرد بذهنه قليلاً وخاطب ذاته مستشفاً مغزى كلامها
"من أجلي إذا...هذا كل مافي الحكاية"
ثم إحتضنها بحرارة وربت على شعرها بحنان وهو يقول
-ربي إبننا تربية جيدة ..وعندما يحين الوقت سأستدعيه لأجل الحكم
-مولاي...لكن...الملكة...
-في المستقبل لا هي ولا عشيرتها سيكون لها دور لن أكون لعبة بأيديهم من بعد الآن..سأجعل من يستحق هو الحاكم
وجه أوامره للحارس
-الطعام والشراب لن ينقطعا وإن أمرت الملكة بغير ذلك أخبرها بأوامري
أذعن الحارس-حاضر جلالتك
قبل يديها وحدق بتقاطيع وجهها يحتفظ بها في ذاكرته الهرمة فمن بعد الآن سيتحجر قلبه ولن يطئه الحب والحنان أبداً .
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro