الفصل الثالث
مملكة غوغوريو
أستيقظت الوالدة في صباح مبكر.فتحت باب الغرفة وألفت إبنتها على الحال الذي كانت به ليلة الأمس وصاحت بها
-أون سون هل جننتي ما هذا الذي تفعلينه؟
خرج الأب كذلك ورآها جاثية على ركبتيها وآثار التعب والإرهاق واضحتان على وجهها البيضوي المصفر الشاحب لإعتمادها طريقتها الخاصة في التأثير على قرار والدها في ما أقترحته عليه ليلة أمس.تعجب من صلابة إبنته الصغيرة وطالعها بعينين مترقبتين مما هي على وشك قوله حيث نطقت بصوت متحشرج
-أبي ...ماذا قررت ..سأزيد إصراراً إن لم تلبي طلبي
-أيتها الطفلة ...
صرخ غاضباً ثم وضع يده على جبينه وأطرق يفكر لدقيقة ثم عاد بعدها للواقع ليخبرها بما خطط إليه
-حسناً..إن كنتِ ترغبين بهذا بشدة فسأعطيك ما تريدين
إحتجت والدتها
-كلا لن تفعل
بينما أون سون هتفت فرحة وهي ترتفع قليلاً عن الأرض
-حقاً...
حاولت النهوض على قدميها لكنها لم تقوى فقد كانتا متشنجتين جراء ثنيهما المستمر وأردفت بذات الفرحة
-لن...لن تندم أبي أعدك ش...شكراً لك
-عليك تحمل ما سأفرضه عليك وأرجوا أن لا تتململي وتنزعجي مما سيلقى على أكتافك فهذا ما تريدين
-لن أفعل ...لن..أفعل
-إنهضي الان ..
ساعدتها والدتها على النهوض وإيوائها في فراشها ثم عادت لزوجها غاضبة منه وراحت تحتج في وجهه فيما هو جالس متربع على أرض الغرفة
-كيف لك أن توافق على أمر شنيع كهذا..إنها طفلة
-لا تلقي باللوم علي فهذا ماتريده ..وأيضاً لا داعي لكل هذا الغضب ..ستستسلم بإرادتها مع ما ستمر به وتعود لرشدها متمنية لو لم تتفوه بمطلبها
خففت من غضبها قليلاً وقالت متأملة
-هل تعتقد هذا؟فهي عنيدة
-نعم..ستستسلم متأكد
-هذا مريح سأذهب لإعداد الفطور إذاً
أعتقد أن ما يفكر به سيتحقق لكن ثقته بنفسه لا تساوي شيئاً أمام ثقة وإصرار وعزيمة إبنته التي خمنت نوايا والدها حين أعطى موافقته وقررا سوية بذل كامل جهدهما ليردها عن قرارها ولتبين له أنها لن تنهزم أمامه.
مملكة شيلا
فتحت بوابة القصر للأبن الأكبر لعشيرة (....) التي تعتبر من أكبر العشائر المسيطرة سليلة أحد الأمراء المغوليين حيث سلطتها تفوق سلطة ملك هذه البلاد وقوتها التي لا يمكن إلاستخفاف بها من ساعدت الملك الراحل في إستعادة عرشه المغتصب من ابن عمه الذي قتلته وتوجت الآخر ملكاً تتلاعب به وتوجهه كيفما شاءت وفق شروط وضعتها في سبيل إلاحتفاظ بعرشه، وأحد هذه الشروط تزويج ابنة زعيمهم لولي العهد وتم اتفاقهم الذي نتج عنه تخلي ولي العهد المدرب على إيديهم عن محبوبته لأجل إرضاءهم ووالده وإلا فعرشهم مهدداً بالزوال مجدداً، وبعد وفاة زعيم العشيرة تولى ابنه البكر الزعامة.وها هو يحث خطاه نحو جناح أخته وقد أحاط رجاله المكان بينما كان الملك متربعاً في غرفته مع أمين سره ومستشاره يشرب الشاي غافلاً عما يجري حتى دخل أحد أتباعه منحنياً يخطره بالقادم
-مولاي ..زعيم عشيرة(...) قد دخل البلاط تواً
توقف عن الشرب وركز نظره على الشاي ثم قال وكأنه يعلم سر زيارته
-وصل بهذه السرعة..
ثم قال لأمين سره يتأكد من تمام المهمة التي هو ماضي فيها
-هل أوصلت رسالتي إلى ملك غوغوريو ؟
-نعم..مولاي ما علينا سوى إلانتظار..لكن ...
قال الرجل العجوز متردداً ليسأله الملك
-لكن ماذا ..
-لمَ تلك المملكة مولاي إنهم أعداؤنا
-هناك أوقات تتطلب منا إتخاذ أعدائنا أصدقاء لنا
-مولاي هل هناك شئ يجول في خاطرك..مستعد لسماعه
-دعنا لا نستبق الأمور الآن.. عندما يحين الوقت المناسب وأتأكد من نجاح الأمور ستعرف ما سيحدث
ثم خاطب ذاته بأمل ووعيد
"لو تحالفت مع تلك المملكة سنقضي على هذه العشيرة وتغلغل المغول في أراضينا..ليت هذا يحدث "
عند الملكة
أستقبلت أخاها الشاب باكية في الأحضان وقالت وهي تشهق
-أخي... أرادت تسميم ابني ابني الوحيد
أبعدها برقة عنه وسألها
-هل هو بخير تكلمي ؟
-نعم..إنه بخير شكراً لمجيئك
-تركت كل مافي يدي وجئت إليك مسرعاً فلتأمريني..مولاتي
جلس أمامها وقد أحالت بينهما طاولة صغيرة مستديرة وضعت عليها الخادمة الشراب والطعام ثم خرجت لتفصح الملكة عما يجول في خاطرها
-أريد منك أن تقابل الملك
-ﻷي غرض؟
-تلك اللعينة لن ينفذ بحقها حكم الإعدام متأكدة من ذلك لذا يا أخي أنا أعتمد عليك في التأثير عليه اظنه سيفلت من بين إيدينا..
-ماذا تقصدين بقولك؟
-لقد تغير، لم يعد ذلك الشخص عندما كان في حظرة والدنا..لم يعد يخشانا وينصاع إلينا..وأنا خائفة يا أخي على طفلي أكثر من نفسي لا بد أن تستمر سلالتنا في الحكم
-لقد كبرت شوكته إذاً..حسناً يا أختي سأرى ما بإمكاني فعله
-لا أريدك أن تحاول بل أن تجبره..أن تذكره من نحن..لا أريد شيئاً سوى موتها..موتها سيريحني من قلقي ومخاوفي
نهض مستعداً للمغادرة بعدما إكتفى من السمع وقال صادقاً
-لا تتوقعي الكثير فأنا لست كوالدي
خرج متوجهاً نحو الجناح الملكي ليقابل الملك وإحداث بعض التأثير عليه رغم أنه لا يملك شخصية والده الراحل لكنه سيحاول بذل مجهود أكبر في سبيل تشريف اسم والده وعشيرته.
-مولاي الملك..زعيم عشيرة (....)يطلب مقابلتك
أعلن أحد الخدم الذين يقفون خارج غرفة الاجتماع الصغيرة عن وصوله وأتاه الأذن بالدخول.
إنحنى له وأمره الملك بالجلوس على الكرسي أمامه وتلاقت أعينهما منبأة عن مدى ثقتهما وكبريائهما القوي.إنبرى الزعيم قائلاً
-أثق بأنك كنت بخير..جلالتك
أبتسم الملك وأجاب بكلمات ذات مغزى
-كيف لا أكون بخير وأنا ملك هذه الأمة
-صدقت فالضعف قد يلقي بك إلى ركن آخر
طرف بعينيه محاولاً تفسير قوله وخاطب ذاته"تترقبون فرصة موتي ﻷجل حفيدكم إذاً..حسناً ترقبوا أفعالي"
-سأعتبر هذا إطراءا منك..مضت فترة طويلة لم أرك فيها..لقد قللت من زيارتك للقصر
-نعم..فبعد وفاة والدي أنتقلت كامل المسؤولية إلي ولم أعد أملك حتى فرصة ﻷريح بها نفسي
-يجدر بك أن تتقاعد إذاً وتسلم الأمور ﻷخاك
-هه..أتقاعد..
قهقه قليلاً بصوته الذي ملئ أركان الجو وعاد ليقول
-أنا هو اليد الكبرى بعد والدي لن أكسر القوانين من أجل نفسي
فهم الملك ما تخفيه كلماته وحاول مجاراته
-إذاً تقصد أن ما أفعله هو ﻷرضاء لذاتي
-العاطفة في بعض الأحيان تضرك وربما لا تعرف إن حبك هذا قد ينقلب ضدك
-أنت مطلع على كل الأمور بعد كل شئ
-كيف لا أعلم وأختي هي الملكة وابنها قد تعرض لمحاولة قتل..هل تريد مني أقف مكتوف الأيدي؟؟!!
-وماذا تطلب الآن ؟
-أنا لا أطلب..أنا أجبرك على قتل محظيتك الخائنة فالقانون يبقى قانون
سادت فترة من الصمت المشحون بمشاعر سلبية حتى حاول الملك أن يفقد أعصابه ليثور على هذا الكم من التهديدات إلا إنه أراد أن يظهر بمظهر الملوك الأذكياء الأقوياء الذين لا يهزهم شئ وقال بلهجة آمرة
-وأنا أجبرك على أن لا تتورط في هذه القضية
فقد الآخر أعصابه وثار
-جلالتك...لا تنسى من أنت ومن نحن
-لا تعيرني بما فعلتموه لي فما مضى قد مضى ونحن الآن نعيش في الحاضر
-لن تقتلها إذاً ..أنت بذلك تخالف القوانين
-انا الحاكم والقوانين قوانيني أخالفها متى ما أشاء ولا سلطة ﻷحد على سلطتي
ألتقت الأعين مجدداً بشرارة تهدد أحدهما الآخر وبعد الصمت المثقل نهض الأخير حانقاً وقال مهدداً
-لقد تغيرت ..أتمنى أن لا تتغير كثيراً فربما الآن تراني هادئاً لكن لا تعرف متى ستنطلق شرارتي لتحرق المكان
-وأنا أتمنى لك عودة سالمة فهذا الضعيف آلذي تراه أمامك، لن تدري متى ستنبثق قوته
كم هو واثق بنفسه لقد إكتفى من السكوت والتقيد بقيودهم ولا بد من كسر تلك الأغلال والتحرر من أثرها الدامي وهذه مجرد البداية.
دخل عليها الزعيم مجدداً ليصدمها بما تخشاه بعدما كانت متأكدة من نجاح خطتها
-أختي عليك أن تقاتلي وحدك
وقفت مقتربة منه تحاول فهم كلماته
-ما...ماذا تقصد ..هل ..فشلت بمحادثاتك معه
-في بعض الأحيان يستوجب علينا البقاء خارج المواقف المستعصية ليس في كل مرة نعلن الحرب فيها فلتتفهمي هذا
ثارت غاضبة
-مستحيل...أتتخلى عني الآن..أنت لا تملك ذرة من هيبة والدي كيف..كيف لك أن تفعل بي هذا
-أختي لن اتردد عن فعل أي شئ لك ولو كان الأمير قد مات لأحرقت القصر ومن فيه.. لست كوالدي أقر بهذا..لكننا لانريد إشعال حرب الآن والأمير بخير إنتهى دوري وألعبي دورك فأنتِ ذكية
إنحنى لها مغادرا غير قادرة على استيعاب ضعفه.لقد شعر بالخوف في أعماقه من تهديدات الملك ألتي تلمسها منه، فأنه غير قادر الآن أو مستعداً ليفقد رأسه ورجاله في سبيل غيرة النساء من بعضها.ما يزال هناك الكثير ليفعله ليصير أكثر قوة بعد الخيانات التي حدثت في عشيرته وربما سيستغل الملك الموقف ويتمرد ضدهم لذا لن يخاطر بما أن الحفيد على ما يرام.
مملكة غوغوريو
بعد ثلاثة أيام
أبتدأت فترة التدريب لأون سون وشهدت جانباً آخر من والدها لم تعهده من قبل فيه وهي معاملته القاسية لها لكنها سرعان ما أدركت إن هذه هي الطريقة ألتي ستتعلم بها القسوة والقوة.في مسية هذا اليوم الحار حيث توسطت الشمس كبد السماء وسلطت سياطها الحامية على هؤلاء الفقراء وزادتهم عذاباً فوق عذابهم، دربها على حمل السيف في باحة منزلهم وعلى حمل ألاثقال الحديدية والحجر لتقوية جسدها كمحاولة منه لجعلها تستسلم لكن ظنه يخاب في كل مرة يشدد عليها الحمل وفي كل مرة تنزف والدتها ألما لرؤية وحيدتها تعاني..وقد قالت له ترجوه
-أنت تعذبها ..فلتكف عما تقوم به أرجوك
وضع كلتا يديه خلف ظهره وأجاب بحزم مشوب بالتوعد
-سأجعلها تستسلم فقط راقبيني
- ليس هكذا أنظر إليها كيف تعاني إنها لا تزال طفلة
-لم يجبرها أحد على قرارها ..لا بد أن تتحمل إثم ما نطق به لسانها
إلتقطت المهم من حديثهما وهي مارة تريد شرب الماء من الجرة وابتسمت بخبث لتقول بعناد
-هه..تظن بأني سأستسلم يا أبتي..أنت مخطئ فأنت لا تعرف إبنتك سأريك من أنا
في قصر ملك غوغوريو .
جالس مع ملكته في قاعة الطعام الملكية يضحكان ويتناولان الفطور الملكي الفخم ومن حولهما تقف الخادمات بثيابهم البيضاء محنيي الظهور إحتراماً ومهابة على إستعداد كامل لتلبية أوامرهما ليقطع سعادتهما أحد الخدم وهو يدلف إلى القاعة حاثاً من خطواته يحمل رسالة عاجلة رفعها بيديه الإثنتين لتكون على مرأى من الملك وقال
-مولاي ..وصلت هذه الرسالة من ملك شيلا للتو
تناولت إحدى الخادمات الرسالة بأمر من الملك وسلمتها إليه بتأدب ليقرأها بتمعن.إبتسم لتسأله زوجته بفضول عن سر إبتسامته
-ماذا كتب فيها ؟
طواها وأجاب
-يطلب الأذن مني بفتح أبوابنا ﻹستقبال محظيته في بلادنا
-محظيته!!!لِمَ وماذا تدعى
-سيتم نفي السيدة يون ..
أجاب ليلاحظ رجفان يد زوجته وهي تضع القدح بتوتر على الطاولة وسألها مستفسراً
-هل أنتِ بخير ؟
-هاااا
أجابته غير واعية لسؤاله ليستأنف سؤاله
-ماذا حدث لمَ ذهلتي؟
عادت لواقعها ونفت قوله
-كلا..كلا..أنا بخير فقط شعرت بصداع فلتكمل حديثك رجاءً
-حسناً يبدو أنها متهمة بمحاولتها تسميم ولي العهد هه..غريب كيف أستطاع التفوه بحكم النفي فهذا مخالف للقانون حتى وإن كان هو من وضعه بنفسه
-هل ترى إن هذه بادرة للصلح ؟
-أستطيع تمييز كلماته فطلبه ليس فقط لأنها أبنة هذه المملكة كلا هناك ما يدور بعقله
-هل..ستوافق إذاً
-بما إنه من بادر فسأرى ما سيأتي بعد هذا
-وأخاك
-سيخالفني بالتأكيد لكني متلهف، لقد فقدنا دماء كثيرة بحروبنا مع والده وبعهده الآن أريد الصلح
-فلتفعل ما تراه مناسباً مولاي
-فلتكتب الآن
بدأ خادمه يكتب ما يقوله الملك وزوجته في عالم آخر تتخيل المستقبل "اللعبة ستبدأ الآن ..إنتظرت هذا كثيراً "
عند حدود المملكة
معسكر التدريب الملكي
بارز تلميذه بكل شراسة حتى أسقطه أرضاً ووجه سيفه على صدره وأخذ يخاطبه مشيداً به
-هكذا القتال ...تحسنت عما في السابق أيها الجندي
مد يده وساعده على النهوض ليجيب التلميذ بإحترام مادحاً
-من تدرب على يديك فبالتأكيد سيتحسن
جاءه أحد رجاله مسرعاً بخبر يعكر به مزاج قائده وألقى به على مسامعه
-سيدي علمت من مصادري في القصر إن الملك منح أذنه لملك شيلا بإدخال محظيته المنفية إلى بلادنا
تغيرت تلك الملامح المبتسمة وأكتستها تكشيرة محتجة
-مااااااذا...أخي ...كيف له أن يوافق دون مشورتي ..تباً أرى إنه يريد التحالف مع أولئك الحثالة أتباع المغول ...جهز حصاني سأعود للقصر
-حاضر سيدي
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro