الفصل الاول
" كِلتانا ضحيتانِ في هذا العالم القاسي يا أميرتي أُناس تموت ﻷجل أن يحيا أخرون وأُناس تحيا ﻷجل السلطة كما ينمو الزرع سريعاً ينمو الطمع والجشع وستُلون الأرضُ بدماء سكانها و لن يتوقف حمام الدم هذا إلا بإقتلاع الجذور المتعفنة أظنُ بأنني سأندم على ذلك ولكن لاعطائك السلام سأرسِلُكِ بعيداً ﻷجلك ﻷجل مليكنا ﻷجل الشعب "
<><><><><><><><><><><><><><><><
"مملكة شيلا"
داهمت مجموعة من الجنود المسلحين بالسيوف والرماح مهجع المحظية المفضلة لدى الملك في ليل مظلم بارد بأمر من ملكة مملكة "شيلا"التي كانت تشتعل غيضاً وحقداً
حيث قاموا بإجبار حرس المحظية ووصيفاتها للإمتثال للأوامر وإلا قطعت رقابهم ولم يكن منهم إلا أن أذعنوا خائفين صاغرين وتنحوا جانباً ليدفع باب الغرفة حارس الملكة الشخصي الضخم ممهداً لها طريق الولوج.طالعت تلك النائمة على فراشها الوثير بعينين محتقنتين وصرخت بها
-سيدة يون أيتها الوقحة كيف تجرؤين على النوم والقصر يعج بالفوضى
فزعت سيدة "يون"من فراشها مذعورة وتقدمت ناحيتها منحنية وهي ترتدي ثوب نومها الحريري الأبيض وراحت تتلعثم في كلماتها
-ججلالتك ...مماذا يجري ؟
بإبتسامة جانبية خبيثة نطقت الملكة
-هه..ألا تعرفين مايجري حقاً؟
ثم دارت حولها وبإزدراء أجابت على سؤالها
-نعم فأنتِ تقضين معظم وقتك في النوم والأحلام السخيفة ولا يعنيكِ أمر القصر
دنت من سيدة"يون"وطالعتها بحقد لتصرخ بوجهها موجهة الأوامر إلى الجنود
- فتشوا غرفتها في الحال
رفعت السيدة وجهها وتقاطعت نظراتهما لتقول محتجة
-جلالتك ...لماذااا..مالذي فعلت؟
-فتشوها حالاً
صرخت ليردد الجنود
-حاضر جلالتك
أستجابت السيدة وتنحت جانباً مطلقة العنان لهم في فعل ما يريدون وقلبها يخفق خوفاً ورعباً مما ستؤول إليه الأمور، برؤية الملكة بهذا الوضع لا بد وأن خطباً ما حدث وله صلة بها هي الضعيفة الخنوع. ماذا تخبأ لها الملكة هذه المرة ومن ذا الذي سيعصمها من آذاها إلى أبد الآبدين؟!.عليها الإحتفاظ برباطة جأشها والتفكير فيما سيحدث بروية فالتبريرات لا قيمة لها عند الملكة وبينما قلبوا الغرفة رأساً على عقب ونثروا الأغراض، هتف أحد الجنود
-جلالتك..أنظري لهذا
تقرب من الملكة وبيده قطعة قماش صغيرة داكنة اللون تحوي مسحوقاً أسود تعرف عليه على أنه نوع من أنواع السموم وشهقت الملكة غير مصدقة ما تراه ثم وجهت نظراتها القاتلة لسيدة "يون"ألتي كانت واقفة بكل كبرياء وثقة لتوجه لها صفعة دامية وأخذت تزعق بها
-ت...تجرأين على تسميم الأمير أيتها...الوقحة ..تسميم طفلي ...تسميم ولي العهد هااا
ليس غريباً أن يتم صفعها من قبلها فهي ملكتها الآمرة الناهية في القصر وكل من فيه يخشاها ويهابها حيث تعامل من هم أدنى منها من المحظيات والخدم كنفايات وما عليهم إلا الخضوع والطاعة لأجل سلامتهم عدا سيدة يون الرافضة لحكمها وتصرفاتها والتي لا تطيعها عندما يتعلق الأمر بإقتراف جرم ما بل تحاول دائماً الوقوف إلى جانب الحق ونصره إلا أنها تضعف أمامها نظراً لهجوم الآخرين من الموالين للملكة ضدها ومن يحميها على الدوام هو الملك المحب لها والآن وقد وجدت الملكة فرحتها في إسقاطها بهذه الجريمة الشنيعة وافقاد ثقة الملك بها فهل سيفعل ما بوسعه لأجل إنقاذها من هذه الخيانة الكبرى؟.
أجابتها ببرود وقد ذهب الروع منها وكأنها تعترف بجريمتها
-لا ..أملك شيئاً أدافع به عن نفسي ..
ركعت على ركبتيها وأقرت
-أنا أستحق الموت جلالتك
-حتى لو متِ ألف مرة فلن يكفي..أنتِ لست سوى محظية وقحة وضيعة..سرقتي مني الملك والآن تريدين سرقة طفلي مني هل تظنين أنكِ ستحصلين على العرش؟
قهقهت بجنون وتابعت متشمتة
- حمقاء خائنة لنرى كيف سينقذك الملك
وجهت أوامرها تشير بيدها إلى الجنود
-لا تدعوا أحد يدخل لغرفتها وغدا ستتم محاكمتها
أبتسمت بمكر ونظرت إليها نظراتها المستحقرة وكأنها تعلن إنتصارها وغادرت لتبقى سيدة يون في عشها منتظرة مصيرها القادم.مسحت على بطنها وقالت واثقة
-عزيزي ستكون بخير ..ستكبر وستحظى بمنزلتك لن أدع أحد يؤذيك
في هذه الأثناء وخارج مهجع سيدة يون رافقت خادمة تقارب الثلاثين من عمرها طفلة صغيرة جميلة بعمر الثامنة كانتا متوجهتين لمهجع المحظية وخاطبتها برجاء
-أميرتي...لابد وأن والدتك نائمة الآن فلنؤجل مجيئك إلى الغد
عاندت قائلة بنبرة طفولية عذبة
-لم أرى والدتي منذ يومين ..لِمَ تمنعينني عن زيارتها؟ ثم إنها كثيرة النوم هذه الأيام
-هذا ﻷنها..لأنها..
لم تكد تكمل جملتها حتى رأت الأميرة قد هرولت صوب المهجع لتقف مذهولة من كثرة الجند المحيطين بالمكان.وصلت إليها الخادمة وقالت لاهثة
-أميرة سونغ هي ...فلنعد الوقت متأخر
أشارت الأميرة لأحد الجنود آمرة
-تحرك من مكانك أريد أن أرى والدتي
رد الجندي بجفاء
-آسف مولاتي جلالة الملكة منعت زيارة أي شخص لهذا المكان
إزدادت حدة نبرتها إلى غضب
-أنا...لست أي شخص أنا الأميرة تنحى جانباً
دفعته لتدخل فأتاها صوت ناهر قادم من خلفها
-أيتها الاميرة يمنع عليك زيارة والدتك الخائنة منذ الآن..ستودعينها في الغد..أفهمتي؟
إلتفتت ناحية الصوت وسألت محتارة وهي تنحني
-أودعها جلالتك !!و...ولماذا ..أين ستذهب؟
بنبرة آمرة أجابت
-أيتها الخادمة خذيها لغرفتها ولا تدعيها تخرج
سحبتها خادمتها غير عابئة باستنجاد الصغيرة بوالدتها ولا بالدموع التي تبلل وجهها البرئ واتجهت بها نحو غرفتها حيث ستقضي بها وقتاً عصيباً دون أن تفهم ما يحدث لها ولوالدتها الحنون.
مملكة "غوغوريو"
دخل سيد "تشوي"لمنزله الفقير المعدم مقطب الجبين وإمارات حزن لاحت على عينيه الذابلتين، فهو رجل في نهاية عقده الرابع وجد التعب والقهر والأذى موطناً في جسده الضخم إذ إن عمله كحداد القرية لأكثر من عشرين سنة أمتص روحه المسكينة ولم يعد يملك خياراً آخر سوى الرضوخ لأختيارات القدر له، وكيف له أن يرفض مهنة كهذه وهي مهنة الأجداد والاباء أستمرت في عشيرتهم وتوارثها الأجيال لقرون فمن هو ليأتي الآن أو كيف له أن يخلف بوعده مع أبيه في وراثة مهنته ومركزه في القرية، لذا حفاظاً على هذا الموروث فلا بد من بعض التضحيات على حساب سعادته.أستقبلته زوجته الوقور لكن على غير عادتها فكانت تستقبله بإبتسامة تسكن أوجاعه والآن رؤيتها له بهذه الحالة المثيرة للشفقة منعتها من الإبتسام.جلس على فراشه المتواضع المستلقي أرضاً وتنهد فيما جلست جواره تمسح على كتفيه
-أنت حزين على غير عادتك ماهو الأمر يا ترى ثم إنه منتصف الليل لِمَ تأخرت كثيراً أقلقتني
إكتفى بإجابة باردة
-سهرت مع بضعة رجال
-يستوجب أن تعود فرحاً بعد سهرتك لا أن تحزن هكذا
-آه..لِمَ لم نرزق بصبي ؟هاا
-مابال سؤالك ومادخله بالسهرة ؟
إستغربت سؤاله المباغت ليأتيها الجواب الصريح
-لقد تعبت أريد من يساعدني في العمل وفي أمور عدة ماذا...ماذا لو حدث شئ لي هاا أليس من المفترض أن يحل محلي أبني ..أو...أو..هذا الإرث من سيحمله عني ﻷجيال عديدة و...
قاطعته وقد بدأت الدموع تقطر من مقلتيها أسفاً على حاله تلوم نفسها لعدم مقدرتها على إنجاب طفل يفرح قلب زوجها المتشوق لرؤية صبي يحمل إسمه فبعد إنجابها لفتاة أصيبت بمرض منعها من الإنجاب وإن حدث وفعلت فهذا سيؤدي لمهلكها وخوفاً على سلامة زوجته لم يطالب بالكثير وأكتفى بطفلة واحدة ووعد أن لا يفاتحها في الموضوع ثانية منذ زمن فكيف به الآن ينكأ جروحا أليمة؟!
-أنا هي السبب لو أنني أمتلك القدرة على الإنجاب لأنجبت لك العديد من الأطفال وملئت المنزل بهم لكن..لكن لماذا تعيد فتح موضوع طوى عليه الزمن بعدما تواعدنا أن نمتثل للواقع .. لماذا؟
-أنا لا ألومك عزيزتي أنا فقط ..
تردد قليلاً ثم إعترف مستذكراً ما جرى
-تحدثوا آليوم عن أبنائهم فشعرت بالضيق والحسرة وأخبروني بأن..
فهمت زوجته ما يرمي إليه ونهضت وهي تقول بنبرة باكية
-أنت مازلت شاباً وإن كان هذا سيريحك تخلص مني
نهض بدوره وعانقها وهو يقول
-مستحيل أن أفعل هذا لا تأخذي الأمر على محمل الجد أنا فقط أعبر عن ما بداخلي ..أريد عيش ماتبقى من عمري معك أنتِ ..أنتي فقط ويستحيل أن استبدلك بأخرى وإن كان صبي سيفرقنا فأنا لا أريده
كذب ليريح زوجته، فهو يحبها ويعشقها كثيراً ولكن فكرة الحصول على طفل هي ما يشغل تفكيره الآن فلم يعد يحتمل البقاء وحده لا يتحمل فكرة أن يموت في أي وقت ويترك زوجته وابنته بلا معيل وهو بالتأكيد لا يريد الزواج فمن تتزوج بحداد فقير معدم مثله ويترك زوجته الطيبة ألتي أستبدلت حياتها السعيدة في كنف والديها لتعيش معه حياة الفقر والجوع لن يحتاج الآن إلا لشخص يزيح عنه هذه الأفكار ويعيده كما كان قبل أن تتفشى في جسده ويخونه قلبه ويرتكب جرماً بحق زوجته المحبة، وبدون سابق إنذار إقتحمت إبنته ذات العشر سنوات الباب ودخلت لتركع على ركبتيها بعدما كانت تسترق السمع لكلامهما راجية باكية
-أبي...أرجوك...لا تترك أمي...إن ..إن أردت ابناً فسأكون لك ابناً ..لكن لا تفعلها ..أرجوك أبي
فوجئ بكلماتها وأمرها قائلاً
-لا تتفوهي بهذه الحماقات لن يحصل أياً من هذا أنا أحبكما ولن أضحي بكما
مسحت الزوجة دموعها وأقتربت منها تقول مؤيدة زوجها
-نعم...والدك لن يفعل هذا حبيبتي..هل كنتِ تتنصتين علينا طيلة الوقت؟إنه حديث للكبار عزيزتي
أجابت
-نعم..أستوقفتني كلمات أبي وكونت فكرة عما اريده الآن
سألها والدها محاولاً إستيعاب كلامها
-ومالذي تريدينه الآن ؟
بلهجة واثقة وتعابير جدية بددت تلك الملامح الطفولية البراقة نطقت مالم يستوعبه الوالدان
-دعني أكن أمرأة في ثوب رجل
صرخا متعجبين
-ماذااااااا
إزدادت حدة جديتها وهي تردف
-دعني أكن لك صبياً يحمل همك ويساعدك في عملك..أمرأة لن يهزها كائن كان مستقبلاً..امرأة تحمل سيفاً وتقاتل لأجل العدل..لأجل العائلة..لأجل الشرف..ضد الظلم والجور..علمني صنعتك ..علمني القتال وسأشرفك وأجعل أسم العائلة يزهو ويخلد طويلاً
أهتزت قدما والدها فللحظة ما أشعرته كلماتها بالخوف منها كأنها ليست أبنته التي أعتاد على رؤيتها وسماعها تغني أغاني الأطفال كأن روحاً راشدة مستها بينما والدتها أخذت تهزها لتعيد إليها رشدها
-أون سون عودي يا طفلتي ..هل أنتِ من تتحدثين؟ أيتها الروح أعيدي إلي طفلتي أرجوك
أخفضت يدا والدتها برفق وأستوت واقفة تستجمع قوتها في بث رغباتها
- ماذا..اللأنني طفلة لا يحق لي التحدث بهذا الشكل أنتما تريانني على إنني طفلة تلعب في الحقول مع الأطفال وتعيش طفولتها كما يعيشها غيري..أفعل هذا فقط ﻷجلكما حتى لا تظنا أن خطبا ما أستولى علي ..بينما في الواقع لا أحب لعب الأطفال هذا، ما يستهويني حقاً هو شئ واحد فقط يا أبتي وهو السيف ..السيف وحسب..هو كل حلمي
لم يعد بوسع الأب التحمل أكثر فجلس يستمع منصتاً ﻷبنته
-لن أخفي عليكما سراً..كنت دائماً أتردد على معسكر القرية أراقبهم من بعيد وهم يتدربون وأفعل كما يفعلون بالمثل...
أظهرت الأم غضبها لأول مرة لابنتها مقاطعة
-أون سون أكنتِ تخفين علينا كل هذا؟ أنتي..أنتي جننتي حتماً
أجابت الطفلة بذات الهدوء
-أعلم أني مخطئة وأطلب عفوكما لكن هذا ما أطمح إليه ..أعتذر لكوني هكذا..أمي يجدر بي مساعدتك والتعلم منك ما تتعلمه الفتاة من أمها لكن أنا مختلفة نعم..طفلة مختلفة ..تريدين مني أن أتزوج وأنجب الأطفال في المستقبل ..لكن هذا حلمك وليس حلمي هذه هي اللحظة المناسبة ألتي قررت فيها الإعتراف لكما ..لم أعد أتحمل أريد تعلم القتال لأحميكما...
وقف والدها وقد أستولى عليه الغضب وصرخ بوجهها
-يكفي...يكفي لا أريد سماع هذه الترهات فلتخرجي..عودي لغرفتك حالاً
هرعت إليه راكعة تمسك بقدمه رافعة رأسها تسترجيه قبول طلبها المنافي لعقلية والديها بدموع منهمرة
-أبي...أرجوك ..لا أريد أن أكون إبنة عاقة وارتكب شيئاً مخالفا لاوامركما وأتبع ما يمليه علي ضميري فقط علمني ولن تندم ...بالأمس..امرأة عجوز تعرضت للضرب أمام ناظري من قبل الصعاليك لعدم دفعها أجر سكنها وركلوها مع امتعتها في الشارع واحفادها إلى متى سأظل أراقب ..إلى متى ..نحن ضعفاء في زمن يتطلب منا أن نكون قساة..أقوياء..النساء ضعيفات..يحتجن القوة إلى من يدافع عنهن..
-وهل أنتِ من ستدافعين عنهن ؟
--نعم..إن امتلكت القوة قسأدافع عن الحق ..عن كل بشري يتعرض للاهانة ..قسوة الزمن علمتني الكلام هذه هي رغبتي إن حققتها فسأجعلك فخورا ...
إكتفى من هذا ..شعر بصداع ..شعر بالذنب بالشفقة على ابنته فأشار لها بالخروج ووجهه لا يكاد يميز عنه القبول من الرفض فأستجابت متمنية داعية أن يكون الحظ الجيد إلى جانبها وتحقيق أحلامها الموؤدة.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro