القِصَّة الأولى | صَفحاتٍ فارِغَة
...♡︎
الصَّفحَة الأولى..
جلسَ على سِريرهُ ثم أمسكَ صورتها التي كانت بِـجانبهُ و ظَلَّ يَتأمّلُها بينما عَيناه تدمع و ظَلَّ يَتذكَّر أحلى أعوام مَرَّت على حياتهِ...
••
"صباح الخير يا أفضل طلاب في الجامعة أنا أدعى سكارليت ، اليوم لن تكون المحاضرة بِـأكمَلِها حَول المنهج ، أعلم أنَّكم في ضغطٍ شديد في دراسَتِكُم ، ما رأيكم أن نأخذ إستراحة صغيرة من الدراسة و نجعل قلوبنا و عقولنا تَستنشِق الهواء النقيّ؟.."
تحدثت بِِـإبتسامتها المعتادة و التي يُحبها الجميع.. ، دكتورة في الجامعة لكن ملامحها طفولية و بريئة و مُريحة لِـلأعيُن..
"كيف هذا دكتور؟"
سألتها طالبة ، إبتسمت هي ثم قالت...
"أعلم أنَّ مُعظَمكُم يحب قراءة الروايات أليس كذلك؟"
صاح كُلّ مَن بِـالقاعة بِـنَعم و يبدوا أنهم مُتحمسون حتى الذي لا يقرأ تَحمَّس لِـلذي سَـتقولهُ أستاذتهِم المفضلة..
"ما رأيكم اليوم بِـصُنع كتابٍ بسيط ، يُخرِج ما بِـداخِلِنا بدون أن نشعُر؟.."
قال الجميع..
"نعم هيا بنا"
ضحِكَت على حماسهم و إبتسامتهم السعيدة..
"حسناً كتاب اليوم سَـيكون عبارة عن جُمَل ، بِـمعنى أنَّ كل صفحة سَـتكون خارِجَة من لِسان كل طالب ، يعني مثلاً أنتِ يا أنجيلا ، لديكِ صفحة واحدة فارغة مليئة بِـالسطور ، أخرِجي كل ما بِـداخلك في هذه الصفحة دون خجل أو إحراج ، نحن هنا لِـسماع بعض.."
جلَسَت الطالبة أنجيلا بِـإنتظام تستعِد لِكَي تُخرِج ما بِـداخلها و لكنها مترددة..
"إذا كنتِ مترددة صغيرتي إغلقِ عيناكِ و استنشقِ كمية كبيرة من الهواء ثم أطلقيه بِـهدوء و تحدثِ و كأنِّك بِـمفردِك"
فعلت أنجيلا كل هذا بِـالحرف ثم بدأت في التحدُّث و عيناها مغلقة..
"لقد أحبَبت ، أحبَبت بِشدة ، كنت أظنهُ يُحبني مثل ما أحبه و لكن اكتشفت أنهُ حب من طرف واحد لأنهُ... ، لأنهُ تزوج من صديقتي..."
صمِتَت لِـلحظَة ثم سمعت همس الجميع حولها بِـألم شديد ، أمّا سكارليت كانت تسمعها بِـكل جوارِحِها و طلبت من الجميع الهدوء و الصمت التام لِأجْلها..
"كنت أشعر أنهُ يُحبني بسبب نظراتهِ لي و هذا الذي جعلني أحبه ، لكن لم أكن أعلم أنَّ هذه النظرات كانت لِـصديقتي و ليست لي ، كيف لي أن لا أشعر بِـذلك؟! ، المشكلة أنَّ صديقتي هذه لم تفارقني لحظة واحدة و كانت تعلم بِـحُبي لهُ ، لقد تركتني عندما اعترفَ لها بِـحبهُ و ابتعدت عَنّي بِـدمٍ بارد.. ، كانوا دائما يسيرون أمامي في الجامعة و هم مُمسِكين بِـأيدي بعض و يِتغزّلون بِـبعض أمامي ، أنا لا ألومُه قد لا يعلم بِـحُبي لهُ من الأساس و لكن ألومها هي ، هي تؤلمني بِـقصد ، تتعمّد أن تتمسّك بهِ أمامي ، لا أعرف ماذا فعلت بها لِكَي تفعل هكذا بي و لكن هذا ما حدث ، و قررت إغلاق قلبي بِـقِفلٍ كبير و تعمّدت بِـأن أفقد مفتاحهِ لِـلأبد ، لِكَي لا يُفتح مرة أخرى ، فَأنا لست مستعدة بِـأن يتم جرحي مرة أخرى سواء من أصدقاء أو من رجل ، لِـذلك فضّلت الوحدة..."
فتحت عيناها المؤلمة و نظرت إلى سكارليت نظرة طويلة جداً بها كل شئ قالتهُ و لم تقوله و كَـأنها تقول لها "لقد تألمت كثيراً دكتور و لم يسمعني أحد من قبل" ساد الصمت في القاعة و طالت نظرات أنجيلا المؤلمة المصاحبة لِـلدموع لِـسكارليت ، ثم أغلقت سكارليت عيناها بِـقوة تحاول أن تكون قوية لِأجلها...
"يكفي أنَّكِ قابلتِ كل هذا بِـعقل كبير أنجيلا ، أنتِ قوية لِـلغاية و لا تستحقِ الآلام الذين يُسببوه لكِ ، هل تعلمي لماذا تألمتِ؟"
"لماذا؟"
"لأنكِ كنتِ جيدة معهم و صادقة في مشاعرك ، الشخص الصادق في مشاعره دائماً مُعرّض لِلآلام و الجرح بِـإستمرار ، لكن الخبيث المنافق ، الكاذب هو الذي ينجو لأنهُ بِلا قلب و لا يتأثّر لِـذلك لا يتألّم ، و لكن الصادق يَمتلك قلب يتأثّر لِـذلك يتألّم بسرعة ، لن أقول لكِ لا تَتألّمي و لكن سَـأقول لكِ كوني فخورة بِـقوتِك و عقلِك ، كوني فخورة بِـصدقِك لأنَّ في يومٍ ما سَـتُقابلي الصادِق الذي يُشبهك ، كوني مُتيَقِّنة من هذا الكلام.."
إبتسمت أنجيلا لِـرغم بُكائها ، حقاً كانت تريد سماع هذا الحديث ، كانت في أمَسّ الحاجة إلى الدّعم القوي من شخص قوي كَـسكارليت...
قاطعهم دخول مفاجئ من شاب طويل القامة ذو عيونٍ خضراء و شعر أسود ناعم و طويل و دخل بِـطريقة همجيّة بعض الشئ..
"أوه ، آسف دكتور.."
إبتسمت بِـخفة ثم قالت..
"لا توجد مشكلة تفضّل.."
تفاجئ من طريقتها فَهو أول مرة يحضر لِـهذه الأستاذة محاضرة ، هو اعتاد بِـأن يُطرَد من المحاضرات بسبب تأخيرهُ و أحياناً كثيراً بسبب عدم إنتظامهِ في الحضور ، دخل ثم جلس في آخر مُدرّج و لكنها لم تسأله مَن هو مع إنها أول مرة تراه في محاضرتِها لكنها تعرفهُ ، فَهي تعرف كل طلابها و لكنها ذات أخلاق جميلة فَلم تريد إحراجه أمام زملائهِ...
"حسناً مَن التالي الذي يريد ملئ الصفحة الثانية في الكتاب؟"
رأت الكثير يرفع يده و هذا دليل على أنهم ارتاحوا لِـهذا الحديث و كُلّ مَن موجود يريد إخراج الذي بِـداخله و الذي قام بِـحبسِهِ داخل قلبهِ لِـفترة طويلة ، و هو كان جالس في الأخير يجهل ما يحدث..
ثم اختارت سكارليت من بين الطلاب طالب...
"أنا ستانلي ، أعيش بِـمفردي ، في الحقيقة قبل هذا العام كنت أعيش مع والدتي ، والدتي كانت توأمي ، كانت روحي ، كانت تفعل كل ما بِـوسعها لِأجل إسعادي و عدم حِرماني من أي شئ ، كانت أُم مثالية لم أكن أشعر بِـالوحدة أو النقصان في وجودها و لكن... ، في يوم استيقظت متأخراً اعتدت على أنها تُوقِظني ، شعرت بِـقَبضة في قلبي نهضت مُفزعاً لِأراها ، ذهبت إلى غرفتها رأيتها نائمة و لكن كنت خائف أن أوقِظها ، ذهبت بِـبطئ أنادي بِـإسمها لكنها لم تستيقظ ، لا تتنفّس ، لم أصدق هذا.. ، بقيت فترة طويلة في صدمة لا أصدق أنها تركتني ، كل مكان في المنزل يصرخ بِـإسمها ، أخاف أن أرجع إلى المنزل كل يوم لأنني أبكِ طوال الوقت به ، أسمع صوتها دائماً ، اسمعها تُوقِظني من النوم ، أسمعها في المطبخ تَطهُو و اشتم رائحة طعامها ، أسمعها في كل مكان في المنزل و أحياناً كثيراً أتحدث معها و أراها وجهاً لِـوجه ، هل أنا جننت؟!
أعلم أنها تعيش بِـداخلي و أعلم أنني في يومٍ ما سَـأموت و أراها لكن لن أقدر على العيش هكذا ، خائف بِـأن أراها حتى خارج المنزل ، لست حزين بِـهذا بل العكس أعرف أنها تفعل هكذا لِكَي لا تُشعرني بِـالوحدة ، و لكن أعلم أنني وحيد بِـالفعل ، أعلم أنني ممكن أن أُجن و ينتهي بي المطاف في مشفى لِـلأمراض العقلية ، ليس لدي أصدقاء ، ليس لدي أقارب ، الوضع أصبح يُخيفَني أكثر مِمّا يُريحَني.... ، ف..فقط هذا كل شئ"
"ستان ممكن أن تأتي لي إلى المكتب بعد المحاضرة رجاء؟"
قالتها بِكل تفاهم و هدوء و حنان..
"لماذا أشعر أنّنا في جلسة نفسية و ليست محاضرة لِتاريخ الفن!"
قالها آدم بِـمزح مِمّا جعل الجميع يلتفت إليه و ينظر له بِقليل من الغضب ، إلاّ هي إبتسمت ثم قالت...
"الجلسات النفسية ليست لِـلمرضى النفسيين فقط يا آدم ، الجلسات هذه يجب أن تُقام لِكُلّ مَن حولنا ، يجب أن تكون روتين يومي لأنها تساعدنا ، كون أنكَ تُشارك مشاعرك مع مجموعة من الأشخاص يَسمعونَك هذا يُحسّن من نفسيتك و من طاقتك و تُحولها من سلبية إلى إيجابية"
أومَأَ بِـخفة و لكن نظراتهِ تُعبّر عن أنهُ غير مُقتنع بِهذه الأشياء..
"حسناً لِنَكتفي اليوم بِـصفحتين في الكتاب ، هيا لِـنبدأ في المحاضرة الآن..."
ثم بدأ الجميع يفتح كتاب المادة و ينتبه لِـلشرح بِـكل تركيز...
و هو كان يفعل بِـملل...
انتهت المحاضرة و خرجت سكارليت من القاعة و ركضت أنجيلا خلفها...
"دكتور سكارليت.."
إلتفتت لها سكارليت بِـإبتسامتها المعتادة ثم قالت..
"نعم صغيرتي.."
ذهبت أنجيلا لِـتُعانقها بِـقوة ثم قالت..
"شكراً لكِ دكتور ، شكراً لكِ حقاً أنا أحبك"
بادلتها سكارليت بِـشدة و حنان..
"على ماذا صغيرتي هذا واجبي ، و إذا احتجتِ أي شئ أنا موجودة.."
"شكراً لكِ حقاً"
كانت سعيدة جداً بِـالذي حدث الآن ، تكون سعيدة عندما تشعر أنها محبوبة و أنها غرزت شئ جميل بِـداخل أحد ، هي كرَّست حياتها لِـلآخرين ، كرَّست حياتها لِـمساعدة الآخرين و حَلّ مشاكِلهُم على قدر ما تعرف ، ذهبت إلى مكتبها و دخل مباشرة خلفها ستانلي الطالب خاصتها ، إبتسمت له ثم جلست على كرسيها و قالت..
"تعالى ستان إجلس.."
جلس على الكرسي المقابل بينما ينظر لِـلأسفل ، ليس خجلاً بَل ألمَاً..
"أتعلم شئ؟ ، أنتَ لست مجنون ستان و لم تباشر على الجنون حتى ، أنتَ تحب والدتك و لأنكَ لم تعرف غيرها فَـخائف من الجنون ، حاول أن تصنع صداقات ، يأتون إليك و يملأون عليك اليوم ، لا تكُن وحيداً هكذا ، صدقني يوجد الكثير الذين يريدون معرفتك.."
"أصبحت خائف أن أعتاد على أحد فَـيَتركني.."
"لو الجميع فكَّر بِـنفس هذه الطريقة فَـالجميع سَـيُصبح وحيد ، الصداقة سَـتموت ، و المشاعر الجافة سَـتعُم العائلة و تبقى الوحدة هي المسيطرة على العالم ، سَـتكون وحيد وسط الملايين ، جميعنا سَـنموت ستان و لكن الذي لا يموت هو ذِكراك ، و بَصمِتَك التي تركتها لِـلجميع ، اجعل بَصمتك بَصمة يتذكَّرها الجميع أينما ذهبوا ، هل تحب أن تموت وحيد؟.."
نَفيَ بِـرأسهِ...
"إذن اصنع ذِكرى و افعل بَصمة في قلوب الجميع لِكَي لا تُنسى سواء في حياتك أو مَماتك.."
رفع نظرهِ لها و شعر بِبَريق يدخل إلى قلبهِ ، شعر بِـالنور في حديثها ، شعر أنَّ حياتهِ التي كان يعتقد أنها انتهت تنمو من جديد و تتنفّس ، قلبهِ نبض بِـشعور جميل و هو الأمل.."
"بِـالتأكيد والدتك سَـتكون سعيدة بِـصُنعك لِـذكراك و سَـتطمئن عليك و لن تزورك مرة أخرى لِـطالما لست بِـمفردك ، و لكنها سَـتراقبك بِسعادة.."
بكى ، بكى من حديثها ، فَـوالدته كانت تزوره خوفاً عليهِ من الوحدة ، هذه رسالة هو سَـيتبعها..
"شكراً لكِ دكتور ، شكراً لكِ.."
ابتسمت بِـسعادة ثم أجابت..
"لا تشكرني على واجبي ، هيا إذهب لِـتعيش.."
نهض من مكانه و خرج خارج المكتب و عندما خرج هي أمسكت هاتفها و اتصلت بِـطالب لديها في الصف و يعتبرها مثلهِ الأعلى و طلبت منه أن يجمع ما بين ستانلي و أصدقائه معاً و هو وافق على الفور..
خرجت من المكتب لِِـتنظر على الطلبة من الطابق العلوي و رأت ستانلي و هو يقف مع مجموعة من الشباب و أصبح فرداً منهم يضحك كثيراً معهم ، كانت سعيدة بِـهذا جداً...
°°
"ما رأيك آدم؟"
"في ماذا؟"
"بِِـأن نتسكّع قليلاً في الليل.."
كان يقف مع أصدقائه يضحكون و يمرحون و منهم من كان يُدخّن..
"لا أعرف حقاً ، ليس لي مزاج لِـهذا اليوم.."
قالها بينما أخذ سيجارة من صديقهُ و أصبح يرتشف من سُمّها..
"آااه لا تكُن سخيفاً ، سَـيكون الوقت ممتع.."
"لا إذهبوا أنتم ، فَـأبي يُراقبني هذه الأيام و قال لي إذا لم أنجح هذا العام فَـلن يجعلني أسافر خارج البلاد.."
"اووه والدك شديد جداً ، حسناً سَـنذهب نحن إلى اللقاء.."
"إلى اللقاء.."
قالها مع مغادرة أصدقائه ثم ارتشف آخر ما تبقى في السيجارة ثم ألقاها في الأرض و داسَ عليها بِـقدمهِ ثم سار و لا يعرف إلى أين يذهب...
مرَّت الأيام و الأسابيع و آدم لم يحضر أي محاضرة و لِـلأسف لا يُذاكر نهائياً و دائماً في مشاكل مع والده بسبب إستهتارهِ و إهمالهِ في صحتهِ و مستقبلهِ..
و أتى يوم الإمتحان و كانت في مادة من مواد الدكتور سكارليت ، كانوا الطلاب سعداء من سهولة الإمتحان و لكن هو لا يعرف أي كلمة ، لأنه لم يفتح هذه المادة أبداً ، و يعلم جيداً أنه راسب لأنه ترك ورقة الإمتحان فارغة و خرج خارج اللجنة...
نزل إلى الأسفل و جلس على سُلم ما في رِواق الجامعة و أخرج عُلبة السجائر من جيب بنطالهِ و أخذ واحدة و أصبح يرتشف من سُمّها القاتل...
"لن أسافر هذا العام أيضاً ههه"
ضحك بِـإستهزاء على أوامر والده المزعجة بِـالنسبة له...
و مرَّت الأيام كان يحضر الإمتحانات بِـإسمه فقط و يُسلِّم الورقة فارغة..
و أتى يوم النتيجة و هو على يقينٍ تام أنه راسب هذا العام و لكن أتته الصدمة!...
عندما فتح موقع النتائج و أدخل إسمهُ و رقم جلوسهُ رأى أنه ناجح بِـتقدير مقبول...
ظَلَّ فترة غير مُستوعب هذا...
"بِـالتأكيد ليس أنا..."
ربما أخطأ في الإسم أو الرقم!!
خرج من الموقع ثم دخل مرة أخرى و تأكَّد من إسمهُ و رقمهُ ، و وجد أنه ناجح بِـتقدير مقبول ، جميع المواد مقبول بها و لم يرسب في أي مادة...
عكّر حاجبيهِ و وقف صادم لا يصدق هذا..
"كيف؟!"
ظَلَّ يسأل مَن يُصحح الإمتحانات؟! ، مَن هو رئيس القسم الخاص بهِ؟! و عندما علم أن الدكتور سكارليت هي رئيسة القسم ، ذهب إلى مكتبها..
كان يومٍ ممطر مليئ بِـالعواصف
طرقَ على الباب بِـهدوء و سمع صوتها و هو يسمح له بِـالدخول...
"صباح الخير دكتور.."
قالها ثم دخل المكتب..
إبتسمت بِـخفة ثم قالت..
"صباح الخير.. تفضل بِـالجلوس"
دخل و جلس على الكرسي المقابل لها و كان متردد لا يعرف ماذا يقول ، فَـهو أول مرة يتحدث معها وجهاً لِـوجه هكذا...
"امم ف..في الحقيقة أريد أن أسالكِ في شئ ما.."
"بِـالطبع تفضل كُلِّ آذانٍ صاغية..."
"أ..أنا تقديري في النتيجة مقبول.."
رأى في عيناها نظرة أسف شديد ثم قالت..
"أوه.. ، لا بأس بِـالتأكيد قصَّرت في المذاكرة قليلاً ، لكن لا تقلق سَـأساعدك في التقدم..."
"دكتور لحظة من فضلِك..."
قاطع حديثها لأنه متفاجئ ، متفاجئ من كمية الإحترام و الأناقة في الحديث ، من كثرة الرِّقة و الجمال في صوتِها و نظراتِها...
صمتت تنتظر حديثه بِـكل إهتمام..
"أنا لستُ حزين من هذا بل العكس... ، أنا كنت على يقين أنَّني راسب هذا العام ، كيف أنجح؟! ، كيف قمتِ بِـتقديري هذا التقدير و أنا لا أستحقه ، دكتور أنا ورقة إجابتي فارغة حتى لم أكتب الأسئلة ، فارغة ليس بها إلاّ إسمي.."
نظرت له بِـإبتسامتها الجميلة المعتادة و قالت له...
"في يومٍ ما سَـتمتلئ هذه الورقة آدم ، لا تتعجّل..."
لا يعرف كيف هذه الجُملة جعلتهُ يصمت و يغرق في بحر عيناها الزرقاء المليئة بِِـالأمواج الهادئة ، إبتسامتها التي وجدها ملائكية ، كمية الإطمئنان و الأمان في صوتِها الرقيق...
قلبه نبض بِـشدة و لا يعرف لماذا...
رمشت عيناه الخضراء عدة مرات لِـيستيقظ من هذا الشعور الجميل الذي أتاه و الذي أول مرة يشعر به...
لم يعرف بِـماذا يُجيب ، غير أنه نهض بِـثقل و خرج خارج المكتب و عيناها و إبتسامتها لا تُفارق عقله...
سكارليت
أنا كَـإمرأة اعتادت على حب الآخرين ، أعرف أنَّ ليس جميع الطلبة هدفهم النجاح و إنما عائلتهم من يتمنون ذلك ، فتى مثل آدم الإستهتار و ملذّات الدنيا جعلته غافل عن أهمية الحياة و النجاح و لكن عندما أفكِّر في عائلته أو عائلة أي طالب مستهتر يجعلني أعيد التفكير في الأمر ، بِـالتأكيد عائلته لن تُدخله الجامعة إلاّ إذا كانت تُريده شخص ناجح لِـتفتخر به ، و أنا دائماً على يقين أنَّ الغافل سَـيستيقظ في يومٍ ما ، لا يجب أيضاً أن نَلوم الطالب الغافل ، فَـربما غفلته هذه هروب من آلامٍ و حزنٍ كبير لم يُخرجه بعد...
أنا أفعل هكذا لِأجل عائلة الطالب... ، و لِأجل الطالب نفسه...
آدم
كيف لها أن تكون جميلة هكذا؟ ، كيف لها أن تجمع ما بين القوة و الرِّقة و النعومة و العقل في وقت واحد؟! ، كيف لي أن لا أراها من قبل؟! ، كيف كنت غافل عن جمالها و صوتِها الرقيق هذا؟!..
لقد أحرجَتني بِـفعلتها الجميلة و التي جعلتني أرى سعادة في عيون عائلتي لم أراها من قبل لِـدرجة أنَّ أبي قال لي "تمنّى أي شئ فقط و أنا سَـأفعل" مع إنَّني ناجح بِـتقدير قليل جداً ، لِـهذه الدرجة كان ميؤوس مِنّي! ، لِـهذه الدرجة عائلتي تُحبني هكذا؟!..
لقد جَعَلَتني أشعر بِـأجمل شعور في حياتي
لقد جَعَلَتني أرى الذي كنت أتمنى أن أراه دائماً و لا أعرف كيف و هو نظرة الفخر في عيون عائلتي و سعادتهم التي كنت أحرمهم منها بِـسبب إستهتاري..
ماذا كانت تعني بِـأنَّ الورقة سَـتمتلئ في يومٍ ما؟!
هل كانت تقصد... قلبي الفارغ؟!..
مع بداية الفصل الدراسي الثاني و أنا أشعر أنَّني إنسان آخر ، أريد الذهاب إلى الجامعة ، أريد أن أحضر جميع المحاضرات ، و خصيصاً محاضراتِها ، هي حتى في العطلة لا تكُف عن الحديث معنا و كَـأنَّنا أصدقائها ، و عندما يحتاج أحد لِـلمساعدة تكون بِـعونه و معه ، تُعطى دورس مجانية لِـلغة لِـلطربة المغتربين ، تُعطي دروس مجانية لِـتعلم الرسم فَـهي بِـالفعل رسّامة بارعة و عندما سألتها لماذا تفعل هكذا قالت لي..
"الذِّكرى آدم ، كل شخص يجب أن يترك ذكرى جيدة في قلوب الجميع ، عندما أموت سَـأكون سعيدة جداً و أنتم تتذكروني و تبتسموا..."
حديثها الملائكي يجعلني أتعلّق بها ، رغماً عنّي أرى قلبي ينبض بِـشدة عندما يراها ، يصرخ عندما يسمع صوتِها ، يقفز عندما أنظر لِـعيناها الزرقاء ، جميلة بِـمعنى الكلمة من جميع الإتجاهات و لكن...
هل سَـتتقبَّل حُبي لها؟..
نعم أنا أحبها و أعلن ذلك على قلبي و عقلي ، لقد أحببت الدراسة بِـسببها ، لن أسافر إلى أي بلد أخرى لأنَّني لم أكن أعلم أنَّ وطني بِـهذا الجمال و الدفء ، و الأمان و السعادة...
لم أكن أعلم أنَّ الدراسة سهلة و جميلة و ممتعة ، لم أكن أعلم أنَّني سَـأعشق المواد ، المواد تتحدث بِـصوتها ، كُلما أقرأ كُلما أسمع صوتها في أذني يشرح بِـالتفصيل ، أحفظ المواد بِـدون مجهود ، أنجح بِـتقديرات عالية لم أعتد عليها في حياتي ، أصبحت الطالب المثالي في القسم ، و حصلت على المركز الأول في العام الثالث ، كانت نظراتها فخورة بي لِـلغاية ، كانت سعيدة جداً و عيناها بها بريق عشقته.... و لكن..
عندما تريد مِنّي أن أملئ صفحتي في الكتاب أصمت و لا أعرف ماذا أقول ، إذا قررت أن أملئ صفحتى في كتابها ، سَـأعترف بِـكُل ما في قلبي ، و لكن خائف من أن أخسرها ، خائف بِـأن ترفض حُبي لها ، خائف بِـأن أُحرَم من نظراتِها و بريق عيناها و صوتِها ، فَـأُفضِّل الصمت و أسمع الجميع مثلها....
أصبحت أسمع الجميع بِـرحابة صدر مثلها و عندما يكون بِـمقدوري المساعدة أساعد..
أجد نَفسي أتصرّف مثلها دون أن أكون واعي ، و لكن سعيد بِـهذا التغيير و سعيد بِـهذا الحُب...
متى سَـأعترف لها؟..
أصبحت أول الحاضرين ، هههه عندما تدخل قاعة المحاضرات باكراً تراني أجلس بها بِـمفردي...
"أوه أصبحت تجلس هنا كثيراً بِـمفردك آدم.."
قالتها ممازحة بينما تجلس على كرسيها تُخرج كُتبها من حقيبتها بِـإبتسامتها المعتادة و التي تخطف قلبي كل يوم أكثر و أكثر..
هي فريدة من نوعها حيث أنها لا تهتم بِـمواقع التواصل الإجتماعي بِـقدر ما تهتم بِـالورقة و القلم ، هي الوحيدة التي موادها تحتوي على الكتب و ليست ملفات إلكترونية ، جعلتنا نشعر بِـقيمة الورقة و القلم ، الورق الذي يترك أثر حتى بعد المَمَات ، الكتب التي لا تموت مع الزمن و مهما مَرَّ منهُ...
"أصبح أجمل مكان أحب الجلوس به..."
إبتسمت بِـخفة ثم قالت و هي تنظر لي..
أرجوكِ لا تُطيلي النظر إليّ فَـأنا لن أقدر على مقاومة بحر عيناكِ..
"سعيدة جداً بِـتغييرك آدم.."
"صدّقيني لم أكُن سعيد هكذا يوماً.."
"سمعت أنكَ لم تعد تُدخّن!"
"منذ أول يوم تحدثت معكِ به و جَعَلتني أشعر بِـمدى فراغ ورقتي و أنا لم أعد أدخّن.."
طالت النظرات بيننا ، نظراتها الآن شعرت بِـإختلافها ، رأيت لَمعة في عيناها ، لَمعة أنا انتظرتها منذ مدة طويلة ، و أخيراً سكارليت..
اخيراً أعطَيتيني بَريق من الأمل...
أشاحت بِـنظرها و شعرت بِـخجلها و حيائها الذين جعلوني أقع لها أكثر و أكثر...
بعد عدة دقائق الطلاب بدأوا بِـالدخول إلى القاعة و أصبحت مزدحمة و كل من يدخل يلقي عليها الصباح....
معروف بِـأنَّ قسم الدكتور سكارليت ، قسم لا يرسب به أحد و دائماً يأخذ المراكز الأولى ، هي نجحت بِـأن تُحببنا في الدراسة و التعلم ، ساحرة تُسحرنا بِـجمال صوتِها و عيناها و أسلوبها...
"صباح الخير يا أجمل طلاب في الجامعة ، أحب أن أبشّركم بِـشئ ، لقد اكتمل الكتاب الخاص بنا..."
صاح جميع الطلاب بِـسعادة غامرة... ، ثم ضحكت هي و أكملت..
"و لكن يوجد شَيئين مهمين و هما لم نحدد إسم الكتاب بعد ، و توجد صفحة واحدة مازالت فارغة ، هذا يعني أنَّ يوجد طالب لم يملؤْها بعد..."
قالتها بينما تنظر لي بِـعيناها ، صدّقيني لن أقدر...
"آدم.."
تنفست الصعداء ثم أجبت..
"نعم دكتور.."
"مُقدرة أنكَ لا تريد الحديث أمام أحد ، مع إنها سَـتكون خطوة جيدة لكَ ، لكن بِـالتأكيد أنتَ حُر في قرارك و لكن كتابي لن ينقصهُ طالب مهما حدث ، و ليس أي طالب ، بل طالبي المتميز.."
شعور أنها تَخُصّني بِـنظرة و حديث في حد ذاته يجعلني طائر من السعادة ، أحبك سكارليت...
"ما رأيك أن تأخذ الكتاب و تملأ صفحتك و أنتَ بِـمفردك و إذا كنت تريد مِنّي أن لا أقرأه فَـلن أفعل إطمئن.."
قالتها بينما تقترب مِنّي و تعطيني الكتاب الذي لم يُصنع له غلافٍ بعد...
"و سَـأكون سعيدة إذا شاركتنا بِـتسميته الآن..."
أمسكت الكتاب و فتحته على آخر صفحة ، صفحتي الفارغة...
ظَلَّيت أنظر إليها ، بداخلي الكثير سكارليت ، بداخلي الكثير لِأقوله لكِ ، الجميع يتحدث عن نفسه و أنا أريد الحديث عنكِ أنتِ ، الحديث عن مدى جمال عيناكِ و كم تجعلني أغرق في عمقها ، عن جمال صوتِك الذي يجعل من جسدي يرتخي و يطمئن و يشعر بِـالأمان ، عن جمال حُبِّك ، عن جمال التفكير بكِ في كل وقت و ثانية ، عن جمال تَخيُّلي أنكِ بِـجانبي و معي و.. و زوجتي...
عن الكثير سكارليت ، أريد أن أكتب الكثير ، الذي بداخلي لا يكفي صفحة واحدة ، و لكن يتم تلخيصه و في كلمتين فقط..
"أحبِّك سكارليت..."
قرأتها و يداها ارتجفت ، لا تعرف ماذا تفعل بداخلها مشاعر متناقضة...
هل أحَبَّتهُ؟
و لكنها أعقل من ذلك...
يوجد أسباب كثيرة سَـتعيق هذا الحُب و أولهم فرق العمر بينهم...
هي في الثلاثين من عمرها و هو في العشرين..!!
لا تريد جرحهِ و لا تريد أن تؤلم قلبه الصادق ، و لكن العقل يرفض هذا رفضٍ تام ، و لِـمصلحتهِ هو و ليس هي فقط...
ينتظر ثاني يوم بِـفارغ الصبر لِـيعرف ردّها ، مع إن عقله يقول بِـكُل تأكيد أنها سَـترفض ، و لكن قلبه يُعطيه أمل...
إلى أن أتى اليوم التالي و ذهب سريعاً إلى مكتبها..
طرقَ على بابها و سمحت له بِـالدخول ، دخل و جلس مقابل لها..
"صباح الخير..."
إبتسامتها المعتادة و نظرتها التي يعشقها و تصنع يومهِ...
"صباح الخير آدم.."
ساد الصمت و الهدوء بِـالمكان... ، هو خائف و هي خائفة أكثر منه...
"لم أعد قادر على الكِتمان سكارليت..."
نظرت لِأسفل بِـأسف ثم قالت بِـهدوء...
"أنظر آدم ، من الصعب جداً أن تسمع كلمة أحبك مرة واحدة في حياتك و تكون بعد فوات الأوان ، أنا لم يعترف لي أحدٍ من قبل ، لقد أحببت و أنا في الجامعة و لكن هو لم يُبادلني ، حدث معي مثل ما حدث لِأنجيلا طالبتي ، و تزوج بِـصديقتي..."
نظر لها بِـصدمة و ألم على ألمُها ، أول مرة يسمع صوتِها المُتألّم...
"كنت أجلس تحت الشجرة الكبيرة التي بِـالجامعة أكتب و أبكِ ، كلما رأيتهم معاً ، كلما شعرت بِـمدى ضعف قلبي و قلة حيلتهُ..
أنا لم أسمع كلمة أحبِّك هذه في حياتي ، مع إنَّني أعرف شعورها جيداً.."
صمتَت قليلاً ثم قالت...
"آدم... ، لن أتحمّل أن أسمع كلمة لقد تزوجتي فتى في عمر أبنائك... ، لن أتحمّلها... ، و أنتَ لن تتحمّل كلمة لقد تزوجت إمرأة في عمر والدتك ، سَـتتلقّى سخرية و قِلّة قيمة و سَـتُقلِّل من نفسَك و مركزك ، الحُب ليس عيب ، لكن عقلانية المجتمع تجعله هكذا ، لن أقول عادات وتقاليد لأنَّ العادات و التقاليد قابلة لِـلتغيير مع مرور الزمن ، لكن عقلانية المجتمع ثابتة لا تتغير ، العقل ثابت ، لم أكن أحب أن أقول لكَ هذا الحديث و لكن هذا هو العقل آدم و أنتَ تستحق الأفضل و الأفضل..."
"العمر مجرد رقم سكارليت.."
"ليس بِـالنسبة لِـكُل مَن حولنا ، قليلاً مَن يفهم ذلك.."
"لا أهتم بِـحديث البشر"
"سَـتهتم رغماً عنكَ عندما تشعر أنَّ جميع الأحاديث تدور حولَك أنتَ ، و لا تتركَك و شأنَك"
ساد الصمت مرة أخرى...
"هل تُحبيني سكارليت؟"
نظر لها بِـعمق ينتظر إجابتها...
و لكنها صمتَت....
عَلِمَ إجابتها ، احترم رأيها و وجهة نظرها و لكن لم يحترم البشر و كَرِهَهُم ، البشر وضعوا بينهم حاجز كبير بدون أن يقتربوا من بعض حتى...
نهض من مكانهِ ثم خرج خارج الجامعة بِـأكملها....
••
"كانت تُحب الجميع و تخاف على مشاعرهم و لكنهم لم يخافوا على مشاعرها ، آلموها و جرحوها ، قابلوا صدقها بِـنفاق و خبث ، قابلوا جمالها بِـقُبح و غِلّ ، كانت تحب سماع الجميع و لم تُدرِك أنَّ لا يوجد أحد حاول أن يسمعها فقط ، ظَلَّت تكتُم بداخلها مشاعرها حتى لم يتيح لها فرصة واحدة بِـأن تُخرجها في صفحة من كتابها.."
"إنها جميلة جداً دكتور..."
"من كثرة حديثَك عنها لقد أحببناها بِـشدة ، أين هي؟ ، نريد أن نتعلم منها.."
إبتسم آدم بِـخفة ، نفس إبتسامتها التي اكتسبها منها و هو يسير بين طلابه...
"سكارليت لم تكن فتاة عادية ، لم تكن معلمة فقط ، كانت صديقة الروح ، كانت السند الذي نلجأ له في وقت الضيق ، و كانت تُرحب بِنا بِـرحابة صدر ، لم تمِلّ و لم تكِلّ ، لم تغضب و لم تنزعج ، كانت ملاك على هيئة إنسان ، أتسائل كيف لها أن تكون على الأرض.. ، الدفعات التي تخرجت في عهدها كانت من أحلى الدفعات و كانت من أحلى ايام حياتي التي أتمنى الرجوع إليها"
"حقاً نريد أن نعرف أين هي الآن ، هل هي سافرت؟"
سألته طالبة...
"نعم سافرت ، سافرت لِـمكان بعيد جداً..."
عَكَّر الطلاب حاجبيهم دليلاً على حزنهم لِـعدم وجودها حالياً...
فَـهو يتحدث عنها كثيراً ، كان يسجل محاضراتها دائماً لأنه هكذا كان يحفظ المنهج و جعل من تسجيلاته هذه ذكرى لها لا تموت ، بعد أن اجتهد و انتهى من دراسته أصبح رئيس القسم ، ظَلَّ يسير على نفس خطواتها ، ظَلَّ يسير على منهجها ، قسم لا يرسب به أحد ، قسم يحبه الجميع ، يعطى دروس مجانية ، تعلّمَ الرسم و أحبه بسببها ، كان هو نسختها الثانية...
حتى اعتاد على الجلوس تحت الشجرة التي شهدت على دموعها و حزنها ، و شهدت على فراقها و شوقهِ لها...
تعمَّد أن يتحدث عنها لِكل الدفعات لِكَي لا تموت ذكراها ، كل إنجاز هي فعلتهُ هو كان يفتخر بهِ أمام طلابهِ ، أي شئ يفعله و أي عمل يقوم به كان يكتب إسمها معه لأنها بِـالفعل شاركته فيه بِـروحها و حبها....
"استمعوا جيداً لِـهذه المحاضرة ، فَـستفهمون منها أكثر من اليوم.."
أرسل لهم تسجيل محاضرة اليوم بِـصوت سكارليت ، محاضرة من المحاضرات التي كان يحضرها...
لا يريدهم أن يعتمدوا على شرحهِ هو فقط ، بل يريد منهم أن يستمعوا لها و يذكروها دائماً....
ثم ذهب إلى منزله بعد أن انتهى من روتينهُ اليومي و جلس على سريره و أمسك بِـصورتها و قَبَّلها كَـعادته دائماً.. ، ثم أخرج الكتاب من الدُرج الذي بِـجانبه ، الكتاب الذي صنعته بِـيدها لِـطلابها ، الكتاب الذي حمل جميع ما بداخل طلابها و قدّمَت لهم المساعدة عن طريقه ، الكتاب الذي اعترف لها بِـحبهِ و عشقهِ....
الكتاب الذي سَمّياه معاً بِـاسم " صَفَحاتٍ فارِغَة "
عندما فتح آخر صفحة و التي تحمل كلمتين فقط "أحبك سكارليت"
نظر لِأسفل الصفحة و رأى كلمتين مكتوبين بِـخط صغير جداً ، بِـخط يدها و هما.. "أحبك آدم"
بكى ، بكى بِـألم و شوق...
"يا لَيتَني رأيتها مُبكراً سكارليت"
قالها بينما يمسح دموعه من عيناه...
و في يوم عاصف مليئ بِالمطر و كانت يوم نتيجة الفصل الدراسي الأول و كان يجلس على كرسي مكتبها الذي سَـيظِل بِـإسمها ثم رأى فتاة تدخل المكتب و يوجد تساؤلات كثيرة في عيناها...
"صباح الخير دكتور.."
إبتسم لها بِـخفة ثم قال..
"صباح الخير تفضّلي"
"ف..فقط لدي سؤال.."
"تفضّلي كُلِّ آذانٍ صاغية"
"كيف تقديري مقبول و أنا لم أجاوب على أي سؤال ، أنا ورقتي فارغة بِـالفعل لم أكتب بها شئ إلاّ إسمي..."
ظَلَّ صامت فترة يتذكر هذا الحديث جيداً ، يتذكر هذا اليوم العاصف ، هذا الحديث الذي جعل من حياته تنقلِب رأساً على عقب لِـلأفضل...
إبتسم ثم قال...
"في يومٍ ما سَـتمتلئ هذه الورقة ، لا تتعجّلي.."
النهاية
و كانت هذه مفتاح الكتاب 🗝️ ، مفتاح بداية كل قصة و أبطالها...
ترقبوا...
رأيكم؟
لا تنسوا أن تصلوا على سيدنا محمد♡︎
بِـيـلَا..♡
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro