19¦ بين التضحية والأنانية.
حين استيقظ، هو شعر وكأنه قد فقد جسده بينما هو نائم.
رفع رأسه بكل صعوبة وهو يشعر بكل مافيه يصرخ من شدة الألم، ولاسيما يده التي قد توقف الدم عن الوصول إليها من القبضة الممسكة به.
لثانية، كان يتمنى أن كل ما حدث ليس سوى كابوسًا، وأن كوان لا تزال ثابتةٌ كما كانت قبلًا، ولا تحمل موت إل سونغ على كتفيها، وهو يعلم أن سبب موت إل سونغ هو إل سونغ فقط لا غير.
هذا ما يجعل جونغ إن يغضب.
لماذا إل سونغ مضحي بهذا الشكل؟ لماذا هو ساذجٌ يستمع لكل شيءٍ يقال له؟ لماذا هو هكذا بينما جونغ إن أكثر شخصٍ إناني على وجه هذه الأرض؟
هو لا يعرف ماذا حدث له بالضبط في ذلك الحادث، ورغم كل الفضول الذي يملأ حواسه في أوقاتٍ كثيرة، هو أدرك الآن فقط أنه لا يريد معرفة ما حصل.
حرك جسده الذي شعر وكأن كل عظامه قد كسرت، وتأمل يده المُتَمسك بها، ثم انتقل بصره لملامحها.
خطوط الدموع لا تزال مرسومةٌ على وجهها، ورغم نومها العميق الواضح والذي ربما كان بسبب إجهادها بالأمس، وجد الحزن لا يزال يملأ كل زاويةٍ في ملامحها.
هل كل تلك السنين الماضية قد كانت فقط بسبب ندمها؟ هل كل ما فعلته من أجله كان لأجل إل سونغ؟
لا، هذا لا يبدو صحيحًا. كوان ليست هكذا، هي قالت له بالفعل.
ازدرد ريقه بصعوبة بعد أن لاحظ كون شيءٍ ما يعيق ابتلاعه. وهو لم يعتقد أن الأمر قد يزداد سوءًا.
-
لقد تأخر عن العمل لعدة دقائق، ووجد كلًا من سونغمين وجيسونغ يحدقان فيه، هم حتى لم يبادلوه التحية، سونغمين اعتدل في وقفته وقال مباشرةً: «تبدو بشعًا.»
قطب جونغ إن حاجبيه بانزعاج، وانزعج أكثر حين رأى جيسونغ يوكز سونغمين وينظر إليه باستياء، قبل أن ينظف حلقه سائلًا بصوتٍ هادئ على غير العادة: «ما يقصده سونغمين، أنك تبدو وكأنك لم تذق السعادة في حياتك. ما الأمر؟»
سونغمين حدق فيه وكأنه يقذف الكثير من الشتائم على رأس جيسونغ التي لم تفارق عينيه وجه جونغ إن.
تنهد جونغ إن وهو يشعر بجسده يستسلم، وجلس على الكراسي مجيبًا: «يومٌ سيءٌ لا أكثر.»
الصمت الذي خلفه حديثه كان عاليًا، لكن سونغمين سأل وصوته يبدو أكثر نعومةً من قبل: «هل تريد إخبارنا؟»
همهم قبل أن يجيب وهو يتأمل يده التي كانت تحتضن يدًا أخرى، ثم شد قبضته مجيبًا: «يومٌ آخر ربما. أريد نسيان ما حدث الآن.»
ومن حسن حظه، جيسونغ وسونغمين قد استمعوا لحديثه، هم فعلوا ما يفعلونه يوميًا، المضاربات التافهة والتي لا هدف منها، ومحاولتهم في إغاضته باحتضانه في كل لحظةٍ يقف ساكنًا فيها.
هو لم يعتقد أنه قد يقول هذا في يومٍ ما، لكنه شاكرٌ لوجود جيسونغ وسونغمين في حياته. لأنه رغم كونهم ليسوا أقرباءً كفاية، إلا أنهم دومًا يغمرونه بالسعادة، والابتسامة لا تفارق محياه حالما يكون في ذات محيطهم.
قبل الذهاب للعمل، هو كان خائفًا، خائفًا من فراق كوان التي كانت لا تزال في نومٍ عميق ولم تلاحظ ذهابه، لكن رسالةً وصلته قبل الوصول للعمل أنها تريد منه المجيء مجددًا.
لا يعلم إن كان هذا قد أراحه أم أخافه أكثر.
الرهبة من الآتي، أصبح روتينًا معتادًا الآن.
-
تصنم جونغ إن أمام باب الشقة، وجد أنه لا يملك الشجاعة الكافية لدخولها، يشعر بأن الحياة باتت حلمًا منذ أن ذهب للبحر مع الرفاق، السعادة حينها كانت طاغية، والحزن حين سمع كوان، الثابتة، التي اعتنت به، التي واسته عند حزنه، تبكي بكل ألم، كان طاغيًا كذلك.
لقد ذهب لشقة الرفاق قبل وصوله لشقة بيونغهو، حمل حقيبته الرياضية وملأها بملابسٍ احتياطية؛ لأنه خاف ترك كوان.
حين سأله بومغيو الجالس على الأريكة إن كان سيعود قريبًا، هو أجابه برفع أكتافه.
وهو حقيقةً لا يعلم.
لقد كره أنه سيذهب لمكانٍ حزين، متوتر، مليءٌ بأحاديثٍ مؤلمة وأسرارٌ لم يعتقد أنه قد يسمعها يومًا ما، ومن كوان كذلك، التي ملأها الندم حتى انكسرت، التي كل ما احتاجته هو هلعٌ مفاجئ لتنفجر بهذه الطريقة المؤلمة، مؤلمةٌ لها ولجميع من حولها.
للحظةٍ ما، هو أراد الهرب.
أراد رمي حقيبته أمام الباب، يلتفت للدرج، ويركض لمكانٍ ما، مكانٍ بعيد ولا يملك روحًا واحدة في المنطقة، يريد ترك كل شيءٍ خلفه، ترك كوان، بومغيو، هيسونغ، روح عائلته، الأشخاص الذين قابلهم في هذه السنة والتي اعتقد أنه لن يحتاج أحدًا فيها بعد الآن.
الهرب من كل شيء. هو لم يشعر بهذا الشعور قط حتى هذه اللحظة.
لكنه يعتقد أن هذه عواقب مشاعره، عواقب ما خالجه حالما أدرك أن كوان ليست شخصًا قريب، ما شعر به رغم كونها مرتبطةٌ بالفعل.
وهو تساءل إن كان كلاهما يستحقان هذا.
ما جعله يجمع شتات نفسه ليس سوى الدوار الذي خالجه عندما تصنم أمام الباب منذ ربع ساعة، لذا هو أخرج نفسًا عميقًا، قبل أن يلج الشقة بهدوء.
اعتقد أنه سيجد بيونغهو وكوان يتبادلان الحديث في غرفة المعيشة، أو ربما يجلسون في صمتٍ في غرفتهما، لكنه حين طرق الباب، لم يسمع سوى همهمة كوان العالية في هذه الشقة الهادئة.
ألقى التحية بهدوء، ووضع حقيبته تمامًا بجانب الباب، ثم تقدم نحو السرير وجلس على طرفه.
هو لم يجد ما يقوله، هو لا يعلم لما هي تريد رؤيته على أية حال، توقع أنها لن تريد رؤية وجهه بعدما حدث بالأمس. حين غضب، حين اعترفت، حين ترك الصمت ينسدل عليهما، لم يعطها جوابًا على السؤال الذي كان يصرخ نحوه حين استولى الوجوم على الغرفة بأكملها، والذي يدعي بأنه لا يستطيع سماع شيءٍ مختلف.
بدت هذه الغرفة كغرفة الخوف، هو لا يستطيع توقع أيٌ مما قد يحدث في أية لحظة، كل فعلٍ يخرج منه، منها، كان فعلًا خارجًا عن إطار كليهما.
لم يتوقع قط أنه سيعيش ذات المشاعر التي عاشها قبل خمس سنين. الصمت المطبق الذي يجعله يتوتر، يتوق للصراخ، ويهاب الانهيار فيه.
الاشتياق لشيءٍ قد ذهب ولن يعود في يومٍ ما.
«لماذا لم يعد بيونغهو؟» هو سأل مباشرةً، وشعر بجسدها يتصنم على السرير في يساره.
كان الصمت صامًا، اعتقد للحظة أنها لن تجيب قط على سؤاله الذي يعلم أنه قاسٍ، لكنها كسرت توقعاته جميعها وأجابت: «لا أستطيع رؤيته، جونغ إن.»
قطب حاجبيه، قبل أن يرفع رأسه رغم اعتراضات عقله الذي لا يتمكن من تحمل الأجواء المشحونة، وترك نظراته تتحدث عنه للحظة وتسأل ما لا يجد الطاقة فيه ليسأل.
«لقد اعتقدت أنه مؤقت.» همست كوان، تشد في اللحاف وتغرس أظافرها فيه، قبل أن تكمل بصوتٍ مهزوز: «لم أعتقد أنه سيكون هكذا.»
لقد سئم من كل الغموض الذي تحمله كوان، سئم من كل ما تراكم في دواخلها لسنينٍ دون إخباره بما يجري فيها.
جونغ إن لم يكن غاضبًا بهذه الطريقة قط. يشعر وكأنه طفلٌ ينفجر على لعبةٍ لم يستطع الحصول عليها، يرتجف وكأنه سيكسر شيئًا ما، أو ربما فقط يكسر قبضته بضرب الحائط، الرغبة في الصراخ والبكاء لم تكن قويةً مثل تلك اللحظة.
لماذا هو يشعر هكذا؟
ابتلع كل الحديث الذي أراد أن يصرخ به، وسأل بصوتٍ مهزوز بالكاد يستطيع تملكه: «ماذا تعنين؟»
«بيونغهو.» نطقت وكأنه الإجابة الأمثل لسؤاله، وحين كاد أن يستسلم لرغبته في الصراخ، أكملت: «هو يعلم ما أحب، يشتري لي الزهور في كل مرةٍ نذهب فيها إلى موعد، يطبخ لي، يعتني بي، يعاملني وكأنني أغلى ما يملك في حياته، لم ينزعج من تصرفاتي الطفولية التي تخرج من دون قصد، شخصيته المحبة، الهادئة، الثابتة، الاجتماعية، الصادقة، المخلصة.» صمتت مجددًا لعدة ثوانٍ، قبل أن تنطق بصوتٍ مكسور كليًا: «المضحية. تمامًا كإل سونغ.»
رمشت لعدة مرات وكأنها تحاول التحكم في مشاعرها التي تجعلها تدمع: «ربما أنت لم تلاحظ هذا. أن كليهما يتشابهان أعني.» شدت على اللحاف بقبضةٍ مرتجفة: «لكن كلاهما يكادان أن يصبحا ذات الشخص.»
هو لم يستطع قول أي شيء، بل بدت محاولاته قد شلّت مهما حاول الحديث وإنكار حديثها. لكنه أدرك أنه لا يعرف بيونغهو جيدًا، لم يره سوى في اللحظات التي تكون كوان حاضرةً فيها، وغالبًا ما تكون عابرةً وقصيرةً تكاد لا تذكر.
يستطيع القول أنه يعاملها بطريقةٍ مشابهة لطريقة إل سونغ. لكن لا أحد يدرك معنى الشبه سوى كوان، التي بقيت معه لسنتين ونصف.
«جونغ إن.» رفع رأسه حالما نادته: «كيف تتوقع مني تخطي إل سونغ، بينما كل ما حولي يذكرني بوجوده؟ كيف تعتقد أنني سأنساه بينما هو من زرع فيني حب الزهور؟ كيف سأتمكن من المضي قدمًا بينما أنا أراه في كل مكان؟ في عطري المفضل، في الملابس التي أرتديها، في الزهور التي تحيطني أينما ذهبت، وفي بيونغهو كذلك.»
هنالك عدة دموعٍ قد فرت من عينيها، لكنها أكملت دون توقف: «في كل مرةٍ أنظر إلى بيونغهو، أرى إل سونغ. لا أستطيع معرفة من هو يقف بجانبي بعد الآن.»
كفكفت دموعها بقساوة قبل أن تبرر حديثها وكأنه يجب عليه فهم ما يعنيه الحديث: «كل ما ملأ بالي عندما.. هلعت في منزل والديه، هو أنني لا أستحقه.»
أكمل مشاهدتها تحاول استعادة أنفاسها لتستطيع الحديث بوضوح: «هو يفعل كل شيءٍ من أجلي، جونغ إن. قبل عدة أيام، سمعته يتحدث مع أحدٍ ما في الهاتف.» وحين اعتقد أن الأمر ليس بهذا الأمر الجلل، هي تحدثت: «لقد أراد شراء خاتم.»
شهقةٌ خافتة خرجت دون قصدٍ منه، مما جعلها ترفع رأسه سريعًا نحوه، تردف بكل توترٍ وخوف: «أنا لا أستطيع، جونغ إن. بيونغهو يريد الوصول لمرحلةٍ لم أعتقد أنني سأصل إليها يومًا ما.»
وتستطيع سماع صوت نبضات قلب كليهما قبل أن تهمس بكل انكسار: «ربما مع إل سونغ فقط.»
لم يشعر بالحرب تقام داخله قط، لكنه وجد أنها في أوج حدوثها، حيث أن خطوته القادمة لن يستطيع الرجوع عنها، محاولةٌ واحدة وسينتهي الأمر. رغبةٌ عارمة تريد الصراخ بوجوده هنا، معها، في هذه اللحظة، وأنه سيكون موجودًا طالما أرادت وجوده. أنه لن يفارقها، ليس كما فعل إل سونغ، كما فعلت عائلته، كما اعتقدت أنه سيفعل كذلك أيضًا، وكأنه سيشابه عائلته بالهرب من كل شيء.
لكن جونغ إن ليس مثل إل سونغ، كما أن إل سونغ ليس مثل جونغ إن.
إل سونغ كان أنانيًا في حبه، في تعلقه، في كل ما يقدمه لها، كان أنانيًا بكل ما يخص كوان، وكأن كوان كانت شخصًا يستحق كل مافيه، ووضع قلبه بين يديها دون إعادته، ومرت فترةٌ طويلةً كفاية حتى عاد قلبه لجسده، لكن بعد فوات الأوان، بعد أن فقد ذاته بالفعل.
إن كان جونغ إن سيكون مضحيًا يومًا ما، فهو سيضحي بما يحمله من مشاعرٍ لكوان، هو لم أنانيًا قط، ولن يكون كذلك الآن؛ فهو لم يولد ليكون أنانيًا في مشاعره.
لذا تلفظ بكل هدوء: «أخبريه.»
الصمت كان مطبقًا، لكن جونغ إن لم يتوقف عن حديثه القاسي: «أخبري بيونغهو بكل ما تشعرين به. إن كان هنالك شخصٌ يستحق سماع حديثك؛ فهو بيونغهو.»
تنفسها كان عالٍ لأن يتحمله، لذا هو تفوه مجددًا: «أعلم أنه يصعب عليك النظر إليه، أنه سيكون من الصعب جدًا كسره بتلك الطريقة، لكن يجب عليك إخباره، كوان. لا يمكنك جعله يعيش في كذبة، خصوصًا عند إخلاصه لك واهتمامه بك.»
تنفس بعمق وهو يتأمل ضوء القمر يتسلل للغرفة المظلمة، وتساءل إن كانت ستبقى على هذا الحال لوقتٍ طويل، لذا سأل: «هل تريدين أن أصنع لكِ القهوة؟»
مرت عدة ثوانٍ فارغة، حتى سمع موافقةً تمكنت من رسم ابتسامةٍ متعبة على محياه.
----------
الفصل الجاي هو الفصل الاخير ونودع كوان وجونغ إن كليًا😔
احسني حزين لاني قعدت فترة طويلة احلل علاقتهم واحلل مشاعر جونغ إن اللي عباره عن حرب لا نهائية ومالها حتى منتصر ياعزتي
المهم ذبة حلوة سرقتها من meddlemist_red لثنائينا المحزن
Jeongin: Noona, you're drop gorgeous, but not dead, that's my brother ilsung RIP🌹
واشوفكم الفصل الاخير بإذن الله😩
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro