15¦ شوكولاتة بالنعناع.
هنالك شعورٌ يراوده كثيرًا، الذي يجعلك تقول: «أوه، أريد أن يعتنى بي.» لكنك لا تستطيع عدم التفكير بذلك وتدرك: «لا أريد أن أصبح مكشوفًا.» والاعتناء به يعني أن يكون مكشوفًا، أن يعرف الشخص جميع أفكاره، كل ما تعنيه تصرفاته، وكل ما يجول في خاطره ولا يتمكن من أن يطال نحوه.
إنها بلا نهاية، تمامًا ككرة تستمر بالتدحرج في المكان دون جمادٍ ثابت ليوقفها، تتدحرج وتتدحرج حتى النهاية، حتى تنفجر تلك الكرة، أو ربما تفقد جميع الهواء الذي كان يملأها.
هذا ما يدور في رأس جونغ إن الأيام السابقة، شعر بالتناقض، أن عقله لا ينحاز لجهةٍ واحدة، وسيبقى على هذا الحال حتى النهاية، تمامًا كالكرة التي تنفجر في الأخير.
جونغ إن أصبح في فترةٍ مظلمة، منذ تلك الليلة، هو اعتذر عن الذهاب للعمل وتغيب لمدة ثلاثة أيام، والمدير من حسن حظه قد قبل ذلك، ربما لأنه لم يتغيب يومًا واحدًا منذ أن عمل هناك.
في اليوم الرابع، الذي كان يوم إجازته على أية حال ولم يضطر للاعتذار، هو نظر للساعة التي تكاد تصبح الثالثة عصرًا بعد أن نام منذ الثالثة فجرًا على الأرضية، ثم استقام وهو يشعر بكل عضلةٍ في جسده تصرخ من الألم، ظهره بالكاد يستطيع إرخاءه من قساوة الأرض التي وجد نفسه ينام عليها دون إنذار.
في الأيام الجيدة، هو يستطيع الشعور بذاته قبل أن ينام ويحاول الذهاب لسريره، رغم اعتراض جسده وعقله الذي لا يتمكن من فهم أوامره دومًا، وفي الأيام السيئة، هذا يحدث.
شعور الراحة بعد أن استلقى على السرير كاد أن يبكيه، لكنه أخرج أنينًا طويلًا، وربما كان عاليًا كذلك، هو لن يهتم في كلتا الحالتين، لا يستطيع فتح عينيه كليًا، وفتحها على أية حال فقط يحرقه. الاستيقاظ وهو يشعر بدبابيسٍ في عينيه أصبح روتينًا في هذه الفترة، هو لم يستيقظ بنشاطٍ قط.
لكن البتلات أصبحت تحيط رأسه دومًا، يجد الكثير رغم عدم الشعور بسعاله ليلًا، لكنها موجودة رغم كل ما يعترض فيه.
هو حتى لا يستطيع تذكر ما حدث ذلك اليوم، لا يتذكر ما الذي قاله لهيسونغ بعد أن استطاع استيعاب ما يجري، وأن الآخر قد شهد انكساره كليًا، هو فقط أراد أن تتوقف الحياة لعدة ساعات، فقط ليتمكن من جمع شتات نفسه، ليتمكن من إكمال حياته دون القلق من أفكاره.
إعتقد أنه سيكتفي بما حدث ذلك اليوم، واحتاج سببًا ليخرج كل ندمه، كل كرهه لذاته، كل ما تراكم منذ سفر كوان وتجاهله لمشاعره، لكنه لم يكتفي. هو لا يزال يشعر بالاختناق.
ربما بسبب البتلات، ربما بسبب حياته.
-
استيقظ مجددًا بسبب طرق الباب، هو لا يتذكر متى أقفله.
نظر للنافذة ووجد الشمس بالفعل قد غربت، لذا هو حمل جسده نحو الباب بكل صعوبة، وفتحه ليجد بومغيو خلفه.
أبصره الأطول لعدة ثوانٍ قبل أن يعلق دون داعي: «منظرك ملوثٌ لعيناي.»
كاد أن يغلق الباب في وجهه لولا قدمه التي أعاقت طريقه، وسحب الباب ضاحكًا بخفوت: «هذه الحقيقة.» ثم نظف حلقه قبل أن يعرض عليه: «ما رأيك بالذهاب معي للتسوق؟ سنتمكن من استعمال بطاقة الخصومات التي أهدتك كوان.»
نطقه لاسم كوان كان معكرًا لمزاجه، لذا فكر بإغلاق الباب مجددًا في وجهه لولا أن الآخر لا يستسلم لرغبات جونغ إن، خصوصًا في الانعزال.
تنهد وقال بصوتٍ غريب، شعر أنها المرة الأولى له لسماع صوته: «لا أملك الطاقة لذلك..»
«بالطبع لن تملك الطاقة لذلك، أنت نائم غالب اليوم! جسدك يعاني وأنت لا تتحرك ولا تبذل مجهودًا.» تذمر بومغيو وكأنه هو من يعاني ليس جسد جونغ إن.
رغم كل اعتراض جسده، وعقله، وكل مافيه، هو أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يهمس بموافقة. ابتسامة بومغيو كانت عامية.
لذا هو وجد نفسه في أحد المحلات، يبحث مع بومغيو عن بنطال جينز واسع يستطيع ارتداؤه كليهما دون أن يكون بأكثر من مئة ألف وون.
«أشعر أن الأمر ميؤوسٌ منه، جميع الملابس لا تقل عن خمسين ألف وون.» تذمر جونغ إن وهو ينظر لسعر البنطال المليون الذي يتفحصه.
تنهد بومغيو قبل أن يقول: «فالنشتري ما يعجبنا كثيرًا فقط، جونغ إن.»
هراء، كيف له أن يختار شيئًا مفضلًا؟ هو بالفعل يملك خمسة بناطيل وجد أنها مثاليةٌ جدًا وأراد شراءها، وحسنًا. هو يملك المال لهذه البناطيل، ويملك بطاقة الخصومات كذلك، لكن لا يعني أنه سيتشري شيئًا غاليًا هكذا!
نقر بومغيو على كتفه وضحك بعد أن لاحظ ملامح جونغ إن المقطبة: «إنها فقط ملابس.»
شعر بالإهانة حقًا: «نعم، ملابسٌ ستبقى معي لوقتٍ طويل!» هو يكاد يصرخ، لا يعلم لما هو غاضبٌ حقًا من الملابس، لكنه لا يستطيع رؤية شيءٍ جميل دون الشعور بالخيبة؛ لأنه يعلم أنه لن يشتريها، خصوصًا بسعرٍ عالٍ ككل ما يجده هنا.
تنهد بتعب قبل أن يقترح مستسلمًا: «تعلم؟ لنعود للمحل الأول ونشتري البنطال الأسود.»
همهم بومغيو قبل أن يسحبه من ذراعه ويتعلق فيها كالكوالا وكأنه غير قادرٍ على المشي. وقح.
-
«طعم المثلجات بعد التسوق لا مثيل له.» نطق بومغيو ببسمةٍ صغيرة.
هو محقٌ بالطبع، لذا اكتفى بالهمهمة موافقًا.
جونغ إن يتذكر تلك المرات التي خرج فيها مع إل سونغ وكوان للتسوق، حينها كان في أوج مراهقته ويحب الانعزال وامتلاك مساحته الخاصة، التي كان يملكها كليًا، لكن حينها شعر وكأنه ضحية العالم بأكمله، كعادة المراهقين بالطبع.
كان يتذمر كثيرًا يجلس في أول كرسيٍ يراه حالما يجد أن الثنائي قد دخلوا محلًا ما، في الواقع لا يزال يريد فعل هذا، هو يكره التسوق رغم حبه للأزياء، لذلك يفضل الطلب لتصل للمنزل على أن يمشي ويبحث وفي النهاية قد لا يجد ما يريده.
لكنهم في نهاية اليوم كانوا يكافئونه ببرغر ومثلجاتٍ من ماكدونالدز، هو لا يعتقد أنه يوجد ألذ من الذي كانوا يشترونه له بينما يضايقونه بصمته السريع حالما يرى الأكل متجهًا إليه.
هو اشتاق لرؤيتهم كثنائي، اشتاق للحب الذي كان يحاوطه في كل مكان حينها.
«تعلم.» نطق هو فجأةً دون إدراك، مما جعل بومغيو ينظر نحوه وهو يستمر بعضّ المثلجات، عادةٌ وجد نفسه يفعلها كذلك، واسترسل دون التفكير بما يتلفظ به لسانه: «قبل أن يرحل إل سونغ، كان دومًا يشتري لي المثلجات حين نذهب للتسوق، وأحيانًا كوان تكون معنا.»
هو لا يعلم لما قال هذه المعلومة فجأةً لبومغيو، لكنه شعر أنه يريد فعل ذلك، لسببٍ ما.
همهم بومغيو وهو يبدو مهتمًا حقًا لما يقوله، لكنه لم يعلق أو أي شيء، هو فقط أكمل أكل مثلجاته.
ضحك جونغ إن متذكرًا: «إل سونغ كان يكره مثلجات الشوكولاتة بالنعناع.»
«كما يفترض به أن يفعل.» علق بومغيو بكل انفعال مما جعله يضحك مجددًا.
«لذلك كنت أنا وكوان نطلبها لنغيضه، كان يتذمر كثيرًا، لكنه هو من يشتريها لنا رغم اعتراضه.» انخفض ضحك جونغ إن وهو يتذكر كل تلك المواقف المتشابهة.
«لكن بعد أن رحل..» هو تردد مجددًا، ربما لم يكن يجب عليه الحديث عن هذا الأمر في الخارج، ربما بومغيو لا يريد سماع ما يفكر به، ربما-: «لم أجد سببًا لشراء هذه النكهة.»
هذا الاعتراف كان صادمًا، هو لم يدرك أنه لم يتذوق الشوكولاتة بالنعناع منذ أن فارقه إل سونغ.
هو فارق الكثير من الأشياء منذ ذلك الوقت.
إل سونغ لن يكون سعيدًا بهذا، هو دومًا من يحقق التضحيات وليس جونغ إن، هو الشقيق الأكبر وليس جونغ إن، دوره ليس أن يضحي، بل يأخذ.
لكنه وجد نفسه غير قادرٍ على فعل ذلك.
نظف بومغيو حلقه فجأةً، وكأنه يريد لفت انتباهه، ثم أردف بصوتٍ خفيض: «تستطيع شراء الشوكولاتة بالنعناع لتغيضني.»
رمش جونغ إن لعدة مرات، وكأن ما قاله بومغيو ليس سوى حديثٍ تخيله عقله دون داعي.
فتح فمه لعدة ثواني، قبل أن يسأل بصوتٍ مشوش، وأرق مما اعتقد: «ماذا قلت؟»
بومغيو لم ينظر لعينيه، ويستطيع لمح الخجل الذي ينسكب منه كالماء الفائض، ثم رفع كتفيه وكأنه يحاول أن يوضح كم أن الأمر ليس بالأمر الجلل: «قلت فالتشتري الشوكولاتة بالنعناع لتغيضني.»
جونغ إن لا يملك ما يقوله حقًا.
هو لم يعتقد أن بومغيو قد يقول حديثًا كهذا، أن يعرض نفسه للمضايقة فقط ليكون جونغ إن سعيدًا، ويسترجع سعادته السابقة بإغاضة أحدهم بالنكهة الغير محبوبة من قبل الأغلبية.
بومغيو بدا كإل سونغ للحظة، وهو لا يعلم ما قد يفعله بهذه المعلومة.
الصمت كان رفيقًا لهما لوقتٍ طويل، عدة دقائقٍ فقط لينهي المثلجات بالفانيليا والشوكولاتة خاصته، بعد ذلك هو استقام ليرمي المناديل التي اتسخت بسبب ذوبان المثلجات.
في تلك الفترة كان يحاول استيعاب ما قاله بومغيو له.
لم يستطع التعبير بحديثٍ ما، هو يكره هذا ويجعله ينزعج من ذاته ويصبح كرة تلعثمٍ لا تتوقف، لذا فعل ما هو أسهل من ذلك.
بينما الآخر يجلس بكل صمت، وبدا نادمًا جدًا مما جعل جونغ إن يتقدم نحوه، قبل أن يسحب بومغيو من ذراعه ليقف، فقط ليعانقه بكل قوة.
مرت عدة ثوانٍ قصيرة تملك بومغيو متصنمًا بين ذراعيه، قبل أن يعانقه كذلك وهو يضحك بخفة، وكأن ردة فعل جونغ إن هذه كانت غير متوقعةٍ نهائيًا ومرضيةً له كليًا.
العناق لم يدم طويلًا، بما أن كلاهما ليسا الأفضل في التعبير الجسدي، لذا هم تفرقا قبل أن يضع بومغيو ذراعه حول جونغ إن ويسحبه لمحل المثلجات مجددًا: «يبدو أنه يجب علينا شراء المثلجات مجددًا، جونغ إن. لا نستطيع ترك الشوكولاتة بالنعناع أن تضيع من بين يدينا.»
هو لا يعلم ما قد يفعله دون وجود بومغيو في حياته.
----------
فصل لطيف لحبايبقلبي الغيونان😔
احتاج مومنت قريب لهم ولا بطلع من الفاندوم واسحب ع اثنينهم
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro