صدى الصرخات المرعبة(الفصل الثامن والثلاثون)
السلام عليكم
كيفكم احوالكم الوانكم وحشتوني خالص مالص فالص
اللهم ما عجز اللسان عن شرحه...آمين
- مساحة لذكر الله-
ويلا نبدأ
••••••••••
ترددت العجوز قليلاً ولكنها قالت بعد أن فكرت بالحلوى التي تمتلكها رودينا:
- حسناً لا بأس، أرجوكِ إلقي نظرة وأختاري.
نظرت رودينا بتفكير إلى الجدار وقد توزع على سطحه حلوى، وقد أختلفت الوانها، وكلها كانت بنكهة الفواكه، الأخضر حلوى التفاح، والأزرق حلوى التوت، والأحمر حلوى الفراولة، والبرتقالي حلوى البرتقال، والأرجواني حلوى العنب.
ولكن.. جميعهم يتشابهون في الأشكال، ومن الصعب التمييز بينهم، ولا توجد اي حلوى بارزة أو مميزة بينهم تدل على أنها تنتمي إلى الأمير
لتضغط على شفتيها بقلق وهي تفكر...كيف ستجد الحلوى المطلوبة؟
أدارت رأسها إلى العجوز التي كانت تبتسم أبتسامة لطيفة وقد تركت لرودينا كامل الحق في الأختيار على ما يبدو. وكأنها تعرف أن هذهِ البشرية الصغيرة لن تعرف أي واحدة هي خاصة الأمير.
وحاولت رودينا التفكير بحل سريع لهذهِ المُعضلة، فربما قد تلونت الحلوى بلون قوة الأمير، ولكنها محت هذهِ الفكرة من رأسها، فالألوان هُنا محدودة، فقط أزرق وأخضر وبرتقالي وإرجواني وأحمر، وقد تكررت أكثر من مرة، وهذا يعني أن هذهِ هي الألوان المُفضلة للعجوز ولا علاقة لها بالقوة، فربما تكون قوة الأمير باللون الأبيض كضوء البرق ولكن العجوز لونتها بالأحمر.
وبالتأكيد لأن قوة البرق هي قوة مُميزة ولا مثيل لها، وتعود لأمير مملكة كلوڤي، فقد تكون العجوز لونتها بأكثر الألوان التي تحبها أو تكون بنكهتها المُفضلة.
والأمر بالنهاية يعود للعجوز، ولم تجد رودينا مانعاً من سؤالها بطريقة غير مُباشرة:
- أي نكهة تُحبين؟
رفعت العجوز حاجبيها على سؤالها المُفاجئ ولكنها لم تهتم، فالحلوى تسرق روحها تماماً خاصة عندما يسألها أحدهم عنها، فالقت كلامها بنبرة مُنتشية وكأنها غارقة في أحلام اليقظة، و وضعت رأسها جانباً على يديها الملساء والمجعدة وكأنها قميص ينتظر الكي،ّ وأغمضت عينيها:
- أُحبُ التوت بالتأكيد، تلك النكهة الحامضة والحلوة بنفس الوقت.
أرجعت رودينا نظرها للجدار وهي تنظر لقطع الحلوى التي بنكهة التوت، وقد أكتسبت اللون الأزرق بشكل واضح، ولم يكن عددهم كبيراً مثل باقي الحلويات، بل أكتفت بوضع خمس حلويات بهذا اللون لتبين ندرته وتميزه.
وفجأة صدح صوت العجوز بهلع وهي تصحح كلماتها السابقة:
- كلا أنا أكره التوت، أحبُ نكهة البرتقال أكثر!
أنها تكذب على الأرجح، فهي بالتأكيد لا تريد من أحد أخذ الحلوى المميزة والنادرة التي جمعتها، ولكن أي واحدة هي الحلوى الخاصة بالأمير من بين حلوى التوت؟
مدت رودينا يديها بعشوائية على إحدى الحلويات الزرقاء الصغيرة والتي تلمع بشكل جاذب للنظر
- لا بأس بهذهِ؟
ثم ادارت رأسها لتنظر إلى ردة فعل العجوز، ولم يبدُ على وجهها أي قلق أو توتر، فحركت يديها إلى الحلوى الثانية، ولم تكن ردة فعل العجوز قلقة جداً ولكنها أكتفت بفتح عينيها الصغيرتين لتنظر إلى رودينا بوضوح.
- وهذهِ؟
وأخذت رودينا تحرك يديها فوق الحلويات، وكانت ردة فعل العجوز تتأرجح بين القلق والراحة، فتشعر بالخطر عندما تقترب رودينا من الحلوى المُفضلة لديها، وتسترخي تعابيرها دون أن تتحكم بها عندما تبتعد رودينا، ولاحظت البشرية هذا، حتى وصلت إلى الحلوى الرابعة، فعقدت العجوز حاجبيها ونظرت بتركيز إلى رودينا وزمت شفتيها بأبتسامة صغيرة قلقة ولكنها حاولت اخفائها سريعاً. لتبدو طبيعية لا تثير الشك.
- أيتها الفتاة الصغيرة، هل قررتِ؟
وجمعت العجوز كفيها بأبتسامة خالية من الصبر
فتجذب رودينا الحلوى من دون أن تنتظر أكثر وأبتسمت بجانبية وهي تقول بثقة:
- سأختار هذهِ.
ونبست بهذا لتختبر ردة فعل العجوز، وقد ظنت أنها لن تنفعل حتى لا تجذب الشك، ولكن ما أن جذبتها حتى صرخت العجوز بغضب ورمت بأدوات الحياكة على الأرض بأهمال.
- هذا يكفي، ليس لديك الحق في أختيار هذهِ الحلوى! تركتي باقي الحلويات وأخذتي هذهِ! يالكِ من بشرية مُغترة بنفسها!
أرتعشت رودينا من تغير العجوز المُفاجئ، وصدى صوتها العالي تردد داخل رأسها، وكأنه صوت عنكبوت البورنيو الثاقب.
وتراجعت إلى الوراء عندما مشت العجوز نحوها بغضب وهي تهسهس من خلف أسنانها، ولم يؤثر ظهرها المُنحني على حركتها العصبية، وعيناها تتربصان برودينا التي ضمت الحلوى إلى صدرها بحذر وقد ابعدت فكرة استعمال قوتها على هذهِ العجوز خاصة، فماذا ستقول خالتها لو عرفت أن رودينا قتلت عجوزا في سبيل الحصول على قطعة حلوى؟
وسحبت العجوز ذراع رودينا بغتة وأخذت الحلوى من يديها وهي تغمغم بغضب:
- كُنت أعرف أن ذلك الأمير لن يدعني أستمتع بما جمعته، وقد أرسل أحد أعوانه، تباً لأمثاله.
ثم مسحت الحلوى بمنديل قبل أن تعيدها إلى مكانها وهي تصرخ على رودينا بالخروج من منزلها وإلا حولتها إلى حلوى بقوتها.
ولم تعرف رودينا ما يجب أن تفعل في هذهِ اللحظة، ولكن فجأة ودون أي تمهيد، أضاءت الحلوى بين يدي العجوز اثناء انشغالها بتثبيتها في مكانها، وأشعت بهالتها البيضاء قبل أن تلسع يد العجوز وكأنها قنديل بحر.
لتتراجع الأخيرة بعد أن صاحت بهلع وهي تنظر لقطعة الحلوى التي سقطت من يديها بعد أن لسعتها، لتتحطم على الأرض وتتحول إلى قطع صغيرة تناثرت ببريقها الآخاذ وكأنها زجاج.
وخرجت الهالة المُضيئة من بين قطع الحلوى الصغيرة وحلقت كالأشباح خارج المنزل عبر النافذة المفتوحة. وكأنها تفر هاربة لصاحبها.
وسقطت العجوز بصدمة على الكرسي الهزاز خلفها وقالت وعينيها المرتجفة مُثبتة على قطع الحلوى المُتحطمة وكأنها تحدث للمرة الأولى:
- كيف حدث هذا..! وكأن هنالك شخص يتحكم بها عن بعد!
وحاولت رويدنا الخروج من هُنا سريعاً قبل أن تلاحظها العجوز المصدومة، ولم تكن رودينا أقل صدمة عنها، خاصة بعد أن رأت الأمير المُلثم وهو يلوح لها من بين الأشجار بأبتسامة سعيدة. وكان ينتظرها هناك. وبعض شرارات البرق تومض على جسده كاملا وقد تبعثرت وتطايرت خصلات شعره الزرقاء بفعل الشحنات القوية.
فأسرعت نحوه تهتف بتفاجئ:
- يا إلهي لايتو! هل أنت من تحكم بالحلوى!؟ لكن كيف؟
وسألت بشكل مُباشر من دون أن تنتظر، فحملق هو بوجهها بسعادة لإستعادة قوته قبل أن يقول وهو يشير إليها للرجوع إلى القلعة وقد شعرت رودينا ببعض اللسعات الخفيفة عندما اقتربت منه:
- لم أعرف أنني أستطيع فعل ذلك، ولكنني كنت أُراقبكم من النافذة وشعرت بالغضب عندما تحدثت عني..فظهرت تلك القوة كدليل على انها تعود لصاحبها. هذا فقط...
كان يتكلم ببساطة وهو يشعل شرارة كهربائية بين أصبعيه بأبتسامة، ولكن رودينا لم تبتسم فكانت تشعر بأن هنالك شيء غريب وناقص، بل أن هنالك أحساس بالخطر يتراقص داخل قلبها ويضيق صدرها بشكل مُباغت، ولم تعرف كيف تُعبر عنه.
فأخذت تبحث بعينيها بكل مكان وقد تناست وجود الأمير بجانبها للحظات، بل هي لم تركز في هذهِ المهمة حتى، ولا تعرف لماذا كل شيء سار على نحو غريب عكس كل ما تعودت عليه سابقاً، ولكنها حاولت نسيان الشعور والتصرف بطبيعية بعد أن تأكدت من خلو المكان، وتبديل موضوع الحديث:
- يا سمو الأمير، قد تكون هذهِ وقاحة مني ولكن..وجودك في هذهِ المملكة بزي العامة..أمرٌ غريب، كما أنني لم أفهم لماذا تحذرني وكأنك تعرف كل ما يدور في العالم، وتعرف ما سيحصل لي، هل يمكنك تفسير كل شيء حتى أستبعد القلق وأتقبل وجودك في فريقي برحابة صدر؟
تكلمت بنبرة هادئة عكس لايتو، وقد غطى وجهه التوتر والقلق وكأنه يخشى التكلم، فأخذت عيناه تتقافز في كل مكان ما عدا رودينا كالقرد الذي يتقافز من شجرة إلى أخرى، وتحاشى النظر والكلام وأكتفى بالصمت حتى أعادت رودينا سؤالها بنبرة نافذة للصبر.
فتنهد بقلة حيلة، وزم شفتيه وكأنه يرتب الأفكار بداخل رأسه، ثم قال بعد مدة بنبرة حاول أبعاد التوتر منها واخذ يرتب بذات الوقت خصلات شعره المتطايرة وكأنه شخص تعرض لصعقة كهربائية:
- الأمر معقد يا أنسة، ولا أعرف من أين أبدأ قصتي، لكن سأقولها على أي حال... كما تعرفين أن بين هذهِ المملكة ومملكة كلوڤي عداوة كبيرة، وأشتعلت هذهِ العداوة قبل مدة بعد أن أنتشرت شرارة الحرب، ولكن..الم تتفاجئي من أن هذهِ الشرارة أنطفئت فجأة دون أي تمهيد؟
أومأت على كلامه ليكمل بهدوء:
- الأمر كان مدروس من البداية، وكل شيء حدث لغاية، فآزوت كان المسؤول عن كل هذا، فقد تعاون مع والدي وعقدوا عقد الصلح بين المملكتين لمصلحتهم بعد أن أشعلوا الفوضى، وكان أحد أسباب الحرب هو للإيقاع بكِ وبقائد الجيش أيضاً، فيجعلوا أمر موتكم شيئاً طبيعياً لم يتدخل فيه أحد، ولن يشك فيه أحد، وإن وقعتم في الفخ.. فعندها ستحل كارثة في سطح الأرض، لأن أصحاب القوات الأساسية قد قُتِلوا، ولن يستطيع أحد إرجاع الأرض إلى أصلها القديم حتى يولد أصحاب قوات جدد.. وعندها يكون الآوان قد فات.
فتحت رودينا فمها بعدم تصديق على كلامه، وحدقت أمامها بذهول وهي تفكر بأمر الحرب والسبب في أنتهائها بشكل مُفاجئ. كيف لم تفكر بأن أمر الحرب غريب جداً وغير منطقي! بل تناست ذلك وذهبت بكل تهور مع فولكان إلى تلك المملكة بعد أن قبلت كلام الملك.
- لحسن الحظ الخطة قد فشلت، ولكنهم لم يستسلموا بل أرسلوا قتلة ليقتلونك بشكل مُباشر، وقد بالغوا بالأمر حتى أن والدي أراد ارسالي لقتلك بأستعمال قوتي وأخذ يحركني كقطعة شطرنج لا فائدة منها، ولذلك هربت من تلك المملكة وأتيت لأحذرك من الخطط التي يُحاك خيوطها من خلف ظهرك، ولبست مثل العامة حتى لا يشك بي أحد.
لم تقل رودينا كلمة لعدة دقائق، وأعتقد أنها ستكون خائفة وقلقة ولكن على عكس ما توقعه، تكلمت بحدة تبين عدم تأثرها بكلماته ولا بالخطر الذي يحيط بها، وهي تنظر نحوه من تحت خصلات شعرها المُتمردة:
- هكذا بكل بساطة! هل أنت نبيل لهذه الدرجة لتترك موقعك وتأتي لتحذرني وتساعدني بدون سبب، على الرغم من أنني لا أعرفك؟
تفاجئ قليلاً من نبرتها الحادة كسكين صقيل، ولكنه أردف بأستسلام:
- قد يكون الأمر أنانياً نوعاً ما، لانني لم أرد فعل هذا منذ البداية فلا علاقة لي بذلك، ولكنني كُنت أراقبكِ منذ أن هربتِ من مملكتنا، وكُنت متعجباً من شخصيتك الفريدة وقوتك المميزة، فكيف تريدين مني أن أتركك وشأنك بعد أن أمتلكتِ قوة لم يمتلكها أحد مُنذ تسعة اللاف سنة؟ ثم أنني ضد خطة والدي وسأحاول افسادها مهما كلف الأمر.
لم تقتنع رودينا حقاً بكلماته لكن نبرته كانت صادقة وتعكس نواياه، ولم تفتح محادثة معه بعد ذلك وأخذت تفكر بقوة البرق.
فقوة البرق ومنذُ اللاف السنين، كانت قوة مُهيبة ونادرة، ولم تتعجب رودينا من وجودها ضمن القوات الأساسية للأرض، وهي أصعب القوات من ناحية التحكم بها واصدارها، فنادرا ما يستطيع أحد أصدار طاقة كهربائية من جسده، وهي مُختلفة عن القوات الأربعة من نواحي عديدة، فهي الوحيدة التي تمتلك تأثيراً سيئاً على مستعملها، إنها قوة متمردة قد تجعل صاحبها مجنونا وتغير من تركيبات الجسد العصبية، وفقط من يستطيع التحكم بها جيداً سيكون طبيعياً.
وتوقفت رودينا عن التفكير عندما سرت قشعريرة باردة جمدت أوصالها، وتوقفت في مكانها عندما أحست بنظرات جنونية تخترق جسدها كالسهام السامة، وشعور الخطر أخذ يزحف إلى قلبها كما تزحف الأفعى بين الحشائش، ولم تستطع إدارة رأسها والنظر وكأن هنالك إيادي ثبتت جسدها، وحتى بصرها قد أصبح مشوشاً للحظة.
وأخذ صوت مُنخفض يتردد في إذنها، وبدا متقطعاً وكأنه يصدر من تحت الأرض التي تقف عليها، وظهر كفحيح أفعى أكثر من كونه صوتاً ينتمي لشخص طبيعي، ولم تستطع رودينا تمييز ما يقوله فالصوت يختفي ثم يظهر
- تصفية العالم من البشر هو النقاء..الأرض تطالب بالنجاة من الايادي الملوثة...سيأتي دورك حتى لو مرت اللاف السنين..فمصير البشر هو الموت..
ونهش الصوت رأسها وكأنه تعويذة سوداء، وبدأ المكان يتصاعد من حولها مع شهقات الموت وكأنه سيمفونية عشوائية تتصاعد على يد عازف هاوي، ثم تهبط كوقع السيوف الحادة في القلب وتترك صداها يتردد في اذن البشرية ليجعلها جسد مُرتجف فارغ من الروح.
حتى شعرت بأنها ستفقد الوعي بأي لحظة وتفقد عقلها.
ولكن كل شيء أختفى وتبدد عندما شعرت بيد دافئة على كتفها وهمسات قلقة كانت غير واضحة في البداية حتى شعرت بهزة أعادتها للواقع، فنظرت إلى عيون الأمير التي تطرف بتعجب وقلق وأعاد كلامه وهو يترك كتفها:
- ما بك يا آنسة؟ أخذتِ ترتجفين في مكانك وكأنني عرضتك للسعة كهربائية، هل أنتِ بخير؟
حدقت في عينيه بفاه مفتوح وكأنها لا تصدق ما حدث لها قبل قليل، وأحتاجت لدقيقة حتى تردف بنبرة مبحوحة
- من أين ظهر هذا الصوت؟
عقد لايتو حاجبيه بعدم فهم قبل أن يكرر سؤالها:
- أي صوت؟
- ذلك الصوت المُخيف! الم تسمعه! الم تشعر بالبرودة تسري في جسدك!
أنفعلت في كلماتها وهي تنظر في كل مكان حولها وكأنها تريد إيجاد صاحب هذا الصوت مهما كلف الأمر، ولكن لا أحد حولها..بل وكأنها كانت تتوهم كل ذلك! ولكن الأمر كان كالحقيقة أكثر من كونه خيال، فهي للآن تشعر بالقشعريرة تسري في جسدها بشكل مزعج وكأنها سيوف حادة تنبثق من داخل جسدها.
ولكن تعابير لايتو قد أوحت انها الوحيدة من سمعت ذلك الصوت..فهل أصبحت مجنونة الآن من كثرة المصائب التي واجهتها؟
هزت رأسها بعدم تصديق ثم دارت حول نفسها بعيون متوسعة، وفجأة رفعت رأسها نحو لايتو الذي لم يقل شيء وتعجب من تعابيرها القلقة والخائفة عندما سالت بأصرار:
- لايتو أخبرني رجاء والآن..ماهي قوة آزوت؟ أعني قوته الأساسية ماهي؟
الحت بسؤالها بشدة وكأنها نهاية الكون، فأجابها لايتو وهو لا يعلم ما يحدث حقاً:
- آزوت!..أنه لا يمتلك أي قوة..
نظرت إليه رودينا بفك مُنقبض ووجه شاحب ولم تقل شيء بعد ذلك، حتى بعد أن رجعت إلى قلعة فولكان و واجهت الجميع، وتعابيرهم المتعجبة قد أستقبلتها مع لايتو الذي أبتسم ابتسامة بسيطة بعد أن توجهت الأنظار إليه، تنتظر تفسيراً منه بعد أن رمت رودينا ينفسها فوق الأريكة دون أن تقول أي كلمة.
فابتسم بثقة كشخص نبيل بعد أن أخذ نظرة بسيطة حول المكان، وقال بنبرة هادئة وأغمض عينيه البراقة، ولم يجد مانعاً في تعريف نفسه بعد أن عرف أنه فريقها، وسيعرفون من هو حتى لو لم يقل ذلك:
- أعذروني على التعريف المتأخر، أنا أمير مملكة كلوڤي، لايتوريندو كلوڤي، صاحب قوة البرق وأحد أصحاب القوات الأساسية، وأتمنى أن أكون شخصاً فعالاً في أنقاذ سطح الأرض معكم.
ثم رفع أنظاره بأبتسامته البسيطة بعد أن أنزل اللثام، و واجه أنظارهم المُتعجبة، فأستدار لانسولت بسرعة نحو رودينا التي تضع ذراعها فوق وجهها، وقال بلهفة وسعادة:
- يا إلهي رودينا! لماذا لم تخبرينا بذلك!
صمت قليلاً وهو لا يعرف ماذا يقول من شدة سعادته
- لقد جمعتِ القوات الأساسية الخمسة أخيراً، أنتِ أول شخص يفعل ذلك! مُبارك.
- لم يتبقى شيء أمامنا سوى انقاذ سطح الأرض.
تابعت واتريندا بأبتسامة مُشجعة، ثم قفز إيڤروس ليطل من فوق الأريكة على رودينا بابتسامة واسعة مُتحمسة:
- هذا رائع يا رودي، أود أن ارى ردة فعل سكان سطح الأرض عندما ننجح في إرجاع موطنهم إلى طبيعته!
وعلى الرغم من الحماس والسعادة التي أنتشرت في الأرجاء كما تنتشر بتلات زهرة الهندباء، إلا أن رودينا لم تظهر ردة فعل.
مما جعل الجميع يتعجب من ذلك، بل أن سلوكها غريب حقاً فهي نظرت إلى السقف وكأنها غائبة عن العالم ولم تنصت إلى أي كلمة، بل انها لم تستوعب أنها قد جمعت القوات الخمسة أخيراً وهي أول شخص يفعل ذلك في تاريخ الأرض كله.
ولم يقل أحدهم شيئاً فقط فولكان الذي استند على ظهر الأريكة وقال بسخرية كعادته:
- ماذا الآن؟ هل ستستسلمين أخيراً بعد كل تلك الضجة التي أحدثتِها؟
رفعت رودينا نفسها من فوق الأريكة ثم نظرت بجدية إلى وجه فولكان ونبست:
- نعم، هذا هو التصرف الصحيح.
- ماذا!؟
همس فولكان بعدم فهم وقد عقد حاجبيه، ولكن رودينا لم ترد عليه بل أستقامت نحو غرفتها، وتحت تأثير الصدمة الجميع، أسرع لانسولت وأمسك بذراع رودينا وهتف بعيون متوسعة:
- مالهراء الذي تتفوهين به يا رودينا! لم يتبقى شيء سوى استخدام قوتكم للأرض! وسيستعيد سطح الأرض طبيعته وسترجعين إلى موطنك أخيراً! هل تمزحين معنا الآن؟
سحبت رودينا ذراعها ولم تنظر إلى لانسولت وقالت بأعتيادية:
- لا، بعد أن فكرت بالأمر..انا لست المُناسبة لهذهِ المُهمة، لا أعرف ماذا دهاني لأقوم بجمع هذهِ اقوات التي لا أستحقها.
وأختفت من أمامهم عابرة ظلال النوافذ وغارقة في ظلام الممرات دون أن تقول كلمة أخرى تشفي غليل صدمتهم، وبقت ذراع لانسولت مُعلقة بالهواء بتعابيره المُندهشة
- ماذا حصل لها ! هي لا تمزح بهذهِ الطريقة!
قالت واتريندا بدهشة وهي تسد فاهها المشرع بيديها، فيستيدر فولكان بعصبية نحو لايتوريندو دون أن ينتظر، ويقول بأنزعاج واضح ونبرة عالية:
- ماذا فعلت لها؟
كان فولكان مُنزعجاً من وجود لايتوريندو لعدة أسباب، أحدها أنه امير المملكة المُعادية، فأخذ يتصرف معه بعدوانية كعادته مع الأشخاص الغرباء، كما أنه يكره النبلاء والامراء وكل شخص له علاقة بهذهِ المناصب، ولا يثق بهم بسهولة، فبالنسبة لشخص مثله يتخذ طريقة معينة بالكلام، وأسلوباً جافاً غير لطيف ويتجب الكلام المنمق والمهذب، يختلف عن الأمير تماماً، وينزعج من هيئته التي توحي بضعفه مثلما يعتقد، فهو لا ينفعل بسرعة ويفضل الكلمات الموزونة والمُرتبة. كم يكره حياة الملوك..
- أنا حقاً لم أفعل لها أي شيء!
رفع لايتو يديه كدلالة على أنه بريء وتكلم بهدوء، ولكنه فجأة تذكر ما حدث لها أثناء الطريق ليقص عليهم ما فهمه من تصرفاتها الغريبة.
- يبدو أن آزوت قد أتخذ طريقة أخرى لإيقاف رودينا..بدلاً من القتل..سيستخدم التعذيب البطيء.
تكلم لانسولت بتفكير وهو يجلس على الأريكة
- ماذا تقصد؟
- ببساطة..الأمر واضح ولكنه غير مؤكد، فربما هدد آزوت رودينا دون أن يسمعه أحد وأجبرها على تغيير رأيها.
- هذا مستحيل يا لانسولت! أنت تعرف رودينا جيداً، فرغبتها الشديدة في أنقاذ سطح الأرض كبيرة ولن تدع شي بسيط يهدد تقدمها، هنالك شيء نحن لا نعرفه..ولا يبدو أن رودينا ستقوله..في الوقت الحالي على الأقل.
وبعد ذلك حل الصمت المُوتر للأعصاب بعد كلمات الشابة السمراء، ولم يتحرك سوى إيڤروس الذي همس في أذن الإيجوري شيء جعله يطير ويلحق برودينا.
أما عند رودينا التي كانت تسير في الممر المُظلم نسبياً سوى من أضواء الشموع التي تتموج في مكانها مع أدنى حركة، فكانت تشعر بشعور غريب، وكأن هنالك شيء ناقص أو أنها فقدت شيء، نفس الشعور الذي راودها عندما هاجمها ذلك الصوت قبل مدة..وكانت تشعر بالقلق والخوف بدون سبب، وكأنها قد فقدت ذاكرتها في الطريق دون أن تدرك ذلك، ثم أحست بطائر الإيجوري يقف على كتفيها المُنخفضان ويغرد بصوت مُنخفض بوداعة ثم يسحب خصل شعرها بخفة بمنقاره المعقوف وكأنه يحاول جذب أهتمامها، ولكنها كانت تتحرك كجسد بلا روح ولا تعرف ما يحدث لها.
فكانت مُنخفضة الرأس وتحتضن بذراعيها حدود المعركة المشتعلة بعقلها وأول جنودها هو أفكارها المُبعثرة والتي سببت صداعاً لها.
وفجأة أحست بحضور مُهيب، فأخذ نفسها يتقطع كما لو أنها تحاول شفط كل الهواء الذي يحيط بها، حتى ساد المكان جو من التوتر، وكتمت رودينا انفاسها وهي تشعر ببرودة شديدة تسللت إلى أعماقها وإلى داخل صدرها وقلبها، ورفعت عينيها لتنظر حولها بضياع ولكنها لم تستطع رؤية شيء، وأخذ البرد يحيط بها، وأحست بطنين في أذنيها لدرجة أنها لم تستطع سماع صياح الإيجوري القوي، ولكنها من بعيد... أستطاعت سماع صوت الصرخات المُرعبة والمشوشة.
ولم تستطع تحريك ذراعيها بعد أن لمحت بعينيها التي تدور في كل مكان بجنون الضباب الأبيض الذي يحيط بها ويجرفها، خاصة بعد أن سرت نسمة هواء باردة أطفات نار الشموع ليحتل الظلام المكان ويترك ذلك الجسد ضائعاً...
- تصفية العالم من البشر هو النقاء، فالأرض تطالب بالنجاة من الايادي الملوثة للبشر، وسيأتي دورك حتى لو مرت اللاف السنين، فمصير البشر هو الموت، كما ماتت والدتك سافتري.
وبعد ذلك برز صوت امرأة!
•
•
•
stoop
هنا نهاية الفصل اتمنى اعجبكم
رأيكم عنه؟
المهمز نبدا بالاسئلة..
رايكم بالعجوز والحلوى؟
الامير وقوة البرق؟
ذلك الصوت الي ظهر فجاة من العدم؟ ليش؟
ازوت ما يمتلك اي قوة تكوينية؟
ايش صار مع رودينا؟ شيء مفاجئ انها تفقد حماسها باخر لحظات؟ اكيد صار شي
ذلك الصوت الي ظهر؟ فهل يدل على ان ازوت امراة ولا ايش؟
ويلا قود باي لوف ياه
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro