دماء سوداء (الفصل السادس والعشرون)
سلامو عليكو
كيفكم احوالكم اموركم الوانكم وحشتوني خالص مالص فالص
(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)
- مساحة لذكر الله -
ويلا نبدأ
••••••••
- هيمدال!
لم تعرف رودينا ما يجب فعله في هذهِ اللحظة، فهي تحمل الجناحات الكبيرة بصعوبة بين يديها وقد رمت الدرع فوق الارض بأهمال لانها اعتقدت ان هيمدال غير موجود وانه فقط اسطورة رعب لمنع احد من العبور.
ابتسمت بتوتر وحاولت شرح وضعها
- انا اسفة على الازعاج أن كان هذا الكهف لك ولكنني احتجت لأخذ الجناحات الموجودة في احد الصندايق--
اخذ صوتها ينخفض في كلماتها الاخيرة حتى صمتت وانطلقت تنهيدة يائسة من بين شفاهها وانزلت يديها التي كانت تتفاعل معها اثناء الشرح عندما تذكرت أن هيمدال لا يستطيع سمعها، فحاسة سمعه بالكاد موجودة، وهو فقط يركز ويعتمد على عينيه.
لم يقم هيمدال بأي شيء غريب او يدل بأنه خطير وقاتل مثلما تخيلته، لهذا فكرت بأن الاعتقادات حوله خاطئة فهو اكتفى بالتحديق نحوها بعينيه الذهبية الحادة والتي ظهرت بوضوح من تحت قلنسوته الإرجوانية وكأنها عيون قطة في الظلام.
يجب أن تجد حلا سريعا الان، فهي لا تعلم ماقوة هذا الرجل المريب ولن تستطيع التخفي منه بعد الان، لهذا افضل طريقة في الوقت الحالي هي الهروب.
فتراجعت عدة خطوات للوراء قبل أن ترسل له ابتسامة متوترة وتنسحب من امامه ببطئ لتحاول الهروب للخارج وهي تحتضن الجناحات بقوة ولكن ما أن خطت خطوة واحدة حتى أندفعت عصا غليظة امام وجهها كادت أن تكسر انفها لسرعتها وقطعت الطريق امامها.
- لا أحد يخرج من منطقتي حياً وقد دخلها بدون استئذان.
حباً بالله يا هيمدال! لقد تعثرت رودينا متذ مجيئها إلى الارض المجوفة وحتى الان بالعديد من المعرقلات فلا ينقصها إلا انت!
- انا لم اسرق او اقم بفعلٍ سيء انا ارجع هذه الجناحات إلى اصحابها فقط.
حاولت رودينا الشرح بروح يائسة إلا ان تعابير وجهه لا تبدو كما لو أنه قد سمع.
وبدأ يطرق على الأرض بعصاته الغريبة ذات النهاية المعقوفة ثلاث مرات حتى ظهرت هالة بنفسجية حول مقدمة العصا بدت كالنار المتجأجأة، شعرت رودينا بالتهديد عندما رفع العصا بشكل مباشر امام وجهها، خاصة بعد استشعار الحرارة المزعجة التي تنبعث من هذهِ الهالة.
لذلك حاولت اخراج ابتسامة بريئة ووضعت الاجنحة تحت ذراعها ورفعت يديها بأستسلام حتى لا يقترب اكثر، ولكن ما أن حدق مباشرة بعينيها حتى انحنت بسرعة إلى الأسفل لتسحب درعها المائي وتضعه بحركة سريعة امام جسدها ليتلقى الضربة العنيفة بدلا منها.
ثم اندفعت نحوه بدرعها لتجعله يتراجع عدة خطوات للخلف حتى يصبح ظهرها مواجهاً لفتحة الكهف ليسهل هروبها، وابتسمت بصعوبة وقد ظنت انها تنجح بمقاومتها بهذا الدرع القوي.
ولم يشتعل املها حتى انطفئ بنفخة الحظ الصغيرة، ليرفع هيمدال عصاته وقد بدت فجأة كأقوى سلاح بالعالم، وازدادت الهالة حولها ليضربها بأقوى ماعنده بدرع رودينا مما سبب ارتجاج الدرع بين يديها لتتراجع للوراء بتوتر.
وما أن لمحت التشقق الذي بدأ ينتشر بسرعة كالبرق على سطح درعها حتى قررت تركه من يديها ليتكسر على الأرض والفرار بحياتها من فتحة الكهف قبل فوات الآوان.
ولكن هيمدال كان اسرع مما توقعت ليقف امامها كالطيف ويفصلها عن الفتحة بعصاته الطويلة التي اشتعلت بذلك اللون العجيب.
- بجدية!
همست رودينا بصدمة فسرعة هيمدال خيالية، وهذا حقا يقف ضدها وضد حريتها في الخروج من هنا بسلام، فسرعته لا ترى وكأنه ضوء ينتقل بسرعة، هي لم تشعر حتى بمجيئه عندما وقف خلفها. ياله من حارس غريب!
- لدي طريقة خاصة لجذب الفضوليين الذين يستحقون الموت، وهي التخفي من امامهم حتى يظنون أن الجسر آمن للعبور، وما أن يعبروه حتى اترصد بهم كالفريسة، وبأوقات دهشتهم وطمعهم انقض عليهم لأسلب حياتهم. وهذا مصير كل فضولي يدخل بدون استئذان لهذه المنطقة.
كان يتكلم بصوت منخفض كفحيح الأفعى وعلى الرغم من ذلك كانت كلماته متقطعة وكأنه لم يتعود على اخراج الكلام، او أن لسانه اصبح ثقيلا بعد أن نسى كيفية نطق الحروف ببساطة بعد أن فقد السمع.
وبين كل جملة اخذ يقترب منها ويضرب الأرض بعصاته لتومض بلون بنفسجي ينتشر عبر الارجاء بخفة ثم يأخذ شكل الدوائر ويحيطها، وبين كل دائرة ودائرة تصبح المسافة اضيق لرويدنا حتى شعرت بأنها محاصرة لتمسك الريش الناعم بقلق وكأنها تستمد منه الامان.
ثم أن الحرارة اخذت تفتك بها من الأسفل، لم تكن كالحرارة العادية التي تلامس الجلد فقط وتجعلنا نتعرق، بل تعبر الجلد لتنهش العظام بقسوة وكأنه على وشك الذوبان، ونتيجة ذلك..شعرت رودينا بالخمول وقدميها اصبت واهنة على حملها.
فكرت بسرعة وكأن حياتها تعتمد على هذهِ اللحظة
هل تصرخ بصوت عالي وتنادي اي احد قريب ليساعدها؟ ام تستسلم لقدرها وتترك الاجنحة فحياتها اهم؟ ولكنها لا تظن انه سيسمح لها بالرحيل بهذه البساطة فالقتل يلمع في عينيه وكأنه الشيء الوحيد الذي يبرع به.
وفجاة قفزت فكرة جنونية إلى رأسها ولم تجد مانعا من تنفيذها على الرغم من تضارب الافكار والاصوات، ولكن المرء سيفعل اي شيء للتخلص من العذاب.
فأنحنت بسرعة لتلامس الأرض متجاهلة الحرارة القريبة واغمضت عينيها ودون أن تشعر برزت مرتفعات حجرية من السطح احاطت بجسدها لتكون كحاجز يفصل بينها وبين الحرارة، ومهما يكن فهي استطاعت التنفس للحيظات بشعور الراحة المفاجئ وكأنه الحاجز الذي صنعته قد وقف ضد سحر هيمدال الغريب.
إلا أنها كانت مجرد لحيظات مرت سريعاً لتسمع صوت ضربة قوية ثم اندفاع عصا هيمدال إلى الداخل بعد أن كسر الحاجز بها.
أن هيمدال مُصر على قتلها وحقا يريد فعل ذلك بهذهِ اللحظة وقد اقترب منها كالطيف ليحاول اختراق جسدها بعصاته لكنه توقف فجأة وكأن لسعة كهربائية شلت جسده.
رمشت رودينا بقلق وتوتر واخذت تبتعد قدر الامكان بعد ان اختفى الحاجز الذي صنعته، ولمحت هيمدال ينظر نحوها بشكل غريب قبل أن يخفض بصره بأدب وأحترام وقد رمى عصاته على الأرض بأستسلام واختفى سحره.
زمت الاخرى شفتيها بخط مستقيم وهي تفكر بتصرفه الغريب، هل شعر بالندم فجأة ام كان يختبرها؟ ما باله وهو يطلب منها أن تغفر له وقاحته الان.
وعندما أحست بأن الامر بات غريبا جدا استدارت للوراء لتتأكد أنها وحدها في المكان، ولكنها صدمت عندما رأت
- العجوز الغريب!
هتفت بتفاجئ وقد ميزته بسهولة بلحيته الفضية الطويلة التي وصلت إلى وسطه، والمكعب الرمادي الذي يطوف فوق رأسه مع عينيه الذهبية وابتسامته اللطيفة.
وكانت تتخيل فهو لم يبتسم مثلما تعودت بل كان وجهه بارد التعابير..بشكل ادق خائب الآمال وكأنه سمع خبر فشل ابنه بعد أن سهر في تدريبه سنين طويلة.
ماذا يفعل هُنا ولماذا اتى في هذه اللحظة خصيصا؟
- ايتها البشرية رودينا لقد خيبتي آمالي، الم اخبرك سابقاً بأنك حتى لو كنتِ على حافة الموت لا تستعملين هذهِ القوة..الملعونة؟
ونطق اخر كلمة بصوت منخفض ولكنها استطاعت سماعها لتطرف بأستغراب وتبتلع ريقها عندما تذكرت طلبه.
لقد فكرت بهذا الامر سريعا وتذكرت ايضا كلام لانسولت لذلك شعرت بتضارب افكارها، لم تعرف ايهما الاصح وايهما تثق به اكثر.. ولكنها اهتمت بمصلحتها اكثر فان كانت قوتها ستنقذها لن تهتم لأي احد.
وعندما حاولت التبرير تكلم العجوز الغريب بصوته الهادئ وعينيه تحدق برودينا من فوق نظارته الهلالية
- نبعت هذه القوة بداخلك بشكل مفاجئ، ولم تظهر بداخل اي بشري قط منذ تسعة الاف سنة، لا احد يعلم ما ظواهرها الجانبية او تأثيرها، كما أن الامر مختلف خاصة بعد أن استطعتي التحكم ببعض تضاريس الأرض مما قد يؤثر على سطح الأرض المجوفة، ومن يعلم ما سيحدث لها فيما بعد؟
صمت قليلاً ثم اكمل وهو يحرك رأسه للجهتين بعدم اقتناع
- إنها قوة مظلمة بحق، ومهما بحثت في الموضوع لم اجد اي حل او سبب لظهور هذه القوة بك انتِ خاصة، ولكنني اشك بأن.. لديها ايدي في هذا الموضوع..
لم تفهم رودينا ما قصده في نهاية كلامه لتسأل بفضول
- من!؟
لكنه لم يجبها، ليتدفق الفضول بداخل رأسها كنبع المياه من باطن الأرض ولكنها طردت الافكار عندما هجم الصداع على رأسها لتضيق عينيها بألم.
- لدي سؤال، قد يكون غريبا لكنني اريد أن اعرف جوابه بأسرع وقت.
نبست رودينا وهي تدلك رأسها وحاولت استغلال وجود العجوز الغريب قبل ذهابه
- هل كنتَ الشخص الذي امر الملك الأسد بوضعي مع فولكان في مهمة الذهاب إلى مملكة كلوڤي؟
سألت ببطئ وهي تنظر إلى تعابير وجهه التي اختلفت اساريره ليبتسم بخفوت
- لانه من الغريب أن يوافق الملك وهو لم يراني قبلاً، خاصة بوضعي في هذه المهمة العصيبة والتي تفصل بين قيام الحرب ام لا، وشككت بأن يكون لديك يد في الموضوع.
ومن أبتسامته الخفيفة عرفت أن توقعها كان صحيحاً، ولكن لما ادخلها في هذا الموضوع؟ هل كان يساعدها على ايجاد صاحب قوة البرق ام ماذا؟
- والان يجب أن اذهب..ولكنني احذرك للمرة الثانية ايتها البشرية رودينا، اياك وأستعمال قوة الأرض مهما حدث، لان هذه القوة غير طبيعية البتة، ادفنيها بداخلك وانسي وجودها لانها غير حقيقية.
واختفى من امامها مثلما يختفي كل مرة، ولم تركز بكلماته فرأسها بدأ يؤلمها كثيراً وكأن هنالك هراوة تضربها بين الحين والاخر، وايضا شعرت بشيء يجري بدمائها، شيء ثقيل اعطى شعوراً غريباً غير محبب، وهذا الشعور نفسه قد راودها سابقا عندما استعملت قوة الارض اول مرة مع فولكان ولكنه لم يكن بهذا الالم.
حاولت التنفس بطبيعية وكم كان هذا صعباً..
ثم استدارت نحو هيمدال الذي ينظر في عينيها مباشرة، تجاهلت وجوده فأساريرها لا تدل وكأنها تتحمل نفسها حتى، وحملت الجناحات واخذت نفسها بخمول للخروج من هذا المكان الخانق ولم يتبعها هيمدال وكأنه قد توقف في مكانه ونسى وجودها عندما خرج حاكم الارض المجوفة بشكل غريب بداخل كهفه.
شهقت بألم عندما هاجمها ألم غريب في صدرها، لم تدري أن كان هذا الألم الرهيب يهاجمها كل مرة عندما تستعمل قوة الارض ولكنه لا يطاق ابداً، ومثلما قال العجوز الغريب أن هذه القوة التي تجري بدمها غير طبيعية البتة..
وعندما فتحت عينيها وتوجهت نحو الجسر تفاجئت بوجود فولكان وهو يستند على جذع الشجرة الغليظ الموجود امام الكهف لتعلم انه قد شاهد كل الذي حدث
- إذاً لهذا السبب انتِ امتنعتي عن استعمال قوة الارض خاصتك..
لم يكت سؤالا بل كان تأكيدا وهو يحدق بعينيها المشوشة
- لما لم تنقذني؟
سألت هي ببطئ وقد اقتربت منه
- اردت أن اعرف ماذا ستفعلين بعد ذلك، واعرف انك ستسألينني عن سبب وجودي هنا.. والسبب هو انني لست شخص بلا فائدة ولن اسمح لبشرية قذرة مثلك بقول ذلك.
كان عصبيا من كلماتها السابقة ولكنها لم تجبه،
اكتفت بدفع الاجنحة نحوه ليمسكها بأستغراب وينظر اليها وهي تحني رأسها وكأنها على وشك الأستفراغ، وضعت ذراعها على جذع الشجرة واعطته ظهرها وحاولت اسناد نفسها بصعوبة عندما هاجمها الألم مرة اخرى وبشكل اقوى وكأنها تعرضت لهجوم من السهام المسمومة.
- ما بالك؟ هل تعبتِ بسرعة بعد استعمالك لتلك القوة الصغيرة؟ كم انتِ ضعيفة.
لم تجبه مرة اخرى وانحنت إلى الامام وهي تضع يديها فوق فمها يعد أن شهقت بعنف
- ما هذه التصرفات الغريبة !
قال بأنزعاج من تصرفاتها وقد ظن انها تتظاهر بالرقة لسبب مجهول ولكن ما أن ادارها نحوه حتى رأى عينيها الدامعة و هنالك سائل غامق يسيل من اصابعها المغلقة الموضوعة فوق فمها.
رمش باستغراب واراد التكلم إلا انها تجاهلته بالكامل ورفعت كفها من فوق فمها ورأت الدماء متكتلة بشكل غريب وكأنها تعرضت للتجلط، لم يكن ذلك شيئاً عادياً ولكنها علمت انه احد الاثار الجانبية المضرة لاستعمالها لتلك القوة.
كانت الدماء قليلة ولكنها مخيفة فهي غامقة اللون تكاد تكون سوداء وفوق ذلك كانت على شكل كتل، حاولت ابعاد انظارها بصعوبة من فوق كفها ودفعت فولكان عن طريقها حتى تنحني عند جدول الماء لتزيل الدماء اللزجة.
- انها احد الاثار الجانبية لاستعمال قوتي، واعرف انك ستسخر من هذا الموضوع لكن حاول تجاهله ونسيانه وكأنه لم يحدث.
تكلمت ببساطة غريبة واعتيادية جعلت فولكان يعقد حاجبيه الثخينان بأنزعاج.
ولكنه لا يعلم أنها قد ارتاحت عندما خرجت هذه الدماء منها وقد اختفى الالم اخيرا من جسدها، ومهما يكن..فأن اخفاء لانسولت للامر قد فاق حده، فهي لن تستسلم على معرفة السبب خاصة بعد ظهور هذه الدماء والتي تثبت بكل وضوح أن القوة التي بداخلها خطيرة وستؤذيها جدا ولن تفيدها اثناء مواجهة العدو فأثارها تظهر بسرعة بعد استعمالها للقوة بوقت قليل.
- يجب أن نرجع بسرعة.
تمتمت وهي تستقيم مع ابتسامة اعتيادية ليس وكأن شيئاً قد حدث، قبل ان تشير لفولكان بأن يتبعها نحو البحيرة
كان الطريق صامتاً عندما عبروا الجسر دون ان يتبعهم احد وحتى عندما وصلوا للبحيرة المستديرة القريبة، ولكن رودينا تعجبت عندما وجدت تلك المرأة تتلاعب بالمياه برشاقة وخفة بين يديها وبجانبها جلس الحصان بيجاسوس على الأرض بتعب
- لم اتوقع ان تخرجوا من البحيرة!
هتفت بتعجب وهي تقترب منهم لترفع المراة عينيها مع ابتسامتها الجانبية وتوضح:
- أن المكان حقا جميل بالخارج ولا ضرر من التغيير، ولقد جلبت التمثال لنحرسه ايضا هنا واخذنا ننتظر رجوعك مع اجنحة بيجاسوس.
ياله من تغير مفاجئ...لكن لا يهم فرودينا قد اسرعت لتعطي الاجنحة لبيجاسوس بابتسامة سعيدة لانها نجحت.
- يبدو أن الحظ قد رافقك هذه المرة لتخرجي من عند هيمدال بسلام.
قالت تلك المرآة وهي تضع يدها اليسرى فوق خصرها
-فقط لو تعرفين ماذا حدث.
تمتمت رودينا مع نفسها قبل أن تستقيم وتبتعد عن بيجاسوس الذي اقترب من جناحيه، لم تعرف رودينا ما فائدة هذه الجناحات بعد أن قُطعت ولكن تلك المراة اظهرت لها جانباً اخر لم تتوقعه عندما رفعت جناحاً واحداً وقربته من ظهر بيجاسوس بابتسامة دافئة، تحديدا فوق منطقة النزيف، ليتلاحم جلده مع الاجنحة وكأنه قد ولد مرة اخرى .
كان الامر سريعاً ولم تتوقع رودينا هذا عندما رجع بيجاسوس مثل قبل، مع اجنحة ضخمة بيضاء براقة وجسد قوي قد وقف اخيراً وكأنه يستعرض جماله، واسترجع قوته الخائرة بعد أن رجعت اجنحته واخذ يحركها بخفة وهو يصهل بصوت جميل.
- هذا رائع!
صاحت رودينا بحماس وهي تقترب منه واخذت تمسد ظهره بلطف وهي تحدق بأجنحته البيضاء التي زالت الدماء منها بأعجوبة.
وكان فولكان ينظر اليها بصمت وقد تغيرت نظرته حول هذه البشرية، فهي تعرف انها ضعيفة وبلا قوة رائعة، ولكنها تقبلت ذلك برحابة صدر وتصرفت باعتيادية ليس وكأنها مُعرضة للخطر..
وكان يستند على الشجرة بأنزعاج يحدق بتلك المرأة التي تقدمت من رودينا بأبتسامتها الجانبية
- ايتها البشرية..
نظرت الاخيرة اليها بأستفهام وتوقفت عن اللعب بأجنحة بيجاسوس
- على الرغم من تصرفاتك الغير مسؤولة الا انني لا اخلف وعدي.
ربتت المراة الطويلة على كتف رودينا قبل ان تواجهها وتنحني بلطف كالاميرات وهي تمسك اطراف فستانها الازرق ويدها الاخرى وضعتها فوق صدرها
- لقد اعجبتني افكارك ونظرتك المختلفة حول ميدوسا، وكيفية حلك للامور بطريقة غريبة لم افكر بها في حياتي ولكنني سأكون سعيدة بأنضمامي إلى فريقك.
طرفت رودينا بتعجب قبل أن تبتسم بسعادة وحماس لنجاحها في هذه المهمة اخيراً
- مرحبا بك في فريقي يا..
قدمت يديها لتصافحها لكنها صمتت عندما لم تعرف بماذا تناديها، لترد عليها تلك المراة بنبرة هادئة وابتسامة خافتة وقد صافحتها هي الاخرى
- ناديني واتريندا.
شعرت رودينا بالفخر لأول مرة منذ مجيئها وحتى الان، لأنها استطاعت اخيرا ضم عضو في فريقها بشكل رسمي
- لقد اصبحنا ثلاثة، لدي الان في حوزتي قوة الارض والماء والنار، لم يتبقى سوى قوتين.
لم تستطع رودينا منع الفرحة من الظهور في صوتها ولكن كالعادة يأتي فولكان ويفسد سعادتها
- ومن قال لك ان قوتي في حوزتك، يالك من بشرية مزعجة.
تجاهلته رودينا واخذت تفكر بجدية الان
- ولكن اين سنجتمع؟ لا نستطيع الاجتماع في منزل لانسولت.
- هل نسيتِ؟ امتلك قلعة كبيرة.
تكلم بنبرة متمللة وعينين ناعسة ولكن رودينا فتحت فاهها بدهشة وحدقت بوجهه لتتأكد من كونه القائل
- ياله من كرم مفاجئ، هل اصبت بالحمى يا فولكان؟
لم تمنع نفسها من التعليق الساخر ولكن حقا وضع فولكان غريب، فهو يتعاون معهم بسلاسة
- لا تفهمينني بهذه الطريقة المزعجة، لقد أسأتِ الفهم، انا لا اساعدك ولكنني ارد دين احد الاشخاص حتى لا اشعر بعد الان بأنني مدين لأحد.
- من هو هذا الشخص؟
استفهمت باستغراب، فهذا اليوم مليء بالغرابة الغموض، وهنالك العديد من الاشخاص لا تعرفهم ولكن على مايبدو أن لديهم مكانة عالية ومعروفة.
- لا دخل لك، والان كيف سنذهب؟
غير فولكان الموضوع بسرعة لتتفهم رودينا رغبته بأنزعاج على الرغم من فضولها
- نستطيع الذهاب على ظهر بيجاسوس.
قالت واتريندا بأبتسامة هادئة وهي تصعد بمهارة فوق ظهره
- يا إلهي حقاً! منذ أن كنت طفلة وانا ارغب بالصعود فوق ظهره!
صاحت رودينا بفرحة قبل ان تصعد عل ظهره امام واتريندا وتركوا فولكان ليأخذ الفرس البني المربوط بغصن الشجرة.
- بجدية كيف سيتحمل هذا الحصان المسكين ثقلك، ليكن الرب في عونه.
سخر فولكان من رودينا وهو يضرب اللجام حتى ينطلق امامهم قبل ان ترد عليه الاخرى وقد اشتعل غيظها ولكنها تناسته بسرعة عندما رفرف بيجاسوس بجناحيه الكبيران لتغمض رودينا عينيها بأنتعاش عندما هاجمتها الرياح بقوة قبل أن تشعر بأنها ترتفع من على سطح الأرض بسرعة.
كان الحصان يحلق بالهواء برشاقة لم يعهدها، وكأنه لا يصدق بأنه استرجع جناحيه، واخذ يحلق فوق فولكان بسرعة حتى سبقه، وكان على قرب من اشجار السنديان العالية.
اما رودينا فهي اكتفت بالتحديق بابتسامة واسعة وصلت لأذنيها وكانت تشعر بالسعادة، فالهواء البارد يلطمها بلطف ويتخلل شعرها وفوق هذا بدأت واتريندا بأخراج قطرات ماء مبعثرة بدت كالمطر المنعش من فوقهم واخذ يهطل بسرعة والضوء يضربه بخفة حتى انعكس على سطحها وظهر قوس قزح خفيف ولكنه واضح واختفى بعد لحيظات.
ومر الوقت سريعا دون أن تشعر رودينا وهي بالهواء حتى وصلوا إلى قلعة فولكان القريبة من الغابة
- انا سابقى هنا يا عزيزي بيجاسوس، اثق بقدراتك وبأنك ستستطيع حماية تمثال ميدوسا، سأتي لزيارتك بين الحين والاخر لا تقلق.
ثم ربتت على رأسه بلطف قبل ان تودعه ويذهب
- احتاج للذهاب ايضاً، ولا لتشعري بالقلق يا واتريندا، بل اعتبري ان هذه القلعة هي قلعتك والان سوف اذهب .
كانت رويدنا تريد الرجوع إلى لانسولت وتستفهم عن حالتها، لم تستطع التحمل اكثر من هذا فالوضع قد يؤثر على حياتها وربما ستموت قبل أن تنقذ الأرض.
لهذا انطلقت بسرعة بعد أن اخذت حصانها البني من فولكان قبل أن يستوعب الأمر وانطلقت إلى مخبئ لانسولت بين الأشجار
- لن ادعه يفلت هذه المرة يجب أن اعرف بأسرع وقت ماسر هذهِ القوة.
تمتمت رودينا مع نفسها وقد شدت اللجام حتى تصل اسرع، وما أن وصلت ربطت الحصان ودخلت إلى الداخل وهي تنادي على لانسولت
- لانسولت، لدي اخبار مهمة يجب ان اناقشها معك، ويجب ان تعلم ماحدث هناك! كان الامر وكأنني في احد الافلام الخيالية.
بدأت تدور في المكان وهي تنادي لانسولت بصوت عالي حتى يأتي، وكانت تسير بصعوبة بسبب فوضوية المكان وكأن انفجارا قد حصل هُنا.
- لانسولت؟ بجدية اين انت؟
هي تعرف ان لانسولت يظهر نفسه بسرعة عندما يسمع بوجود احد بمنزله، ولكن هذه المرة لا يبدو موجوداً، كما أن المنزل فوضوي بطريقة اسوء من سابقاتها، فحتى كأس الشراب والاكواب قد حُطمت وكأن احد قد هجم عليها او وقع فوقها.
ثم دخلت بتردد إلى مختبره
- غريب، انه لا يترك بوابة المختبر مفتوحة، هذا المكان الوحيد الذي يكون حذر بشأنه.
تمتمت مع نفسها قبل ان يسقط بصرها على قطع الزجاج المتكسرة والاسلاك المتقطعة بوحشية، كما أن العربة التي كان يعمل عليها قد ضُربت بقوة حتى ظنت انها قطعة من الخردة.
حبست انفاسها بقلق ثم انطلقت تبحث في كل الغرفة وهي تدعو ان يكون ما تفكر به خاطئاً
- من المستحيل ان يحطم لانسولت اغراضه! إوالمكان يبدو كما لو تعرض للهجوم، هل من المعقول أن يكون شخصاً اخر قد دخل إلى هُنا! هذا مستحيل لقد عمل لانسولت بحذر في جعل هذا المكان مخفي عن الانظار حتى لا يعتقل بتهمة قيامه بالتجارب على ايدي الشرطة!
ثم توقفت بقلق عن البحث وهي تعض اصبع الابهام
- هل تم القبض عليه؟ لكن كيف علموا بأمره؟ لقد حذره فولكان بأن تهمة القيام بالتجارب والاختراعات داخل الارض المجوفة عقوبتها الاعدام!
صمتت قبل ان تصرخ ما ان ادركت الامر
- فولكان! هو الوحيد الذي يعلم بشأن مختبره! الم احذره من اخبار احد بأمره؟
صاحت رودينا وهي تدور حول نفسها بقلق وتوتر، فلانسولت وهو الشخص الوحيد الذي يساعدها تقريبا ويخبرها بما عليها فعله، سيعدم في الحال بعد ان تم القبض عليه.
لا تستطيع البقاء مكتوفة الايدي، خاصة وإن سر قوتها يعلمه لانسولت فقط، هي تحتاجه بشدة ولن تدع اي مكروه يصبه!
ومثلما توقعت دخل احد الاشخاص والذي كان يلبس ملابس رسمية راقية وغامقة اللون وبيده سلاح غريب اشبه بالسيف مع بعض الرجال خلفه
- من انتِ؟
سأل بصوت بارد وغليظ وهو يحدق برودينا الواقفة في مكانها، ثم اكمل
- نحن احد اعضاء الشرطة، ماذا تفعلين بهذا المكان الخطر؟ نحن على وشك غلقه او دفنه تحت الارض بعد تفتيشه، هل تحتاجين اي شيء؟
سال مرة اخرى وهو يتقدم منها بتعابير وجهه الباردة والصلبة وقد تجمع الشيب بداخل شعره الاسود. وكانت ملابسه اشبه بملابس النبلاء بقميص ابيض ومن فوقه وشاح طويل ازرق اللون مع بنطال بُني.
نظرت اليه نظرة حاقدة وغاضبة ولم تجبه، لتتخطاه بسرعة وبدون تفكير خرجت رودينا باسرع مالديها من المنزل متجاهلة نداء الشرطة واخذت الحصان لتنطلق به دون اخذ استراحة من الرحلة السابقة، واتجهت نحو قلعة فولكان.
ضغطت على اللجام بغضب حتى شعرت بأن سيتقطع بين يديها، وعبرت الغابة متجاهلة الكائنات الغامضة التي تسير فيها، وكانت اشبه بنيزك مشتعل قد دخل الغلاف الجوي للأرض.
- فولكان!
صرخت بغضب عندما وجدته امام بوابة القلعة وكان يجلس فوق ظهر حصانه وعلى وشك الانطلاق نحو مكان مجهول
استدار نحوها بأستغراب عندما لمح وجهها الغاضب ولم يستطع استيعاب الامر بعد، فرودينا قد قفزت عليه ومسكت بياقته بقبضتها القوية ورفعت سيفها الحاد نحو رقبته بتهديد.
- ماذا يحدث ؟ هل ستلحقينني إلى قصر الملك ايضاً؟
نبس فولكان بغضب وهو يحاول دفعها برفق ولكنها سحبته نحوها بواسطة ياقته التي على وشك التمزق
- ايها الكاذب!
هسهت من تحت اسنانها بغضب وقد جمعت بحاجبيها إلى الأسفل
لم يعرف فولكان ماخطبها وحاول تحرير ياقته من بين يديها وقد ظهرت العصبية فوق وجهه
- انتِ مجنونة!
- وانت كاذب ايها الحقير! الم يساعدك لانسولت على ايجاد التمثال الذي اعادك إلى طبيعتك! وبعد كل ذلك تقوم بحقارة بأخبار الشرطة عن مخبئه السري ليعتقلوه!
رمش بأسغراب ولم يتحمل اكثر ليدفعها عنه بقوة ولكن رودينا لم تستسلم
- عن ماذا تتكلمين؟ لم اخبر احد بأي شيء.
- وتتظاهر بالبراءة ايضا! انت هو الشخص الذي اخبر الشرطة عن مكان لانسولت لانه وبحسب رأيكم يقوم بأختراعات غير قانونية ليتعرض للاعتقال.
فهم فولكان الامر ليدافع عن نفسه بسرعة
- هل انتِ حمقاء! لقد كنت معك طوال الوقت منذ انطلاقنا من ذلك المنزل، ولم اذهب لأحد اخر او للشرطة حتى اخبرهم عن صديقك المخترع.
ودفعها عن طريقه بغضب ليمتطي حصانه واكمل كلامه
- لن اسمح لك بأضاعة وقتي اكثر من هذا، ابتعدي عن طريقي حتى اذهب للملك واخبره بشأن الحرب.
حاول التكلم بهدوء واقناعها ولكنها وقفت امامه لتصرخ بغضب
- لا تتصرف بحماقة، إذاً من اخبرهم بمكان لانسولت؟ لا شخص اخر يعرفه غيرك.
- وما ادراني، اتركينني الان واغربي عن وجهي.
حاول حبس غضبه لكنه لم يستطع ليحاول عبورها بحصانه ولكنها منعته
- إن لم تكن انت فمن قد يعرفه غيرك؟
اصبحت نبرتها هادئة متسائلة وشعور الخوف يتسلل لقلبها، ففولكان صادق وهي رافقته منذ وجوده بداخل منزل لانسولت وحتى ذهابهم للبحيرة الجليدية، ولم يغرب عن انظارها للحظة.. ولكن كيف عرفت الشرطة بموقع لانسولت وهو في غاية الحذر
- إلا إذا...كان هنالك شخص يراقبنا..وينوي الانتقام من لانسولت او مني!
•
•
•
stoop
هنا نهاية البارت اتمنى عجبكم وتحمستوا
فيوو متوقعت انهي الفصل بس الحمدلله رجعلي الحماس بأخر لحظة ورجعت اكتب
المهم ما رأيكم او اعتقادكم وارائكم؟
رأيكم بأسم صاحبة قوة الماء؟
بهيمدال وظهور العجوز الغريب؟
بيجاسوس وطيرانه مع رودينا؟
الدماء السوداء التي خرجت من رودينا بعد استعمالها للقوة؟ طبعا اذا لاحظتوا، قبل كم فصل لما استخدمت رودينا قوة الارض هم حصل معها نفس التأثير وهم صار صداع والم وضيق تنفس بس ما طلع منها الدم لانها ما بالغت بأستعمالها واخراج مرتفعات حجرية بوقت واحد كحاجز.
هل حقا يوجد شخص يراقبهم؟ ومن يكون؟ وليش يريد الانتقام؟
كيف راح تتصرف رودينا؟ طبعا لازم تنقذ لانسولت لانه الوحيد الي يقدر يساعدها في فهم قوتها، وما تقدر تتجاهله او تتركه وتمضي بطريقها لانها تحتاجه، خاصة وهو يعرف امها ويعرف اشياء ما تعرفها
المهمز شوفوا كاعدة اشتغل وارسم كوميك اول لشخصيات الرواية، هاي سربت اول صفحة
͡° ͜ʖ ͡°
اعرف اعرف الشخصيات معوقة فبليز تجاهلوا راس رودينا الاعوج وملابس المهرجين وحول لانسولت بس رغم ذلك اني فخورة
الله يعلم شكد بقيت ارسم وامسح وجه لانسولت بس نو بروبلم راضية على النتيجة، المعمز هذا احد الاساليب المتنوعة وراحا حاول اجرب اساليب مختلفة واشوف منو ابسط واحلى واحد
ويلا قود باي انتظروني
لوف ياه💖
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro