بين الشيب والشباب(الفصل الخامس والثلاثون)
السلام عليكم كيفكم
وحشتوني خالص مالص فالص
ربي لك الحمد والشكر انك على كل شيء قدير
-مساحة لذكر الله-
اقتباس من الفصل: مهما حاولتم قتل الحقيقة، ستولد من جديد كالعنقاء.
ويلا نبدأ
•••••••••
تجردت الأشجار من رداء الورق تماماً حتى أختفت آثار جمال الطبيعة منها، والقلة القليلة من اشجار الغابة قاومت برودة الجو وتمسكت بالستار الأخضر الغامق الذي يحفظ حرارتها.
ولكنها كانت تلقى ظلالاً باردة على تلك الأجساد التي تسير مع أحصنتها بعيداً عن الضوء الدافئ، حتى تخلل البرد أجسادهم ليشعرهم بالقليل من الخمول، ولكن على الرغم من ذلك بذلوا أقصى جهدهم لأكمال طريقهم نحو البحر.
وبين الحين والأخر تتوقف البشرية عن السير لمقاومة الرياح التي تحاول أطفاء عزيمتها المُشتعلة، فتشجع نفسها قائلة بصوت مُنخفض يائس أستطاع من معها سماعه
- لا بأس، مهما كان الطريق صعباً لن استسلم، لن أدع لانسولت يموت، بل سأنقذه بالتاكيد لأجعله يرافقني إلى سطح الأرض.
وغيرها من الجمل الإيجابية التي كانت لا تتناسب مع روحها المُنطفئة التي أعتادت على الحماس والمغامرة، فكانت تسحب قدميها ببطئ لصعود الهضبة المُرتفعة وقد بدت وكأن لا نهاية لها، وكانت تطل على البحر الواسع والعميق.
وقد التزم كل من فولكان والإيجوري وإيڤروس الصمت طوال الطريق ولم يحاولوا فتح محادثة مع رودينا وقد تصاعد غضبها كحمم البركان، وشعرت بالحزن كزهرة السنبل.
ومهما يكن، فبالها مشغول بأمر لانسولت وقد تركته تحت رعاية واتريندا التي بذلت قصارى جهدها بصنع عقاقير من الاعشاب الطبية كمخدر مؤقت، لا تطول مدته حتا يرجع الألم كطبول الحرب.
وعندما تحاول ابعاد شعور الحزن ودفنه بعيداً حتى تنطلق مرة أخرى، تتذكر أنها فتاة فقدت عائلتها بسبب قاتل حاقد وشرير يحاول قتل صديقها الوحيد والشخص الذي تعتمد عليه أيضاً، وبدلا من الشعور بالحزن، تشتعل نار الغضب حتى تحرق قلبها، فتضغط على لجام الحصان لتفريغ الحقد
- لن أغفر لك أبداً ما فعلته لي يا آزوت...
وكان الغضب بالنسبة اليها كالوقود الذي يحركها، فاخذت تسير أمامهم بثقة بعد ان دفعت أعباء حزنها من فوق الهضبة، لتقف بأصرار عند أعلى نقطة وتواجه الرياح الرطبة والباردة التي حركت خصلات شعرها، وعباءتها السوداء التي تقيها من البرد قد ضعفت أمام الرياح وكأنها تريد الهروب من كاهلها، وبعيون نارية كالشمس نظرت إلى الأمام، وقد تجمع الضباب الخفيف مُنذراً بأقتراب عاصفة.
وسرعان ما تلاشى هذا الأصرار ليدق قلبها بتوتر واضح وهي تنزل أنظارها من الهضبة المُنحدرة إلى البحر الغاضب بأمواجه القوية، وكان يضرب الصخور التي حولها بعنف وكأنه يحاول دفعها من امامه ليبقى بمفرده.
ومما زاد توترها وقلقها حتى أرتجفت أناملها هو كلام فولكان الهادئ الذي وقف بجانبها وعينيه الحادة تخترق المياه المُظلمة الغامقة وكانها تلال صغيرة زجاجة.
- لقد توفيت بانشي، ولم تترك أي أثر لها، فقط سفينتها العريقة التي تقع داخل مياه البحر، وقد خبئتها بين جدران كهف غارق، لهذا علينا القفز من هُنا إوالغوص بحثاً عن الكهف.
ولم تظهر بين حروف كلماته أي دلالات على شعوره بالتوتر والخوف، عكس رودينا التي حدقت بصدمة للمسافة العالية التي تفصلها عن سطح البحر، فإذا قفزت من هُنا..هي حتماً ستموت قبل ملامستها لسطح المياه.
- ماذا! مُستحيل! فولكان هل تدرك ما تقوله!
صاحت رودينا بأنفعال، ولم يهتم ذو الشعر الأحمر بما قالته، ولكنها أستمرت بالتذمر دون أن تنظر إلى الأمواج العنيفة، لخشيتها من الماء.
- هيا يا رودي لا تقلقي، إن لم تريدي النزول، تستطيعين البقاء مع الايجوري، فهو لا يحب الماء أيضاً.
هكذا قال إيڤروس وقد تعاطف جداً مع رودينا وكأنه شاب بالغ مُتفاهم، وقبل أن تجيبه البشرية، استدار نحوها فولكان وقال بنبرة عدائية مُستنكرة:
- يالكِ من جبانة!
ثم أكمل بغضب واستفزاز
- أتهربين من مصيرك المحتوم الآن؟ بعد أن اغرقتي رأسنا بكلماتك المُشجعة والثقة المُزيفة بأنقاذ غريب الأطوار ذاك، ولكن ماذا الآن؟ عندما وصلنا تريدين البقاء هُنا مُختبئة كالفئران من ماء لن يؤثر عليك في كل الأحوال!
ثم نقر كتفها بغضب وكأنه يوجه كلامه لها وحدها
- إن لم تتذكري أيتها البشرية..فبسببك حصل للانسولت ما حصل، وعليك تحمل المسؤولية، والآن أعذريني لا أريد أن أضيع وقتي أكثر.
ثم أستدار ببرود من امامها بعد أن فجر تلك القنبلة في وجهها، لتطير عبائته القرمزية المعلقة فوق كتفيه من حوله بفعل الرياح، وتقدم إلى الحافة بعدم أهتمام، قبل أن يقفز ببراعة من دون تمهيد إلى البحر.
وعلى الرغم من صدق كلمات فولكان، وعن كونها هي المسؤولة فيما حصل، فبسببها قام آزوت بأيذاء لانسولت حتى يضعها ويوتر أعصابها فتفشل..ولكنها لم ترد لأحد أن يُذكرها..خاصة من فولكان.
- سأذهب أنا أيضاً.
قال إيڤروس بنبرته السريعة ليبتسم مُظهراً أسنانه المفقودة قبل أن يرمي بنفسه بكل أهمال من فوق الحافة إلى البحر.
وبقت رودينا المتشبثة بملابسها بقلق مع الإيجوري الذي طار حولها وكأنه سعيد ببقائها معه.
ولكن رودينا أنزلت رأسها بأنزعاج وخجل من خوفها
- ليس لفولكان أي حق بالسخرية من خوفي، فخوفي من الماء له مبرر ولا يجب أن أجبر نفسي على فعل ما لا أريده.
ثم تنهدت وكأنها غير مُقتنعة بما تقول، وتنهدت الرياح معها بقوة لترسل موجة قوية أرتطمت بالصخور بعنف.
ومرت دقائق، تبادلت بها رودينا أنظار متقطعة مع البحر الهائج قبل أن تضرب قدمها بعنف وتنظر إلى الإيجوري وقد تدلى لسانه القصير من طرف منقاره
- تصرفي غير ناضج وسيء..اليس كذلك أيها الطائر؟ فلقد أجبرت فولكان وإيڤروس على الذهاب معي وهم ليسوا مُرغمين على ذلك أصلا..ولكنهم فعلوها من أجلي..وبماذا قدمت أنا في المقابل.. غير الخوف والبقاء هُنا مكتوفة اليدين..بينما يتولون هم العمل الذي يجب أن أقوم به أنا!
ولم يجيبها الإيجوري سوى بتغريدة غريبة جمعت بين صوت العنقاء اللطيف والتنين البريء، ثم رفرف بأجنحته القصيرة.
لتنفي رويدنا برأسها وهي تتقدم عدة خطوات إلى الحافة والقت نظرة عابرة
- ليس هنالك سبب للخوف من الماء، كما قال فولكان، فالماء هُنا يختلف عن سطح الأرض، فمهما حدث أستطيع التنفس تحته ولن أغرق، لا يجب أن اخاف أبداً..
ثم أبتلعت ريقها وأغمضت عينيها وهي تواجه الرياح الغاضبة والتي سرعان ما أرتطم جسدها به عندما رمت بنفسها دون تفكير من على الحافة لتسقط بعنف وكأنها صخرة متكورة حول نفسها إلى داخل مياه البحر الهائجة.
شعرت بالألم الشديد بسبب هبوطها الغير صحيح، وحاولت تجاهله قدر المُستطاع وهي تفتح عينيها بتردد، قبل أن تحدق بتعجب إلى أعماق البحر الغير واضحة، وقد بدا كل شيء حولها مشوشاً غائماً، وشعرت ببرودة خفيفة عكس ما توقعته، وعندما دارت حول نفسها من دون أن تعلم أين تذهب، لمحت رفيقيها من بعيد وقد لوح إليها إيڤروس من الأعماق.
أبتسمت بسعادة وفخر بسبب مواجهة خوفها، ولم تظن أن الأمر بمثل هذهِ البساطة..ثم سبحت نحو إيڤروس وفولكان الذي نطق بصوت خافت وأبتسامة ساخرة:
- ألم أخبرك ايها الطفل بأنني أعرف كيف أتصرف معها.
وأيده إيڤروس بتبجيل وكأنه الحكيم الذي يعرف كل شيء.
- أين الكهف؟
سألت رويدنا بعد أن وصلت بنبرة حاولت جعلها أعتيادية
- لا يوجد أي كهف، فالمكان مُغلق، ويجب علينا الحفر الوصول إلى الداخل.
ثم أشار إيڤروس إلى أحد الجبال الصخرية تحت الماء
- لا تقلق..أمتلك طريقة أسهل.
ثم سبحت إلى الأسفل بعشوائية لأنها لا تعرف كيفية السباحة، حتى وصلت إلى ذلك الجبل البارز من سلسلة الجبال المحاوطة له. واخذت تدور حوله مُتفادية الأسماك الغريبة.
قبل أن تنحني لتلمس السطح الصخري وتمتمت بشيء من كتاب كوفين، وبسرعة لم تتوقعها فُتحت بوابة وأتسعت بين الصخور، وظهر من خلفها ممر طويل وكأن البوابة التي صنعتها هي البوابة الحقيقية لهذا الكهف.
أبتسمت لمرافقيها قبل أن تتهور وتدخل دون أي حذر إلى الداخل، وتبعها كل من فولكان المُنزعج وإيڤروس المُتحمس، ولكنهم تعجبوا عندما ما أن داست أقدامهم الكهف. فالباب التي صنعتها رودينا أُغلقت أسرع من المعتاد، ولا أثر لقطرة ماء واحدة في الداخل.
وبدلاً من الهواء الأعتيادي، حاوطهم هواء ذو رائحة غريبة
- أنه نوع من أنواع الغازات.. يتواجد بهذهِ الأماكن بكثرة، لسوء الحظ أنه قابل للأشتعال فلا أستيطع أستعمال قوتي.
همس فولكان بعد أن ركز قليلا، ثم ساروا إلى الأمام حيث برز امامهم درج صخري طويل وحلزوني، يكاد ينهار في أي لحظة بسبب الرطوبة وهيئته الضعيفة المُتكسرة، وبعد أن نزلوا بسلام، ظهر أمامهم مكان فارغ تماماً، كان يبدو حقاً كالكهف المجوف من الداخل، إلا من بعض الصخور حادة النهاية هبطت من السقف وكأنها تهدد اي أحد يمر تحتها بالسقوط عليه وقتله.
ولكنهم تفاجئوا حقاً من السفينة الضخمة أمامهم، وبالكاد وسع المكان لأحتوائها، فكانت مصنوعة من الخشب القوي وعلى الرغم من قدمه إلا أنه لم يتأثر بأي عوامل، ماعدا الطحالب التي التصقت بعناد فوق سطح السفينة ليتحول لونها إلى الأخضر.
وبدت عالية من الصعب صعودها، وكانت مترفعة كقمة جبلية، وفي مقدمتها برزت هيئة خشبية كبيرة لامرأة منحوتة ومُزخرفة، وقد نحتت ببراعة لتجذب أنظار البحارة، وعلى الرغم من هيئة السفينة الجذابة، إلا أن الثلاثة لم يعلموا حقاً كيف دخلت إلى هُنا، ومن الواضح حقاً أنها سفينة قراصنة بسبب العلم الأسود في القمة، وعلى قماشه تم تطريز سيف وعصا سحرية كدلالة على المالكة الساحرة لهذه السفينة.
ثم صعدوا إلى السفينة بواسطة المرساة الصدئة، وعندما وقفوا فوق أرض الخشبية للسفينة، دهشوا من كبرها وضخامتها، وقد بدت كفندق واسع بدلاً من سفينة.
وعندما اخذوا خطواتهم إلى الداخل بصمت، برز صوت رنان كان كالصدى العالي ، وقد جعل بعض الصخور في الأعلى تنهار
- من الذي يجرؤ على صعود سفينة بانشي!
كان الصوت عاليا بشكل قاتل، واجبرهم على أغلاق آذانهم دون أن يفصحوا بإجابة.
وبين الصمت الذي حل فجأة، أنبثق من الظلام داخل السفينة مادة بنفسجية لزجة بدت كطلقة نارية سريعة، حتى أن رودينا لم تنتبه لها إلا في اللحظة الأخيرة، ولولا سحبها من قبل فولكان سريع المُلاحظة لغرقت داخل تلك المادة الحارقة، التي اذابت سطح السفينة كمادة حامضية حارقة.
- لا أجابة...هل قطعتم ألسنتكم عن طريق الخطأ بسبب الخوف؟
وبنبرة ساخرة تكلمت، كتمهيد قبل أن تظهر هيئتها.. وفجأة دون أن ينتبهوا قفز أمام أنظارهم عدة أشباح، وهم الطاقم الخاص ببانشي، داروا بخفة حول اجساد الثلاثة وهم يضحكون بأستهزاء مع بعض الجمل الساخرة الغير مفهومة، قبل أن يحلقوا مرة أخرى بهيئتهم الشفافة حول السفينة دون أن يقولوا أي كلمة، احتراما لظهور بانشي المُبجل.
وبسبب ذلك شعرت رودينا بالخوف، الم يقولوا أن بانشي قد توفت؟
ولكن تلك الهيئة التي ظهرت امامهم كانت دليلاً على أن بانشي مازالت حية، فكانت مخلوق مُظلم يمتلك جسداً رشيقاً مُغطى بورق أسود كالفستان، وتمتلك شعراً طويلاً اسود اللون وقد لامس الأرض، يبدو كالأعشاب البحرية الغامقة، وجهها عظمي مائل للخضرة وكأنه متعفن، وعينيها غائرتين، حتى أن بياض عينيها باللون الأسود. وقزحيتها بلون الذهب الغامق.
ومر صمت ثقيل في المكان حتى قطعته بانشي بتعجب مُصطنع
_ كيف دخل أشخاص من العامة إلى مخبئي! فلا يستطيع دخوله إلا السحرة!
ثم نظرت إلى البشرية بعينيها الحادة والضيقة وكأنها عرفت أنها ليست من سكان الأرض المجوفة
- عجباً، أن هالة كتاب الطبيعة النادر تصدر من بشرية!
وتعجبوا كثيرا من معرفتها السريعة بالأمر، وهذا كله يدل على أنها شخصية مُحترفة، وشعروا بالقلق من ردة فعلها عندما أنفجرت بالضحك العالي الأشبه بجهاز ميكانيكي صدأ، ثم خفتت ضحكتها تدريجيا دون أن يقولوا أي كلمة.
فتجمدت تعابيرها وهي تتقدم نحو رودينا بخطوات متناسقة تضرب الأرض بقوة، ولكن فولكان تصرف بسرعة ليسحب رودينا خلفه ويقول بنبرة مُتزنة بعد أن شعر بالخطر من هذهِ الساحرة:
- أعذرينا على التطفل أيتها القرصانة بانشي، ولكننا جئنا لطلب معروف.
أبتسمت بانشي أبتسامة صغيرة وهي تتطلع إلى وجه الشاب أمامها، ولم تخجل من مد أصبعها الطويل الشاحب للتداعب وجهه، ولأن فولكان يكره المُلامسات فلقد أنزعج جداً من حركتها ليدفع يديها بوقاحة ويكمل كلامه بغضب حاول تخبئته:
- أنتِ الوحيدة التي تستطيع صنع عُقار سحري موثوق لعلاج التعاويذ السحرية المُظلمة، التي تهاجم الصحة لتجعل الشخص طريح الفراش يقاوم التعذيب البطيء.
وصمت قليلاً ينظر إلى تعابيرها المُتمللة، وقد القت نظرة عابرة لرودينا التي اخرجت نفسها من وراء فولكان بشجاعة لتتولى الكلام
- سيدة بانشي، لقد بذلنا جهدنا للمجيء إليكِ لنطلب مُساعدتك، فصديقي سقط ضعيفاً بعد أن تعرض لتعويذة سحرية مُظلمة، وسيموت بعد يومين أو يوم إن لم نعالجه بإحدى الادوية المُضادة.
ثم نظرت إليها برجاء إلا إن بانشي ضحكت مرة أخرى وكأن كلمات رودينا كالنكتة بالنسبة لها. حتى أن طاقمها قد شاركها بالضحك ليهتز المكان.
- حقاً؟ يالها من مُزحة..بشرية تطلب مني مضادات علاجية! يالسخرية القدر..
ثم أستدارت لتعيطهم ظهرها وتكمل كلامها بنبرة ساخرة تحولت تدريجياً إلى نبرة حاقدة:
-ياللبشر الحمقى..لا زلت أتذكر عندما قاموا بحرق قبيلتي فوق سطح الأرض، ثم قاموا بدفن الادوية التي صنعناها. وظنوا بأنهم تخلصوا من كل شيء له علاقة بنا ليحتلوا سطح الأرض بمفردهم، ولكنهم لا زالوا يستعملون جزء من علومنا دون أن يعلموا..وأطلقوا عليه لقب " الكيمياء" فهذا العلم هو سحر بحد ذاته.
ثم نظرت إليهم بطرف عينيها لتكمل
-ولكن كالعادة انقلب ضدهم عندما استعملوه بطريقة خاطئة، إما نحن.. ذهبنا للعيش في الأرض المجوفة، ليس هروباً او خوفاً منكم..بل تخلصاً من حماقتكم كما فعلت باقي المخلوقات..ثم اصبحنا بالنسبة إليكم رمزاً للشر والظلام، ولكن الحقيقة ستظهر دائماً، مهما حاولتم قتلها، ستولد من جديد كالعنقاء..
حاولت رودينا تبرير موقفها والدفاع عن البشر، وهي تدرك أن بانشي تحاول طعنهم كل ثانية بكلماتها ولكن الساحرة لم تدعها تتلفظ بأي كلمة، فأستدارت نحوها ليرتفع شعرها كالهالة حولها، وتتوحش وتتجعد ملامحها، وتظهر أسنانها الحادة الشبيهة بأسنان القرش
- سكوت!
ثم أكملت بنبرة حادة ثقبت آذانهم
- عندما جئت هُنا لأبحث عن الكنز، في هذا الكهف الكئيب، قتلني أحد البشر دون أن أنتبه، ولكنني لحسن الحظ أستعملت طرق مظلمة أبقت على حياتي مُقابل أخذ شبابي وقوتي، فعشت بهذا الشكل القبيح مع طاقم من الأشباح، كل هذا حدث بسبب البشر..البشر الحمقى..وتريدين مني الآن أن البي طلبك لاعطيك ادوية علاجية بكل بساطة!
صرخت بصوت عالي جعلت رودينا تنحني على ركبتيها حتى أعتقدت بأن الدماء تسيل من آذنيها
وفجأة حل الصمت..ليقاطعه أحد الأشباح بهيئته السمينة
- ماهي اوامرك يا قبطان؟ هل نعذبهم أم نقتلهم مباشرة؟
رفعت بانشي كف يديها ببرود قبل أن تهدأ تعابير وجهها حتى أصبحت باردة، ليس وكأنها نفس الشخص المتوحش
- ولكنني لست مثلكم ايها البشر، وسأعطيكِ فرصة واحدة فقط، وأصنع لكِ دواء علاجي لجميع الامراض.
رفعت رودينا عينيها بتعجب وكأنها لا تصدق ما يحدث، حتى أن فولكان شك بامرها، وكان شكه بمحله عندما قالت بانشي بنبرة لعوبة مُظلمة:
- ولكن لكل شيء مُقابل، يا عزيزتي البشرية، ولهذا الدواء القيم..شيء مقابل يساويه بالقيمة.
رفعت رودينا رأسها بأمل لتقول
- سأعطيكِ أي شيء مُقابل هذا الدواء..هل تريدين جزء من جسدي أم من أسلحتي؟
وحاول فولكان منعها ولكنها عرضت عليها كل شيء، وعكس ما توقعت فأن بانشي لم تقبل بهذا بل قالت
- كلا لا أريد هذهِ الأشياء، فلديكِ خيارين...اما كتاب كوفين أو..
صمتت لتزيد التوتر بداخل قلبها
- أو شبابك.
ودق قلب رويدنا بعنف؛ فهي لم تتوقع رغباتها الغريبة، أتريد أخذ شبابها؟ ماهذا الطلب!
- دون أن تفكري.. قدمي إليها كتاب كوفين، فأنا لا أعتقد أن فقدانه سيحدث ضرراً كبيراً.
قال فولكان بنبرة هادئة وهو يكتف ذراعيه ينتظر أنتهاء هذهِ المهزلة، وحل صمت طويل كانت رويدنا تفكر بالخيار المُناسب بتوتر، وقبل ان تنفجر بانشي، أفصحت بجوابها بسرعة
- من المستحيل أن اقدم لكِ شبابي، ومن المستحيل ايضاً أن أقدم كتاب كوفين، فهذا الكتاب جمعته بعد تعب، و وعدت صاحبه بأن لا أهمله أو اعطيه لإي أحد، حتى لا يسقط بين أيدي شخص لا يجيد استعماله فيضر الأخرين، لهذا... خُذي شبابي.
ولفظت أخر كلمة بتردد وتعلثم وكأنها لا تريد نطقها، وما أن قالت جملتها حتى أنفجر فولكان مصدوماً ومسك كتفيها بعدم تصديق
- ماللعنة التي تتفوهين بها ايتها البشرية، هل تدركين اي حماقة تفوهتي بها الآن! لما لم تعطيها كتاب كوفين فقط!؟
ولكنها ابعدت يديه بابتسامة متوترة من على كتفيها، فحتى لو أعطت شبابها لهذهِ الساحرة..فهي لن تتضرر كثيرا، فهي ستموت بكل الأحوال سواء أكانت شابة أم لا، ولكنها لا تستطيع قطع الوعد مع صاحب الكتاب، بعد أن حذرها من اعطاء هذا الكتاب القيم لأي شخص، فإذا سقط بين يدي شخص شرير...الله وحده من يعلم ماذا سيحل بجوف الأرض وسطحها. وبعد كل الجهد الذي بذلته في أنقاذ سطح الأرض...سيتدمر ببساطة
وشبابها لن يضر أحداً غيرها، وإن يكن، ستنهي مهمتها بسرعة بعد أن تنقذ لانسولت وعندها.. لن تشعر بالندم على أي شيء.
- حسناً..لم أتوقع هذا الخيار..خاصة من البشر الأنانيين، ولكن لا بأس..كما وعدتك سأعطيك الدواء مُقابل شبابك.
ثم رفعت يديها بعد أن تمتمت بكلمات غريبة وأستمرت لدقائق، وقد أحضر الطاقم بعض الأشياء الغريبة والعجيبة أستعملتها لصنع الدواء، ليتشكل عقار صغير من الزجاج وبداخله سائل فضي كالزئبق.
وبيدها الأخرى أخرجت جوهرة صغيرة شفافة تحت أنظار رودينا القلقة والمتوترة وانظار فولكان الغاضبة
- هذا يكفي، من غير المنطقي أن تعطي شبابك لهذهِ الساحرة، فقط من أجل دواء! أتقدمين مصلحة الأخرين على نفسك! ماهذهِ الحماقة بحق! حاولي تغيير رأيك الآن قبل فوات الأوان!
وحاول فولكان اقناع رودينا قدر المُستطاع وعندما فكرت رويدنا بالأمر وحاولت تغييره..قاطعتهم بانشي بقولها
- لا تستطيع التراجع عن كلامها، فيجب أن تتحمل مسؤولية ما تقوله، فهذا هو الدرس الذي يجب على البشر تعلمه.
قالت بانشي بنبرة حاقدة وهي تتقدم من رويدنا التي تجمدت عندما وضعت الساحرة، الجوهرة فوق قلب رودينا لتقول
- ودعي جوهر شبابك.
وأبتسمت بأستفزاز وهي تسحب طاقة رودينا بداخل الجوهرة التي بدأت بالتلون بالأبيض، ولم تكن لمقاومتها أو محاولة دفع فولكان أي جدوى، فالساحرة قد أوقفت الوقت في هذهِ المنطقة لتقوم بمهمتها بروح سعيدة لهذا الأنتقام، وما أن سحبت شباب رويدنا بداخل الجوهرة حتى عاد الوقت إلى طبيعته، لتسقط رودينا على ركبتيها بضعف. فقدميها لم تستطع تحملها بعد الآن.
- رودينا!
ولأول مرة تلفظ فولكان بأسمها ولكن ذلك كان بلا جدوى، فخصلات شعرها القصيرة بدأت بفقدان لونها حتى تحولت إلى خصلات بيضاء، وشعرت بالخمول والضعف الشديد، لينخفض كتفيها بأرهاق، ولكن جلدها لم يتجعد وبقت ملامح وجهها كما هي
- ستتحولين إلى عجوز بشكل تدريجي، بداية من شعرك، وأنتهاء من شكلك، ولن تستطيعي العودة إلى شبابك حتى لو استعملتي اقوى شي بالعالم! استمتعي بهذهِ الفترة يا عزيزتي!
وانفجرت بانشي بالضحك وهي تعلق جوهرة شباب رودينا كالمدالية في حزام خصرها، وأنتشت بضحكتها حتى أهتز المكان مع ضحكات الأشباح، وأظلمت الدنيا في عين البشرية..وأدركت بأن لا مجال للعودة..
•
•
•
stoop
هنا نهاية البارت
اتمنى عجبكم احم..وما تنرفزتوا من تصرف رودينا * تسحب طرف ياقة قميصها بتوتر بعد ان شعرت بالاختناق*
اوك مراح اتكلم بهالموضوع، اكتشفوا شراح يصير بالفصل القادم، وايش راح تسوي رويدنا بعد ان فقدت شبابها وتحولت الى عجوز؟
عجبتكم بانشي؟
قصة السحرة عندما كانو يعيشون على سطح الارض؟ ايش رايكم بالكيمياء بعد ان ربطته بالسحر؟ الصراحة يعني..صدق احس ان الكيمياء نوع من انواع السحر..واحسها علم خيالي..لهذا اكثر مادة احبها هي الكيمياء *^*
واخيرا فولكان نادى رويدنا باسمها..بعد ما مر 34 فصل.. * تمسح دموعها الوهمية*
ويلا احاول ما اتكلم كثير حتى لا احرق
فقود باي احبكم💖💖
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro