الفصل السادس: حفل عيد الميلاد.
قصر الوزير سلايث يقع في دوقية لانكستر، بالتحديد في مدينة تابعة للدوقية على أطراف حدودها مع العاصمة، الوقت المُقدّر للوصول إلى هناك كان نصف ساعة على الأحصنة لسكان دوقية لانكستر فقط أما النبلاء الذين أتوا من جميع أنحاء المملكة فكان عليهم السفر أبكر.
كانت الخطة سهلة، ستجعل إيديث في عربة منفصلة عن عربتها لتنتبه للهدية وهي ستدخل العربة بقطها وستخرج مع مارغوس بهيئته البشرية.
نظر مارغوس للفستان الأبيض والأرجواني الذي كانت قد اختارته مسبقًا وقال:"أنتِ لا تنوين السير بجانبي بهذه القمامة أليس كذلك؟
لن يليق أبدًا مع ملابسي، وأيضًا ستكونين قبيحة فيه." أنهى كلمته وتلقى طبقًا طائرًا تفاداه من غوين التي كانت تأكل حين سمعت هذا.
:"ألم يعلّمك أحدهم كيفية التحدث لسيدة أيها الوغد!" هتفت بحنق فيه فأجاب بجدّية:"كفاكِ مزاحًا غوين، الفستان سيئ!
لأكون صريحًا، هو جيد وحده، وإن ارتديته وحدك ستكونين جيدة، لكن -وأنا لا أقصد التباهي- سنكون أضحوكة إن ارتديتِ هذا الفستان المبهج وسرتِ بجواري."
:"أتقول أنّني عليّ تغيير فستاني الذي جهزته منذ أكثر من أربعة أيام الآن؟! اليوم عطلة في أغلب المتاجر!" صرخت به بغضب جامح
هو لا يعتقد أنّها ستنزل السوق الآن لتشتري فستانًا جديدًا أليس كذلك؟!
صمت بُرهة ثم قال بحدّة:"هذه لن تكون مساعدة لأنني فقط أريد الظهور بمظهر جيد، فهمتِ؟"
اتسعت عينا الأخرى على الفور لأنها أدركت أنّ لديه حلًّا بالفعل، وأومأت بسرعة كالجرو أمام قطّها الذي بدأ يسرد فكرته:"تقنيًا لديكِ سبع ساعات قبل الذهاب لهناك، يمكنكِ دعوة مصمم أزياء -وهو يُدعى ساترن بالمناسبة- وستعطينه تصميم الفستان الذي سأمليه عليكِ وتجعليه يخيّط لكِ الفستان خصيصًا."
تقنيًا هو يخبرها بأنّه سيختار فستانها،
يبدو أنّ لديه فكرة عمّا سيرتديه حقًا هناك، وحسب معرفتها فهو متفاخر بالتأكيد كل هذا حتى يتذكر حضوره النبلاء وليس لأجلها، لكن مَن سيستطيع التنبؤ بما يجري في باله بأي حال؟
بتردّد قررّت الوثوق في ذوقه ونادت إيديث لتأتي لها بالمدعو ساترن وتخبره أنّه مطلوب من الدوقة ليصمم لها فستانًا، وستعطيه الدوقة ثلاث أضعاف ما سيجنيه في العادة.
بعد ساعتين أتى ساترن، كان في منتصف الخمسينات وقد غزا الشيب رأسه بالكامل، يرتدي بذلة بسيطة ومعه معدّاته وعرّف نفسه باسم ساترن.
سردت على ساترن كل ما أخبره إياها مارغوس الذي أمرها ألّا تسأل عن أي شيء سيطلبه.
طلب فستانًا أسودًا قصيرًا، بأكمام قصيرة ومحتشم عند الصدر، ياقة حادّة، يزين خصره السلاسل، على الفستان أن يكون بسيطًا وألا يحتوي على الكثير من التطريزات وأن يحتزي على خامتين وحزامين رفيعين حول الخصر وأن يكون تصميمه كبذلة دوق لكن كفستان.
بدا الرجل المسكين ضائعًا مع كل هذه المتطلبات، حتى غوين نفسها لم تتوقع أن يكون مارغوس متطلبًا لهذه الدرجة، ومن وصفه للفستان لم تكن متحمسة له لكنّه أخبرها أن تطبق فمها حتى ترى النتيجة النهائية.
جلس الرجل نصف ساعة يرسم تصاميم الفستان ثم بدأ العمل ومعه خاماته، ثم بدأ العمل عليه بسرعة.
في ذلك الوقت في قصر الوزير سلايث كانت جويل وبرفقتها إليوت في المكتبة.
بدا على وجه جويل الانزعاج وهي تردف:"اليوم عيد ميلادي، لكن بالطبع أبي وولي العهد لا يعترفان بهذا وطلبا أن نبحث لهم عن ذلك الكتاب عن دوقية ماجينلاك الذي لا يتذكر ولي العهد اسمه لأن صديقه الميت منذ أربع سنوات ذكره قبل أن يموت بيوم، كيف سيدير مملكة في المستقبل بكلّ هذا التغطرس؟
الملك الحالي الرحيم كيف ينجب شخصًا شيطانًا مثل هذا؟" أنهت الحديث وسمعت ضحكة إليوت الخفيفة وردّه:"تبدين لطيفة وأنتِ منزعجة." فتلاشى غضبها وحلّت ابتسامة مكانه.
أكمل الآخر:"لكنّني أتفق معكِ في كون الأمير آرثر غير مراعٍ وطلباته عجيبة أغلب الوقت."
:"أخبرني أبي أنّك صديقه منذ وقتٍ طويل، هل كان دومًا هكذا؟" تمتمت وهي تنظر للرف أمامها تتصفح عناوين الكتب فيه.
تنهد الآخر ونظر للفراغ يتذكّر:"لأكون دقيقًا، هو لم يعاملني بطريقة مختلفة، ولم يعامل أحدًا أمامي بطريقة مختلفة، ماعدا راث،
راث كان في مكان آخر بالنسبة إليه، هو المسموح له بالحديث معه بدون ألقاب، ومسموح لراث أن يدخل أي مكانٍ في القصر الملكي حتى غرفة نومه الخاصة بدون أن يعترضه أحد،
حتى أنّني أتذكّر يومًا كنّا فيه نتدرب بالسيف مع كتيبة محاربين ودرع راث تصدّع، في منتصف الساحة نزع درعه وأصرّ أن يعطيه للأخير.
راث كان الوحيد الذي يحق له خرق كل القوانين، بصراحة كان ذلك يُشعرني بالغيظ قليلًا، حين مات راث لم تعد علاقتي بصاحب الجلالة كما في السابق."
أنهى حديثه وساد صمتٌ لبرهة قطعته هي بابتسامة جانبية:"راث، هذا شقيق غوين أليس كذلك؟"
:"أوه أجل، لكن لا تُخطئي الفهم شخصيته لم تكن كشخصيتها أبدًا، ربما لو قابلتِه كنتي لتقعين في غرامه، أنا لا أبالغ، كان بهذه الجاذبية أعرف رجالًا ولم يكونوا ينجذبون لنفس نوعهم حتى أرسلوا له خطابات غرامية."
صمت وضحك بخفة وهو يتابع:" كان يهدّد بمغادرة المملكة والهرب بسبب هذا، وحين أخبره تزوّج امرأة وستنقذ نفسك من هذا الموقف يجيبني، ومَن سيهتم بصغيرتي غوين؟ سأتزوج بعد أن اطمئن عليها، كنت أستغل الأمر وأغيظه أكثر."
انتهى من الحديث بابتسامة حزينة على محياه ولم يشعر إلّا بكفّ جويل الذي حط على كتفه وقولها له:"يبدو أنّه كان صديقًا جيدًا، أنا آسفة لك."
ثم صمتا لدقائق وقرّرا استكمال بحثهما عن الكتاب الذي طلبه الأمير.
في النهاية ولعدم كفاية المعلومات عنه انتهى بحثهم حول خمس كتب، ولا يتحدثون عن تاريخ دوقية ماجينلاك من الأصل.
تركته وذهبت ترتدي فستانها المجهز لعيد ميلادها، بينما هو أرسل خادمًا ليجلب له بذلته من القصر وسيرتديها في غرفة خصصتها جويل له في القصر.
وبعد ساعتين من مغيب الشمس اكتظت الحديقة الخارجية بعربات النبلاء الذين حضروا وأحضروا معهم هداياهم، الموسيقى ملأت المكان، والطابق السفلي عج بالمدعوين.
نزلت ترحب بالموجودين بفستانها الأبيض المطرّز بنقوش ذهبية، جعلت شعرها منسابًا ومَن بجوارها يرتدي بذلة دوق رصاصيّة.
كان مظهرهما رائعًا يخطف الألباب.
ثم صدح صوت الخادم يعرّف هوية كلّ شخص يأتي نحوها ليتمنى لها عيد ميلاد سعيد ويقول هديته
صدح صوت الخادم بعد مدّة:"جلالته ولي العهد ومرافقته، جلالة الأميرة." وتقدّم رجل لطيف الهيئة في السابعة والعشرين ذا شعر بنّي فاتح مرفوع لأعلى يزيّنه التاج، وعينين خضراوتين، بنيته الجسدية رياضية كبنية جسد إليوت، يرتدي بذلة سوداء وبجواره فتاة جميلة شبيهة له في الملامح ولون الأعين، شعرها أحمر ترتدي فستانًا أحمر داكنًا مفتوح الصدر وتبدو في الثلاثينات.
صدح صوت الخادم مرة أخرى:"وقدّم صاحبي الجلالة، عربة بأحصنتها، مصمّمة على الطراز الملكي ومحلّاة بالذهب." ارتفعت الهمهمات لهذه الهديّة الثمينة للغاية
وانحنت جويل وإليوت للأميرين، قالت الأميرة برقّة:"عيد ميلادٍ سعيد عزيزتي، أتمنى أن أجدكِ في عيدك القادم مع زوجك." وأشارت بعينيها لإليوت بدون أن يلاحظها أحد فضحكت الأخرى وأجابتها:"شكرًا لكِ سمو الأميرة."
أتى الأمير أيضًا بابتسامة وديعة قائلًا :"عيد ميلادٍ سعيد جويل، أرى أنّ رفيقكِ هو إليوت، مجددًا."
أجابته ضاحكة:"هو من طلب منّي أن أكون رفيقته جلالتك، مجددًا."
:"حسنًا ومَن يستطيع لومه بوجود جمالٍ كهذا، أنتِ ثاني أجمل شخصٍ رأيته اللّيلة، بالطبع لأن اختي فيديل الأولى." قال وضحكت شقيقته مردفة:"فتًا مطيع، لن أفكّر في اغتيالك الآن."
ضحك الجميع على مزحتها ثم بعدها خرج صوت الأمير:"أرى أنّ شقيقة راث لم تأتِ أيضًا، كذلك الدوق واين؟"
هنا كان صوت إليوت من رد عليه:"الدوق واين من بعد موت راث وزوجته وأعلن حداده؛ لا يذهب للحفلات، بالنسبة لغوينيفين..." تنهد ولم يُجِب فتدخلت الأميرة فيديل:"أمازالت مهووسة بك إليوت؟ يالك من رجل مسكين، لابُدّ أنّك تعاني من زوجة مثلها."
التفتت لأخيها وتابعت:"أتصدّق يا آرثر، لقد قالوا أنّها أشعلت نيرانًا لتجرّب تعويذة لتوقعه في حبّها، تقول الشائعات أنّ خدمها رأوها ترقص حول النار بطريقة مجنونة، أنا أشفق عليها؛ لقد أحبّت إليوت بطريقة دمّرته ودمّرتها."
كان إليوت سيقول شيئًا حين ارتفع صوت المنادي مرّة أخرى يقول:"الدوقة غوينيفين لانكستر، ورفيقها."
تلقائيًا توجّهت الأنظار نحوها ونحو رفيقها الذي يرتدي رداءًا طويلًا بأكمام، توسّطه حزام جلدي وياقة مزيّنة بنقوش فضّية، وشالًا حريريًا أسودًا ارتداه على جانبه ولفّ عليه الحزام.
يسير بعصاه الذهبية ممسكًا بيد غوينيفين التي كان تشتمه بخفوت:"لماذا نبدو وكأننا ثنائي شرير يريد قتل جميع البشر؟ سحقًا لك ولذوقك مارغوس ما كان عليّ أن أثق بك، أبدو كمن يذهب لجنازة، تبدو كحاصد أرواح، كساحر شرير، تبًا لك."
:"أطبقي فمك، سيسمعكِ أحدهم." ردّ الآخر من تحت أسنانه بحنق
كانت قد جعلت شعرها بشكل جديلة جانبية ووضعت أحمر شفاه باللّون الأحمر الصارخ.
ووراءهما الخادمة إيديث تقف حاملة الهدية تتمتم لنفسها وهي تنظر لظهر مارغوس بخوف:"أقسم أنّ السيدة دخلت العربة وحدها، كيف؟ كيف؟"
:"جويل، أصبحتِ الآن ثالث أجمل امرأة بالحفل." قالها الأمير آرثر بوداعة قبل أن تأتي غوين لتسلّم عليها، ويهمهم المدعوّون حين رأوا خدم جويل يُظهرون هدية غوينيفين الثمينة.
حين وصلا نحوهم بدأت بالانحناء للأميرة التي كانت تقف بجوار جويل، ثم أتت إلى جويل وتمنّت لها عيد ميلادٍ سعيد.
أتت لإليوت الذي قال لها:"أرى أنّكِ أتيتِ حقًا! ومعكِ مرافق! أتساءل لماذا لم يقُل الخادم هويته؟"
قبل أن تتحدّث خرج صوت مارغوس:"لأنني رفضت إعطاءه هويتي."
:"وهل لي أن أسأل لماذا؟" خرج صوت إليوت مرة أخرى فابتسم مارغوس بخبث ورد:"لن يكون الأمر ممتعًا لو عرفتم بسهولة، أليس كذلك؟"
نظر لغوين ثم تابع يحدّث إليوت:"لكن إن كُنتَ فضوليًا للغاية يمكنني التنازل وإخبارك علاقتي بغوين."
تعمّد تقصير اسمها وعدم مناداتها بلقبها حتى يرسل لإليوت الفكرة، أنّه قريب منها.
وتابع:"قبل أن تفكّر في أي شيء، هي فقط صديقة عزيزة عليّ، طلبت منّي مرافقتها فوافقت، هذا هو الأمر."
حينها خرج صوت الأمير آرثر مبتسمًا بخفة:"لابُدّ أنّ صداقتكما متينة، حتى تخرج من دوقية ماجينلاك حتى دوقية لانكستر فقط لترافقها لحفل عيد ميلاد." واتسعت أعين الجميع.
أكمل الأمير آرثر:"الأمر واضح من ملابسك؛ الجميع في دوقية ماجينلاك يرتدي هذا."
بالطبع كانت غوين في عالم آخر وهي تنظر لوجه الأمير الوسيم.
ابتسم لها الأمير وهمست لمارغوس:"مارغوس، لقد وقعت في الحب."
:"خرقاء." همس الآخر لها بملل
تقدّم الأمير ناحيتها وقبّل ظهر يدها وهو يردف:"يقولون أنّك لا يمكنك لمس الملائكة، لماذا أنا ألمس واحدًا الآن؟"
احمرّ وجه الأخرى وضحكت فنكزها مارغوس هامسًا:"تمالكي نفسك بحق الإله، أهي المرة الأولى التي يخبرك أحدٌ أنّكِ جميلة؟"
:"شكرًا جلالتك." أجابت
بابتسامته الوديعة صحّح الأمير لها:"آرثر؛
أنا لا أنوي إلّا مناداتك غوين، وآمل أن تنزعي اللقب عنّي كذلك."
بالطبع وجوه إليوت وجويل وشقيقته عبّرت عن صدمتهم، بينما مارغوس كان يراقب المحادثة المبتذلة بعدم اهتمام.
ابتسمت له غوين وردّت:"إذا كنتَ تريد هذا، آرثر،
أنتَ ألطف شيء رأيته منذ أتيتُ إلى هنا."
:"أشعر بالإطراء." أضافها آرثر قبل أن يعلنوا بدء الرقصة الأولى ويتوجه الجميع لساحة الرقص مع شريكه.
بالطبع لا مارغوس أو غوين يجيدان الرقص فجلسا وحسب.
:"انظر لآرثر، ياله من لطيف." بنبرة حالمة قالت بينما رفيقها ينظر لها بسخرية:"كل ما فعله هو إخبارك أنّكِ تبدين جميلة، بطريقة مبالغة قليلًا."
:"عليكَ أن تتعلّم منه كيف تحدّث سيدة." قالت وعادت تنظر له يرقص مع شقيقته.
:"أنا أعرف كيف أتحدث للسيدات، ألم تريني أخبركِ في وقتٍ سابق كيف أنّكِ تشبهين القرد؟" قال ونظرت له بطرف عينها فتابع مبتسمًا:"أنا أحب القردة، عليكِ أن تأخذيها كمجاملة."
:"وغد." تمتمت بينما الأخير يضحك عليها.
تنهدت ورأت فتاة خمرية ترتدي فستانًا زهريًا تتقدّم على استحياء من طاولتهما.
في البداية فكّرت أنّها ستأتي وتدعوها لحفلٍ ما، في النهاية الدوقة المجنونة حضرت الحفل، عليها أن تسعى لنميمة مناسبة عليها وأفضل طريقة لفعل ذلك هي بالتحدث معها وتملقها.
لكن تفاجأت حين تخطتها الفتاة وبوجه أحمر توجهت لمارغوس تخبره بتلعثم:"سيدي...أتود..أتود الرق.." لم تُكمل حديثها لأن مارغوس أجاب بسرعة:"كلّا!"
:"هاه؟" قالت الفتاة بينما الآخر حمل كأس الشراب من طاولته وقال بتكبّر بدون أن ينظر لها من الأساس:"أنا أرفض دعوتك، اسألي أي شخص غيري، وإذا سمحتِ ابتعدي قليلًا أنتِ تحجبين الضوء."
ذهبت الفتاة بينما غوين نظرت له بتأمل قبل أن تقول:" لكن كان عليك أن تكون مهذبًا أيها اللعين؛ لقد أحرجتها!"
:"طلبها كان وقحًا، كما أنّني في حياتي لم أرقص مع حبيبتي حتى!" تمتم بوجه جاد وهو يتجرّع كأسه ولم يلاحظ لمعة عين التي تجلس قبالته وهي تقول:"حبيبة! عليكَ تعريفي عليها! أين هي؟"
:"ميتة." أجاب باختصار بينما الأخرى بدأت تثرثر وهي تنظر له بشفقة:"لهذا أنت وقح ووغد، لابدّ أنّ قلبك انكسر فغدوتَ بلا قلب."
:"عفوًا مَن تتحدّث عن الوقاحة؟ التي تخرج بملابس نومها أمام رجل غريب؟ نحن ننام في ذات السرير هل نسيتِ؟" رد قاصدًا إغاظتها.
وردّت الأخرى تدافع عن نفسها:" مهلًا، أنت لم تكن رجلًا حتى حين ننام معًا!"
:"لماذا أشعُر بالإهانة؟" قال قبل أن يلاحظ الأمير يتقدّم ناحيتهما ويشير عليه بعينه مردفًا:"انظري، محبوبكِ قد أتى!"
التفتت للناحية التي أشار عليها وابتهجت حين رأته
ضحك مارغوس من جملتها قبل أن يهمس لها:"ربما أتى ليطلب الرقص معي؛ الشائعات تقول أنّه لا يهتم بالنساء بأي حال."
كانت ملامحها كملامح طفل تخبره أنّ الجنّيات غير موجودة فور سماعها جملة رفيقها.
وصل الأمير ناحيتهما واتجه بحديثه لمارغوس يخبره:"آمل ألّا تمانع أنّني سأرقص مع رفيقتك بعض الوقت." تحوّلت فورًا ملامح الحزن لديها للابتهاج من جديد.
:"لا مانع لدي خذها." أجاب بملل قبل أن يطلب من أحد الخدم أن يملأ له كأسه.
استقامت بحماس لكن حماسها انطفأ بسرعة حين تذكّرت وتمتمت:"آسفة جلالتك، أودّ حقًا الرقص، لكنّني لا أجيده، سأحرجك وحسب."
نظرة الأمير اللّطيفة تحوّلت وهو يردف:"أولًا أخبرتكِ اسمي آرثر." ثم جذب يدها ناحيته وأكمل:"وأيضًا لا تستطيعين إحراجي غوين، لن يجرؤ أحدٌ على دعوة رقص الأمير سيئًا ستكون إهانة."
:"لكن..." كادت تقول شيئًا لكن قاطعها آرثر مجددًا:"ولن أمانع أن تخطي على قدمي."
لم تكن لتستطيع رفض لطف الأمير حقًا فوافقت أن ترافقه للرقص ولم تلاحظ ابتسامة مارغوس الخفيفة حين غادرا.
أتت فتاة أخرى نحوه وقبل أن تتحدث قال:"كلّا!"
تمتم لنفسه وهو يرى الأمير يضع يده على خصرها ويمسك باليد الأخرى يدها وهي متوترة وتنظر لخطواتها حتى لا تخطو على قدمه:" وتجرؤ على انتقاد ذوقي، ذوقي جعل الأمير يلاحظك أيتها الجاحدة."
بالطبع جويل كانت فاقدة للنطق وهي ترى الأمير مع غوين، شأنها كشأن معظم النبلاء الذين راقبوهما بحذر.
قال آرثر لها:"أنتِ حقًا لا تشبهين الشائعات التي تخرج عنكِ."
:"لم تكن الشائعة لتسمى هكذا لو لم تكن كذبة." ردّت غوين فابتسم وهو ينظر لإليوت الذي لم يكُن يبدي ملامحًا واضحة وهو يراها.
:"يبدو أنّ زوجك يبدو غاضبًا قليلًا، هو يغار؟" أردف مازحًا وفوجئ بالتعبير الذي يدل على التقزز على وجهها وردّها:"لا أعتقد، هو فقك غاضب لأنّ مارغوس رافقني؛ وهو كان يتبجح بأنّ لا أحد سيقبل مرافقتي بحجة الشائعات حولي."
:"إذًا ذلك الشاب من دوقية ماجينلاك يُدعى مارغوس؟ ينتابني الفضول كيف تعرفينه لدرجة إقامة صداقة؟ أنا الأمير ولا أستطيع التعامل معهم بهذه الأريحية." قال لها وهي رأت أن تستغلّ أمر قربها من مارغوس بالفعل.
:"فلتقُل، الأمر أشبه بأنّه أنقذني نوعًا ما، وهكذا بدأت صداقتنا." أجابت وهي تشعر بالانتصار قليلًا.
من حديث آرثر يبدو أنّ رفيقها ليس وسيمًا أنيقًا فحسب، ستستغل هذا.
ثم بدآ يمزحان ويضحكان على كون النبلاء سذّج وشائعات المجتمع المزعجة.
أمّا عند مارغوس فكان يفكّر أنّه لو كان يستطيع القاء التعاويذ لاستمتع بتحريك الظلال وإخافتهم قليلًا.
تنهد وتمتم:"هؤلاء الحثالة مجلس السحرة الأعلى، كيف يجرؤون على ختم قوّتي؟ حين أستعيدها سأبدأ بهم في انتقامي."
استقام وذهب لطاولة الطعام ليحضر لنفسه بعض الكعك لكن لم يستطع أخذ قطعة كعك لوجود الدعوات من مختلف أعمار النساء له ليرقص معهم.
في ذلك الوقت قرّرت جويل أن تأخذ إليوت إلى الشرفة، ولاحظتهم غوين فابتهجت.
:"انظر إلى هذا، سيخونني زوجي! يالفرحتي! القدر ابتسم لي بالفعل، تعالَ آرثر." جذبت يد آرثر الذي كان مستغربًا ردة فعلها وتبعاهما بهدوء.
همس آرثر لها:"أنا لا أفهم، أليست خيانة زوجك شيء سيئ؟"
:"مَن قال هذا؟ أنا أصلّي ليجلب امرأة للقصر ويخونني معها، لكن الحقير لم يفعل." أجابت وهي تراهما يتضاحكان معًا ولم تلاحظ الأمير الذي ينظّف أذنه ممّا يسمعه.
صمتا وسمعا جويل وهي تقترب منه:"يبدو أنّ زوجتك والأمير يبدوان مقرّبان؛ هو لم يطلب من أحدٍ أبدًا أن يناديه باسمه الأول."
:"أنا واثق من أنّكِ أخطأتِ الفهم، هو لا يفكّر بها هكذا." رد إليوت ناظرًا للسماء بجدية وأكمل:"ما أنا خائف منه هو رفيقها الذي من دوقية ماجينلاك؛ غوين ساذجة ويمكن أن يكون قد خدعها وادّعى أنّه ساحر وسيجعلني أحبّها."
نظر آرثر لوجه غوين التي كانت تتمتم:"هل عليّ أن أطارح كل رجل أراه الغرام حتى تفهم أنّني لا أحبّك أيها الوغد؟ هيّا قبّلها وانزعا ثيابكما وافعلا كل الأشياء المقرفة وخلّصاني!"
اقتربت جويل مرة أخرى وغيّرت الموضوع:"دعك منها، نحن في مصيبة لأنّنا لم نجد الكتاب الذي جعلنا الأمير نبحث عنه."
:"سأقول له أنّ الخطأ خطأي، أنا معتاد على تعليقاته حين أقصّر في شيء." أجاب فاندفعت تقول:"أنت دومًا تدافع عنّي، لن أسمح لك هذه المرة؛ الأمير شيطان قد يعزلك من منصبك كدوق فقط لهذا الخطأ.
كلّ هذا خطأ صديقه الميت بأي حال، إن كان لديكَ الوقت لوصف الكتاب له لماذا لم تجلبه له أو على الأقل تخبره باسم الكتاب أيها الذكي."
بالطبع لم يرا نظرة الأمير وابتسامته وهو يستمع لهما اللذان اختفيا عندما تحدّثت جويل عن صديقه بتلك الطريقة.
خرج صوت إليوت:"جويل راقبي حديثك."
:"أنا أقول فقط الحقيقة، ليس عدلًا أن يتم معاقبتنا والخطأ واضح أنّه ليس خطأنا!" تابعت ثم اقتربت مجددًا منه حتى لم يكن بينهما مسافة وأخفضت صوتها وهي تتابع:"لكن دعنا من هذا لقد دعوتك هنا لأشكرك على وقوفك بجانبي طوال هذا العام، أنتَ دائمًا ما شجّعتني وأرشدتني، لم أكن بقرب شخصٍ في حياتي مثلما كنتُ قريبة منك، وذلك أشعرني بالسعادة،
سأعترف بشيء، بالنسبة لي لم أعتبرك أبدًا مجرّد صديق." اقتربت من شفاهه واتسعت ابتسامة غوين.
:"لكن جويل، أنا رجل متزوج!" قال بثبات قبل أن يُبعدها عنه بضع خطوات وهو يُكمل:"وأنا لستُ صديقًا بهذه الروعة."
:"أنا...أنا لا أفهم، ظننتُ أنّك تحبّني!" خرج صوتها مهتزًّا وأجاب إليوت:"بالفعل، حتى أنّني تمنّيتُ أحيانًا لو كنتِ أنتِ زوجتي بدلًا من غوين.
لكن أنا لستُ خائنًا، ولستُ من النّوع الذي يتجاوز الحدود بحجة أنّ زوجتي سيئة، صحيح أنّها سبب كون حياتي بائسة وأنّ هذا الزواج لم يتم بإرادتي في المقام الأول، لكن لا، آسف، لن أستطيع."
:"لماذا؟ لقد قلت أنّك لا تحبّها وهذا ليس زواجًا بإرادتك، لماذا؟ ألا يجب أن تبحث عن سعادتك؟!
هذا ليس عدلًا أبدًا!
ألا تُحبّني لدرجة كافية لخيانتها؟" انفعلت والدموع بعينيها
:"لقد اعترفتُ بالفعل أنّ لديّ مشاعرًا لكِ جويل، كيف تقولين هذا؟
بسبب أخيها أنا على قيد الحياة الآن، كيف يمكنني أن أخونها وهي آخر ما تبقى منه؟ لستُ حقيرًا لأفعل هذا، آسف." ضحك بخفة وأكمل:"أعتقد أنّها كانت على حق، أنا حقًا جبان، ربما عليكِ أن تحبّي شخصًا غيري."
ركضت باكية خارج الشرفة غير ملاحظة الأمير وغوين.
كانت غوين لا تُظهر أي تعبير حين دلفا للشرفة بعد خروج جويل.
رأته يراقب السماء بلا تعبير واضح وهذه المرة الأولى التي ربما هي شعرت بالشفقة عليه.
خرج صوتها:"أنت تجعلني أبدو شريرة أتعرف هذا؟"
لم يلتفت حتى وتابع:"منذ متى وأنتِ تشاهدين؟"
:"أتعلم؟ أنا لا مانع لديّ بخيانتك لي، حقًا، أخبرتك أنا لم أعد أحبك." قالت بهدوء.
:"أنا لم أفعل هذا مراعاةً لشعورك." أجاب بجفاء
:"أعلم." أجابت وقبل أن تتحدّث خرج صوته مرة أخرى:"ألا يجب عليكِ أن تبحثي عن رفيقك؟ ربما ترككِ وهرب."
فهمت أنّه يريدها أن ترحل، وتفهمت هي الأمر.
ولسببٍ غير مفهوم شعرت أنّها يجب أن تقول شيئًا.
:"أنا آسفة، كنتُ أنانية ومزعجة، ولك الحق بكرهي."
:"ربما أبدأ بكرهكِ حقًا، فقط استمري بجلب رجال آخرين لتخرج شائعة أنني لستُ زوجًا كافيًا لكِ بالإضافة لسيل الشائعات الذي سيخرج عنكِ." رد وعلمت أنّه يقصد مارغوس بحديثه.
:"بالنسبة لعدد النساء الذين خرجت لك شائعات معهم، لا تقلق سمعتك في أمان." ردّت قبل أن تربّت على ظهره وتُكمل:"سأجعل طاهي القصر يعدّ الشوكولاه، إنها الطعام المناسب للقلب المفطور، وسأقرضك روايات عاطفية مأساوية تجعلك ترغب بقطع شرايينك."
:"لابدّ أنّكِ خبيرة بهذا الشأن بعد أن رفضتك، ورفضك أكثر من مائة شخص في يوم واحد." أضاف ونظر لابتسامتها الغاضبة وردّها:"استمر بالحديث وستتغير حالتي من متزوجة لأرملة."
:"هل ستقتلينني؟"
:"بالطبع لا سأدفعك من هنا، والجاذبية ستتكفل بالباقي، سيكون موتًا لظروف طبيعية للغاية." التفت لها وهي تكمل:"لكن سأؤجل الأمر وأذهب لأبحث عن رفيقي قبل أن يهرب."
تركته هو والأمير وحدهما وذهبت بالفعل تبحث عن مارغوس، وسيطر الصمت على المكان.
قال آرثر بعد فترة من الصمت:"أنت محظوظ، لا تجد كل يوم زوجة لا مانع لديها أن يخونها زوجها."
:"كم مرة داست على قدم جلالتك؟" رد إليوت متذكرًا الرقصة وأجاب آرثر:"توقفت عن العد عند الرقم ثمانية، سأذهب لطبيب القصر لأطمئن أنّ مشط القدم لم يتحطم."
ابتسامة خافتة زيّنت محيا كليهما قبل أن يتوقفا عن الحديث مرة أخرى.
في ذلك الوقت كانت الأخرى تبحث عن مارغوس الذي كان يقف بضيق ومن الواضح أنّه لم يستمتع منذ أن غادرَت.
أتت نحوه وانفعل بها:"أين كنتِ بحق الجحيم!"
أخذت كأسًا ترتشفه وتقول بإحباط:"كنت أرى لو أن إليوت سيخونني أم لا، لم يفعل."
:"هل فاتني شيء ممتع؟" رد وأجابت:"ليس كثيرًا، لا، دعك من هذا، كم من الوقت تبقى لك؟"
:"نصف ساعة أو أكثر" رد ووضعت كأسها جانبًا
حين بدأت موسيقى مشابهة لموسيقى أغنيتها المفضلة في حياتها السابقة
بابتسامة خبيثة قالت:"لم يتسنى لنا أبدًا الرقص معًا."
:"أنا العظيم مارغوس، لن أرقص بالطبع! وأيضًا لقد رأيتُ الجريمة التي ارتكبتِها في قدم الأمير." رد وببطء قالت:"أجل صحيح." ثم خطفت منه العصا وركضت.
ركض وراءها :"أعيدي عصاي السحرية، أقسم سأعيد إحياءك كضفضع!"
نزعت حذاءها وقادته عند حلبة الرقص حافية تردف:"هيا يا جدّي حرّك جسدك قليلًا."
أمسك بعصاه في منتصف حلبة الرقص وأمسكت هي بيده وبدأت تتحرّك حركات عشوائية وهو يحاول الهرب.
:"النجدة، إنها ستقتلني من الإحراج."
:"هيا حرّك جسدك على الموسيقى، ما فائدة ألف عام بدون بعض الإحراج الذي يجعلك ترغب بدفن نفسك حيًّا؟ الرقص بعشوائية ممتع!" قالت متجاهلة إياه.
:"حسن أستعيد سحري سأجعل منكِ كرسيًّا." قال باستسلام وقد قرّر محاراة حركاتها التي لم تكن تمت لهذا العالم بصلة.
بدأت تتمتم بالاغنية التي تذكرتها حين سمعت الموسيقى:《لقد وقعت في حب حكاية خيالية، حتى ولو كان الأمر مؤلمًا،
لأنني لا أهتم لو فقدت عقلي، أنا ملعون بالفعل》
فوجئت بمارغوس لأول مرة يستجيب لها بدلًا من التذمر وحتى أنّه يغنّي معها.
قال لها:"ذكريني بعد أن نعود أن أدفن نفسي حيًّا، هيبتي سُوّيت بالتراب بسببك."
تجاهلت حديثه،
في الحقيقة هذا كان أول حفل بالفعل تستمتع به، أول مرة تحظى في حياتها بشخص يرقص معها كان اليوم،
كل الحفلات كانت تنتهي دومًا بكابوس بالنسبة لها، لن تهتم بحديث مارغوس وستطلق العنان لنفسها.
وأيضًا أرادت شغل نفسها عن الشعور بالذنب لأجل إليوت، هي أيضًا ليست في هذا الموقف بإرادتها، كل هذا بسبب ساحر شعر بالملل وأمنية سخيفة.
___________________________
STOP RIGHT HERE:-
بعد سحب سنة بقيت بحدّث كل يوم شابتر:
اقرب صورة لفستان غوين اللي سابت مارغوس يختاره لحفلة عيد ميلاد
اقرب صورة للاوتفيت بتاع مارغوس بقا:..
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro