الفصل السابع عشر:" الواشي."
استفاقت شايتا على سرير ضخم في غرفة نوم مختلفة عن غرفة الأمير، وجدت بطاقة مكتوب عليها:《لقد ثملتِ وفقدتِ الوعي فأمرتُ الخدم أن يجهزوا لكِ هذه الغرفة،
بالمناسبة استمتعتُ كثيرًا بحديثنا، الحديث معكِ أراحني، شكرًا، فلنحرص على تكرارها
ملحوظة: يستحسن أن تذهبي لدوقية ماجينلاك قبل أن يُلاحَظ تغيّبك.》
احمرّ وجهها قليلًا وابتسمت تتمتم:"لا أستطيع تذكّر حتى، فيمَ تحدّثنا، ذلك الأمير حقًا...لا أعرف... أحسد تلك الدوقة المجنونة حقًا إن كانت تتحدث معه هكذا طوال الوقت."
غطّت وجهها بالوسادة خجلًا وتابعت:"لقد كان يمثل كونه سيئ الطباع، ولكن حين كنّا وحدنا كان رجلًا لطيفًا، هذا...لطيف." حين هدّأت نفسها وجدت ظرفًا يحتوي رسالة أخرى أيضًا كان مكتوبًا على الظرف ألّا يُفتح إلّا حين تعود للمنزل بسلام.
في ذلك الوقت كان آرثر في غرفة العرش، والده يجلس على كرسيّه الذهبي الذي كان أعلى السلالم ينظر لأسفل حيث كان ولده يجلس أمام الكاهن الملكي يستمع لمحادثتهما.
الكاهن كان عجوزًا في السبعين، لحيته الكثيفة وصلت لمنتصف صدره يرتدي قبعة طويلة، وعباءة تشبه ما يرتديه سكان ماجينلاك ذهبية اللون يحمل بيده مبخرة تدور حول رأس الأمير وهو يسأله:"حسنًا جلالتك، لقد أحسنت عملًا، لم تقتل سوى خمسة فقط ولم تدخل في أي نوبات اهتياج هذا الشهر، هل مازالت الأصوات تتحدّث لك؟"
:"حاليًا هي تخبرني أن أقتلع لك رأسك، وأطعن أبي في قلبه، وبالمناسبة هذا البخور لا يجدي نفعًا مازال صوتها صاخبًا." رد آرثر وهو متضايق من رائحة البخور التي تحوم حول رأسه.
:"متى لا تسمعها؟" عاد الكاهن يسأل.
:"أخبرتك من قبل، حين أزور المقابر، أو جميع من حولي يكونون موتى، حين أكون وحدي أسمعه همسًا فقط." أجاب آرثر وبدا وكأنّه تذكّر شيئًا فأضاف :"أوه، لكن مؤخرًا، حين كنتُ في المهرجان، كانت هناك مرة أو مرتين كنت برفقة شخص ما، ولم أسمع الأصوات تخبرني أن أقتله."
تبادل الملك مع الكاهن النظرات قبل أن يقول الكاهن:"هل كان ساحرًا؟"
:"كلّا، على أي حال، سأتحقق من الوضع، لربما هذه بداية اختفاءها، الآن أحتاج للتحدث إلى ملكك على انفراد." أردف الأمير وهو يشير للكاهن أن يغادر.
استأذن الكاهن بالفعل وغادر تاركًا الأب وابنه وحدهما في الغرفة.
:"أميرة إيسهاف في الطريق، هل اهتممتَ بامر استقبالها؟" بدأ الملك يتحدث وسمع ابنه يرد:"فيديل والدوق جيرين سيفعلان، لقد أتيتُ في أمرٍ آخر."
صمت الملك يستمع إلى ما سيقوله آرثر:"أبي، لماذا علينا أن نُحابي دوقية ماجينلاك؟"
:"ماذا؟ إنها أقوى دوقية في المملكة لا تدين بالولاء للملك علينا ضمان عدم انشقاقهم عنّا، لماذا تسأل سؤالًا تعرف إجابته بالفعل؟"
:"لقد وجدتُ شخصًا قد يدين لي بالولاء." تمتم آرثر بصوتٍ مسموع وسمع لهجة أبيه العنيفة:"السحرة لا يعادون بعضهم لأجل عامة البشر!
مَن أقنعكَ بهراء مثل هذا؟"
:"مَن قال أنّ هناك طرفًا سيعادي الآخر؟" أردف الأمير الشاب واستطاع رؤية نفاذ صبر أبيه وهو يخبره:"أخبرني أي مصائب ارتكبتَ مع السحرة، سأفكر في طريقة لإصلاح الأمر."
:"ليست مصائب، ببساطة وجدتُ لنفسي شخصًا يخبرني ماذا يحدث هناك بالضبط، كما قلتَ أنت، هم لا يدينون بالولاء لنا، ما الذي يضمن عدم تعاونهم مع الممالك الأخرى لسحقنا ببساطة؟"
:"وأيها الذكي، كيف تضمن أنّ ذلك الشخص لا يخدعك؟ كيف تضمن صدقه؟" تهكم الملك وسمع إجابة ابنه:"هل تعرف أنّ مفعول جرعة الصدق التي أهداني إياها مشعوذ إيكاروسيا، تظل كما هي حتى لو مُزجت بالنبيذ؟"
:"وهل ذلك الساحر أخرق لئلا يلاحظ؟"
:"وهل أنا أخرق لأجعله يلاحظ؟" بادره آرثر تنهد الملك أمام أعين ابنه التي كانت واثقة بما يقوله،
هو يعلم ابنه وكيف عناده.
فرك جبينه مغيّرًا الموضوع:"الأهم أولًا، لقد قلت أنّك كلّفت فيديل ودوقية ماجينلاك بأمر استقبالها،
عليك أن تعلم أنّها ستمكث شهرًا هنا، أتخبرني أنّها ستمكث شهرًا أو اكثر ولن تستقبلها مرة؟ أو حتى تدعوها للقصر الملكي؟ لقد كانت خطيبتك!"
:"دامت خطبتنا لمدة ثلاثة أيام أبي! حسبما أذكُر، حتى هي لم تُرِد ذلك المشروع القذر
لكن إن كنت مُلحًا فربما إن ساءت الأمور أذهب لدوقية ماجينلاك وأصلحها." صدح صوته المنزعج ممّا سمع من أبيه.
:"وماذا ستفعل إذن؟ ستمضي بلا عمل؟!
سمعتُ أنّك مرّرت جميع التزاماتك بحضور اجتماعات الشهر للوزير!" انزعج الملك أيضًا من نبرته
:"أجل، فكّرتُ ألّا أسير وفق الجدول هذه المرة؛ هناك جواسيس في القصر الملكي ولم يُقبض على المرتزقة الذين حاولوا اغتيالي بعد." صدح صوت آرثر وهو يتوجه للخارج يُتابع:"والآن إلى اللقاء، لا تُرسل مومسات إلى غرفتي وفيديل تخبرك ألّا ترهق نفسك بالعمل وألّا تنسى أن تأكل جيدًا."
طفت ابتسامة على محيا الملك عندما أنهى آرثر حديثه وتمتم بعدما خرج:"عديم التربية، لم يستأذن قبل خروجه."
توجه آرثر للخارج، إلى حديقة القصر، مبتسم الوجه، هادئ النفس، جلس على أحد المقاعد الخالية وطلب من الخدم إحضار شايّه له.
وفي رأسه صوت كفحيح الأفعى يأمره:《 اقتلع رأسها، اغرس تلك الشوكة في عينه، اقتلع حلقه، اطعنه، اذبحها، اقتلهم، أيها النكرة اقتلهم، اقتلهم او ستُقتَل، اقتلهم أو سأقتلك، اقتلهم، اقتلهم، كُن فتاي المطيع واقتلهم.》 لم يكن يهدأ وكان يزداد سوءًا بمرور الوقت،
بينما الأمير أثناء استماعه لتلك الأصوات جلس يفكر فيما قالته شايتا بالأمس، هناك ساحر أقوى حتى من جيرين قد تحرّر ولغوين علاقة بذلك.
حين وصل الشاي قرّر أن يرتشف بعضًا منه، كان الصوت قد بدأ بالصراخ
ابتسم بعد لحظات من وضعه لفنجان الشاي مكانه وتمتم لنفسه:"لِمَ لا أبدأ إجازتي بفعل شيء مختلف." متجاهلًا الصراخ داخل رأسه.
__________________________
مضت الأيام على قصر الدوق إليوت بلانكستر قرّرت غوين أن تبحث فيما قاله لها إليوت الذي لم يعد للمنزل منذ شجارهما ذاك اليوم.
أمضت الصباح بأكمله في المكتبة تبحث عن تاريخ العائلة الملكية وللأسف لم تجد شيئًا، بالطبع يبدو أنّ لا أحد يعلم عن سر آرثر الدموي غير قلة قليلة من النبلاء بعد كل شيء.
في ذكريات غوينيفين السابقة كان راث وإليوت وآرثر أصدقاء منذ وقت طويل، وراث كان الشخص الثالث في تلك الصداقة.
بعد آخر كتاب تمتمت لنفسها:"كيف سأتصرف بحضور آرثر الآن؟ جيد غوين أردتِ حليفًا ومع مَن تحالفتِ؟
الأول ساحر غادر وضعكِ في المأزق وهرب
والآخر مختل عقلي يقتل الناس بلا هدف."
تنهدت وأكملت ناظرة للسقف:"يمكن أن يكون إليوت كاذبًا صحيح؟ أعني لو كان حقًا كما يقول لم يكن ليكون بتلك البراءة أليس كذلك؟"
بالطبع هي لم تصدق نفسها، بعد كل شيء ليس من مصلحة إليوت أن يخاطر بحياته ويكذب كذبة كهذه عن الأمير لها هي من بين كل الناس.
لكنها لا تريد أن تظلم آرثر أيضًا، في كل مرة تتذكره يكون بريئًا، وجميلًا ويملك ابتسامة مُشرقة، هو يبدو ملاكًا.
خرجت من المكتبة واتجهت لمكتب إليوت الذي تعمل فيه لتنجز الأعمال، لن تحاول التفكير في آرثر الآن ولديها أعمال مُؤجلة من عامين.
أمرت الخدم أن يغيّروا إضاءة القصر، وقامت بزيادة رواتب العاملين فيه كذلك، المتبقي فقط أن يوافق إليوت وسيتم تنفيذ الأمر، ثم قضت اليوم بإمضاء بعض الاوراق ومراجعة ميزانية القصر للحفلات؛ لأجل تحسين سمعتها سيكون عليها تنظيم وقتًا للشاي وحفلات لنسوة المجتمع الراقي.
ظلّت في المكتب حتى حلّ الغروب ولم يعُد إليوت بعد للقصر، لم تجعل الأمر يشغل بالها كثيرًا، على الأقل هذه الأيام تمضيها بدون صداعه أو رؤية وجهه عليها ان تكون شاكرة لهذا،
كانت قد قرّرت أخذ حمّام دافئ وربما تطبيق بعض أقنعة البشرة والشعر وتناول عشاء مبكر ثم النوم، كان يومًا مُرهقًا بالأعمال، قبل أن يأتي إلى المكتب أحد الحرس يفتح الباب فجأة بينما كانت مع إيديث ويخبرها بوجهٍ قَلِق أنّ الأمير في غرفة الاستقبال.
:"عفوًا؟!" صاحت هي وإيديث بنفس الوقت ليرد الحارس:"سيّدتي لقد أخبرتُك أنّ جلالة الأمير أتى للقصر وهو في غرفة الاستقبال الآن."
هرعت هي وإيديث في نفس الوقت لاستقباله بينما خلفها الحارس يسألها:"سيدتي، ما هي أوامرك؟"
سكتت بُرهة ثم قالت وهي تسير:"ابعث حارسين، واحد لقصر الوزير سلايث، وآخر لقصر السيد والسيدة لانكستر وأخبِرا الدوق إليوت أن يعود بسرعة لأن الأمير موجود في قصره الآن، واجعلهما يحرصان ألّا يعلم أحد غير إليوت بهذا."
خلف خطواتها المُسرعة كانت تُخفي قلقًا كبيرًا، هل أتى ليقتلها بلا سبب كما أخبرها إليوت؟
وصلت لغرفة الاستقبال مع إيديث ورسمت ابتسامة مزيفة حين استقام لها آرثر وهي تحييه:"آرثر؟ يالها من مفاجأة!"
:"اشتقتُ لصديقتي الجميلة فقُلتُ في نفسي لمَ لا أزوركِ." قال جملته ثم نظر لإيديث وأردف:"اجعلي خادمتكِ ترحل غويني، نحتاج للتحدث على انفراد."
اتسعت عينا غوين بخوف فأكمل الآخر مازحًا:"ما بال ردة الفعل هذه."
انحنت إيديث له وتوجهت خارجة فجاءها صوته:"أغلقي الباب ولا تدعي أحدًا يدخل." أومأت إيديث فخرج صوت غوين الصارخ:"كلّا لا تتركيني!" استغرب حتى الأمير من ردة الفعل تلك لكن قرّرت إيديث أن تلتزم بكلمة الأمير، ليس وكأنّ الامير سيفعل شيئًا لها، معروف عن العائلة الملكية تقديسهم للدم النبيل.
حين أُغلق الباب اختفت الأصوات الصارخة في رأس آرثر وفقط كان صراخ غوين التي كادت تركض هاربة فوجدت يد آرثر تمسك بذراعها بقوة.
بتردّد نظرت لوجهه فوجدت نظرة باردة عكس التي اعتادتها منه، ابتسامة جانبية ظهرت على محياه قبل أن يُردف:"المرأة النبيلة لا يجب عليها الصراخ أمام اصحاب السموّ، غوين!"
بخوف وملامح قريبة للبكاء قالت:"ماذا تريد منّي؟"
فورًا تبدّلت نظرته لتلك النظرة البريئة المعتادة منه وهو يجيب:"فقط أردتُ الحديث مع غويني حليفتي." أكمل عائدًا لنبرته الباردة منذ قليل:"لكن غويني، صرخت في وجودي، وكأنها، تعتقد أنّني سأقتلها، ما سبب هذا الاعتقاد يا تُرى؟
قليل من النبلاء يعرفون شائعات عنّي لكن غويني منبوذة من المجتمع النبيل،
العامة لا يعرفون تلك الشائعة عني،
إذن، هناك شخص وحيد، هو كان مقرّبًا منّي، ودعيني أخمّن، هل أخبركِ أنّني السبب في موت راث أيضًا؟" أنهى حديثه مقتربًا من وجهها حتى لم يفصل بينهما إلا بضع إنشات.
ساد الصمت بضع دقائق ثم خرج صوت آرثر الهامس:"الآن، ماذا ستفعلين بشأن هذا؟ يا صديقتي."
ساد الصمت لحظات مرّت كالساعات على كليهما، ابتعد عنها واتجه يجلس على الأريكة التي كان جالسًا عليها قبل دخولها وسمع صوتها تحاول أن تكون طبيعية:"أنا لا أصدّق أنّك سفاح تقتل الناس دون سبب، أنا أعني، كنت لتقتلني ذاك اليوم في حفلة عيد ميلاد جويل لأنني دُستُ على قدمك، أليس كذلك؟."
:"حسنًا هذا مؤسف، لأنني بالفعل سفّاح أقتل الناس دون سبب، كون أحدهم على قيد الحياة هذا فقط لأن هناك سببًا يجعلني أختار عدم قتله." رد عليها ببساطة شديدة
:"إذًا فهناك سبب جعلك تختار عدم قتلي." بادرته غوين وقوبلت بابتسامة من جهته.
وكأنّ مَن كانت تتعامل معه كان شخصًا آخر غير هذا الذي أمامها، الأمير الملاك اللطيف، لم يعُد موجودًا بينهما.
سمعت صوت آرثر مرة أخرى:"في الحقيقة، لم أكُن أنوي جعلكِ ترين هذا الجانب منّي، كان ليكون أسهل لو تجاهلتِ حديث إليوت فحسب، لكن أنتِ اخترتِ تصديقه ولم يكن لديّ خيار آخر."
:"إذًا لولا تصديقي لإليوت وخوفي منك كنت لتستمر في خداعي بقناع الملاك الذي كنت ترتديه؟" خرج صوتها المستنكر وراقبت ملامح آرثر التي بدا عليها الحزن قليلًا:"الجميع ينظر لي وكأنّني وحش سيثور في أي لحظة، ومن لا يعرفون سرّي ينظرون لي كشيطان خبيث في القصر،
جميعهم محقون بالطبع لكن شعرتُ بالملل وأردتُ التغيير قليلًا، كان التحدث لشخص يتقبل ويصدّق تلك الشخصية المزيفة شيء مريح."
أنهى حديثه وألقى نظرة خاطفة لها، مازالت واقفة في مكانها، بالطبع قدّر أنّها تحاول فقط أن تتحدث معه لأنها ليست واثقة من خطوته التالية.
قبل أن تحاول قول أي شيء سمعت صوته
:"لكن حقًا غوين، أنا آسف لأنّني كنتُ سببًا في موت راث،
لم أُرِد هذا أبدًا..." كان ينظر في الأرض بينما يتحدّث.
إنّ ضميره يؤنبه، لا يوجد سفاح مختل عقلي ضميره يؤنّبه، هو بالفعل يتألم ويتحمل مسئولية موت صديقه،
لا يوجد سفاح سيعتذر لموت أحدهم في لحظة الصدق هذه.
في تلك اللحظة اختارت عدم تصديق إليوت، ميرلين حسب حديثهم هو أسوأ ساحر وُجِد، بسببه هي لم تمُت وحصلت على فرصة أخرى في هذه الحياة وهذا الجسد.
وحتى هو السفاح كما قال، لكن هو لم يؤذيها حقًا،
فكّرت، ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث؟ حتى هو بنفسه قال أنّ هناك سببًا لا يجعله يقتلها.
وحتى لو لم يكن هذا صحيحًا، قتل دوقة هو جريمة نكراء قد تكلّفه تاجه، لماذا إليوت على قيد الحياة حتى الآن ولم يمت؟ وأخته أيضًا؟ هو لا يسير في الأرجاء ويسفك دماء كلّ مَن تقع عينه عليه، على الأقل هي تدرك هذا.
أخذت نفسًا وتقدّمت نحو الأريكة التي يجلس عليها، في الغرقة التي تحتوي أربع أرائك وطاولة قصيرة، والنوافذ الزجاجية الضخمة تطل على الحديقة،
اختارت الجلوس بقربه.
التفت لها آرثر باستغراب فأردفت:"أنت لم تكن السبب في موت راث، بل مملكة ايسهاف وامبراطورية إيكاروسيا."
صمتت بُرهة وتابعت وهي تحاول جعل صوتها طبيعيًا:"وما بال تلك النبرة منذ قليل؟ لا تقُل لي أنّك ستُنهي شراكتنا بعد أن ركلتُ زوجي أمام النبلاء بأسرهم لأجلك!"
اتسعت عينا آرثر من ردة فعلها فابتسمت له وردّت:"لقد قُلت يرونك كشيطان وكوحش؟
أعتقد أنّ مصادقة الوحش الشيطان ستكون أفضل من الملائكية المبالغ بها،
بجدية آرثر كنت اشعر بالسوء حول نفسي كل مرة تتحدث معي فيها، من الجيد أنها لم تكن شخصيتك الحقيقية بعد كل شيء."
أسنَد الآخر ذقنه بين سبّابته وإبهامه متظاهرًا بالتفكير ويردف:"الأمير الشيطان والدوقة المجنونة، لا يبدو سيئًا بالنسبة لي."
:"حين تقولها بهذه الطريقة تعجبني، نبدو كالأشرار في الروايات الرومانسية المبتذلة، باستثناء أنّ كلينا جميل الشكل وثري وليس قبيحًا كما يصوّر الكُتّاب." انتهت من الحديث ونظرا لبعضهما للحظة
ساد الصمت وتلاقت أعينهما.
سيظلّان أصدقاء في النهاية، بالنسبة لها هو حليفها الوحيد ولن تخاطر بفقدانه، وبالنسبة له هي الوحيدة التي يستطيع التحدث لها بدون سماع صوت مزعج في رأسه يأمره بقتلها، حتى الآن لا يعرف السبب لكنّه لن يخاطر بتدمير علاقتهما أيضًا وقد تكون مفيدة له.
قطع صمتهما قوله:"إذن، يبدو أنّنا لن ننهي صداقتنا لسبب تافه، مثل أن أحدنا سفاح، أو أنّ إحدانا تمتلك علاقة بميرلين." رفع حاجبه في نهاية جملته وارتفعت زاوية فمه في ابتسامة جانبية، لقد تعمّد قول جملته الأخيرة ليراقب ردّة فعلها.
اتسعت عينيها عندما سمعته وبدا الذعر الذي توقعه الآخر على ملامحها وقبل أن تتحدث فُتِح الباب فجأة وظهر إليوت يهتف من بين لهثاته منحنيًا:"أحيّي صاحِب السموّ، آسف على التأخير جلالتك، ما إن أخبرني خادمي حتى أتيتُ مُسرعًا و..." قطع جملته عندما رفع ناظريه ليرى غوين جالسة بجوار آرثر على الأريكة يقابلان بعضهما بجسديهما يفصل بينهما مسافة تكفي لجلوس طفل.
اختبأت إيديث خلف الباب الذي فُتح من الخارج لترى ردة فعل الدوق إليوت على عبقرية الدوقة في استقبال الأمير والدردشة معه حتى يأتي، وكما توقعت، صراخ الدوقة المفاجئ حين تركت الغرفة ربما كان من خوفها من ألّا تكون جديرة باستقبال ضيف، لأنها الآن تبدو والأمير كأنهما صديقان منذ زمن يسترجعان ذكريات صداقتهما، ولا يبدو أنّها أصيبت بأي شيء.
-لن تنكر أنّه خالجها الخوف حينها لكن لكون أوامر الأمير مطلقة لم تستطع إلا الالتزام بكلمته-
قال آرثر:"لا بأس، استمتعت برفقة غويني على أي حال."
وقف إليوت باعتدال وحاول وضع ابتسامة رغم خوفه مردفًا:" آمُل أن تكون استقبلتك كما يجب سموّك، فأنا لا أرى حتى كوب ماء لضيافتك." رفع نبرته نسبيًّا في جملته الأخيرة ليهرع باينكرو للخدم ويخبرهم أين ضيافة الأمير.
:"وهل مَن يجلس بقرب زوجتك يحتاج الماء او الطعام؟" بادره آرثر يبتسم باستفزاز وبالفعل بدا على إليوت الضيق قليلًا، إنها زوجته بعد كل شيء وكلامه عنها مثير للشبهة، كما لو أنّ قربهما ووجودهما وحدهما في قاعة خالية مغلقة ليس مثيرًا للشبهة بما يكفي.
:"هلّا سمحت لي جلالتك، ما سبب تشريفك لنا فجأة هكذا." أردف إليوت بابتسامة مصطنعة بينما رد آرثر وكأنّه تذكّر أمرًا:" أوه، تذكّرتُ الآن أنّني لم أقُل سبب زيارتي." في ذلك الوقت دلُف الخدم بالمشروبات للنبلاء في الغرفة وتابع آرثر:"انت تعلم إليوت بحجم الأخطار في المملكة حاليًا، ستأتي وريثة إيسهاف، وهناك الكثير من الأعمال بين ملوك وامراء الممالك الأخرى، وخزينة القصر ليست في أفضل أحوالها،
فرأيتُ أنّ هذا الوقت المناسب لأخذ إجازة والاستمتاع بين دوقيات المملكة، وبدأتُ بقصركم، آمل ألّا تزعجكما إقامتي لثلاثة أو أربعة أيام هنا."
انتهى من حديثه ومدّ يده يشرب الشاي الذي تم إعداده له.
نظر إليوت وغوين لبعضهما ثم إليه قبل أن يقول إليوت:"بالطبع لا نمانع جلالتك، هل ستقيم في هذا القصر أم القصر الرئيسي..." لم يُتمم جملته وقاطعه آرثر:"سأبيتُ هنا."
خرج صوت غوين وهي تحاول تمالك نفسها وعدم فضح خوفها من اكتشاف آرثر لعلاقتها مع مارغوس:"جيد سآمر الخدم فورًا بتجهيز غرفة لك."
ابتسم آرثر لها مردفًا:"شكرًا لكِ غويني دعينا ننهي حديثنا لاحقًا اتفقنا؟"
:"اسمح لي أن أسأل فيمَ تحدثتما؟" خرج صوت إليوت فأجاب آرثر بلا ملامح لسائله:"كنّا نتناقش في أمر البصل هل هو من الخضراوات أم من الفاكهة."
عَلَت نظرة ضجرة وجه إليوت من الكذبة الواضحة في إجابة الأمير، واستنتج أنّ ما دار بينهما سرّ لن يخبره به لذا فهو على الأرجح لم يتحدّث معها بأي شبء يخصّ المملكة.
ثمّ طلب من غوين الذهاب لأنه سيريد التحدّث على انفراد مع الأمير.
ما إن أُغلق الباب وقبل أن يتحدّث إليوت بأي شيء سمع صوت أميره الجاف:"تعلم إليوت أنا نادرًا ما أندم على شيء، لكن برغم هذا أنا اندم على وثوقي بك."
كان لكلماته معنى واحد، وهو أنّه علم بامر إفشاء سرّه لغوين، نظر إليوت أرضًا وتمتم:"لم...لم أكن أقصد ما قلته جلالتك..."
:"أنا لا أريد سماع ترهاتك، اغرب عن وجهي." أردف آرثر غاضبًا وقد أشاح وجهه بعيدًا عنه ففهم الآخر الفكرة وانحنى ليخرج بحرج.
________________________
في القصر الملكي نظرت الأميرة فيديل للرسالة التي بعثها شقيقها لها قبل تركه للقصر :《 لا تقلقي فقط سآخذ إجازة خارج القصر لأتجول في أنحاء دوقيات المملكة،
فقط لأُعلمكِ خطّ سيري سأبدأ من دوقية شتاينوود - بعدها لانكستر مرورًا بزاربيا، كينتس، ناميسك، ربما أغير رأيي وأتجول حول المملكة بالكامل سأبعث لكِ إن حدث هذا بالطبع.》
انتهت من الرسالة واعطتها لأحد الحرس بجوارها ليمزقها وقلبت عينيها متمتمة لنفسها:"سافر قدر ما تشاء، في كافة الأحوال لن أنجز لك مهامك الملكية، يكفيني أنّك سترسلني لاستقبال شمطاء مملكة إيسهاف." وتابعت توقيع بعض الأوراق بينما وصيفاتها يحضّرن فساتينها التي ستأخذها معها إلى ماجينلاك.
من المفترض أنّها ستسافر بعد قليل بعربتها الملكية إلى الدوق جيرين الذي أرسل رسالة ترحيب ليخبرها انّه سيستقبلها.
حين وصلت الرسالة إلى ساليفا في غرفة الاجتماعات بالسفينة، لم تظهر ملامح مقروءة أمام مستشارها ومرافقيها الثلاث من الرجال لبضع ثوانٍ قبل ان تلتفت إلى مَن على يمينها مردفة بهدوء:"أَقُلتَ دوقا ماجينلاك تاينهاورد وجيرين مَن أرسلا رسالة الترحيب بي؟ ماذا يعني هذا أيها الدوق بورلوك؟"
كان الرجل الذي على يمينها ضخم البنية، حليق الرأس في أواخر الأربعينات يرتدي بذلة ذات سترة حمراء:" هذا يعني أنّ الأميرة ستستقبلنا معهما في ماجينلاك، لقد اقتربنا من الحدود على أي حال لذلك سأبعث الأوامر للقبطان أن يتجه شرقًا وسأبلغكِ حين نقترب من الوصول."
على يسارها كان يقف شاب من مظهره يبدو وكانه في الثلاثين، يرتدي عباءة السحرة باللون الأحمر الدّامي ذات الأزرار الذهبية، القنسلوة تخفي نصف وجهه ويلُف شالًا يُخفي نصفه الآخر، تمتمت بهدوء:"هذا يعني أن آرثر لن يستقبلني؟" ثم التفتت له وتابعت:"كلّا، أنتَ هو مفاجأتي لذلك الحثالة، عليه أن يكون هناك!" ساد الصمت من الرجال الأربعة وأنهَت هي الاجتماع متجهة لغرفتها.
أغلقت الباب وتوجهت نحو فراشها وبحثت تحت وسادتها فأخرجت السكين ثم صورة آرثر التي لم تعد ملامحه واضحة بها من كثرة التمزيق واللصق.
حتى هي لاحظت هذا فمزقتها وتوجهت إلى المكتب الصغير في زاوية الغرفة حيث الاوراق، فتحت أحد الأدراج ووسط الأوراق كانت هناك صور صغيرة عديدة لآرثر طبق الأصل من الصورة الممزقة.
أخرجت إحداها وأغلقت الدرج وصاحت بالصورة:"ماذا فعلت برسالتي التي بعثتُها لك إن لم تكن سترسل رسالة في المقابل أيها الوغد؟هل تحتفظ بها لتشمّ رائحة عطري فيها أيها المهووس؟
كيف تجرؤ على ألّا تستقبلني؟ كيف تجرؤ؟ كيف تجرؤ على ألّا تدعني أذلّك؟!" صرخت بقوة وطعنت الصورة مرّات لا حصر لها ثم أخرجت صورة أخرى وطعنتها كما فعلت بسابقتها وهي تصرخ ثم أخرجت الثالثة ولكن صراخها قد توقف وبدأت دمعات تنزل من عينها وهي تحدّق بالصورة تتمتم:"انظر إليك، أنت تبتسم بسعادة بينما أنا، أبكي، هذا ليس عدلًا، أردتُ الانتقام منك، أنت لماذا لا تدعني أشعرك بالذّل كما فعلتَ لي؟
لماذا أنت شرير هكذا؟" سارعت بمسح دمعاتها وألقت خنجرها وابتسمت بجانبية فجأة وعي تقرّب الصورة من وجهها:"لقد أتتني فكرة، سأجعلك تأتي مسرعًا إليّ يا آرثر، إن لم ترغب بلقائي فسأجبرك أيها اللعين الغبي."
_______________________
استيقظت غوين بمزاج سيئ في الصباح؛ لم تستطع النوم مساءً بسبب زيارة آرثر المفاجئة ومعرفته بأمر علاقتها مع مارغوس، ربما جيرين أخبره، وهذا أثار قلقها قليلًا فأفعال آرثر لا يمكن التنبؤ بها؛
الأمس فقط كان يحدّثها وكأنّه سيقتلها ثم فجأة اتضح أنّه لم يفعل شيء.
ولكن هذا ليس سبب استيائها، بسبب وجود آرثر ستضطر لتناول الفطور معه رفقة إليوت،
هي حتى لا تريد رؤية وجه إليوت بعد، لكن لا مفر من ذلك، لقد نبّه عليها زوجها قبل أن تنام.
جهزت لها إيديث فستانًا أصفرًا واختارت وضع مساحيق تجميل خفيفة ثم تركت شعرها منسابًا.
توجهت لقاعة الطعام حيث إليوت وآرثر على الطاولة الضخمة، يجلسان مقابل بعضهما في صمت.
حمحمت قبل الدخول لتلفت النظر إليها قائلة:"صباح الخير، أعتذر عن التأخر."
ردّ كلاهما التحية، آرثر بابتسامة والآخر عابس الوجه، وتقدّمت لتجلس بجوار إليوت كنوع من المراعاة لزواجهما المريع
بدأت بأخذ قطعة كعكٍ بالتوت وهي توجه الحديث للأمير:"هل حظيتَ بليلة نومٍ هانئة؟"
:"أجل، شكرًا لكِ غويني." أجاب آرثر ثم أضاف وهو يرتشف الشاي:"بالمناسبة قبل أن آتي إلى هنا كنت في دوقية شتاينوود، بدا الدوق آستور متفاجئًا حين أخبرتُه عن صداقتنا. "
نظر إليوت له بشكّ بينما غوين ردّت تلقائيًا:" آخر عهده بي كنت مشغولة بإليوت، لا عجب أنّه تفاجأ، سيتفاجأ أكثر حين يراني أسعى للطلاق." وما إن انهت جملتها حتى شعرت بألم فظيع في قدمها نتيحة ان إليوت داس عليها لتصمت.
كتمت تألمها وأنزلت يدها تحت الطاولة وبابتسامة وجهتها نحو آرثر قرصت جانب إليوت بشدّة جعلت ملامحه تتشنج.
ردّ عليها آرثر:" أأنتِ جادة حقًا في أمر الطلاق؟ أستطيع مساعدتكِ في الأمر وجعله يتم بسرعة..." هنا تدخل إليوت:"نشكرك جلالتك لكن غوين لا تقصد الطلاق الفعلي..." فقاطعه آرثر بجفاء:"مساعدتي مقدّمة لغوين فقط ليست لك."
صمت إليوت بينما التفت آرثر لغوين وتابع:"بالمناسبة غويني، لقد سألتُ خادمتك عمّ ستفعلينه اليوم فقالت أنّكِ ستكونين في المكتبة، أتمانعين لو انضممتُ لكِ؟" فهمت غوين أنها دعوة ليتحدث معها بأمر علاقتها مع مارغوس.
:"آرثر ماذا تقول؟ يمكنك بالفعل يا رجل، سيكون العمل ممتعًا وأنتَ معي." ردّت بابتسامة مخفية قلقها من نوعية الحديث الذي سيدور بينهما في المكتبة، هو أصبح يعلم بعلاقتها بمارغوس وعلى الأرجح هذا سبب قدومه فجأة، ماذا ستكون ردة فعله؟
أما إليوت الذي شعر وكأنّه تم ركله من حديثهما وأصبح طرفًا ثالثًا غير مرغوبٍ به ابتلع الضيق والغيظ الذي ملآه وهو يستمع لثرثرتهما معًا.
توجه غوين وآرثر للمكتبة وطلبت غوين من إيديث أن تكون خارج المكتبة هذه المرّة، وهو ما أثار الشبهة لدى خدم القصر الذين بدأوا يثرثرون حول الأمر.
____________________
أغلقت غوين باب المكتبة وتوجه آرثر نحو أحد أرفف الكتب يختار كتابًا.
مرّ بعض الوقت ولم يتحدّث معها، كان منغمسًا في مهمة اختيار الكتاب وهذا فقط زاد من قلقها.
سمعت بعض الهمهمة من آرثر الذي يلقي فقط نظرة على عناوين الكتب والمؤلفين فقرّرت أن تتحدث هي:"حسنًا آرثر، فلنفعل هذا الأمر!"
التفت لها آرثر مردفًا بهدوء:"غوين أنتِ جميلة هذا واضح، لكن العبث مع النساء المتزوجات ليس من هواياتي."
وعاد ينظر للكتب يمنع ابتسامته من الظهور حين سمع هتاف غوين:" أنا لم أقصد ذلك الذي يدور في رأسك!"
:"حقًا؟ إذًا اعتذاراتي عزيزتي، أحيانًا عندما تكون المرأة غير راضية عن زواجها وهناك شخص وسيم على علاقة طيبة معها..." رد يمنع ابتسامته قدر الإمكان فقاطعته الأخرى تتقدّم نحو الرف الذي يقف عنده:"لا تُكمِل لقد وصلت رسالتك،
ولكي أمنع عنك سوء الفهم أنا أخطط للاحتفاظ بعذريتي أطول فترة ممكنة لا تقلق لن اطلب منك او من اي شخص آخر."
اتسعت عينا آرثر بصدمة والتفت لها:"أنتِ عذراء؟!"
:"أجل." ردّت بلا اهتمام
:"لكنّك متزوجة منذ عامين!" صاح آرثر مرة أخرى فشعرت ببعض الإهانة وردّت:"لا تنظر لي وكأن الخطأ خطأي،
لقد حاولت حسنًا؟ طبقتُ كل الاستراتيجيات في كتاب عشرون طريقة لإغواء رجل لا يحبك لكن إليوت كان من يرفضني ويبكي ويتقمص دور الخادمة المجبرة على الزواج من الدوق البارد القاسي، بجدية كان يبكي أكثر منّي..."
لم تتوقف حين سمعت قهقهات آرثر وتابعت:" أقول لك الحقيقة، كان يتصرف كملكة الدراما، أحيانًا أشك لو كانت ميوله للنساء في المقام الأول لأنه رفض جويل أيضًا،
ولكن الآن قد أُعيدت لي بصيرتي وأدركت أنني حين اخترت إليوت كنت قد وضعت عقلي جانبًا وفكّرتُ بمؤخرتي، والآن أنا أشكر الإله أنّني عذراء وانّه كان يهرب مني كما لو كنت أحاول اغتصابه أو ما شابه ..."
لم بستطع آرثر التوقف عن الضحك، نبرة غوين وحديثها لم يكونا مشجعين بالمرة، فجأة توقفت غوين عن الحديث وكأنّها ادركت شيئًا، نظرت لعيني آرثر الذي توقف اخيرًا عن الضحك وتمتمت:"لم يكن من المفترض ان تعلم هذا." فارتفع صوت ضحكات آرثر مرة أخرى قبل أن يربت على رأسها ويردف:"سيكون سرّكِ بأمان معي."
سحب كتابًا مكتوب عليه [الفن والدماء] وتوجه ناحية الطاولة التي كانت على بعد ثلاث خطوات فقط منهما، فتح الصفحة الأولى وقال:"لكن مع ذلك يا غوين أنتِ لم تخبريني، ما هي علاقتكِ مع ميرلين؟" اتسعت عينا غوين على السؤال المباشر المفاجئ وتصنّمت مكانها حين استقبلت جملته التالية:"لا تقلقي، لا أنوي تسليمكِ لجيرين، إنّه فقط فضول، ليس عدلًا أن تعرفي سرّي ولا اعرف سرّك أليس كذلك؟"
:"هذا فقط؟!" خرجت من فم غوين متفاجئة وفوجئت اكثر برد الآخر:"إذا لم ترغبي بإخباري الآن، بإمكاني الانتظار، لكن إن طلب الدوق جيرين إجراء تحقيق معكِ وأبي سمح له لن أستطيع منعه."
أومأت غوين على جزء حديثه الأخير، في النهاية كلمة الملك أقوى من كلمة الأمير حتى لو كان حليفها.
تنهدت وقرّرت التحدث، في النهاية آرثر من الطبيعي أن يمتلك بعض الشكوك نحوها حتى وإن لم يقُلها علانية، حتى وإن ظلّا أصدقاء فهما لا يثقان ببعضهما تمامًا
:"ما أستطيع قوله لك، أنّني لا أنوي الانخراط في صراع سلطة، أو التمرد على الحكم، أو حتى الحصول على منصب سياسي، علاقتي بمارغوس أخبرتك إياها من قبل حين كنا في حفلة جويل، مجرد صدفة، أنقذ حياتي وفي المقابل حفظت سر هويته، انا حتى لم أعلم أنّه مطلوب،
هدفي كان وسيكون: البحث عن حياة مريحة حتى لا أندم حين يأتي الموت إليّ يخبرني أن ساعتي قد حانت، والطلاق من إليوت."
هذا هو هدفها منذ أن قدمت لذلك العالم، الحروب، ومطاردة السحرة، والخلافات السياسية، هي لا تريد أيًّا من ذلك، هي حتى لا تريد أن تصير زوجة لآرثر أو حبيبته، ولا تريد الزواج مرة أخرى،
هي فقط لا تريد أن تكرّر مأساتها بأن تعيش حياة مأساوية مليئة بالفشل والتعرض للتنمر والرفض وآخر جملة من والدتها تكون 'يا ليتني لم أنجبكِ.'
أو يدمرها حبها وتنتحر كغوين السابقة، هي فقط تريد حياة لا تستطيع الندم عليها.
وضع الأمير الكتاب جانبًا قائلًا لها:" حسنًا هذا يريحني، بإمكانك مناداة خادمتك والبدء في أعمالك الآن، لقد علمتُ ما أريد معرفته."
ابتسمت كون الأمر انتهى أخيرًا، على الأقل لقد أوضح لها آرثر أنّه لن يعاديها.
مازالت لم تعتَد على شخصيته الحقيقية الوقحة قليلًا.
كل شيء حدث بسرعة، ووجدت نفسها أمام شخص مختلف عن آرثر الذي عرفَته، لكن النتيجة واحدة في النهاية، لقد أصبح حليفها.
فتحت أبواب المكتبة لتنادي على إيديث، وما إن دخلت إيديث المكتبة حتى عادت الأصوات في رأس آرثر مرة أخرى، هامسة له أن يقتلع رأس إيديث كالعادة، وظلّ آرثر يقرأ الكتاب بهدوء وكأنّ لا شيء يحدث داخله كالعادة.
_____________________________
كان يقف أمام قصره جيرين يرتدي عباءته البيضاء المطعمة بالخطوط الذهبية، وعلى يمينه شايتا ترتدي عباءتها باللون الأبيض، وعلى اليسار شاب برونزي البشرة ذا شعر يصل لكتفيه بُنّي مائل قليلًا للون الكستنائي،
عينيه بندقيّتين، يرتدي عباءة مماثلة لما يرتديها حيرين لكن بدون اكمام فيكشف ذراعيه العاريتين القويّتين ووشم ثعبان ضخم بطول ذراعه اليمنى يبرز للناظرين.
كان الثلاثة ينتظرون عربة الأميرة التي ستصل في أية لحظة.
وبالفعل لاحت صورة العربة الفخمة ذهبية اللون في الأفق قبل أن تصل لهم ويخرج منها فارسين من حرّاس الأميرة ببذلاتهما الحديدية يضعان يديهما على مقبضي سيفيهما، بعد ثوانٍ كانت قد خرجت هي بدورها، ترتدي فستانًا بُنّيًّا زيّنته بالذهب وتاجها وضع حول كعكتها المهندمة.
انحنى السحرة الثلاثة وانحنت لهم ثم رحّب بها جيرين:"مرحبًا بكِ سموّ الأميرة." ابتسمت وركّزت ناظريها لوهلة على تاينهاورد قبل أن تردّ على الدوق جيرين:"تسرّني دومًا زيارة ماجينلاك."
____________________________
أتى موعد الغداء وفوجئ إليوت بتناوله الغداء وحده لأن غوين كانت لا تزال في المملكة مع الأمير،
أخبره باينكرو أنّ إيديث كانت معهما أغلب الوقت، الأمير لم يفعل شيئًا سوى قراءة كتب عشوائية بصمت حتى لا يزعج الدوقة أثناء إنجاز أعمالها المتراكمة منذ عامين، أو يتمشى.
فجأة قال باينكرو لسيّده الذي يأكل:"سيّدي، أتسمح لي بإخبارك عن خادثة غريبة حدثت اليوم؟"
:"سمحتُ لك." أردف إليوت الذي توقف عن الأكل ليسمع ما سيقول باينكرو.
:"لقد أخبرني أحد الحرس انّه شعر بالغرابة والخوف من نظرات الأمير له، قال لي أن صاخب الجلالة نظر له مطوّلًا متفحصًا إياه دون أن يرمش ثم ربّت على كتفه قائلًا له أنّه جميل الوجه.
أنا أعلم الشائعات حول جلالته، هل الأمير بأي فرصة كان يغازل الحارس؟"
تنهد إليوت وقال:"ماذا أخبرتَ الحارس؟"
:"لم أخبره شيئًا بعد سيدي." أجاب باينكرو فابتسم إليوت بتصنّع وقال:"مغازلة؟ لو كان الأمير من ذلك النوع لما قلقتُ على غوين، ألا تراني أسأل عنهما كلّ دقيقة؟" أجبر نفسه على الضحك على مزحته وتابع:"تصرف الأمير طبيعي بالنسبة لشخصيته، هو فقط يختبر انتباه الحارس فجلالته يحب أن يشعر بالأمان وأن يرى الحراس الذين يحمونه منضبطين واقوياء كما ترى."
انحنى باينكرو وتركه يأكل ذاهبًا للحارس ليخبره، كاد إليوت يعود لطعامه في قاعة الطعام حتى شعر بيدٍ تصفق خلفه وصوت آرثر:"عليّ الاعتراف حتى أنا لم أكُن لأفكر في هذا العذر لنفسي."
استقام إليوت وانحنى له بينما الآخر تقدّم بلا مبالاة نحو طاولة الطعام وجلس.
جلس إليوت ولن يسأل منذ متى كان آرثر يستمع، أو متى دخل القاعة من الأساس.
فضلًا عن ذلك أجابه آرثر:"لقد كنتُ سأدخل منذ خمس دقائق لكن رأيتُ حارسك يسرد عليك ما كنتُ أفعل طوال اليوم فوقفت خلف الباب أستمع قليلًا، بالمناسبة حارسك لم يخبرك أنّني كنت أكتب بعض الرسائل بجوار غوين، لم أضيع وقتي في القراءة بالكامل."
:"أنا لم أقصد التجسّس على جلال..." عندما همّ إليوت بشرح موقفه قاطعه آرثر وهو يقطع قطعة اللحم أمامه:"لا تتحدث أيها الخائن، عليكَ التفكير بطريقة تجعلني أفكر في العفو بها عنك ونسيان أمر فضحك لأسراري أمام زوجتك." صمت إليوت والآخر تذكّر ما أخبرته به غوين في المكتبة حين نظر لوجهه.
حين همّ إليوت بشرب بعض الماء سمع صوت آرثر:" ولكن عليّ احترام احترامك لعهدك الذي عهدت به لراث أن تحافظ له على أخته وتحميها." صمت آرثر مبتسمًا بخبث:"ولكن لا أعتقد أن راث قصد أن تمضي معها سنتين وهي مازالت عذراء." فبصق الأخير الماء من بفاجؤه وحرجه.
علَت قهقهات آرثر بينما إليوت يمسح الماء عنه وجهه محمرّ من حديث رفيقه الساخر:"إن لم تعرف كيف تفعلها، بإمكاني تعليمك، لا يعقل أن تكون أقوى سياف في المملكة ولديك امرأتان بدلًا من واحدة وفي النهاية هذا هو حالك، السيد لانكستر حقًا نسي شيئًا في غاية الأهمية وهو يعلمك أن تكون رجلًا نبيلًا." وأكمل قهقهاته أمام إليوت.
إليوت الذي شعر بالغيظ والحرج والغضب طوال المدة الفائتة لم يستطع ابتلاع تلك الإهانة التي تنتقص من رجولته
:"إذا قالت لجلالتك هذا أيضًا أفترض أنّه عليّ أن أوضح لماذا لم ألمسها، لأنّني أشعر بالتقزّز حين أراها، حتى أنت جلالتك لو كنت مكاني كنت لتتفهم الأمر، إنها مجنونة بلا أي ذرة عزة للنفس، وإذا كانت بلا شرف لتخرج أسرار الزواج للعلن
فلا سبب يمنعني من فعل ذلك أيضًا، رؤيتها فقط أمامي تجعلني أشعر بالاشمئزاز ولمسها كان سيشعرني أنني أرخص إنسان على وجه الأرض،
سبب عدم خيانتي واحترامي لنفسها عديمة الاحترام هو راث فقط،
جلالتك بالفعل أمضيت معها بعض الوقت لتفهم ما أقوله، هي فقط أقلّ من أن يقال عنها إنسانة، مهووسة بي وقدري هو فقط أن أحتملها، وأحتمل كم هي غير مراعية وتعذبني باهتمامها المفرط، وتسعى دائمًا لإحراجي، أنا أكرهها من كل قلبي." هتف إليوت ومع كل كلمة كان يخرج الغضب الذي كتمه منها طوال ذاك الوقت.
:"ياللهول إليوت هل سبّي أمام الناس هوايتك الجديدة؟" خرج صوت غوين الضّجِر التي دخلت في الوقت الغير مناسب وسمعت كل سباب إليوت الموجه لها.
نظر إليوت لها بتورط ولم تبدُ متأثرة بما سمعته، فقط تقدّمت لتتناول الطعام وإيديث وراءها.
اتخذت مقعدها على مسافة منهما وبدأت في تناول الارز وهما ينظران لها والأكثر دهشة كان إليوت.
عندما لاحظت نظرتهما قالت والطعام مازال في فمها:"ماذا؟ أنا جائعة!"
أكملت طعامها وسط صمت مريب منهما لثوانٍ قبل أن يقول آرثر:"جرّبي لحم فخذ الماعز، رائع للغاية."
وبدأ إليوت يأكل على مضض وتمتم:"منذ متى وأنتِ هنا؟"
:"منذ صراخك بأنّني مجنونة بلا أي ذرة كرامة." أجابت الأخرى ثم استقامت مردفة:"اعذراني استراحة الغداء انتهت، لا أريد تناول الكثير من الطعام فيزيد وزني ولا أستطيع ارتداء العشر فساتين الذين اشتريتُهم حديثًا." ثم توجهت رفقة إيديث لغرفتها.
كان وجه إيديث قلقًا لأجلها، وقد لاحظت غوين ذلك فابتسمت لها:"ما الأمر إيديث؟ لا تقلقي لن أبكي بسبب كلمات إليوت السيئة في حقّي،
لا أهتم برأي أحدهم إلا إذا كان في صورة نقود،
والبكاء يسبب الهالات السوداء التي تؤثر على جمالي."
عدّلت شعرها وتقدّمتها بخطوات واثقة تهتف بصوتٍ عالٍ:"الاهتمام لرأي رجل؟
معي أنتِ وكل نساء العالم وسآخذ في النهاية برأي رجل؟ الرجال هم سبب التعاسة في كل الأزمنة والأمكنة والعصور."
بابتسامة ونظرات إعجاب رمقتها بهم إيديث وهي تتبع سيدتها لغرفتها.
سيدتها ليست كالسابق، إنها أقوى وأظرف وأفضل، تمتمت لنفسها وهي تتبعها:"مع الاحترام لسيّدي إليوت، سيدتي تستحق معاملة أفضل من هذه."
توجهت للسرير وقالت لإيديث أنها ستأخذ قيلولة، لكن هي فقط ارتمت على السرير وقد نزعت ابتسامتها، تتذكر ما قاله إليوت عنها وتتمتم:"العاهر ابن العاهرة، وأنا التي كنت قد بدأت في التفكير في تغيير معاملتك."
______________________
:《لقد وصلت الأميرة فيديل جلالتك، بعد يومين من المتوقع أن تصل الأميرة ساليفا... سيشرفني دومًا أن أؤدي لك أي طلب تطلبه، و...نعم أحب المسرح.》 أنهت شايتا رسالتها وختمتها بختم الطوارئ ثم أرسلتها مع غراب.
كانت رسالتها رد لرسالة آرثر التي كان يحكي فيها كونه في دوقية شتاينوود وسيذهب لدوقية لانكستر ويسأل عن أحوالها والاطمئنان هل الأميرة وصلت أم لا وهل هي تحب المسرح كي يرتبا لقاءً بينهما.
أحبّت الصداقة والمعاملة الخاصة التي فجأة عاملها بها الأمير، ولو أنّها تشعر بالحيرة من كيفية تعامله معها، ثم استنتجت أنّه ربما خطب ما حدث في علاقته مع الدوقة المجنونة ويريد أن يكوّن صداقة معها هي بدلا من تلك المجنونة.
كان هذا فقط تخمينًا من ناحيتها فحسب لكنّها أرادته ان يكون حقيقيًّا
داخليًّا هي سعدت بهذا الأمر بشدّة، الأمير ليس كباقي الأمراء، لم يحاول تملقها، كان يتجاهلها، واخيرًا عرف قيمتها وبادر ببوادر الصداقة ولن تنكر أنّ قربه ومعاملته للدوقة المجنونة كانا يثيران غيظها، لكن الآن هو يصادقها أيضًا وهو حتى شرب الخمر طوال الليل معها وجعلها تبيت في القصر الرئيسي، هو لم يفعل هذا مع أي شخص من قبل، وقد عزمت وهي ترسل له الرسالة أنّه حتى ولو لم ينهي صداقته مع الدوقة المجنونة ستسعى لتريه أنّها أفضل منها فيتخذ جانبها.
بعد كلّ شيء حين تتذكر كيف كان يبتسم لها ويثني عليها بنبرته اللطيفة الملائكية تشعر بقلبها يخفق.
خرجت من مكتبها متوجهة لقاعة الاجتماعات حيث سيجتمعون مع الأميرة فيديل لتقيّم الوجبات والتحضيرات لاستقبال الأميرة ساليفا.
ستأتي الأميرة ساليفا وتمكث شهرًا، ومعها أربع مرافقين: مستشارها، ساحر غير معروف، الوزير ودوق السحرة الخاص بإيسهاف.
هذا بالإضافة إلى حراسها وخدمها؛ لذلك عليهم التأكد بعدم وجود خطأ خاصةً وأنّ الأميرة ساليفا معروفة بتعجرفها وكبريائها العالي وشخصيتها المريعة وقدرتها على تحويل أي موقف لمصلحتها الخاصة.
والأمير آرثر كان من المفترض استقبال تلك المرأة لكنّه قرّر فجأة بعد الألعاب أنّه سيأخذ إجازة ورمى مهمته على كاهل الأميرة والدوقين جيرين وتاينهاورد.
انتشروا حول طاولة من العاج في الكنتصف كانت الأميرة فيديل تستمع لحديث جيرين عن برنامج استقبالهم، رأى الدوق جيرين أنّهم سيناقشون أمر الجزية في اليوم الرابع أو الخامس من وصولهم هذا يدع فرصة لشايتا أن تنتقل بسرعة وتجلب الأمير لو لم تكن ردة فعل الاميرة ساليفا قابلة للاحتواء، وحتى يتمكنون من التأثير عليها بإغداقها بألوان البذخ قبل التفاوض فيؤثر على قرارها.
اقتنعت الأميرة بوجهة نظر الدوق جيرين والتفتت للدوق تاينهاورد الذي قدّم لها قائمة بجدول الرحلات الذي أعدّه للأميرة ساليفا والوجبات التي ستُقدّم لها خلال مدّة استضافتهم لها ولضيوفها.
ألقت الاميرة نظرة على الأوراق وأثناء انشغالها سمحت للدوق جيرين ولشايتا بالمغادرة، ولم يبقَ في القاعة الواسعة المُضاءة بالشموع غيرها والدوق تاينهاورد.
تقدّم تاينهاورد بخكوات ثابتة نحوها وقال فجأة:"سموّك لقد لاحظت الفترة الماضية شيئًا غريبًا وأردتُ سؤالكِ عليه."
:"تفضّل أيها الدوق." أردفت فيديل وهي تطالع الأوراق وتابع الآخر:"الأمر محرج قليلًا سيدتي لذلك اعذريني،
لقد لاحظتُ عددًا من الحرّاس الملكيين يراقبونني ..." تركت فيديل الأوراق واستمعت له:"لم أخبر السيد جيرين بالأمر، لكن المراقبة كانت -مع احترامي- مزعجة قليلًا، حتى أنّني مارستُ على أحدهم سحر قراءة الأفكار وعلمتُ أنّه كان أمرًا من الأمير، هل أخطأتُ في شيء سموّك؟"
:"بصراحة أيها الدوق، إنها المرة الأولى التي أعرف هذا منك، سأتحدث مع أخي وأطلب منه إنهاء تلك المراقبة، وأعتذر إن شعرتَ بالضيق بسبب شيء كهذا." تظاهرت فيديل بالتفهم وهي تتحدث بينما داخلها تتوعّد لأخيها.
أمسكت الأوراق مرة أخرى وهي تشير للوجبات:" والآن، الأميرة ساليفا معروف عنها أنها لا تطيق الخنزير، استبدل الخنزير بالماعز، وزِد النبيذ للضعف، لانها تحب الشرب بشراهة،
أودّ إضافة بعض الخادمات للتدليك والعناية بالبسرة لأنها مهووسة بأمور الجمال."
أوقفت حديثها لأنها شعرت أن الآخر يحدّق بها بغرابة وقد جعلها هذا ترتبك قليلًا، بينما أخذ تاينهاورد منها الأوراق قائلًا:"سأُعلم الخدم بهذا."
تقدّم ليخرج من القاعة وخين اقترب من الباب استدار لها فجأة وقال:"شكرًا لكِ سموّ الأميرة على تفهمك لمشكلتي."
:"فقط أفعل واجباتي." ردّت بابتسامة وانتظرته ليغادر لتمتم بحنق:"آرثر انتظر فقط حتى أراك."
___________________________
حين حلّ المساء، في مكتبة قصر إليوت كان آرثر يصيح:" أنتِ مملة غوين." بجوار غوين التي كانت تقرأ في أحد الكتب عن التجارة وتخبره بحزم:"أنتَ قلت أنّك لن تخبر احدًا، ولم توفِ بوعدك؛ لذا تحمّل باقي اليوم من الملل."
بعد حادثة الغداء ذهبت غوين لغرفتها لتأخذ قيلولة لكن في النهاية لم تستطع وقررت القراءة فلحق بها آرثر وفي النهاية جلس من الظهيرة حتى الغروب لا يفعل شيئًا سوى أشياء طفيفة.
:"أخبرتك لم أقصد، كنت غاضبًا أن إليوت فضح سرّي وكنتُ أريد إذلاله."
:"وانتهى الأمر بتعرضي أنا للإهانة." ردّت بحدّة وتابع آرثر:" بربّك الشيء الوحيد المهان هنا هو رجولته."
طُرق الباب فجأة واستقام آرثر ليفتح، مازالت أيضًا تستغرب أمر طرده للحراس والخدم كل مرة يكونان معًا فيها.
فتح لأحد الخدم الذي كان يحمل ملف أوراق ضخم وأخذه منه ثم أغلق الباب في وجهه.
تقدّم ناحية طاولة غوين ونزع الكتاب من بين يديها وألقى الملف أمام غوين بابتسامة.
:"ما هذا بحق الجحيم؟" تمتمت غوين فأجابها:"هذه ملفات دخل المملكة من التجارة الخارجية، مقدّمة من دوقية شتاينوود."
:"وماذا تفعل هنا؟" سألت غوين وبادرها آرثر:"لقد راقبتك وأنتِ تعملين وتضعين ميزانية القصر."
:"و...؟"
:"وأنا أطلب منكِ بصفتي صديقك الأمير المغلوب على أمره، بالاستعانة بالمعلومات المذكورة هنا أن تضعي لي حدًّا أقصى للمبلغ الذي يجب أن يخرج كجزية كلّ عام." انتهى من الحديث بابتسامة.
:"ألستَ في إجازة؟!"
:"لهذا أنا لن أفعلها، أنتِ من ستفعلينها." قال وذهب يجلس مكانه.
رمشت غوين أمام الملف وطلبه العحيب الذي خرج حرفيًا فجأة دون أي مقدّمات.
:"لديكِ مهلة يومان على الأكثر." خرج صوت آرثر مرة أخرى وضحك على نظرتها الحانقة التي رمقتها به.
:"لديّ العديد من الأسئلة لك." تمتمت غوين قبل أن تفتح الملف في النهاية وتخرج الأوراق التي به.
_____________________________________________
STOP RIGHT HERE
أطول شابتر في الرواية وصل يا حارة.
حاساه ممل
يا ترى ايه سبب تصرفات آرثر الغير مفهومة؟ هو وساليفا؟
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro