الفصل الثاني عشر: الدوقة المنبوذة.
مرّ يومين منذ أن اختفت الرقابة عليها، ويبدو أنّ جيرين ذلك كان صادقًا في كلمته في النهاية، هذا ما اعتقدته غوين لكن ما اعتقده مارغوس كان أنّه بالتأكيد يُخطّط لشيء ما.
كانت في حوض استحمامها، تستمتع بحمّام منعش بعد أن انتهت من الكابوس المسمى بالعادة الشهرية،
جسدها العاري قد اختفى تحت الماء المليئ بالصابون، وتدندن بألحان عشوائية حين دخل فجأة عليها مارغوس المتسخ يهتف:"غوين انظري!..." لم يُكمل جملته لأنّ الأخرى صرخت وألقت عليه ليفة الاستمام تصيح به:"كيف تدخل على امرأة في وسط استحمامها هكذا يا عديم الحياء!"
:"استرخي، لم أرَ شيئًا." رد ببرود واقترب من حوضها يتابع:"تبًا لكِ لقد نسيتُ ما الذي كنتُ سأقوله، أوه أجل، لقد سمعت من الخدم أنّ الأميرة فيديل جمعت أفضل الطهاة من أنحاء العاصمة وأمرتهم بطبخ أفضل الأكلات من أجل المهرجان."
رمقته بجانبية بينما خرج لسانه وهو يُكمل بنظرة جائعة:"سيعدّون جميع أنواع اللحوم والتسالي والكعك، غوين، عليكِ أن تأخذيني معكِ!"
:"يا إلهي تحوّلك لقط لفترة طويلة أثّر على عقلك، أنت لا تفكر في شيء مؤخرًا غير الأكل والنوم." أردفت بيأس بينما ترمق منظره المتسخ،
تابعت وهي تشير له أن يحضر لها المنشفة ويخرج:" بالإضافة لذلك، محال أن أحضرك للمهرجان؛ سأحضر مع حماي وحماتي، وأريد أن أظهر بمظهر الزوجة العاقلة، وكلّما تكون معي في مكان تجعلني أبدو بأسوأ مظهر ممكن."
بنظرة غاضبة، حمل المنشفة لها بين فكّيه ثم خرج بعد أن أخذتها منه وهو يرد عليها:"لا تحمّليني ثمن حماقاتك، أنا لم أكن معكِ حين ظننتِ جيرين خادم." وتذكّر عندما بات في القصر وضحك عاليًا.
خرجت والمنشفة قد التفت حولها، شابكة ذراعيها تستمع لكلماته:" وبسبب غبائك علِم أنّكِ اكتشفتِ مراقبته لكِ، لا تظنّي أنّه سيدع الأمر يمرّ؛ هناك سبب وجيه لمَ لا أحب أن أجتمع في نفس المكان الذي يتواجد به ذلك اللعين."
كاد يسخر منها مجددًا لكن سمع جملة غوين التي أرعبته:"أنت متسخ للغاية اليوم، تعال." وبدأت مطاردة بينهما في الغرفة.
:"مستحيل! أنا الساحر الأعظم لن أجعل فانية تحمّمني!" صاح وهو يهرب منها في أرجاء الغرفة، فجأة تم فتح الباب ولمعت عينيه لحصوله على مخرج،
كاد يهرب من فتحة الباب لكن لسوء حظّه رأى إيديث أمامه في هذا الوقت
:"إيديث أمسكيه!" هتفت غوين وفي الحال أغلقت إيديث الباب الذي قفز ناحيته مارغوس وأمسكته بين ذراعيها.
بعد عضّ وخربشات ومواء وبعض الشجارات الخفيفة بينه وبين الفتاتين نجحتا أخيرًا في وضعه في حوض الاستحمام وغمرتاه بالصابون.
أمرت غوين إيديث أن تحضر لها افطارها وتجهز لها فستانها الذي سترتديه اليوم وبقت هي مع مارغوس الذي كان ينظر لها ببغض شديد لتكمل حمّامه.
ما إن أصبحا وحدهما بادرت نظراته المميتة بابتسامة انتصار وتقول أثناء غسل فروه:"أوليس الاستحمام رائعًا."
:"أنتِ ستموتين ميتة شنيعة." أردف لها فتجاهلت حديثه وغيّرت الموضوع:"كان هناك ما أرغب في سؤالك عنه..."
:"كان يمكنكِ سؤالي بدون اللجوء لهذا التعذيب." قاطعها وبدأت تعتقد حقًا أنّه يتحوّل تدريجيًّا لقِط حقيقي.
:"كما كنتُ أقول، لقد أخبرتني أنّك أقوى ساحر في الوجود وفي العوالم وهذا الهراء، كيف تكون الأقوى وقد حبسوك في سجن وتخاف من جيرين؟"
لم يغضبه شيء أكثر من نصف جملتها الأخير، صرخ بها:"أنا لا أخاف من ذلك النكرة!"
التقط نفسًا ثم تابع:"الأمر وما فيه أنّ أعضاء مجلس السحرة الأعلى مجموعة حثالة، وجيرين هو أكبر حثالة، أنا الأقوى بالطبع، لكن ذلك النكرة يغُش!
إحدى مهاراته هي إيقاف الوقت، لمدة تصل إلى خمس ثوانٍ على الأكثر." أخفض صوته وتمتم:"على الأقل هذا كان منذ ستّين عامًا."
:"يوقِف الوقت!" صاحت غوين وتابع مارغوس:"الغش لا يتوقف عند هذا، ذلك اللعين يشعر بالهالات؛ إذا كنتَ ساحرًا أو مخلوقًا غير عاديّ سيعرف بالتأكيد، ولهذا السبب أنا كنتُ أختفي من أمامه، هو يستطيع أن يشعر بي وبهالتي ويستطيع إيقاف الوقت وإرجاعي للسجن مرة أخرى." كان يبدو عليه الامتعاض كلّما ذكر جيرين.
سمع صوت غوين تتمتم:"السحرة مخيفون."
:"أجل، وخاصةً الجان، والذي منهم جيرين وشايتا، لذلك امتنعتُ عن ذكر أي شيء يخص ماجينلاك، اعتقدتكِ لن تحتاجي لهذا." فوجئت بنبرته الجادّة في الحديث.
يبدو أنّهم خطرون حقًا طالما يحذر منهم مارغوس إلى هذا الحد، لكن لم تكن تستطيع منع فضولها من معرفة المزيد عنهم؛ منذ مدّة ليست بالطويلة كانت في عالم حيث كل هذه الأشياء موجودة فقط في روايات الفانتازيا.
الآن هي تعيش هذه الأجواء، تتحدّث مع ساحر منبوذ تشكّل بهيئة قِط يحدّثها عن أجناس أخرى غير البشر.
:"أتساءل كم يبلغ عُمر جيرين." تمتمت بينما تُخرِج مارغوس من الحوض فردّ عليها الأخير:"أعمار السحرة مختلفة عن البشر؛ متوسط العمر لساحر قويّ هو ألفين وخمسمائة عام، في حين أنّ السحرة الضعفاء يعيشون ثُلث هذه المدّة فقط.
بالنسبة لجيرين فهو أصغر منّي بحوالي أربعمائة عام تقريبًا."
لم تكن تتوقع أن تسمع هذا، لكنّها ذكّرت نفسها بأنها لن تقحم نفسها بين هذين الشخصين وستركز على هدفها الأسمى: عيش حياة مريحة وليست بلا فائدة كحياتها السابقة.
ستركز على حضورها المهرجان المُقام في العاصمة وكيفية إحراج جويل وفيديل واستعادة سُمعتها،
لقد مُنحت لسببٍ ما فرصة لتعيش مرة أخرى، ولن تفرّط في هذا،
الأمور تبدو فوضوية الآن، وصحيحٌ أنّها لم تقترب ولو خطوة من تحسين سُمعتها، وصداقتها مع الأمير تقريبًا انتهت منذ لقاءهما الأخير، لكن لن تترك هذا يُحبطها، هي تُبلي حسنًا؛ انتهت عادتها الشهرية المزعجة، أصبحت أذكى بسبب الدراسة، وبُعثت لها دعوة لحضور المهرجان وهذا لم يكن يحدث مع غوينيفين السابقة.
المُعضلة الآن هي أنّها ستذهب للمهرجان مع والدي إليوت، ذكريات غوينيفين السابقة لا تُظهر أي تفاعل بينها وبينهما،
إن كانت تريد تحسين صورتها لا يجب عليها تجاهل السيد والسيدة لانكستر، عليها الظهور بمظهر السيدة النبيلة الرائعة أمامهما.
___________________
لم يأتِ إليوت للقصر بسبب اجتماعاته المتكررة مع قادة الجيش ووالده لمناقشة أحوال الدوقية، وأيضًا هي شعرت أنّه فقط يتعذّر بهذا كيلا يراها.
وبشكل غريب شعرت بحزن طفيف أن تكون هذه مشاعره تجاهها، لكن نفضت عن دماغها تلك الأفكار وفقط ركّزت على تعلّم سلوك السيدة النبيلة وتساعدها إيديث على ذلك.
وبعد إصرار مارغوس خضعت وقررت إحضاره معها لكن لن يكون لها دخل حين يكتشف جيرين أمره.
أتى يوم السفر للعاصمة لحضور المهرجان، انطلقت عربتها إلى قصر بيت أهل زوجها السيد والسيدة لانكستر.
كانت السيدة لانكستر امرأة نحيفة ذات شعرٍ داكن ذات رقبة طويلة مزينة بعقدٍ من اللؤلؤ لم تعرف كيف تتحمله، وذراعيها امتلأت بالجواهر الذهبية الباهظة، ملامحها حادّة طغت على وجهها العابس التجاعيد، لم تصافح يد غوين التي امتدت لمصافحتها واكتفت بنظرة فاحصة لزوجة ابنها المجنونة،
والده كان ألطف قليلًا، رجلٌ عجوز لم تتيقن من عمره لكن الشيء الأكيد أنّه في الستين أو أواخر الخمسينات، عينيه زرقاوتين وملامحه بها شبه كبير بابنه، ابتسم في وجهها وصافحها قبل أن تدلف معهما لعربتهما.
مع ذلك كانت نظرات الاثنين أكثر من معبّرة حين تقدّمت إيديث لتجلس بجوار غوين ومعها مارغوس وقالت السيدة لانكستر أن تذهب مع عربة الخدم وكاد زوجها يتحدث بشأن مارغوس القط لكن توقف عندما سمع همسها :"لقد قال إليوت أنّ لها نوبات جنون، لن يكون من الجيد استفزازها." فصمت.
أومأت إيديث بطاعة وأثناء خروجها سمعت غوين صوت مارغوس:"حظ سعيد، يبدو أنّها ستكون رحلة طويلة."
أهل زوجها يفكرون بها كما تفكر الأميرة فيديل، وحين رأت الصمت المخيم على الرحلة شعرت ببعض الأسى كونها كانت تحضر بعض المواضيع لمناقشتهم في الطريق وإبهارهم بمعلوماتها.
استغربت عندما أخرجت السيدة لانكستر من تحت مقعدهما ما يشبه صندوقًا صغيرًا واتضح أنّ فيه نسختين لنفس الكتاب ولوحة مقسمة لمربعات صغيرة ملوّن نصفها بللون البنّي والنصف الآخر بالأحمر الداكن معها قطع دائرية صغيرة من العاج و نرد باللون الأسود.
أخذ السيد لانكستر نسخة من الكتاب وأخذت لنفسها نسخة وبدآ يقرآن من منتصفه، وبين الحين والآخر يشير أحدهما للآخر على إحدى الفقرات التي أضحكته او أثّرت فيه ويتبادلان التعليقات.
اتضح أنّ الزوجين كانا يحتفظان بتلك الأشياء للتسلية في الطريق.
لم تكن لتهتم، لكن رؤيتهما متفاعلين مع بعضهما والسعادة بادية على وجهيهما أثناء نبذها وكأنها غير موجودة آلمها قليلًا.
هو شعور مألوف لها لكن في عالمها القديم حين كان يتم نبذها بنفس الطريقة من طرف زملاءها أو عائلتها كانت لتتظاهر باللعب على هاتفها ببساطة وسرعان ما كانت تندمج بالفعل في برنامج أو لعبة أو رواية، لكن الآن مهما حاولت تجاهل الأمر والنظر للنافذة لم تكن لتستطيع تجاهلهم بالكامل.
في أوقات كهذه من الطبيعي ألّا تود التواجد في نفس المكان، أدركت شيئًا آخر، أنّ غياب مارغوس يجعلها تفكّر فيما يحدث لها وتهاجمها ذكريات غوينيفين السابقة وبعض مشاعرها التي علقت معها حين أتت لهذا العالم، هذا يجعلها تفكر بأسى في أنّ إزعاج مارغوس هو ما يجعلها تتجاهل حقيقة كونها بائسة.
بدأت في التوقف عن التفكير في هذا وبدأت تحاول استجداء شيء تفكر فيه بدلًا من هذا، ووجدت ضالتها حين تذكرت آخر رسالة بعثها لها آرثر مع إليوت 《 احضري للمهرجان، نحتاج لتوضيح بعض الأشياء.》
لم تفكر كثيرًا وقتها لكن هذه الرسالة جافة وأمر صريح منه ألّا تفوّت المهرجان، هل اكتشف علاقتها بمارغوس؟
هل أخبر الدوق جيرين عن مارغوس؟
سيطر الخوف عليها حين فكّرت في أنّ هناك احتمالية حدوث الاحتمالين، وجلست تفرط في التفكير بما سيحدث بها، لامت نفسها على عدم تفكيرها بذلك الاحتمال مسبقًا، كيف تكون بهذا الإهمال، ربما هذا هو السبب الحقيقي وراء نزع جيرين الرقابة عنها، أنّه لم يعد في حاجة للتأكد وقد تأكد من الأمير،
لم يكتفِ عقلها بذلك بل تمادى ليجعلها تفكر في أنّه ربنا يكون السبب وراء تلك الدعوة للمهرجان هو أن ينفذوا فيها حكم الإعدام كي تكون عبرة.
لكن الشيء الإيجابي في ذلك أنّها لم تعد تفكّر في الزوجين بجوارها، حتى وصلوا للقصر الملكي، وقد انتهت بالفعل الفعاليات التي يشارك بها العامة في الساحة الملكية وسط العاصمة.
مهرجان الألعاب ينقسم لقسمين، مهرجان العامة ويدوم عشر ساعات بداية من بعد شروق الشمس ليومين متتاليين، يتم التنافس بين المتسابقين من العامة في الرماية والمبارزة بالسيوف وسباق الخيل والفائز من كل فئة يحصل على خمسمائة عملة ذهبية
وشرف مصافحة الملك.
أنا القسم الثاني من المهرجان هو، مهرجان النبلاء،
يقام في حديقة القصر الملكي بحضور رؤساء الدوقيات العشر وكل ماركيز وماركيزة في المملكة، ومَن يُرسل لهم الدعوات من البارونات.
يُشارك بعض النبلاء مع الأمير في الألعاب، ويكون لكل عام نظام مختلف وألعاب مختلفة يقررها الملك، ثم يبدأ بالمراهنة على من سيفوز، وإن راهن الملك ضد احدهم، على الفور سيتجنب باقي النبلاء المراهنة عليه وعلى الأرجح سيخسر.
بالطبع جميع نقود الرهانات تذهب مباشرة إمّا للجيش أو لشراء المواد الغذائية.
والفائز يحق له طلب شيء من الملك،
رغم هذا، ستكون هذه المرة الأولى منذ الحرب التي يشارك فيها الأمير، وطوال عامين كان يفوز إليوت وكانت طلباته من الملك تنحصر في سيفين جديدين، وبعض الوصفات التي أُرسلت له من دوقية ماجينلاك لتساعده في وقتِ الحاجة.
بالنسبة للأمير فلم تكن الأيام الماضية بأفضل الأيام له، صارحته اخته بأنها مهتمة بأمر تاينهاورد وبالطبع تظاهر بالسعادة لها ودعم مشاعرها، وما ان خرجت أمر فرقة مكونة من عشرة أفراد بالتحري عن تاينهاورد، بدءًا من أخلاقه إلى لون ملابسه الداخلية، بدون ان يتم كشفهم من السحرة والذي يعد أمرًا شبه مستحيل.
قبل أن يتمكن من تخكي أمر أن شقيقته الكبرى تفكر في تركه والزواج والده فجّر له مفاجأة أخرى؛
علِم الملك أن ابنه قتل اثنين من التعذيب بدمٍ بارد بدون حتى أن يستجوبهما، وأنّه أهان نائبة دوق ماجينلاك، ويطرد كل امرأة يجلبها له، ومزّق أوراق الزواج السياسي، وكان يخفي حقيقة تعرضه لمحاولات اغتيال،
لكن كان أكثر تلك الأفعال إثمًا هو اجتماع الأمير بقادة الجيش والاثنين من ماجينلاك بدون علمه ليناقش احتمال الفوز إذا نقض عهود السلام وشن الحرب.
اعتبر الملك أنّ ابنه يتمادى في استغلال سلطته بدون تدبير ويتمادى في تمرّده.
واجتمع به وبالطبع استخدم لهجة غليظة عليه، أغضبت آرثر للغاية، لكن كان عليه أن يعلم أنّ عقابه لم ينتهي عند مجرّد الاجتماع به وامطاره بسيل من اللّوم والعِظات لتأديبه.
نزع الملك صلاحياته في إقامة اجتماعات دون الرجوع له،
أصدر قرارًا بمنعه من مغادرة القصر إلى حين ميعاد المهرجان،
وأزعجه أكثر بإرسال مختلف الفتيات لغرفته كلّ يوم
ووضعه تحت مراقبة الوزير سلايث
الميزة في الأمر أنّ الملك كان حكيمًا وعليمًا بوجود ضيوفهم من ماجينلاك، فأصدر القرارات بسرّية حتى لا ينتبه ضيوفهم أنّ الملك يقلّل من هيبة ابنه.
لكن كانت شايتا تلاحظ عبوسه وانزعاجه أغلب الوقت وتلك الفتيات التي تُرسل له كل ليلة.
كان حظها سيئًا آخِر نهار يوم المهرجان، حيث ذهبت متوجهة لمكتب آرثر بأوراق طلب منها جيرين ان تحصل على توقيعها من الأمير ليرسلها بسرعة لتاينهاورد في ماجينلاك.
أخبرها الوزير أنّ الأمير في غرفته، ثم أخبرها أن تطرق بابه وسيوقع أي أوراق تريدها،
رفضت بأدب متعلّلة بأنها لا تريد إزعاجه لكن سلايث فهم أنها لا تريد التغرض للإحراج من طرفه مرة أخرى، همس لها أنّ هذا الوقت يكون أفضل الأوقات لطلب شيء منه، لأنّه سيوافق على أي شيء،
لدرجة أنّه مرة وافق على إعطاء جميع خادماته إجازة لمجرد ان واحدة طلبت منه ذلك في وقت شبيه بهذا.
نظر للأوراق التي تطلب زيادة في الميزانية المخصصة لمجلس السحرة وأخبرها أنّه وهو نستيقظ يستحيل أن يوافق على المبلغ المكتوب.
لم تَشُك لثانية في مصداقية حديث الوزير وذهبت،
كانت ترتدي عباءة زرقاء داكنة مفتوحة، بلا أكمام، وتحتها ثوب بلا أكمام أبيض اللون وعصاها تزين خصرها.
راقبها سلايث وهي تبتعد متوجهة لغرفته وتمتم لنفسه:"يمكن أن يكون الأمير يشعر بالاهانة بسبب إرسال المومسات، الأمر متروك له ليفهم الأمر أو لا."
لم تجد حراسة عند غرفته واستغربت لكنها طرقت الباب بأي حال، كانت بالفعل حضّرت خطابًا في رأسها لو أنّه فتح فمه بشيء ستقول أنّ الوزير هو مَن أخبرها أن تأتي وهي ليست متلهفة لرؤية غرفته لكنّه من ينام لزوال النهار وهذا وقت عمل.
ابتسمت لنفسها عازمة أن تحرجه لو فكّر في إطلاق لسانه السليط عليها.
لكن ابتسامتها تلاشت حين فتح لها برداء مفتوح يكشف صدره وعضلات بطنه، شعر غير مهندم، يعطيها نظرة ناعسة بينما يضع في فمه فرشاة لأسنانه، ويبدو أنّه استيقظ للتوّ
اتسعت عينيها، وفقدت كل الحديث الذي كانت تأمل قوله له وأرادت فقط أن تركض مسرعة من مكانها.
الآخر لم يكن مستيقظًا تمامًا، نظر يمينها ويسارها ورأى أنّه لم يأتِ أحد معها.
مرّت بعض اللحظات من الصمت هو ينتظرها لتقول له ما الذي أحضرها بينما هي تتلاشى النظر له وهو غير محتشم.
في النهاية خمّن أنّها تائهة.
نزع فرشاة أسنانه الخشبية من فمه وأشار بها إلى شرق الردهة قائلًا بصوت ناعس:"اذهبي لنهاية الرواق ستجدين حارسًا أخبريه بوجهتك." وهمّ بالدخول لغرفته وإغلاق الباب لولا أن سمع صوتها:"انتظر جلالتك."
رمقها بطرف عينه بينما قدّمت الأوراق تتابع:"لقد أرسلني الدوق جيرين، يريد أن يحصل على توقيع جلالتك على هذه الأوراق في الحال."
سمعت تثاؤبه وصوته وهو يدخل:"حسنًا دعيني فقط أبحث عن ختمي والقلم." توقف فجأة والتفت لها قائلًا:"ادخلي، لن أقرأ كلّ تلك الأوراق وأنا واقف بالطبع."
فكّرت في أنّ الوزير كان على حق، يبدو أنّ أخلاقه الذميمة ولسانه السليط يختفيان عندما يكون شبه ناعِس، ويبدو أجمل أيضًا.
نفضت عن عقلها الفكرة الأخيرة سريعًا بينما تدخل غرفته، جلس على فراشه الذي كانت ملاءاته متدلية حتى أنّها لمست الأرضية.
مدّ يده إلى أحد جانبي الفراش يتلمس الرؤوس الذهبية التي زيّنته قبل أن يسحب واحدة ليظهر درج سرّي يحتوي قلمًا وزجاجة حبر والختم الملكي صورتين صغيرتين إحداهما كانت لجلالة الملكة الراحلة والتي كان يشبهها كثيرًا لكن الاختلاف كان شعر الملكة الأصهب كشعر شقيقته، والأخرى كانت مقلوبة.
أخذ القلم والحبر والختم الملكي ثم أغلق الدرج ومدّ يده لها كي يأخذ الأوراق، وبدأ في قراءتهم.
بعد دقائق سمعت صوته المُستنكر:"ما هذا المبلغ؟!"
:"مجلس السحرة يحتاجه من أجل تطوير التعاويذ والأختام، والقبض على الهاربين." أجابته بثبات فقوبلت بسخريته:"إن أعطيتُ الهاربين هذا المبلغ سيأتون لي بأنفسهم يطلبون التوبة."
تغيّرت نبرته لأخرى جادة وأكمل:"لو بعت مجلس السحرة نفسه في سوق العبيد سيكون سعركم أقل من هذا."
كادت تتحدث فقاطعها:"سأفترض أنّ سلايث هو من أخبرك أن تذهبي لي بهذا الهراء وسأوافق عليه طالما لم يذهب عني النوم وأنتِ صدّقتِه، لذا سأكون رحيمًا ولن أتحدث في هذا."
وضع الأوراق بجواره ثم وضع قدمًا فوق الأخرى وهو يُرجع ظهره للوراء وتابع:" أمّا هذه المطالب الساذجة التي تطلبونها فضعوها في..." لم يُكمل جملته لأنّ إحدى الخادمات دخلت تحمل صينية الافطار مسرعة تقول:"سيدي، سيدي، لقد وصلت ابنة الوزير سلايث، والدوق الأكبر لانكستر مع زوجته و..."
قاطع الخادمة:"وماذا إذًا؟ دعي سلايث يستقبلهم؛ لا سبب لدي لاستقبالهم."
وضعت الخادمة التي كانت قصيرة ذات كعكة كبيرة الطاولة على فراشه وقبل أن يكمل حديثه لشايتا قالت:"ومعهم الدوقة غوينيفين جلالتك."
ملامحه التي كانت عابسة تنظر لشايتا قد تحوّلت للخادمة وهو يردف:"أين هي؟"
:"في غرفة الاستقبال." أجابته الخادمة فاستقام وأشار للمرأتين بالخروج قائلًا وهو ينزع رداءه:"حسنًا، اخرجا الآن."
:"ولكن..." كادت تتحدث شايتا لكنّه أعطاها ظهره وقاطعها:"أخبري الدوق جيرين أنني رفضت طلبه، هيا اخرجي"
تدلى الرداء أرضًا تاركًا نصف جسده العلوي عاريًا تمامًا، احمرّ وجهها وخرجت مع الخادمة بيننا تحاول نزع الصورة عن ذهنها.
لقد كانت مخطئة، الوزير سلايث كذب عليها، تعرضت للإحراج مرة أخرى.
استغربت ردّة فعله عندما أخبرته الخادمة بأن تلك الدوقة المجنونة أتت، لكنّها عادت وذكّرت نفسها بأن تلك الدوقة هي سبب وجود كتاب ميرلين بحوزته الآن، قد يكون قد أمرها بشيء آخر وقد أحضرته له.
توجهت لغرفة جيرين لتخبره أنّ ذلك البغيض لم يوافق.
___________________________
حين وصلت جويل كانت قد عزمت على أن تُعيد إليوت لأحضانها قبل أن تأخذه منها غوين، لكن للأسف كان مع قادة الجيش وهي كانت مع نساء المجتمع النبيل برفقة الأميرة، وكانت مفاجأة أن ترى غوين قد أتت مع والدة إليوت،
خادمتها التي تحمل قطّها الأسود جذبت أنظار النساء في الغرفة، في ذلك الوقت همست إيديث لغوين أنّها ستذهب مع القط في الخارج كيلا يجذب مارغوس الأنظار.
ذهبت جويل وصافحت السيدة لانكستر وابتهجت الأخيرة وعانقتها ثم جلستا تتحدثان عن أحوالهما وسريعًا انضمت لهما الأميرة فيديل.
باقي النساء نظرت باحتقار ونفور لغوين التي جلست على طرف الأريكة تستمع لحديث السيدات الثلاث ولا تستطيع أن تشارك به.
مرّت دقائق ثم أتت شايتا التي سارعت جميع السيدات للتحدث معها ومصافحتها؛ فهي أقوى امرأة في أقوى دوقية في المملكة، حتى الأميرة كانت تتملّقها.
لكن غوين كانت قد قرأت رغبة النسوة النبيلات في عدم وجودها والخوف منها لأنها في نظرهم مجنونة تأتيها نوبات جنون.
لم تستطع التفكير في تنفيذ أي شيء ممّا عزمته قبل المجيء لتغيير نظرتهنّ لها.
مرّت حوالي نصف ساعة على هذا الحال فتنهدت قائلة لنفسها أنّها كانت فكرة سيئة مجيئها،
لم تلاحظ وقوف الجميع عندما دخل الأمير، بينما الأخير لم يعرِ انتباهًا لهنّ، فقط لوّح لشقيقته ثمّ توجه خلف الوحيدة التي لم تقف وكانت شاردة بحزن.
اتسعت أعين الجميع بخوف، المجنونة لم تُحيّي الأمير، حتى شايتا عرفت كم أنّ الأمر يمكن أن ينتهي بكارثة للدوقة المنبوذة.
لكن آرثر فقط غطّى عينيها بيديه وهو يقول:"مَن أنا؟"
انقبض قلب غوين التي عرفته وتذكّرت أفكارها قبل أن تأتي :"أرجوك لا تقتلني"
أزال يديه من عينيها قائلًا بسخرية:"صحيح أنّ مزاحي مضحك، لكن ليس لدرجة الموت من الضحك، غويني!"
لا يُمكن أن يكون قد عَلِم صِلتها بمارغوس ويمازحها هكذا، هذا ما فكّرت فيه قبل أن تستقيم وتواجهه:"خطابك جعلني أفكّر في أنّني قد ارتكبتُ جريمة!"
:"وهل تعتقدين أسلوبكِ المرة الأخيرة ليس جريمة؟ لقد حطّمتِ قلبي!" قال ونظر للعيون المذهولة التي تطالعهما فأخذ يدها متمتمًا:"على أي حال يبدو أنّنا نقاطع حديث النساء النبيلات، تعالي نُكمل حديثنا في الخارج."
توجه للنسوة التي كانت قد عقدت الصدمة والخوف ألسنتهنّ وقال:"آسف لاقتحام اجتماعكنّ سيداتي."
وتوجه بها للخارج.
ربما يشفق عليها لأجل أخيها، لكن فِعلته هذه لن تنساها أبدًا، لقد ساعدها بحق؛ لم تكن تريد تجربة الشعور الذي شعرت به مع والديّ إليوت مرة أخرى.
أمّا هو فتوجه بها لخارج غرفة الاستقبال ثم ترك بدها وقال بنبرة معاتبة:"أنتِ لم تتركي لي فرصة للدفاع عن نفسي!"
:"ماذا؟" خرجت من فمها وهي لا تعرف عمّ يتحدث
وهو تابع:"حسنًا لأكون صريحًا، جزء منّي عاملكِ كما كنتُ أعامل راث، كنوعٍ من الإحسان لشخصٍ كان يحبّه راث، لكن كان هذا في البداية فقط، ولم أكن لأفعل أكثر من دعوتكِ للرقص في الحفلات!
لكن حين أدركتُ كم نحن متشابهان، قلتُ لن يضرّ أن أكون صديقًا لها، وظننتُ الأمر لا بأس به معكِ."
بما أنّه اعتراف بسوء الفهم، أليس عليه أن يكون صادقًا على الأقل؟ شبكت يديها رافعة حاجبها وهي تردف:"حقًا؟ في البداية ظننتُ أنّك تعاملني بلطف فقط للوصول لهوية الشخص الذي جلبتُه معي لحفل جويل."
انفعل الآخر ليدافع عن نفسه:"مهلًا، هذا لا يُحتسب!
أنا نسيتُ بشأنه منذ أن اتضح أنّه عديم النفع!
لكنّني لم أنسَ بشأنك، هذا يثبت صدق نواياي، وأنّكِ ظلمتِني!"
:"لقد أخبرتني الأميرة بذلك أمام جميع مَن في قصر دوقية ماجينلاك!
قُلتُ لنفسي بما أنّ شقيقته تقول هذا، فهو حقيقة." بدأت الأخرى تدافع عن نفسها أيضًا، أخفضت صوتها وأكملت:"بأي حال، لستَ مضطرًا لفعل كلّ هذا."
:"ما الذي فعلتُه؟ أنا فقط أريد صداقة مع شخص يشبهني!" قال وصاحت به:"كيف أنا الدوقة المجنونة تشبه الأمير الملاك اللطيف؟!"
ابتسم ابتسامة خفيفة على وصفها إياه، بدت وكأنّها ابتسامة شفقة من جهلها بحقيقته، أو ابتسامة لمجاملتها التي لا يمكن أن تكون حقيقيّة أبدًا قبل أن يقول:"ما هي نكهتكِ المفضلة؟"
:"هاه، التوت البرّي، ما علاقة هذا بأي شيء؟" ردّت والحيرة بادية على وجهها قبل أن تسمعه:"أنا أيضًا أحبّ التوت البرّي، وكلينا أشقر، كلّ هذه التشابهات وتسألين كيف نحن متشابهين؟"
لم ترَ منطقًا من حديثه لكن لن تمانع أبدًا أن تكون صديقته، لربما هما فعلًا متشابهين، لأن كليهما لديه شائعة تدور حوله بين أرجاء النبلاء.
ربما أيضًا لن تمانع أن تكون أكثر من صديقته.
:"معكَ حق، كيف لم أرَ هذا؟ نحنُ متشابهين." أردفت مبتسمة فابتسم الآخر معها.
لم يستطيعا التحدث أكثر بسبب قدوم الوزير سلايث يخبره أنّ النبلاء يسألون عنه.
ما أن تركها حتى سمعت صوت مارغوس قادم من الأعلى:"أن يسعى خلف امرأة متزوجة، هذا الأمير عديم أخلاقيات،
هذا النوع من الأشخاص يعجبني." أنهى حديثه بنبرة مرحة غريبة.
نظرت للأعلى ووجدت طائرًا أسود الريش، أرجوانيّ الأعين يقف على تمثال صقر ذهبيّ كان أعلى الحائط خلفها.
:"كان عليكَ التحول لطائر قبل أن نأتي إلى هنا." تمتمت بينما تنظر لباب قاعة الاستقبال الذي يبعُد عنها بضع خطوات.
:"لقد نسيت." أجاب ببساطة وقلبت عينيها، بالطبع سيكون هذا ردّه.
سمعت صوته مرة أخرى:" أتيتُ فقط لأنني شعرتُ أنّكِ ستجعلين من نفسك أضحوكة كعادتك ولم أكن أريد أن أفوّت العرض، ولكن رأيتُ عرضًا رومانسيًّا أصابني بالمرض بدلًا من هذا."
رومانسيًّا؟ لقد كانا يوضحان سوء فهم ليستمرا كصديقين لا أكثر!
فكّرت غوين أن صديقها الطائر يحب تضخيم الأمور كثيرًا.
في الواقع، صداقة آرثر أكثر شيء تحتاجه حاليًا لسُمعتها، على الأقل هذا ما تظنّه هي،
لإعادة بناء سُمعتها وسط سيدات النبلاء، بدلًا من العمل جاهدة لإذهال سيدات الوسط النبيل اللواتي يكرهنها، ويرونها مخبولة بلا كرامة، ستكتفي بأن تكون قريبة من العائلة المالكة، وهنّ من ستأتين نحوها ليتملّقنها.
توجهت عائدة لغرفة الاستقبال، ستتحمل نبذهم لها قليلًا فقط.
ودّعت مارغوس الذي كان لا يزال مكانه وأخذت نفسًا عميقًا ودخلت.
ما إن دخلَت حتى تجمّعت جميع العيون عليها وساد صمت رهيب، توقعت هذا إلى حدٍّ ما؛ لا أحد سيظنّ أن الأمير الوسيم يستلطف الدوقة التي لا يطيقها حتى زوجها.
حاولت أن تبدو طبيعية وهي تتوجه لمقعدها واكتفت بالنظر للأرض بضع لحظات، شعرت بنظراتهم عليها بينما عادت النساء للحديث بتهامس مستمرين في نبذها.
عندما رأت شايتا أنّه لا فائدة من الجلوس هناك خرجت قاصدة مكانًا تستطيع أن تستنشق منه بعض الهواء النقي، اقتربت من الشرفة وسمعت بعض الصياح الغاضب، كان الأمير مع الوزير سلايث الذي كان يقف بثبات يقول بهدوء:"أحدهم يمكن أن يسمعك جلالتك."
:"فليسمعوا، أنا لا أهتم، ما الهراء الذي أخبرتَني به منذ قليل؟ أحقًا يعزم أبي على فعل هذا؟" رد حانقًا وأجابه سلايث:"لا يفترض بالأمر أن يكون شيئًا كبيرًا،
كلّ ما عليك هو اختيار فردين من النبلاء والفوز بالألعاب غدًا والإثبات للملك أنّك قادر على قيادة هذا البلد عندما يحين دورك."
:"سلايث، أطبِق فمك." قال ونظر بطرف عينه ناحية باب الشرفة قبل أن يقول:"هل جميع السحرة فشلة في التجسس مثلكِ؟، شايتا!" انقبض قلبها ما إن سمعت اسمها يخرج من فمه وسرعان ما ظهرت من خلف الحائط بقلبٍ واجِس.
قالت:"لم أكُن أقصِد التجسس."
:"وأنا لا أهتم حتى وإن كنتِ تفعلين." قال مغادرًا المكان عائد لغرفته، لا يودّ سماع والده وهو يقول ما سيقوله للنبلاء.
نظرت شايتا للوزير سلايث وكادت تتحدث معه بشأن ما حدث سابقًا هذا اليوم، لكن الأخير غادر أيضًا متعلّلًا أنّه يريد سماع كلمة الملك التي سيقولها للجميع قبل بدء ألعاب النبلاء.
__________________
تجمهر الجميع في قاعة الاحتفالات الخاصة بالقصر في غياب الأمير الغير مبرّر منتظرين حضور الملك،
لمحت جويل إليوت فتقدمت نحوه تتظاهر أنّها تريد مصافحته، الأمر الذي أدهش إليوت قليلًا أثناء مدّ يده مصافحًا إياها، مالت عليه تهمس له أنّ لديها ما تتحدث به له بعد انتهاء خطاب الملك.
القاعة تحتوي شرفة تواجه داخل القصر في منتصف الخائط بين الطابق الأول والثاني، مغطاة بالستائر الحمراء المزينة بالخيوط الذهبية، يحملها تمثالان لملاكين ضخمين عراة الصدر.
أُزيحت الستائر لتكشف عن الملك إيلي ستاربورن، يجلس على كرسيّه، لحيته البيضاء تمامًا وشعره الذي ماثل لون لحيته الكثيفة أعطياه هيبة، توقف الجميع فورًا عن الحديث ما إن ظهر، بعد ثوانٍ كان قد ظهر على تلك الشرفة الوزير سلايث يقف يمينه.
حمحم الملك قبل أن يبدأ حديثه:"سيدات وسادة المجتمع النبيل، آمُل أن تكونوا في مزاج جيد للمهرجان مثلي الآن،
أنا أشعُر بفرحة كل عام حين أتابع فعاليات المهرجان، أحبّ أن أرى الأمل الذي أعطيه للجميع حين أعرض المكافأة، وأحب أن أرى المثابرة على وجه الذين أراهن عليهم." بعد تلك المقدمة القصيرة نمت على وجهه ابتسامة جعلت الجميع يترقب ما سيقول بعدها.
:"ولهذا قرّرتُ أن أراهن بخمسين ألف عُملة ذهبية، على خسارة الأمير." اتسعت أعين الجميع حين سمعوا هذا.
أكمل الملك إيلي وقد بدت على وجهه الغبطة:"بالنسبة للقوانين، فأي فردٍ نبيل مسموح له بالمشاركة،
ستكون الألعاب هذه السنة جماعية، بمعنى أنّ أي فريق من ثلاث أفرادٍ نبلاء يستطيع المشاركة، يخسر الفريق حين يخرج كامل أعضائه من الألعاب،
الفائز يحق له تمنّي أي أمنية بخلاف طلب أن يكون الملك." صمت بُرهة وأكمل:"لكن إن خسر الأمير فسيكون هذا اعتراف بعدم أهليته لوراثة العهد وسيورث تلقائيًا للأميرة فيديل إن فازت، لكن إن خسر الاثنين سيرثُ العرش من بعدي أيًا كان من سيفوز."
أدركت شايتا الآن لماذا كان الأمير يستشيط غضبًا،
يستحيل أن يوافق أي نبيل على العمل معه مع تلك الشروط، نظرت لجيرين الذي بادلها نظراتها، فكّرا في شيء واحد معًا، وهو أنّ غدًا سيكون بمثابة حرب على السلطة في ثوب ألعاب.
سمعت غوين صوت مارغوس الذي كان قد عاد لهيئة القط منذ وقت تحمله إيديث بجوارها:"يستحيل أن يتعاون أحد مع أميركِ الساحِر؛ لقد راهن الملك على خسارته،
بجدية غوين، لم يمضِ نصف يوم حتى على صداقتكِ معه وأصبتِه بالنحس، سيفقد الفتى ميزته الوحيدة في الحياة، كونه أميرًا." أنهى جملته الساخرة ببعض الضحكات
:"سيّدتي، إنّ السيد إليوت سيشارك غدًا، هل ستشاركين أيضًا؟" قالت إيديث ولم تُجِب غوين،
مشاركتها من عدمها لن تكون لها فائدة، ستخسر بأي حال ولا تهتم لذلك.
جلّ اهتمامها كان منصبًّا على احتمالية ألّا يكون آرثر وليّ العهد.
_____________________
STOP RIGHT HERE:-
علميًا ده مجرد مهرجان ألعاب،
عمليًا ده هيكون حرب عصابات.
أراكم في الشابتر الجاي، المرقعة لا دين لها فمش عارفة هيكون امتى
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro