Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

صياد جديد

بعيدًا عن صخبِ المدينة وازدحامِها
قريةٌ صغيرة تُطل على البحر، ويعيش سكانها بين أكناف أمواجه
فيكون نسيمُ البحر أولَ ما تستنشقه رِئتا المولود، ويتعلم اﻷطفال السباحةَ قبل المسير، ويغدو قدَرهم أن يصبحوا صيادين عند بلوغِ سن السادسة عشر.

تحت سقف إحدى بيوت تلك القرية طفلٌ كبر وصيادٌ جديد على وشك أن يولد.

"محمد بنيّ قُم أدِّ صلاة الفجر، بنيّ إذا لم تنهض اﻵن ستفوتك صلاة الجماعة"
قالت اﻷم بشيءٍ من القلق وهي تهزُّ ابنها محاولةً إيقاظه
نهض الفتى وبدأ يفرُك عينيه
"إنَّه اليوم، أليس كذلك؟"
سأل الفتى بعينين تبرقان حماسةً، فأومأت اﻷم باﻹيجاب مع ابتسامةٍ حانية

قفز الفتى من سريره وتوضَّأ استعدادًا للصلاة، ثم استبدل ثيابه وارتدى ثياب الصيادين من بنطالٍ واسع وسترة وقبعة تقي أشعة الشمس
"هل أنت مستعد؟"
قال اﻷب يرمق ابنه بنظرةِ تحدٍ
"تمام الاستعداد"
أجاب الفتى بابتسامةٍ تشق وجهه
"هل جهزتِ معدات الصيد؟"
سأل الرجل امرأته
"لقد فعلتُ عزيزي مسعد"
أجابت امرأته مع ابتسامة عذبة، فابتسم مسعد ثم خرج من المنزل.

توجه محمدٌ نحو والدتِه وعانقها
"أدعو الله أن تبليَ حسنًا"
قالت الأم تربت على ظهر ابنها
فابتسم لها محمدٌ وقبَّل يدها، ثم تَبِع والده الذي خرج قاصدًا المسجد بغيةَ تأديةِ الصلاة
"أنظروا لقد أتى الصياد الجديد محمدٌ بن مسعد"
قال أحدُ الرجال مشيرًا لمحمد
"أحقًا؟ لقد كبر ابنك يا مسعد"
خاطب رجلٌ آخر والد محمد
"دعونا من التباهي ولنسرع بالمسير؛ حتى لا تفوتنا الصلاة"
قال مسعد موسعًا خطواته حتى وصل المسجد
***
"السلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته"
قال اﻹمام وهو يلف عُنقه نحو كتِفه اﻷيسر، فتَبعه المصلُّون، ثم بدأ الجميعُ بترديد أذكار ما بعد الصلاة حتى فرغوا منها، وقاموا قاصدين البحر؛ حتى يبدءوا عملهم باصطياد اﻷسماك.
 
"اتبعني يا محمد، أعرف مكانًا جيدًا للصيد"
خاطب مسعدٌ ابنه مشيرٍا له بأن يتبعه، فامتثل محمدٌ
وصل محمدٌ ومسعد لجزءٍ هادئٍ من البحر، لا يعكِّر هدوءه أي أمواجٍ عاتية
فصعد كلاهما للقارب، ثم أبحرا نحو عرض البحر
لم يكن مسعد صيادًا واسع الرزق مع أنه كان يتضرع إلى الله يومياً حتى يوسع في رزقه.

"سأستعمل السنارة، واستعمل أنت الشبكة، إنها أسهلُ في الاستخدام بالنسبةِ لصياد جديد"
قال مسعدٌ مناولًا ابنه الشبكة، فأمسكها الفتى وتهيأ لبدء الصيد، وألقى بالشبكة في البحر، ثم همس بكلماتٍ استثارت اهتمام مسعد على الرغم من أنه لم يتمكن من تفسيرها
ألقى مسعدٌ سنارته بعد أن وضع بها طعمًا، ثم انتظر كلاهما سويةً، فالصيد مهنةٌ تستلزم الصبر.
***
بعد حين بدأت شبكة محمدٍ تُسحب ﻷسفل، فسارع بسحبها خارج الماء ليجد اﻷسماك تتقافز بها تطلب العودة للماء
عندها أمسك محمدٌ باﻷسماك وبدأ يضعها بوعاءٍ يحوي ثلجًا الواحدةَ تِلوَ اﻷخرى، ثم أعاد إلقاء شبكته مرةً ثانية
"لقد أحسنتُ تدريبك بالفعل!"
مدح مسعدٌ ابنه بابتسامةِ إعجاب
"إنَّما هذا من فضل الله، يليه تدريبك يا أبي"
قال محمدٌ في أدب
"ويبدو أن أمك أحسنت تربيتك أيضًا"
علق مسعدٌ والضحكةُ تشق وجهه، فابتسم محمدٌ وعاد كلاهما للصمت ينتظران اﻷسماك أن تقترب من قاربهما.

الدقائقُ تمضي والساعات تمرُّ والحال كما هي
اﻷسماك تتقافز نحو شبكة محمد، ولا تحفل بسنارة مسعد
مما أثار عجب مسعد ﻷن أسرابًا من اﻷسماك علقت بشبكة ابنه، في حين لم تعلق واحدة بسنارته مع أن الفارق بين مكانيهما أقل من متر
رفع مسعدٌ سنارته يفحصها، لعلَّ بها خطبًا يمنع اقتراب اﻷسماك، لكنها كانت سليمة والطعم ما زال عالقًا بها!

ومضى الوقت حتى توسطت الشمسُ السماء، واشتدت حرارة الجو، وصدح صوتُ المؤذن يرفع آذان الظهر
"محمد، بني، هيا اسحب شبكتك؛ لنلحق بصلاة الظهر في المسجد"
وجه مسعدٌ الحديثَ لابنه بلهجةٍ آمرة
فأسرع محمدٌ بسحبِ شبكته من الماء، ورتَّب معداته، ثم ساعد والده بالتجديف حتى وصلا للشاطئ وسارعا المشي؛ لكي يلحقا بصلاةِ الظهر.
***

 ما أن وصلا للمسجدِ حتى خلعا حذاءيهما، ودخلا يصليان خلف اﻹمام
عندما أنهى اﻹمامُ الصلاة قام مسعدٌ ومحمدٌ يستكملان الركعة اﻷولى التي فاتتهما، ورددا أذكار ما بعد الصلاة، ثم اتَّجها نحو المنزل فأراحا جسديهما قليلًا
لكن فكر مسعد لم يسترح فقد كان مشغول البال بسبب تدافع اﻷسماك نحو شبكة ابنه وتجاهلها لسنارته، فجعل يفكر بحجةٍ ليتبادل المعدات مع ابنه.
***
عندما رُفع أذان العصر نهض محمدٌ ووالده للصلاة، ثم عاودا الذهاب للبحر لاستكمالِ عملهما
"بنيّ دعنا نغير مكان القارب هذه المرة؛ لعل الله وضع رزقنا بمكانٍ آخر"
قال مسعدٌ يخاطب ابنه
فأومأ محمدٌ طاعةً لوالده، وأبحرا لمكانٍ مختلف ثم أوقفا التجديف وجهزا المعدات لبدء الصيد
 "بنيّ خذ أنت السنارة وأعطني الشبكة فهي تصطاد عددًا كبيرًا من اﻷسماك، وأنت ما زلت لا تقوى على سحبها بمفردك"
قال مسعدٌ مخاطبًا ابنه فبادله محمدٌ على الفور، دون احتجاج أو اعتراض امتثالًا ﻷمر والده
لم يكن ضعف محمدٍ سوى ذريعةٍ تمكِّن مسعد من استخدام الشبكة
عسى الحظ يحالفه وتقبل اﻷسماكُ نحو شبكته.

لعلَّ البعضَ يتسائل لماذا يعنيه أمرُ اصطياد محمدٍ لكمية أسماكٍ أكبر مما يصطاده
فقط تخيل أن تصطحب ابنك لتعلمه شيئًا، فإذا به يفوقك من يومه اﻷول
بالطبع لن يكون شعورًا لطيفًا وسيؤدي لخسارتك ماء وجهك.

على الرَّغم من تبادل مسعدٍ ومحمد للمعدَّات فلم تعلق أيةُ أسماكٍ بشبكة مسعد، بل علقت كلها بسنارة محمدٍ واستمر الحظ بكونه حليفًا لمحمد أم تراه يكون شيئًا آخر دون الحظ؟
وكان هذا سببًا لتتراقص الحيرة والاستغراب بفكر مسعد.
***
 مضى الوقتُ وهما على هذه الحال حتى لاحت الشمس في اﻷفقِ وهي على وشك الغروب، وستائر الشفق أُسدلَت بتدرُّجات اللونين اﻷحمر والبرتقالي لتزين زرقةَ السماء التي ما هي إلا بضعُ دقائق حتى تتزين بحُلكَة الليل، فحمل مسعد وابنه معداتهما وجدَّفا نحو الشاطئ بما رزقهما الله اليوم من خيرات أو لنقل بما رزق الله محمدًا من خيرات.

بينما هما في طريقهما لمنزلهما
 "أحسنتَ بنيّ، لقد أثبتَّ مهارتك واحترافك اليوم"
قال مسعدٌ يمتدح ابنه الذي أخفض رأسه خجلًا من مديح والده وابتسامةٌ خفيفة ارتسمت على شفتيه، بينما كان الفرح يُرقص قلبه والسعادة تُغرق عقله
"إذن ما سرُّ نجاحك المبهر اليوم؟"
وكز مسعدٌ ابنه وسأله ممازحًا
"بسم الله الرحمن الرحيم"
فأجابه محمدٌ بابتسامة عريضة
لم يفهم مسعد ما قصده ابنه، وكانت أمارات الحيرة باديةً على وجهه
"قبل القيام بأي شيء ابتدأت يومي بالبسملة، وقبل السعي لطلب الرزق ابتدأت بالبسملة"
أجابه محمد موضحًا
 "ولكن ما ذكَّرك بذكر اسم ربك قبل السعي لطلب الرزق؟"
استفهم مسعدٌ متلهفًا لسماع السبب من ابنه
"لطالما كنت أنت وأمي تذكران اسم الله قبل البدء بأي شيء، وتحثانني على ذلك حتى أصبحت واحدة من عاداتي"
قال محمد معللًا ومجيبًا على سؤالِ أبيه
فتعالى صوتُ قهقهةِ مسعد
"يا الله كنت أدعوك البارحة لتوسِّع في رزقي، واليوم تبعثُ إليَّ ابني يذكِّرني أن السنين مرَّت والأعوامُ انقضت ، ولم أعدْ أذكُر اسمك قبل بدء السعي لطلب الرزق، يا الله سامحني على نسيانِ ذِكرك"
تمتم مسعدٌ بصوتٍ خفيض لم يسمعه محمدٌ، ولم يفهم مغزاه
"بارك الله فيك بنيّ"
قال مسعدٌ وهو يربِّت على ظهر ابنه وداعيًا الله أن يثبِّته على الحق، ويجعله هاديًا لكلِّ من غفل أو ضلَّ عن طريق الصلاح.

ذِكرُ اسم الله
في رأيي هذه هي خيرُ بدايةٍ لكل شئون الحياة
فهل هناك ما هو خيرٌ من ذِكر اسمه من بعد ما قال في كتابه الكريم
"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُون"؟

النهاية
تمت بتاريخ 18/1/2018

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro