الفصل الثامن و العشرون
صباح الخير قرائي الغاليين
اسمتعوا بالفصل
*
تمانا :
الرياح العاتية ستأتي على حين غرة ، السعادة ستحلق و كل شيء سوف ينقلب حاله لمجرد نظرة و همسة ،السعادة عقدها قصير الأمد في جميع الأحوال لذا لا يجب أن أكون متفاجئة من انقلابها بهذه الطريقة
أخذنا تشانيول إلى مكتب الجدة و أقفل عليّ لوحدي مع أمي و أبي ، لا يريد للجدة أنستازيا أن تعلم بما يجري فكل شيء سوف يكشف و الجميع يعلم أن علاقتنا بنيت على كذب و خداع ........ الجميع سيقول كاذبة و مخادعة
كانا يجلسان على الأريكة المقابلة لي و أنا أجلس على مقعد أريكة و أضع كفي بين قدميّ ، أبكي ولا أستطيع التحديق بهما حينها أمي همست بتعب رغم قوة صوتها و موقفها
" هل نحن عار بالنسبة لك يا تمانا ؟ "
عندها رفعت رأسي و نفيت بسرعة بينما عينيها كانت مليئة بالدموع التي لا تريد أن تبكيها
" لا يا أمي ..... أنا لا أفكر هكذا "
حينها نطق أبي و كم كان بموقف الضعيف هو الذي كان طوال حياته قويا بكرامته
" و لكن ما فعلته يا تمانا ليس له معنى سوى أنك تخجلين بنا ....... هذا المنزل يا تمانا لن يليق بتواجد أناس مثلنا به "
عندها استقمت لأقترب منهما و أسندت ركبتيّ على أرض و نفيت ، حاولت امساك كف أمي و لكنها أبعدتها بقسوة فلم أجد سوى كف أبي التي تمسكت بها بقوة و من بين دموعي نبست
" أقسم أن الأمر ليس كما يبدو عليه ..... أنا ، أنا "
" أنت ماذا ؟ قولي و اشرحي "
صرخت بها أمي و أنا أغمضت عيني ، لم أجد ما أقوله فهمست
" أنا آسفة ..... "
" لم يكن هناك أحد يريد منك أن تجدي شخصا جيدا و تستقري معه مثلي يا تمانا فلما استثنيتني من هذه الفرحة ؟ لما آلمتي قلبي بهذه الطريقة ؟ "
عندها عدت و أمسكت كفيها بقوة بدون أن أتركهما رغم محاولتها بأن تبعدني عنها
" لقد كنت خائفة .... "
" لا يا تمانا .... أنت لم تكوني خائفة "
قالها أبي ثم استقام و سحبت أمي كفها لتستقيم و هو واصل كلماته
" أنت شعرت بالعار من وجودنا ...... نحن لا نناسب هذه العائلة ، نحن بسطاء و هم أناس ذوي مكانة و مركز كبير جدا ، هم سحبوك للأعلى و نحن جعلناك طوال حياتك بالحضيض .... و لكنه حضيض ذو كرامة يا تمانا ، نحن لم نبع أنفسنا من أجل المال أو المراكز رغم وجود كل المغريات "
و أجل صفعات أبي كانت قوية بقدر قوة ألمهما الذي تسببت لهما به ، بكيت بشدة و شعرت بالضعف و أنني سوف أخسرهما مقابل احتفاظي بتشانيول أو سوف أخسره هو مقابل احتفاظي بهما ....... أنا لا أريد خسارة أي أحد ، كنت أنوي أن نذهب لهما و نطلب سماحهما .... أريد مباركتهما لهذا الزواج ، لكن الأمور سارت عكس ما أردت و عكس ما توقعت
رفعت نظراتي المتعلقة بهما و لكنه أمسك كفها و سحبها ليغادرا و أنا استقمت و شعرت بالسوء و أنني على وشك خسارتهما
" أرجوكما ..... لا تتركاني "
اقتربا من الباب و أنا أسرعت خلفهما و عندما فتح أبي الباب كانت الجدة أنستازيا تقف ، توقفت و شعرت بضربات قلبي تدق بعنف حينها تبعها تشانيول و نادى عليها
" جدتي توقفي ..... "
وقف خلفها و حدق بي و أنا شعرت برغبة عارمة في ترك نفسي للبكاء و جدتي حدقت بهما و ابتسمت
" مرحبا بكما ..... "
التفت أبي اليّ و عكر حاجبيه بغضب و الجدة أنستازيا تقدمت لتدخل ، اقتر بت مني و ضمتني بجانبية بينما تحدق بهما و هما التفتا كليا
" لا أريد منكما أن تغضبا من تمانا أكثر ....... أرجوكما صالحاها فهي كانت حزينة يوم زفافها لأنكما رفضتما المجيء "
لم أجرأ على رفع نظراتي ناحيتهما عندها سمعت صوت أمي ساخرا
" هكذا اذا ...... هكذا يا تمانا "
مرغمة أنا حدقت بهما و أبي الذي كان دائما قويا رأيت دمعة تقفز من عينيه فمسحها بسرعة و الجدة أنستازيا تركتني و اقتربت منه لتضع كفها على ذراعه و على ذراع أمي أيضا و تحدثت بدون أن تدري ما يجري
" أرجوكما ...... تمانا فتاة جيدة و لا يمكنكما خسارتها بهذه السهولة "
" أشعر أنني خسرتها و انتهى الأمر "
قالها أبي و لكنها أمسكت بكفه و ربتت عليها
" لا .... أنت لم تخسرها بل هذا هو الوقت المناسب لتكسبها نحن سنكون عائلة جيدة ، سوف ندعم بعضنا "
في تلك الأثناء دخل تشانيول و اقترب مني ليضمني بجانبية ، لقد أمسك كفي و ضغط عليها ثم حدق بهما و تحدث
" كل ما حدث ، حدث بسببي أنا "
عندها توسعت عينيّ و حدقت بعينيه ، نفيت برفض لما سيقوله لكنه واصل حديثه
" أنا أحب تمانا و ربما تتذكرني سيد أندرسن ..... لقد أتيت للمنزل بحثا عنها و بعدها لم أستسلم حتى وجدتها و جعلتها لي ، أنا تزوجتها و لم أهنها أو أهينكما "
حدقت به لأرى صورته مشوشة بسبب الدموع العالقة بعينيّ و كنت مستغربة ، هل فعلا ذهب للبحث عني ، هل استخدم معي تلك الطريقة لأنني كنت صعبة المنال فقط و عنيدة ؟
حدق بي و ابتسم لي ليترك كفي و وضع كفه على وجنتي ليحرك ابهامه عليها
" أنا أحب تمانا .... "
عاد ليحدق بهما و الجدة أنستازيا أمسكت كف أمي و بترجي تحدثت
" صدقاني وجودكما هو ما كان ينقص سعادتنا لتكتمل "
فابتسمت أمي بسخرية بينما تدينني بنظراتها
" هيا لنتناول عشاءنا معا ...... لنتعرف بطريقة لائقة أكثر و نُسعدُ ابنينا "
و بتأثير جدتي هما سارا معها و أنا التفت و ضممت تشانيول لأضع رأسي على صدره ، بكيت بشدة و هو وضع كفه على رأسي و ربت عليه
" توقفي عن البكاء تمانا "
" أنا خذلتهما ....... كل نيتي كانت أن أجنبهما الكسرة و لكنني كسرتهما ..... خيبت آمالهما بي و ضربت كل شيء قاما به من أجلي عرض الحائط "
" سوف أخبرهما أنني السبب "
عندها ابتعدت عنه بفزع و أمسكت بكفيه لأنفي
" لا يمكن ...... أنت لا يمكن أن تخسر مكانتك و لا صورتك أمامهما "
" أنت تفقدينهما "
" و لا يمكن أن أفقدك تشانيول أرجوك لا يمكن أن يحدث هذا أنا سأترجاهما بدون كلل أو ملل و في المقابل ستكون أنت معي "
" لن يغفرا لك بدون أن يعلما الحقيقة "
" إن علماها سيجبرانني على تركك ....... و أنا لا أستطيع تركك "
" لا تخافي تمانا و أنا لن أتركك بسهولة ...... فقط سوف أخبرهما أنك فعلت ما فعلت من أجلهما لا من أجلكِ "
لم أسيطر على عبوسي و رغم محاولتي لحبس دموعي و بكائي و لكن أنا لم أتمكن من ذلك و هو ابتسم و اقترب ليقبل غمازتي التي ظهرت و ابتعد يهمس قريبا مني
" و في عبوسك تكون أعمق فأشتهيها أكثر "
*
تشانيول :
مرة أخرى أجدني أعد و أعد بدون أن أضع حدا لنفسي ، بدون أن أستطيع التحكم بنفسي ضممتها و أخبرتها أنني أحبها ، أخبرت الجميع أنني أحبها و كانت تلك أول مرة ولا أدري إن كان ما قاله لساني صحيح أم مجرد كلمات تجاري الوضع ، لا أدري ما الذي يحدث لي و ما الذي تفعله بي هذه المرأة عندما وجدت نفسي مستعدا لاخبار والديها بكل ما حدث حقيقة ، أعتقد أنني أتنصل من نفسي و بعد انتهاء الأمر فقط أعود لأكون أنا
أسندت نفسي على الجدار المجاور لباب الحمام ، وضعت كفي بجيوب بنطالي و انتظرتها حتى تغسل وجهها ، ما الذي يمكن فعله الآن ؟ كيف عليّ أن أتصرف حتى يسامحانها و يتوقفا عن ادانتها لأنها مجرد تمانا ..... فتاتي الساذجة و الغبية التي استغليتها كثيرا و لا زلتُ أفعل
أغمضت عينيّ ليمر قليلا من الوقت و أنا غارق في تخيل عينيها المموجة بالدموع ، بسكون حزنهما الذي عاد و تلبسهما من جديد ، فتح الباب فاعتدلت لأبعد كفيّ عن جيوب بنطالي مقتربا منها و هي رفعت نظراتها ناحيتي ، ابتسمت لها مرغما ....... حقا الأمر ليس بيدي لأنني أريد رؤية ابتسامتها و هي رسمتها و لو خافتة فوضعت كفي على وجنتها و دنوت أقترب منها ، أسندت جبيني على جبينها و همست لها
" ارمي القلق بعيدا حبيبتي ..... كل شيء سوف يعود كما كان "
عندها وضعت كفها على كفي التي على وجنتها و تعلقت بها لتغمض عينيها ثم خرجت كلماتها بعد تنهد عميق حبس أنفاسي
" لا أريد أن يعود شيئا كما كان .... "
" ماذا ؟ "
عندها فتحت عينيها و رمقتني بنظرات وجدتني ضعيفا جدا أمامها
" إن عاد كل شيء كما كان أنت .... أنت لن تكون كما الآن "
" تمانا "
" أجل مستعدة لتحمل المزيد و الكثير شرط ألا تتركني أرجوك "
" لن أتركك "
" أنا أثق بك ..... "
أنت يا تمانا تضعين ثقتك بأكثر انسان استغلك و لكنني لا أستطيع أن أمنع نفسي عنها لذا اقتربت و التقمت شفتيها أقبلها بنهم ، بذنب أحمله بعيدا في قلبي تجاهها و هي ضمت رقبتي و بادلتني لتثير النار بقلبي و بين شفتيها نبست
" لن يربت أحد غيري على رأسكِ يا مهرتي السمراء "
ابتسمت لأشعر بشفتيها تتحرك على شفتيّ فلم أتمكن من ضبط نفسي و سحبتها ثم دفعتها حتى أصبحت الأريكة الموجودة في الممر الذي يقع فيه الحمام خلفها ، مددتها عليها و وضعت كفي تحت قميصها و تبا لي ..... تبا لي يا تمانا لأنني لا أستطيع ضبط قلبي ولا نفسي عند حضورك يا مهرتي
احتضنت وجنتي لتبعدني عنها و حدقت بعيني بينما تتنفس بقوة
" إنه وقت خاطئ "
" تمانا ....... "
سمعنا اسمها بصوت رينيدا و عندما رفعت نظراتي كانت تقف في بداية الممر و ابتسمت بتوتر و ريبة
" الجميع ينتظركما ....... سوف أذهب لم أرى شيئا "
غادرت مسرعة و تمانا وضعت كفيها على وجهها و أنا أبعدت كفي من تحت قميصها لأستقيم و هي تمتمت
" هل أنا جادة ؟؟ "
اقتربت و أبعدت كفيها عن وجهها لأحدق بعينيها ثم ابتسمت
" يبدو أنها الطريقة الوحيدة لايقاف دموعك و ابعاد انزعاجك "
توسعت عينيها ثم دفعتني لتتخلص من كفيّ و استقامت
" أنا لست منحرفة سيد تشانيول "
قربت كفي من كفها لأمسكه و سحبتها لنذهب نحو غرفة الطعام مجيبا ايّاها
" أنا كذلك و أنت سوف تجارين رغباتي يا تمانا ....... إنه واجبك الزوجي المقدس "
عندها شعرت بكفها تتمسك أكثر بكفي و وصلنا لغرفة الطعام و عندما فتحت الباب كان الجميع يجلس ، جدتي على رأس الطاولة كما تعودت ، خالي جون على يسارها و بقربه لويس ثم بعده رينيدا أما على جانب جدتي الأيمن ، المكان الذي تعودنا الجلوس فيه أنا و تمانا كانا يجلسان به والديها ........ متجهمي الملامح و جدتي ابتسمت لنا
" هيا لنبدأ أول عشاء عائلي لنا "
عندها اقتربنا ، سحبت لتمانا المقعد الذي بجانب أمها فجلست ثم بعدها سحبت المقعد الذي بجانبها و جلست ، أريد أن أكون قريبا منها ، شرعنا في تناول الطعام و جدتي كانت لطيفة جدا معهما ، لقد تغيرت كثيرا منذ تخلت لي عن الرئاسة ، أصبحت أكثر لطفا و هي تسعى جاهدة لربط هذه العائلة ببعضها و لكن والدي تمانا صعبي الميراس
" أرجو أن عشاءنا المتواضع قد ناسبكما "
عندها أجابتها والدة تمانا
" نحن شخصين بسيطين يا سيدتي ....... عشاءكم البسيط هذا هو وليمة بالنسبة لنا "
شدت تمانا على كفها و حدقت بصحنها بدون أن تقرب منه الشوكة فقربت كفي و أمسكت بكفها ، لهذا رفضت الابتعاد عنها ، و جدتي ابتسمت بنوع من الحرج لترد
" آسفة اذا سببت لكما الاحراج ...... لنأكل أرجوكما "
شرعنا في الأكل و خالي بمحاولة منه لتلطيف الأجواء تحدث
" سيد أندرسن ما هو مجال عملك ؟ "
و والد تمانا الذي وضع الشوكة حدق به ثم أجابه بطريقة تظهر للجميع كم أنه لا يطيق بقائه هنا
" القانون ؟ "
" هل أنت محامي ؟ "
فنفى ليرفض اجابته و رينيدا ابتسمت ، بل قهقهت بدون داعي لتجذب جميع الأنظار لها
" إنه مدعي عام أبي جون ...... "
" هذا رائع "
قالها خالي ليضحك مثل رينيدا ، متشابهين في الحمق ثم أكمل
" ربما سوف ألجأ لك لتخلصني من قضية الطلاق العالقة "
" أبي .... "
قالها لويس بانزعاج و خالي لم يكترث له و حدق من جديد بوالد تمانا ليجيبه الآخر
" أنا متقاعد ..... "
" آه هكذا اذا "
الجو كان ثقيلا و مشحن و من الواضح أن والدي تمانا لم يكونا يطيقان أي أحد يجلس في هذا المكان و أكثرهم تمانا و لم يطل الأمر أكثر حتى تحدثت والدتها
" أرجو المعذرة و لكن أريد المغادرة "
" أمي "
قالتها تمانا التي التفتت لها و لكنها لم تكلف نفسها عناء النظر اليها و زوجها استقام ليسحبها معه و هكذا الجميع حدق بهما و جدتي اعترضت
" أنتما لم تأكلا شيئا ....."
" لا أعتقد أنه الوقت المناسب لتناول الطعام سيدة أنستازيا "
هذه كانت والدة تمانا التي تبدو صعبة و متحجرة الرأي و تحدث والدها
" سوف نغادر "
التفتا و ابتعدا عن الطاولة عندها استقامت جدتي لتقترب منهما
" حسنا أعتقد أنها فكرة سيئة عندما أصررت على العشاء و لكن أرجو أن تحضرا زفاف لويس و رينيدا ..... حقا سوف أكون ممتنة لو حضرتما "
" نحن سوف نعود غدا لمنزلنا "
" تمانا أخبرتني أنكما متقاعدين ..... بقاءكما هنا معنا لن يكون له أي تبعات سيئة لذا أرجو أن تحضرا "
و والد تمانا أجابها
" سوف نفكر "
عندها استقامت رينيدا و سحبت لويس الذي كان يأكل غير آبه لما يجري حوله و تحدثت بسرعة
" سوف نقلهما أنا و لويس و هناك أنا سوف أقنعهما ...... أريد من العم ادغارد أن يرافقني لعريسي "
في وقت غير مناسب خالي جون اعترض
" و أنا يا رينيدا ؟ "
" أنت رافقت تمانا "
و تبا للسانها الطويل فقد حدق والدها بها و هي نكست رأسها أكثر و أنا رفعت نظراتي نحو تلك الغبية فقهقت مرة أخرى بحمق و ركضت لتمسك ذراع والد تمانا
" العم ادغارد بمكانة والد بالنسبة لي لذا لا تغضب أبي جون "
" سوف أرافق ابني "
عندها لويس تنهد بقلة حيلة و سار ليخرج
" سوف أجهز السيارة "
غادرا و حل الصمت عندما عادت جدتي و جلست ، خالي جون كان يحدق بتمانا التي لم تتجرأ على رفع رأسها و قبل أن يقول أحد أي شيء أمسكت بكفها و سحبتها لنغادر ، وصلنا لغرفتنا و فتحت الباب و عندما دخلنا هي التفت لي و نفت
" لن يسامحانني "
" سيفعلان "
" أنت لا تعرفهما ....... "
" ثقي بي تمانا كما فعلت سابقا و هذه المرة لن أخذلك "
عندها اقتربت و ضمتني لتضع رأسها على صدري
" أنا متعبة بحق ...... جاهدت كثيرا و عندما استسلمت حصلت على سعادتي أخيرا و لا أريد أن أخسرها "
و في كل لحظة هي تظهر تعلقها بي أنا أخبرني أنني أناني ....... شخص مخيف يفعل أي شيء ليصل إلى أهدافه و هاهي النتائج المليئة بالأشواك تقطفها مهرتي السمراء لتتقرح كفوف يديها الرقيقة
و لأنها كانت متعبة جراء الرحلة الطويلة و الأحداث غير المتوقعة التي وجدناها هنا فقد لجأنا للنوم ، وضعتها بحضني و ضممتها من الخلف لأشابك أناملنا معا و همست لها
" نامي تمانا ...... فقط نامي ولا تفكري بأي شيء ولا أي أحد "
استسلمت للتعب و النوم لتمر ليلتنا ، صباحا تركتها نائمة و تجهزت حتى أعود لعملي الذي غبت عنه كثيرا ، و الآن لا يفصلنا عن زفاف لويس سوى يومين و يجب أن أكون قريبا منه و أساعده في أموره كما هو اهتم بجميع أموري من قبل ، وقفت أمام المرآة و رتبت ربطة عنقي و من خلالها حدقت بتمانا التي تنام بعمق
ابتسمت ثم أبعد كفيّ عن ربطة العنق و التفت لأقترب منها ، دنوت قليلا و وضعت كفي على خصلاتها و لم أسخى بايقاظها لأنها ما إن تفتح عينيها حتى لن تفوت فرصة واحدة لارهاقهما و البكاء ، قبلت جبينها ثم غادرت ، أقفلت باب الغرفة خلفي و سرت لأستقل الدرج و نزلت عندها في نهاته كانت تنتظرني جدتي التي أمسكت بكفي و سحبتني معها
" تعالى معي ..... "
وصلنا لغرفتها فدخلنا و أقفلت الباب ثم أشارت لي
" اسمع تشانيول لا أدري حقا ما نوع المشكلة بين تمانا و والديها ..... و لا يهمني أن أعرف لأن هذه شؤونهم الخاصة و لن أتدخل بها و لكن ما يهمني أن أعود لرؤية ابتساماتها الصادقة "
" اذا و ما الذي يمكنني فعله .... لقد رأيت كم هما متسلطين "
عندها ضربت ذراعي و نفت
" لا تتحدث هكذا عن نسيبيك يا ولد ...... اذهب لهما و حاول ايجاد حلا قبل الزفاف "
" قبل الزفاف جدتي ؟؟؟ "
قلتها بنبرة مستغربة و عاجزة و هي أومأت
" أجل قبل الزفاف لأن تمانا سوف تظهر لأول مرة في زفاف لويس و رينيدا و لا أريد أن تكون عناوين المقلات لئيمة بحقها اذا كانت ملامحها حزينة "
" توقفي يا جدتي .... "
لكنها واصلت بدون أن تكترث لي
" يجب أن تقابلهما اليوم قبل أن يغادرا و تجد حلا ...... لن أقبل أن تعود للمنزل الليلة قبل أن تتصل و تخبرني أن الأمور هدأت على الأقل "
أملت رأسي بسخرية لأضع كفيّ على خصري و هي اقتربت من الباب ثم فتحته لتشير نحو الخارج
" هيا غادر الآن نحو عملك "
أبعدت كفي ثم خرجت من غرفتها بينما أشتم نفسي و حضي السيئ و عادت لتتحدث من خلفي
" سوف أصطحب تمانا اليوم للسوق معي "
و قبل أن ألتفت و أرد أنني أنا من سيأخذها هي دفعت الباب ليقفل بقوة
" تبا لي و لحياتي "
قلتها و سرت نحو الباب و في طريقي تحدثت أنجيلا
" سيد تشانيول ألن تتناول فطورك ؟ "
" لقد تناولت العلقم و انتهى "
خرجت و أقفلت الباب بقوة عندها سائقي كان يقف بقرب السيارة و عندما رآني اقترب ليفتح الباب خلفي ، اقتربت و بدل الصعود أخذت منه المفاتيح و تحدثت
" اذهب لمقر تازيا لدي شيء لأنجزه "
" حسنا سيدي "
صعدت و شغلت المحرك لأضع حزام الأمان و انطلقت نحو منزل رينيدا ، أين قالت سابقا أنها ستسقبلهما
*
تمانا :
استيقظت بكسل و وهن اليوم و لم أتمكن من ابعاد حتى الغطاء من علي ، وضعت كفيّ على وجهي بينما أنا غارقة بفراشي المدثر و لحظتها سمعت صوت طرق على الباب فحاولت الاعتدال لأسند نفسي على السرير و أجبت
" تفضل "
فتح الباب و أطلت من خلفه أنجيلا لتبتسم لي فبادلتها بواحدة خافتة
" صباح الخير سيدة تمانا "
" تفضلي أنجيلا ..... "
دخلت لتقفل الباب خلفها عندها أبعدت الغطاء و استقمت و هي تحدثت
" السيدة أنستازيا تقول يجب أن تستعدي لكي تخرجا "
لابد أنه موعدها عند الطبيب ، كنت أرغب في الذهاب لأبي و أمي قبل أن يرحلا من سياتل و لكن صحة جدتي و هي بهذا الوضع الحرج لها الأولوية عندها تنهدت و سرت نحو غرفة الملابس لأجيبها
" سوف أستعد و أنزل "
" سوف أخبرها سيدة تمانا "
و قبل أن تغادر أنا اقتربت من الباب و أطليت عليها
" أنجليلا تعالي قليلا "
عندها تبعتني للداخل و أنا فتحت الحقائب ، جلست القرفصاء و أخرجت كيسا ثم استقمت و اقتربت منها لأسلمه لها
" إنها هدايا تذكارية لك أنت و بيانكا ..... صحيح أنها بسيطة و لكن أرجو أن تعجبكما "
أخذته مني لتحدق به ثم ابتسمت و رفعت نظراتها لي
" أتعليمن سيدة تمانا ...... حتى لو كانت مجرد كيس فارغ فقط ولا يوجد بداخله أي شيء فأنا سعيدة و تأكدي أن بيانكا ستكون سعيدة كذلك ، لمجرد أن فكرتي بنا فهذا يكفينا "
قالتها و اقتربت لتضمني فجأة و أنا أغمضت عيني و وضعت كفي على ظهرها
" لا تقولي هذا أنجيلا "
ابتعدت عني لتتسع ابتسامتها أكثر و أشارت نحو الباب
" سوف أذهب لاسعاد بيانكا فهي كانت منزعجة لأنها لم تتمكن من رؤيتك "
" سوف أقابلها لاحقا "
" سوف أخبرها "
غادرت سعيدة بذلك الكيس البسيط ، ربما هي أقمشة تلف حول الجسد فهكذا رأيت السكان المحليين يرتدونها و قلادات خشبية لا غير و لكن كنت سعيدة و أنا أجلبهما لهما ..... حتى جدتي و رينيدا أحضرت لهما مثلهما
غيرت ثيابي ، بنطال جينزأزرق ، قميص أسود خيطي و تحته قميص أبيض ، حذاء بني و معطف بني كذلك و حملت حقيبة بنية و رتبت شعري بقرب المرآة بعد أن وضعت بعض الزينة لكي أخفي شحوب وجهي
حملت الكيس الخاص بجدتي و غادرت الغرفة و بعد وقت قصير من السير وصلت بجانب غرفتها و طرقت الباب و هي تحدثت
" تفضلي تمانا "
فتحته فالتفتت لي و كانت تقف أمام طاولة زينتها بينما تضع أحد أقراطها ، أقفلت الباب و اقتربت منها و هي التفتت لي لتضع كفيها على ذراعي و ابتسمت
" صغيرتي ابتسمي .... "
ابتسمت كما ترغب و قدمت لها الكيس لتأخذه و عندما فتحته ابتسمت أكثر ثم وضعته على جانب سريرها و ضمتني لأدنو قليلا حسب طولها و وضعت كفي على ظهرها لأغمض عينيّ
" جدتي أنا آسفة "
" من أجل ماذا يا تمانا ؟ "
" لأنني وضعتكِ بموقف محرج أمس "
" لا ..... بل أنت من يجب عليها مسامحتي لأنني شعرت أنني من تسبب بذلك الشرخ القوي في علاقتك مع والديك "
عبست بدون سيطرة على نفسي و ابتعدت لأحاول ابعاد دموعي وجدتي ابتسمت
" أريد تقبيل غمازتك تمانا "
عندها ابتسمت لتتحول إلى ضحكة و نفيت
" حتى أنتِ يا جدتي ؟ "
" سمعت ذلك المنحرف يقولها مرات كثيرة لذا ها أنا أحاول ابهاجك "
" دعك مني جدتي و أخبريني هل سوف نذهب للمستشفى "
" هل أنتِ مريضة تمانا ؟ "
قالتها لتضع كفها على وجنتي و أنا نفيت
" لا جدتي ..... اعتقدت أنه موعدك عند طبيبك المختص "
فنفت لتبعد كفها
" سوف نذهب للتسوق من أجل رينيدا ...... و كذلك لكي تجربي الفستان الذي اخترته لأجلك ، أريدك أن تكوني نجمة الحفلة "
" إنه زفاف رينيدا عليها أن تكون هي نجمة الحفلة "
" ستكون لا تقلقي و لكن أنتِ أيضا سوف تتألقين لأن الجميع سوف يتعرفون عليك .... سيكون أول ظهور لكِ بشكل رسمي "
" جدتي هل يسعني الرفض ؟ "
" لا يا تمانا ...... لقد حان الوقت لتظهري أمام الناس لأن صورتك مهمة جدا لصورة تشانيول ، أنتما معا سوف تكونان مسقبلا لهذه العائلة و لتازيا "
عندها انخفضت آمالي و شعرت بالخيبة و لكنني ابتسمت أجاريها ، انتهت من تجهيز نفسها لنغادر و استقلينا سيارتها و في الطريق اتصلت بلويس و أخبرته أن يحضر رينيدا للمركز التجاري ........ فجأة وجدت نفسي داخل هذه الفقاعة الاجتماعية الكبيرة ، كيفما حاولت الخروج منها و الهروب فذلك لن يسعني لأن تشانيول لن يكون خارجها و بالتالي أنا مجبرة على البقاء داخلها
*
تشانيول :
توقفت تحت منزل رينيدا و رأيت سيارة والد تمانا لا تزال متوقفة فأنا لا زلت أتذكرها من ذلك اليوم الذي ذهبت فيه باحثا عنها في منزلها البسيط ، بحيها الهادئ ، كانت مجرد امرأة تسير متشبثة بالظلال ترجو الهدوء و الأمان فقط و أنا سحبتها لحياتي و وضعتها وسط الأضوا و الفوضى ....... جعلتها مذنبة بحق نفسها ، بحق والديها و بحق جدتي التي خدعناها و لكن الآن هي لا تخدعها لأن كل شيء بالنسبة لها حقيقي و بدأ يتحول لحقيقي لي أنا كذلك
تنهدت و أبعدت حزام الأمان لأنزل من السيارة ، أقفلتها و سرت لأصعد الدرج بهدوء و هاهي بعض الذكريات من تلك الأيام التي كانت تكرهني بها تعود لتحتل ذاكرتي و كأنها منذ سنوات طويلة و ليس فقط بضعة أسابيع سعيدة
وصلت إلى هناك فطرقت الباب بهدوء و ما هي سوى لحظات حتى فتح الباب و كانت أمها ، التي عندما رأتني تجهمت ملامحها أكثر ثم كانت ستقفله و لكنني وضعت كفي عليه بسرعة و تحدثت
" أتيت لكي أخبركما بحقيقة الأمور "
رمقتني بحدة لتجيبني
" لقد رأيناها ، سمعناها و حتى لمسناها لذا يمكنك الذهاب دون أن تضيع وقتك الثمين علينا "
" صدقيني الأمور ليست كذلك ........ تمانا بريئة "
عندها اقترب السيد ادغارد والد تمانا من خلفها و بدى بعينيه بعض الأمل من كلامي ليضع كفه على كتف زوجته و نبس بهدوء
" لقد سمعنا الكثير فدعينا نستمع للمزيد "
و هكذا أنا دخلت و هما جلسا مقابلين لي ، الأمر يتطلب الكثير من الشجاعة و أنا لست جبانا ، تعودت أن أواجه دائما الأمور بدون أن أكترث حتى و أنا مخطئ و في هذا الأمر أدرك جيدا أنني المخطئ ......... أخبرتهما كل شيئ و لكن مع الاحتفاظ ببعض الأمور لي فقط ، لقد أخبرتهما أنني أعجبت بها و حاولت مساومتها على جسدها فكانت نظرات والدها ناحيتي مشمئزة ، شرحت و بينت أن تمانا صدتني كثيرا و أنا لأنني كنت صادقا فقد سعيت لكي أتملكها عبر علاقة شرعية و عندما حدثت تلك الأخطاء و تم توريطها استغليتها
" كنت مصدقا أن تمانا تم التلاعب بها فيما يخص تسريب معلومات المنتج الخاص بنا لروايال و لكنني لم أتمكن من تفويت الفرصة فأخبرتها أنها يجب أن تدفع مبلغا كبيرا من المال كتعويض بالاضافة للسجن "
" اذا هل أجبرتها ؟ "
قالتها أمها بنظرة غير مصدقة و أنا أومات
" أجل ...... لأنها كانت آسفة جدا تجاهكما و قالت أنها لا يمكن أن تجلب لكما العار فقد عرضت عليها أن تكون على علاقة معي و هي على مضض وافقت ، لم أستطع أن أستغل ذلك الأمر أكثر و تزوجت بها ثم أخبرتها أنني عندما أحصل على مركز الرئاسة و ميراثي سوف أمنحها الطلاق ..... علاقتنا كانت محكومة بمدة زمنية منتهية "
" ما الذي تغير الآن ؟ "
قالها والدها بنوع من السخط و أنا بكل بساطة أجبت
" رغبتي بها تحولت لحب حقيقي و لا أدري كيف أحبتني "
ربما أنا صادق فيما يخص مشاعرها و لكن هل أنا صادق فيما يخص مشاعري ، حقيقتي و رغباتي في ذلك الوقت ؟
نهاية الفصل الثامن و العشرون من
" خلودٌ / تمانا "
لا تتجاهلوا التصويت و إلى أن نلتقي مع التالي كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro