Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

عِقاب ومُكافَأة| ٠٣

عجبًا لحرارةِ الحياة، كيف تتجسَّد لنا رغباتُنا بينَ أصقاعِها كسرابٍ حِكناه، حينمَا تمكَّن منَّا ظمأ اليَأس، وما إن ندرِكه متلهِّفين حتَّى يختَفي، ويُعلِمنا أنَّ كلَّ ما بذلناه لإدراكِها ذهَب سدًى.

لقد دَرست بجِدٍّ لثلاثِ سنواتٍ من أجلِ لِقائِه، توقعَّت أن يُمطِرني لِسانُه بالكَثير من الإطراء، وأن يتساقَط رذاذٌ متلألئٌ من العِشق من مقلتيه، كما لطالما أغرَقني باهتمامه، غيرَ أنِّي كنت مُخطئة، ربَّما أحلامي كمُراهقةٍ سَلكت مَنحًى مُستحيلًا، وربما توهّمتُ أنَّه يُبادلني ذاتَ الشُّعور، وخلَطت بين الشَّفقة والحُبِّ مِثلَما أخبَرني البارِحة، بأقسَى نبرةٍ يختزنها. تصرُّفاتُه آنذاك ضلَّلتني عن الحقيقَة، لطفه، نبله، ولمسَاته، كأنَّه يتعمَّد خلقَ الأسباب للاحتِكاك بي!

ذرفتُ عليه طائلًا من الدُّموع حالمَا اختليتُ بنفسي، ما يَكفي لسنواتٍ مُقبِلة، وأُرغِمت على تلفيقِ عذرٍ يُبرِّر انتفاخَ وجهي وعينيَّ أمام والديّ. ما إن اقتَحمت أسوار المُستَشفى في اليومِ المُوالي، حتّى انصبَّت الأنظار عليّ، لقد صرت مشهورةً في وقتٍ قياسيّ بالنِّسبة لممرِّضةٍ جديدَة، لا لجَمالي ولا لشَخصي، بل لموقفٍ محرج، أوقعَني فيه حمقي، وثقتي بالباطِل.

زيَّفت ابتِسامةً لطيفة، توحي بأنِّي لا أكترث لِما حدَث، مَن لم يعتبِرها وقاحةً فهو لم يصدِّقها. وافيت زُملائي عند طاولةِ الاستِقبال في الثَّاني، حيثُ عثرت هناك على يونهي الَّتي عبسَت بمجرَّد ما أطَّر جفناها مرآي المأسَاويّ.

«ما الَّذي حدثَ لوجهكِ الجميل؟ يبدو منتفخًا.»

«دعينَا لا نتحدَّث عن المَوضوع، أنا أحاوِل النِّسيان منذُ الأمس، وذلِك لن يكون سهلًا بما أنَّ كلَّ ما حولي يُذكِّرني به.»

ربتت على كتِفي برفق.

«مُستَواك أرقى من ذلِك العاهر، سيُدرِك النَّاس لطفَك قريبًا.»

أطرَقت برأسي مبتسمةً ثمَّ انضممت إلى البقيَّة، تبادلنا بعضَ الأحاديث الظّريفَة، قبلَ أن يأتِي تشانيول بحثًا عنِّي، كنت أوَّل من يغادِر إلى العمل. مشينا بتؤدة، جنبًا إلى جنب، مرورًا بشيهيون الَّتي حيَّتني بابتسامةٍ زاهِية، كأحمرِ شفاهها.

«اليوم سنُرافق الدُّكتور بيون في جولَتِه الرُّوتينيَّة على غُرف المَرضى الَّذين يُعالِجهم.»

أكذِب لو أنكَرت أنَّ اسمَه لم يُبعثِر خفقاتي كالأَزل، رغم ما ارتَكبه بحقِّي البارحة.

«هل سأباشِر مهامي مُنذ اليَوم؟»

«كلُّ ما عليكِ القيام به هو أخذ عيِّنات الدَّم من المَرضى وتقديمِها للفَحص.»

التقطت نفسًا عميقا لمجرد التَّفكير في أنِّي سأغرِز إبرةً بوريد أحدهم، ماذا لو أخطأت وآلمته؟

«أثِق أنَّك ستُبلين حسنًا.»

كنت أنظر إليه بامتِنان لتشجيعِه الغَير مُباشر؛ لقد أصدَرت بحقِّه حُكمًا خاطئًا في أوَّل لقاءٍ لنا. فجأةً توقَّف عن الحراك، احتذيت به، ثمَّ التفتُّ متحرِّيةً سببَ ذلك، وما هو إلا الغُصَّة المستَقرَّة في صدري، الدُّكتور بيون بيكهيون.

انحنَيتُ له بأدب.

«صباحُ الخَير دكتور بيون.»

شزرَ إليَّ بغرور، ثمَّ أحال بصرَه إلى تشانيول، العجيب أنَّه لان ما إن وطَأ محيَّاه، أنصالُ مُقلتيه فلَّت، والظَّلام فيهما هان قليلًا، كأنَّه أعدَّها خصيصًا لي. وللمرَّة الثَّالِثة جَرحني، كِدت أسمحُ للدُّموع بالانهمار، لكنِّي تمالكت نفسي وتظاهَرت بأنِّي لم أتأثَّر.

حتَّى تشانيول استَطاع الشُّعور بالجوِّ المَشحون بيننا، ما دفَعه إلى تلطيفِه بمَزحة.

«فلتكُن لطيفًا معها، ما تزال حديثةَ العَهد بالعَمل.»

قالَ بيكهيون ببُرود دونَ أن يوليني أيَّة نظرَة:

«ستكونُ بخير، ما لَم تقترِف الأخطَاء باستِهتَار.»

تحدَّث مع تشانيول عن المرضَى الَّذينَ يرقدونَ في الغُرفِ الموزَّعة بانتِظام؛ سبَق لبَعضِهم وأن خضَعوا لعمليّةٍ على يديه، والبعض الآخر بانتِظار دورِه. بأمرٍ مِن مُرشِدي قصدتُ غُرفَة المعِدَّات الكامِنة خلفَ طاوِلة الاستِقبال، وأحضَرت الطَّاوِلة الجرَّارَة الَّتي تحتَوي على كُلِّ ما قد نحتاجُ إليهِ، مِن أدواتٍ طِبيَّة.

غمرَ الحَماس صدري، حينما داهَمنا أوَّل غُرفَة، ولاح السَّرير الناصِع المصفُوف إلى الحَائط، في مجال بصري، كانت تفترِشُه امرأة يافِعة، ذات خصلاتٍ شَقراء، منابِتُها تنمّ بأنَّها ليسَت أصليَّة بل مُجرَّد صَبغة، جمالُ ملامِحها مصقول، ولكنَّها تبدو مدلَّلة... كما كنت!

وها قَد تعرَّى الدُّكتور بيون من جِلده الخَشن، وارتَدى ابتسامَةً حُلوة، وكم شَعرت بالغِيرة!

«كيفَ حالك سايبوم؟»

عقَفت شفتيَّ باشمئزازٍ حينما عبست الفتاة بتصنُّع.

«لقد صِرت أفضَل الآن، أما أمكَنك القدومُ في وقتٍ أبكر؟»

«مشاعِرُك واضحةٌ للغَاية.»

أيقَظني همسُ تشانيول من تخيُّلاتي الدمويَّة، والَّتي نصَّبتُها بطلةً فيها.

تناولَ بيكهيون من الطَّاوِلة الَّتي كُنت أجرُّها إبرَة، وخزَ قاعَ قدمِها بها، فأصدَرت حركةً طفيفة، انعكسَت على ثغرِه كابتسَامة فخرٍ تليقُ به، هو رجُل المعجِزات وأنا أشهَد!

عندما فرغَ من فحصِها، راحَ يعبثُ بالكُتبِ المُسنَدةِ إلى المِنضَدة بجوارِها.

«أرى أنَّك أنهيتِ الكِتاب الَّذي طلبتِه، هل تودِّين أن أحضِر لك غيره؟»

«هل لك أن تصطَحِبني في نُزهةٍ قبلَ أن أشرعَ في برنامجِ إعادةِ التَّأهيل؟ أشعُر بالمَلل في الغُرفة!!»

أمسَكت بيدِه، وأوقعَته في تواصلٍ بصريٍّ قادرٍ على إخضاع أيِّ رجل.

«رجاءً.»

مرَّة أُخرى سكَب تشانيول تعليقًا علقمًا في أُذني.

«هكذا هو، لا يرفُض أيَّ طلبٍ لمرضَاه، ولكنَّه حقيرٌ مع زُملائِه.»

ما استطَعت الانبهارَ بتصرُّفاتِه وعطَائه؛ لقد كنت الطَّرف المُتلقِّي ذاتَ يوم، ظننتُني مميَّزة، لم أفكِّر ولو للحظةٍ في أنِّي بنفس المُستوى مع جميعِ مرضاه!

أجابَ بطريقةٍ لعوبة، اعتادَ على استِخدامِها معي.

«فلتَسمحي للمُمرِّضَة بأخذِ عيِّنَة، وسأفكِّر في عرضِك.»

منحتني نظرةً متعجرفَة، ثمَّ كشَفت على ذِراعها معلنةً موافقَتها. اكتَفيت بالنَّظر إلى ساعِدها خائفةً من الإقدام، لحظَتها فقط أدركت كَم أنا غيرُ مستعدَّة لهذا!

سحبتُ الطَّاولة الَّتي تحتَوي على الحُقن وغيرِها من الأغراضِ الطبيَّة نحوَ السَّرير، قبل أن ينفدَ صبرُ الطَّبيب بيون، إذ استَعمر الظَّلام جفنيه، لمُجرَّد أنِّي تأخَّرت في الارتِجال. ضيَّقت الخناق على مجرى الدَّم بربطة مطَّاطيَّة، متَّنتُها حولَ ذراعِها، أخَذت مِن الصينيَّة حُقنة، أزلت غطاءَها البلاستيكيّ، ثُمَّ أنزلتُ عدَستيّ على مهبطها ناصع البياضِ، مُتأهِّبةً لوخزِها... ويا للهول، لم أستَطِع العثور على الوَريد.

ازدردت ريقي بذُعر، وحدَّقت بأديمها، لعلَّه يظهَر أمامي، ويُنقِذني من التَّوبيخ، لكن سدًى.

«ما الَّذي تنتَظرينه؟»

صوته زادَ من توتُّري، استَحيتُ أن أُخبِره عن فشَلي، أردت أن أثبِت له إمكانيَّاتي، غير أنَّ الحياة وقفت لي بالمِرصاد... ما لبث وأن صَاح.

«آنِسة كانغ!»

لشدَّة الارتِباك، غرزت الإبرة ببُقعةٍ عشوائيَّة، ما جعل الفَتاة تعتق آهة، افتضحَت فشليَ الذَّريع.

«لقد آلَمتني ما الَّذي دَهاكِ؟»

ربَّما استَجاب جسدي لفؤادي الَّذي رغِب في تعذيبِها مُنذ قليل!

انتشَلت الإبرَة من طبقاتِ جِلدها، ثمَّ انحنَيت بهستيريَّة.

«آسِفة، هذه مرَّتي الأولى، سأُحاول مِن جَديد.»

بفظاظَةٍ هتفت.

«وهل أخبركِ أحدُهم أنِّي حقلُ تجَارب للمُبتَدئين؟»

تدخَّل تشانيول وأنقذ الموقف.

«سأفعلُها أنا.»

انجَلت أمَارات الارتِياح على محيَّاها ما إن تطوَّع، لاشَكَّ في أنَّه مُعتادٌ على استِخراج عيِّنات الدِّماء منها بطريقةٍ سلِسة، لذلك كسب ثِقَتها. وبينَما هو مُنشَغلٌ بمهمَّته ارتَطمت نظراتِي بعينيّ بيكهيون المحتقِرتَين.

ظنَنت أنِّي لن أتعرَّضَ لمَوقفٍ يُضاهي عِناقي له أمامَ العَيان إحراجًا، ولكِن بجُعبة الأيَّام لي الأسوأ على الدَّوام، فمُنذ أن أخفَقت أوَّل مرَّة، بتُّ عاجِزةً عن وخزِ أيِّ أحد، طوال جولتنا، ما ولَّد السُّخطَ في أوداج بيكهيون. لم يتَوانى في طردي قَبل انتهائِنا، بالطَّبع لن يتَوانى، فهو يُفتِّش عن أعذارٍ تسوِّل له إهانَتي، والحياةُ تحيكُها له بكلِّ سُرور.

كنتُ جالِسةً خلفَ طاوِلة المُمرِّضات، أبكي بحُرقَة، حولي كلٌّ من شيهيون ويونهي، تحاوِلان مُواساتي، بيدَ أنَّهُما عجزتا عن ذلك. لم أرفَع رأسي عن سَطحِ الطَّاوِلة، حتَّى سمِعت صوتَ مُرشِدي تشانيول:

«كفَى بكاءً ورافقيني.»

«إلى أين؟»

لمحت الشَّفقة تومِض في مجرَّتيه، قبلَ أن يتجاوَزني إلى غُرفَة المُعدَّات وراءَنا مًباشرةً؛ أراهِن أنَّ شَكلي الآنَ مُخيف، كلٌّ من عينيَّ، خَدَّاي وأنفي، محمرٌّ ومبلولٌ. انصَعت لأمرِه، وما لبِثت وأن شاركتُه حيِّز الغُرفَة الضيِّق نوعًا ما. أحضَر مِن الخزانَة ذراعًا بلاستيكيَّة، محاطةً بمطَّاط، لونُه كلونِ الجِلد. وضعَها على الطَّاوِلة ثمَّ تكتَّف.

«لقد حظَرك الدُّكتور بيون مِن المُشاركَة في جَولاته لأسبوعٍ كامل، وذلِك متوقَّعٌ منه.»

طأطأت رأسي بإحراج، واثقة أنِّي أوَّل موظَّفةٍ تعاقَب في يومِها الثَّاني!

«ستُساعِدك هذِه الذِّراع على التَّدريب، واستِرجاع ثقتِك بنفسك، قَبل أن تُجرِّبي على ذراعٍ حقيقيّة، استخدِميها جيِّدًا.»

«حسنًا سنباي.»

ما اقتَدرتُ على تصفِية نبرَتي مِن الإحبَاط، كان أعظَم منِّي. انصَرف تشانيول، بعدَ أن طَبطَب على ظهري، وبقيت وحيدةً رفقة ذراعٍ اصطِناعيَّة، لا أظنُّ أنَّها ستُساعِدني على تجاوُز مِحنَتي قريبًا!

طبَّقت ذاتَ الخُطوات الَّتي تعلَّمتُها في المَعهَد، تخيَّلت أنَّ الذِّراع تمتُّ بصِلةٍ لشخصٍ حقيقيّ، وأنَّه سيتألَّم لو أخطَأت التَّصويب، ما صعَّب عليَّ المهمَّة. عقِب يومين مِن المُحاوَلة استَطعت النَّجاح، كِدت أقيمُ احتفالًا على شرفِه، لكنِّي أجَّلتُه ريثما أرِي بيكهيون قدراتي في المَيدان، رغمَ أنَّ الارتِباك مُحدقٌ بي. جميع سَعادتي تحطَّمت حينَما عرَض عليَّ تشانيول ذِراعه وتصلَّبت. واصَلت التَّدريبَ بمُفردي لمدَّة أسبوع، خِلاله قابَلته عدَّة مرات، كانَ يأتي إلى مقرِّنا من أجل شيهيون أو تشانيول، لم يسأل عنِّي ولو بسببِ زلَّة لِسان!

أفنيتُ مُعظم اللَّيلة الَّتي يُفترَض أنَّها تسبِق إطلاق سراحِي في المُستشفى، رغم أنَّ الجَميع قد غادروا. كنت معتكفةً بينَ جُدران غرفَة المعدَّات، أتدرَّب على الحَقن بعزم، في وقتٍ متأخِّر، تراقصَت نغماته بأذني، اعتَقدت أنِّي أحلم.

«لماذا ما تزَالين هنا؟»

حامَت نظراتي حولَ طلعتَه الرَّاقيَة، حيثُ كانَ مُحصَّنًا مِن غاراتِ تشرين بمِعطفٍ طويل بُنيِّ اللَّون ينتَهي عِند ركبَتيه، وبِما أنَّه غيرُ مقفول استَطعتُ رؤيَة بذلتِه الرّسميَّة تحتَه، مِن الواضِع أنَّه على وشكِ المُغادَرة إلى بيتِه.

أجبت بصيغةٍ مستفهمة، فسؤاله غبيّ.

«أتدرَّب؟»

«وهل أحرزت أيَّ تقدُّم!»

التمستُ الاستِخفاف في نبرته، كأنَّه واثقٌ مِن إخفاقي، وليتني كنت قادرة على هدمِ غروره.

«هل أتَيت لتَشمت بي؟ أم لتُثبِت لنفسِك أنِّي حقًّا أدنى مِن أن أعَمل هُنا معَك؟ أيًّا يكُن، لقد فُزت، لن أستَطيع حقنَ أحدٍ قريبًا!»

خلَع مِعطَفه، وعلَّقَه على رأسِ الكرسيِّ الَّذي افترشَه لاحِقًا، راقبته باهتِمامٍ وهو يفكُّ زرَّ كمِّه الأيمن قبل أن يدفَعه نحوَ مِرفقه.

«فلتَستخدِمي ذراعي.»

رمشت عدَّة مرَّات، عاجزةً عن تصديق ما أراه، هل الإرهاق جعَلني أهذي؟

«دكتور بيون، هل أنتَ بخير؟ منذ بِضعة أيَّامٍ كنتَ لا تُطيق رؤيَتي، لماذا قد تأتي إليَّ طواعيَة وتعرِض عليَّ المُساعدة فجأة؟»

قلب عينيه بدراميَّة.

«كفى ثرثَرة، وهيَّا إلى العَمل.»

«لا يُمكِنني...»

تردَّدت في مُشاركتِه أفكاري، لكنِّي استَجمعت شَجاعتي وتابعت.

«لا يُمكنني حقنُك، وجودُك لوحدِه يُربِكني، سأنهَار قبلَ أن تُلامِس الإبرَة جِلدك.»

لاحظت الغضبَ يسبح في عينيه، ما يعني ان مهلتي على وشك الانتهاء، ليس في كلماته شيء سوى الأمر، وما عليّ إلَّا التنفيذ. ارتشفت جرعةً من رمقي قبل أن القف الشريط المطاطيّ وألفَّه على قمَّة ذراعه، وبتلكُّؤ شديد حملت الحقنَة بيدي، وحدَّقت بالمنطقة المعنيَّة، وحبست أنفاسي

«لو شعَرت بالألَم فلتذكُر أنَّك من طلَبت، ولا يحقُّ لكَ توبيخي، حسنًا؟»

أوصدَ جفنيه مؤكِّدًا، حينذاكَ صبَبت كامِل تركيزي على حقنِه بشكلٍ صحيح. كدت أُصغي لشَيطاني الَّذي حرَّضَني على الانتِقام منه، بما أنَّه رهنُ يديَّ الآن، لكنَّ الحبَّ الَّذي أكِنُّه له عصمني، وحرصت كلَّ الحِرص على حِماية تِلك الشِّفاه المسخَّرة للتَّقبِيل فقط من الأَنين. غفلت لثوانٍ معدودَة، فضيَّعتُ هدَفين.

«آسفة، لم أقصِد ذلك حقًّا.»

بانفعالٍ مزَّقت قطعةً من القُطن ومسحتُ القطرَة التي تسلَّلت خارِج جِلده.

«هل أنتِ تنتَقمين منِّي الآن؟»

دون أن أشعُر، هذيت بالكَثير من الهُراء.

«لا، أُقسِم أنِّي ما حاولتُ الانتِقام منك، أخبرتُك أنِّي غيرُ جاهزةٍ بعد للحقن، لا أُنكِر أنِّي فكَّرت فيه ولكنِّي تراجَعت، أنا أُجيد الفَصل بين حياتي الشَّخصِيَّة والعمَليَّة.»

توقَّعت أن يصرُخ بوجهي، لكِنَّه تلقَّى خطئي بهدوءٍ مُريب.

«لا بَأس، فلتُحاولي مرَّةً أُخرى.»

«هل أنتَ جادّ؟»

لم أرَى سِوى الجِديَّة على وجهِه، ما جعَل الحِمل على كتِفيَّ ثقيلًا، فقط لو لَم أُفكِّر في شَفتيه بطريقةٍ محرَّمةٍ لأبليتُ بلاءً حَسنًا. مِلت نحوَه مرَّة أخرى، أنفاسُه القَريبة تشتِّت تَركيزي، كلَّما لملمته، توجَّب عليّ الانعِزال عن المُلهيات لو أَرَدت الحِفاظ على الثِّقَة الَّتي منحَها لي. رأيتُ وريدَه منبسطًا باستِقامة، رويدًا رويدا، أخفَضت الإبرة، برجفةٍ طفيفةٍ في يدِي، حتَّى غرستُها فيه أخيرًا، تركتُها معلَّقة بذراعِه، وتقهقَرت إلى الخلفِ أُغطِّي فمي بكفِّي.

«لقد نجَحت.»

انبثق صوتي أعلى مِن السَّابِق، بينما أقفز بفَرح.

«نجَحت.»

ما خفِيَت عنِّي البَسمة الَّتي بزَغت على ثغرِه أمامي، بعدَ عصرٍ طويل، وأخرسَتني.

«فلتَسحبِي عيِّنة.»

دنوتُ مِن مقعدِه مجدَّدًا، وبكلِّ سرورٍ سحبتُ القُرصَ في دُبرِ الحُقنَة، حيثُ تمركز إصبعيّ، ثُمَّ رُحت أُحدِّق بالأحمَر القانِي الَّذي غزى رُبعَها بفَخر.

«سأحتفظ بها للذِّكرى.»

اختَطفها مِن يدِي بغتَة.

«ومَن سمَح لك؟»

ألجَم تقلُّبه السَّريع لِساني، وتكفَّلت عينايَ بطرحِ الأسئِلة، أسئلةٌ أجابَ عليها بلهجةٍ ساخِرة.

«لا يُمكِنني تخيُّل الأشياءِ المُريبة الَّتي قد تفعلينها بدِمائي الثَّمينة، ماذا لو عرضتِها على ساحرةٍ ما لخِدمة مساعيكِ؟»

احمرَّ خدّاي خجلًا، وارتفعَت نوتاتي.

«من تظنُّني؟»

ما تكبَّد أيَّ عناءٍ في طمسِ ابتِسامته الشهيَّة لتَرهيبي، وشيئًا فشيئًا نسيتُ خجلي، وانفَصلت عن الواقِع، غرقتُ في فجوتيه العميقَتين إلى أجلٍ غير مسمَّى، أصرُخ بصمتٍ مُشتاق، لولا أنَّ يدَه حطَّت على قِمَّة رأسي، وبعثَرت شعري ومشاعِري.

«عمل جيِّد.»

التَقطَ مِعطَفه الخريفيّ، وقبلَ أن يُطلِق العنان لخطواتِه، دسَّ شيئًا ما في جيبي؛ حلوى!

-

كان اكثر فصل استمتعت وانا اكتبو 😂😂😂 تقلبات بيكهيون مو متوقعة 😎

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro