الحلقه الرابعه و ثمانون
الحلقة الرابعة و ثمانون (84)
وقعت كلمات سيا كالصاعقة على مسامع الجميع و هي تصرخ
سيا: هذا الحمل ليس خطرا فقط عليها أنه يقضي عليها تماما!
جرى ريدفيك من يد انغري إلى ريديما يتشبث برجليها خائفا ما جعل فانش يستفيق من لحظات الذهول التي جعلت الدم يتجمد في عروقه ريثما يستوعب عقله كلمات سيا...
ريديما *تحاول لمس وجهه*: فانش...
لكنه ابتعد خطوة للوراء دون ابعاد نظره عن عينيها يبحث فيهما عن أي سبيل لشرح أن ما يدور في خياله مجرد كابوس... كابوس مثل كوابيسه المتكررة...
ايشاني: حبيبي ريدفيك هلا أتيت معي؟ لقد حان وقت نومك...
ريدفيك *يتمسك أكثر بريديما*: لا احد سينام الليلة عمتي ... لا فائدة من اخدي بعيدا...
أغمضت ريديما عينيها على دموعها التي نزلت حارة على خديها تحاول استجماع شجاعتها لمواجهة حقيقة حاولت نسيانها قدر المستطاع. حين فتحت عينيها كان فانش قد غادر!
نزلت على ركبتيها تمسح دموعها و تحضن ريدفيك محاولة طمأنته ...
ريدفيك: انتي مريضة حقا؟
أشارت ريديما بنعم...
ريدفيك *غير قادر على كبح دموعه* : هل ستموتين كما قالت عمتي سيا؟
حضنته مجددا ثم ابتسمت له و هي تمسح شعره
ريديما: الجميع يغادر يوما ما حبيبي لكن ماما لن تتركك ابدا... هل تسمعني؟
احاط ذراعيه بعنقها محاولا عدم البكاء و قلبه الصغير يرجف من الخوف رغم تربيت ريديما عليه التي حملته بين ذراعيها لغرفته و وضعته في السرير و هي تغني له له تهويدته المفضلة إلى أن تثاقلت عينيه اخيرا فغفى بدمعته على خده.
نظرت ريديما إلى الصورة الموجودة على الطاولة بجانبه و تلك السعادة التي كانت فيها و هي تحتفل مع فانش بحملها الاول.
فجأة احست بيد على كتفها ظنتها لفانش لكنها صدمت لرؤية ايشاني فمسحت دموعها بسرعة
ايشاني: سابقى مع ريدفيك الليلة... يجب أن تكلمي فانش!
ريديما: لكن ريدفيك قد ...
ايشاني: لا عليكي انا هنا... الا تثقين بي؟
ريديما: لا... بالطبع ليس ليس الأمر كذلك!
قامت ريديما لتدع لها مكانها بجانب الطفل الصغير و شكرتها
ريديما: شكرا ايشاني...
لم ترد عليها ايشاني و اكتفت بالتربيت على صدر ريدفيك الذي كان مشوشا في نومه.
ايشاني *نادتها حين كانت عند الباب*: لم تجمعنا يوما اي نوع من العلاقات الجيدة لكننا أن نتشارك في شيء واحد فهو مرارة فقدان الأهل باكرا ... لستي ملكا لنفسكي ريديما! لا تكوني أنانية!
غادرت ريديما دون رد عليها و راحت تبحث عن فانش الذي لم تجده في غرفتهم و لا في غرفة البيانو و لا حتى في الملعب... جذب انتباهها صوت من الخارج و عرفت انه في الملحق من اين كان صوت التكسير و التخريب ينبعث بصخب!
روعت ريديما من منظر الحطام يتراكم في كل أرجاء الغرفة الواسعة و قد فتحت على مصرعيها على صالة الرياضة المجاورة بسبب تكسير الجدار الزجاجي الفاصل الذي افترشت شظاياه ...
ريديما : فانش!؟
تقدمت بخطى مترددة تبحث عنه خائفة من ردة فعله و هي ترى اثار ثورة غضبه قد حولت المكان إلى ركام ...
ريديما: فانش!!!
احست أن قلبها سيتوقف هلعا حين وجدت اثار الدم لكنها لم تستطع العثور عليه. و قبل أن تستطيع التفكير في اين يمكن أن يكون قد ذهب، سمعت صوت محرك سيارته التي انطلقت بسرعة جنونية قبل حتى أن تصل إليه!
ركبت سيارتها و انطلقت خلفه و هي تحاول الاتصال به دون جدوى فلم يكن يرد على اتصالاتها المتكررة و لا هي كانت تستطيع مجاراة السرعة المهولة التي كان يقود بها. لكنها استعملت جهاز التعقب لمعرفة مساره و أتخاد طريق مختصر جعله تستبقه إلى قمة التل عن طريق الغابة... رأته يقود و يشرب دون التركيز على الطريق أمامه حتى و احست أنه لن يتوقف قبل الحافة ففي لحظة يأس من القدرة على إيقافه ضغطت على السرعة للوصول إلى الهوة و اعتراض طريقه بطريقة صدمته و جعلته يقوم بتدوير المقود بكل قوته لتفاديها ما جعل سيارته تخرج عن السيطرة و تكاد تنقلب و هي تلف حول نفسها بشكل جنوني إلى أن توقفت تماما و نزل منها بالتزامن معها ...
ريديما *تجري نحوه للضرب على صدره صارخة*: هل انت مجنون!؟؟ *تضربه مجددا* ماذا تظن أنك سنفعل؟؟؟ فانش كيف تجرؤ على التفكير حتى في ذلك؟ *تضرب مجددا* ... أجبني!!! الم تفكر في؟ الم تفكر في ريدفيك؟ اجب لماذا انت ساكت فانش!!!
بدموع اغرقت وجهها و ضببت رؤيتها ظلت تصرخ بوجهه و قد أفقدها منظر سيارته متجهة إلى حافة التل الشامخ كل أعصابها و قد تخيلت ما كان سيحدث!
لكنه لم يرد و لم يبد أي رد فعل رغم أمساكها بقميصه و هزه بين يديها! ظل فقط يحدق في ملامح وجهها قبل أن يشرب كل زجاجته في نفس واحد! كانت ستلومه أيضا على الشرب رغم مشاكله الصحية لكنه رمى الزجاجة بعيدا و التفت إلى الخلف مغادرا و تاركا إياها دون أي كلمة!
ريديما: لماذا تهرب دوما؟ لماذا تلومني على السكوت و انت لم تكن يوما شجاعا كفاية لمواجهتي؟
توقف للحظات لسماعه استفزازها لكنه اكمل طريقه حين أحسها تلحقه ..
ريديما: اهرب فانش... اهرب ... حين يفوت الأوان ستجد الفرصة للومي مجددا!
التفت اليها فجأة للامساك بذراعيها لكنه توقف دون لمسها. ثم اخد يضحك بشكل هستيري تنافر مع احمرار عينيه و قسوة نظرته
فانش: انتي ... انتي تلومينني؟ ... انا؟ *يضحك و يلوح بيديه مخاطبا الفراغ و كأنه فقد عقله *... سيداتي سادتي... مرحبا بكم في مهزلة اليوم! ... السيدة هنا ... زوجتي و ام ابني... لا .. لا ابني... ام اطفالي! حبيبتي غاضبة لأنني غاضب... فأنا لا يحق لي الغضب و هي مريضة! و لا يحق لي لومها و هي تتعذب... ها... لكنني افعل تعلمون لماذا؟ *وضع يديه خلف أذنيه كأنه ينتظر الجواب من ظلام الليل الذي كان صراخه يقلق سكونه* ... لماذا؟ لأنني الشرير!!! *يشير لنفسه بكلتا يديه* في هذه المهزلة انا البطل و انا الشرير... انا انقد البطلة ثم اقتلها مرارا! و تكرارا!!! *رفع يديه يصفق مبتسما* شكرا شكرا ..
حاولت ريديما امساك يده و هي ترى الدم يتقاطر منها فقد كانت قطعة زجاج لا زالت منغمسة فيها ظلت حركاته تفتح الجرح أكثر و أكثر...
ريديما: فانش... يدك تنزف!...
ابعد يده عنها و اوقف إصبعه أمامها و قد رجع خطوة إلى الوراء!
فانش: لا تلمسيني ريديما! لا تجرئي على لمسي ... فقد تتلوثين! انت ملاك طاهر... شهيدة... *توقف عند الكلمة*.. ش... شهيدة... *فجأة امسك وجهها بيده ليتمعن فيه* ستموتين ريديما؟
احست نفسها تختنق في دموعها و هي ترى نظراته تتحول من الغضب إلى الذهول ثم تمتلىء بالدموع قبل أن يبتعد عنها ماسكا صدره لا يحتمل الالم ...
ريديما *تمسك كتفيه لتسانده لكنه يبعدها رافعا يده لابقائها بعيدة* : أهدأ ارجوك فانش... أتوسل إليك أن تعطيني فرصة ..
فانش *ملتفتا إليها*: فرصة لماذا ؟ لقد اتخدتي قراراتكي بالفعل... ككل مرة قررتي و نفذتي و ها انتي فقط تعلميني... لا لا... انتي لم تعلميني! انتي لم تجدي من المهم اخباري باي شيء! لولا سيا... *ضحك باستهزاء*... أو يجدر بي القول لولا ابرار لما كنت ساعلم! قولي ريديما... كنت تعلمين انكي مريضة أليس كذلك؟ لا بد انكي كنتي تعلمين و الا كيف عرف!؟... *اقترب منها يطل على وجهها و هي تحاول الابتعاد لأن رائحة الكحول جعلها تشعر بالغثيان فجأة*... متى عرفتي؟ انتي لستي بخير منذ فترة .. كنتي ترفضين الدكتور كل مرة...
ريديما : كنت ساخبرك بكل شيء... حقا! اقسم بحياة...
فانش *مشيرا إليها بإصبعه غاضبا* : لا تحلفي حين لا توفين! فهناك قسم لا يمكن كسره و لا يمكن تنفيذه و لا يمكن تقبل نتائجه... أليس كذلك؟
سرح قليلا بأفكاره و قد ضاعت نظراته في الفراغ حولهما قبل أن ينظر إليها فجأة و هو يلهث.
فانش: كنتي... كنتي مريضة حين عدتي؟ ريديما.. كنتي مريضة حين ... تلك الرحلة... ريديما كنتي مريضة و انا..؟ اللعنة!!!
رأته يحاول ضبط أعصابه بالضغط على قبضتيه ما يجعل الزجاج يتفتت و يزيد عمق جروح يده و رفض مجددا أن تلمسه
ريديما : فانش!!... دعنا نعود للبيت ... انت تنزف بشدة ارجوك لا تعاند ... لا استطيع رؤيتك تتألم!
فانش: لا تستطيعين رؤيتي ماذا؟ و الذي تفعلينه ما اسمه...
اراها يده المجروحه و اخد يحرك قطع الزجاج لينزعها ما يزيد من النزيف أكثر ...
فانش: تتالمين؟ حين ترينني هكذا تتالمين؟ *مسك ذراعيها فجأة و شدها إليه*... اضربي هذا في اللانهاية و تخيلي ما الذي أشعر به الآن!... هل تستمتعين برؤيتي اتعذب؟ قولي ريديما!!!!
أرتمت في حضنه و طوقته بكل قوتها و هي تبكي بحرقة...
ريديما: ارجوك فانش لا تقل ذلك... لم اختر المرض! لا اريد ان اتركك و ليس في يدي الخيار!
فانش *ابعدها عنه صارخا بوجهها*: بلى!!!! انتي اخترتي حين قررتي اكمال هذا الحمل! اخترتي أن تتركيني انا و ريدفيك... اخترتي ترك حتى هذا النح...
وضعت يدها على فمه تسكته قبل أن يكمل نعت طفلهم المستقبلي بالنحس
ريديما: لا تقل شيئا ستندم عليه ..
فانش: انا حقا نادم...
احسته يريد قول المزيد لكنه سكت و اكمل إزالة شظايا الزجاج من يده دون النظر إليها... كانت ستحاول شرح قرارها لكنه قد أغلق ابواب سمعه و فهمه و قلبه المعذب و طلب منها بنبرة باردة أن تجلس في السيارة لانه تأخر الوقت...
جلست في سيارته و دموعها لا تجف حين جلس بجانبها في مقعد السائق و اتخد طريق العودة في صمت رهيب. كانت ترى دموعه تنزل دون سيطرة لكن نظرته على الطريق امامهما قد تجهمت بلا أي مشاعر.
ما أن وصلا للبيت حتى رأته ياخد زجاجة خمر أخرى من البار و يتجه للغرفة التي اغلق بابها في وجهها رافضا محاولاتها إيقافه عن إيذاء نفسه أكثر...
جلس إلى الباب على الأرض فاتحا قميصه لانه يشعر بالاختناق و اخدت ذكرياتهما تمر أمام عينيه مثل الفيلم القديم.. كان يسمع أنفاسها المختلطة بدموعها في الجهة الأخرى من الباب لكنه لا يقوى على فعل شيء حيال ذلك .. لا يقوى على فعل شيء تماما... عالمه كله ينهار من حوله و لا يوجد شيء بإمكانه فعله لإيقافه!
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro