الحلقة الثالثة و خمسون
الحلقة الثالثة و خمسون (53)
في اليوم الموالي...
فتحت الممرضة الستائر فاستيقظ فانش فورا و انتبه لها ثم إلى ريديما نائمة منكمشة في الكرسي بجانبه فأشار إليها بأن لا تحدث صوتا.
بعد رحيلها ظل يتأمل في ملامحها الطفولية التي ابهتتها ليالي الأرق الطويلة المليئة بالقلق على حالته.
رآها تترنح مكانها بسبب أشعة الشمس التي تحاول ايقاظها فرفع يده يحجبها عن عينيها لفترة يريد أن يمنحها بعض الراحة بعد!
فوجىء فجأة بدخول ريدفيك لوحده فابتسم غير قادر على مقاومة الدموع التي تلالات في عينيه... رآه يحضر كرسيا آخر دون إصدار ضجيج و يقترب منه ثم يصعد عليه بصعوبة بسبب علوه و يبتسم اخيرا و هو يراه ينظر إليه. ضم يديه على صدره و اغمض عينيه يحمد القدير لشفائه.
ريدفيك *بصوت خافت لكي لا يوقظ ريديما*: صباح الخير!
فانش *مبتسما قبل أن يرد عليه هامسا ايضا*: صباح النور يا بطل! كيف اتيت هنا لوحدك؟
ريدفيك : لست وحدي... اتيت مع باقي أفراد العائلة! لقد قاموا بصلاة شكر لتعافيك و وزعوا الهدايا على الفقراء قبل أن نأتي و هم يزوزعون المزيد على المرضى و الطاقم الطبي!
فانش: اممم جيد... هل يعلمون انك هنا؟
ريدفيك: و اين ساذهب إذا لم اتي هنا؟
ابتسم فانش له و سرح في ملامحه يدقق فيها و قد امتلأت عينيه دموعا مجددا ففوجىء بيد ريدفيك تمسحها على خده برفق.
ريدفيك: هل تتالم كثيرا؟
أشار فانش برأسه أن نعم...
ريدفيك : اين؟
أشار فانش إلى صدره...
وضع ريدفيك يده الصغيرة على قلبه و اغمض عينيه يتمتم دعاءا من قلبه قبل أن يبتسم له قائلا
ريدفيك: لا تقلق ستشفى تماما بالدواء يا بابا... اذا كنت لا تحب الدواء المر مثلي فعلمني خدعتك السحرية التي حولت المر إلى حلو و سافعل نفس الشيء بدوائك...
مسح فانش عينيه بعد أن غلبته الدموع و قال
فانش: أعد ماذا قلت؟
ريدفيك: ارني السحر لكي احول المر إلى حلو؟
فانش *يشير برأسه لا*: كيف ناديتني؟
ريدفيك *مترددا* : ب... بابا؟
مسح فانش دموعه ثانيه و هو يحاول الابتسام
فانش: لا يوجد سحر مثل سحرك ... يحول فعلا كل ما هو مر إلى حلو .. *أشار إليه* تعالى هنا!
ريدفيك *نظر الاسلاك و الإبر خائفا* : لكن... انت لست بخير ستتأذى!
ضغط فانش على زرار السرير ليرفعه لوضعية الجلوس و مد يديه نحوه فقام ريدفيك إليه ليرتمي في حضنه!
طوقه فانش بكل قوته إلى صدره و هو يشتم رائحه شعره و بشرة عنقه حين قبل كل مكان في وجهه بلهفة شديدة جعلت الطفل يتشبث به أكثر و يبكي
ريدفيك: اشتقت كثيرا لهذا يا بابا...
فانش *يتنهد من عمق قلبه* : اشتقت لك اكثر ... اسف حبيبي أنني لم أكن موجودا... اسف أنني لم اعرفك... لقد انتظرتك طويلا و حين وجدتك لم اتعرف إليك حتى!
ظلا متعانقان مطولا غير منتبهين لريديما التي أفاقت و كانت تنظر إليهما باكية على السنين التي ضاعت و لن تعود ابدا!
رجعت الممرضة و توقفت مستاءة لرؤية ريدفيك ينام على صدر والده لكنه ابتسم لها راجيا أن لا توقضه.
الممرضة *مبتسمه بحنان لشكل الطفل في حضنه*: سيدتي زوجكي هو المريض هنا لكنه يعتني بكما بدلا عن نفسه! اولا طردني كي لا ازعجكي و اوقضكي و الان لا أدري أساسا كيف سمحوا لهذا الطفل بالقدوم هنا!
ابتسمت ريديما لها و اعتذرت عن إفساد عملها
ريديما: زوجي لطالما كان احن الناس على غيره اقساهم على نفسه .. اسفة! ساخده و ادعكي تقومين بعملكي
قامت ريديما من مكانها تريد حمل ريدفيك بين ذراعيها لكنها توقفت حين رأت النظرة القاسية فانش تنذرها بعدم المحاولة حتى!
الممرضة: سيد فانش يجب أن تتناول بعض الطعام قبل دوائك.
اهداها فانش ابتسامته التي تساوي الف فولط قبل أن يقول
فانش: انسة ماريا شكرا لقلقكي لكن لا داعي لذلك، يمكنكي أن تتركي الاكل و الدواء فكما ترين زوجتي هنا تهتم كثيرا لامري ستتولى الأمر!
الممرضة *مترددة لكنها وضعت الاكل و الدواء على الطاولة المتحركة*: حسنا!
حين رحلت الممرضة ظلت ريديما واقفة مترددة حول ما يجب أن تفعل فقد رجعت نظرته شديدة القسوة بمجرد أن أصبحا لوحدهما ليس معهما الا ملاكهما الصغير الصغير الذي غفى و كأنه لم ينم دهرا بمجرد أن شعر بدفء حضن والده.
قدمت ريديما عربه الاكل أمامه و تفاجأت به و هو يربت على المكان بجانبه على السرير فجلست و اخدت تطعمه بينما رأته ينظر إلى الصورة التي وضعها ريدفيك على الطاولة من ايام حملها.
ريديما: اقسم لك انني لم اهرب به... لم أنوي أن احرمك منه... لم اكن اعلم أنه حي اصلا! حين فقدنا فانيا انستني الصدمة التفكير في أنني كنت حاملا في توأم!
كان يحدق بها دون اي ردة فعل بينما ظلت تطعمه الحساء ببطء ثم رأته يبعد يدها
ريديما: لكن... هذا غير كافي...
ظل ينظر إليها صامتا ففهمت قصده و تناولت البعض أيضا فكانت تطعمه و تطعم نفسها بالتناوب
ريديما: لطالما اعتبر ابرار نفسه وصيا عليا لأنه هو من وجدني و أخبرني بقصة ابي... لذلك لم يكن يقتنع برفضي الرجوع إلى عملي و هويتي ! حين فقد الامل من أنني ساعود اختطف ريدفيك و اخده إلى ماليزيا اين كان قد استلم منذ سنوات مسؤوليات اكبر على المستوى الدولي... لم يكن أمامي خيارا اخر!
رأت عينيه تضيقان غضبا لكنه لم ينطق باي كلمة.
أنهيا الطعام و تناول الدواء من يدها و هو لا يزال صامتا حتى شعرت بالاختناق و كأن غضبه يحيط بها من كل جانب دون أي كلمة...
بعد قليل أتى أفراد العائلة للاطمئنان عليه فرأته يحادثهم و يشكرهم على اهتمامهم خاصة لريدفيك في غيابه هو و ريديما عن البيت. ابتسامته كانت مزيفة فهي تعرفه جيدا لكنها كانت سعيدة برؤيته مفعما بالحياة اخيرا. رأت انغري يكلمه في أذنه غالبا عن بعض الصفقات و يستمع لتوجيهاته.
استفاق ريدفيك بسبب تعالي أصواتهم و ضحكاتهم و خجل كونه نام فجأة فأخبرته سيا أنه يشبه أباه في ذلك ينام في اي مكان و اي زمان!
فانش *ينظر لريديما*: لا أحضى بالكثير من الفرص لارتاح كفاية و انام ... فكلما سنحت الفرصة ما همني في المكان الزمان! ... *لعب في شعر ريدفيك*.. أليس كذلك يا بطل؟ كيف وجدت وساده صدر ابيك؟
ريدفيك: ليست مريحة مثل صدر ماما و ذلك لأسباب جسمانية معروفة طبعا لكن لا بأس بها!
ضحك الجميع من مشاكسته بينما خجلت ريديما من تلميحات ابنها التي تفتقر للأدب! أنه فعلا ابن ابيه!
------------------------------------------------------
الحلقة القادمة:
ريديما تفيق في مكان مظلم مجهول!!!!
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro