1
تقف أمام المرآة بفستانها الأسود المثير و هي تمسك بيدها ذلك الخاتم الذي احتفظت به لست سنوات كاملة.
احتفظت به ليبقى يذكرها دائما بما حدث معها، فهذا ما تحتاجه لتظل واقفة على رجليها بشموخ. الكراهية.
همست بصوت جاف، خال من أي مشاعر و هي تضغط على ذلك الخاتم بين أصابع يدها الرقيقة.
'' أكرهك داميان. أقسم بأنني أكرهك. و ليكن هذا وعدي لك'' أغمضت عيناها و هي تسترجع تلك الذكريات المحزنة أمام عيناها كشريط سينمائي.
فلاش باك
عادت بيرلا لإسبانيا بعد أن توفيت والدتها.
السيدة إيميلي تكون والدتها و التي توفيت بعد أن عانت لمدة سنة كاملة في محاربة ذلك المرض الخبيث الذي أصابها لتستسلم للموت أخيرا تاركة طفلتها التي تبلغ السابعة عشر من العمر لوحدها ببلد أجنبي غريب.
ايميليا احبت باولوا والد بيرلا بجنون. ألا يقولون بأن الحب أعمى. أجل هذا صحيح و إيميلي خير مثال على ذلك، وقعت بحب باولا احد زعماء المافيا بإسبانيا دون أن تعلم بذلك حتى .
اوهمها بأنه شخص شهم و رئيس شركة اتصالات و هي و لحبها الشديد له صدقت كل كلامه، فبعد كل شيء كانت تراه يوميا يذهب إلى الشركة بنفسها.
لم تكن تعلم بأن تلك الشركة بأكملها كانت مجرد غطاء لعمله الرئيسي.
اكتشفت يوما و بمحض الصدفة بأن زوجها العزيز، الرجل النبيل كان مجرد رئيس مافيا نذل. و يالها من صدفة لعينة، اكتشفت الحقيقة بعد أن أنجبت منه طفلتها و التي تبلغ الآن الخامسة من العمر.
طلبت الطلاق كأي امرأة أخرى بمكانها و لكن ذلك لم ينفع بشيء، فقررت تهديده بأنها ستشي به لشرطة و ذلك أيضا لم ينفع. لم يبقى بيدها حل آخر سوى الانتحار. منعها عن ذلك لانه و رغم كل شيء كان يحبها حقا.
طلبت الذهاب بعيدا عنه هي و ابنتها. استسلم للامر الواقع لتأخذ ابنتها و تذهب الى لندن لتبدأ حياة جديدة التي ظلت لثلاث عشر سنة قبل أن تغادر الدنيا.
ها هي ذي بيرلا، تقف الآن أمام بوابة قصر والدها مترددة بين الدخول أو الرجوع. لا تعلم ما الذي سيفعله عند رؤيتها؟ هلةسيفرح لمجيئها؟ أم سيطردها؟ هل لا يزال يذكر بأن له ابنة من الأصل؟
قاطع هذيانها و تفكيرها صوت بوق سيارة من خلفها.
استدارت و ظلت تنظر بشرود لذلك الوسيم الذي كان بداخل السيارة و تجلس بجانبه فتاة اقب ما يمكن القول عنها هو انها عاهرة و ليست فتاة.
أخرجها من شرودها صوته و هو يصرخ بها بأن تبتعد
'' اخرجي من الطريق ايتها اللعينة. هل أصبح التسول بهذا الشكل أم ماذا؟"
فتحت عيناها بصدمة و عدم تصديق لما يقوله. هل نعتها بالمتسولة؟ و اللعينة أيضا؟
حسنا تعترف بأن ثيابها ليست من أفخم أنواع الملابس و الماركات لا تعتني بنفسها خصوصا بعد موت والدتها و لكنها ليست بمتسولة.
اعتراها الغضب لتقوم بحمل صخرة كبيرة من الأرض و تضرب زجاج النافذة الأمامية للسيارة لتكسره لتقاطع ضحكة كل من كان تلك السيارة أو السيارات الاخرى.
هذا لا يبدو جيدا؟ فكرت و هي تنظر له ببرود.
نزل من سيارته و حدق بها لثوان. كان يقف كالصنم و ينظر بعدم تصديق ليزفر بغضب بعدما استوعب ما حصل و يتوجه لها صافعا إياها بقوة. سقطت على الأرض بسبب ضربته لينفتح رباط شعرها و ينزل بهدوء مستفز على طول جسدها.
نظر لها لفترة يتابع سقوط خصلات شعرها الطويلة و الجميلة قبل أن تعود نظرته باردة كما كانت و هو يراها تقف أمامه ماسحة الدماء من فمها بكم قميصها.
ابتسمت بوجهه باستفزاز قبل أن تبزق بداخل وجهه.
شهق أصدقاءه الذين كانوا بالسيارات الأخرى و هم يتابعون بهدوء ما يحصل منذ البداية.
أحس بالغليان بدمه ، اصبحت عينيه حمراء اللون من الغضب. لم يتجرأ أحد من قبل على فعل ذلك و ها هي ذي الآن تقف أمامه بتحدي.
أخذ سلاحه من خلف ظهره ليضعه مواجها اياه لها ليصرخ بكره
'' أيتها الساقطة اللعينة كيف تتجرئين على فعل ذلك؟ من تظنين نفسك؟"
لم ترمش، لم تتردد، و لم تخف. بل اقتربت منه لتوجه ذلك السلاح على رأسها و هي تجيبه بكل برود
'' بيرلا رودريغز ''
توقف كلاهما دون حراك لفترة من الزمن ليسمعا لذلك النداء من خلفهم. لم يكن ذلك غير نداء والديهم. باولو رودريغز و سيباستيان ريغان.
'' داميان انزل السلاح اللعين ما الذي تفعله إنها ابنة صديقي باولو الوحيدة''
تحدث والده و هو يشير له ليزيل سلاحه من على رأس بيرلا و لكنه كان كالمغيب في تلك اللحظة و كل ما يفكر به هو تفجير رأسها اللعين.
'' و لو كانت ابنة صديقك ستتحاسب لتطاولها على داميان ريغان ''
'' داميان هل انت واع لما تقول. انزل ذلك اللعين في الحال''
صرخ باولو و هو يحاول سحب ابنته إلى خلف ظهره و لكنها كانت مصممة و ظلت واقفة مكانها بتحد تام لذلك القابع أمامها.
أغمض عينيه بقوة مستنشقا أكبر كمية من الهواء و يحاول تهدأته نفسه قبل أن يقتلها ليردف بصوت كفحيح الافعى
'' لا تنسي هذا الاسم أبدا يا بيرلا رودريغز ''
ظهرت ابتسامة شيطانية على شفتيها قبل أن تجيبه
'' و انت لا تنسى هذا الوجه أبدا يا داميان ريغان ''
أبعد كلا الرجلين أولادهم عن بعض ليتوجه داميان ذو العشرون سنة إلى أحد سيارات الحرس محركا إياها بسرعة ذاهبا بطريقه. بينما هي خطت خطواتها الأولى بداخل قصر والدها.
ليغير ذلك اللقاء قصة شخصين اثنين، أو لنقل حياة كاملة.
انتهاء الفلاش باك
'' ابنتي هل انت جاهزة ؟"
تحدث باولو و هو يطرق باب غرفة ابنته لتغمض عينيها و تمسح تلك الدمعة التي تسللت إلى الخارج دون أذنها، لتنطق بصوت حاولت قدر الإمكان جعله قوي و هي تعيد ذلك الخاتم لمكانه.
'' دائما جاهزة يا زعيم ''
'' كم مرة سأخبرك بأنه عندما نكون لوحدنا فلتناديني بأبي '' تحدث من جديد لتومئ برأسها
'' حسنا يا أبي لنذهب '' تحدثت و هي تمسك بيده الممدوة ليتحرك كلاهما متوجهين للخارج.
توقفت سيارتهم أمام باب تلك الصالة الكبيرة حيث يقام أهم اجتماع لرؤساء المافيا لتنزل بشموخ و إثارة غير عابئة لنظرات الجميع لها. منها كانت نظرات إعجاب و أخرى كانت نظرات كره.
دخلت مع والدها إلى الصالة و وقفت لمدة معه و هو يتحدث باندماج مع أحد الزعماء الآخرين.
شردت بذكرى أخرى و هي تنظر لهذه القاعة المزينة
فلاش باك
'' بيرلا رودريغز هل تقبلين الزواج بداميان ريغان؟"
'' أجل '' همست و عيناها تشع فرحا و حبا و هي متمسكة بيد ذلك الذي كان ينظر لها بعاطفة قوية.
'' داميان ريغان هل تقبل الزواج ببيرلا ريغان؟"
عم الهدوء المكان لفترة مما جعلها ترفع رأسها لتنظر له. و فجأة انفجر بالضحك و هو يزيل يديها من يده ليشاركه الضحك ذلك الذي كان يلقي العهود عليهم قبل أن يبدأ بإزالة شاربه و شعره المزيفين و لم يكن بأحد آخر غير مارك صديق طفولة داميان.
'' اللعنة كان الأمر ممتعا" نطق داميان ليكمل مارك
'' أجل خصوصا لحظة جوابها''
'' اجل'' قلدها داميان و هو لا يزال يضحك بقوة. بينما هي كانت تنظر لهم بعدم فهم حقا.
'' دام ما الذي يحصل؟ '' تحدثت و هي تحاول ما أمكن التماسك، كل شيء واضح إلا أنها قررت الإنكار.
'' مفاجئة يا حلوتي '' تحدث و هو يقترب منها بتربص بينما كانت يديه تعمل على إزالة سترته و بعثرة شعره الذي كان مصففا بطريقة كلاسيكية.
'' ما رأيك حبي. أليست مفاجئة رائعة ؟ ''
انتهاء الفلاش باك
خرجت من شرودها على صوت والدها الذي كان يناديها من جديد
'' بيرلا .. بيرلا اجيبي عمك اليخاندو. اين شردت من جديد؟"
'' لا شيء. اعتذر حقا. ما الذي كنت تقوله؟ ''
حاولت إخراج الكلمات بدون إظهار لمشاعرها و أحاسيسها التي تغيرت بفعل تلك الذكرى، ليبتسم لها والدها بحنان قبل أن يضغط على يدها و كأنه يخبرها بأنه هنا.
و قبل أن يتمكن اليخاندو من إعادة كلامه من جديد، بدأ جميع من في الحفل بالهمس و التحدث و هم يشيرون لذلك الذي كان يدخل من الباب. سيباستيان ريغان و الذي و رغم سنه إلا أنه لا يزال جذابا. توجهت جميع الانظار له ليشتد فك باولو بغضب و كره.
تحرك سيباستيان بخفة متوجها لهم ليمسك بيد بيرلا و يقبلها بنبل
'' عزيزتي بيرلا. لا يوجد من يضاهيك جمالا كالعادة''
ابتسمت ليمسك والدها بيدها مزيلا إياها بقوة
'' ابتعد عن ابنتي سيباستيان ''
'' ماذا هناك يا صديقي العزيز؟ ألا أستطيع حتى الترحيب بها فكما تعلم نحن نظل ..''
لم يستطع إكمال كلامه بسبب صراخ باولو الذي اقترب منه ممسكا بياقة قميصه مقاطعا إياه بصراخ
'' نحن لا نعتبر لعنة لذلك لا تضغط على أعصابي التي بالكاد اسيطر عليها ''
'' أبعد يدك فأعصابي أنا لا اسيطر عليها و أظنك تعلم ذلك جيدا ''
تحدث داميان الذي لم ينتبه أحد لدخوله الصالة من الأصل. كان يرتدي بدلة سوداء و قميصا ابيضا و هو يضع سلاحه على رأس باولو. و كالعادة كان حقيرا وسيما كاللعنة.
و قبل أن يتمكن باولو من التحدث أحس داميان بسلاح يوضع على رأسه أيضا ليرفع عينيه لأول مرة و ينظر لتلك المثيرة التي لم يلحظ وجودها عند دخوله
'' و انت أبعد سلاح فلا أعصاب لدي من الاساس'' تحدثت بيرلا بكره نقي أثناء توجيه سلاحها على رأسه.
ابتسم و هو يميل برأسه بهدوء و يطالعها بنظرات غريبة بينما يمرر عينيه عليها لتظهر ابتسامة على شفتيه و يهمس لها '' حبيبتي ''
أغمضت عيناها بقوة من كلامه و بروده، ليبدأ كل من والديهما بالصراخ من حولهم بينما كان كلاهما الآن يوجه السلاح على الآخر. و يطالعان بعضهما. نظراتها كانت تحمل كرها و حقدا ظاهرا، بينما و كالعادة نظراته تظل غير مفهومة لها أو لغيرها، فهو ليس بشخص يفضح مشاعره بالتعبير عنها حتى و لو كانت بمجرد نظرات.
عضت شفتها بقوة تحاول السيطرة على أعصابها أمامه لأنه و كالعادة لقائهم لا ينتهي بشكل جيد. ابدا.
ليردف ببرود بعض لحظات
'' ما هذه اللعنة التي ترتديها ؟ و لماذا تعضين شفتك اللعينة؟ هل تريدين مني قتلك هذه المرة ام ماذا ؟''
نظرت له بقليل من التفاجئ قبل ان تهمس بحقد
'' أظنك فعلت ذلك منذ زمن على ما أذكر ''
'' تعلمين بأنني لا أستطيع التفريط بك حلوتي '' همس و هو يمرر لسانه على شفته السفلية لتنظر لن بكره
'' أنا أستطيع '' همست لتطلق رصاصة لتصيبه. و بنفس الوقت خرجت رصاصة من سلاحه لتصيبها.
نظر كلاهما لبعضهما قبل أن يسقط السلاح من يدها و تتهاوى على الأرض ليمسكها قبل ان يتلقى جسدها بارضية الصالة الباردة. اعاد شعرة خلف أذنها و هو ينظر لها بحنان
'' هذه كانت من أجل ثيابك حبي '' تحدث بهدوء لتغمض عيناها بين ذراعيه و هي تردد
'' اكرهك .. اكرهك .. دام ''
قبل رأسها ليحملها غير عابئ لجرح يده و هو يجيبها
'' و انا ايضا احبك بيرلا.. و انا احبك ''
و لا عابئ للجميع الذي كان يناديه. خصوصا سيباستيان و باولو.
ظل الجميع ينظر لما حصل بفم مفتوح و صدمة تامة. هل أطلقا على بعضهما؟ لقد كان هذا شيء متوقع فمنذ ست سنوات بدأت العداوة بين هاته العائلتين و لكن ان هو يطلق النار عليها لم يكن شيءا بالحسبان أبدا.
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro