الفصل الرابع: ثائر!
Playlist:
-
--------୨୧
EXO: Let Me In
TXT:Good Boy Gone Bad
D.O: Lost
Baekhyun: U
---------
قراءة ممتعة
。゚𖥸──-ˋˏ ••• ˎˊ-──𖥸 。゚
مفهوم الحب أكبر بكثير من كونه قبلة أو حضنا أو شوقا أو توقا أو فراشاتٍ في البطن. لو غاب الودّ و الإحترام و التفهم، سقطت أعمدة الحب و زال أساسه. كثيرون من يهربون منذ أول مشكلة تعترضهم، و لكن قليلون هم من يبقون و بتغون حلاّ.
لم يشأ سيونغ وون الهرب يوما من مواجهة الرياح الباردة التي أخمدت نار زواجه التي لطالما كانت ملتهبة، و لكنّه كان يتفاجئ باكتشاف أن زوجته دارا تقف في صف تلك الرياح دون تردّدٍ مرارا و تكرارا.
«هكذا إذن؟ أنتَ لن تخرج على ما يبدو!...حسنا، إبقَ في الغرفة و سأبيتُ أنا في غرفة الجلوس!»
«كلا، لن تهربي...علينا فضُّ هذا الموضوع الليلة، دارا. لقد مللت!»
حدّقت به باستياء و قالت محتجّة:
«لماذا أوصدتَ الباب؟ هل تظنّ أنني سأخاف إن مارستَ هذه الألاعيب معي؟»
حشر يداه في جيبيْ بنطاله و حملق إلى وجهها بتعجّبٍ. لم يكن قادرا على التعرّف إليها قط فتلك ليست ذات المرأة التي أحب. نفث أنفاسا سامّة من صدره و أمال رأسه سائلا بهدوء:
«من أنتِ بحق السماء؟»
إرتفع حاجباها و فغرت فاها و عيناها إثر سؤاله ذاك ثم سارعت إلى تهريب عدستيها بعيدا عنه و عضت شفتها السفلى و كورت قبضتها مطرقة في الأرض كمن إقترف ذنبا عظيما.
«لطالما تفوقتُ في قراءتكِ، و لكن مالي أجدكِ اليوم كعِلْمٍ أجهله؟»
صمتَ الرجل لوهلة شاردا مستحضرا في رأسه لحظاتٍ جميلة خلت كانت قد جمعت بينهما أين كانا يتفقان على الكثير من الأفكار و لا يحتاجان التفوه ببنت شفة حتى يفهما ما يريد أحدهما الآخر. راقبت دارا ذلك التعبير الحزين يرتسم على وجه زوجها فانقبض قلبها. سرعان ما عاد سيونغ وون إلى الحاضر فنظر في عينيها نظرة الخائبِ و سأل:
«أخبريني متى مارستُ عليكِ أية ألاعيب أو أجبرتكِ على شيء، دارا؟»
«سيونغ وون!»
شعرت بالخزي بعد إستيعابها ما إتّهمته به لتوها بكل تهوّر في حين أنه ما لعب إلا دور المنقذ و المرشد و المشجّع و السند في حياتها و حياة أختها. كان يزعجها كونه الطرف الأفضل في هذه العلاقة إلى حدّ ما فهذا يجعلها تبدو في مظهر الشريرة و السيئة، في حين أن معظم الجهود و البوادر الإيجابية و التضحيات تبدر عنه في غالب الأوقات. إقترب سيونغ وون منها و همّ بلمس وجهها بيده فشهقت بذعر و تراجعت خطوتين إلى الخلف ما دفعه إلى تقطيب حاجبيه و القول:
«كلّ ما أردته من إيصادي الباب هو منعكِ عن الهرب من أجل إنقاذ سفينتنا قبل الغرق، لا نيّة لي في إخافتكِ أو أذيتكِ!»
تنهّد مطرقا في الأرض ثم عاد إلى مواجهتها حاذفا ما بينهما من مسافة و أخذها في حضنه بودٍّ نابسا برجاء:
«لا تفعلي هذا لطفا!»
قبّل سيونغ وون جبين زوجته و واصل حديثه اللين و هي بين أحضانه:
«أخبريني ما الذي يزعجكِ و بوحي لي بما يبعدكِ عنّي فإنّي له بمتصدٍّ!»
همّ بتقبيل شفتيها فتفادته و فرّت من حضنه بسلاسة فاحتضنت نفسها مولية إياه ظهرها و تذمّرت بنبرة مهتزّة:
«ألم تتعب من كونكَ البطل في هذه العلاقة؟»
«ماذا؟»
بلّلت شفتاها ثم إلتفتت إليه و هسهست:
«ما الذي تريده منّي بحق الجحيم؟ لماذا تصرّ على الضغط علي و إدّعاء أنني تغيرتُ و ما إلى ذلك؟»
تنهّدت المرأة ثم مالت شفتاها و برد صوتها إثر إستكمالها كلامها فقالت:
«نحن لم نعد شابّيْن كما في الماضي، لقد تقدّمنا في السن بالفعل، و إزدادت مسؤوليات العمل على كلينا، و لا يمكن تغيير حقيقة أن أيّ زواج يصل إلى هذه المرحلة من الإنحدار ذات يوم»
تقدّم منها فالتقط ذراعها وأدارها إليه و إعترض محتجّا:
«و لكن هل تسمعين ما تقولين؟ لازال لدي الكثير من الحب و الإهتمام لأقدّمه فعن أيِّ تقدّمٍ في السنّ تتحدّثين؟ قلبي و جسدي لا يقلاّن شبابا عن الماضي و لا ريب في أنكِ لازلتِ تأسرينني!»
أمسك بكلتا يديها و قال:
«بتُّ متأكّدا أن شيئا جديّا حدث و إلاّ سأفهم الأمور بطريقة أخرى»
رفعت عيناها إلى عينيه بسرعة سائلة بلهفة و قلق:
«ما الذي تعنيه؟»
«أنظري في عينيّ هكذا و أجيبي الآن على هذا السؤال بصدق...»
ضغط سيونغ وون على ذراعيْ دارا عاكسا خشيته من إجابتها و سأل:
«هل غادر الحب قلبكِ، دارا؟»
صمتت لبعض الوقتِ متأملة وجهه ثم فغرت فاها محاولة إنتخاب كلمات مناسبة ثم قالت:
«ما دخل قلبي بالموضوع؟...قلبي لايزال كما هو، و لكن عليكَ أن تعلمَ بأن من الصعب عليّ تحمّل تذمّركَ بخصوص علاقتنا و عملي فهذا هو الحال، ليس بالعجيب، و لا أستطيع فعل شيء يفوق طاقتي حتى أجعله يتغير!»
رمقته بضجر و أردفت بهدوء مستفز:
«فإن مللتَ حقا، يمكنكَ إعادة بناء حياتك مع أخرى!»
«أوتطلبين الإنفصال في هذا السن؟ أهانت عليكِ عشرتنا؟»
إرتفع حاجبه في إستنكار رامقا إياها بدهشة فأشاحت وجهها عنه سريعا و ردّت باستياء:
«يعلم الجميع كم أنت محبوب بين الفتيات حتى يومنا هذا، لن يكون صعبا عليك إيجاد إمرأة تكون متفرغة لأجلك أربعا و عشرين ساعة»
بلّلت المرأة شفتاها و رفعت كتفاها في استسلام، و أضافت:
«إن كان إنشغالي يزعجك فاعفني من الشعور بالذنب رجاء و تزوج أخرى وحسب!»
«ماذا دهاكِ؟ لا أفهم لماذا تفعلين هذا بنا حقا! أهناك إمرأة عاقلة في هذا الكون قد تقترح على زوجها هجرها و الزواج بأخرى؟»
خلّصت يداها من قبضتيه بعنف و رمقته بعدائية مزمجرة بنبرة مختنقة:
«أجل، فقدت عقلي! أهذا ما تريد أن تسمعه؟»
عضت شفتها السفلى بغيظ و هي على حافة البكاء ثم أضافت:
«و الآن عليكَ أن تكون عاقلا و ذكيا و تستغل الفرصة، لعلك تحصل على طفل من صلبك!»
«مهلا! أهذا ما يزعجكِ؟»
إحتضنت المرأة نفسها بيدين مرتعشتين و أشاحت وجهها مردفة:
«لا أريد أن أبكي كثيرا حينما ترحل عني يوما ما، و لهذا دعني أنشغل بما أحب أقلّه...إنني أتقدم في السن و لا أمل لكلينا في إنجاب طفل معا، سيونغ وون! فلتفهم هذا، و كف عن المحاولة لطفا...هذا يؤذيني!»
«من قال أني قد أهجركِ أيتها الغبية؟ لمَ لا تتمسّكين بي كما أتمسك بكِ وحسب؟ أجل، أنا أريد طفلا لا أنكر و لكنني لن أسمح بأن يكون سببا في فراقنا!»
إرتخت ملامح سيونغ وون و أحاط وجهها بحرص بين كفيه و ردّ بلين:
«لا تنظري بعيدا بل أنظري في عينيّ، دارا...لم تتح لي فرصة الشبع بعينيكِ منذ فترة طويلة كما أحب»
«توقف سيونغ وون!»
حاولت التملّص فأمسك بذقنها و أردف بحزم:
«لازلتُ أحبكِ، لا تدفعيني بعيدا فأنا لن أفرط فيكِ أبدا»
قاطع أنفها بأنفه مستنشقا أنفاسها العزيزة على قلبه ثم طبع قبلة شغوفة على شفتيها و أراح جبينه فوق جبينها ملتزما الصمت للحظات و إياها، ثم همس:
«حتى لو لم تنجبي لي طفلا، ستظلين دوما إمرأة عظيمة في عيناي!»
أغمضت دارا عيناها شاعرة بالضعف أمام هيبته و رائحته و حنانه لوهلة ثم سرعان ما عادت إلى فتحهما و رمقته بنظرة تدلّ على ثبات الموقف و نفت برأسها هاجرة أنفاسه الحارة التواقة إلى ودها و رحيقها و إستطردت:
«لا تجعلني أشعر بالعبئ أكثر من ذلك، سيونغ وون! أنا لا أستحقك!»
كم كان التملّص من تأثيره و حضوره القويين شاقّا بالنسبة إليها، و أمّا نظرته التي أخبرتها بأنه لن يستسلم و يتخلّى عنها بهذه السهولة فقد أردت مشاعرها أرضا. أمسك سيونغ وون بيديها و داعب خاتمها بإبهامه ثمّ طبع على إصبعها قبلة و قال:
«صه، كيف يمكنكِ أن تكوني باردة تجاهي؟ »
قبّل يدها بحب ثم رفع عيناه إلى عينيها ذاتا لون البن و أردف متذمرا:
«و كيف لهذا الكلام أن يبدر عنكِ؟»
قبّل سيونغ وون شفتا زوجته برفق و ود ثانية ثم تسللت يداه إلى أزرار قميصها مراقصا إياهم بخفّة و علّق بحزم:
«سأدّعي بأن هذا العبث لم يحدث و أنني لم أسمع شيئا الليلة و سنواصل حياتنا تحت سقف الحب كما إعتدنا، فإذا كان إبتعادكِ عنّي بسبب الطفل أعلمكِ بأنني أكترث لأمركِ أكثر من هذا الموضوع...»
بلل شفتاه و واصل حديثه بجدية مطلقة:
«يكفي أن تكوني موجودة في حياتي سالمة راضية. سأكون الأسعد طالما أن حبكِ لي و إحترامكِ لازالا حيّين يرزقان في قلبكِ و لم يقتلهما الزمان. إن هذا يغنيني عن كل شيء»
إبتسمت دارا بأسف محتضنة خدّه بكفها ثم نفت برأسها مستدركة:
«تتقن مواساتي، و لكن بما أنّنا نتحدّث عن الأمر دعنا لا نتجاهله بهذا الشكل المخزي؛ كلانا سمعنا ما قاله الطبيب منذ السنوات الأولى من زواجنا، أنا لا أنجب فلتفهم هذا! فإذا لازال لديك أمل بأننا يمكن أن ننجب ذات يوم أرغب في إخبارك أنه حان الوقت لكي تستيقظ!»
كانت المرأة قادرة على تحسس فكّه الذي إشتد و رؤية الحزن يبرق في عينيه. عضّت دارا شفتها السفلى مكافحة رغبتها القوية في النحيب و الإنهيار ثم رفعت كتفاها بضعف و أردفت بانكسار:
«لن أستطيع أن أنجب لك طفلا من صلبك أبدا...و لكن أي إمرأة أخرى قادرة على تلبية رغبتك العزيزة التي دفنتها في قلبك من أجل ألاّ تؤذي مشاعري و لكنني لازلت أستطيع رؤية الأمل اللعين يلمع في عينيكَ و هذا يؤذيني كثيرا، سيونغ وون!»
إهتاج سيونغ وون عندئذ و سار في الغرفة بلا هدى و صاح:
«بالطبع لن تنجبي طالما أنكِ لا تفتحين ساقيكِ إلا نادرا!»
«سيونغ وون، ما هذه الألفاظ؟»
«أعذريني و لكنكِ تفقدينني عقلي...»
«هل سنبقى هكذا طويلا؟»
تقاطرت الدموع من عينيها واقفة منتصف الغرفة مشاهدة تأجج غضبه نادر الظهور، فهو رغم صرامته و جديته، شخص مراعٍ و صبور، و لكن غضبه سيئ إذما إشتد.
«عزيزتي، لا تبكي قط فأنا إلى جانبكِ و لستُ ضدّكِ!»
مسح على رأسها متداركا حنقه و قال:
«لدي فكرة جميلة! ما رأيكِ أن نذهب في عطلة معا نحن الإثنان فقط غدا؟»
«هل نسيتَ أنني مسافرة غدا؟»
«لابأس، ألغي تلك الرحلة، أو أرسلي شخصا ينوبكِ، و دعينا نفوز ببعضنا البعض مجددا. ما رأيكِ؟»
«هذا مستحيل! رحلتي غدا حتمية و لا يمكنني إلغاؤها، سيونغ وون»
مالت شفتاه و وقف أمامها كالتمثال محملقا بها شاحرا و كأنه تجرّع من الخيبات ما يكفيه حتى الآن. نبس حانقا:
«ألن تبذلي مجهودا لإنقاذ هذا البيت إذا؟ ثم أي رحلةٍ عملٍ لعينة تستغرق شهرا؟»
«ما خطبك سيونغ وون؟ يجب أن أشرف على الصفقة شخصيا، و كذلك بداية عملية البناء على الأقل! أريد أن يسير كل شيء كما خطّطتُ له»
«لا أفهم ما كل هذا الحرص! أليس مجرد مشروع كسالف المشاريع، دارا؟»
«هذا الفرع و هذه الشراكة ستحلّق بشركة أبي و إسمه إلى العالمية!...بالطبع ليس مشروعا كسائر المشاريع»
أصدر ذو الملامح المتجهمة ضحكة مخنوقة و علّق على كلامها ساخرا:
«حسنا، ماذا عنّي؟ متى تجعلينني أحلّق أيضا؟ لم يعد بإمكاني الصبر أكثر من ذلك!»
أمسك بوجهها بقبضة واحدة و فقأ مقلتاها بنظراته الحادة كصقر جارحٍ ثم أخفض بصره إلى شفتيها بغيظ و إفترس شفتاها بعنفوان فجأة. تخبطت دارا معترضة على الخوض في ممارسات حميمة وإيّاه وسط هذه الأجواء المشحونة حيث بدا غاضبا و مخيفا. صاحت به بازدراء:
«توقف!...من فضلك...!»
إعترضت المرأة بنبرة متحشرجة على إقدام زوجها على فتح أزرار قميص نومها الحريري أثناء تطاول شفتيه على شفتيها و لكنه آثر تجاهل إحتجاجها و واصل ما بدأته يداه. سرعان ما قطع سيونغ وون وصال الفاهيْن و كأنه يقطع وصال الود العاطفي بينهما الليلة و المراعاة الزائدة التي أفاضت كأسه، و ألقى بشفتيه أمام باب سمعها هامسا:
«كوني أرغب في مضاجعتكِ غير مرتبط بالضرورة برغبتي في الإنجاب، بل لأنني إشتقتُ إليكِ! ألم تشتاقي إلي أيضا؟ هيا إجعليني أحلق فللبشر و الأحياء أولوية على الجماد و الأموات»
لثم شفتاها بقبلة حامية مجددا فارضا سيطرته على زمام الأمور بائحا لها من خلال ذلك عن السوء الذي يكتسح دواخله بسببها. لم يسبق له و أن قبّلها بهذا الغضب أو دعاها إلى السرير أثناء ثورة سوداء كالليلة. كان سيونغ وون يبدو مصرا على المضي قدما في ما يفعل و كانت هي تبدو أكثر إصرارا على إيقاف هذه العاصفة اللحظية في أقرب فرصة ممكنة بشعور سيئ إنتابها بخصوص ما يحصل.
«لم أحتجّ طوال الفترة المنصرمة رغم مبالغتكِ العمياء في إهمالي و تجاهل إحتياجاتي و توقي إليكِ، و لم ألحظ أي نية في التغير من طرفكِ»
«يكفي!»
حاولت دارا دفعه عنها فسيطر على زنديها حارما إياها القدرة على الإفلات و دفن رأسه في رقبتها لاعنا:
«بئسا، أنتِ لم تخجلي حتى، و ها أنتِ ذي تحاولين دفعي بعيدا و لكنني لن أبتعد ككل مرة فقد سبق و منحتكِ ما يكفي من مساحة»
إنقبض قلب المرأة حينئذٍ و أدركت بأنها قد علقت في مصيدة حتمية و أنها في طور الإلتهام الآن خاصة إثر بدئه وضع علاماته على إمتداد رقبتها الحساسة.
«ما الذي تقترفه سيونغ وون، هل تجبرني؟»
«أجبركِ إن كلّف الأمر»
دفعها على السرير و خلع قميصه ثم سار فوقها كسبعٍ جائع فغمغمت بحزن و خوف:
«إنهض عنّي!»
واصل تجاهل مطالبها التي كانت متأخرة و مستفزة بالنسبة إليه، فكان كالنار التي تتقد كلما طالبته بالإبتعاد.
«يبدو أن الأمور قد إختلطت عليكِ و أسأتِ قراءة ودّي و مراعاتي لكِ، لم أكن يوما ضعيفا و لكنكِ بدأتِ تسنغبينني و تجرحين كبريائي، فلا تفكّري بأنني قد أسمح بتواصل ذلك أكثر»
رفع يداها و ثبتهما فوق صفحة السرير و رمقها بقسوة مزمجرا:
«إنكِ خيرُ من يعلم أنني رجلٌ يحصل على كلّ ما يريد»
مزّق قميصها معلنا عن فقدان أعصابه فإرتجفت دارا تحت سيطرته و هتفت برعبٍ:
«أتركني، لا أصدّق ما تفعله!...هيا إبتعد أنت تخيفني...»
لم يكن يستجيب و شرع يعيث فسادا فوق هضابها و إنحناءاتها الجميلة فلم تستسلم هي عن مناجاته مغمغمة بصوتٍ مخنوق ينم عن الرغبة في البكاء:
«قلتُ لا أريد، سيونغ وون! عد إلى صوابك»
«هيّا إفتحي ساقيكِ جيّدا»
«لن أسامحكَ إن لم تتوقف عن هذا...لن أغفر لك إن دستَ كرامتي و إرادتي و أقدمت على إغتصابي!»
كان ما قالته مهينا بحق قلبه الذي ما إستلذ بأذيتها قط، كانت تلك الكلمات بمثابة جهاز إنذار لا يمكن تجاهله بعد الآن بالنسبة إلى الرجل الذي عشق دون حدود و لازال على أتم الإستعداد ليقدم ذات العشق دون تعب. كور سيونغ وون قبضته محدقا إلى وجهها الباكي بسخط و ندم و نبس بصوتٍ مخنوق:
«هنيئا لكِ، لستُ الرجل الذي يجبر إمرأة على النوم معه رغما عنها»
نهض عنها معدلا حزام بنطاله و هم بمغادرة الغرفة بيد أنه توقف و قال موليا إياها ظهره:
«ضعي شيئا واحدا في دماغكِ...»
كوّر قبضتاه و أردف بقلب مقبوض:
«إن سافرتِ غدا و لم تحترمي رأيي فانسي أن كل شيء سيعود كما كان بيننا. و لا تلوميني لاحقا إن تغير قلبي نحوكِ! لا تتوقعي أن أفتح هذا الموضوع مجددا»
خرج تاركا إياها تبكي و تنوح في صدمة بعد قوله تلك الكلمات التي بدت بالغة الجدية حيث لم يكن للمزاح أثر في نواياه تلك بشكل واضح و صريح.
⋆
⋆
⋆
⋆
كان بكاء رضيعٍ صاخبٍ قد ملأ غرفة أون هي النائمة فأيقظها. فركت المرأة عيناها و أدركت أنه الفجر بفضل الإضاءة الخارجية و الساعة الحائطية المعلقة على الحائط، ثم توجهت إلى طفلها متذمرة بإرهاق:
«يا إلهي! إنه يستيقظ في أوقاتٍ رهيبة!»
وقفت أمام سريره فصمت لمّا رآها فابتسمت بقلة حيلة نابسة:
«يا لك من شيطان صغير! ماذا لو جعلتَ الجميع يستيقظون في هذا الوقت؟»
أصدر صوتا يفيض باللطف و البراءة واضعا يده في فمه و لمعت عيناه و كأنّه نجوم الكون حطّت رحالها فيهما فحدّقت به بحب ثم حملته عبر إبطيه قائلة:
«ما الخطب سيهوني؟ أتراك لوثتَ نفسك؟»
تفقدته فأصاب ظنها فتنهدت و قالت:
«حسنا، لنغير هذا الآن و سيصبح إبني أنظف و أزكى طفل في العالم!»
صدرت ضحكة عن سيهون فاتسعت إبتسامة أمه لتفاعله البديهي معها، و وضعت يدها على رأسها و خاطبته قائلة:
«أشعر أحيانا أنكَ تفهم ما أقوله! يالكَ من طفل ذكي!»
غيّرت أون هي حفاظه ثم أرضعته إلى أن سرقه النوم. نهضت عن سريرها فأعادته إلى سريره و لمّا إلتفتت بعفوية مرجعة شعرها إلى الخلف عندما همّت بالعودة إلى مضجعها، وقعت عيناها على النافذة فإذا بها تلاحظ أن باب ضوء المستودع و الباب مفتوحان.
«ترى من هناك في هذا الوقت؟»
توسعت عيناها لمّا أدركت عقلها فكرة ما فتلبّس القلق تقاسيم وجهها و هي تلفظ تلك الفرضية بثقل صدرٍ و قلق:
«أتُراهُ يكون سارقا؟!»
إلتقطت المرأة رداء منامتها و ألحقته على جسدها بعجالة ضامّة طرفاه حول نفسها مسرعةً الخطى إلى غرفة الجلوس بحثا عن سيونغ وون، و لكن منسوب قلقها زاد حين لم تجده. نظرت حولها باضطراب و كانت الهواجس قد بدأت بمهاجمة عقلها فخشيت أن يكون المعني في ورطة حقيقية هناك مع الزائر الطفيلي الثقيل. أمسكت أون هي مضرب البيسبول العائد لرجُل البيتِ الموضوع في ركن من غرفة الجلوس و ركضت إلى المستودع عاقدة العزم على تحطيم رأس أي دخيل قد يجرأ على إيذاء ربِّ هذا المنزل العزيز.
تقدّمت بحذر لمّا بلغت خطواتها وجهتها و دلفت المبنى المربع ذو اللون الرمادي بحثا عن ضالتيها و لكنها تفاجأت بأن من يغزو المكان في هذا الوقت المتأخر هو سيونغ وون نفسه و لم يكن بمعيته أحدٌ. إتّخذت بضع خطواتٍ نحو الأمام بهدوء تامٍّ و تأمّلت ما يفعلهُ بذهول خلف الجدار خلسةً. تجعد جبينها قليلا و تمتمت تحت أنفاسها بهدوء:
«لمَ عساهُ يمارس الملاكمة الآن؟!»
دقّقت في تفاصيل الجثّة الذكورية الصاخبة المرتدّة بأناقة و كاريزما عالية داخل الحلبة و قد كان خصمه كيس ملاكمة سمينا. لاحظت أون هي عندئذٍ كم بدا غاضبا و عنيفا فتكورت قبضتاها حول ثوبها بخشية. كان العرق يتقاطر منه بغزارة يبلّل شعره و صدره و كتفاه مكسبا بشرته لمعانا آسرا. بدا سيونغ وون آنذاك رجلا خاطفا للأنفاس في قميصه الأسود عديم الأكمام و السروال الرياضي القصير أحمر اللون و قفّازيه السوداوين المنتفخين.
توقّف لبرهة لاهثا ماسحا العرق عن جبينه بظاهر معصمه مرهق التقاسيم ما جعلها تفكّر بأنه هنا منذ وقتٍ طويل بالفعل. وضع الرجل كلتا يديه ضد الحائط لافظا الهواء من جوفه بعنف فشعرت أون هي بالضيق لاستنتاجها أن سبب شقائه هذا هو ما حدث بينه و بين أختها منذ قليل، فطأطأت رأسها شاعرة بالعجز و تمنّت لو كان في مقدورها تغيير الوضع. رفعت رأسها ثانية نحوه فإذا به يخلع قميصه المبلّل عن جذعه الصلب الشيء الذي جعل عيناها تجحظان و ضخّ داخل جسدها دماء وفيرة إستفحل كثيرها في خديها فتضرجتا خجلاً و تراجعت كالبرق مختبئة كاللصة ملتصقة الظهر بالجدار. وضعت يدها على صدرها الذي أخذ في الإرتفاع و الإنخفاض بسرعة حيث لم يكن متوقعا بالنسبة إليها ملاقاة مشهد مثير و خليع كذلك أمامها، حتى أنها نسيت كيف تتنفس، ثم زفرت بحرج شاعرة بتأنيب الضمير و كأنما هي قد إقترفت ذنبا برؤية ذلك. فكّرت الزائرة المتخفية حينئذٍ أن موقفها سيكون محرجا و أنها لن تستطيع تفسير الوضع بشكل صحيح أمام سيونغ وون إذا ما أمسك بها، و قد تظهر أمامه بمظهر المتلصصة قليلة الأدب. لم ترد أون هي مواجهة موقفٍ مماثل كما لم ترغب في إزعاجه فقررت الرحيل بصمت و لكن الحظ السيئ عانقها فتعثرت بخرطوم المياه المطاطي الملقى على الأرض و سقطت فوق العجلة الضخمة البديلة التابعة لإحدى سياراته الشديدة الملقبة بالوحش مسقطة المضرب من يدها مما صنع ضجيجا مسموعا بشكل واضح لمسمع سيونغ وون. إلتفت الرجل عندئذٍ مزمجرا:
«من هناك؟»
غادر حلبته إثر همومه بالعودة من أجل جولة جديدة و تقدّم من مصدر الصوت مرتابا فإذا بجسد أنثوي مبسوط على الأرض فوق عجلة السيارة السوداء الضخمة وسط بعض الفوضى. لم يحتج الرجل رؤية وجهها لكي يميزها و سرعان ما هرع إلى إنتشالها مما هي فيه فكانت تبدو كالطفلة المشاغبة التي ينقذها والدها من المآزق دوما.
حدق بهيئتها فإذا بها في فستان نوم حريري قصير رملي الطلة ترتدي فوقه رداءً ساترا مصنوعا من ذات اللون و القماش. جعّد جبينه و هو يجعلها تستقيم أمامه و قال:
«مجدّدا، تبدين كالأطفال و أنتِ في ثلاثيناتكِ بالفعل. أتساءل كيف ستربين طفلا آخر حين يشتدّ عوده قليلا و يضحي عقله وعاء فخاريا لين الطين في طور الصقل!»
نفض الغبار عن ملابسها صافعا مؤخرتها بتأنيب في النهاية فزمت شفتاها بإحراج و طأطأت رأسها فيما تصغي إليه يلقي بسؤاله.
«ماذا تفعلين هنا؟»
«لاحظتُ أن الباب مفتوح و الضوء منار صدفة فأتيتُ أتقصّى الأمر...»
عقدت خصلة من شعرها خلف أذنها ثم نظرت إليه بحذر و خشية و لما لاحظت أن حاجباه معقودان بالفعل و هو يجري فحصا لحالها بعينيه منحته إبتسامة ساذجة و هي تضيف:
«حينما لم أجدك في غرفة الجلوس خشيت أن تكون في ورطة. أرعبتني فكرة أن اللص قد يؤذيك!»
«اللص!»
«أجل! هذا ما خطر على بالي لما نظرت من النافذة. فكّرت أن لصا إقتحم بيتنا لامحالة!»
حاول إمساك نفسه عن الضحك و حافظ على الصرامة على محياه و هو يقول:
«لنفترض أنه كان لصا حقا! كيف تأتين لمواجهته بمفردك؟ ثم كيف تخرجين بهذه الملابس أمام رجل غريب مثل السيد لص؟»
«أنا آسفة، لم أفكر كثيرا! لقد كنتُ مستعجلة!»
أجابت بنفس واحد ثم بللت شفتاها و نظرت في عينيه بتوتر و هي تضيف موضحة:
«ثم إنني لم أذهب عزلاء بل مسلحة...»
نظرت خلفها فعثرت على المضرب و إلتقطته و هرعت تريه إياه بحزم قائلة بحماس:
«أنظر، جلبتُ معي مضرب البيسبول خاصتك في حال إحتجت جعله يفقد الوعي!»
حدّق بها بنظرات معجبة ضاحكة ثم تنهد مشيحا بوجهه لئلا ترى بسمته العريضة و تمتم:
«أَذْهَبَ ربّي البأس!»
عاد إلى إكتساءِ الصرامة عاقد السّاعدين فأشاحت عيناها عن صدره المنحوتِ حياءً و أطرقت في الأرض في حين إستولى هو على الحوار فقال:
«أنظري إلى هنا يا صغيرة...هناك إحتمالان لا ثالث لهما: إما أن يفقد اللص وعيه من شدّة الضحك، أو أن يغمى عليه لشدة الشبق!»
رمشت أون هي عدة مرات بسذاجة ثم قالت:
«أتسخر مني أم تتحرش بي؟»
قاطعت يداها حول نفسها بدرامية في نهاية كلامها فاستقرّت عيناه خطأً على الفجوة بين يديها و التي كانت تُعرّي الفاصل بين ثدييها فارتبك و أشاح عيناه إلى جانبه و أغمضهما بقوة و كأنّما لسعه النظر عميقا.
«لا لص هنا»
نبس سيونغ وون بذلك مانحا إياها نظرة أشد صرامةً ثم أضاف باقتضاب و هو يشيح عيناه بعيدا عنها من جديد مكورا قبضتاه:
«لذا إرحلي قبل أن أتحول إلى واحد!»
«دعكَ من المزاح و أخبرني، ما الخطب سيونغ وون؟ تبدو مجهدا كثيرا!»
بلّلت أون هي شفتاها و أضافت:
«أُصدقني القول؛ هل واصلتما الشجار؟!»
أدار سيونغ وون وجهه بضيق إلى يمينه مانعا إياها عن مواصلة قراءته فأمسكت بوجنته بحنو جاعلة إياه ينظر في عينيها. همّت أون هي بالتفوه بما يواسي من كلمات و يطمئن، بيد أن إرتفاع حرارته الصارخ إستوقفها فشهقت بعفوية و هتفت:
«يا إلهي، إنك ساخن جدا! هل أنت على ما يرام؟»
«ما كان يجب أن تأتي إلى هنا أساسا أيتها الغبية...لستُ على ما يرام!»
تنهد بتثاقلٍ مميلاً رأسهُ و ممرغًا وجنتهُ في كفها بأعين مغمضة فوكأنه تِنِّينٌ ينفثُ ألسنةَ اللهبِ من أنفهِ تارةً و من حلقه أخرى.
«هيا إذهبي...عودي من حيثُ أتيتِ»
فتح عيناه اللامعتين كعُقابٍ إثر تلفظه بذلك فحاصرتا بحدتهما المصاحَبة بهونٍ وجههَا الفاتن، فوجف قلبها و ساءتها حاله. رفع رأسه و إستوى عوده فبان له أن الإرتباك أصابها، و لكنّ صوتا كان يصرخ بداخلها ألا تتركه لعلته التي تجهلُ دون مده بالعون.
«و لكن...و لكن كيف أتركك لعلّتك دون إكتراث في حين قد يمكنني أن أقدم المساعدة، ليس التجاهل قوام علاقتنا!»
حاولت هزّه مناجية عيناه و لكنّه جبل لا يهزّه ريح، ثابت كحب خالد. أمالت رأسها سائلة بقلق:
«أخبرني ما عِلّتُكَ، سيونغ وون؟»
«علّتي!»
نظر حوله بضياع فقرّبت كرسيا لأجله و قادته للجلوس عليه ثم أحضرت إلى فمه قارورة مياهه ذات القشة و قالت بلطف و مراعاة:
«إشرب!»
فرّق بين شفتيه فأقحمت بينهما القشّة فإذا بتفاحة آدم خاصته تنزلق بجاذبية أخّاذة ما لفت إنتباه أون هي إليها. نفت برأسها بعفوية تحت ناظره الذي لم يفارقها أثناء شربه فتمددت شفتاه المحيطتيان بالقشّة آنذاكَ لإبتسامة خفيفةٍ عانقتهما.
«يبدو لي أنّكَ مصاب بالبرد!»
«ما الأمر المشين الذي فكّرتِ فيه منذ قليل لتهزّي رأسكِ بذلك الشكل؟»
إرتفع حاجبا المرأة إثر سؤال سيونغ وون المفاجئ و توسعت عيناها و إذا به يحيط خصرها بذراعه ساحبا إياها إلى قربه ثم أراح رأسه على بطنها فرجف قلبها. قال:
«لابأس، يمكنكِ الإحتفاظ بذلك لنفسكِ...أصبحنا متعادليْن»
«أيُّ سقم حلّّ بالعزيز سيونغ وون في هذا الليل البهيم؟ مالك تبدو سكرانا و لا أثر لروائح الخمور عليك؟!»
«عِلّتي هي الحبُّ و لا شيء غيرُ الحبِّ...مالي أحبُّ كثيرا، أكثر بكثير من الآخرين؟»
«هذا لأن قلبك نقي و صادق...هذا ليس بعيب!»
«و لكن كلتاكما تجدان الأمر خانقا!»
تريثت لوهلة قبل أن تقدم على دسّ أصابعها في شعره الغزير الحالك ثم نفت برأسها و حدّقت بالفراغ نابسة:
«هذا غير صحيح، كنتُ لأكون أسعد إمرأة في الكون إذما كنتُ مكان دارا»
عضّت شفتاها ندما على ما تفوهت به ثم إستطردت:
«هي مجهدة بسبب العمل وحسب، و لكن أوقن بأنها تقدّر حبّك الكبير لها و حرصك على صحبتها دوما! أي إمرأة ستبتغي حبّا كهذا»
«ماذا كان ليحدث لو أنها مراعية مثلكِ، بهذا الشكل؟ أكان ليضرها هذا بشيء؟»
«طباع البشر تختلف و ليس من الحميد إقامة مقارنات لا فائدة ترجى منها. دارا حادّة الطبع قليلا و لكنك خير العالمين بأن لها قلبا طيبا لينا أنقى من النسمة و أشد بياضا من الحليب»
«هل تعلمين؟ رغم ما أخبرتِها اليوم علانية، هي لم تتعض منكِ قط»
إرتفع حاجبا أون هي و نبست تحت أنفاسها بتردّدٍ:
«ماذا تقصد؟»
«لستُ مصابا بالبرد»
أخذ سيونغ وون القارورة من يدها و ألقى بالقشّة فسكب بفحواها فوق وجهه و رأسه هازّا إيّاه بانتشاء ثم نهض عن كرسيه مقيما ظهره و طوله الفارع فكان الماء يتقاطر من شعره و ذقنه منسابا فوق جسده اللامع، و تقدّم من الفاتنة الواقفة أمامه حاذفا المسافة بينهما فارتبكت أون هي و تراجعت نحو الخلف بخطوة فعاد هو إلى إلغائها بكل ثقة و جرأة، و قفزت قطرات خفيفة من الماء من شعره فوق خدّها. حجب سيونغ وون الإنارة عن أون هي آنذاكَ بقدّه الممشوق و طول جسده الشاهق فلم تكن ترى إلاّ كتلة من العضلات المثيرة و الفتنة المبللة. كان النظر نحو الأعلى مؤلما للرقبة و لكنها لم تبالي بذلك في حضرة هيبته فكانت كالمنومة مغناطيسيا. لم تدري عود البان متى إحتدم الوضع و أضحى ساخنا إلى تلك الدرجة. مدّ الرجل يده نحوها فمسح بحسية على وجهها المخبأ تحت ستار شعرها الدّاكن متأملا ملامحها الآسرة الحائرة بعينين ثملتين، ثم سيّر يده نحو تلك الخصل حاصدا إياها الخصلة تلو الأخرى على شاكلة ذيل حصان داخل قبضة واحدة و شدّها بغتة فتأوّهت بعفوية موقدة في أحشائه النار. و كسيارة تسرع نحو جرفٍ مهلك، قام سيونغ وون بقلبها عكسيا و دفعها ضد أقربِ جدار فأقحم أنفه في عنقها و تريث قليلا مستنشقا عبيرها، و دسّ شفتاه في أذنها ثم همس:
«هي لم ترضَ فتح قلبها الليلةَ، ولا قدامها حتّى!»
ضرّج الحياء خدّا المرأة اليافعة المحاصرة بين الحائط و جسده فازدردت ريقها بصعوبة لمّا تذكّرت ما قالت في إطار معاتبتها لأختها. لم تتخطّى أون هي حقيقة أنه سمع ما قالت إلى أن سرقها النوم سابقا، و الآن ها هو ذا يذكرها بالأمر ثانية.
«و لكنني لستُ بزوجته، لستُ من ستفتح قدميها لأجله، يون دارا!»
وضعت أون هي يدها على فمها فتراقصت مقلتاه و رموشه متابعا حركاتها و سكناتها اللطيفة بولع مدركا بأن ومضاتٍ سابقة من ذاك الموقف قد لمعت في رأسها.
«لا ضير في فتحِ قدميكِ أمامه من حين إلى آخر و إلا لا تبكي لاحقا إن لجأ إلى إستبدالكِ بأخرى بحثا عن حبٍّ و طفل!»
رن ذلك في رأسها فزاد إحمرار وجهها فقهقه بلا حول ولا قوة و أمسك ذقنها نابسا بنبرة عميقة:
«لسانكِ ذاك خطر على المسامع أحيانا، أوتدرين ذلك؟»
«و توقيتكَ خاطئ أحيانا، أفي علمك هذا؟»
«لأكون صريحا، لا أستطيع التوقف عن الضحك كلما تذكرت ذلك! لا أحد قادر على تعديل مزاجي بقدركِ، حتى في أسوأ المواقف و الظروف!»
«حبذا لو تحذف ذلك من عقلك!»
«تعلمين أن هذا مستحيل!»
شعرت أون هي بيديه تنزلقان ببطئ فوق ذراعيها فاقشعرّ جسدها و أفاقت في بطنها خلية فراشات مرفرفة. همس:
«إذا تحولتُ إلى لص الآن قد أسرق قداسة علاقتنا و أضرب بها عرض الحائط...»
«لمَ تتحدث بهذا الشكل؟»
«لستُ في كامل وعيي...و قد أخسركِ إلى الأبد إن بقيتِ هنا!»
تغلغلت ذراعاه بين ذراعيها كثعبانين و أحاطا خصرها برفق ثم إشتدّا حوله بغتة كالمامبا السوداء الضخمة حين تشتدّ حول طريدتها الغضّة. إعتصرها ضد جسده لاشعوريا فأفلتت آهات فاجرات من حلقها بعفوية تامة ثم سألت بلهفة و كأنها تخشى خمود أنفاسها إلى الأبد، قالت:
«سيونغ وون ما الذي يحصل لك؟»
لوّن القلق صوت أون هي و لكنه كان ذكيا ليدرك بأنها تطمح إلى معرفة لبّ المرض الذي إستفحل بكلّ من جسده و وعيه المتأرجح. أدارها نحوه و إقترب وجهه من وجهها كثيرا فداعب أنفها بأنفه و تنهد و سكن محدّقا بتقاسيمها المغرية بانبهار و إعجاب.
«كنتُ مع دارا في الغرفة...تشاجرنا و كدتُ أرغمها...غادرتُ إلى هنا لئلا أؤذيها...»
هذى بذلك كالثمل أمام شفتيها و قد مسّهُ التوتر و الإنتشاء لما يرى من جمال في حين قفزت ذراعاه إلى تطويق خصرها بحميمية مجددا. دفن رأسه في شعرها و بدأ في استنشاق عبيرها بلهفة و كأنها الترياق متسببا في ثورة قلق و خشية في قلبها، ثم إتخذ عنقها خيطَ هيروين مستقيما و سير أنفه فوقه كالمدمن.
«رائحتكِ زكية جدّا...جدّا!»
«علمتُ بأنكَ قد تشاجرتَ مع دارا، و أوقن بأنكَ مشوش و مجروح و لا تدري ما الذي تفعله عندك، لذلك دعني أساعدكَ على العودة إلى الداخل فأنتَ تحتاج قسطا من الراحة دون أدنى شك حتى يصفى ذهنك!»
«ها أنتِ ذي رأيتِني أحاول إفراغ جام غضبي في هذا الكيس، فحبذا لو أضربه حتى أفقد قوتي و يتلاشى غضبي و مجوني و جنوني عوضا عن ضرب جمجمة علاقتي بزوجتي عرض الوداع»
نفى برأسه و إحتجّ حازما حانقا:
«لن تطأ قدماي المنزل قبل أن أكتفي من كيس الملاكمة فليست الراحة ولا الصفاء بسهلينِ و أنا على حالي هذه...أنتِ لا تفهمين...»
أمسك سيونغ وون ذقنها و همس بصوت بحيح:
«أيتها الحمقاء...»
بلل شفتاه و أمسك عنقها بتملك و نظر في عينيها نظرة غريبة أربكتها فكانت تراها على محياه لأول مرة.
«إنني ثائر!»
فحّ في وجهها كثعبان تتقاطر من أنيابه السموم و لكن ما لدغها لسانهُ بعدُ. ضغط على كتفيها إثر حبسهما داخل قبضتيْه و واصل حديثه محذّرا بحزم و صرامة:
«ليس من الحكمة أن تظلي إلى جوار رجل متهيج جنسيا...كائنا من يكون...إني أخاف عليكِ من بطشي و تذبذب وعيي صغيرتي»
تنهد معترفا في لحظة سُكون بينما يعتصر جسدها على جسده و يلاحق أنفه أنفها المتمنع بين الفينة و الأخرى بكل إصرار.
«أخرجي، أهربي، بعيدا جدا، السَّاعَةَ!»
هزّتها قبضتاه الصلبتان فتزعزع جسدها و كذا كانها فهذت و الصدمة بادية على مُحيّاها:
«آه! يا إلهي!»
«أون هي...»
داعب وجنتها و عانق أنفها لاهثا مرتجفا و الشبق يتآكل دواخله أمام ناظريها فصدمت أنفاسها شفتاه عقب قولها:
«سيونغ وون إهدأ!»
«ليس الأمرُ بهذه البساطة...الويلُ لكِ، لمَ أتيتِ؟»
«إنك قريب جدا، تراجع قليلا من فضلك!»
تفاقم تذبذبه و غام بصره أكثر فكان بالكاد يدرك من تكون. لقد كانت رائحتها العطرة فحسب عاملا قويا لتهييج غريزته المُسْتَفَزَّةِ أكثر و لم يكن منه إلا إحكام أحضانه الجارفة حول جسدها النحيل. بسطت أون هي كفها على كتفه بحذر و تحفظ محاولة دفعه بلطف و أردفت:
«هل أنتَ مُصغٍ؟...هلاّ أفسحت لي المجال قليلا، سيونغ وون؟»
زار صوتها الهادئ الرصين دواخله فوجد طريقه إلى رشده فأيقظ بعضه فنبس باستياء:
«لمَ لاتزالين واقفة أمامي بحق الجحيم؟!»
«و لكنكَ لا تفسح لي المجال!»
قبّل وجنتها ببطئ قبلة عميقة غير بريئة فوكأنما نسف بواسطة تلك القبلة وجنتها و عرّى أكثر جوانب قلبها ضعفا و سخفا و عُهرا. إقشعرّت أون هي و إنقبضت بين يديه ثانية أناملها الطويلة الرشيقة حول ساعديه، و لمّا منحها أخرى قرب أذنها تأوهت غارسة أظافرها في جلده المثير.
«ليس في صالحكِ البقاء، ألا تسمعين؟»
بلطم مشدّدا حصاره حول خصرها فنظرت حولها باضطراب فما وجدت سبيلا للنجاة.
«أتركني، لا أستطيع الإفلات منك!...أفق هيا»
«صغيرتي...!»
«أجل هذه أنا! لا تدع ذاك الغيم يملأ عيناك و أنظر إلي مليا، أرجوك عد إلى صوابكَ فإنّكَ تخيفني!»
غمغمت بصوت متحشرجٍ لمّا تمكنت منها الهواجس فقام بتركها فجأة و تراجع نحو الخلف عدة خطوات جاحظ العينين ثم إستدار مانحا إياها ظهره.
«إذهبي»
مشت إلى الخلف باندفاع حتّى صارت تبعدُ عنه بضع خطواتٍ قليلة و وقفت في مكانها لوهلة محدّقة بظهره بأسى ثم ركضت بعيدا حاملة في طريقها الخرطوم و أغلقت الباب خلفها. لم تُطل أون هي الغياب حتى عادت تطرق الباب مسترعية إنتباهه فالتفت ينظر خطبها فإذا به يرى يدها تقوم بإدخال خرطوم المياه من فتحة المدخل الصغيرة السفلى قائلة:
«إنه متصل بمياه باردة. ستساعدك! هل أقوم بتشغيل الصمبور، سيونغ وون؟»
«الصمبور!»
هذى و هو يحاول إستيعاب حقيقة أنها لم تفر فقط بل عادت للمساعدة! ثم أمسك به هاتفا:
«إفتحيه»
«سأفتحه، إنتظرني سوف أعود بثياب لأجلك ريثما تستحم!»
«فهمت!»
نبس بصوتٍ عميق محدقا بالصمبور الذي في يده بذهول ثم سرعان ما إن لقت منه المياهُ فشرع إلى توجيهه فوق رأسه. خرج سيونغ وون من المستودع بعد قليل مرتديا ثيابا نظيفة تتمثل في كونها قميصا نصفي الكمّين أصفر اللون و سروالا قصيرا أبيض. و كانت أون هي عندئذ جالسة على العشب أمام البناية ضامّة قدماها إلى صدرها متأملة النجوم في السماء.
«إنها ليلة مقمرة!»
إسترعى تعليقه إنتباهها فأومأت برأسها مؤيدة قوله في حين غادرت عدستاها إلى القمر في تأمّلٍ فأضحيتا بدرينِ مكتمليْن منيرينِ، و أضافت:
«و هناك نجوم كثيرة أيضا»
«أعلم أن هذا من أقرب المشاهد إلى قلبكِ»
حوّلت بصرها إليه فاختلست نظرة فضولية خاطفة إطمئنانا عن حاله ثم هربت عيناها حياءً و آثرت تثبيتهما على الأرضية العشبية للجزء الأمامي من الحديقة و ردّت باقتضاب:
«بلى...هذا صحيح!»
كان صوته المعتدل و أسلوبه الطبيعي المألوف قد طمأناها قليلا، بيد أن بعض القلق لازال ينخر دواخلها فلجألت إلى الجهر بالسؤال القابع في دماغها و إقتنصت نظرة أخرى من وجهه، و سألت:
«هل تشعر بالتحسن؟»
«إنني بخير، شكرا لكِ»
أجابها باقتضاب و بان لها أن ما حدث منذ قليل لم يرقه أيضا و أن الحرج مستكين في صدره.
«أنظري، لقد...أخفتكِ...أنا...»
إلتفتت إليه بلهفة لما أدركت بأنه قد قرّر الخوض في الموضوع ثم نظرت إلى معالم وجهه باهتمام، فواصل و هو يرمقها بأعين ذابلة:
«آسف»
«لا عليك...لم يكن ذنبا مقصودا!»
أجابته باقتضاب متفادية عيناه و نهضت من مكانها نافضة الغبار الوهمي عن يديها. كان قلبها يخفق بسرعة لمجرد مرور تلك اللحظات الموترة أمام عينيها كخيط ضوئي. عقد سيونغ وون خصلة من شعرها خلف أذنها و صرّح:
«إنكِ مذهلة حقا!»
فهمت أون هي أنه يشير إلى المساعدة التي قدّمتها بإخلاص منذ قليل فابتسمت و قابلت عيناه بشجاعة و هتفت:
«لم تظن أني قد أتركك في محنتك وحيدا، لا؟»
«أنتِ إمرأة غريبة الأطوار، أون هي!»
حدّق سيونغ وون بها بدوره و عيناه تلمعان إمتنانا فعلقا في تواصل بصري جذّاب. كانت أون هي تضم نفسها بعيدا كمن يشعر بالبرد بيد أن بهار الخشية لازال يفوح من قدّها الفاتن، ففتح هو ذراعاه قائلا:
«لا تتصرفي على هذا النحو و إقتربي منّي...تعالي!»
«هل أنتَ واثق...أنكَ بخير؟»
برقت عيناها إثر تفوهها بذلك السؤال المحرج فمالي رأسه بدلال و إرتفع حاجبه استنكارًا و قال:
«إذا كان لديكِ شك تعاليْ و تأكدي أيتها الجبانة!»
سرعان ما شطرت الإبتسامة المشرقة العبوس على وجهها نصفين و ركضت آنذاك كالطفلة إلى حضنه بثقة مطلقة.
«لا تفعل ذلك مجددا من فضلك، سيونغ وون!...لقد أرعبتني!»
«لن أفعل...لا تخافي و لا تقلقي، صغيرتي!»
«أعتقد بأنك بحاجة إلى الدخول و الراحة الآن»
«أجل، بالفعل»
«و...من فضلك لا داعي للإشتباك مع دارا أكثر سيونغ وون، دعا هذه الليلة تمر بسلام لطفا!»
أشاح سيونغ وون وجهه و نبس بضيق مكورا قبضتاه:
«أشعر بأنني أكره نفسي في هذه اللحظة لإرعابها...»
تنهّد الرجل ثم أردف:
«أؤمن أنّ معي حقّا في الموقف الذي إتخذته و لكن أظنني بالغتُ في رد فعلي، لم أراها خائفة مني بذلك الشكل من قبلُ»
«هذا لأن الترهيب ليس أسلوبكَ قطُّ، و أشهد لك بالحب و اللين و الود تُجاهها. ما فعلته الليلة خاطئ قطعا و لكن هوّن عليكَ فغدا نجد حلاّ!»
«غدا!»
زمّت أون هي شفتاها بتفكير ثم أجابت بأمل:
«لا أظنها جادّة بشأن السفر غدا، أعني...على الأقل ليس غدا فلا وقت لديها لتوظيب حقائبها، تعلم كم يستغرقها ذلك من الوقت!»
داعبته بكلماتها المازحة فابتسم بخفة و قال:
«آمل ذلك!»
أمسكت يده ثم جرته خلفها قائلة:
«هيّا معي أيها الطفل الكبير حتى أضعك في سريرك»
إرتفع حاجباه بينما يسير خلفها و إرتسمت إبتسامة جانبية ساخرة على ثغره و إستفهم:
««الطّفل الكبير»؟!»
«لا تختلف عن سيهون كثيرا على أي حال، كلاكما مشاغب و صعبُ المراس»
«إجلس هنا»
أشارت أون هي إلى الأريكة في غرفة الجلوس ففعل، و بمجرد إستلقائه غطّته و مسحت على شعره قائلة:
«تُصبح على خير»
همّت بالذهاب بيد أنه تمسّك بيدها فالتفتت إليه رامقة إياه بتفاجؤ. كان مغمض العينين متأهبا للنوم جميلا ذا مظهر بريء. قال:
«إبقي معي حتى يأخذني النوم»
إبتسمت بهدوء ثم جلست على حافة الأريكة و جعلت تربّت على كتفه دون النبس ببنت شفة.
«هذا مريح و مطمئن!»
«نم و لا تقلق أبدا، طالما أنا هنا لن أسمح لأي شيء أن يدمّر هذه العائلة»
سرعان ما سرق النوم سيونغ وون من أون هي فوجدت نفسها تنجذب إلى وجهه ذو الوسامة الفائقة. إستكانت في مكانها متأملة إياه بولع و إنبهار كما لو كان لوحة فنية قيمة واضعة يدها تحت خدّها.
«حماك الرب من كل سوء يا بهي السحنة و بارك رجولتك و حفظ قلبك الدافئ»
لامست أون هي رموش عينيه المطبقتين بفضول إذ كانت سوداء طويلة و تمتمت:
«و تعزف كالقيثارة يا رجلا رموشه أوتارٌ ألحانا تبوء بالجمال تبوح بالحب و الهيام!»
بلّلت شفتاها و مسحت على شعره هامسة:
«تجاهلُكَ مضنٍ...يا لها من مشقّة!»
زفرت المرأة بعمق و مرغت وجهها بين كفيها متمتمة تحت أنفاسها:
«همتُ في قمر لا يريدُ سمائي و لذلك نظرتُ إلى النجوم طوال سنوات...»
دعكت جبينها مدلكة روحها القلقة ثم ألقت على وجهه الساكن نظرة و خاطبته بائحة بما يُثقل صدرها:
«لا يمكن أن تذهب تضحيتي سدى بعد هذا العمر يا عَطِرَ الأنفاس»
...يتبع
إنها نهاية الفصل الرابع أعزائي! 🙆🏻♀️
لا تخجلوا تخلولي آراءكم بخصوص الفصل و الكومنتس بين الفقرات علشان بستمتع أشوف ردات فعلكم. 🌚🤭🦋🦋🦋
ناو تعالوا شوفوا معي😌😌
🙈👇
سيونغ وون the boxer🥊😩
سيونغ وون و أون هي 😩✨🦋
Did you feel the tension too?
🦋🦋🦋
المهم...
يلا نمر للفقرة التالية، فقرة الأسئلة:
ما هو موقفكم من:
<سيونغ وون؟>
<أون هي؟>
<دارا؟>
...
تُرى ماذا قصدت أون هي بـ «التضحية» ؟
... 🍭
توقعاتكم للفصل القادم؟
🍭...
أراكم في تحديث قادم ~✨🦋
... 🍭
و يمكنكم متابعتي على كل من حسابيّ التاليين و الوحيدين على الواتباد:
دمتم في أمان الله و حفظه. 💖
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro