Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

الفصل الثالث: خبر مفاجئ!

Playlist:

。゚・ 𖥸──-ˋˏ ••• ˎˊ-──𖥸 。゚・
LAUV ft. BTS's Jimin & JK: Who?
EXO: Beautiful
Halsey: Bad at Love
BTS: I Need You
Taylor Swift: Trouble

══════════════════════════
<قراءة ممتعة>
══════════════════════════

توجد في هذه الدنيا علاقات جوهرها حب و تضحيات فأقل ما يقال عنها أنها خالدة. كان العشق نجمة، في ذلك المنزل، تتلألأ في سماء قلبيهما، و كانا كلما نظرا إلى بعضهما البعض يتجدد الحب و تشتعل النيران بينهما من جديد. و لكن الزمان يبدع أحيانا في نقش آثاره على العلاقات فلم يستثني غُرُورُهُ علاقة تشا سيونغ وون و يون دارا. لم يقدر عقله على إستيعاب كيف و متى بدأت الليالي و الأيام تمر عليهما و بينهما بصمت، و لبس الإهتمام معطف شتاء ديسمبر، و أضحت الكلمات الدافئة تتلاشى كالصدى في الجبال البعيدة و تتوارى كنور الشمس عند غروبها، فانعدم التواصل! بات يبدو كما لو أن الحب يذوب و يضمحل لولا أن قلبه وفيٌّ لا يبيع نفسه للنقصانِ.

دخل المنزل عائدا من عمله مثقل الصدرِ بعد يوم شاق. رتابة أيامه مضنية، فحتى البعد و الجفاء بينهما بات رتيبا، أما مشهد دخوله إلى المنزل فيبدو مألوفا. توقفت قدماه عن المشي عند بلوغه نهاية الممر و رفع رأسه متأمِّلا هدوء المكان و سكونه. جابت عيناه المنزل و لم يكن هناك أثر واحد يدل على وجود زوجته في أي ركن من أركان هذا المبنى الفاخر الذي تحيطه المفروشات الأنيقة و المتناسقة ذات الألوان الترابية من كل صوب و كذلك اللوحات الأوروبية من عصر النهضة، ذلك يحدث مجددا دون أدنى شك. أطرق في الأرض بإحباط ثم زفر و هو يحدق بالفراغ في غضب دفين.

«ها قد عدتَ أخيرا!»

ظهرت أون هي أمامهُ فجأة هاتفة بذلك بلهفة فأنار مُحيّاهُ بإبتسامة حنونٍ و إرتخت عضلات وجهه الوسيم على الفور. كانت في غرفتها تعبث بهاتفها شاعرة بالملل حتى تسلل صوت خطواته المألوفة إلى سمعها، فظنت أنها لربما تتخيل، و مع ذلك، قفزت من سريرها و راحت تتأكد فألفته واقفا أمامها بهالته الشامخة، تلف جسده بذلة فاخرة داكنة زرقتها، و سُرِّح شعره نحو الخلف بشكل كلاسيكي و تدلت خصلة رفيعة أمام عينه اليمنى.

«غبتَ يومين عن المنزل و كأنهما دهر! لا طعم لهذا البيتِ من دونك!»

بللت شفتاها واضعة شعرها خلف أذنها و أضافت ببسمة واسعة بهرجت ثغرها الوردي:

«مرحبا بعودتك سالما، وون!»

حدّق بها ببعض الإستغراب لِمَا كانت ترتديه من ثياب كاشفة لمفاتنها. ثوبها الحريري القصير بلون الكاكاو ذاك أكسبها مظهر الفريسة التي سيكون من دواعي سرورها تقديم نفسها للسبع الجريح من أجل إلتهامها. شعرها الأسود الطويل المنفتح على كتفيها و ظهرها كان كفيلا بتصويرها على هيئة جنية شهية من عالم خيالي. و لكن الحب إذا عمّر في قلب رجل صادق عمي عن مفاتن الدنيا و مغرياتها، فلم يكن له من نظرات السوء صوب جسدها نصيب، بل تجاهل ذلك تماما و مضى إلى إعلان إشتياقه البريء أمام خاطرها المشوش حيث لم يكن في حسبانها أنه قد يعود الليلة، و لكن هذا الرجل يفعل المستحيل لإختصار وقت بعده عن عائلته.

«ألن تحضنيني؟»

نبس بإجهاد معاتبا فإضطربت و هي تنظر إلى نفسها بوعي متأخر:

«أعتذر عن مظهري، تصرفتُ براحة بما أنك كنتَ غائبا!»

فركت أصابعها بعضها ببعض بتوتر و رسمت ملامح ساذجة محرجة على محياها و غمغمت:

«سأذهب لإرتداء شيء لائق أولا ثم سـ-...»

تحدثت بينما تهم بالسير إلى غرفتها و لكنه أمسك بساعدها و سحبها إلى حضنه باترا كلماتها:

«لا يهم، تعاليْْ وحسب»

غاص جسدها الغض النحيل في أحضانه العميقة فتعلقت يداها في الهواء خلف ظهره لتفاجئها. تنهد قرب أذنها بثقل و قال:

«كان الأمر يستحق عناء السفر إلى جيجو يومين، على الأقل! ربحتُ الصفقة، أنا سعيد!»

«هذه أخبار سارة و تستحق الإحتفال!»

ربتت على ظهره مهنئة و أردفت:

«كما هو متوقع، تشا سيونغ وون ينجز مهامه كما ينبغي و لا لقاء له مع الخسارة على طاولة واحدة! إنه وقت قياسي يا صاح!»

قهقهت مرجعة رأسها إلى الخلف لكي تلاقي عيناه ثم أرفقت بفخر:

«مبارك!»

فارق حضنها و رمقها باسما بخفوت ماسحا على رأسها و قال:

«شكرا لكِ صغيرتي!»

تأملها بشوق بينما لاتزال ذراعه معقودة حول خصرها و أضاف باسما بسمة مائلة:

«ربما نشرب نخبا لاحقا! ما رأيُكِ؟»

«هذه فكرة جيدة!»

أومأ برأسه الثقيل فقطبت حاجباها هاتفة:

«تبدو متعبا جدّا!»

همهم هازا رأسه بالإيجاب ثم نبس مؤيدا:

«ميّت تقريبا!»

«سَأُحَضِّرُ حماما ساخنا لأجلك إذن، سيساعدك ذلك على إرخاء أعصابك و الشعور بالتحسن!»

«سأكون ممتنا!»

علق ناظرا حوله كالمفتّش عن بصيص أمل داخل سرداب مظلم. و سرعان ما زمّ سيونغ وون شفتاه بامتعاض شاردا لبرهة في صمت عميق. و في المقابل، لم ترق نظرته الشاردة أون هي التي سرعان ما آستشعرت هالة مخيفة غلفته تغليفا فجأة.

«لابد أن تعود في أية لحظة...لا أظنها تتأخر أكثر من ذلك!»

تنهد بضيق متجاهلا كلامها الذي كان عبارة عن هراء واضح وضوح الشمس، ثم سأل:

«هل هوني نائم؟»

«كلا، إنه مستيقظ!»

«عظيم! سأذهب للإغتسال أولا ثم سأسرقه منكِ قليلا»

«لكَ ما تريد! سأسبقك إلى تحضير الحمام ريثما تفقدتَ مكتبك و أغراضك إذن»

أشارت إلى الحقيبة في يده و كلها يقين أنه سيدقق أوراقه و يضعها في مكانها المناسب قبل الراحة. إنها تحفظه عن ظهر قلب و هذا كان كفيلا بجعل إبتسامة عذبة تبزغ في ثغره.

«صفقة عظيمة!»

توجهت أون هي إلى غرفته تعد الحمّام لأجله و لمّا أتممت إنجاز الأمر وقفت لبرهة تتأكد أن كل شيء جميل و مريح للأعصاب.

«ممتاز، و لكن لا ضير من زيادة الرغوة قليلا بعد!»

هتفت متخذة خطوة نحو الأمام و في يدها الغسول السائل و بينما هي كذلك وضعت يدها على حافة الحوض الزلقة قصد إسناد جسدها فانزلقت يدها و إنتهى بها الأمر ساقطة داخل حوض الإستحمام.

«ماذا تفعلين داخل حوض إستحمامي؟!»

سماعها لذلك الصوتِ ينضم في مثل ذلك التوقيت الخاطئ كان بمثابة صاعقة بالنسبة إليها. مسحت أون هي وجهها بسرعة شاهقة فانقشع الضباب عن عينيها و بان جسده الرياضي الضخم متموقعا أمامها تماما، بخيلاء. كانت يداه في جيبيْ بنطاله ينظر إليها تحت رموشه من مسافة بدت بالنسبة إليها شاهقة. كانت أزرار قميصه الأبيض مفتوحة بالكامل و تتوسط عضلات صدره ربطة عنق حمراء شبه مفكوكة، في حين كان حزام بنطاله مفتوحا متدليا على مصراعيه و كذلك كان زر البنطال مفكوكا. بدا من الواضح أنه كان يهم بخلع ثيابه، أما علامات التفاجئ على محياه فدليل قاطع على ظنه أن المكان خالٍ ليتصرف براحة. إزدردت أون هي ريقها و تمتمت:

«وون!»

تقدم منها قليلا ثم توقف تاركا بينهما مسافة حافة الحوض و خطوة. أبعد بعض الرغوة التي كادت تنزلق في إتجاه عينها بإبهام يمناه و أضاف عاقدا ساعداه أمام صدره:

«ألا يفترض به أن يكون حمامي الخاص؟»

رفع حاجبه متأملا إياها ببسمة جانبية ساخرة و قال:

«أيعقل أنكِ غيرتِ الخطة و قررتِ الإستحمام معي؟!»

حملقت به بأعين متسعة ثم سرعان ما بدأت رموشها المبللة بالرفرفة بسرعة. بدت لطيفة كطفلة مشاغبة مع خدّين متورّدين، تغطي الرغوة رأسها و بعض وجهها و ما بان من جسدها في تلك البركة زكية الرائحة.

«في الواقع...كـ- كان هذا حادثا، إنزلقتُ فوقعتُ، أنا آسفة على تخريب كل شيء!»

«تستحقين عقابا إذن!»

إرتفع حاجباها بدهشة إثر قوله لذلك و إذا به يردف موجها أمامها مرش الماء و كأنه يصوب نحوها مسدسا:

«لقد أفسدتِ حمامي بسكبكِ الكثير من لطافتكِ فيه! خذي هذا»

فتح المياه فجأة فصرخت محاولة تغطية وجهها بذراعيها بينما تتعرض للمزيد من البلل.

«بحقكَ هذا صبياني جدا، توقف عن هذا سيونغ وون!»

نهضت أون هي بصعوبة وسط حرب المياه تلك بينما ضحكات سيونغ وون تطغى على المكان، حتى شعرت بتوقف المياه فجأة. ترك الرجل المرش جانبا و وضع يداه فوق كتفيها فنظرت إليه خلف رموشها المبللة ببراءة حائرة و سرعان ما سلط ضغطا على جسدها جاعلا إياها تعود للجلوس وسط المياه مجددا. لم تفهم قصده فهَمَّتْ بمغادرة الماء و النهوض مجددا فمنعها عن ذلك موضحا بتوبيخ:

«إبقيْ مكانكِ، ملابسكِ الداخلية باتت مكشوفة أيتها الرعناء!»

إرتفع حاجباها بسذاجة لوهلة محدقة بوجهه الصارم ثم عادت إليها قدرتها على الإستيعاب فمطت شفتاها و قالت باستخفاف:

«و كأني معتادة على الذهاب إلى الشاطئ بمعطف شتاء مثلا!»

«أضحى ذلك من الماضي، ودّعيه!»

«ماذا تقصد؟»

سألت أون هي بحذر فأتاها الجواب سريعا تلونه الجدية:

«الآن و قد عدتِ إلى مكانكِ الصحيح ستودعين كل الملابس عديمة النفع التي كان يون هو، زوجكِ العتيد، يسمح لكِ بارتدائها بكل فخر!»

«هذا ليس مضحكا!»

«لستُ أمزح!»

إختفت إبتسامتها و حدقت به بغضب فبان نابه إثر بسمة جانبية شريرة و قال:

«مرحبا بعودتكِ تحت جناح إستبدادي عزيزتي يون هي!»

«لن أمتثل، ما رأيكَ بهذا؟»

«جرّبيني!»

هرّبت عيناها ماطّة شفتيها بتذمر:

«لستُ موافقة، أين حرية التعبير عن الرأي في هذا المنزل؟»

«هل ستتذمرين طويلا أم نجد حلا للخراب الذي أحدثته هنا؟»

نفخت خداها متأففة بضجر إثر إلقائها نظرة على وضعها و هتفت بإحباط:

«يا إلهي! أنا مبللة بالكامل!»

نظر حولها بتفكير ثم أردف بهدوء:

«بما أنكِ مبللة بالفعل، بات الحمّام من نصيبكِ، أنتِ أولى به!»

أولاها ظهره مغادرا و هو يقول:

«يمكنكِ إرتداء هذا بعد أن تنتهي...»

أشار إلى رداء إستحمامه الأزرق المعلق إلى جانب المرآة ثم إلتفت إليها موضحا:

«تجن دارا إذا لمس أحد أغراضها، كما تعلمين!»

حطت عيناها على رداء إستحمام أختها الأبيض المعلق إلى جانب خاصته بتفهم عقب توضيحه، بيد أنها لم تشعر بالإرتياح ناحية إقتراحه البديل فهمت بالإعتراض نابسة:

«و لكن لا أستطيع أن-...»

«لا أظنكِ تمتلكين حلا أفضل! إستحمي ثم ألغي إستعماركِ لحمامي لكي أفعل بدوري!»

بعثر شعره مضيفا:

«يجدر بكِ الإسراع قبل أن أنام فأنا أريد أن أراه!»

«تـ- تراه؟!»

«لا يسعني الإنتظار لمداعبته و تقبيله، و لكن كلانا يحتاج حماما طارئا كما ترين!»

«ماذا...تقبل؟!»

«سيهون! أنسيتِ؟»

«بالتأكيد، تريد أن ترى سيهون و تقبله...بالتأكيد...!»

مطط جسده كالقط ثم أرفق يده على فمه كرجل لبق متثائبا و قال:

«سأكون في غرفتي»

«حـ- حسنا، سأستحم بسرعة إذن!»

أومأ برأسه ثم غادر مغلقا الباب خلفه. أمسكت أون هي بشعرها عندئذ ناهرة نفسها:

«اللعنة على هذا التفكير القذر! بالطبع سيكون سيهون، ماذا سيكون غيره يا عديمة الحياء؟!»

ضربت جبينها بكفها زافرة متنفسة الصعداء نابسة تحت أنفاسها:

«كاد لساني يُحْدِثُ كارثة، عليّ غسل عقلي بمياه مقدسة!»

هتفت جملتها الأخيرة و هي تسحب نفسها للغطس تحت الماء بوجه ملتهب لشدة الإحراج.

لم تطل البقاء داخل الحمام حتى إنتبه سيونغ وون للباب يُفتح. أتاه صوتها من الداخل مستأذنا بأدب:

«لقد إنتهيت، هل يمكنني الدخول؟»

«تعالي، أون هي!»

دلفت إلى الغرفة ملفوفةً في رداء إستحمامه الأزرق الصخم متذمرة:

«ما هذا سيونغ وون؟ أهذا رداء إستحمام أم خيمة؟»

كان جالسا في هدوء على طرف سريره متكئا بكوعه على سطحه يعبث بهاتفه حتى سرقت هي كامل إهتمامه من تطبيق الإنستغرام. فاح في الغرفة عطر غسول إستحمامه منها و ترنمت ضحكاته في أركانها إثر تعليقها الطريف ذاك.

«في الحقيقة، كان رداء إستحمام...قبل أن تلبسيه!»

إبتسمت قائلة:

«لقد حضّرتُ من أجلكَ حماما آخر، يُستحسن أن تدخل بسرعة!»

«شكرا على التعويض!»

أجاب بذلك ناهضا عن السرير و إقترب منها مشاكسا فقال بينما يقرب يداه منها:

«و لكن دعيني أستعيد رداء إستحمامي أولا!»

قاطعت يداها على صدرها صارخة:

«قف مكانك سيونغ وون، هذا ليس مضحكا!»

بعثر شعرها مقهقها و قال:

«تعبيرات وجهكِ مضحكة جدا!»

مطّت أونهي شفتاها بتذمر لتلفيه يتوقف ممسكا ذراعيها مستنشقا رائحتها بولع فجأة. تنهدت و سألت بتهكم:

«ما خطبكَ الآن؟»

«من الغريب شم رائحتي عليكِ!»

إرتفع حاجباها مدركة لذلك فاحمر وجهها و فرّت من أمامه بخطوات سريعة. مالت شفتا سيونغ وون ببسمة شقية و تمتم:

«ظريفة!»

حمل الرجل جثته الضخمة إلى الحمام و بعد أن أنهَى إستحمامه دلف غرفته مسترخيا و جفف شعره ثم ألقّى على جذعه العاري قميصا أسود بسرعة ناسق بنطاله الرمادي صدفةً، و لم يكترث لأمر إغلاقه كثيرا حيث كان في عجلة من أمر، و توجّه إلى غرفة أون هي متحمسا للقاء سيهون الصغير. طرق الباب الذي كان مشققا بعض الشيء هاتفا:

«هل يمكنني الدخول؟»

«أدخل، سيونغ وون، تفضل!»

لم تتأخر عن إجابته فولج إلى الداخل فإذا بها مستلقية على الفراش و إلى جانبها طفلها الذي كان يصدر أصواتا لطيفة. كانت ترتدي منامة وردية لطيفة متكونة من رداءٍ و بنطال فضفاضين و كانت قد جففت شعرها بالفعل فكانت تبدو كقطعة من حلوى الخطمي.
إقترب منهما و إنحنى ليلتقف سيهون رافعا إياه عاليا و هتف:

«كيف حال بطلي؟»

إبتسمت المرأة للطافة المشهد و أبهرتها إستجابة طفلها السريعة للرجل حيث بدأ بإصدار أصوات مستمتعة.

«إنه يبتسم حقا! هل أستطيع أكله؟»

أخفضه سيونغ وون و نهل من خدّه قبلة ثم أعاده على السرير و جلس على طرفه و بدأ بدغدغته مداعبا و قال:

«أنظروا من كبرَ و سيقام على شرفه أجمل عيد ميلاد!»

«كيف تشعر الآن؟»

رفع عيناه إليها و أجاب بانشراح:

«أفضل بكثير...خصوصا بعد رؤية طفلي المميز!»

أخفض رأسه و دفن وجهه في صدره مستشفا رائحته ثم تنهد متمتما براحة:

«هذه الرائحة كفيلة بجلب السكينة إلى القلب مهما كان مثقلا، فليحمه الرب و يباركه!»

تأملته أون هي بحنان ثم هتفت  مشاكسة:

«بدأتُ أغار!»

حوّل عيناه إلى وجهها مقطّبا حاجباه ثم أعادهما إلى الصغير قائلا بسخرية:

«هل تسمع أمك يا صاح؟ إنها تغار منك الآن!»

ضحك الصغير برقة فاتسعت إبتسامة سيونغ وون و أردف:

«حتى إبنكِ يسخر منكِ أيتها الغيور! لقد أفسدكِ الدّلال حتما و لهذا تجب إعادة برمجتكِ من جديد!»

«حقّا؟ إذن جد من يطبخ لك الغداء اليوم!»

«هل تشهد على ذلك سيهون؟ إنها تتحدّاني و تقوم بتهديدي...أخبرها أنها ليست أهلا لذلك!»

بلل شفتاه ثم واصل حديثه الطريف مع سيهون قائلا:

«ما رأيكَ بتنفيذ هجوم عليها؟»

قهقهت و قالت بدرامية:

«هل ستتحالف مع إبني ضدّي الآن؟»

وضعت ظاهر يدها على رأسها و هتفت:

«ليس من العدل العيش تحت سقف بيتٍ يحمه فكر ذكوري! أعلن ثورتي ضد النظام!»

«لا مكان للثورة ضدّي داخل أسوار بيتي! هجوم...»

ترك سيونغ وون سيهون جانبا و إنقض على الطفلة الكبيرة مدغدغا إياها دون رحمة. هو يعلم جيدا أنها تذوب حرفيا تحت رحمة دغدغاته التي لا تمزح.
ملأ صوت ضحكاتها الغرفة أثناء مصارعتها إياه و محاولتها الإفلات.

«لم تحزري بعد!»

إعتلاها لمّا كادت تلوذ بالفرار و ثبّت يداها فوق رأسها على الوسادة. أدركت الفتاة بعد عدّة محاولات عديمة الجدوى أنها خسرت أمام حركاته البسيطة كالعادة و قوة قبضتيه، و هكذا، لم ينتهي التعذيب حتى طلبت الصفح بذات النبرة الدرامية، فهتفت:

«الصفح و المغفرة سيد تشا، لن أكرر فعلتي، أنا بطاطا مهروسة تحت قدميك!»

«هذا مرضٍ إلى حد ما!»

أجابها ساخرا ثم بدأ بملاحظة وضعيتهما المخجلة فبدأت إبتسامته بالتلاشي رويدا و إيّاها.
تنحنح الرجل و ترك يديها ثم تراجع بهدوء حتى نهض عنها تماما و إعتدلت هي في جلستها فوق السرير. دلّك سيونغ وون عنقه قليلا ثم قال:

«أحتاج الصعود إلى غرفتي لكي أنال قسطا من الراحة...»

إبتسم في نهاية كلامه إبتسامة مجهدة لاقيا ردّا رقيقا من الكيان الأنثوي الناعم الواقف أمامه:

«عليكَ ذلك بالتأكيد ، تبدو مرهقا جدا!»

قابلها بإيماءة رأسية كجرو لطيف و أضاف مشيرا إلى الطفل:

«كنتُ أفكّر في أخذ سيهون معي، ألا بأس بذلك؟!»

«يمكنكَ ذلك بكل تأكيد، دعه ينام لديك ريثما أجهز الغداء!»

«ممتاز!»

أومأت فمنحها إبتسامة رقيقة و ربّت على رأسها ثم حمل سيهون و غادر إلى غرفته بهدوء.

قامت أون هي بربط سعرها على هيئة ذيل حصان متمتمة:

«هل أطبخ الباستا يا ترى؟»

توجهت إلى المطبخ بذهن حائر ثم بدأت الطّبخ بمجرد أن قرّرت.

عادت دارا من العمل بعد ساعة و نصف فالتقت أختها في المطبخ. كانت أون هي منهمكة إلى درجة أنها لم تنتبه إلى دخول أختها المنزل. توقفت دارا باسمة الثغر منهكة المُحيّا و إتكأت على طرف الباب متأملة أون هي بحنو. لازالت غير قادرة على تصديق كل ما حلّ بحياة شابّة مزهرة مثلها. تنهدت الفتاة شاكرة السماء في سرها على إستعادتها لأختها التي كانت على مشارف الهلاك. وقفت تُشبع عيناها بها بسرور حتى قررت أون هي أن تستدير فجأة لإخراج الفراولة من الثلّاجة.

«متى أتيتِ؟!»

سألت أون هي بتفاجئ فابتسمت دارا بوسع مجيبة:

«للتو»

إستغربت أون هي كونها لم تعد متأخرة على غير عادتها اليوم، بيد أن ذلك أفرحها جدّا و جعلها تطمئن قليلا. فكّرت المرأة أن سيونغ وون سيفرح حتما حال رؤيتها.

«هل أساعدكِ بشيء ما؟»

«كل شيء تحت السيطرة!»

أخرجت علبة الفراولة و إنتقت بعضها ثم شرعت بتزيين الكعكة.

«أتلك كعكة الفراولة المفضلة لدي؟»

«بلى، و لن تلمسيها إلا بعد الغداء!»

«هذا ظلم!»

«بالمناسبة، لقد عاد سيونغ وون!»

«أحقّا تقولين؟ متى عاد؟»

إرتفع حاجبا المرأة بدهشة فأجابت الأخرى بحماس:

«منذ سويعات!»

«عظيم! سأذهب إلى رؤيته!»

«حسنا، و لكن لربما تجدينه نائما فلقد بدا زوجكِ متعبا كثيرا!»

«ليست مسافةً قصيرة في نهاية المطاف. سأعود بعد قليل»

صعدت دارا إلى غرفتها فقابلها مشهد جدّ لطيف لزوجها سيونغ وون و إبن أختها سيهون الذي كان تحت جناح الأكبر بينما يغطّان في نوم عميق. كانا يبدوان مثل أبٍ و إبنه فلسيهون شعر داكن السواد كسيونغ وون. إبتسمت دارا لجمال المشهد ثم سرعان ما إنتابها الحزن و الأسف. تنهدت المرأة بثقل و مسحت بيدها على شعر قرينها بحنان هامسة:

«لا أعلم ما الذي يجعلك تحبني حتى اليوم!...ليست لديك فكرة كم يُثقل حبّك الكبير كاهلي يوما بعد يوم، حبيبي!»

إنطلقت سريعا لتغيير ثيابها ثم إنضمت إلى شقيقتها في المطبخ لمساعدتها.

«سأحس بالذنب إن لم أساعدكِ بشيء!»

«في الواقع، كل شيء جاهز تقريبا ، فقط رتّبي الطاولة إن كنتِ مُصرّة!»

رشقتها ببسمة إمتنان و مضت إلى معانقتها من الخلف بحنان و تعب و قالت:

«لا أعرف ماذا كنتُ سأفعل دونكِ أختي، أنتِ تساعدينني بالكثير منذ قدومكِ. أحبكِ، أون هي!»

قهقهت الأخرى بتحفظ ثم أجابت :

«ما خطبكِ اليوم؟»

رفعت دارا كتفيها مجيبة:

«شعرتُ أن علي إخباركِ كم أنا محظوظة بكِ!»

«أنتِ كذلك طبعا!»

وكزتها الأصغر و إلتفتت لسكب الطعام مضيفة:

«أنا في المنزل طوال اليوم و ينتابني الملل، الإهتمام بالشؤون المنزلية ليس بالأمر الجلل! لو كان الأمر يزعجني لوافقتُ على جلبكم لمدبرة منزل، و لكنني لا أرى حاجة لها سوى نهاية الأسبوع كما تعلمين»

«تعلمين أنني ممتنة؟»

ضحكت أون هي بلطف ملتفتة نحوها و قامت باحتضانها بحنان فشعرت الأكبر بالراحة و كأن هموم الدنيا أُزيحتْ عن كتفيها. إستطردت أون هي في حين أغمضت دارا عيناها مصغية إلى كلام أختها:

«بل أنا الممتنة هنا، كنتُ لأضيع أنا وطفلي من دونكِ أنتِ و سيونغ وون...كانت لتقتلني الحسرة و الوحدة»

«لم أكن أعلم أنني بحاجة ماسّة إلى هذا الحضن!»

ربّتت أون هي على ظهر أختها و أجابت:

«تعاليْ في أي وقت!»

«هل من مجال لشخص إضافي بين هذه الأحضان الساخنة؟»

إلتفتت المرأتان في ٱن واحد تشهدان جمال ذلك الرجل الأربعيني إثر نهوضه من النوم بطوله الشاهق و قده الممشوق و عضلاته البارزة من خلال قميصه الأسود، الذي كان نصف مزرّر، و شعره الجذّاب المبعثر.

ضحكت زوجته التي سارعت إلى إحتضانه بصوت عال في حين أشاحت الأخرى وجههت ضاحكة ضحكات خافتة بتحفظ و حياء.

حدّق سيونغ وون بوجه زوجته بشكل مخيف فاضطربت، بيد أنه مضى إلى إقتناص قبلة خفيفة من شفتيها فضربته على صدره بتفاجئ بمجرد إنفصال فاهيهما و عضت على شفتيها تنذره بنظراتها إلى وجود شخص ثالث، و لكنّ فكّه مال ببسمة واثقة بينما يلقي القبض على ذقنها بغضب دفين و أجهز على شفتيها بقبلة أعمق ثم أفلتها مبتسما برضًا. فهمت دارا عندئذ أنه حانق جدّا فكسى الحزن قلبها. مضى الرجل نحو أون هي متجاهلا زوجته مشوشة الذهن و صاح بصبيانية:

«أنـا جــائـــع يا كبير الطّهاة!»

إسترق النظر إلى ما تطبخه مضيفا:

«أصغي إلى صراخ بطني و رفقا بي!»

«صبرا! سيجهز الطعام بعد قليل!»

«هذا يبدو لذيذا و كأن الطاولة صُمّمت على مقاس بطني!»

ضحكت الصغرى على طرافة الرجل و إذا به يضيف:

«سأتأكد من مكافأتكِ لاحقا!»

لمعت عيناها و ضمّت يداها إلى صدرها بحماس هاتفة:

«هل أحضرتَ هديّة من أجلي؟»

غمز لها و قال:

«من الجنون أن أنساكِ يا صغيرة!»

أدار وجهه نحو دارا التي عقدت يداها عند صدرها ماطة شفتاها بتذمّرٍ و رفع حاجبه مضيفا:

«لمْ أنسَ إحضار واحدة لمن نساني فكيف أنسى من يهتم لأمري و لا ينساني؟»

«هل تريد جعلي أندم على العودة باكرا إلى المنزل، سيونغ وون؟»

علّقت دارا باستياء فأجابها سيونغ وون على الفور بنبرة صارمة:

«هيا عودي من حيثُ أتيتِ إذا كنتِ نادمةً!»

حدجتهما أون هي بنظرات قاتلة ناهرة كلاهما:

«توقّفا عن ذلك، تبدوان كمراهقيْن!»

إلتقت عينا سيونغ وون و دارا فعلقا في تواصل بصري عنوانه لوم و أسف. أطرقت دارا في الأرض و تنهد الرجل متغاضيا عن ضيق صدرهِ و قال:

«دعاني أساعدكما بوضع الأطباق الجاهزة على الطاولة»

جلس الجميع إلى الطاولة بعد قليل مستمتعين بما أعدّت أون هي.

رفعت دارا بصرها متفحصة الأجواء بينما كان زوجها الجالس مقابلا لها و أختها التي تجلس إلى جانبه منهمكيْن في الأكل. الهدوء يُخيّم على المكان بشكل مطمئن. أخفضت رأسها مقتطعة من سمكتها القليل ثم وجهت شوكتها إلى فمها ماضغة إياها ببطئ في حين كان بالها شاردا. رفعت عيناها نحوهما مجدّدا فأخبرتها نظرة فاحصة أنهما يشارفان على الإنتهاء من تناول الطعام. قررت دارا آنذاك مقاطعة ذلك الهدوء أخيرا و الإعلان عمّا يشغل بالها. تركت المرأة شوكتها و سكّينها جانبًا ثم أجلت صوتها و بادرت تقول:

«بما أن الجميع هنا، لدي ما أعلمكما به»

تركزت أنظارُ زوجها و شقيقتها عليها فآثرت أون هي الصمت لإحساس سيّئ ساورها و فضّلت المتابعة بإهتمام بينما ٱثر سيونغ وون السؤال بفضول:

«ماذا هناك، دارا؟»

أمسكت بيده على الطاولة و إبتسمت بخفة ناظرة إليه ببعض القلق خشية أن ينزعج ثم أفصحت:

«حسنا أنـا...علي أن أسافر إلى كندا بحلول الغد!»

«ماذا؟»

صاح باستياء ساحبا يده من يدها و حدّق بوجهها بحنق ثم أضاف بنبرته الغاضبة نفسها:

«أيضا؟...ألم تكتفي؟»

«سيونغ وون!»

نظرت إليه برجاء فعقد يداه لائما بصرامة:

«و لكن ألا ينتهي عملكِ؟ ألا تنتهي سفراتكِ؟»

صرّ على أسنانه و قال:

«دارا، نحن نلتقي بالكاد في المنزل، أتدركين هذا؟»

أصدر الرجل صوتا ساخرا و مالت شفتاه ببسمة مخيفة و وجّه سبّابته نحوها باتّهام:

«بات الأمر واضحا الآن! أنتِ لم تعودي إلى المنزل باكرا لأنكِ إشتقتِ إلينا بل لكي تحزمي حقائبكِ في أسرع وقت ممكن و لكنكِ لم تتوقعي عودتي باكرا أيضا، و مواجهتي!»

«لستَ ملاك الموت لأخاف منك، ثم لستُ أفعل شيئا خاطئا. لمَ تحاسبني في حين أنكَ كنت مسافرا لذات السبب!»

«هل ستقيمين مناحة و تتهمينني بالظلم الآن؟ أجل، لقد كنتُ في رحلة عمل و حالما إنتهيتُ ركضتُ إلى بيتي و عائلتي و لو كنتُ قادرا لأرسلتُ شخصا ينوبني كما أفعل غالبا، تعلمين جيدا أنّي أتعمّد تفادي السفر معظم الوقت تفضيلا لرفقتكم، و لكن أين أنتِ بحق الجحيم؟!»

ضرب سيونغ وون الطاولة بقبضته فاهتزت الأواني المرصّفة فوقها كما اهتزّ بدن الأختين و صاح بزوجته:

«و ماذا عن حفلة عيد ميلاد سيهون؟ لا يهمّكِ أن تحضريها، أليس كذلك؟»

«حفل! أي حفل؟ لماذا أكون آخر من يعلم بما يحدث في هذا المنزل؟!»

إستفزّ كلام دارا سيونغ وون فتمالك أعصابه بأعجوبة و صرّح بصدمة:

«لو كنتِ صديقي للكمتكِ، دارا!»

عضّ شفته لوهلة بعدم تصديق و نبس بضيق:

«ياللوقاحة!»

«و لكن...هل ما سمعته أذناي الآن صحيح؟!»

«أرجوكما لا تفعلا هذا!»

حاولت أون هي التدخل بحذر لتهديء الوضع فصاحت بها دارا:

«و لكن ألا تسمعين ما يقوله؟»

صمت سيونغ وون قليلا ثم نفخ خدّاه بنفاد صبر و أعلن بنبرة جليدية:

«لستُ موافقا، ليس هناك ذهاب إلى أي مكان!»

وقف ثائرا ملقيا المنديل على الطاولة بعنف و تراجع بنية المغادرة لولا تدخل أون هي التي أمسكت بيده تستوقفه مهدئة:

«إهدأ أرجوك، لنصغي إلى ما تريد قوله، سيونغ وون!»

نهضت دارا عن كرسيها رامقة إيّاهُ بكبرياء قائلة:

«دعيه أون هي، لقد زاد غرورُه و تجبّرهُ عن الحدود و بات متطلبا جدا، هذا مزعج...!»

بلّلت شفتاها و أضافت بتحدٍّ:

«هو يتكلم كما لو أنه لم يكن مشغولا يوما!
في الواقع، ليس لديّ ما أقوله له أكثر من ذلك.
العمل هو العمل و عليه إحترام مسؤولياتي!»

أشاحت وجهها المنزعج فحدق بها بنظرات قاتلة لم ترضَ نظراتها المتجاهلة لقاءها، فشدّ على قبضته بقوة جنونية و لم يخفَ ذلك عن عينيْ أون هي القلقة التي تدرك أن هذا النقاش لا يتّخذ مسارا جيدا، و هذا يجعلها تخشى تأزّم الأمور أكثر. فكّرت الصغرى في إيجاد حلّ لفضّ هذا النزاع سريعا فساورتها فكرة للإنفراد بدارا. ربّتت على كتف سيونغ وون ثم قالت:

«سـ-سيونغ وون، أظن أن هوني يبكي! إذهب لتفقّده أرجوك»

رمقها بعدم إستيعاب فلا أثر لأي بكاء-كما تدّعي- فوكزته خفية و رمقته بنظرات فهم مقصدها الذي يقول بضرورة إنصرافه و هدوئه الٱن!

إنها الوحيدة التي تفهمه، خصوصا في الٱونة الأخيرة، إنها وحدها من تنقذ الموقف بينهما و هي الوحيدة التي لا ينبغي الغضب منها أو الصراخ في وجهها أيضا.
تنفس بعنف ثم ترك القاعة بخطى سريعة حاملا معه هالته السوداء المتقدة بعيدا.

أصدرت دارا صوتا تعبيرا عن عدم إكتراثها فاستقطبت أون هي إهتمامها بإمساكها لذراعها بلطف قائلة:

«دارا ما هذا الٱن؟»

قطّبت المرأة حاجباها و واصلت:

«لمَ تغيّرتِ بهذا الشكل أختي؟ إلى أين ذهب حبّكِ لسيونغ وون؟ أين إختفى حرصكِ و اهتمامكِ؟»

نهرتها الأصغر في سوء فقلبت الأخرى عيناها و عمدت إلى جمع الأطباق عن الطاولة نابسة:

«لا تكترثي له، يقول ذلك لأنه غاضب فقط، سيهدأ لاحقا، يكفي دفاعا عنه إنه ليس طفلا»

«يالكِ من غبية، دارا!»

حدجت أون هي دارا بنظراتٍ حادة قبل أن تهم بترك الجلسة هي الأخرى.

«ليس أنتِ أيضا أون هي!»

هتفت دارا بغضب مستوقفة أختها و أضافت تاركة الأطباق من يديها:

«هل ستنتصرين له؟»

عادت أون هي إلى مواجهتها موضحة:

«أنتِ لا تفهمين! زوجكِ بحاجتكِ...و أنتِ تقولين له بأنّكِ ستسافرين بكل بساطة؟
من أين أتى أمر السفر اللعين هذا الٱن؟»

«ها أنتِ ذي تدافعين عنه مجددا!»

نبست المرأة تحت أنفاسها ثم رفعت كتفاها و أردفت موضحة بثقة:

«أون هي، هذه هي طبيعة عملي، ماذا أفعل؟ ما الغريب في الأمر؟ لقد سبق و سافرت عدة مرّات بالفعل، لستُ ألهو و هو ليس صغيرا. ألا ترين كم أتعبُ؟
لا أفهم لمَ أنتما غاضبان الٱن؟»

«و هنا تكمن المشكلة أيتها الحمقاء، أنتِ تغيبين كثيرا و لا تبالين به بعد الآن! أنا...لست أدافع عنه بل إنني أنتصر للحق أختي!»

بللت أون هي شفتاها و واصلت كلامها بانفعال:

«العمل مهم، هذا صحيح، و لكن العائلة أهمّ بكثير!»

صمتت أون هي لوهلة مطرقة في الأرض متسائلة في نفسها ما إذا كانت تفعل الصواب و لكنها أغمضت عيناها و قررت المضي في قول ما بخاطرها في وجه أختها. كوّرت قبضتها و نظرت في عينيها بتوبيخ قائلة:

«أنتِ لا ترينه كيف يعود بائسا حين لا يجدكِ في المنزل كل يوم...و كيف عساكِ ترينه و أنتِ لا تعودين إلا متأخرة؟ خبر سفركِ هذا لا يجعل الأمور إلا أسوأ. تمنّيتُ لو أنّكِ قلتِ بأنكِ حضّرتِ مفاجأة له و أنك ستسافرين و إياه لتمضية بعض الوقت معا عوضا عن ذلك!»

«تتحدّثين و كأنني ألهو مع الرجال في الخارج و لستُ أعمل! كيف أجعلكما تفهمان أن تلك مسؤولية كبيرة؟ ماذا أفعل من أجله حتى يضحي سعيدا و يرضى؟ هل أعمل مهرّجا لأجله كدوام ليلى؟»

رفعت دارا صوتها بغضب فَـعَلاَ صوت أون هي أكثر دون أن تعي ذلك و قالت:

«إذن سيطري على هذا العمل اللعين و إنتبهي لزوجكِ قليلا يا أختي، عائلتكِ تنهار!»

«هل علي الإنتباه إلى كل شيء في هذا البيت؟ ألا يستطيع الإنتباه إلى نفسه على الأقل؟»

«لمَ لا تفهمين من تلقاء نفسكِ؟ أتريدين جعلي أنطق بذلك في وجهكِ؟»

«أصغي، مشكلة سيونغ وون هي أنه يريد الإستحواذ على إهتمام الجميع و السيطرة على تحركاتي، حتى لو كانت بعوضة تمر من أمامه بسلام هو لن يرضَ تركها و شأنها و سيقرر أن يتحكّم بها»

«أعترف أن طبع سيونغ وون صعب و هو صارم جدّا، و لكنّه ليس شيطانا ظالما كما تريدين تصويره، ألا يخطر لكِ كم زوجكِ وحيد؟»

أصدرت دارا ضحكة ساخرة و علّقت:

«إذا كان الأمر كما تقولين، هناك سيهون ليمرح معه طوال الوقت ثم هناك أنتِ أيضا، لا أستطيع أن أكون ربّة بيت مثالية و أنا أحمل على عاتقي إرث أبي! ألا يكفيه كونكِ إلى جانبه طوال الوقت على الأقل؟ هو ليس وحيدا كما تدّعين و لكنّه جشع وحسب!»

«أنتِ مهملة إلى أقصى الحدود و هذا يثير جنوني فما بالك به!»

رفعت دارا حاجبها سائلة بحنق:

«ما الذي تحاولين قوله؟»

«لربما أكون غير مشغولة مثلكِ و لهذا هو يجد شخصا ليتواصل معه فلا يكتئب، و لكنني لستُ بزوجته، لستُ من ستفتح قدميها لأجله، يون دارا!»

زفرت يون هي ثم سألت بلوم:

«ألا تحبّين سيونغ وون بعد الآن، أختي؟»

إلتزمت دارا الصّمت دهشةً مما سمعت و سرعان ما تجعّد جبينها و إحتدّ كل من صوتها و نظراتها. قالت:

«حبذا لو تراقبين ألفاظكِ، يون أون هي!...لم يطلب منكِ أحد التدخل!...ما الذي تعرفينه حتى أيتها الغبية؟»

«قد لا أعرف التفاصيل، و لكن الأمر واضح وضوح الشمس! لا ضير في فتحِ قدميكِ أمامه من حين إلى آخر و إلا لا تبكي لاحقا إن لجأ إلى إستبدالكِ بأخرى بحثا عن حبٍّ و طفل!»

ضربت أون هي كفّها على الطّاولة صارخة بذلك فتلقت صفعة فورية على وجنتها من أختها الكبرى. إستدارت لتمضي و يدها على خدها فوجدته واقفا أمامها فإرتبكت، تبينت المرأة أنه قد سمع كل شيء قالته بالفعل، أو آخره على الأقل، من خلال وجهه الحازم. دعكت أون هي رقبتها بإحراج و إحمرّ وجهها فسارعت إلى إخفاض بصرها إلى الأرض حياءً متمتمة:

«سيونغ وون، أنتَ هنا؟!»

كادت تخونها قدماها في حين لزم هو الصمت و مرّر عيناه بهدوء بين المرأتين اللتين كانتا تتنفسان بثقل.
صاحت دارا فجأة كاسرة ذلك الصمت ملوحة بيديها في الفضاء بعدم رضا قائلة بسخرية:

«رائع! الٱن، أختي أيضا صارت تقف ضدي!»

قالت جملتها تلك بإنفعال ثم مشت بقوة تكاد تحفّر الأرض بكعبها العالي حتى إختفت من المكان تماما، و أطلّت من جديد من الطابق الثاني بعد لحظات ترمي فوق رأسه وسادته و لحافه صارخة:

«إبحث عن مكان ٱخر تنام فيه الليلة، و بالنسبة إلى السفر، لن أتراجع عن قراري و سأسافر غدا و ليكن في علمكما أنّي سأغيب شهرا، و لتفعل ما تشاء لقد سئمت!»

رفعت حاجبها مضيفة من بين أسنانها:

«تصبحان على خير»

دخلت الغرفة صافعة الباب خلفها صفعة قوية ترنّم صداها في أركان المنزل. مرّرت أون هي بصرها بينه و بين الباب المغلق بإرتباك غير دارية ماذا تقول و حافظت على وضع يدها على فمها في صدمة.

همّ سيونغ وون بالخطو لحاقا بزوجته و هو يضمر الشر و قد كان الغضب يلوّن كامل وجهه فلم تتأخر أون هي عن القفز أمامه محتضنة إياه بخوف و هي تردد كمن يهذي:

«كلا، سيونغ وون، كلا، أرجوك إهدأ و لا تتهور!»

أخفض بصره نحو تلك الكتلة الصغيرة الدافئة التي تلف ذراعيها حول ظهره بكل قوة و كأنها تضع حياتها على المحك بالوقوف في وجه غضبه. حدق بها لبعض الوقت دون ذرف حرف حانقا ثم أغمض عيناه و تنهد بإستسلام كما لو كانت إسفنجة و إمتصت كامل غضبه. فكّت ذراعاها عن ظهره و إبتعدت تلقائيا بحذر. أزال هو الغطاء عن كتفه و لفه حول ذراعه و حمل وسادته عن الأرض ثم قال بهدوء:

«طابت ليلتكِ»

رمقها بنظرة عميقة غريبة ثم مضى في حال سبيله، دون إضافة حرف، تحت سقف نظراتها.
وقفت أون هي في مكانها لبعض الوقت مراقبة باب غرفة الجلوس، الذي عبره للتّو،  بقلق و حزن. تنهدت المرأة بأسى و أسف على حالة هذا الزواج الذي دشّنه حب كبير ، أفيكون بهذا الحال؟!

«مؤسف!»

تمتمت بحسرة و بحثت في دماغها فلم تجد ما تفعله أكثر من ذلك للمساعدة. دارا لا تستمع إليها ولا هما يستمعان إلى بعضهما البعض. حملت المرأة جثتها المنهكة و سارت إلى غرفتها ترى شؤونها و شؤون إبنها الذي نقله سيونغ وون سابقا إلى سريره، في غرفتها.

في غرفة الجلوس، كان سيونغ وون مستلقيا على الأريكة مثقل الصدر مشغول البال و قد عجز النوم عن تكحيل عينيه. هو غاضب جدّا و لكن حبّه لزوجته و وفاءه لعلاقتهما كانا أكبر من أن يستسلم و يسمح لكل شيء بالإنهيار في لحظة.
إنتصب الرجل من مجلسه كالسهم و قد قرّ عزمه على إيجاد حل نهائي لكل ما يحدث من فوضى في حياته الزوجية مؤخرا.
سار سيونغ وون نحو غرفة نومه و دخل بحزم فانتفضت دارا على السرير خشية ألا تكون نواياه سليمة بعد كل ما قالته في وجهه.

«ماذا تفعل هنا؟ ألم نتّفق على أنّك ستنام في غرفة الجلوس الليلة؟»

عقد سيونغ وون ذراعاه عند صدره و إستطرد:

«نحن لم نتّفق على شيء بعدُ، دارا...مؤخرا، أنتِ من يقرّرُ كلّ شيء بمفردكِ في حين كنتُ أشاهد بصمتٍ و أنتظر متى تعودين إلى صوابكِ!»

«هل أتيتَ لتواصل الشجار؟»

«لستُ مراهقا طائشا لآتيكِ بغاية الشجار في هذا الليل، عمري خمسة و أربعون سنة بالفعل و في هذا السنّ أنا رجل يعلم ما يريدهُ فعلا، على عكسكِ تماما! و لهذا، أريد الليلة أن أعرف ماذا تريدين بالضّبط دارا!»

«أريد أن أنام، هلاّ خرجت؟»

«إذا كنتُ أصبرُ عليكِ فهذا حبّا بكِ، و لكن هذا لا يعني أن تستغلّي حبّي و تتلاعبي بأعصابي، لا أسمح لكِ، يون دارا!
إستقيمي و تحدثي معي كما يجب»

«هكذا إذن؟ أنت لن تخرج على ما يبدو!...حسنا، إبقَ في الغرفة و سأبيتُ أنا في غرفة الجلوس!»

نهضت دارا عن السّرير نافضة الغبار عن منامتها الطويلة سوداء اللون و همّت بتجاوزه إلى الباب و لكن سيونغ وون سبقها إلى إغلاقه بالمفتاح و أمسك بمعصمها هاتفا بجدية:

«كلا، لن تهربي...علينا فضّ هذا الموضوع الليلة، دارا. لقد مللت!»

...يتبع

و بهذا، نكون قد وصلنا إلى نهاية الفصل الثالث.
أتمنى أنه قد نال إعجابكم...

⠈⠂⠄⠄⠂⠁⠁⠂⠄⠄⠂⠁⠁⠂⠄⠄⠂⠁

صورة توضيحية لما كانت ترتديه أون هي عند عودة سيونغ وون.

بعد الحمّام غير المتوقّع💁🏼‍♀️

سيونغ وون العائد من السفر ببذلته الأنيقة😩

سيونغ وون و سيهون 🥺

نمر الآن إلى الفقرة التالية:

ما رأيكم بــمواقف كل من:

°سيونغ وون؟

°أون هي؟

°دارا؟

أكثر شيء أعجبكم في هذا الفصل؟
ما هي توقعاتكم للقادم؟
هل ستسافر دارا حقا أم أن سيونغ وون سيستطيع إيجاد حل لإنقاذ زواجه هذه المرة؟
ماذا سيحدث في حفلة عيد الميلاد و هل ستحضر دارا؟
ترقبوا ظهور شخصيات جديدة!
حرق: عنوان الفصل القادم هو < ثائر> 🤭
❉ ╤╤╤╤ ✿ ╤╤╤╤ ❉

شكرا لحبكم المستمر و كل عام و أنتم بخير.
أراكم في تحديث قادم.
(。・ω・。)つ━☆・*。

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro