
الفصل| 22
الحيَاة تمتحِن الوَطن بأهلِه، لطالَما دسَّت في أحشائِه الحُثالَة ليفسدوا فيه دونَ الحاجَة إلى حربٍ صريحَة، أعظَم سقطاته ونكساتِه مِن تدبير خلايا سقيمَة تقطُنه، تحرَّفت سماتها، وتحوَّلت بمُرور الزَّمن إلى سرطانات خبيثَة، تُضمِر له الرَّدى، لكنَّها لم تمنَحه الحقَّ ليتبرَّأ مِنهم، ولا الحقَّ لينتزِع جنسيَّاتهم مهما انحطُّوا، وحطُّوا مِن قيمَته أمامَ أندادِه. ربَّما لا تولَد الثَّوراتُ مِن رحِم الحبّ، بل مِن رحِم التملُّك، فالتملُّك غريزةٌ فينا، أقوى مِن الحبّ ومسمَّياتِه، أصدقُ مِن فلسفتِه المُلفَّقة، وإلَّا لما تناحَرنا بوحشيَّة كالدَّواب في الغاب!
لقد كانت عِلَّتي جُزءًا مِنِّي، شلوًا اعتادَ على تنقيةِ هوائِي مِن كُروبِ الدُّنيا، ما ظننتُ يومًا أنَّها ستسودُّ وتبثُّ الألَم فيَّ باسمِ الحُريَّة، أنا الوَطنُ الَّذي تستبيحُ الابتِعادَ عنه، كُلَّما ضاقَ بها، وهِي الوطنُ الَّذي ثُرت مِن أجلِه، غير راغبٍ في خسارتِه، ربَّما لأنّي متملِّك، وربّما لأنِّي لا أمتلِك مكانًا غيرَه للعيش فيه. لو أنَّها تُحبُّني كما لطالَما أخبرَتني، لضحَّت بالقليلِ مِن خِصالِها في سبيلي، أتساءَل ما إذا كُنت أكلِّف الكثير؟
وهل يشعُر الوَطن بالإطراء كُلَّما راوَده الغُزاة عن كيانِه، كما شعرتُ وتِلك المرأة واقفة عند حُدودي، مُشهرةً بوجهي حُبًّا قاطِعًا؟
أخذتُ إجازةً مِن العَمل، عُمرها شهر، وآثرت ترميم ما رضَّه فشلي الأخير مِنِّي في خلوة، دون أن يعلَم أحدٌ عمَّا أصابَني، حتَّى أنا؛ أنا شخصٌ كتوم، بيني وبينِي ألف ميل، لن تبدأَه خُطوة، أحيانًا لا أشبِهُني، وما كففت عن تقديم شكاويَّ إليّ، إلَّا لأنَّ مشاكِلي العُظمى معي، بتُّ جاهِلًا عن مشاعِري ومُعاناتي. ربَّما احتَجت إلى ذلِك الوقت لأتواصَل مع نفسي، وأُصالحها، قبل أن أفكِّر في تنظيم حَياتِي مِن جديد، سئِمت الفَراغ المستحكمَ بمملَكتي، حجارةُ الهمِّ ثقيلَة، لا يُمكنني إماطتُها عنّ صدري بمُفرَدي وأنا بهذا الضّعف.
مُنذ أن نسفت الحياة كمالِي، وأذِنت لي بالبقَاء على قيدِها شظايا، لا أحَد يستطيع لملمتِها كُلّها، ولحمِها كالأزل، شيَّدتُ فوق ضريحي حضارةً زاهرة، لم أتأمَّل أن يكتشِف أحدُهم زيفَ الشَّخص الَّذي يسكُنني، وينبش ظلامي عن أنا الحقيقيّ، ربَّما هو محبوس في أعماقي، لم أتوقَّع أن يُكافِح أحدٌ للوصولِ إليّ، هِي المرأةُ الوحيدَة الَّتي خاضَت في سبيلي حربًا خاسِرة، إذ علِمت يومَ برَحت قصرَ كبريائِها أنِّي سأُبرِحها رفضًا، لأنَّها لا تنمِي إليّ، بل تُعدُّ دخيلَة فيّ، الآن وقد تحطَّم مفهومُ الانتِماءِ بنظري، غيَّرتُ طِرازِي العتيقَ في التَّفكير، واعتَنقتُ الخطيئة.
ميَّزتُها بفضلِ مظهرِها الرثّ، كأنَّ الأناقَة محذوفةٌ مِن مُعجمِها الأنثويّ، وربَّما رصيدُها غيرُ كاف لإجرائِها، ولأنَّها المرأة الوحيدَة الَّتي قد تتبعني أينَما ذهبت مهما ابتَعدت، إن اختفيتُ عن أنظارِها. عاهَدتُ نفسي أن أمنَحها الفرصَة، لو لحِقت بي للمرَّة الثَّالِثَة، ومنعتني مِن الرَّحيل. ترقَّبت بصبر أن تربِط كفَّها الثَّقيلَة بكفِّي، وترجِّح الكفَّة الَّتي وضعتُ عليها القُبول، إلى أن صبوت قمَّة التلَّ، حيثُ يقبَعُ منزِلي. ظننتُ أنَّها أصغَت لكبريائِها أخيرًا، كما سيفعلُ أيُّ أحدٍ مكانها، لا يحقُّ لي لومها، أو التَّشكيك في صِدق مشاعِرها؛ لستُ شخصًا تحيى فيه باقاتُ الحبّ حتَّى الأبد، بل مزهريَّة ما تلبِث الورود وأن تذبل فيها.
جاءَت إليّ، وبذَلت فيَّ كُلّ ما بجُعبتِها مِن إصرار، جعلتني حائِرًا بينَ مبادِئي، وعهدي لها؛ رجلٌ مِثلي ذو جرحٍ حديث، سببُه طعنة خيبَة مِن سيفِ الحبّ، يستَحيل أن يُصادقه ثانيةً، ما دام مجرَّد كلامٍ فارغ، كالوهم، لا يُلمَس ولا يُرى، لكِنِّي تبنَّيت مشاعِرها، دون أن أنفِق مزيدًا مِن الوقت على التردُّد، لم أكُ بحاجةٍ إلى دليلٍ ملموس مِنها، لأؤمِن بِها، قضيت حياتِي كُلَّها مُنساقًا خلفَ عصا المَبادئ، لطالَما كانت جميعُ خطواتِي مدروسَة، لم يسبق وأن أقدمت على مُغامرةٍ ما جزافًا، خلت أنِّي بذلِك لن أتعثَّر يومًا، وها أنا ذا مكسور!
لا أستطيع رؤيتُها، غير أنِّي رأيتُ كلِماتِها المُرتبِكة وصمتها الرَّاجي، اقتفيتُ آثارَها إلى ثغرها؛ الجزيرةُ الضَّائِعَة وسَط مُحيطِها، وفوقَ شريطِها السَّاحِليّ المُتلألِئ، تعطَّلت محرِّكاتي، وسقطَت بجموح، انتَظرت الإغاثَة مِن نفسي، لكنَّها بخلَت عليَّ بِها. لم أعُد أثِق بالحبّ، ولا أظنُّ أنِّي قد أستضيفُه بفُؤادِي في يومٍ مِن الأيَّام؛ هُو عابر سبيل أدخلتُه دِياري سلفًا، فانقَلب عليّ، ما يسوِّل لي منحها تأشيرَة السَّفر إليّ، ذِكرى زِيارتها الأولى، إذ أوقَعت بينَ أركانِي الكثيرَ مِن تفاصيلِها، تفاصيلٌ لا تُشبِه سواها، ودِفئ عشَّش فيَّ لأمد.
كنت أرتشِف مِن شِفاهها المُعتَّقَة، بينَما أنصِت إلى الملحَمة العاطِفيَّة الَّتي ألَّفتها حواسُها؛ ملحمةٌ فريدَة مِن نوعِها، ما اختَلفَ مذاقُها عن السَّابِق، حينَما ظننتها زوجتي، لأنَّها مَن حلَّت تِلك اللَّيلَة. أردتُ أن أستنزِف كامِل مخزونها وأسكر، أن أترنَّح وإيَّاها على السَّرير، لولا أنَّ عينايَ دعتاني إلى الانسِحاب، حتَّى يُتاحَ لهُما تأمُّلها.
ما الَّذي يجذبُها إلى رجلٍ كالغُروب، رجلٌ تمكَّن مِنه الظَّلام؟ أهِي ذلِك الصّنف الشاعريّ مِن النِّاس، والَّذي يُؤمِن أنَّ النِّهايَة ليسَت إلَّا بدايةً جديدَة؟ لماذا تُثني عليَّ دقَّاتُ قلبِها، وتُخلِّدُني ذاكِرتها رغمَ أنِّي مُتهالِك، كأنَّها رسَّام يرى الجمال في الألم، الذُّبول، وأوراقَ الخريفِ اليابِسَة؟
«لماذا قد أقبل بحبِّك لي؟ لا يُمكِنني رؤيةُ شكلك، هل أنتِ جميلة حتَّى؟»
قالت بغُرور صبيانيّ:
«ولديّ غمّازَة أيضًا.»
بصعوبةٍ أنقَذت ثغري مِن ابتِسامةٍ همَّت بالسَّطو عليه، لكنِّي ما اقتَدرتُ أن أتغاضى عن ملمَس ثيابِها الرَّطب أكثَر مِن ذلِك.
«هل تشعرين بالبرد؟»
كانَ سُؤالًا تافِهًا، بعدَ ما حدَث بيننا للتوّ، أستبعِد أنَّ البرد الَّذي تُرسله ملابِسها المبلولة إلى مسامِها قادرٌ على قهرِ حرارةِ جسدِها.
«اتبعيني.»
أوصدت الباب خلفَها، واصطَحبتُها إلى الطَّابِق الأوَّل، حيثُ تقع غُرفَتي، سارَت خلفي على بُعدِ خطوةٍ ضيِّقة، تمامًا كالخُطوةَ الَّتي تفصلُنا عن بعضِنا الآن، بعد أن قطعنا أميالًا محظورة، ربَّما تجهلُ أنِّي لا أمتلِك أيَّة نيَّة في التَّراجع عن تلبية دعوتِها، لقد أعلنت القُبول بقُبلة، وأنا رجلٌ حازِم، لا أصادِق على قرارٍ إلَّا لو صدَّقتُه.
أنرتُ المِصباحَ الكهربائيّ، فاكتست الجُدرانُ ألوانَها الشَّاحِبة، كالشمبانيا، واتَّضحت معالِم الغُرفَة؛ الزَّاخِرة بالأثاث، على اليمينِ سريرِي الرَّحب، الَّذي يلتحِف غطاءً بلون الذُّبول، قُبالته صوان خشبيّ عريض، بداخلِه الكثيرُ مِن الأغراض، والخُردَة، على قمَّته يتربَّع التِّلفاز المحدَّب، ذو الشَّاشَة السَّوداء، ترقاه رفوفٌ حائطيَّة، صنَّفت عليها كُتبي المُفضَّلة.
أحيانًا أتمنَّى لو أعثُر على مِكبسٍ لو ضغطتُه، عادَت جميعُ الوجوهِ حولي إلى سابقِ عهدِها، حاليًّا لا أختلِف كثيرًا عن فاقدٍ للبَصر، رغمَ حِنكتي في التَّكتيكات الحربيَّة، تعرَّضتُ للخِداع بيُسر، ورغمَ أنِّي قادرٌ على التّحليقِ بطائرةٍ عظيمَة بعيدًا عن الأرض، أعجزُ عن زحزحَة مُهجَتي مِن الحضيض، ورفعِها إلى عنان الأمل، كأنَّ سمائي الرَّسميَّة هي الفَراغ!
انعطفتُ نحوَ الخِزانَة المصفوفَة إلى حائِط الباب، فرَّقت بينَ مِصراعيّها، وطالَعتُ الثِّيابَ الّتي تقطُنها بإمعان، بعدَ أن نفيتُ جميعَ ممتلكات سومين خارِجَها إلى جحيمٍ أشعلتُه في الباحَة الخلفيَّة للمنزِل، لم يتبقَّ فيها سِوى إرثي. اخترتُ لها كنزةً صوفيَّ واسعةً، قادِرةً على تغطيةِ مساحةٍ كافيةٍ مِن ساقيها، خلعتُها عن المِعلقَة ومددتُها نحوَها. أدركت مُنذ النَّظرةِ الأولى أنَّها رجاليّة، وبينَما هِي تأخذُها مِن يدي، سألت بغباء:
«أهذه لك؟»
أومأتُ بصمت، وشغلتُني عنها بإغلاقِ الخِزانَة. بدَت راغبةً في اختِلاقِ الأحاديث معِي، لكنَّ التَّوتُّر يدفعُها باستِمرار إلى التفوُّه بالهُراء!
«ظننت أنَّك تحتفِظ بملابِس سومين في خزانتِك، لقد منحتني أحدَ فساتينها بالمرَّة الفائِتة.»
برمتُ ساعِديَّ معًا، واستَدرتُ إليها، أرمقُها بضجَر.
«وهل تُريدين أن أرسمِ ملامِح صديقتك على صفحة وجهِك الفارِغة طوال اللَّيل؟»
«ليسَ كذلِك، لم أتخيَّل يومًا أنِّي قد أرتَدي ملابس تمتُّ لكَ بصلة، أشعُر أنِّي في حلمِ يقظَة، وسأُفيق مِنه أيَّة لحظَة.»
سُرعان ما أخفَضت رأسَها.
«آسفة، سيّدي.»
«لاقيني في قاعَة الجُلوس بعدَ انتِهائِك.»
أخليتُ الغُرفَة مِن وجودِي، حتَّى تتمكَّن مِن تغيير ملابِسها، واتَّجهتُ إلى المطبخ في الطَّابق الأرضيّ. لا أنكِر أنّ ذِكرها لاسم تِلك المرأة أثارَ حفيظَتي، كيف تغيَّرت الأحوال، وبدَل أن تضرِم شوقي، صارَت تفتل قبضتيّ!
قبل أن تطرقَ سايا بابي طرقات مُحتشمة بالكادِ التَقطتها، كُنت على وشك سكب الشَّاي لي، لعلَّه يُساعِدني على النَّوم، فالأرق يُجالِسني كلَّ سهرة. ارتأيتُ منحَها البعضَ مِنه، إذ قضَت تحتَ المَطر وقتًا كفيلًا بدعوةِ المرَض إليها.
قسَّمتُ السَّائِل بالقِسط على كوبين واسِعين، أحدُهما أسودُ اللَّون، والآخر أبيض، ثمَّ بخطًى وئيدة سلكتُ الرِّواقَ المؤدِّي إلى غُرفَة الجُلوس. لا يزالُ السّكون خليلَها، فالمرأة الَّتي تعتزِم تفجيرَ الفِتنة بساعاتِي المُتشابِهَة، لم تُقبل بعد. أنا مُعتادٌ على استِخدام الأوَّل، لستُ مِن محبِّي التَّغيير؛ لذلِك سلَّمتُ الثَّاني للطَّاوِلة الخشبيَّة. على ذِراع الأريكة الفرديَّة أودعتُ ثِقلي، وحدَّقت بالشَّراب، تائِهًا في أفكاري الخاصَة. ما سمِعتُ لقدميها همسًا، وما علِمت عن حُضورِها، حتَّى اقتَحمت صفوفَ بصري، وشتَّت مظهرُها الآسِر بيني وبيني.
جلست على الأريكَة العريضَة بجانِبي، وأسهَبت النَّظر إلى الكأسِ الَّذي يتصاعَد مِنه البُخار، دلالةً على حرارةِ مُحتواه، كحرارة ما يختزِنه قميصُها. تساقَطت خصلاتُها المُخضلة على كتفيها، حينَما أطرقَت برأسِها، وراحَت تحتَسي الشَّاي بتأنٍّ، مُتهرِّبةً مِن حتميَّة مُحادَثتي، لأنَّها لم تحزِم ما ستقولُه. بعدَ رشفة، تمتمت بصوتٍ خفيض.
«أنا لستُ مهووسَة.»
«بالطَّبع، لذلِك أراكِ في كُلِّ مكان!»
راقبتُها وهِي تضمُّ الكوبَ عميقًا إلى شفتيها، كأنَّها تودُّ غطسَ وجهها بأكمله فيه، ليسَ لشيءٍ سِوى لتلافي النَّظر إليّ، لقد فهمت الآن سبب الخوفِ المُريب الَّذي يضرِبها، في كلِّ مرَّة تجمعُ بيننا الصُّدفة، كَم كُنت أحمَقًا!
أملتُ رأسي ذاتَ اليمين، مُتلاعِبًا بأعصابِها.
«أعلم أنَّك حاولتِ استِغلال عِلَّتي، والمُرور بجواري كأنَّك شخصٌ لا أعرِفه، ولكِنَّك أغفلتِ تفصيلًا هامًّا للغايَة؛ وتيرَة خطواتك، كانت تتسارَع كُلَّما اقتَربت مِنِّي، وتفتضِح هويَّتك أمامي، الشّخص الوحيدَ الَّذي قد يفرُّ منِّي هُو أنتِ.»
«اعتَقدت أنَّك لم تتعرَّف عليّ.»
استرقت مِن الكوبِ جُرعة صغيرة؛ لقد خفَّت حرارة الشَّاي، وما عادَت قادرةً على الإيذاء. ماطلت الردَّ إلى أن ازدردتُها.
«ذلِك يعتمِد على توقُّعاتِك لردَّة فِعلي، إذا تعرّفت عليك!»
تشبَّثت أصابِعها العشرُ بمُحيطِ كوبِها، توحي لي بأنَّها تحتجِز في صدرِها اضطرابًا جليلًا. نهلتُ المزيدَ مِن شرابي على مهل، بانتِظار أن تفكَّ عُقدَ الصَّمت حولَ حناجِرنا. بمرور الوقتِ أيقنت أنَّها لن تُبادِر الكلام، حيث انتَشلت شفتيَّ مِن فجوة الكوب، بمسافةٍ تسمَح لصوتي بالعُبور، في حين ظلَّ بصري شاخِصًا إلى قاعِه.
«ماذا عن جينوو؟ ما الَّذي ستفعلينَه حيالَه؟»
تجسَّستُ عليها مِن ضواحِي جفنيّ، فإذا بِقدمِها اليُمنى المُغلَّفة بخفٍّ رماديّ، تُطبطب على الأرضيَّة البارِدَة برقَّة.
«كانت علاقتنا شبه مُنتهية، قبل أن تظهر في حياتِي فجأةً، ومِن الصُّدوع المُنتشرةِ بيننا تسلَّلت إليَّ، وتيَّمتني بِك. طلبتُ مِنه مُهلةً لإعادَة النَّظر بخصوصِنا، يومَ صدَمني بنبأ خيانتِه لي، سأخبِره أنِّي راغبةٌ في الانفصال عنه بشكلٍ رسميّ، ما إن ألتقي بِه... أشكُّ في أنَّ غيابي، سيُؤثِّر عليه سلبًا، إذ فقدَ اهتِمامه بي مُنذ أمد!»
نزحَ حاجِباي قُدمًا، حتَّى كادا يلتقِيان، واستقرَّت يداي على فخذي.
«كيفَ علِمت؟»
لطمت موجاتُها المُتذبذبة جرَّاء الدَّهشة سمعي.
«أكُنتَ تعلم؟»
وعدته ألَّا أخبرها عن سرِّه، ووفيت بوعدي، لكنَّ الزَّمن لا يُؤتَمن، فتارةً يكون حيادِيًّا يكتَفي بالمُشاهَدة، وتارةً انحيازِيًّا، يهوى نبشَ الحقائِق الخفيَّة، والخراب الَّذي يعقب انفجارها... لم أجِد مانِعًا مِن تزويدِها بالتَّفاصيل.
«صادفته ذاتَ يومٍ في الحانَة الحمراء برفقةِ امرأة، ولحق بي ظنًّا أنِّي اكتَشفت أمرَه، المسكين يجهلُ أنِّي لم أميِّزه حتَّى. أخبرَني عن العَلاقَة العابِرة بينهما بلِسانِه، وتوسّل بإلحاحٍ ألَّا أبوحَ لكِ بسرِّه، لم أرِد التدخُّل وتحطيمَ جسور سعادتِك وقتَها.»
قطَّبت حاجبيّ باستِغراب، حينَما ورَدني دويّ ضحِكاتِها، فما قُلته لم ينضوِ على عُنصر الفُكاهَة، لاسيَما وأنِّي عاجزٌ عن تصفُّح سحنتِها. عقِب ثوانٍ فارغة، أشبَعت فضولي قائِلة:
«نزلَ عليَّ الخبر مِن حيثُ لا أحتسِب مِثلكَ تمامًا؛ ظنَّ أنَّ خيانتَه لي هِي ما دفعني إلى اقتِطاع تذكرةِ الموت، للرَّحيل بعيدًا عنه، اعتَرف لي بخطيئتِه وهُو يحتضِنُني مُعتذرًا عمَّا بدَر مِنه بالآونَة الأخيرة، العجيبُ أنَّه كان مُدركًا لإهمالِه، لكنَّه ما سعى لمُعالجتِه ولو قليلًا، وما لاحظ أنِّي قد تداعيتُ أمامَ ناظريه.»
لم أكُ بحاجةٍ لمُعاشرته شخصيًّا، حتَّى أصيبَ في الحُكم عليه؛ أنَّه رجلٌ ساذج، ارتَكب خطيئةً ليسَ بوسعه تحمُّل تبِعاتِها.
نفثتُ تنهيدَة ساخِرة.
«أحمق.»
«مِن غير اللَّائِق أن نغتابَه.»
«وهل وجودُكِ هُنا لائِق؟»
لاشكَّ في أنَّ هجومي المُضادّ قد مسَح ابتِسامَتها، وشجَّ استِقرارَها، إذ انتَفضت بارتِباك، وكفّاها يغترِفانِ الكوبَ الَّذي ما انعدَم منسوبُه بعد.
«سآخذُه إلى المَطبخ.»
وجَّهت رأسَها إلى قِبلةِ الإدبار، وقبل أن تُشرِك بِه قدميها، أرسلتُ ذراعي نحوَها، موقِنًا أنَّها قادرةٌ على بُلوغِ مِعصمها؛ مكانُ قعودِها ليسَ بعيدًا عنِّي. أبرَمت أنامِلي حولَه وجعلتُها تتقهقَر أدراجها، وتنتهِك مسافة الأمانِ بيننا، مسافةٌ ما حلمت قطُّ بانتِهاكها، بيدي الأخرى عانقتُ خصرَها، وحجزتُها في الفجوةَ بينَ قدميّ، حريصًا على زعزعة استِقرارَها.
رغمَ أنَّ الحُروفَ الَّتي خطَّها الخالِق على مُحيَّاها قد مُحيَت، وجدتُني أدرس هيئَتها باهتِمام؛ هِي أنثى جيداء، قصيرة القامَة، لم تتفوَّق عليّ حتَّى وأنا جالس، كُلّ ما أحتاجُ إليه لمحاصَرة سواحِلها أن أرفَع ذقني بزاويةٍ ضيِّقَة. لها تضاريس بارِزة، ومُنعطفاتٌ حادَّة، لا ترحَم، أيُّ عينٍ تسلُكها في خلوة، مصيرُها التخبُّط إلى سُفوحِ الاشتِهاء. لطالَما دلَّتني عليها طريقةُ مشيِها المُتخاذِلة، لكنَّها تُصبح عدَّاءَةً بارِعةَ كُلَّما لُحت في آفاقِها!
نقعتُ أذنها في فمِي بعبثيَّة، أجرِّدها مِن البَراءَة إن حدَث وأن راوَدتها عنِّي، أفرَجت عن شهقة مشدوهة، فزفرة مُتهالِكَة، كأنَّها تتآكل.
«لقد خانَكِ أوَّلًا.»
حينَما أصابَتها ألاعيبي بالدّوخَة، تمسَّكت بكتِفي مُتعبةً مِن الوقوفِ بمُفردِها، وما صامَت عن القول إلَّا لأنَّ اللُّغَة خذلتها. هوانُها آنذاك جعلني أتساءَل، أهِي ضعيفةٌ أمامي إلى درجةِ أن تكسِرها لثمة مِن شفتيّ؟
«لماذا تُخبرني الآن؟ هل تريد أن تُشعِرني بالرَّاحَة؟»
جابت أنفاسي إحدى ضفَّتيّ عُنقها، توهِمها بزيارةٍ قريبة، شوقُها لتعانقنا أفلسَها مِن أنفاسِها، لكنِّي بخلت عليها بِه. ما لبِثت وأن هبطت بثغري عليها، مُخلِّدًا مسيرتِي بآثارٍ رطبة، لديّ فكرة عن الخرابِ الَّذي نشرتُه فيها، فما انفكَّت تكبحُ نفسَها عن المُجاهرة بالهزيمَة في آهةٍ ثخينَة، انشقَّت عنها رغمًا عنها، قبل أن تدفِن وجهها في الفراغ بينَ رقبَتي وكتِفي.
«في آنٍ ما، غبِطتُه لأنَّه يمتلِكُ امرأةً مِثلك، كُنتِ تُحاربين الظُّروفَ مِن أجلِه وكأنَّك مِنه، رغمَ ذلِك باعَك للشَّهوات، رجلٌ جبان.»
«ربَّما لستُ مقوَّمة على حسبِ توقُّعاتِه، كشخصٍ، أو كجسد.»
قلبتُ يدَها العالِقة بينَ أنامِلي على ظهرِها، بُغيَة أن أتفحَّص أحد النّدوب الَّذي طبعَها اليأسُ عليها. أزحت كُمَّ القميص قليلًا، فتراكَم قماشُه على شاكِلة طيَّات. انقَبضت مفاصِلُها مجاهرةً برفضِها لعرضِ حُطامِها عليّ، لكنَّ عيناي داستا رغبَتها. ليسَت المرَّة الأولى الَّتي تُؤذِي فيها نفسَها، ربَّما ينسيها الألم مرارَة العيش!
«تِلك الجروح الَّتي رأيتُها على جسدِك صُدفَة، يوم رافقتني إلى هذا المنزِل، لا أذكُر أنِّي تلمَّستُها وأنتِ على سريري!»
جرأتي في استرجاع اللَّيلة الآثمة الَّتي أحلَّتها عليّ ألجَمت لسانها، هل ظنَّت أنِّي سأنساها؟
استطردت بصوتٍ رخيم.
«كانت بسببي، ليسَت بسببه.»
اعتقدت لوهلةٍ أنَّ القطّ قد ابتلع لسانَها، لكن ها هي ذا تتحدَّث بطلاقة عن ماضينا.
«أخبرتني وعيناكَ تُعانقانِ جروحي بشفقة، أن أؤلم مَن آلمني، وحينَما داهَم السَّكر وعيي، وهذيت أنِّي لا أستطيع إيلامك، سلكت تفسيرًا آخرًا، مُعدمًا احتِمال انجِذابي لكَ، ربَّما لأنِّي أبدو امرأةً مملَّة، سجاياها لا تُطاوِعها على الخيانَة.»
لم أفكِّر ولو للحظةٍ في أنَّها قادرةٌ على الخيانَة، ليس بسبب شخصيَّتها المملَّة كما تدَّعي، بل لأنّها تجيد الاهتِمام كأنَّها مفطورة عليه، لذلك أخطأتُه بالحبّ، والأهمّ، ما كنت لأكتشف أنِّي الرّجل الَّذي يعذِّب سريتَها لوما اعترَفت!
تريَّثت لبرهة تنعش رئتيها، ثمًّ صارَحتني.
«خنقني النَّدم، حينَما وعيت على ما اقتَرفته بحقِّ الجميع لإرضاء فؤادي، كُلَّما تدفَّقت الذِّكريات في ذِهني ضاقَت بي الدُّنيا، ظننتُ أنِّي أؤذي جسدي عقابًا لي، ولكنَّها كانت مجرَّد وسيلة لأخفِّف عن نفسي ثِقل الذَّنب.»
تبِعتُ صوتها إلى منبَعِه، وعندما نبَّأتني أنفاسِها أنِّي على مشارِفها توقَّفت.
«ماذا عن الآن؟ هل ستَندمين غدًا؟»
نازَع أنفي أنفها برقَّة، يُلهيني عمَّا يقبعُ أسفَله، حتَّى أحصُل على ردٍّ مِنها، كُنت أقربَ إليها مِمَّا تصوَّرت، وأحيانًا أشعُر بشفتيها تحتكَّان بشفتيّ!
«لن أندَم، لقد اتَّخذت قراري وأنا في كامِل قوايَ العقليّة، أعي جيِّدًا ما أريدُه، وبما أنِّي أمتلِك فُرصةً لم أحلُم بها لأنالَه فلن أفرِّط فيها.»
إصرارُها على الوصول إليّ، كما لو أنِّي هدفٌ سامٍ يُغذِّي نقصي. لا يسعُني تخيُّل السَّحنة المُرتَسمة على مُحيَّاها الآن، ما إذا كانت تفيضُ بالاهتِمام، اهتمامٌ لو طاوَعتني قُدراتي على تصويرِه، لآويتُها في صدري إلى الأبد، ما إذا كانت مُفعمةً بالغُرور، بعدما جرَّعتُها أملًا كادَ اليأسُ يُقنِعها بالتخلِّي عنه، أنا مجرَّد بيداء قاحِلة، ربما بي واحةٌ مُترفة، تتخفَّى بينَ كُثبانِ رِمالِي الهاجِدَة، لكنَّ اللَّمسَة الحانِية الَّتي حطَّتها على خدِّي كأنَّها تتلمَّسُ حُلمًا قد ينقشِعُ في أيَّة لحظَة، أخشَعت حواسي لها؛ أعطيتُ مُهجتي المُهلَة الكافيَة لتدَّخِر مِنها في ذاكِرتي السَّوداء.
كذلِك أجهل الرَّحم الَّذي انبَثقت مِنه الرَّغبةُ السَّارية في وتيني، هل لأنِّي مُجرَّد رجلٍ في حضرةِ أنثى؟ أم لأنِّي أجوف، أبحث عن الامتلاء، أم لأنِّي رهنتُ نفسي لأنامِلها، عسى أن تُداويني؟ مُنذ ساعات، أخبَرتني أنَّ الحياةَ تُعطيها لي كضِمادَة، فلو شَفيت قُروحي كما يجب، لن تُخلِّف ندبًا يجزم بأنَّ جُزءًا آخر مِنِّي قد لقيَ حتفَه، لن يشهَد جسدِي ضدَّ الماضي، في المُقابِل سيغدو النِّسيان فريسةً سائِغة على الأقلّ. أزلتُ يدَها عن خدِّي، حينَما انقَطعت أنفاسُها عن الهُبوب بوجهي، علِمتُ أنَّها تحبسُها... وددتُ لو أُنذِرها لتجمع ما استطاعت عليه قدرًا!
مرَّرتُ بنانِي على أنفِها المُنحدر، ذي الحافَّة المسنونَة، كشفرة، أحدُ الأدلَّة الَّتي أبطَلت مُعتقداتِي في السَّابق، يُطلُّ على وادٍ سحيق، يغمُره الضَّباب، ويحجب عن العَيانِ القاع، رغمَ ذلِك غطستُ فيه، دونَ أيِّ تردُّد، مدفوعًا بالرَّغبة، وبالانطِفاء. كمومس خَلجت شفتاي على شفتيها، وبخجلٍ سجَدت أنامِلها على كتفيّ، لم تتوانى في تأبُّطِهما بخضوع. اقتَطعتُ مِنها رشفات شحيحة لا تروِي الرَّمق قبل أن نغرقَ في قُبلةٍ عميقَة، ما رأى أيُّنا قعرًا لها. كانت مِثل ألسنة اللَّهب، أحرَقت أحطابي، حتَّى خلوتُ مِنِّي.
نهلتُ مِنها بلهفة، وكأنَّها سيجارة، رغمَ أنَّها مُضرَّة بمبادِئي. بعضُ المواقِف، تفرض علينا التخلّي عن المبادِئ، وحياكَة ما يُلائِمها. ما كانت لتتمكّن مِنِّي يومًا لو أنَّ الحياةَ ما اختَزلت مِن جبروتي، لو أنَّ حصيلَتي في المعركَة الأخيرة؛ معركة استنزفت روحي، ما كادَت تُعادِل كُلِّي!
حينَما اكتظَّت العواطِف بداخِلها، والتَهم لجبُها صوتَ منطِقها، طوَّقت رقَبتي بذراعيها، وتوغَّلت إلى عُقرِ ثغري بشغف، تتمضمض مِن مرارةِ الدُّنيا بشفتيّ، كما تمضمضت بشفتيها الحُلوتين...
هي مِثل رحَّال، اغترَّ بمهاراتِه في تمييز الاتِّجاهات، فاقتَحم صحراء عديمَة الملامِح، لا تنفعُ فيها بوصلة التوقُّعات، متأكِّدًا من أنَّه سيقطعها، انتَهى بِه المَطاف تائِهًا، بينَ مؤنِ صبرٍ تكادُ تضمحلّ، وبينَ قارورة مقدرة، تلفِظ قطراتها الأخيرَة. خُلِقت في توقيتٍ مُناسِب؛ خِلال نكبةٍ قتلت كامل مشاعري، وأفسَحت في صدري فراغًا، كانت تستميت لتشغله؛ تعلم جيِّدًا أنِّي عبَّارةٌ قد تتعطَّل بها وهِي في عرضِ الوجد، لكنَّها تُعانِد، دون إحصاء الاحتِمالات، أو ما تضمُّه مِن تحذيرات، لو أنَّها طرقَت بابِي قبل الآن تتسوَّلُ فِلسًا مِن الاهتِمام لنهرتُها!
بطمعٍ هاجرتُ فمَها، ورفرفتُ على مقربةٍ مِن عُنقِها، أعتزِم اصطِياد القبلات، ومداراةِ جوعٍ لحظيّ نشرته فيّ، سرى الدِّفء المُختمِر تحتَ أديمِها بشفتيّ، ما إن لامستاه، احتسيتُ مِنها بتعطُّش جليل، لم أقدِّر وزنه، كاللَّيلةِ الَّتي ظننتُها فيها زوجَتي. كُلَّما فتحتُ نافذتيّ، رأيتُ الكنزَة مُنكمِشةً حولَ خصرِها، حيثُ احتشَدت أنامِلي، أطرافُها مُنحسرة على ساقيها، تُفشي المزيدَ عن مكنوناتِها، وتُلزمُني بالتقيُّد بخارِطَة الوِصال، لو أردتُ الاستِحواذَ على كُنوزِها. دريتُ أنِّي على وشكِ عبور نُقطَة اللَّاعودَة، وما دامت خاضِعةً لي، فالإرادة لن تطأ حُدودي على الإطلاق، لستُ نِدًّا للغِوايَة المُتراقِصة فيها.
همستُ لَها أن تتشبَّث بكتفيّ، وحينَما امتَثلت لأمرِي، حملتها إلى غُرفتي. ما خِلتُ يومًا أنِّي وإيَّاها سنعقِد مُؤتَمرًا سلميًّا على سرير، عاريان مِن الثِّياب، رغم أنَّ سريرتي تلتحِف أسرارًا ثخينة، نتَفاوض على الرَّخاءِ بقبلاتٍ رشوف، ونتَجادل بلمساتٍ هوجاء، ما خِلتُ أنِّي قد أتسلَّق جبلًا شاهِقًا مِن الفوارِق الاجتِماعيَّة، وأرقى قمَّتها كأيِّ رجلٍ مُتهوِّر، لا يكترِث لأُسسه، ولا للمُخاطَرة الكامِنة في المجهول، وأشعُر كأنَّ بيني وبينَ السَّحاب قيد أنمُلة!
أبقيتُ على النُّور حيًّا، لأشهَد على خُطايَ فيها، وأخلِّد مرسمَها وقوامها في ذاكِرتي، رغم أنَّه يفتضح ندوب ظهري الَّتي تحكي عن تاريخي العسكريّ، ومحطَّاتي الأليمَة، ربَّما رأتها سلفًا. انهال فمي على تضاريسِها يتمرَّغُ في ثراها الأملسِ، وكأنَّ الجاذبيَّة فيها قد صبَت أوجَّها عجزتُ عن القِيامِ مِنها.
في لحظةٍ ما، انهارَت جميعُ سُدودِي وباتَ ردعُ السَّيلِ القُحاف الَّذي جرى بداخلِي، بعدَما أمطرَت عليَّ عِشقًا شِبه مُستحيل. كانت الحوضَ الوحيدَ الَّذي أُذن لي أن أصبَّ فيه، أنا الرَّجُل الَّذي ما غواه الجمال، وما حكمه الطَّمع ليأخذ ما ليسَ له قطّ... أردتُ أن أشعُر بأيِّ شيء، مهما كان دنيئًا!
-
هلاوز خفافيشي 😍😍
ما طولت الغيبة رايت!
استحيت وانا اكتب المشهد الاخير 😂😂 اشتقت للسمت يا جماعة 💃
بيكهيون ما يحب سايا آخر جملة مِن الفصل تختصِر السبب يلي خلاه يقبلها، بعد يلي صار معو في فراغ مميت جواتو 💔
لو بيكهيون تعري كان اتراجع عن قرارو بعد الفيرست كيس 😂😂 هو هون شخص حازم ما بيعمل شي إلا لو مقتنع فيه حتى لو غلط 😳
اشتقت للجنرال 🚶🚶
شو رأيكم بالفصل!
أكثر جزء عجبكم وما عجبكم!
بيكهيون!
سايا!
كيف رح يعاملها بيكهيون بعد أوَّل ليلة حقيقية!
جينوو يوافق انو يطلقها او لا!
شو توقعاتكم للجاي!
دمتم في رعاية الله وحفظه 🍀
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro