الفصل| 16
في أُمسية الشُّكوك الحارَّة، رغمَ برودَة الفصل، كُنت على موعدٍ معَ خيبة أُخرى.
وجدتُني طرفًا ثانِيًا، في حربٍ شفَّافَة، ما استعرضت قوامَها أمامِي، وما أعلنت عنها معمعتُها، حربٌ بكماء، وربَّما مُلثَّمةٌ بالغدر، لم أدرِ أنَّها قائمةٌ، حتَّى أطلقت الحياةُ أهازيجَ الانتِصار، وجثوتُ أنا على ثرى الهزيمَة، أرثي كِبريائِي.
احتَرقت واحتَرقت، وما انطفأت نيرانِي إلَّا لأنَّ مخزونِي مِن العواطِف قد نفد. أنا رجلٌ لا يشعُر بالصَّقيع حتَّى في عزّ الشِّتاء، لأنَّ دواخِله مُشتعلة دائمًا، أعصابِي أقشاش، تكفيها شرارةٌ وحيدة لتقدح، ومُهجتِي مِن الحطَب تتآكلُ رويدًا رويدا.
استَعرت السيَّارةَ العسكريَّة، ذات الدّهان الزيتيّ الأدهَم، والطَّلعة المهيبَة، فمركَبتي مقيَّدة بالمرأب، في قصرِ عائِلتي. الفضلُ لها في تجاوُزي لجميع نقاط التَّفتيش بلا تريُّث. مُؤشِّر السُّرعَة يكاد يُدرِك حافَّته، لحُسن الحظِّ لم يعترِض أيُّ بشريّ طريقِي، وإلَّا لقبضتُ روحَه. ما خشيتُ على نفسِي مكائِدَ القَدر، لاسيَما وأنَّ الأرض الإسمنتيَّة رطبة، بسبب التّساقُط الأخير للمَطر؛ إذ ذرفَته السَّماء على شاكلة رذاذ. الزَّمهرير يجيشُ في الحيِّز الَّذي يضمُّني بغزارَة، بسبب النَّافذة المفتوحَة، أنا من سمحتُ له بمُقاتلة ملابسي، عسى أن يُخمِد نيراني.
دونَ سابِق إنذار، اقتَحمتُ المَنزل، ذُهِل السَّائِق لرؤيَتي، لقد كان يتأهَّب للقُدومِ إلى بوسان مِن أجلِ اصطِحابِي ككلِّ يوم. صفقت البابَ ورائي بقوَّة، فارتجَّ زُجاج النَّوافِذ، كذلِك سومين الَّتي استَقبلتني بابتِسامة، ابتسامةٌ أوقَدت ما غفل عنه سُخطي على خِداعِها لي، اغتلتُها وهِي في مهدِها، حيث قيَّدتُ مِعصمَها وسُقتها إلى غُرفتِنا، لم أبالِ بإمكانيَّة تعثُّرها على الدَّرج، لهوجِ خُطاي، وعجزِها عن مُجاراتِي في كثيرٍ مِن الأحيان. واصَلت سُؤالِي عن خَطبي بغباء، أرجِّح أنَّها قد تصنَّعته، وطالبتني بتحريرِها، لكنِّي أحكمت أسرها انتقامًا منها.
حينما صرخت احتِجاجًا على مُعاملتي البربريَّة لها، خرَج والديّ مِن وكريهما، وعلى هيئتيهما قامت أماراتُ الصَّدمة، هما يعلَمانِ جيِّدًا أنَّ الشَخص الَّذي يجلِسُ على عرشي الآن، ليسَ أنا، بل الكولونيل ذو القلبِ الشَّبم الَّذي ألِفَ صيحات المعذَّبين، والنَّجوى المُتسلِّلةِ مِن بينِ القُضبان، إن التفَّت قبضتُه حولَ عنق أحد فلن يُعتقَه حيًّا. لحِقَا بِنا إلى الطَّابِق الثَّانِي، وقبل أن يمنَعا ميلادَ الفاجِعة، أقفلتُ بابَ المُحاوَلة. دفعتُ سومين إلى الدَّاخل بكلِّ ما أوتيتُ مِن قوَّة وحالَفتني الجاذبيَّة على إرسالها إلى الأرضِ بشهقة. خفَّفت مِن شدَّة الاصطِدام بكفَّيها الضَّئيلين، كما خرجَت خصلاتُ شعرِها الطَّليقة من الجانبين عن رتابتِها، وانسدَلت على وجهها.
لا يزال والِداي يقصِفان الباب بكفوفِهما الواهِنة، عسى أن يكسبا لها الاستِقلال؛ للتوّ وصلنيّ صوتُ أُمِّي القلق، لقد عهِدتُها امرأةً صلبَة، لا تصهرها المواقِف!
" بُنيّ، ما الَّذي يحدثُ بينَكُما، لتفتَح البابَ رجاءً. "
على عكسِها، احتفظ أبي بخُشونتِه، كأنَّه صاحِب القرار النَّاهِي، ينسى في كثير من الأحيان أنِّي قد كبرت، وما عادَ قفصُه يسعُ حجمي!
" إيَّاك أن تُؤذيَها، تذكَّر جيِّدًا أنَّ أيّ مكروه يلحقُ بِها، سيرتدُّ على عائِلتنا! "
تجاهلتُ رجاءَهما، الَّذي سلك طُرقًا مختلفة، تؤدِّي إلى مقصدٍ واحِد، لا يُريدان أن أؤذِيَها، لأنَّها ابنةُ رجل الأعمال الَّذي يُموِّل حملةَ أبي الانتِخابيَّة. أنا مختلف عنهما، يستحيل أن أُعلِّق مصيري على امرأةٍ يمكنني أن أخيط لسانها بإبرة الخوف.
" كيفَ تجرَّأتِ على خِداعي طوال هذا الوقت؟ "
رفعت رأسَها عن الأرض بخوف.
" بيكهيون، ما الّذي تتحّدث عنه؟ "
حرَّرت أزرار معطفي العسكريّ من أصفادِه، ثمَّ خلعتُه عنِّي وألقيتُه على مسافةٍ معتبرة منها. شهقت ما إن لمَحت يدايَ تتَّجِهان نحوَ خصريّ، حيثُ فكَّتا الحِزامَ المُحيطَ به.
" قد يُنعِش الألم ذاكِرتك، يا زوجَتي العزيزَة. "
بنبرةٍ متحشرجة قالت:
" لا تتهوَّر أنا أرجوك، هذا منزِل، لا ساحَة الوغى، وأنتَ هُنا رجل، لا جُنديّ، دعنا نتناقَش كأيِّ زوجين ناضِجين. "
انفلتت مِن شفتيّ ضِحكةٌ غير سويَّة.
" ناضِجين؟ "
أخبَرني الشَّيطانُ بداخِلي أنَّها تسخر مِنِّي الآن، تظنُّ أنِّي سأرأفُ بِها عِندما تتباكَى، في حينِ يستبِق وجهها الاحتِفالَ بنصرِها، تظنُّ أنِّي سأشرِّعُ أبوابِي أمام قوافِل نجواها، وأُدخلها إليَّ دونَ أن أفتِّشَ عرباتِها الَّتي تُواري زيفًا.
" كانَ عليكِ التَّفكير في عاقِبَة الخاتِمة، حينَما قامَرتِ بحياتك، مُقابِل لحظاتٍ مِن المُتعَة، لقد كشفَ الزَّمنُ كذبك، وخسِرت. "
لفلفت الحِزامَ بشكلٍ دائِريّ حتَّى صارَ مثل البَكرة، مُؤجِّلًا موعِدَه مع جسِدها.
" سألتُكِ مِرارًا وتِكرارًا، لكنَّك فضَّلت التشبُّث بأكاذيبِك، هل خِلت أنِّي غبيّ كي أتجاهِل جميعَ الأدلَّة المُتناثِرة في ذاكِرتي وأصدِّقك؟ "
بدل أن تسكُب عليّ دلوًا ممتلئًا بالأسَف، اختارت مواجهةَ النَّار بالنَّار، رغمَ بدنِها المُرتعِش، هي أضعف من أن تصمُد في جدالٍ معي.
" تسرُّعك هذا كسَر الكثيرَ مِن الأخشابِ الَّتي تُعبِّد الجِسر الرَّابط بيننا في مدَّة قصيرة، وغضبُك سيقطعُه يومًا ما، إذا لم تُسيطِر عليه، أو تُنقِص مِن وزنِه، لماذا لا تُمهِل نفسَك حتَّى يخفَّ ثُمَّ تأتِي إليّ وتُحاسِبني، كرجُل، لا كَربّ! "
جلَدتُ الأرضَ، أهيِّئُها لعذابٍ أعظَم، وربَّما أُمهِلها بعض الوقتِ لتُصارِحني بالحقيقة، حينذاك أطلقت حنجرتها سراحَ صيحة هرِمت في صدرِها. ما لبِثت وأن دفعت التُّهمَة عنها بادِّعاء كاذِب.
" أنا لم أعصِ لكَ أمرًا. "
أشحتُ وجهي جانِبًا، حيث أفرجتُ عن زفرةٍ مُلتهبة، قضمتُ شفَتي السُّفلي بعنف غير مكترثٍ لنسيجها المُرهف، ثمَّ تدافعَ فكَّاي كلٌّ منهما يشتهي دحرَ الآخر. سرعان ما أحكمت وثاق يدي حولَ الحزام، وأنزلتُ الويلَ على جسِدها المردومِ تحتَ فُستانٍ رفيع، رغمَ أنَّ الشّتاء قد سطا على الكونِ مُنذ أمد، هِي امرأةٌ تحبُّ التَّباهي، ولو كلَّفها راحَتها الشَّخصيَّة. أُدركُ يومًا بعدَ يوم، أنِّي وقَّعت للبلاء عقد إقامة أبديَّة بينَ أضلُعي مِن أجلِها.
صرَخت مِلءَ حُنجرتِها، لعلَّ أحدَهم يُعيلُها على قهري، أو يهبّ لنجدتِها. سمِعتُ والِدي يُملي أمرًا بمُناداةِ الحُراس لخلعِ الباب؛ بعدما يئِس من استِجابتي له. تفرَّجتُ عليها بنشوة وهي تتخبَّطُ على الأرضيَّة، عاجزةً عن الفرار بجلدها، أحيانًا تُحاوِل أن تَقيَ ساقيها العاريتين بيديها، فيتلقَّيانِ الضَّربة نِيابًة عنهُما. آهاتُها أطربتني، بكاؤُها رواني، وتوسُّلاتُها أشبَعت كبريائي. من بينِ الأحيانِ النَّادِرة الَّتي اشتَهيتُ فيها رُؤيَة وجهِها، هِذه اللَّحظَة، لأتلذَّذ بإنجازي وأشهَد غُروب الغُرورِ في مُقلتيها، واسوِدادهما في ليلٍ أبديّ.
تخدَّرت ذِراعي، إذ استفرغت كُلَّ ما فيها مِن قوَّة، تألَّمت أصابِعي، وتورَّمت على إثرِ سحقِهما لطرفِ الحِزام، وامتلأت رِئتايَ بالإجهادِ فتعذَّر على الهواء العُثور على مكانٍ لهُ فيهما.
اضطررتُ إلى أخذ شوطٍ مِن الرَّاحَة، حيث وقفت بإزاء النَّافذة المفتوحَة، اغتَنمتُ مِن جيبِ سُترتي عُلبَة سجائِر مِن نوع مارلبورو، أشعلتُ رأسَ إحدى لُفافاتِها، ثُمَّ نقعتُها بين شفتيّ، ورحتُ أنهل السَّقمَ مِن أحشائِها، عسى أن يُداوِي أعصابي. يُمكنني القول أنِّي أشعر بقليل من الحريَّة، الرَّاحَة تختمر في براميلِ روحي المثقوبَة، أدري أنِّي سأفوِّت ارتِشاف لحظاتِها لو انتَظرت، لذلِك استغللتها ما دامت سانِحَة. الدُّخان يتصاعَد بعدَ اختِلاسِ زفيري، وكيرُه يختبِئ بينَ أنسِجَة ملابِسي، وداخِل فمِي.
ما يزالُ والِديّ يطرقان على الباب بإصرار، أمَّا سومين فمطويَّة في القاعِ كالثِّياب في الأدراج. لم تطلُب أن أُبرِّر الوصب الَّذي ألحقته بِها بغتة، تعِي جيِّدًا أنِّي لا أُلوِّح بسيوفي، إلَّا وهِي مشحوذَة بدافعٍ قويّ، وتعِي جيِّدًا أنِّي أُعدُّ العدَّة لحملةٍ عصبيَّة أُخرى؛ ذنبُها كبير، يستحيل أن يُبلعَ دفعةً واحِدة.
" مَن هِي المرأةُ الّتي جنَّدتِها لتُغطِّيَ غِيابك على سريري؟ "
قرفصتُ قُبالَتها، ونفثتُ ضباب سيجارَتي الكريهِ على وجهِها، ثُمَّ سألت:
" أهِي سايا؟ "
انقطَع نشيجُها عن التدفُّق، وتعثَّرت بشهيقِها عدَّة مرَّات، بينَما تلفِّق مقالًا ينجيها من جحيمي.
" أنا بريئةٌ مِن مزاعِمك، أعترِف أنِّي انسقت خلفَ إغراءات قريباتِي، ورافقتُهنّ إلى الحانَة، حينَما نبَّأتني قنينةُ المشروبِ الفارِغة في مكتبِك أنَّك ستبيتُ هُناك، لكِن صدِّقني، لم أُرسل إلى الغُرفَة أيَّة امرأة. "
نهضتُ مِن الرُّقعةِ الَّتي طويتُ فيها قامَتي، أمسكتُ بحافَّتيّ الحِزام، وجعَّدتُه مُنذِرًا.
" أظنُّ أنِّي قد تهاونتُ معكِ مُنذ قليل، ذاكِرتُك ما تزالُ تُعانِي مِن الصَّدأ، هي بحاجةٍ إلى المزيدِ مِن التَّشحيم لتعمَل بشكلٍ سليم. "
قبل أن أفتتِح مجزرةً أخرى هتفت.
" صحيح أنِّي طائِشَة، ولكنِّي امرأة، يستَحيلُ أن أدسَّ غيري في نِطاقِك مهما بلغت ثِقتي بِها، في الحبّ قوانين، أحيانًا ننتهِكُها، لكنَّ الغيرَة مِلَّة، بل نزعة، لا يُمكِن لمَن يحبّ أن يجري خِلافًا لرِياحِها. "
عقصت شفتي بازدِراء، فيما زحفت نحوِي كأنَّها عاجزة عن حمل نفسها.
" فلتَمنحني فُرصَة وحيدَة، لن أُفرِّط فيها هذِه المرَّة، ولنبحث عن الجانِية معًا. "
لمَّا أعالتها قدماها على الوُقوف، وهمَّت بالاقتِرابِ مِنِّي، مُتناسيةً أنِّي لن أراها حتَّى وإن التَحمت بِي، افتكَّ ثغرُها أنين ألم، وتظاهَرت ذِراعاها عِند بؤرته الكامنة في معدتِها، ظننتُ لوهلةٍ أنَّها تتظاَهر بالمَرض، لأُشفِق عليها، وأعفيهَا مِن دينِها، إلَّا أنِّي لمحتُ الدِّماءَ تنحدِر من ساقيها.
" بيكهيون، لا أشعُر أنِّي بخير. "
جحظت عيناي لهولِ الصَّدمة، لم أُلحق بِها ضررًا قادرًا على الوصول إلى جوفها. في البداية أبيتُ تصديق الاحتمال الَّذي طرحه عقلي، رغمَ أنَّه وارد، وحين لم أعثر على بديلٍ له، ألقيتُ السِّيجارة على الأرضِ بإهمال، وأمتُّ المسافَة بينَنا، ممسكًا بكتفيها.
" هل أخفيتِ عنِّي أنَّك حامل؟ "
" لا أعلم، فلتفعل شيئًا، أشعُر بأحشائِي تتمزَّق. "
نثرتُ معطفي العسكريّ على ساقيها، وحملتُها بينَ ذِراعيّ، مُستغنيًا عن استِجوابها، رغمَ استِنكاري للمسِها، هِي الَّتي أوهمتني بالحبّ ثُمَّ انشقَّت عليّ. بعدَ جِهادٍ مُضنٍ خُضته مع قفل الباب، استَطعتُ تحريرَه، وركضت خارِجَ الغُرفَة، متبوعًا بنظرات والديّ. واصلت أمِّي العويل، مُقتنعةً أنِّي قد انصعت لأوامِر غيظي وأعدمتها، في حين لم يرحم أبي الذُّعر الَّذي لاك دعاماتي، إذ أغدقَ عليّ بطلقاتِ اللَّوم. كلاهُما معذور، فالملحمةُ الَّتي ترجمتها الجُدران جسَّدت لهُما بصدقٍ ما وقَع هُناك.
هرولت دونَ فواصل، إذ تكفَّل الخدمُ بإفساحِ الطُّرق المسدودَة لي. وضعتُها برفقٍ في السيَّارة المُرتكِنة إلى الرَّصيف، ونحرت سؤال جينوو الَّذي ارتكب الفضول، بنظرةٍ قاطعة قبل أن أستقرَّ بجانبها. أمرته بالقيادة إلى المُستشفى بنبرةٍ عدائيَّة؛ لستُ قلِقًا عليها، بل على أمشاجِي في رحمِها، لا بأس إن نزفَت ألمًا، لا روحًا تمتُّ لي بصلة. لن أسامِح نفسي، إن كانت حقًّا حبلى، وحدَث للجنينِ مكروه.
بتردُّد كاتِب في حضرة ورقَة، يخشى أن تعكسَ له ضغف لُغتِه في مُبارَزة الكلِمات، تمنَّيت لو أنَّ بوسعي مماطَلة الحقيقَة، خِشية أن تكشِف لي ضعف قدرتي على الاحتمال، بل خِشيَة أن تصهر فؤادي، وتُلقي بِه خاويًا في برزخِ الفراغ. ما كفَّت سومين عن الأنين كأنَّها تُسلخُ بخناجِر الألمِ حيَّة، طوالَ الطَّريق، أمطارُ عينيها أحرقَتني هذِه المرَّة، قبل أن نصِل إلى المُستشفى، صففت جميعَ الاحتِمالات، وقدَّرتُ الحصيلة الممكنة مِن الخيبات، جهَّزتُ لاستِقبالِها ألف قِناعٍ مِن أنسجةٍ فاخرة تليق بها، ورمَّمتُ بُنايَ التَّحتيَّة، لئلَّا يهدُّها أيّ زلزال مهما بلغت شِدَّتُه.
جريتُ في رواقِ الطَّوارِئ، مُرغِمًا كُلَّ مَن زُرعوا في طريقي على التَّنحِّي جانبًا، لم أستطِع تحاشيهم، كأنَّ قدماي مفطورَتان على السَّير باستِقامَة، ظننت أنِّي بذلك سأكسبُ للحياةِ المتلاشيَة بجوفِها المزيدَ مِن الوقت. شارفتُ على قاعَة فسيحَة مُكتظَّة بالملأ، بعضُهم مرضى على أفرشَة السَّقم، المنضودة فيها بانتظام، والبعضُ الآخر أوصِياؤهم، إضافَة إلى طاقم العمل. ضاعَت عدستايَ بينَ الوجوه الفارغة، شعرت أنَّ الجميع يحدِّق بي. سُرعان ما قصدَني أحدُ الأطباء، ميَّزته بفضلِ مِعطفِه، على حافَّة جيبِه الصدريّ كُتِب اسمُه.
" فلتَضعها على السَّرير هُناك. "
أشارَ إلى أحدِ الأسرَّة، كانَ فارِغًا، في طريقِنا إليه سأل:
" ما الخَطب معها؟ "
رغمَ الاضطِراب الَّذي يعتمِل بداخِلي، ورغمَ ركاكَة إيماني، حافَظت نغماتِي على اتِّزانِها، كأنَّها نابعةٌ مِن آلةٍ سليمَة.
" لا أدري، هي تنزِف بشدَّة، كما أنَّها تُعانِي مِن آلام حادَّة في معِدتِها. "
جهَّزَت إحدى الممرِّضات الوِسادَة لاستِقبالِ رأسِها، وفي ظرفٍ وجيز، احتَشدَ المزيدُ مِن الأطبَّاء حولَنا. قبل أن يشرع المُشرِف عليهم في فحصِها ، ببسالةٍ شاركتُه مخاوِفي.
" أظنُّ أنَّها حامِل. "
بالعينِ المُجرَّدة استَطاعَ التنبُّؤَ بِما تنبَّأتُ بِه، رغمَ أنِّي بعيدٌ كُلّ البُعد عن ميدانِ الطبّ ، وصرَخ على أعوانِه بينَما يُعاينُ نبضَها:
"فليستَدعي أحدكم طبيبَ النِّساء والتَّوليد حالًا."
وصلَ المعنيّ بالنِّداء بعد دقائِق معدودة؛ وهُو رجلٌ متوسِّط القامَة، ذو شعرٍ بُندقِّيّ قصيرة أطراف، يبدو في مُقتبلِ العُمر، لم ترُقني فِكرةُ دُنوِّه منها، لكن ليس بيدي خيارٌ آخر. أوشَحت المُمرِّضَة محيطَ السَّرير بسِتارٍ كتوم، لا يعكِسُ شيئًا مِمَّا يدورُ خلفه، وتُركت فريسَة سانِحَة للوَجل. أنا الرَّجُل المرّ، الَّذي يُحاكِي ذِكره، سيرةَ الموت، رجلٌ من معدنٍ ثقيل، لا يخرجُ من فمِه سوى القذائِف، لطالما بثَّ الرُّعبَ في نفوس أعدائِه، رجُل شاهِق مِثل السَّماء، صلب مِثل الجبل، لا ينحنِي ليلتقِط ما وقَع مِنه، ولا يرتعِد، اليومَ أعي أنِّي ولو أنكرت مجرَّد إنسان.
عجيبٌ كيفَ اقتادت الحياة سعادَتي إلى اللَّحد، وهِي لم تُبصر النُّور بعد، كيفَ جعلت ابتِسامتي تنقشِع قبل أن تتكاثَف في فمي، كيفَ اشتقَّت مِن الفاجعة فاجِعةً أشدّ وطأةً مِنها، وكيفَ ردَّت لي الصَّاع صاعين... الحياة مُهندسةُ ألمٍ موهوبة!
سُرعان ما نُقِلت سومين مِن قِسم الطَّوارِئ إلى قسم النِّساء والتَّوليد، أدركت على الفور أنَّها حامل بالفعل، وحياة الجنين في خطر. اشتَعل الغيظُ في صدرِي حينما أبى الطَّبيب السَّماحَ لي بالدُّخولِ معَها، رغمَ أنَّها ما تزالُ واعية، كيفَ يجرُؤ على منعي أنا الكولونيل بيون بيكهيون؟
جلستُ على كُرسيّ الانتِظار العريضِ بمُفردي، وبعدَ بُرهة وحسرة، ثبتُّ بينَ سبَّابَتي ووُسطاي سيجارة، رغمَ أنَّ اللَّافتة المُعلَّقة على الحائِط الَّذي أستنِد إليه تحظِره. سطوت على ثلاث لفافات تبغٍ أخريات، أعلنت العُلبة إفلاسَها، لحُسن الحظِّ أمتلِك علبةً احتِياطِيّة، مذ أنِّي جشعٌ إذا ما تعلَّق الأمر بالتّدخين، لا أرضى بالقليل، كأنِّي أستَدعي الهلاك برسائِل رماديَّة، دونَ كلِمات.
أخبرَني صريرُ الباب أنَّ موعِد لملمة الضّعف المبعثَر على مُحيَّاي كالهشيم قد حان، وقفتُ بثبات وانتَظرتُ وصولَ الطَّبيب إليّ، حيثُ قال بأسف:
" زوجتُك بخير، ولكنَّنا لم نستطِع إنقاذَ الجنين."
غارَ باطِنا وجنتيّ بينَ ضُروسي، وتشبَّث لِسانِي بتلابيب الصَّمت، هذِه المرَّة الأولى الَّتي أُقابِل فيها بداخِلي جلَّادًا لا يرحَم، النَّدم يُحاكي شخصي.
" هُناك آثارُ اعتِداء بليغةٍ على جسدِها، يُرجَّح أنَّها السَّبب في إجهاضِها الذاتيّ، سوفَ نبلغ الشُّرطَة لتحقِّق في القضيَّة."
لا أدري كيفَ تمكَّنتُ مِن الإصغاءِ إليه حتَّى النِّهايَة، ذلِك لا يُشبِهني. ما لبِثت وأن بسطتُ ذِراعي نحوَه ونفضتُ الغُبارَ الوهميّ عن كتِفه.
" فلتلزَم حُدودَ وظيفتك كي لا تخسَرها، حضرةَ الطَّبيب."
على حين غرَّة، اجتَذبتُه مِن جيبِ مِعطفِه الَّذي يعلو صدرَه.
"أنتَ لم ترَ شيئًا، مفهوم؟ "
ارتَعش وحينَما أنجَبت شفتاه الكلِمات، جرحَ الخوف صوتَه.
" بالطَّبع سيِّدي."
البذلة العسكريَّة الَّتي ما تزالُ تُعاضِد بدَني، سترت عريَ مشاعري، ومدَّتني بالهيبة، وحده النُّفوذ قادرٌ على استِمالة خُضوع النَّاس، ما توانيت يومًا في استِغلالِ سُلطَتي لخِدمةِ مصلَحتي، وإلَّا فما الفائِدة في إلقاءِ الأوامِر تحتَ شمسٍ حارِقة، وخِدمة وطنٍ يأبى تلبيةَ حاجياتي.
خرجتُ إلى الحديقَة، عسى أن يرقع الهواء النقيّ ثقوبَ مهجَتي، وشرعت في إعداد نفسي لمواجهة سومين، من بين جميع الجرائم الإنسانيَّة المقصودَة الَّتي ارتكبتها طوالَ مساري العسكريّ، اغتيال جنيني سهوًا هو الأسوأ. لطالما أنجزتُ فروضيَ الحياتيَّة باحترافيَّة، لكنِّي قاصرٌ اجتماعيًّا، وفاشلٌ في فنون المواساة، حينئذٍ تصيرُ صياغَة الكلِمات بالنِّسبة لي كالتحدُّث تحتَ الماء، كيفَ وأنا جُزء مِن مصيبتِنا؟ لست بارعًا لا في الاعتِذار ولا في غزل الأعذار، الرجل الَّذي يعيث في الألباب فسادًا بنظرة، يعجز عن ترويض الحروف. هذا الموقف صعب جدًّا، لا حيلة بيدي لقهره، ولا عتاد.
تآكلت الدَّقائِق هدرًا، فالزَّمن لا يتوقَّف عن الاحتِراق، لكنَّه لحظات الشَّجن يختنِق بدخانِه ويتقاعس. عُدت أدراجِي إلى مثوى زوجتي الَّتي تمَّ وضعُها في غُرفةٍ خاصَّة، أزحتُ الباب وتجاوَزتُ عتبَته، ثُمَّ استَكنت عِند سريرِها، لم أعلَم ما الَّذي يترقرق في بالِها، تهيَّأ لي أنَّها غاضِبة، ومجروحَة، وبالفِعل هي كذلِك.
" يا للسُّخرية، لقد فقدتُ ابني قبلَ أن أعلم عن وجودِه حتَّى. "
" أليسَ فقدان ما لم تملكيه، أهونُ مِن فقدانِه وقد تفرَّعت جُذوره فيكِ؟ "
أدركت بعدَ فوات الأوان أنَّ ما قُلته مجرَّد هُراء، لم أعثُر على غيرِه بجُعبتي، لذلِك أحبِّذ السُّكوت كُلّما طالَبت الظّروف كلِماتِي الهزيلة بمُصارعتِها. رفعَت سومين ظهرهَا عن الفِراش بطاقةٍ ضخَّها القهر فيها، وتهدَّج صوتُها مُعلنًا عن بكوة.
" فقدتُه بسبب عصبيَّتِك، لأنَّك تخالُ أنَّ القبضَة هِي الحلُّ لجميعِ المشاكِل، تُعامِل الجميع كما لو أنَّهُم حيواناتٌ بريَّة، بحاجةٍ إلى التَّرويض، للتأقلُم معَ قوانينك، في حينِ أنَّ قوانينك هِي الَّتي تحتاج لمُراعاةِ حُريَّات الآخرين. "
اخشوشنت نبرتُها تنمُّ عن ازدِراءٍ ما استلطفتُه.
" الطِّفل محظوظٌ لأنَّه فارقَ الحياة قبل أن تُقيِّده، أنتَ لا تستحقّ أن تكونَ أبًا. "
أشرتُ إليها بسبَّابَتي.
" إيَّاكِ أن تُخاطِبيني بهذِه اللَّهجة، لِسانُك أقطعُه. "
أشعُر بالأسفِ لأنِّي فقدتُ فُرصَتي الأولى في أن أغدُوَ أبًا، بل دمَّرتها بيديّ هاتين، ولكنَّها نسيت ذنبَها، نسيت أنَّها هي الَّتي اقتادَتني إلى الجُنون. قبل أن أستخدِم بِطاقَتي الرَّابِحة، وأُعيدَ الموازينَ إلى نِصابِها صاحَت.
" أنت هكذَا دائِمًا، في اللَّامبالاة سُلطان، رجُل طاعِن في الجفاء، بحجَّة أنَّه قضى كُلَّ عُمره تحتَ قصفِ الخيبَة، مِثل الفضاءِ الخارِجيّ، لا يُمكن لأحد أن يعيش فيك بلا مركبتِه المُتطوِّرة، لكِنِّي مجرَّد امرأة لا تمتلِك في حقيبتِها سِوى لحظات تشتَهي مُقايَضتها بالسَّعادَة، كُلُّ ما فعلتُه أنِّي قد سعيتُ خلفَ المُتعة، ما الخطأ الكبيرُ الَّذي اقتَرفته؟ "
هل الأكثَر بُكاءً هُو الأشدُّ ألمًا على الدَّوام، هل الدّموعُ هِي الشَّاهِد الوحيد على الحُزن؟ ماذا عن الصَّمت؛ ابنُه الغير شرعيّ؟
أنا رجلٌ عقيمُ المآقي، كُلَّما لسعتني الأحزان ضحكت بغَلبة كالآن، لعلَّ أحدهم ينظُر عبرَ شُقوقِ أثيري، فيرى أحاسيسي المُعدمَة!
" لماذا تزوَّجتني إذًا؟ أم أنَّ حبَّك لي قد أعماكِ فما أبصرتِ الجانِب المُظلِم من شخصيَّتي؟ "
رجوتُ لو تعي أنَّها ليسَت بمُفردِها في هذِه المِحنة، فأنا أيضًا معنيٌّ بالخَسارة، لو تُعامِلني كرجلٍ مُعتصمٍ بالصَّمت، لأنَّ تحتَ قدميه هُوَّة، لا كجماد عديم الحسّ. خيَّبت أملِي مرَّة أُخرى.
" وهل عليَّ أن أكون عمياء لأتوهَّم أنَّ جميعَ جوانِبك ظلام؟ حتَّى وأنا بصيرة، يسعُني الجزم أنَّك ليل لا يبدأ ولا ينتَهي. "
استلقت على السَّرير مرَّة أخرى، وضمَّت المُلاءة إلى صدرها بحسرة.
" غرَّتني ثقتي بنفسي، ظننت أنِّي قادرةٌ على تغييرِك، وشذب أشواكِك، لكنَّها جرحتني، قبل أن أستطيعَ انتِزاعَها مِنك. "
صمتُّ فكأنِّي أتمضمض بالمُهل، الكلمات تشوي فمي، تُرغِّبُني في رميها على مسامِعها، لكِنِّي تمسَّكتُ بالصَّبر، لأنَّها عليلة. أنا كالجسد، لن تعلَم ما خطبه إن لم يشتكِ، حتَّى وإن كانَ الموتُ يحرق أحطاب عُمره الواحِدة تلوى الأُخرى!
ما يحترِق بداخِلي مِن عواطِف، لا يُمكنُه أن يُدفِّئ غيري، لذلك تظُنُّني غير مكترثٍ لوفاة ابني... ما استطيبت البَقاءَ معها بذاتِ الغُرفَة، رغمَ الخسارة الَّتي أسفَرت عنها نوبةُ غضَبي الأخيرة، جوارِحي ما تفتأ مُتبرِّئةً مِن الذَّنب، ربَّما خمَد في الضَّمير، وما عُدت أعرفُ سِوى الضَّمير؛ أنا. لم يسعني التَّعاطُف معها، حتّى وهِي تشهق بإلحاح، كأنَّ في صدرِها جمرة، تمامًا كما غضَّت النَّظر عن حُزني الخفيّ، واتَّهمتني -بُهتانًا- باللَّامُبالاة.
مهما اخشوشن وجهي، فهُو مُجرَّد قوقعة تُؤوي قلبًا قابِلًا للتهشُّم أيضًا، رجالُ الحُروب الَّذين ذبلت فيهم الرُّوح وريدًا رويدا، بشرٌ أيضًا. رغمَ البُرود المُنبعث مِنِّي، بداخِلي شمسٌ ما انطفأت يومًا، لكنَّ المواسِم لم تُنصِفها لتتألَّق، فجميعُها شِتاء!
عِندما وصل والِداي وأخي مينهيوك وافتَتحوا جولةَ نحيبٍ أُخرى، قررتُ المُغادَرة؛ لم أشأ أن يصبُّوا كامِل حُزنهم عليّ، ويجلدونني بعبارات اللَّوم، جلداتُ ذاتِي تكفيني، ربَّما هِي مُؤلمة أكثَر مِن أيّة كلمةٍ قادمة مِن بعيد، لأنَّها مِنِّي. ما استَبحتُ الضّعف رغمَ أنَّه مُستحبّ في كُلّ المذاهِب العاطفيَّة، الضّعف في مِلَّة الكِبرياء مُحرَّم، بل كبيرةٌ مِن الكَبائِر. أنا رجلٌ عقلانيّ، العاطِفة الوحيدةُ الَّتي تُراوِدني عن مبادِئي وتُرديني على فِراشِها حيثُ نأثِم، هِي الضَّغينة.
انتَهى اللَّيلُ مِن ترتيبِ أمتِعته بينَ جُدرانِ هذا الكونِ، وبغيابِ الشَّمس افتقرت الحَرارة إلى ذلِك الدِّفء القليل الَّذي حظيت بِه نهارًا، لمحتُ الجاغوار التَّابِعة لي مركونَة في السَّاحَة الأماميَّة للمُستشفى، ما إن وقفتُ عِند حدُودِ المَدخل الزُّجاجيّ له. حافظتُ على ثباتي، وحِدَّتي بينَما أتَّجه نحوها؛ تتوالى النَّكبات عليّ، ثُمَّ تزول دونَ أن أنحنِي، لستُ مثل الخيزران، أميل، ولا أقع، بل جبل.
فتح جينوو الباب لاستقبالي، وبصمتٍ ولجت، كنت مستعدًّا لتوبيخِه إن أزعجني بأسئلةٍ شخصيَّة غيره أنَّه تفادى الاحتِكاك بموضوع سومين، واكتفى بالاستفسار عن محطَّتي.
" هل أصطحِبُك إلى المنزِل؟ "
علَّم مزاجِي على خارِطَة المدينَة في عقلي المكان الَّذي قد يحسِّنه.
" إلى الحانَة. "
أخفضتُ زجاج النَّافِذة، سحبتُ القدَّاحَة مِن جيبي، وعُلبة السّجائر الجديدَة، وأضرَمت النَّار في إحداها، لعلَّها تكون المِشعلَ الَّذي يُضيءُ هذا النَّفقَ الطَّويل، وتُخفِّف عنِّي العناء ريثَما أصبوَ الهناء. ما أزالُ عالِقًا في دوَّامةٍ فكريَّة، بينَ هذا وذاك، كُلّ الأحداثِ تداخَلت ببعضِها البعض، وتشابَكت خُيوطُها، وعقلي المُرهَق مِن الحياةِ يُحاوِل فكَّها. فجأةً خطرَ ببالي الحفر في معرفة السَّائق.
" أما تزالُ تخون زوجَتك؟ "
أنساهُ الخوفُ أنَّه مُقيَّد بقوانين مُرور وهُو يقود، ولفَّ رأسَه إلى الوراء غافِلًا عنها.
" لا يا سيِّدي، أنا لم أُقابِل تِلك المرأةَ مِن الحانَة، مُنذ أن رصدتنا سويًّا، صدِّقني. "
أشحتُ بوجهِي بعيدًا عنه، أتصيَّد منظَر الشَّارِع، تصاعَد الدُّخان مِن فمِي وتكاثَف حولي على شاكِلة غيمةٍ رماديَّة، خُيّل لي أنَّها ستُمطِر أتراحِي، ليتَها تُمطِر أتراحي حقًّا!
" لا داعِيَ لهذا الذّعر. "
" زوجَتي تتصرَّف بغرابة في الآونَة الأخيرة، للمرَّة الأولى أشعُر أنَّ علاقَتنا مُهتزَّة، كأنَّها على قرنيّ ثور، لو مالَا قليلًا وقعت، ظننتُ أنَّك قد أخبرتها. "
خطَّطت لاستدراجَه إلى فخِّ البوح، وجعله الطُّعم لاصطياد الحقيقَة الكامِلة.
" ربَّما تبعتكَ إلى الحانَة، دونَ أن تشعُر بخطواتِها خلفك. "
" هي لا تُغادِر المقصورة ليلًا، العَمل في الثَّكنة يُرهقُها، لذلِك تغفو بمجرَّد ما تضع رأسَها على الوِسادَة، أحيانًا دونَ أن تتناوَل العشاء. "
ما هِي إلَّا بُرهة حتَّى صعدت نوتاتُه سُلَّم السُّكون وملأته بالضجَّة.
" تذكَّرت، لقد أخبرتني مرَّة أنَّها ستسهَر برفقةِ زوجتِك. "
أصدَر فحيحًا، أوشى لي بأنَّه قد شفطِه الهواء بينَ قواطِعه المُلتحِمة.
" لكنِّي قضيت اللَّيلة في المنزل. "
" متَى كانَ ذلِك؟ "
بعفويَّة أجاب:
" ليلة الثَّالث مِن كانون. "
غادَرت سومين غُرفتنا بملابس نومِها القصيرَة تِلك اللَّيلة، ومَن عادت بدلًا عنها هِي سايا دونَ أدنى شكّ، ولكِن كيفَ حصلت على الفُستان إن لم تكُن زوجتي مُتورِّطةً معها؟
هُما تعبَثان معي!
-
باتوومن ايز هير، هلاوز خفافيشي 🎉
من زمان ما تأخرت هيك، اشتقت لكم كتير 🙀
الفصل جاهز من زمان بس في شي شاغل بالي بهالفترة وما قدرت عدلو 💔
كامي بيلمح لانو سايا حامل بعدين بتطلع سومين يلي حامل😂😂 كم انا رائعة
😂😂😎
شو رأيكم بالفصل!
أكثر جزء عجبكم وما عجبكم!
بيكهيون!
سومين!
جينوو!
شو بيعمل بيكهيون بسايا!
سايا تعترف بالحقيقة!
كيف رح يتعامل بيكهيون مع سومين!
علاقتهم بتتصلح او لا!
سايا كانت غايبة اليوم، بس الفصل الجاي مجنون 😈 تتذكرو آخر مرة قلت انو الجاي مجنون ما!
متحمسين!
اكتشفت ليه استغربت لما عرفت انو اسم بطل سجلات ارسادل سايا 🌝 في انمي كنت بحبو وانا طفلة اسمو بلاك وسايا بنت 😂
دمتم في رعاية الله وحفظه 🍀
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro