Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

الفصل| 12

لقد رأيتُ حُلمًا جميلًا هُو بطلُه؛ كانَ يحمِلُني بين ذراعيه مِثل عروسٍ جديدة، بعدَ إذ صادَق القدرُ على اقتِرانِنا أخيرًا، وجهُه في مُتناوَل بصري، كسوقٍ لا تُباعُ فيها سِوى سِلعُ الوسامَة، تسوقُ النِّسوةَ بأذهانٍ تالِفةٍ إلى إخراجِ قُلوبهنّ وإهدار خفقاتهنّ، وشذاهُ يتسلَّلُ بينَ الشَّهقة والشَّهقة إلى داخِلي، يزرعُ الفِتنة هُنا وهناك.

أبحَر بي إلى غُرفتِي، ورغمَ الهُدوء اهتزَّت دواخِلي كأنَّه أمواجٌ عاتِية. على مشارِف السَّرير انحنَى، ثُمَّ وضعَني برِفق، لحظَتها صافَحت عينايَ عينيه بخُمول، ومنعته ذِراعايَ مِن تبنِّي الرَّحيل بطمع، ما لي حيلةٌ أمامَ الواقِع، ولكِنِّي المُستَحكِمة في أوهامِي، وفي الخنادِق الَّتي أحفِرها لها تتدفَّق، لا يُمكِن لأحدٍ التدخُّل في قدري، حتَّى الحياة.

دغدغَت ريشةُ الحُبُّ صدري بعبث، فضحِك رغمَ الشَّجن طوال اللَّيل. استَقبلتُ نورَ النَّهار وعلى ثغري ابتِسامةٌ حالِمة، رغِبتُ في المزيدِ مِن الاشتِباكات العفويَّة، لذلِك أعدمتُه وتقلَّبتُ على الجانِب الآخر أطرُد الوعيَ مِن جفنيّ، لعلِّي أظفَر بالتَّكمِلة، حتَّى وإن لم تُراوِدني طواعِية، فسوفَ أختلِقُها كما يحلو لي كالعادة. سُرعان ما حطَّم الصّداعُ سكونَ غفوَتي، وأرغَمني على فتحِ عينيّ، ما تزالُ رائِحتُه تتسرَّب إليَّ مختلطةً برائحَة الشَّراب، أتساءَل كيفَ أتيتُ إلى غُرفَتي بالأمس، كُلّ ما أذكُره أنِّي قد شرِبتُ القليلَ مِن الويسكي معَ الكولونيل، تزامُنًا والكأس الرّابع فقدتُ رُشدي كامِلًا.

انتَفضتُ مُعتدلةً بالجُلوس، حينَما أدركتُ أنَّ ما راوَدني ليسَ حُلمًا، بل ذِكرى مِن سهرةِ البارِحَة. استَكنتُ لوهلةٍ أتحرَّى ما إذا اقتَرفتُ أمامه تصرُّفًا قد أندَم عليه، ما هي إلَّا ثوانٍ حتَّى دندنت نغمات اعترافي له بحبِّي في أذنيّ ورأيتني أجلسُ في حضنِه كأنِّي أمتُّ بصلةٍ إليه.

دثَّرتُ وجهي بكفيَّ مُحرجةً مِن تصرُّفاتي الطَّائِشَة.

" يا إلــهي، لم يكُن عليَّ أن أثقِل في الشُّرب، رغمَ أنَّ علاقتي به سيِّئة. "

كانت السَّاعةُ على الحائِط تُشيرُ إلى الثَّامِنة؛ موعِد انطِلاقِ دوامِي في الثَّكنة، بفزعٍ سجدت قدماي على الأرضيَّة ذليلَتين، ثُمَّ على عجلٍ اكتَسيتُ ملابِسَ الأمسِ مُذ أنِّي لا أمتلِك بديلًا لها، وأجَّلتُ معاتبةَ نفسي إلى وقتٍ آخر. عِند مُنتصفِ الدَّرج ركبت رهبةُ اللِّقاءِ صدري، وأبطأ الاستِحياء خطواتِي، اقتَرحت عقيلاتِي الهَرب بدونه، لحُسن الحظِّ لم أرَ سيَّارته خارِج المنزل؛ لقد غادره قبلي. عثرت حينما تريَّثت في المطبخ لأشرب الماء، على أثرٍ حُلوٍ مِن آثاره؛ فنجانٌ ترسَّبت بقايا القهوة في قاعِه، في الإبريقِ كميَّة تفي فِنجانًا آخر، ما فوتُّ ارتِشافَها بما أنَّها مِن صُنعِ يديه، لا أعتقِد أنَّ الحياةَ قد تُتيحُ لي مِثل هذِه الفُرصَة مرَّة أُخرى!

ذهبتُ إلى العَمل بمُفرَدي، ظننتُ أنَّ الرَّئيسَ سيُوبِّخُني لأنِّي تأخَّرت، لكنَّه تغاضى عن زلَّة وعيي، ومضَى بجوارِي كأنِّي بريئةٌ مِن التُّهمَة، الواسِطة درعٌ متين. ظلَّ بالِي مشغولًا بنسجِ أعذارٍ صلبة أسردها على بيكهيون، حينَما تقتطِع لنا الحَياة تذكرة لُقيا، غيرَ أنَّ السَّاعات تعمَّدت المُرور عليَّ بسُرعة، لئلَّا أصِلَ إلى غايتي، وها أنا ذا مُرغمةٌ على مُواجهتِه. عادَةً ما ترصده عينايَ في السّاحَة لكنَّه غابَ عنهما، لذلِك هربت بجُبن، حيثُ حجزتُ سيَّارةَ أُجرة، وتلوتُ على مسامِع سائقها عُنوانَ المنزِل؛ ركنها عِند بدايةِ المُنحدَر بطلبٍ مِنِّي، أردتُ أن أتجوَّل على الشَّاطِئ، فهُو يُغريني مُنذ الأمس.

تمشَّيتُ بينَما كُثبانُ الرِّمالِ تمتصُّ قدميّ، وتُعيقُني عن المضيّ، بمرارةٍ كُنت أتنهَّد كُلَّما أتيحَت لي الفُرصَة لتصفيةِ رئتيَّ مِن الغُمَّة، فلا أحدَ سيسمعُني. الأجواءُ مُنعِشَة، تشرحُ النَّفس، كأنَّها تهيِّؤُها لاستِقبالِ المزيدِ مِن الآهات؛ مُعظمُ بِقاعِ السَّماء محتشمةٌ بربابٍ ناصِع البياض، رغمَ أنَّها عرضَت قوامَها العاري طوال المواسِم المُنصرِمة، وذهلتنا بحرارتِها، الرِّياحُ البارِدةُ تُلاعِب خصلاتِي الطَّليقَة، وتلسعُ رقبَتي بشرّ، الأمواجُ المُتلاطِمة بخفَّة تعزِف سيمفونيَّة أجيجٍ مُتناغِمَة، وطيورُ النَّورس تُحلّقُ على مقربةٍ مِن اليابِسَة مُغرِّدة، مِن حينٍ لآخر تنقضُّ على الماءِ لصيدِ السَّمك، بيكهيون مِثل هذِه الطُّيور يُحلِّق على مقربةٍ مِن يابِسةِ الحُبور، لكِنِّي لستُ بحَّارًا، بل مُجرَّدُ سمكة انتهى بي الحال في معدتِه!

" لقد غادرتِ الثَّكنة دونَ إعلامي. "

توقَّفت قدماي عن الحَركة؛ ظننتُ أنَّ خَيالي يؤلِّفُ لي ألحانَ وجودِه، صحيحٌ أنِّي في مكانٍ مكشوف، لكِنَّه غير متوقَّع، كيفَ رصَدني؟

لويتُ عنقِي المتشنِّجة، لأحصُل على زاويةً أفضَل في النَّظرِ إليه، إنَّه هُو، ببذلته العسكريَّة الزيتيَّة، وبنظراتِه الفتَّاكَة، الَّتي تُقلقِل الجِبال.

" أنت لم توقِظني صباحًا، ماذا لو لم أعرِف سبيل الوصول إلى الثَّكنة؟ "

أشحتُ بوجهِي بعيدًا عنه، وتمسَّكتُ بحِزامِ حقيبَتي خائِفةً مِن ردِّه.

" أنتِ تنحَدرينَ مِن بوسان، لن تضلِّي طريقَك إن تركتُكِ على أيَّة حال. "

رمقتُه بدهشة، بينَما يدقُّ قلبي بقوَّة؛ لعلمِه عن مسقطِ رأسي. ما لبثَ وأن شتَّتني عنه فيه!

" مهلًا، أتُحاولينَ القول أنَّك انتقَمت مِنِّي؟ "

تداركتُ سهوي الذَّليل إليه، ولوَّحتُ بيديّ في ارتِباكٍ مقيت.

" لا على الإطلاق. "

رغمَ السُّكون في مُقلتيه كانتا كمطرقتين ورأسِي مِسمار، صار مغروسًا بالأرض. شعرتُ بالتوتُّر مُذ أنِّي غيرُ مُستعدَّة لتلاوةِ اعتِذار، صوتِي سيخذلني لا محالة، أهدرتُ على الصَّمت وقتًا طويلًا، قبل أن أُحادِثَه كأنَّه يجلِس عندَ خطِّ الأفق.

" لقد كُنتُ خجلةً مِن نفسي، وما علِمت كيفَ لي أن أُقابِلكَ بعدَ ما ارتَكبتُه، لم أتجاوَز الحُدودَ فحسب، بل وهذيتُ أيضًا، لذلِك خطَّطتُ لتفاديك، ريثَما أنسج سطرًا يليقُ بمقامِك، ويُقنِعُك أن تغفِر لي، وتتغاضى. "

طويتُ عمودِي الفقريّ، في انحِناءَة اعتِذارٍ زائِف، لأنِّي استَطيبتُ الخطأ حتَّى بعدَ أن استَرجعت وعيي، ليتَ الدُّنيا تتيح له الفرصَة ليتكرَّر!

" أعتذِر على سلسلةٍ الخَطايا الَّتي أقدمتُ عليها وأنا لستُ في كامِل وعيي، ما كانَ عليَّ الإفراطُ في الشُّربِ رغمَ عِلمي بضعفي أمامَه. "

حينَما وقفتُ باعتِدال، ونظرتُ إليه أتحرَّى مَدى تأثيرِ أسفي عليه، اكتَشفتُ أنَّه شاخِصٌ إلى البحر، بسحنةٍ كتومةٍ مِثله.

" سيأتي جينوو ليقلَّنا إلى سول. "

إذًا فخلوتِي المؤقَّتة به تلفِظُ أنفاسَها الأخيرَة.

تأمَّلتُه بشغف، أجنِي مِن ثِمارِ مُحيَّاه الحُلوة وأملأ سلالي، بمقدوري المُكوثُ أمامَه كما لو أنَّه تِمثالُ العذراء، حتَّى تحزِم الحياةُ أمتِعتها وترحَل عنِّي.

أطلَق سراحَ خطواتِه الَّتي حُبست في هذه الرُّقعة مُطوَّلًا، فاقتفيتُه، وكم سرَّني تغاضيه عن هفوتي، ومشاركته في جولَتي!

" أليسَ الحُصولُ على منزلٍ مُقابلٍ للشَّاطِئ أمرٌ رائع؟ يُمكِنك المجيء كُلَّ صيف والاستِمتاع بالسِّباحَة، والهواء المُنعِش. "

قضمتُ شفتي السُّفلى بعفويَّة، إذ صوَّره لي خَيالي عاريَ الصَّدر، وقطراتُ الماءِ مُتبلورةٌ على جسدِه، مشهدٌ مغر لامرأةٍ متلهِّفة له!

احتوى صوته العميقُ ضلالي فيه، حينما سأل:

" ألم يسبِق لكِ وأن اختَبرت السِّباحَة في مياهِ مُتجمِّدة؟ "

" ذلِك جُنون! "

" الجنون شافٍ أحيانًا. "

ترقَّبت تفسيره، فالفضول قد اعتَرى صدري، أيتحدَّث عن تجربة، أم أنَّه مُجرَّد افتِراض، لكنَّه ظلَّ يمشي بصمت، كأنَّه ما قال كلامًا مُتعدِّيًا، لا يزالُ يتفتقِر إلى التَّكمِلة. لم أشأ أن أصِرَّ عليه، وأزعِجَه، لذلِك تماشيتُ مع حاجَتي لسماعِ صوتِه في موضوعٍ آخر، لا يهمُّني سِوى التخلُّص مِن السُّكون.

" لقد عِشتُ في بوسان لأكثَر مِن نِصف عُمري، ولكِنِّي زُرت البَحر مرَّات معدودة فقط مع عائِلَتي، ومرَّة يتيمةً في موعد عُشَّاق، الحياةُ تعدم الشّغف أحيانًا. "

" القُرب يُطفئ اللَّهفة. "

رددتُ على وجهةِ نظرِه بمُراعاة.

" القُرب لا يُطفئ اللَّهفة، بل يزيدُها احتِراقًا حتَّى تتفحّم جميعُ أحطابِنا، وتفقِدُ القُدرة على الاشتِعال ثانيةً، اللَّهفة تعدمنا قبل أن تُعدَم، وإذا لم نستَطع كسرَ حتميَّات الحياة، لإحيائِها، فمعناه أنَّنا لم نحبّ حقًّا. "

وددتُ البَقاءَ برفقتِه لوقتٍ أطول، لكِنَّه بدا مُنعزِلًا عنِّي، لذلِك بادرتُ بالعودة إلى المنزِل، الأصحُّ أنِّي أخليتُ بينَنا مسافةٍ بوسعها حفظُ سرِّي، ونصبتُ سرادِق عِشقي على ظهرِه، حيثُ تأمَّلتُه وهُو في لِقاءٍ حميمٍ مع شقيقِه على قِمَّة الجَبل.

في لحظةٍ مِن اللَّحظات اضطررتُ لأمسَح لُعابِ فُؤادي الَّذي سالَ  مِن أجلِ رجلٍ لن ينالَه، حتَّى وإن حلَّ زمنُ المُعجزاتِ مرَّة أُخرى، لا مُعجزة قادرة على انتِزاعه مِن أرضِها، وغرسِه بأرضي، هُو رجلٌ لا تليقُ بِه الأوساطُ المالِحَة مِثلي، يحقُّ له الارتِباطُ بامرأةٍ عظيمة، لتقِف خلفَه وتسنِده كُلَّما أمالته عواصِف الدّنيا، لا امرأةً هشَّة مِثلي، بل شِبه امرأة، بالكادِ يسعُ جسدُها روحها السَّقيَمة، وحبَّها الَّذي تبرَّأ مِنه العقل!

ولجت البيت الوحيدَ، بطلعةٍ مكسورة، كأسير مغلوب على أمرِه، استَمالني البيانو إلى صفِّه، لم أستطع أن ألمِسَ بقايا بصماتِ بيكهيون على القابِع في القصر، لكِنِّي هُنا أستطيع، ثويتُ الكُرسيَّ العريضَ أمامَه، كشفتُ الغِطاء عن مفاتيحِه، وصرَّحتُ لأنامِلي بالمُرور عليها دونَ أن تدوسَها، خشيتُ أن تُشعِرني النَّغماتُ بالحنينِ إلى ماضيَّ الَّذي كانَ أشبَه بملحمة مليئةٍ بالحياة، غنَّت فيها جميعُ الآلاتِ بشغف، طمحتُ لاحتِرافِ العزفِ على الكمان، كانَ نِصفي الثَّاني، لكِنِّي توهَّمتُ أنَّ الحبَّ ليسَ مُجرَّد نِصف بل قِطعة كاملة ستجعلُني امرأةً ونِصف، لا نُدرِكُ الخطأ إلَّا عِندما يستَحيلُ العُدولُ عنه، لقد تفكَّكت الجوقَة في داخِلي، وما تبقَّى لي سِوى كمانٌ بالٍ، رثَّت أوتارُه، لا يُجيدُ سِوى الأنين، بنبرةٍ مذبوحَة، والرِّثاء.

" أتعزِفين؟ "

وثبَ كتِفاي بخفَّة، إذ باغَتني، هُو مِثل رجلٍ انتِحاريّ، ينفجِر بي بغتَة... لزِمني بعضٌ مِن الوقت لأنظِّم أنفاسِي الفوضويَّة، لأنه سألني فُضولًا.

" لا أفقَه الكثيرَ عن البيانو، ولكِنِّي على علاقةٍ جيِّدة مع الَكمان. "

" البيانو والكمان يشكِّلانِ ثُنائيّ مِثاليًّا."

طأطأتُ رأسي، أخفي عنه الابتِسامَة الَّتي التَهمت جانبيّ ثغري، رغمَ أنَّه لن يُبصِرها. حدَّقت بمفاتيحِ البيانو البيضاء، يُخالِطها الأسود كسوادِ حبِّه في حياتي النقيَّة، وتخيَّلتُه يُطارِحُها الحبَّ بلهفة، كأيِّ موسيقار.

" عصفورُ الرُّومانسيَّة، وشاعر الأحزان، كأنَّهُما سويًّا يسردان قصَّة حبٍّ مأساويَّة، جميلة بلحظاتِها الحميميَّة. "

وعيتُ مِن شرودِي المُؤقَّت، حينَما جلس بجانِبي؛ لعلَّ كلِماتِي لفتته.

" لم أعلَم أنَّك شخصيَّة عميقَة. "

ما أزالُ غيرَ قادرةٍ على الصُّمودِ أمامَ مظهرِه المُقرَّب، قلبي يضرِبُني بخفقاتِه، يبتَغي كسرَ ضلوعي، والتشرُّد بداخِله.

" لماذا؟ هل أبدو سطحيَّة؟ "

أومأ دون اعتِبارٍ لمَشاعري، ربَّما هُو ذلِك النَّوع الصَّريح مِن الأشخاص، لا يُبالِي حقًّا بمشاعِر غيره، وما إذا كان كلامُه جارِحًا، لكِنِّي لسببٍ ما شعرتُ بالإطراء، يكفي أنَّه يُعبِّر عن آرائِه معي بحُريَّة... أنا غبيَّة.

" لو لم أتخلَّى عن العزفِ مِن أجلِ الزَّواج، لكُنت الآن عازِفةً مشهورة، يتهافَت الجميعُ على توقيعِها، ولكنتَ بحاجةٍ إلى الانتِظار لساعات مِن أجلِ الجلوس بجانِبي هكذا، أنتَ في حضرةِ امرأةٍ كادت تصيرُ موسيقيَّة مشهورة، أليسَ إنجازًا يكفي لأشعُر بالفَخر؟ "

رأيتُ ملامِحه تُغيِّر حليَّها، وحاجِباه يتقارَبان لمناقَشة استِغراب.

" هل أنتِ ثملة؟ "

" أواصِل التفوُّه بالهُراء مُنذ الأمس، أليسَ كذلِك؟ "

هزَّ رأسَه باستِهزاء، كأنَّه يتّهِمُني بالجُنون، في حينِ ابتسمت مُعربةً عن أُنسي، لأنَّه يبدو مُرتاحًا معي.

" أخبرَتني سومين أنَّك تُجيدُ العزفَ على البيانو. "

بغُرور قال:

" أفراد عائِلة بيون فنَّانون بالفِطرة، ولكِنَّنا نُحبِّذ الأسلِحَة على الآلات الموسيقيَّة، مينهيوك هُو الطَّفرةُ الوحيدَة بينَنا. "

يفتتني الرَّجلُ الَّذي يُجيد مُخاطَبة الآلات، ذلِك النَّوعُ هُو الأفضَل في تأليفِ ملاحِم الحُبّ على فراشِه، قذرًا كان أو طاهِرًا.

" هلَّا أسمَعتني مقطوعَتك المُفضَّلة؟ "

طالعَ الصَّفحة مُتردِّدًا في خطِّ آثارِه عليها، موقنةٌ أنَّ مشاغِل الحياةِ اختَطفته بعيدًا عن هوايتِه، سُرعان ما حطَّ أطراف أصابِعه برِقَّة على المفاتيح، ثُمَّ بعُنفٍ سحقَها لتبوحَ بنغماتٍ غليظَة النّبرة كأنَّها تردُّ عليه بذاتِ اللَّهجَة، ومعَها اهتزَّ كتِفاه. بما أنِّي مِن مُحبِّي للموسيقى استَطعتُ تمييزَها مُنذ التَّساقُط الأوَّل لنوتاتِها في مسامِعي، إنَّها السِّيمفونيّة الخامِسة لبيتهوفن؛ ضرباتُ القَدر، خشنةٌ نغماتُها في مطلعِها، كخبطات دائِن على الباب، لكنَّها تلين في نقطةٍ ما، تُخيِّل لك أنَّك قد انتقلت مِن طريقٍ محفوفةٍ بالمطبَّات إلى سهلٍ مُستوٍ، تتوسَّطُه بُحيرةُ البَجع.

هذه السِّيمفونيَّة تُشبِهه حياتِي إلى حدٍّ ما، بل هِي مُلخّصٌ لها؛ فالفرقُ في الامتِدادِ الزَّمنيّ بينَ لحظاتِ الحُزن، ولحظاتِ الحُبور بيِّن، كذلِك تعدادُها؛ تجلدُ أسرابٌ مِن الويلات ظهري بقوَّة، ثُمَّ يُطبطب عليه الرَّخاء بجفاء. هُو تِلك الدقَّات الفاتِرة، بينَ الضّربة والضَّربة، هُو تِلك الضحكات الحشوم، بينَ الصَّرخة والصَّرخة، إليه أنالُ قِسطًا لا أستحقُّه مِن الرَّاحَة، رغمَ أنَّه أعظَم بكثير، داخِلي، هُو مِثل نفخةٍ في بوق، تُجلجلُ جُدرانِي خطرًا!

عضَّني النَّدمُ لأنِّي تخلَّيتُ عن كماني، لو كانَ برفقَتي الآن لشاركتُه المَقطوعَة كما حلمت، لكِن لا بأس، أردتُ أن أختتِم هذَا الموعِد مِن طرفٍ واحِد بنُقطةٍ شاعِريَّة، ثُمَّ أطويه وأخفيهُ بذاكِرتي إلى الأبد، وقد حصلتُ على ما أردتُه.

بينَما أنامله مُنشغلةٌ بالعزفِ، ونظراتُه الفارِغة تقتفيها بتركيز نطَق:

" إمَّا كُلُّ شيء، أو لا شيء، التخلِّي عن فُرصةٍ لأجلِ أُخرى لا يدعو إلى التفاخُر، عليكِ أن تكونِي طموحَة كطاغِية. "

شقَّ اليأسُ مُقلتيّ..

" وهل الطُّموحُ في الحبِّ مقبول؟ أيحلُّ لي السَّعي لاحتِلال قلب رجل مأهول؟ "

لم أظنَّ يومًا أنَّه قادرٌ على التحدُّثِ بعاطفيَّة، لتبرِئة مجازِر كمجازرِ الحرب، والحبّ!

" وهل الحبّ والمُحتلّ يستأذِنان؟ "

تآلفت نظراتُنا، كأنَّ الجُدران الغليظَة انهارَت جميعُها، ووجدنا جِسرًا يقودُنا إلى بعضِنا البعض، كأنَّنا كسرنا بابَ القدرِ سويًّا، بدَل أن يكسرَنا مِثل هذِه المقطوعَة. أحسستُ للمرَّة الأولى بأنَّه على بُعدِ خُطوةٍ مِنِّي، تِلك الخُطوة أصعبُ مِن ألفِ ميل. كادَ لِساني يزيحُ الغِطاءَ عن بئرِي الَّذي ما يغمُره سِواه، غيرَ أنَّ بوقَ السيَّارةِ أيقَظنِي مِن أوهامي؛ يتحدَّث لأنَّه ليسَ المعنيّ!

قُرِعَ الجَرس، أدركَت أنَّ النِهايةَ تقِف أمامَ الباب، وعلى كتِفها بُندقيَّة محشوَّةٌ بالأتراح، بمُجرَّد ما أتوضَّع في مرماها ستُفرغها برأسي، ولأنِّي مُجرَّدُ خادِمة، تحتَّم عليَّ استِقبالُها شخصيًّا، رغمَ الأذيَّة الكامِنة فيها. احتَضنني جينوو بحَرارة، مُفرِجًا عن عباراتِ شوق فوَّاحَة، خِلت أنَّ رصيدَه اللُّغويّ قد نضَب، كما خِلتُ أنِّي ما عُدتُ مُلهمةً للِسانِه، فباتَ جاهِلًا في الغزَل، ها أنا ذا أحصُل على ما تُقت له، ولكِن صدرَه لم يكن دافِئًا كصدرِ الكولونيل، لقد وطأتُ الجنَّة، فكيفَ سأستطيب الأرض بعدَ الآن، ولو شابَهتها؟

سافَرنا نحوَ قصرِ العائِلة في سول بسكوت، بيكهيون لا يحبُّ الثَّرثَرة، ما صبَّ لمصلَحتي، نسيتُ كيفيَّة الردِّ على رجلٍ غيرِه، نسيتُ حتَّى أُسلوبَ عيشي مع زوجِي في غضونِ ليلةٍ عفيفَة، تمنَّيتُ ألَّا نصِل حتَّى لا أضطرَّ إلى الاختِلاء بِه، أنا ملكُه، ومِن حقِّه المُطالَبة بي، أخشى لحظةً كتِلك بشدَّة، القَرارُ الَّذي اتَّخذته بعزم تلاشَت حُروفُه بعدَما سكبَ الحُبُّ عليه حِبره. نزفتُ زفرةً صامتةً حينَما ارتَكنت السيَّارةُ أمامَ المَدخل، وترجَّلتُ فغرقت قدمايَ وسطَ طبقةٍ كثيفةٍ مِن الثُّلوج، لم أعلَم أنَّه تساقَط بشغفٍ هكذا؛ كُلُّ الحديقَة مغمورةٌ تحتَه، عاجزة عن دفعِه، مِثل الحبِّ الَّذي تساقَط بِداخلي وأبى أن يذوب!

افترقنا عن الكولونيل الَّذي اتَّجه إلى القصر، وقطعنا من الممرِّ الغارقِ في الثُّلوج شوطًا طويلًا، حينما سمعت صوتَ سومين في الأرجاء، هرعت عينايَ تتحقَّق ممَّا يجري عند المدخل، وليتَني ما استدرت وما رأيتهما متعانقين بشوق. نظرتُ أمامي بخيبة حاولت باستماتةٍ طمسها لئلَّا أثير شكوك جينوو، لم نبتعد عن عتبةِ المقصورة كثيرًا، وها هُو ذا يُطبِق أسرَه على خصريّ، مُرفِقًا رأسَه بعُنقي؛ كنت أتمزَّق رغم نعومة قبلاته.

" لم يسبِق وأن افترقنا كُلَّ هذِه المدَّة مُنذ أن عقدنا قِراننا، لا تعلَمين كَم اشتقتُ إليك، وكَم خشيتُ أن يفتنك الكولونيل في ظلِّ غِيابي، صحيحٌ أنَّه مُتزوِّج، ولكِنِّي عجزتُ عن التحكُّم في مسارِ أفكاري، لاسيما وأنَّكُما مُختلِيان ببعضِكما، شعرتُ بالغيرة. "

حينَما أدركتُ أنَّ لمساتِه أخذَت تسلك مُنحنياتٍ عوجاء، ما أنا بقادرةٍ على احتِمال تبِعاتِ جعلها سكَّةً لليلة فُراقٍ كئيبة كهذِه اللَّيلة، حللتُ عقدة أنامِله حولي، وتناءيتُ عنه بخُطوةٍ مِلؤُها النُّفور، يستَحيلُ أن يتصوَّره عقلُه.

" أنا مُتعبة، لم أنَم بشكلٍ جيِّد اللَّيلَة الماضيَة. "

رجوتُ ألَّا يربط الأحداث ببعضها البعض، ويلاحِظ بُعدي عنه، رجوتُ أن يأذَن لي بالرَّحيل دونَ مُساءَلات، لكنَّ كفَّه خنقت مِعصمي.

" ألا تُلاحِظينَ أنَّك تجتنبينَني مُنذ أكثرِ مِن أسبوعين؟ "

لم يكترِث لتصدُّعات الوجع الَّتي تجلَّت على وجهي، وواصل توبيخي.

" أخبرتُ نفسي أنَّها مُرهقةٌ نفسيّا بسببِ تغيُّر المُحيطَ مِن حولِها، لأنَّها امرأةٌ لا تتأقلَم بسهولة، أخبرتُ نفسي أنَّك تمرِّينَ بصعوباتٍ في العمل تجعلُ مزاجَك سيِّئًا، لقد نفدَت جميعُ المسوِّغات الَّتي كُنت ألتمِسُها لكِ. "

خطبي أنِّي غيرُ قادرةٍ على إخلائي من بيكهيون لاستضافة لمسات رجلٍ آخر!

" سأخرُج لاستِنشاقِ بعضِ الهواء. "

اشتدَّ بِه الغضب، فقيَّد كتفيّ حتَّى انكَمشا، وأجبَرني على مواجَهتِه.

" أهُناك رجُل غيري مُتربِّعٌ في فُؤادِك؟ "

جحظت عينايَ بينما تضمَّان هيئته المُكفهرَّة، ما سبق وأن رأيته ساخطًا كاليوم. سرعان ما لانت ملامحه، أدركتُ حينَها أنَّه لم يقصِد ما تفوَّه به، واستغللت زلَّة لسانه لتبريرِ نفسي.

" أهذا كُلُّ ما نشبَ بعقلِك؟ "

ارتَخت يداه، إلى أن انحلَّ قيدُه تمامًا، وارتَعش وهو يُحاول لمسي مُجدَّدًا.

" سامِحيني، أعلَم أنَّك أنقى مِن أن تُدنِّسَك نزواتٌ عابِرة، أنا المُخطِئ. "

" ابتَعِد عنِّي. "

دفعتُه بعيدًا عن دربي، وولجتُ الحمَّام بدَل الخروج إلى الحديقة في جوٍّ غير مناسب للنُّزهات، في الحقيقة خشيت أن أرصد بيكهيون وسومين في وضعيَّة حميميَّة أُخرى فأُجرح، بالكاد أتعايشُ مع ألمي الحاليّ، وبينَما تجولُ عيناي بتيه، في أركانٍ كثيرًا ما شهِدت انكِساراتي اللَّحظيَّة، وقعتا على موسِ حِلاقة يخصُّ جينوو، تحتَ سطوةِ الأفكارِ السَّوداويَّة، والنَّارِ الَّتي تشعلُ دواخِلي التَقطتُه، وقطَّعتُ وريدي لأوَّلِ مرَّة!

-

أنا رجُل ميِّت، لا يُحسُّ بألمِه، ربَّما تخدَّرت لفرطِ ما تألَّمت، رئيسٌ فاسِد ما تنازَل يومًا ليُصغِيَ إلى شكاوِي شعبِه، أولئِك الَّذي يقطنونَ بداخِله، جِذعٌ أجوف يزدرِد الكلِم دون أن يهضِمَه، لا يعرِف كيفَ يُحافِظ عليه، ولا كيفَ يتأثَّر، ليسَ بإمكاني التَّفاعل مع آلام غيري ولو قليلًا؛ لم أظنَّ يومًا أنِّي قد أًصابُ بكلمةٍ ما وُجِّهت لي!

في كلمةٍ عقيمةٍ وحيدة أحصيتُ كميَّة هائِلةً مِن الوَجع، كأنَّ مشاعِرها حفرت تحتَ الأحرُفَ عموديًا بدَل أن تستلقِيَ على السَّطر أفقيًّا فتظلَّ بحاجةٍ إلى جيشٍ مِن الكلِم حتَّى تصِل إلى قُلوبِ البعض، لقد وصَلت إلى لُبِّي.

للمرَّة الثَّانية أُشفِق عليها، لأنَّها لا تستحقُّ ما يحدُث لها، رغمَ قصورِ معرفَتي بِها، إلَّا أنِّي جمعتُ عنها ما يكفي لأقولَ بأنَّها زوجةٌ صالِحة، وامرأةٌ مُحبَّة، لا تُقصِّر في الاهتِمام، بل تمنحه بسخاء، ومتفهِّمة لا تتوارى خلفَ الكِبرياء في كُلِّ نِزال... أجهلَ كيفَ لرجلٍ أن يتجاهَل امرأةً تنضح بالحبّ، ويُفتِّش عن الارتِواءِ في غيرِ جبّ!

على مسافةٍ من الباب، رأيتُ سومين وهِي تجري نحوِي، مُتحلِّيةً بثوبِ نومٍ حريريّ أسوَد خفيف، رغمَ قسوةِ الجوِّ بالخارِج، ما لبِثت وأن استقرَّت في حُضني بودّ، وشدَّدت أسرَها حولَ رقَبتي، مُربكةً نفسي، ليسَ حُبًّا بل ارتِيابًا، أذكُر أنَّنا مُتخاصِمان، مُنذ أن مدَدت يدي عليها، لأنَّ الغضَب تجنَّد فيَّ ضدَّها، بعدَما استَثارته بأفعالِها الطَّائشة، لماذا تحتَفي بي وكأنَّها ودَّعتني بسلسلةٍ مِن القبلاتِ العاشِقَة، والصَّلوات الصَّادِقة؟

بخلت عليها بمدِّ ذراعيّ لمبادلتها، وبقيتُ ساكنًا.

" أنا رجلٌ يحبُّ الوضوح، ولا يقبلُ بالحركات الملتبسة، فلتَشرحي لي ما الَّذي يحدُث؟ "

أزاحَت وجهها عن رقبَتي، وعزفت ألحانها بدلال، ظنًّا أنِّي قد أتداعى لها!

" امرأةٌ حسبت الثُّلوج زوجَها في مدينةٍ بعيدة عنها، هل تحتاجُ عُذرًا آخر لتُعانِقَه؟ "

طرحَت يديها على صدري، مضمرةً نوايا ملتوية، استَطعت تمييزَها في نبرتِها المُغرية.

" أخبرتُك ألَّا تُعامِلني كأحدِ جُنودِك، أنا امرأتُك ويحقُّ لي التصرُّف بلُبس، كما أنَّك قادر على حلّه بسهولةٍ إذا أردت، دعني أحلُّ أزرارَ قميصِك، بيكهيون. "

لم يكُن ذلِك ما انتَظرتُه مِنها، لعقتُ باطِنَ شفتِي السُّفلى بلِسانِي، وحينما نفد صبري، تطوَّعت لخلعها عنِّي، فاعترضت.

" حسنًا، لقد أردت تلقينَك درسًا، لكنِّي غاليتُ في التمسُّكِ بموقِفي، رغم علمي بشخصك، ورغم يقيني بأنَّك لن تُبارح محطَّة الانتِظار مهما تأخَّرت. تفهَّمني، ليسَ جسدي الوحيد الَّذي تأذَّى، حتَّى قلبي، فهلَّا تناسيت هذه المرَّة أيضًا؟ "

رغمَ الصِّدق الَّذي ترقرق بين كلماتِها، ما يزال الشكُّ يدنِّسني.

" بدا موقِفك صلبًا، ما الَّذي زعزعَه؟ "

" في ظلماتِ الغياب، تظهر طينَة الأشخاص، وقد كُنتَ تلمَعُ مِثلَ ألماسَة. "

في الأخير استطاعَت أن تصهرني، وتحثَّ ذراعيّ على التشبُّث بخصريها.

" ربَّما عليَّ السَّفر في إجازةٍ طويلة العُمر. "

دسَّت رأسها في كنفي مُجدَّدًا.

" تعلمُ أنِّي أُحبُّك. "

ما يزالُ اعتِرافها حِبرًا على ورق، لم أرَ على أرضِ الواقع أفعالًا شامِخة بعد، مع أنَّ المواقِف رخَّصت لها البِناءَ عِدَّة مرَّات، فتخاذَلت، وظلَّت ترشونِي بأقراط كلمٍ ذهبيَّة لتتحاشى النِّقاش، تعِي أنَّها تُبهِرني. وما أزالُ أخصِم لها في كبريائِي مِن أجلِ أن يسعَها شراء رقعةٍ من وقتِي الحالي، أنا شبه فارغ، لو خسرتُها فما الَّذي سيبقى فيّ؟

سايرتُها إلى الغُرفَة، حيثُ أخذت حمَّامًا منعشًا، ثمَّ غيَّرتُ ملابِسي العسكريَّة إلى أُخرى صالحة للنوم؛ قميص رماديّ، وسروالٍ أسود، وبشعرٍ مبلولٍ خرجت، أتساءَل لماذا لا أتلقَّى منها ذات العرض المغري الَّذي تلقَّيته مِن خادمة!

اقتربت مِن مقرِّ وقوفِي، وأحاطَت رقبَتي بجُرأة؛ كلانا يودُّ التَّوقيعَ على معاهَدة الصُّلح سريريًّا، لأسبابٍ مختلفةٍ ربَّما، بتُّ لا أعلمُ ما إذا كُنت أخوض غِمارها حبًّا بها، أم لمجرَّد رغبةٍ ذكوريَّة زائلة. حينَما التحمت شفاهُنا، وما وخزَ أنفُها خدِّي، خطَرت لي لقطاتٌ مِن اللَّيلةِ الَّتي صنَّفتُها الأفضَل في حياتي، أذكُر بوضوحٍ أوَّل قبلةٍ بيننا، وكيفَ شعرتُ أنَّ أنفَها المُسنَّن قد يخترِقُ أديمي في أيَّة لحظَة.

ربَّما أنا واهم، وربَّما ثعابين الارتِيابِ الَّتي تسكُن جُحورَ روحي، الأصحّ جروحها، تفحُّ وساوِسَها في أذنيّ، وتُقنِعني بأمرٍ غير منطقيّ، لكنَّه التَّفسير الوحيد، رغمَ الجُنونِ الَّذي يخامر أفكاري، لم أستطِع إلَّا أن أشكَّ في أمرِها.

" هل أنتِ بينوكيو ليطولَ أنفُك فجأة؟ "

جليّ أنَّها قد منَحتني كامِل انتِباهِها مُستغربةً نُطقي، في موقفٍ لا يُحتَمل فيه النُّطق!

" أم أنَّك تستغلِّينَ علَّتي للعبثِ معي؟ "

انهارَت ذراعاها على فخذيها.

" ما الَّذي تقصِدُه؟ "

قابَلت كُلَّ خطوةٍ أقدمت عليها نحوَها، بخطوةٍ إلى الوراء.

" لم أقِف عند التغيُّر المُفاجِئ لغسولِك، ولا رائِحة المرهمِ الرّخيص الَّذي جزمت بلِسانِك أنَّك لا تضعينَ مِنه، ولكِن ها أنا ذا ألتمِس تغيُّرًا خِلقيًّا في وجهِك، لكِ أنفٌ مسطَّح، لا يعقَل أن يحتدَّ فجأة، كيفَ لم أنتبِه مِن قبل؟ "

توقَّفتُ عندما أوقفَها الجدار قسرًا.

" في الثَّالث من هذا الشَّهر، أنت لم تقضِ اللَّيلة بالغرفَة. "

بصوتٍ مُتهدِّجٍ نبست:

" أُتحاول إخباري أنِّي قد بعثتُ بامرأة أُخرى إلى غُرفَتي، لتنامَ برفقةِ زوجِي؟ "

-

يلا يكفي مومنتس حلوة بين البطلين نرجع لايام الفقر والحرمان 😂💔

عدلت الفصل رغم الصداع الفتاك يلي صابني 😭 بعيش أوقات صعبة هالفترة 💔

زعلانة على سايا وعلى حالتها النفسية يلي بالارض 😭😭😭 عالأقل بيكهيون قوي ومتحمل 😿 متى تحبها وتخلصنا 🌚

شو رأيكم بالفصل!

أكثر جزء عجبكم وما عجبكم!

بيكهيون!

سايا!

جينوو!

سومين!

شو رح تعمل سومين!

بيكهيون يصدقها أو لا!

فكركم رح يشك بسايا!😂

شو هي توقعاتكم للفصل الجاي 😎

يسلملي هالأنف 😂

دمتم في رعاية الله وحفظه 🍀

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro