الفصل| 08
لا نُدرِكُ وزنَ الخطأ إلَّا لحظةَ وقوعِه على كواهِلنا، بعدَ إذ ظنَّنا أنَّنا قادِرون على تسديدِ ثمنِه بمُرور الزَّمنِ، فيظلُّ يدين.
لاستِحالةِ أن يُكتَب الفصلُ الَّذي قرأته عليَّ ذاكِرتي بصخب، خِلتُها قد اختَلقته حتَّى تُرطِّبَ لهفتي له، ربَّما سقَتني لحظات وصالٍ حميمٍ حتَّى تُكافِئ حُبِّي الزَّاهِد؛ يُعطي دونَ أن يطلُب المُقابل، خلِتُ أنَّ ما حدَث بيننا مُجرَّد حُلمٍ من الأحلامِ الَّتي تُراوِدُني أحيانًا، لكِنِّي وعيتُ على تراتيل أنفاسِه الفاتِرة، واربتُ جفنيَّ فرأيتُ ذوائِبه مُنهمرة على جبينِه بشقاوة، حاجِباهُ راكِدانِ بسكون، وضِفَّتا الكَلام، والآثام مُتعانِقتان بسلام؛ شارَفتُ عليه كما لو أنِّي أُشارِف على الجنَّة، الأصحّ خيالُها الَّذي احتَرقَ، ما إن استَعدتُ رُشدِي!
لقد خُنت زوجِي وخُنت صديقتي المُقرَّبَة وأنا مخمورة، ليسَ بالشَّراب الَّذي أجبرَني على اجتِراعِه، بل بلَمساتِه الَّتي غزلَها بي لظنِّه أنَّه حِلٌّ بهذا الجسَد، إذ خاطَ جسده بجسدِي ورغمَ أنَّه رُقعةٌ لا تليقُ بِه، ما اشتَكيتُ، خشيتُ أن أتمزَّق. خُنت نفسي وخُنت أحِبَّتي بأنانِيَّة، ويا ليتَني كُنت المَعنيَّة بحُبِّه الرَّقراق وغديره الَّذي لا ينضب، ليتَني كُنت محطَّةَ كلِماتِه الَّتي أرهقَها الشَّوق، ونظراتِه الَّتي أضناها الانتِظار. ضحَّيتُ بثلاثٍ لخسارة، ليسَ ذلِك ما أردتُه، ولو أنَّ له فيَّ نصيب، الأصحّ ليسَ كُلّ ما أردتُه.
بيدينِ مُرتجِفتين دفعتُ جنبي عن المُلاءَة الَّتي شهِدت على سُقوطِي ضحيَّة لقبلاتِه الحارَّة، للمساتِه الفتَّاكَة، لكلِماتِه الأنيقَة، ثُمَّ التَقطتُ ملابِسي المُلقاةِ على الأرضِ سويًّا وذِكرياتٍ كانت حُلوة قبل أن تختمِر بالواقِع، وتُعتَّق لساعاتٍ بحجمِ سنين، لحمتُها بي على عجلٍ، وانصَرفتُ بخطواتٍ حثيثَة، أكادُ أتعثَّرُ بالخوف الَّذي حفَّ قلبي ودربي... هربتُ بعدَ أن اقتَرفتُ جريمة حُبّ، بعدَ أن انصَعتُ لنفسِي الأمَّارةِ بالسُّوء، واحتَلتُ على عينيه لأنهبَ مكنوناتِه، بعد أن قتلتُ الثِّقة وحطِّمت نقاء مشاعري تجاهه، بعدَ أن طعنتُ علاقَتي بسومين في الظَّهر.
كَم سيمقُتني إن علِم أنِّي تواطأتُ معَ زوجتِه واستَغللتُ مرضَه لأنالَه عن غيرِ قصد، لقد دفنتُ في غُرفتِه قُنبلةً موقوتَة، لا أعلمُ مَتى ستنفجِر... أم أنَّ جهلهُ سيُفكِّكُها!
وصلتُ إلى المقصورةِ بأمان رغم أنِّي مكسورة، وكسري لن تجبره الأيَّام، اتَّكأتُ على الباب، ووقفتُ ساكِنةً للحظاتٍ مليئةٍ بالفَراغ، لا أُفكِّر في شيء، ثُمَّ انهرتُ ببطء إلى أن انطويتُ على الأرضيَّة البارِدَة، كان السَّريرُ الَّذي يضُمُّ جينوو في مدَى بصَري، يجلِدُني بقُوَّة. ما أزالُ أسيرةً للدَّهشة، عُقيلاتي لا تقترِحُ حلًّا لمُفاوضتِها عليّ، وتصُبّ ' ليتَ ' كوابِلٍ مِن السِّهام، كحِجارةٍ مِن سِجِّيل، على رُؤوسِ ذنوبٍ لا تُغتفَر، ولا تُطمَر بتُرابِ الماضي، ذُنوبٌ يستحيلُ أن تعودَ إلى أرحامِها، أو تضيعَ في أرضِ النِّسيان، مِثل أيِ ذكرياتٍ لا معنَى له!
بقيتُ جالسةً على تلك الوضعيَّة المُثيرة للشَّفقة، إلى أن طُرِق البابُ من خلفي. هزّةٌ عنيفةٌ طالت أوصالي، وبعفويَّة مالت عدستايَ نحو جينوو الَّذي لا أعلمُ كيفَ سأُواجِهُه، تمنَّيتُ لو أنَّ اصطِدامنا الحُلو، جُثَّة أخرى لنا في مقبرة أحلامي.
ما لبِثت وأن استجمعتُ شتاتِي ونهضت بوهنٍ شديد، أتفقَّد هويَّة الزائِر، نسيتُ بالكامِل شريكَتي في الجريمَة، والَّتي تجسَّدت أمامِي بطلّةٍ أنيقَة، كما هُو معهودٌ مِنها... كانت تشعُّ طاقة، على عكسي أنا الَّتي انطفأت بالكامِل.
" علِمتُ أنِّي سأعثُر عليكِ هُنا، جيِّدٌ أنِّي لم أُخاطِر بالصّعود إلى الغُرفةِ، وأنا بملابِس السَّهرةِ هذِه، أدري أنَّ حظِّي ليسَ بجمالي. "
رائِحةُ الخمِر تفوحُ مِنها، والابتِسامةُ مُتعلّقةٌ بثغرِها، لقد استَمتعت كما استمتعت، لكِنَّ مُتعتِي اللّحظيَّة ستُكلِّفُني عُمرًا بأكملِه!
صدَّع الأسفُ استِواء حاجبيها، بينَما تُمسك يدي اليُمنى بينَ أناملها.
" أعتذِر، إذ تأخَّرتُ قليلًا، كُنت بحاجةٍ لأن أستفيقَ أوَّلًا فقد أسرفنا في الشُّربِ كثيرًا. "
سُرعان ما جذَبتني بعيدًا عن عتبَة الباب، خشية تتسرَّبُ همساتُها خارِج مدارِنا.
" ما تزالينَ ترتَدين فُستانَ نومي، هل عُدتِ للتوّ؟ "
أومأتُ بقلَّةِ حيلة، ما طاوَعني ضميري على النَّظرِ إليها. لقد أجرمتُ بحقِّها وبحقِّ زوجِها، حتَّى أنَّه اقتَرحَ عليَّ الاعتِرافَ لها وطلبَ الغُفران قبل أن تفضحَني الأيَّام، أينَ كانَ وأنا مدفونةٌ تحتَ صدرِه، لماذا لم يعلو صوتُه كالآن؟ لما أدركتُ هذِه النُّقطَة العقيمَة لو نطَق المنطِق!
" أخبِريني كيفَ مرَّت ليلتُك؟ هل حدَث أمرٌ خارِج عن المألوف بينَما أنتِ هُناك؟ أو تصادمتُما بشكلٍ مِن الأشكال؟ أطلعيني بكُلِّ التَّفاصيلِ مهما كانت دقيقة، كي لا يُلجَم لِسانِي إن باغَتني بسُؤالٍ ما، فهُو رجلٌ فطِن، ذو تفكيرٍ عسكريّ. "
آلَمتني نظراتُها المُطمئِنَّة، والثِّقَة الَّتي قلَّدتني إيَّاها رغمَ أنِّي لا أستحقُّها، في لقائِي معَ أولِّ ضحاياي، تداعَى ثباتي، أكادُ أهوي على الأرضِ جاثِية، باكية، فكيفَ قد أنظُر في وجهيِّ الرَّجُلين اللَّذينِ مارستُ عليهما أنانِيَّتي؟
صلبتُ نفسِي للحظةٍ نسيتُ فيها أنِّي لم أُخطِّط لمِثلِ هذِه الجريمَة، بل كُنت جُزءًا مِن مُخطَّطٍ حياتيٍّ عظيم لإيقاعِي في البأس، بمعونةِ سومين، هِي السَّببُ في خطيئَتي، لما استَسلمتُ له لوما أمَّنتني عليه. بظرفٍ وجيزٍ تبدَّلت نظرتي نحوها مِن النَّدم إلى خواء مُطلق.
" هل شعرتِ بالخوف، وأنتِ تستَمتِعين مع الفَتيات؟ "
دونَ أيِّ قِسطٍ مِن التَّفكيرِ قالت:
" أبدًا، أنا أعرِف بيكهيون جيِّدًا، هُو تابعٌ مُخلصٌ لكِبريائِه، يستَحيل أن يخونَه لأجلِ امرأةٍ مهما بلغَ فيها مِن الوجد، لن يُبادِر بمُحادَثتي إن سخط عليّ، حتّى وإن كانَ هُو المُخطِئ، لذلِك شعرتُ بالاطمِئنان. "
لعلَّ كِلتانا حظِيت بحصَّتِها مِن المُتعة، ولكِن هل ستُعاقَب كما أُعاقَب مُنذ الآن؟ لا أظنُّ وأنَّها ستذوقُ رشفةً مِن العلقمِ تحتَ لِسانِي.
تقَهقرت ابتِسامةٌ مُتحسِّرةٌ على عتبتيّ.
" ماذا عنِّي وعن مشاعِري؟ "
رأيتُ كُلَّ ما طرأ على سحنتِها من وجل، إذ سطَّرت عينايَ مظهرها بكُلِّ وقاحَة. ما لبِثت وأن اقتَربت مِنِّي وطرَحت صوتَها بالدَّركِ الأسفَلِ له، كِدتُ لا أسمعُها.
" سايا، أنتِ تتحدَّثينَ بلهجةٍ غريبة عنكِ، كشخصٍ غيرِك، أفعَل بيكهيون ما أزعَجك؟ لا تُخبريني أنَّه اعتَدى عليكِ بالضَّرب؟ "
بل سمحتُ لهُ بالعُبورِ إليّ، والاختِلاطِ بي!
كَم رغِبتُ في صفعِها! ألِهذِه الدَّرجةِ تجهلُ زوجَها؟ كيفَ لها أن تُشكِّكَ في رجُلٍ يضخّ بالحُبّ، حتَّى وإن آذاها مِن قبل؟ أردتُ أن أعاتِبها لأنَّها أساءَت الظنَّ بِه، لكِنَّ الذَّنب قيَّد يديّ، كما قيَّدَ لِسانِي قبلهُما، فطأطأتُ رأسي بخجل.
" لم يحدُث شيء. "
" الشُّكر للربّ، لم يلحظنا، وإلَّا لأعدمَ كلتينا! "
صمتُّ مِن أجلي، لأظلَّ طاهِرةً في عينيهما، ومِن أجلِ جينوو الَّذي لا يستحقُّ أن يُعاقَب على إثمِي، لمُجرَّدِ أنَّه مُرتبطٌ بي.
خلعت فُستانَها الَّذي سبق وأن انسَدل في غُرفتِها مُعلِنًا نِهايةَ مسرحيَّة العِفَّة، ففي الكواليسِ عشت مشاهِد محظورة من العرضِ في حَياتي، بل ولم تُكتب بينَ فصولها المُضجِرة، المليئةِ بالاكتِئاب، ويا ليتَ خطيئَتي رحَلت برحيلِ آخِر رموزها الملموسَة، فوصماته مُنتشرةٌ بجسدي، رأيتُها بوضوحٍ حينَما حبستُ نفسي في الحمام.
نزَفت عينايَ دِماءً شفَّافَة، تُحاكِي قطراتِ المَاء البارِدة الَّتي كانت تنقُر رأسِي برقَّة، ثُمَّ تنسابُ على جِرمي المُجرِم، دونَ أن تجرِف معهَا ذِكرياتِي، دونَ أن تُنظِّف علاماتِه. أَموتُ مِرارًا كُلَّما ارتَجفتُ، لتذكُّري انسيابَه عليّ، اختبائه بينَ خنادِقي، وعبثِه بأخاديدي، كيفَ تقلَّبت البسماتُ على أساريرِي، كَما تقلَّبنا على سرير الإثم، نتَبادَل طلقاتِ الرَّغبة، ونسقُط ضحايا للجَشع، وكُلَّما أغلقتُ عينيّ لأشعُر بِه عليّ، وهربت أنفاسِي المُتعثِّرة منِّي.
وعندما أصحو أفرك جِلدي بعُنف، عبثًا، فهُو مُتوطِّنٌ بداخِلي، مهما آذيتُني وآلمتُني لا يزالُ هناك... أعتذِر للمساتِك الَّتي لا ذنبَ لها في انفِعالي، وآثارُك الَّتي لا تستحقُّ أن أُعامِلها بهذِه الخُشونَة، أنا المُخطِئةُ لأنِّي ألجأتُها بي، ولستُ أهلَها.
جينوو يطرُق البابَ مُنذ شوطٍ طويلٍ مِن الوقت، دونَ استِراحَة، ذلِك لأنِّي أبيتُ الردَّ عليه، الأصحُّ أنِّي ماطلتُ، لأنَّ الردَّ عليَّ مُحتَّم.
" لقد تأخَّرتِ بالدَّاخِل كثيرًا، هل أنتِ بخير؟ "
ما انفكَّ يُدير المِقبض، يودُّ اقتحام المكان، لولا أنَّ مدخله موصَد.
" ليسَ مِن عادَتِك أن تُغلقي الباب. "
لم أستطع الاختِلاءَ بنفسي إلى أكتَفيَ مِن تأنيبِها، وأقتصَّ مِن جسدِي الَّذي تلذَذ بالمُنَكر، وما يفتأ يذكر،
فاضطرِرتُ لتأجيلِ جلسةِ مُحاكَمتي المُغلقَة إلى وقتٍ آخر، إلى أن أتفرَّد بي. جفَّفتُ جسمي، ثُمَّ التَحفتُ ثِيابَ نومي المُحتشمة، قميصٌ فضفاضٌ ذو أكمام، وبنطلون عريض.
وجدتُ جينوو كُثبَ البابِ بانتِظارِ خُروجي، ليسَ من أجلِ الاطمِئنان عليَّ غالِبًا، بل من لأنِّي أُؤخِره عن عمله، رغمَ العتب الَّذي أحمله له، أصابَ الشَّللُ عينايَ فما قامَتا عن الأرض، شعرتُ بقليلٍ من الرَّاحة حينما تجاوَزني دون استِجواب.
سكنتُ عِند محيط السَّرير، ونظرتُ إلى سطحِه، متى هاجَر الدِّفء أصقاعَه؟ ومَتى التَهَم البُرود كُلَّ ما عشَّش فيه مِن حُبّ؟ متَى صارَ قِفارًا أزرعُ فيه ولا يُنبِت إلى الحدِّ الَّذي دفَعني للبحثِ عن سريرٍ آخر يؤتِي ثِمارَه؟ وهل يحقُّ لي الاستِلقاءُ عليه؟
ليسَ لي مكانٌ آخر قد يُرحِّبُ بي ويحتويني، لذلِك رميتُ جسدي على جانبي منه بكُلٍّ وقاحة، وتغطَّيت جيِّدًا، أستعدُّ للنَّوم هُروبًا من الواقِع. لم أظُنّ أنِّي سأناله بسُهولة، فالتَّفكير خصمٌ عسير، وحربي معه خاسرة على الدَّوام. قبل أن يغفَى لي جفن، خرجَ جينوو من الحَمَّام، وصدِم لرؤيتي مُستلقيَة، بدَل أن أكون بالمَطبخ.
" ألن تذهبي إلى العَمل اليوم؟ "
بوهنٍ قُلت:
" أشعُر بالإرهاق، سأتغيَّب. "
" ألم تقولي سلفًا أنَّ رئيسكِ صارِمٌ جِدًّا في التَّعامُل مع الغِياب؟ ماذا لو طُرِدت؟ "
صنعتُ بينَ جفنيّ شقًّا فأبصرتُه وهو يُمرِّر المِنشفَة على رأسِه.
" لقد بذلتِ جُهدًا كبيرًا مِن أجلِ الحُصولِ عليه، كما أنَّك استَغرقتِ وقتًا طويلًا ل، سنُعانِي مادِيًّا إن خسِرته حقًّا. "
لا أمتلك الحقَّ في الغضب منه، بعدَ أن غدرتُ بعلاقتِنا، لكِنِّي ما استطعت ردعه عن الجريان في صدري، والانفِجار خارِج لساني، حيثُ جلستُ على الفِراش، وكُلِّي حقد... أردتُ أذُنًا تحتَوي فيضاناتي العاطِفيَّة.
" هل أنا آخِر شيءٍ تكترِثُ له في هذِه الحياة؟ لماذا عملِي وعملِك ورئيسي ورئيسك على رأسِ قائمة أولوِيَّاتِك، كأنَّك تضعُ كُلَّ شيءٍ قبلي، أكُلُّ ما تكترِث له هُو المال؟ أخائِفٌ مِن أن يضيعَ مصدرُك الاحتِياطيّ للدَّخل إن طُرِدت؟ ماذا عنِّي أنا؟ "
ألجمته الدَّهشة لهُنيهة، استنزفها في التَّحديق بي، ينتظرُ أن أعتذر عن رفعِ صوتي في حضرتِه، من بين جميع جدالاتِنا الَّتي اختتمتُها بالتَّنازل أكان عليَّ أن أثور الآن، بعد فواتِ الأوان!
بدراميَّة ردّ.
" لماذا تصرُخينَ عليّ؟ لو لم أكُن أكترِث لأمرِك لما ذكَّرتُك بمراس رئيسِك، أدري أنَّك تُحبِّينَ العمَل في الثَّكنة كثيرًا، أهي تِلك الفترةُ مِن كُلِّ شهر؟ "
متَى قُلت أنِّي أُحبُّ العَمل هُناك؟ كيفَ أُحبُّ العَمل في عرينِ الذُّكور، وأنا مُجرَّد أُنثى لا حولَ لها ولا قُوَّة؟
تمنَّيتُ لو أُطارِحه أفكارِي لكِنِّي حبَّذتُ السُّكوت، وأعطيتُه بظهري، مواجهةً الحائِط الفارِغَ قُبالَتي، مِثل دواخِلي، إذ نقلتُ كُلَّ ما لديّ لبيكهيون!
" لا تهتمّ. "
أعي جيِّدًا أنَّ أيَّامِي المُقبِلة لن تُشبِه السَّابِقة في نعت!
-
وحدَها اللَّحظاتُ الَّتي تُؤلِّف بينَنا على سرير، تُزعزِع قراري، وتحمِلني على إعادةِ النَّظرِ في قراري المَسنون، بأنَّا لن ننجُوَ مِن ويلاتِ الفوارِق، لن نقِف باستِقامةٍ ما دُمنا مربوطين ببعضنا، فلِكلٍّ مِنَّا كِبرياءٌ ثقيل، يجعلُنا نميل.
ظننتُ أنَّ علاقَتنا تقِف على شفا الهاوِية، لا يفصِلُها عنها سِوى خُطوةٌ حافلةٌ بماضينا الشَّاعريّ، أزمةٌ أُخرى ستدفعُها إلى الهَلاكِ لا محالَة، لكِنَّ اللِّقاء العفويّ الَّذي انعقَد بينَنا البارِحة سحبَنا أميالًا نحوَ الخَلاص، إلى برِّ الأمان، عجيبٌ كيفَ لامرأةٍ جاهلةٍ في الحبّ أن تتعلَّم أبجدِيَّاتِه بينَ عشيَّةٍ وضُحاها، وتُتقِنَ ملأ السُّطور. هِي الَّتي لطالَما سئِمت كلِماتي الضَّبابيَّة، وطالبت باعتِذارات واضِحة، كيفَ قبضت على المَعاني المُتواريَة خلفَ عِتابي لها، وكيفَ وقَّعت أنامِلها الَّتي حطَّت بخدِّي على الصُّلح بكُلِّ سُرور؟
رغمَ أنِّي وقعتُ تحتَ تأثيرِ المشروب، حفِظتُ كُلّ هُنيهَةٍ مِمَّا عشناه، مُبارزاتُنا الضَّاريَة في حربٍ كلَّفتنا مخزونًا كبيرًا مِن الأنفاس، وعُرسُ الانتِصار حينَما صبونا النِّهايَة، ليسَ لأنِّي أردتُ، بل لأنَّه لا يُنسى، مِثلَ حدثٍ تاريخيّ راسخٍ بأذهانِ الجميع... كأنَّها عثَرت على المرأةِ الشَّغوفَة فيها بعدَما تاهَت بينَ محطَّات الزَّمنِ المُكتظَّة بالمتاعِب، وربَّما أنا الَّذي عثرتُ على الشَّغفِ الَّذي سرقَه مِنِّي المَرض، يقشعِرُّ بدَني تذكَّرتُ همساتُها المُغرية، العاطِفة الَّتي اتَّقدَت في أنامِلها، ونثرت الحرائِقَ في سُهولي، وتموُّجِها أسفلى مِثل أفعى سامَّة، كانت لذيذةً كالإثم، ومُربِكةً كالحِساب.
أيقَظني ساعَتي المُنبِّهة مِن غفوَتي الهانِئة، إذ رنَّت مُعلِنةً عن دنُوَّ موعِد عملي، طبطَبت يدِي على ظهرِ السَّرير بحثًا عن سومين، لكِنَّها عادَت إليَّ خائِبة، حينَها فصلتُ بينَ جفنيّ مُستغرِبًا؛ ليسَ مِن عادتِها أن تستيقِظ بمِثل هذا الوقتِ المُبكِّر. لم أُتعِب نفسي في التَّفكير، واتَّجهتُ إلى الحَمَّامِ لأعالِجَ صُداعي، وأتطهَّر مِن الأمس؛ لم يكُن أيٌّ من جدرانِه الأربع يحتضِن مِرآة، رغمَ أنَّ سومين أصرَّت على تثبيتِ واحدة، حتَّى أنَّنا تشاجَرنا مرَّة لذاتِ السَّبب، بصعوبةٍ وافقتُ على إبقاء المِرآة المُتَّصلة بمنضدةِ الزِّينة عارية، أركان المنزل العامَّة تفتقِر إلى الأسطُح العاكسة كذلك، دمَّرتها جميعها بعدَ أن علِمت عن مرضي، مَن ذا الَّذي قد يحتمل رؤيَة ملامحه ممسوحة؟ مهما بلغَ من الطَّغوة فلن يقتدر.
لففتُ منشفةً بيضاء حولَ خصري، ووضعتُ أُخرى أقلَّ منها مساحةً فوقَ رأسي، ثُمَّ برحتُ حيِّز الحمَّام الَّذي سطا عليه البُخار، وضبَّب زُجاجه. لمحتُ سومين تتسلَّل نحوَ السَّرير، ويداها مُتمسِّكتان بجانبيّ سُترتها الرَّفيعَة... خاطبتُها:
" أينَ كُنتِ؟ "
قفزَ كتِفاها فزعًا، كأنَّها لم تتوقَّع وجودي هُنا، أهدرت بعضَ الثَّواني قبل أن تُجيب باتِّزان.
" شعرتُ بالظَّمأ، لذلِك نزلتُ إلى المَطبخ حتَّى أشرب. "
استأنفت طريقَها بلامبالاة ما جعلَ حاجبيَّ يتقاربان، كُنت سأردُّ عليها بالتَّجاهُل، لكنَّ خطواتي قادتني إليها، وحينما أدركتُها أحاطت ذراعاي بخصرِها، كالأمس، لقُربِي مِنها شعرتُ بالرَّعشةِ الَّتي سرَت في جسدِها، رغمَ ذلك عقفت رأسها، وجاهرت ببرودٍ غريب.
" ما الَّذي تُريدُه مِنِّي الآن؟ "
لم ترق لي نبرتُها.
" أتتظاهرينَ بالانزِعاج؟ "
تحرَّرت مِن طوقي الوديّ، وتناءَت عنِّي ببضعةِ خطوات، التَمستُ الاستِهجانَ في أنغامِها الَّتي سرَّت سمعي ليلًا!
" كيفَ لك أن تقولَ لي أنِّي أتظاهَر بالانزِعاجِ بعدَ كُلِّ ذلِك الوقت؟ أنتَ لم تتكبَّد حتَّى عناء الاعتِذارِ مِنِّي، لأنَّك عبدٌ لكِبريائِك دائِمًا وأبدًا يا سيِّدي، لن أغفِر لكَ بسهولة. "
عقدت ساعديها إلى صدرِها.
" أتظنُّني امرأةً سهلةً لأذوبَ بلمسةٍ معسولةٍ مِنك، وإن أخفقَ ودُّكَ تثني قدميّ بجورك؟ ربَّما اعتَدت أن يجثو الجميعُ عِندَ قدميكَ خوفًا مِنك، لكِنِّي لستُ كالجَميع. "
طلبتُ أن تشرب، لأنِّي لستُ رجُلًا قادِرًا على حِياكةِ الكلِماتِ وهُو واعٍ لشخصٍ واعٍ، ما خِلتُ أنَّ الذِّكريات ستُفارِق عقلها بعدَ النَّوم!
بصعوبةٍ منعتُ يدي من تهشيمِ فكِّها، مِن أجلِ اللَّحظات الخوالي.
" هل نسيتِ ما حدثَ بينَنا البارِحَة؟ "
لا تزالُ رائِحةُ المشروبِ عالِقةً في ثِيابِها، تنبعِثُ من بينَ كلِماتِها، رغمَ أنَّها أشبَعت ذاتَها بعِطرها المُميَّز، كمُحاولةٍ مِنها لطمسِ ما حَدث ربَّما؛ إذ أصرَّت على الإنكار.
" ما الَّذي تقصُده بالَّذي حدَث البارِحَة؟ لا أذكُر أنَّنا قد اشتَبكنا. "
قصصتُ المسافَة الَّتي مدَّتها بيننا، وتعمَّدت أن أهمِس في أُذنها.
" لقد استَسلمتِ لي. "
-
اهلا وسهلا بمملكة الخفافيش 🌚💕
طبعا الفصل نزل مبارح بس بسبب خلل الواتباد اضطريت اسحبو لحتى يتصلح 💔
وهيك نبتدي شهر يوليو بفصل من جسد 😭
احسن شي عملتو اني خليت سومين وجينوو شخصيات خيالية ✋ كمية الشتم يلي اخذوه رهيبة 😂😂😂😂
الكولونيل تبع جسج هو الجنرال تبع تعري نفسو بس بحياتو السابق على قولة الكوريين 😂 عندهم تقريبا نفس المعاناة مع النسوان بس شخصية لتنين تروضت بطريقة مختلفة 😎
حدا سمع اغنية سونمي الجديدة! عظيمة
😭😭💙
الكوب الاحمر بجسد والوشاح الاحمر ببيليونير مالهم علاقة ببعض 😂 هي كانت مجرد صدفة لاني بحب اللون الاحمر خليتو لون كاس بيكهيون المفضل 🌚 ببيليونير لانو لون بارز ✋
بخصوص انو بيكهيون لسا ما لاحظ يلي صار، هو يعرف انو مرتو طايشة بس يلي عملتو ما بيخطر على البال، حتى عدد منكم بيقول كيف تعمل هيك فيه اذا انتو انصدمتو كيف متوقعين بيكهيون يفكر بهيك شي 😂😂😂 هي ارتكبت جريمة ثقة حتى لو فكر فيها صعب يصدق 🌚
كمان الناس لما تسكر تحكي بنفس الطريقة والبنات صوتهم بيصير متشابه جدا لهيك ضفت الشراب 😂 عارفة اني شريرة.
نجي للاسئلة.
شو رايكم بالفصل!
اكثر جزء عجبكم وما عجبكم!
بيكهيون!
سايا!
سومين!
جينوو!
كيف بتكون ردة فعل سومين!
شو بدو يصير بسايا!
بيكهيون كيف ممكن يلاحظ 😎
حبيت تحليلاتكم بالفصل الماضي 😂😂 يلا شو توقعاتكم للفصل القادم 🔥
دمتم في رعاية الله وحفطه 🍀
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro