part 21 : لما لم يقتلني؟
بقينا في الصف ندرس بينما كان الجو باردا شديد الغيوم و مظلم نسبيا حتى اننا استعملنا انارة المصابيح .. بلغنا فترة الإستراحة و خرج معظمنا من الصف بينما بقي القليل و كنت من بينهم فقد فضلت عدم الخروج لشعوري بالبرد و لأنني لا أملك معطفا يكفي ليدفئني .. حتى صاحت احداهن لصديقتها بلهفة :
_ " جوديث " الثلج يهطل
استدرت للنافذة و رأيت اولى حباته البيضاء تنزل برفق لذا عجلت كباقي زملائي للاستمتاع به
اخترت صعود الطابق الثالث احد اماكني الخاصة و الذي نادرا ما اجد فيه احدا .. وصلت اليه فرأيت سعادة طلاب ثانوية " كولونيل مارتير " بالثلج ثم حين قلبت نظري للملعب شاهدت جينال و لورنز جالسين يتبادلان حديثا و بينهما كتب و طعام .. فقلت في نفسي
" اظن ان لورنز الوحيد الذي يتعامل مع جينال هنا "
تابعت سيري لمكاني ثم امسكت بالعمود و جلت بنظري في ارجاء الساحة حينها لوح لي روبرت حين رآني في الأعلى فلوحت له كذلك .. و فيما بقي الثلج يمتع ناظري سرحت بقولي
" يا ثلج انت تذكرني به .. كلاكما خفيف .. و كلاكما ابيض اللب .. اه لو تعلم يا صديقي ان بي حاجة للبكاء على ذراعك "
تنهدت ثم اغلقت عيني فتذكرت امر المال .. ثروتي الخاصة و بعجل تناولت الهاتف من جيبي و على تطبيق بنك " Y.T.O.S " دخلت انه بنك خارجي و الذي كنت غالبا ما ارسل منه لحسابي في بنك " سبايك " هنا مبلغا من المال حين كنت في المافيا
فسياسة هذه العصابة في ارسال المال تقتضي ان يستقبل كل شخص من اعضاءها المال عبر بنوك الخارجية و من ثم يعيد الشخص ارسال مبلغا من المال عبر حسابه فيها الى اي بنك داخلي متى ما شاء كل ذلك تجنبا للشكوك ..
حين دخلت الحساب فُجعت .. لم يكن هناك شيء .. لا شيء .. لا شيء ابدا .. صحت قائلا
" انا متأكد اني املك مبلغ تسعة عشر مليون و سبعمائة الف يورو "
اردفت بغضب " لقد تعبت كثيرا تلك السنوات "
" حمقى " .. " حمقى" صحت بصوت عال ثم تابعت " لابد و انهم قد استرجوا المبلغ كله "
شعرت بالغضب يلتهمني من كل جانب كان ينهشني بلا رحمة .. فقال فجأة :
_ ما بك يا هايدرون ؟
نظرت يمينا لروبرت نظرة غاضبة اعتراها لهيب شديد
" سأقتلهم " قلت متابعا " سأقتلهم جميعا "
فارتعب من فوره لكنه لم يتراجع و اقترب مني بحذر و هو يقول مترددا :
_ ه هايدرون اهدأ اهدأ ارجوك .. و قلي من اغضبك هكذ !
حينها قاطعته و قد ازداد غضبي
" لا شأن لك بهذا "
فبقي روبرت يحدق بعينيه مستائتين كان خائفا و لعلها كانت تلك اول مرة يرى الاسد فيها على حقيقته .. حتى دق فجأة الجرس ..
جرس نهاية الفسحة يدق و يدق .. بينما لازلت عيناي بلهيبها و لازل روبرت واقفا بلا حراك .. يحاول انتظاري لأهدأ ثم فجأة اختزل المسافة بيننا و قد تحول وجهه للحزن قائلا :
_ صديقي ما بك ؟
ايقظتني تلك الدقات حينها تنهدت و اطبقت جفني .. فتسائل :
_ هل هدأت ؟
اومأت له و قلت و انا احاول كبت كل ذلك الغضب
" اجل " ثم انسحبت من فوري حتى تبعني في الدرج و نادى :
_ هايدرون ..
توقفتُ و لم التفت فلم انجح بكبت الغضب
قال :_ لما لا تريد إخباري؟
حشرت ما اشعر به في صدري فابتسمت و رجعت اليه ثم وضعت يدي على كتفه و سقته معي بينما تفاجئ فقلت
" صديقي انه الشعور حينما يسلب حقك ، حق تعبك "
لكن روبرت لم يتوقف عن اسئلته الفضولية فأوضحت له بوجهة نظر عامل لم يأخذ اجرا
*******
مرت اصابعي على السبورة سريعا كنت اكتب بالقلم الأسود حلا لمعادلة تحرك قمر صناعي حسبت مساره و سرعته و حين فرغت قال لي استاذ الفيزياء :
_ هذا جيد .. شكرا هايدرون
وضعت القلم جانبا و عدت لمقعدي لازلت اشعر بالغضب فيداي تعرقتا
" تبا للمافيا " قلت في نفسي ثم التفت للنافذة و رأيت الثلج الذي توقف عن الهطول ثم قضيت اخر الدقائق شاردا فيه ..
فترة من النوم تلت هذه فقد خرج زملائي جميعا و الصف الآن هادئ كنت انتظر موعد المبارات بعد نصف ساعة من الآن .. فجأة شعرت بدخول احدهم فإلتفت لصديق جين الذي جاء و قال لي من فوره :
_ لدينا تدريب الآن
رددت بعجل " اي تدريب ؟ "
حينها رد بإستعلاء :_ علينا التمرن على المسرحية
فادرت رأسي عنه متذمرا و قلت
" لا اريد المشاركة الغوا دوري "
ابتسم بغرور قائلا :
_ للاسف هذا ليس قراري و لو كان كذلك لما اعطيتك ذاك الدور
" انه مجرد خادم يمكنكم الإستغناء عنه "
لم اتلقى رده مباشرة و حين سمعت الباب يفتح رد قائلا :
_ انه دور البطولة .. لا تتأخر يا هذا
لم يعجبني اسلوب كلامه المستفز لكني قلت بلا شعور "دور البطولة! الآن فقط عرفت سبب ضربي "
حينها وقفت مرغما متذكرا امر المال
" يالي من احمق كيف انسى ان اسحب المبلغ كله بعد هروبي "
دققت باب النادي بكسل شديد حتى فتحته اياريا باسمة و رحبت بي ثم قالت حين بقيت واقفا و لم ادخل :
_ ادخل ما بك ؟
" لما آخذ دور البطولة ؟ " تسائلت بعينين نصف مغمضتين
فردت بعجل :_ اظنك مناسب اكثر .. ثم ابتسمت فلم ارد و بتثاقل دخلت
كنت اتوقع شجارا بيني و بينه فوقع ما توقعته مباشرة حين تلاقت عيوننا فقد قال :
_ اهلا ببصل القصة .. اقصد بطل القصة
كنت غاضبا لذا التفت لاياريا و قلت مشيرا اليه
" اما انا و اما هو؟ "
_ لا يمكنني ان اختار .. ردت بعجل
حينها قهقه جين فتمتمت عابسا
" لا يمكنكِ ان تختاري هاه؟ " ..
بعد شجار اخر حاد مع جين اصبحت اشبه بقنبلة موقوتة تنتظر استفزازا لتنفجر .. لقد زاد ذاك الاهوج لحالتي سوءا لكن ما باليد حيلة .. نظرت للنص امامي ثم بدأت اقرأه فجأة فسكن الهدوء المكان ..
[ لقد تلبدت الأرض ] قرأتها بحزن و السبب خسارتي للنقود ثم تابعت :
[ لقد تلبدت الأرض و ما عاد فالإمكان الرؤية عبر مياهها .. اسمع الناقوس من بعيد .. اشعر بالخطر و بالخوف .. كأننا سنسلب قطعة أثرية اجدادنا رسموا عليها تاريخنا .. انها الأسرة الحاكمة منبع الهوية .. لذا سأحميها بصفتي خادمها الأول ]
حينها سمعت التصفيق من البنات و تعليقاتهم المشجعة .. [ واااو _ أحسنت _ رائع اتقنتها بسرعة _ اختيار موفق ] لكن الأولاد لم يصفقوا اظنهم لا يريدونني ..
انهينا اول المشاهد و حان مشهدي معي جين لوحدنا لم اكن اعرف ان على جين ان يريني في هذا المشهد ظهره المليئ بندبات غريبة حسب النص الذي يقول ان الملك تتدهور صحته تدريجيا و ان خادمه المقرب و الذي هو دوري سيلاحظ هذا حين يقوم بتدليكه .. لذا اظنني نجوت بدور الخادم فلو كنت الملك لرأى الجميع الآثار على جسدي ..
تابعنا مشهدا اخر و لكن حين دقت الخامسة توقفت عن القراءة ثم قلت بكبرياء
" لدي مباراة سأذهب الآن "
_ انتظر .. قالت اياريا
" لن انتظر " قلت بينما حشوت النص في المحفظة
" اجلي المسرحية فمباراتي اهم منها " و حملت الحقيبة فردت علي باستسلام :
_ حسنا وداعا
حين خرجت و اغلقت الباب سمعته يقول :
_ اخرجيه من المسرحية و الا ..
كان الرواق الذي ركضت فيه مظلما و راح يصبح مضيئا حين بلغت غرف تبديل الملابس .. لكني احسست بالالم بسبب ما تعرضت له مؤخرا .. فحادثت نفسي بحسرة
" لقد حميت اعضاء تلك المافيا بجسدي هذا و في المقابل يسحبون كل مالي و لم يبقوا حتى ثمن علاج هذه الندبات "
لذا دخلت ذلك اليوم للملعب على غير عادتي غاضبا بشدة و اصبحت ارى اعضاء الفريق الخصم مكان المافيا فلقوا مني لقاءا عصيبا لذا توجنا بالنصر ذاك المساء ضد فريق طائر العنقاء بنتيجة ثقيلة 7_3 .. لكن المدرب خاصمني يومها و طلب مني ان اقابله غدا لنتحدث لم اكن اعرف السبب حينها لكن الفرحة انستني عتابه القاسي ..
*******
عدت للمنزل متأخرا لذا حين وصلت لشارع بيتنا رأيت امي تنتظرني على عتبة الباب فقلت من بعيد " ماذا هناك ؟ "
_ الا تنتبه لهاتفك ! .. انه مغلق .. ردت و قد نهظت من فورها
اخرجته من حقيبتي و قد نفذ شحنه
" اسف لم انته لشحنه "
فجأة امسكتني متفحصة لي :
_ هل تعارك مع احدهم ؟
ابتسمت لقولها و دخلت قائلا
" كنت العب الكرة لذا لا تظني انني قد آذيت شخصا"
حينها تبعتني باسمة و ردت :
_ لدي مفاجأة لك لذا استحم و تعال لتراها ..
كان الماء دافئا جدا لذا استرخيت على حوض الإستحمام مدة من الزمن و حتى بدات احس بألم الجرح مع الماء شددت بطني و قلت بعسر
" مهلا " .. " لما لم يقتلني كونراد؟ "
نظرت لقدمي اليمنى و تابعة محادثة نفسي
" لقد تحاشى ان يضرب جسدي المرة الأخيرة "
حينها إبتسمت مرتاحا فقد بدت اجزم ان كونراد اختار مهمة البحث عني ليجنبني مواجهة عضو اخر من المافيا ..
ابتسمت امي لي و هي تحمل كيسا في يديها فنزعت المنشفه عن رأسي و حذوت نحوها فقالت :
_ لقد اشتريت لك معطفا جميلا
فشكرتها باسما ثم جلست افتح الكيس ..
البسته لي بينما لم يعجبني قط .. كان ذو لون فاتح بني فاتح و مازاد شكله الطويل و الكلاسيكي الا سوءا فقالت :
_ انظر و لا تحتج انه من اغلى المعاطف ..
اتسعت عيناي
" غال الثمن! " و عبست
فتابعت قولها :_ انه لاصحاب الطبقات الراقية .. ثم انهم ليسوا افضل منك لهذا تعمدت اختيار شيء يبرز مكانتك
" انه غال و لما تنفقين الكثير من المال على شيء غير ضروري " قلت متذمرا
سحبتني للمرآة دون ان تعلق فرأيت نفسي فيه كشخص ذو مال كثير شخص هادئ و راقي
_ اليس جميلا ؟ ..
اكتفيت بالعبوس قائلا في نفسي
" لا يختلف عن مظهر ايمره "
و حين راحت للمطبخ صحت
" المرة القادمة .. الكثير من الجيوب و لون داكن و قصير " ثم تنهدت مستسلما و تمتمت " و قلنسوة "
*******
حين حل الصباح كان من الصعب علي ارتداء شيء لا يمثلني ؛ ذاك المعطف ثم انني سأتعرض للقيل بسبب غلائه .. و لكن لانه من امي فيعز علي ان ارتديه .. لذا حين فتحت الباب قابلني السيد ايلاند و قال باسما :
_ مرحبا هايدرون ، هل استيقظ ايمره ؟
حينها خرجت و رددت الباب موجها له الكلام بحدة " مرحبا .. ايمره مشغول "
انتبهت حين قال مترددا :_ ح حسنا سأنتظره .. لمجموعة من الصحف في يده كلها مطوية بنفس الطريقة فقلت متسائلا
" لما تحمل هذه الصحف ؟ "
_ انها لايمره .. يطالع عليها اخبار الترجمة
فكرت هنيهة ثم قلت له باسما بينما سحبتها من يديه
" سأعطيها له لاحقا وداعا "
ثم اغلقت الباب و هرولت مبتعدا فقال من بعيد :
_ معطف جميل ..
فإستدرت اليه و عليه ابتسامة لطيفة بينما حادثت نفسي
" ترى من يكون السيد ايلاند ليفنستون صاحب 51 عاما ؟ "
قلبت تلك الصحف و التي كانت ل" D. Days " و " sun east " و اخرى ل " News Deira .. لقد طويت جميعها على اخبار بوليسية .. لابد و انه يحب ان يتابعها فجأة قرأت خبرا جعلني ابتسم طبيب يهرب من محاكمته على خطأ طبي لذا تابعت قراءة ذلك المقال الصغير و الذي جاء فيه
[ الشرطة تبحث عن الطبيب " ك . ل " منذ قرابة شهر و لم تجده و هو الذي لاطالما زاول عمله في مستشفى " الوئام " ]
تنبهت لحرفي اسمه متسع العينين اليس هو ذاك المطلوب " كليمنز لانزا " ثم تذكرت وجهه المسالم و نظاراته فقلت مبتسما
" مما لا شك فيه انه هو " ..
صفر القطار من بعيد بينما ازحت نظري لأصدقائي على احد المقاعد .. المحطة اليوم مكتظة لذا حين وقفت عندهم نظروا الي متفحصين منظري و صاح ديفيد واقفا :
_ هايدرون تبدوا انيقا جدا
ثم اردف بينما اخذت اخته تلامس المعطف بيدها :
_ انه معطف جميل
اومأت كايسي مرات عدة و هي لازالت تتفحص ملمسه بينما اضاف روبرت :
_ لقد غيرت مظهرك فهل لديك حفل لتحظره ؟
عبست بشدة فقالت كايسي :
_ انه من اجود الانواع .. قماش فاخر
حينها صحت عليهم
" يكفي هذا .. لم اكن لالبسه لو لم يكن هدية "
فتسائل روبرت :
_ هدية من من ؟
فسقته من يده قائلا بحدة
" هدية من امي .. من امي "
فضحك ديفيد و علقت كايسي :
_ لا تنزعج اننا نمازحك فقط .. ثم تبعانا للقطار
جلست مقابلا لروبرت بينما علي يميني قد جلس ديفيد و لان القطار مكتظ تضايقت كايسي و ديفيد من التزاحم عليهما لذا بادلناهما انا و روبرت المكان .. بقينا صامتين وقد كان الإكتظاظ غير مريح تماما حتى نطق روبرت بشيء شد انتباهي :
_ ديفيد لقد قررت المحكمة عقد جلسة المحاكمة الأخيرة لكليمنز و سيحظر فيها محاميه
رد ديفيد :
_ متى ؟
بينما قلت في نفسي
" غريب لما على طبيب ان يخاف من محاكمته على خطأ طبي و بجانبه محام ! .. الا اذا كان هناك ما يخفيه"
_ بعد ثلاثة ايام .. قال روبرت بينما اشتدت شوشرة الركاب ابتسمت محادثا نفسي
" لقد حان وقت زيارة مستشفى الوئام و اظن ان هذا المعطف سيفي بالغرض "
..... يتبع
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro