الفصل الأول
مرحبا بقرائي الغاليين
مرحبا بكل من يريد خوض هذه التجربة معي
*
استمتعوا بأول فصل
يون :
علمتني الحياة أنني مهما ابتسمت لها هي لن تبادلني ، مهما تشبثت بها هي ستبعد أناملي واحدا تلو الآخر لأترك معطفها الأسود الثقيل ، تخدرت أصابعي و أبيت تركه و لكنني وصلت لتلك المرحلة التي تجعلني أفكر أن أتخلى فيها عن كل شيء و لكن أعود و أصبر نفسي
أشعر أن قلبي يؤلمني كلما جلست و نظرت لحالي ، كل شيء حولي يجعلني متعبة و وحيدة للغاية ، و اليوم هي ذكرى وفاة والد طفلتي أماي ، ابنتي التي تبلغ من العمر السادسة عشر ، انها ثمرتي التي واجهت من أجلها الألم و الكره ، واجهت من أجلها نظرات الجميع و كره المجتمع فكانت جزء مني ، جزء تحمّل معي الكره
لقد تعدت مرحلة الاعدادية و أصبحت طالبة في الثانوية إلا أنها كثيرة المشاكل فكنت مضطرة لنقلها لثانوية أخرى و اليوم من المفترض أنه أول يوم لها بها ، الثانوية هي مرحلة عمرها الجديدة و التي ستكون بمثابة البوابة للعالم الواقعي ، ذلك العالم الذي حاولت جاهدة حمايتها منه و لكن لا أضنني فعلت
حملت دبوسي الأبيض و وضعته على خصلاتي الطويلة التي جمعتها ، وجهي يخلو من مواد التجميل فذلك الترف لم يكن يوما لامرأة مثلي ، تنهدت بتعب و قلة حيلة لأستقيم من أمام المرأة التي رسم عليها الزمن خدوشه ، سرت نحو سريري الذي وضعت عليه معطفي الأسود الثقيل ، أخذته لأضعه على ذراعي ثم حملت حقيبتي السوداء الصغيرة و خرجت من غرفتي
أقفلت الباب و عندما رفعت نظراتي قابلتني أماي تخرج كذلك من غرفتها بينما تحمل حقيبة ظهرها و ترتدي ملابس المدرسة فعكرت حاجبي و تحدثت
" أماي حبيبتي لما لم تتجهزي حتى الآن ؟ "
أقفلت باب غرفتها و سارت نحو غرفة المعيشة متجاهلة كلامي معها أو إن صح القول رجائي لها فمنذ أيام أنا أصرّ عليها للذهاب حتى نزور والدها ، تنهدت ببؤس و قلة حيلة لأتبعها ، وضعت معطفي و حقيبتي على كرسي بقربي و انضممت لها على طاولة الفطور
جلست مقابلة لها و هي بدأت تأكل بينما تتجاهلني و أنا حدقت بوجهها فلمحت أحمر الشفاه الذي تضع منه ، بالرغم من أن لونه ليس داكن و لكن هذا ضايقني ، تكثف رموشها و القليلة من الكحل ، حاولت تمالك نفسي لأنني فعلا أحاول التعامل مع كل ما تمر به و هي بهذا العمر الحرج
قربت كفي لها و طالبت بكفها متحدثة بلين
" صغيرتي لما لا تريدين زيارة والدك معي ؟ "
قربت الملعقة التي تحمل الأرز من فمها و عندما سمعت سؤالي هي رفعت نظراتها نحوي و أبت أن تضع كفها بكفي و أجابتني بكل برود
" لأنني أكرهه "
لم أتفاجأ من اجابتها لأنها دائما ما صرخت في وجهي بأنها تكرهني و تكرهه ، سحبت كفي الي لأضعها بحضني و هي وضعت ملعقة الأرز بفمها لتأكل
" أماي إنه والدك "
ابتلعت ما كان بفمها و أجابتني
" هو ليس والدي أنا ليس لدي أي والد "
حدقت بعيني و شعرت بالكره الذي لم يصرخ به لسانها به في وجهي اليوم ، رمت الملعقة داخل الصحن ثم حملت حقيبة ظهرها و سارت نحو الباب لتغادر المنزل و أنا أغمضت عيني و شعرت بالخجل من نفسي و من الحياة التي تصرخ في وجهي طويلا
لم يمر كثيرا من الوقت حتى سمعت صوت الباب يقفل بقوة و أنا فتحت عيني ثم استقمت ، حملت الصحون للمطبخ و نظفتهم و بعدها عدت لغرفة المعيشة و في الواقع المنزل ليس كبيرا ، إنه منزل صغير قديم بغرفتين و غرفة معيشة مع مطبخ صغير و فناء تقليدي ، بالاظافة لغرفة خارجية تستخدم كمخزن للخردة ، إنه منزل جدتي ، الوحيدة التي لم تتخلى عني في محنتي
حملت معطفي الأسود و ارتديته ثم حقيبتي و توجهت نحو الباب و بقربه أنا أخذت حذائي الأسود ذو الكعب المتوسط ، لبسته و فتحت الباب ليلفحني البرد و أنا مباشرة وقعت عيني على معطف أماي و وشاحها الذين تجاهلتهما كعادتها
" يا الهي ألهمني الصبر مع هذه الفتاة "
أخذتهما لأعلقهما على ذراعي ثم خرجت لأقفل الباب ثم سرت في الفناء و فتحت الباب الخارجي للمنزل و خرجت ، أقفلت الباب و تأكدت منه و عندما التفت التقيت باحدى جاراتي الكبيرات في السن التي ابتسمت لها و حييتها
" صباح الخير سيدتي "
و لكنها حملت كلبتها المسنة و دخلت منزلها لتقفل الباب في وجهي بقوة و أنا شعرت بالغيظ لأتمتم أخيرا
" هذه الكلبة العجوز فقط متى ستموت "
إنها امرأة لئيمة للغاية ، كانت تتغنى دائما بأنها صديقة لجدتي ، لطالما عاملتني بود و أنا صغيرة و لكن حالها تبدلت منذ أتيت إلى هنا و أنجبت ابنتي و كأنني ارتكبت جريمة شنعاء ضد البشرية ، يا الهي ارحمني حتى جوزيف ستالين قاتل الخماسية في العالم لم يحضى بهذه النهاية البائسة
سرت قليلا و هناك توقفت لأخرج ورقة من حقيبتي و علقتها على باب المطعم الذي كان لجدتي ، إنه مطعم صغير و مصدر دخلي الوحيد ، لقد اعتذرت لزبائني اليوم لأن لدي ظرف خاص و بعدها سلكت طريق المدرسة
مضى قليل من الوقت و وصلت هناك فوجدت الباب مقفل و هذا ما جعلني أطرق الباب الكبير و الحارس فتح نافذة صغيرة بالباب ليحدق بي و أنا ابتسمت لأتحدث
" عذرا سيدي و لكن أنا هنا من أجل ابنتي "
" لحظة سيدتي "
قالها ليقفل النافذة و بعدها فتح الباب و تحدثت
" تفضلي سيدتي "
دخلت و حدقت حولي و كان الفناء يقابلني و خلفه المبنى الكبير ، ارتسمت على شفتي ابتسامة بائسة متألمة فهذا المكان جعل الكثير من الذكريات الدافئة التي تجعلني أشعر بالبرد الآن تتدفق إلي
تجاهلت مشاعري البائسة تلك و التفت للحارس الذي أقفل الباب خلفي و تحدثت
" أين يمكنني أن أجد المسؤول ؟ "
" سوف تدخلين للمبنى و في الدور الأرضي على جهتك اليمين ستجدين باب بدفتين تلك هي قاعة المدرسين هناك يمكنك أن تسألي عنها "
" شكرا لك "
عدت أدفع خطواتي و تجاهلت تلك الأصوات التي استدعتها ذاكرتي ، أنا أم الآن و تلك الأيام انتهت و حبيبي سرق مني ، وصلت لمدخل المبنى ثم دخلت و كنت أسير بنوع من التوجس و كأنني لا أزال تلك الطالبة التي تتفادى المشاكل و لم تكن يوما من محبي الذهاب لغرفة المدرسين
اتبعت تعليمات الحارس و وصلت فعلا لغرفة المدرسين ، وقفت هناك و بكفي شددت على معطف و وشاح أماي ، قربت كفي من الباب و طرقته بخفة ثم دفعته لأنه كان مفتوحا و هناك كان عدة مدرسين يجلسون حول مكاتبهم المتفرقة فأولتني احدى المعلمات اهتمامها و استقامت لتتقرب مني
" عفوا سيدتي هل تبحثين عن أحد ؟ "
شعرت ببعض التوتر و تحدثت
" في الواقع أنا والدة احدى الطالبات في هذه المدرسة "
" بأي مرحلة هي ؟ "
" إنها سنتها الأولى "
" بأي صف ؟ "
ضيقت عيني و نفيت
" حقيقة لا أعلم بأي صف ، هي لم تخبرني تعلمين أنت الأطفال و تفكيرهم "
ابتسمت و أومات
" إنهم متعبون جدا ... لا بأس أخبريني عن اسمها و أنا سوف أتأكد من يكون المسؤول عن صفها "
" كيم أماي "
اقتربت من مكتبها و رأيتها تنقر في حاسوبها و بعدها ابتسمت لتلتفت لي ثم عادت تقترب مني و تحدثت
" كيم أماي انها طالبة بالسنة أولى الصف A2 و لكن حاليا الأستاذ المسؤول عن الصف ليس هنا ، هو لم يصل بعد لذا يمكنني توصيل الرسالة له "
و بامتنان أجبتها
" أنا شاكرة لك أيتها الأستاذة و لكن هلا جعلته يسلم لأماي معطفها و وشاحها فالجو بارد اليوم و هي تنزعج من البرد ولا تستطيع التركيز "
قدمتهما لها و هي أخذتهما عني بابتسامة لتجيبني
" بالتأكيد سيدتي كوني مطمئنة ولا تكوني قلقة "
" شكرا لك ... سوف أغادر و أتمنى فعلا أن تهتموا بأماي "
بادلتني الابتسامة و أنا التفت لأغادر و لكن سمعت همس أستاذة أخرى كانت تجلس قريبا لمكان وقوفنا ، لقد خصتني باهتمام نظراتها منذ وقفت هناك و لكنني تجاهلت نظراتها على أمل أن تتجاهلني
" ألا تعتقدين أنها أصغر من أن تكون أما لفتاة بهذه المرحلة ؟ "
" لكل ظروفه لذا هذا لا يعنينا .... دعينا نقوم بعملنا "
وصلت بقرب الباب و توقفت ، التفت و هناك رأيت الأستاذة التي أخذت مني المعطف و الوشاح تضعهما على أحد المكاتب الفارغة ثم سارت نحو مكتبها و أنا تنهدت و عدت أنظر أمامي و واصلت طريقي ............دائما ما أسبب لابنتي الاحراج
*
بيكهيون :
لطالما كان الالتزام و الانضباط عنوان لحياتي ، لقد حرصت كل الحرص أن أجعلها بسيطة و هادئة ، أنا الآن في سن الخامسة و الثلاثين ، أعزب فقد استغنيت عن العلاقات العابرة منذ زمن لأني أومن أن الحب لم يخلق للعبث ، مدرس أحياء بمدرسة ثانوية في بلدة بعيدة عن المدينة ، إنها بلدة بسيطة و بأناس أبسط ، المكان صغير و ربما الشيء الوحيد الذي يجعله سيء هو أن الناس جميعهم يعرفون بعضهم البعض فلا مجال للخطأ و لو لم يكن متعمدا أو حتى من فعل القدر
لقد قضيت سنتين في هذه البلدة و كنت أتنقل بالقطار كل يوم مما جعل الأمر متعبا لذا قررت أن أستقر هنا ادخارا للوقت و الجهد و الذي يجب أن أصبه على طلابي
اليوم هو أول يوم دراسي لي بعد أن انتقلت للاستقرار بالبلدة و قد سُلمت مهمة الاشراف على عدد من صفوف السنة الأولى بما أن الوقت توفر لي و لكنني لا أزال في هذه الأثناء داخل القطار و الذي سوف يصل في غضون دقائق للمحطة الخاصة بالبلدة كوني في آخر مرحلة للانتقال و لم تتبقى سوى حقيبتين لثيابي ، سوف أضعهم في المنزل و بعدها أذهب للمدرسة فصفوفي لن تبدأ بوقت مبكر
بعد فترة توقف القطار أخيرا و أنا حدقت بساعتي التي على معصمي و ابتسمت ، لا يزال أمامي وقت فلا يجب أن أتأخر لأن صورتي يجب أن تكون صافية و لا تشوبها شائبة أمام طلابي لأنني سأكون قدوتهم ، ذاتا لا أنوي التعامل معهم كما تعود المسؤولين عن الصفوف التعامل مع الطلاب ، صورة المعلم الذي يحمل العصى و يبحث عن أخطاء لطلابه لا تروقني
استقمت و أنزلت حقيبتي الكبيرة من على رف الأمتعة ثم أنزلت الثانية ذات الحجم المتوسط و بعدها عدلت سترتي المخططة بمربعات بألوان بنية اختلفت تدرجاته ، حملت معطفي الثقيل الرمادي و وضعته على ذراعي ثم أمسكت بالحقيبتين و غادرت القمرة التي كنت أستقلها
نزلت من القطار و وضعت حقيبتيَّ التي كنت أحملهما بثقل على الأرض و سحبتهما و أنا أسير على الرصيف ، المكان بارد هنا و لكنني أحبه و أشعر بالاستقرار كلما حطت قدمي على أرضه ، ابتسمت و شعرت بالهواء البارد ينظف روحي من عبث المدينة الصاخب
كنت أسير حتى أدخل للمحطة و بعدها أغادر و لكن علقت احدى دواليب حقيبتي الكبيرة بحفرة في الأرض فكنت أحاول سحبها و أنا أتحرك في مكاني خصوصا أنا يدي الاثنتين مشغولتان ، هذا أكثر ما أكرهه في كل عملية الانتقال ، الفوضى التي تصيبني
سحبت الحقيبة بقوة فتحركت من مكاني عندها شعرت أنني اصطدمت بشخص فتركت حقيبتي و أمسكت بكفه قبل أن يقع و التفت كلي فكانت امرة كل ثيابها سوداء ، كانت تحدق في القطار خلفي و تحمل تذكرة ، لا أعتقد أنني وحدي المخطئ و هي تحدثت بسرعة عندما أعادت نظراتها تخصني بها
" عذرا سيدي كان خطئي "
" لا بأس تحدث كثيرا "
قلتها لأترك كفها و هي انحنت و بعدها غادرت بسرعة و أنا التفت لأتابعها بنظراتي حتى صعدت للقطار ، ابتسمت فأنا شخص دقيق و أنتبه لأدق التفاصيل فمثلا هذه المرأة كانت مستعجلة و متخوفة أن تفوتها رحلة ذكرى تبدو لها عزيزة و غالية
عدت لأسحب حقائبي و أكملت سيري حتى أغادر المحطة ، توقفت عند البوابة الكبيرة و أوقفت سيارة أجرى ثم بمساعدة السائق وضعت الحقائب في صندوقها و صعدت بجانبه ، منحته العنوان لنصل بعد مدة ليست بالطويلة
نزلت و هو نزل ليساعدني في انزال الحقائب و بعدها سلمته أجرته ليغادر و بعد أن غادر وضعت كفي بجيوب معطفي الرمادي الذي ارتديته بعد خروجي من المحطة و حدقت في المنزل أمامي ، ابتسمت ثم تقدمت و أخرجت كفي لأقربها من زر الجرس و ضغطت
مرت فترة و بعدها سمعت نباحا ثم خطوات تسير إلى أن فتح الباب و أنا ابتسمت لتلك السيدة العجوز و التي يقف خلفها كلب يبدو هزيلا بعض الشيء
" مرحبا سيدة بارك ، أنا بيون بيكهيون المعلم الذي استأجر الغرفة التي في منزلك "
و بعد أن كانا حاجبيها معكرين فكتهما تبتسم و فتحت الباب لتفسح لي المجال
" أهلا بك كنت في انتظارك فأغراضك الأخرى وصلت قبلك "
" أجل لقد أرسلتها أمس "
" هيا تفضل المكان سيكون بمثابة منزلك "
حملت الحقيبة المتوسطة و سحبت الثانية لأدخل ، بداية واجهني فناء لأنه منزل تقليدي مثل جميع المنازل تقريبا في هذه المنطقة ، أقفلت هي الباب و الكلب خاصتها ركض قبلها و هي سارت لتتجاوزني ثم صعدت بعض الدرجات الخشبية و بعدها سحبت الباب و تحدثت
" أعتقد أن هذه الغرفة ستكون عملية بالنسبة لك أستاذ بيون "
تقدمت لأدخل و هي خلفي ، تركت حقائبي في الوسط و حدقت برضى لأومئ
" إنها عملية جدا كما أنها تبدو مريحة "
" أجل فهي تقريبا منفصلة عن باقي المنزل و لكن لا تقلق من أجل التدفئة فهي مزودة بتدفئة مركزية بالاضافة لحمامها الخاص "
ابتسمت لها و بعدها أخرجت ظرفا من جيب سترتي الداخلي و سلمته لها
" إنها أجرة أول شهر بالاظافة لمبلغ التأمين الذي طلبته "
أخذته و ابتسمت لي
" أتمنى ألا تتأخر عليّ كل شهر بدفع الايجار "
" لا تقلقي سيدتي أنا سألتزم بالموعد المحدد "
" يمكنني تقديم وجبة واحدة لك في اليوم و اذا أردت أكثر يمكننا التحدث "
رفعت معصمي و حدقت بساعتي ثم أخفضته و تحدثت
" سوف نتحدث بهذا لاحقا سيدة بارك يجب أن أغادر قبل أن أتأخر على العمل "
" بالتأكيد "
قالتها و أخرجت مفتاحا من جيب سترتها الصوفية لتسلمه لي و ابتسمت
" أنا أحب الطريقة التقليدية و هذا هو المفتاح فاللصوص أصبحوا أذكياء و يمكنهم اختراق أي قفل الكتروني "
أخذته منها و وافقتها ، في النهاية هي عجوز و يجب مسايرتها ، غادرت هي الغرفة و كلبها تبعها الذي كان يقف بالمدخل و أنا سحبت حقائبي لأضعهما بجانب الجدار و صناديق كتبي كانت في ركن فارغ من الغرفة ، سوف أهتم بهم عندما أعود
غادرت المنزل و بعد ما خرجت و أنا أحمل حقيبة أوراقي الخاصة بعملي أنا توقفت بينما أقرأ لافتة علقت على أحد الأبواب و مما كتب و ظاهر من خلف الزجاج واضح جدا أنه مطعم
واصلت سيري و لم أستغرق كثيرا من الوقت حتى وصلت للمدرسة ، لقد سلمت صفوفا جديدة لتدريسها بما أن المعلمين المختصين في الأحياء ليسو كثرا ، كنا ثلاثة و بعد تقاعد السيد مين أصبحنا اثنين ، سرت في الرواق المؤدي لقاعة المعلمين و قبل أن أصل رفعت يدي لأحدق بساعتي ثم ابتسمت برضى
" لا تزال أمامي عشرة دقائق حتى بداية أول حصة "
فتحت الباب و ألقيت التحية على زملائي
" مرحبا جميعا "
التفت السيدة باي معلمة الأدب لتبتسم لي
" مرحبا أستاذ بيون "
وضعت محفظة أوراقي على مكتبي ثم أبعدت معطفي الثقيل لأعلقه بعلاقة المعاطف الخشبية ثم اقتربت من مكتبي و جلست و لكنني استغربت وجود معطف وردي اللون و معه وشاح بلون أحمر عليه
عكرت حاجبي و تحدثت
" سيدة باي من وضع هذه هنا ؟ "
و هي عادت تلتفت لي و تحدثت
" قبل وقت أتت سيدة و يبدو أن ابنتها طالبة في أحد الصفوف المسؤول عنها و تركته .... على العموم الأستاذة جونغ ستخبرك بالتفاصيل "
و لم نكد ننتهي حتى دخلت الأستاذة جونغ معلمة التاريخ و عندما رأتني حيتني
" مرحبا بك أستاذ بيون "
" أهلا أستاذة جونغ "
اقتربت لتقف بجانبي و تحدثت بينما تشير للمعطف
" لقد أتت والدة الطالبة كيم أماي و تركتها لأن ابنتها نست أخذها "
أومأت و قبل أن تنصرف أنا تحدثت لأن اسم الطالبة علق برأسي ، لقد وجدت نقصا في بياناتها من قبل
" لحظة أستاذة جونغ ألم تترك السيدة رقم هاتفها ؟ "
" لا ..... أعتقد أنه بملف الطالبة "
" هو لم يكن بملفها .... لقد تركت خانة ولي الأمر فارغة و لم تملأها "
" لو كنت أعلم كنت أخذت رقمها "
" لا بأس سوف أتحدث مع الطالبة بنفسي "
*
أماي :
كلما ما مر علي يوم في هذه الحياة أمقتها و أمقت كل شيء محيط بي ، حياتي و رغم صغر عمري لم تكن سهلة أبدا ، كل شيء أريده لا أحصل عليه و دائما يفرض علي الصبر و الانتظار حتى أفقد رغبتي في الحصول على أي شيء و لكن كل هذا لا يأتي شيء أمام الكره الذي تعرضت له و لا زلت أتعرض له
اليوم حاولت يون جعلي أذهب معها للمقبرة و لكنني أخبرتها قبل أيام أنني لن أذهب ، أنا لم أعد صغيرة و لم تعد قادرة على السيطرة علي و امساك كفي و سحبي لذلك المكان المقيت رغما عني
أنا بطبعي فتاة لا تستسلم لذا استطعت حماية نفسي داخل المدرسة القديمة التي كنت أرتادها و تخلصت من المتنمرين و هنا أيضا يجب أن أتخلص منهم أو حرى بي القول لو كنت واحدة منهم سيكون الأمر رائعا لأنني لا أريد أن أكون ضحية المجتمع لوحدي
بعد نهاية الحصة الأولى و التي لم تكن سوى حصة رياضيات مقيتة أنا جلست على طاولتي التي اخترتها ، انها بآخر الصف ، حركت قدمي و وضعت سماعاتي لأستمع لبعض الموسيقى التي أحبها ، أنا أحب جدا الروك ، ذلك الصخب و ذلك الجنون الموجودان بهذا النوع أشعر أنه يريحني .... كل شيء غير متقبل لمعضم الناس سيكون محل ترحيب بالنسبة لي
أنا بصف علمي و في الواقع لا أدري كيف وصلت إلى هنا فأنا لا أهتم فعلا بالدراسة ، في النهاية كل حياتي هي تحصيل حاصل
حركت رأسي بمتعة مع الموسيقى و فجأة رأيت قدمين تقفان و صاحبهما يقف مقابلا لي ، رفعت رأسي و قابلني فتى يضع كفيه بجيوب بنطاله و عندما وقعت عليه نظراتي هو ابتسم لي
أشحت عنه بنظراتي ثم أبعدت السماعات و قفزت عن الطاولة و عندما حاول التحدث معي أستاذ دخل الصف فتجاهلته كما كنت سأفعل و جلست في مكاني و لكن ما شد انتباهي هو ما كان يحمله
إنهما سترتي و وشاحي ، أنا تعمدت عدم احضارهما و لكن يون الغبية جاءت بهما و الآن الجميع سيعلم بأمري هنا أيضا فهي أمي التي لا تبلغ من العمر سوى ثلاث و ثلاثين سنة ، شعرت بالغضب يجتاحني و لكنني مضطرة للتعامل معه
احتل الهدوء المكان و هو اقترب ليضع المعطف و الوشاح على مقعد المكتب الخاص به و وقف بوسط المنصة ، ابتسم ليضم كفيه معا و تحدث
" مرحبا بطلابي أنا الأستاذ بيون ، معلم أحياء و سوف أدرسكم ابتداء من اليوم لأن السيد مين قد تقاعد ، كذلك سأكون مسؤولا عن صفكم هذا لذا سوف نعمل مع بعضنا كثيرا لذا أرجو أن تجمعنا علاقة طيبة "
اختتم كلامه بابتسامة وسعها أكثر من تلك التي كانت عند بداية كلامه و بعدها أخرج ورقة من حقيبة أوراقه التي وضعها كذلك مسبقا مع معطفي و وشاحي ، جلس بهدوء خلف مكتبه و بدأ بالمناداة على أسماء الطلاب ، كان يتوقف عند كل طالب و يحاول التحدث معه ، و حتى ممزاحته ، هذا لا يعجبني
" جيون جونغ كوك "
قالها و ذلك الفتى الذي حاول التقرب مني رفع كفه ليجيبه
" حاضر "
التفت و كان يجلس في المقعد القبل الأخير في الصف الذي على يميني و عندما ابتسم لي و ظهرت أسنانه الأرنبية أنا ابتسمت بسخرية جعلته يراها ثم التفت ، ثم استمر بالمناداة
" كيم أماي "
رفعت كفي و أجبته
" حاضرة "
رفع نظراته نحوي و ابتسم و لكنني لم أبادله
" أتمنى أن تكوني طالبة ناجحة و متفوقة "
أومأت فحسب و احدى الطالبات التي تجلس في المقدمة التفتت ترمقني بنظرات ساخرة ، جيون هيجين الحقيرة لن أتساهل معها أقسم فلطالما تطاولت علي منذ كنا في الروضة ، و قبل أن ينتقل إلى طالب آخر هو عاد و تحدث
" أماي عند نهاية الحصة أرجو أن تخصيني ببعض الوقت هناك بعض النواقص في ملفك "
لم يرقني كلامه و أدركت النقص الذي يتحدث عنه فشددت على كفي و أشحت عنه بدون أن أجيبه ، الجميع يحدقون بي بعين الكره أو بعين الشفقة و أنا لا أريد هذه النظرات ، لا أريد أن أكون البطلة الضحية في قصص سندريلا ، أريد أن أكون قوية و قاسية حتى أجعل كل من عذبني يتعذب بقسوة
انتهى الأستاذ من المناداة و بعدها تحدث عن المنهج الدراسي و عن طريقته في القاء الدروس و بعدها انتهى الوقت لأتنفس براحة أخيرا و لأنه كان وقت استراحة فقد بدأ الطلاب يغادرون الصف و أنا كنت مضطرة للذهاب اليه خصوصا أنه حمل المعطف و الوشاح و وقف ينظر تجاهي
اقتربت لأقف بينما أحمل هاتفي بيد و في يدي الأخرى أحمل السماعات و هو قدم لي المعطف و الوشاح
" هذا أحضرته والدتكِ لأنك نسيت أخذه "
أخذته منه و انحنيت بخفة مرغمة على الاحترام و أجبته بخفوت و اقتضاب
" شكرا "
التفت حتى أغادر و لكنه عاد ينادي على اسمي
" كيم أماي ...... نحن لم ننتهي بعد "
توقفت و أغمضت عيني أحاول السيطرة على غضبي ثم التفت و تضاهرت أنني طبيعية و عدت أقترب و هو تحدث بينما ضم ذراعيه لصدره
" أخبرتك أن هناك نقص في ملفك فأنت لم تملئ خانة ولي أمرك و نحن نحتاج لوسيلة اتصال معه "
حدقت به و بكل جرأة تحدثت
" ليس لدي ولي أمر "
" و لكن والدتك أحضرت معطفك صباحا "
شعرت بالغضب و العجز بذات الوقت و هو سلمني ورقة و قلم و تحدث
" دوني لي رقمها هنا "
" لما لم تأخذه منها عندما قابلتها سابقا ؟ "
" لست أنا من أخذ عنها أغراضك "
عندها ربما شعرت بقليل من الراحة ، ربما هي سلمتهم للحارس و غادرت و هكذا لن يستطيع أحد التعرف علي ، تمنت فعلا أن يكون تخمني صحيح و أخذت منه الورقة و القلم لأضعها على أحد الطاولات و وجدت نفسي مرغمة على تدوين رقمها و لكنني في النهاية ابتسمت عندما خطرت لي فكرة لئيمة و غيرت مكان آخر رقمين و بعدها سلمته الورقة و القلم و هو أخذهما مني
" يمنك الاستمتاع بوقت راحتك الآن ولا تنسي ارتداء معطفك "
قالها باتسامة و أنا أردت أن أضحك بصخب في وجهه و لكنني فقط انحنيت أمثل الاحترام و غادرت ، الحمقى عندما يزعجونك فقط سايرهم و سوف تتخلص منهم بسهولة
نهاية الفصل الأول من
" ثمرةُ ألمْ / أسودْ "
أتمنى كبداية أنه أعجبكم و جعلكم تتحمسون لباقي القصة و الحكاية
انطبعاتكم عن الشخصيات
بيكهيون ؟
يون ؟
أماي ؟
انتظروني قريبا و كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro