🌸 شخبطات 🌸
بقلم نهال عبد الواحد
وصل أخيرًا الأستاذ عبد الدايم بهيئته البدينة متخللًا الجموع المزدحمة حول مكتبه، بالطبع بمجرد مروره من بينهم تفرّقت هذه الجموع مؤقتًا لا لسببٍ سوى استنشاق جرعة من الأكسجين النقي بعد غزو رائحة عرقه المركزة لأنوفهم!
مدّ يده داخل جيب بذته الرمادية أو ربما كان لها لونًا آخر، أخرج المفتاح وفك السلاسل الحديدية المحيطة بالمكتب الخشبي والكرسي، فهو مجرد مقعد ومكتبه في مدخل أحد العقارات.
وضع اللفافة الورقية التي كانت معه فوق سطح المكتب ثم جلس فاقترب أحد المنتظرين فصاح فيه: ماذا بك؟
فأجاب الرجل بإرهاق: لقد تعبت من طول الوقوف! نحن جميعًا ننتظرك منذ قرابة الساعتين لتنجز لنا أوراقنا.
خلع عبد الدايم نظارته وأعاد لف الشريط اللاصق حول أحد ذراعيها المكسور، بعدها أخرج منديله جفف عرقه من فوق وجهه القمحي ثم مسّد بيده على شعره الأسود الأشعث، أخفى سوداويتيه بعد ارتدائه لنظارته السميكة، ثم أجاب وهو يملأ مقعده ببعض الكبر: إذن أكمل انتظارك، لقد تأخرت الحافلة منذ خروجي من عملى بالمحكمة.
- ولماذا لم تستقل سيارة تاكسي؟
انتفض عبد الدايم وسعل بقوة من أثر الكلمة وصاح: تاكسي! لا أركب إلا الحافلات.
ثم فتح اللفافة الورقية وأكل بضع لقيمات ثم أشار للرجل قائلًا أثناء مضغه وفتات الطعام تتناثر: هيا أعطيني أوراقك ومعها الثمن المكتوب على اللافتة لإنجاز الورقة.
قالها ثم لمح هاتفه المحمول فأكمل قائلًا: هل تسمح لي بإجراء مكالمة من هاتفك؟
- لكني أرى معك هاتفك، كفاك تضيعًا لأوقاتنا! لقد اختنقنا من....
فرفع عبد الدايم أحد حاجبيه الكثيفين باعتراض مقاطعًا: من ماذا؟!
قضم الرجل شفتيه مهدّئًا نفسه ثم أجاب بهدوء ينافي ما بداخله: من حرارة الازدحام، هلا انتهيت!
رمقه عبد الدايم بضيق وأمسك بقلمه الأزرق وهمّ أن يكتب ورقة الرجل وهو يسبه من داخله بكل المسبات واللعائن، لكنه فجأة جمع لفة الطعام ووضعها داخل أحد الأدراج وأغلق عليها ثم وضع قلمه داخل جيبه ونهض واقفًا وقال: ابقوا جميعًا أماكنكم سأذهب لدورة المياه.
فصاح الجميع بأصواتٍ متداخلة معترضة لينجز أوراقهم أولًا، فأجابهم بصياح: ماذا بكم؟! كنت أعاني من حالة إمساك شديدة ويبدو أن الفرج جاء، أترك نفسي أمرض من أجلكم!
وقبل أن ينطق أحدهم تحرك خارجًا فابتعدوا بالطبع من الرائحة الأشد من رائحة العرق، ثم عاد قائلًا: لا تجلسوا على كرسيي الخاص.
فلم يجيبه أحدهم إلا بتقلص ملامحهم المتقززة، فتركهم وذهب وهم يضربون كفًا بكف من لامبالاته.
تمت🌷✨
Noonazad 💕💓💕
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro