Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

الفَصلُ الثَّانِي عَشر: جُرحٌ مِن المَاضِي لَن يَندمِل.

أَصواتُ خُطواتٍ أُخرى غَير خُطواتِهم اِرتَقت إِلى مَسامِعهم، مَا جَعلهُم يُوقفُونَ مَسيرهُم، وَكِلًا مِن كَايل وَلينُوس يَتبادَلانِ النَّظراتِ القَلقةِ وَالحَائِرة؛ فمِن المُحالِ عَلى أحدٍ أن يَعرفَ الطُّرقَ السِّريةِ فِي هَذهِ الأَكَاديمِية عَدَا المُدِير وَالأَقلية الّتِي وَضعَ ثِقتهُ بِهم، مَا لَم يَخُنه أَحد، وَهذَا غَيرُ مُمكِنٌ بَل وَمُستحِيلُ الحُدوث، إِذًا كَيف؟ هَذا مَا تَبادَر إِلى ذِهنيهِمَا. وَقبلَ حَتّى أَن يُفكِّرَا فِي طَريقةٍ للهَرب مِن هَذا المَأزِق سُدَّ طَريقهُم مِن قِبلِ جَماعةٍ مِن الرِّجالِ اِتشحُوا بِالسَّوادِ وَفي يَدهِم المُسدَسات، جَاهِزينَ للإِطلاقِ فِي أيّ لَحظة، ومِن مُنتصفِهم تَقدمَ رَجلٌ نَاحِيةَ المُدير مِن هَيئتِه الوَاثقةِ وَالمُتغطرِسة بَدى قَائدَهُم، بِبُطءٍ يَخطُو خُطوةً وَراءَ الأُخرَى، وَشعرهُ الفِضيُ وَراءَ ظَهرِه يَتمايلُ بِخفة، بِاِبتسامةٍ غَزت مَحياه نَطقَ بَعد أَن بَات لَا يفصلهُ عَن قرمِزي العَينين إِلّا ثَلاثُ خُطوات: «يُسعِدُني رُؤيتُكَ بَعد كُلّ هَذا الغِياب.»

اِرتكَز المُخاطَب عَلى عَصاه المُزينة بِرأسِ نَسرٍ فِضيٍ فِيمَا يَرد بِسُخرِية: «اِشتقتَ لِي؟ هَذا لَيس مِن عَادتِك أَلَار.»

بَينمَا تَولى لِينُوس حِمايةَ الأَطفالِ بِدفعهِم وَراء ظَهرِه غَارقًا فِي فِكرِه؛ بَاحِثًا عَن حَلٍ يُنجِيهم دُون أَضرَار، فِي حِين أنّ الصِّبيةَ الثَّلاثَة بَدلَ الاِرتِياعِ وَالهَلعِ مِن هَذا المَوقفِ الخَطِير اِخَتارُوا أَن تَرتَسمَ الصَّدمةُ وُجوهَهُم، وَتُلجِمَ أَلسنتهُم، فالمُناقشَة الجَاريةَ تَوًا مِن قِبل مَا يُفترضُ أنّه يُدعَى أَلار وَمُديرِهم الأَحمَق جَعلتهُم لَا يُصدقُونَ مَا أَذانهُم سَمِعت، وَمَا عينَاهُم رَأت جَراءَ التَّغيُر الجَذرِي لِتصرفاتِ هَذا الأخِير عَمّا اِعتَادُوا، فَلم يَقدِر عَقلُهم عَلى الاِستِيعابِ وَترجمةِ المَوقِف بِشكلٍ مُناسب. فَقد بَدى كَايل فِي هَذهِ اللَحظةِ بَعيدًا كُلّ البُعد عَن الشَّخصِ المُستهترِ الأَحمق الّذي لَا يَدرِي مَا يَعمَل.

وَبذكرِ هَذا الأخِير فَقد حَاوَل بِقدرِ مَا يَستطيعُ الحِفاظَ عَلى رَباطةِ جَاشهِ أَمامَ اِستفزازِ مُحدثِه، حَيثُ قَالَ بِجُمود: «لَا أَظُن أنّ مَشاكِلنَا تَستدعِي إِقحَامَ الأَطفَال فِي هَذا المَوضُوع.»

«هَل تَعتقِدُ ذَلك؟ للأَسفِ أَنا لَا أَظنُ هَذا أَبدا.» مَع أخِر كَلمةٍ لَه رَفعَ يَدهُ كَإِشارةٍ لأتبَاعهِ بِإشهارِ مُسدسَاتِهم نَحوَ لِينُوس وَالصِّبية، أَمرٌ وَاحدٌ مِنه وَسيكُونون فِي عِدادِ المَوتَى، وَهذا مَا جَعل الغَضب يَستكِين فِي دَواخِله وَيفقدهُ هُدوءَه.

«أَلار أَسمُوديث!» ضَربَ عَصاهُ أَرضًا مُزمجِرًا بِغَضب، بِحدةٍ ضَيقَ عَينَيه، وَبِحنقٍ وَقهرٍ شَديدَين صَرّ عَلى أَسنَانِه؛ فَشعُور العجزِ الّذي يُراوِدُه حَاليًا جَعلهُ يَكرهُ نَفسهُ البَائِسة، إِذ لَا يَودُ إِشرَاكَ الأَطفَالِ أَو أيٍّ مِن الأَبريَاء حَقًا فِي مَشاكِله الشَّخصِية، لَكن أَلَار شَخصٌ مُختلٌ بِالكَامِل.

اِحتمَاليةُ تِكرارِ نَفس سِيناريُو المَاضِي تُخيفُه بَل وَتخنُقه بِشدة، حَتّى إِن أَرادَ نِسيانَ ذَلكَ اليَوم فَالنَّدبةُ الّتي خُلفَت لَه إِثر ذَلكَ بَاقِية، وَكأنّها شَاهدةٌ عَلى أَنّه آثم، شَخصٌ بِخطيئةٍ لَا يُمكِنُ غُفرانُها. وَأَثَناءَ سَرحانِه اِستغَل أَلَار الفُرصةَ وَنزعَ القِناعَ مِن عَلى وَجهِه، فَبانَ المَستُور؛ نَدبةٌ طُوليةٌ عَلى العَينِ اليُمنَى تَواجَدت، نَدبةٌ عَن حِكايةٍ قَديمةٍ مِلؤُهَا الكَمد وَالتَّرح حَكت، حِكايةٌ لَو بِاِستطَاعةِ صَاحِبهَا لَطَواهَا فِي طَي النِّسيان، وَأغلقَ عَليهَا فِي صُندوقٍ مُحكمِ الإِغلاق.

اِهتزَت قِرمِزيتَا المُدير وَاِرتَعشت يَداه بِصَدمة، فِيمَا اِنبثَقت ضَحكاتٌ مُستمتعةٌ مِن ثغرِ الأَخر، فَاِرتَج جَسدهُ عَلى إِثرِها مُمسكًا مَعدتهُ بِيد، وَالأُخرَى عَلى وَجههِ اِستَقرَت.

فِي الجِهةِ الأُخرَى، شَد جَميل كُم لِينُوس لِيجذِب اِنتبَاههُ إِلى نَفسِه، وَحِينمَا نَال مَا أَراد تَساءَل بِحيرةٍ اِنسَكبَت فِي مِحجرَي التُّورمَالين خَاصَته: «المَعذِرة، لِمَ يَضحكُ ذَلكَ الرَّجُل بِصخبٍ هَكذا؟ وَما قِصةُ النَّدبةِ عَلى وَجهِ المُدير؟»

بَينمَا أَسيل وَالّذي لَن يقدِر على إِمساكِ فمهِ عن الإِدلَاء بتعلِيقاتٍ ساخِرةٍ في الوَقتِ الخَاطِئ هَسهَس بِاِستهزَاء: «مَن كَان لِيتوَقعَ أَنّ للمُديرِ حِسنةً حَسنةً رُغمَ النَّدبَة، ظَنتتهُ يُنافِس الضِّفدَع فِي القُبح.»

وَلأنّ الوَقت وَلا المَكان مُناسِبان لِحسِ دُعابتهِ الثَّقيل رَكلهُ إِيثَان بِاِمتعاضٍ بيّنٍ عَلى الأَمارات، هَاتِفًا بِغَيظ: «لَيس وَقتك.»

«حَسنًا إِنّها لَيست بِالقِصةِ السَّعيدةِ أَبدا.» رَدّ سَماوِي العَينَين بِإِيجازٍ مُتنهدًا بِأسى، غَير رَاغبٍ فِي تَذكُر أَحداثِ ذَلكَ اليَوم الأَليم، أَو اِستحضَارهَا مِن جَديد.

<----«« »»---->

عَلى سَطحِ أَبنيةِ الأَحياءِ الفَقيرة قَفزَ العشرينِي بِخفةٍ عَليهَا وَاحدةً تِلوَ الأُخرَى، وَضحكاتهُ المُستمتعةُ صَدحَت فِي الأَرجاء، لَو رَآهُ أَحدٌ مَا لَوصفهُ بِالجُنون، لَكن ذَلكَ كَان أخِرَ اِهتمَامَاتِه، فَمُحاولتهُ لِخداعِ اِبن عَمهِ المُزعجِ قَد أَفلحَت، مَا أَجذلَ قَلبه وَأدخَل السُّرور إِليه، حَيثُ قَامَ بِإقنَاعهِ أَنّ اِبنةَ الدُّوقِ المُعجبِ بِهَا تُبادلهُ ذَاتَ الشُّعُور، وَمَا لَم يَعلمهُ قَريبهُ العَزيز أَنّها تَحتقرهُ أَكثرَ مِن أَيّ شَخصٍ أخَر، حَتّى أَنّها مُشاركةٌ فِي خُطتهِ وَذلكَ كَي تَمسحَ بِكرامتهِ أَرضًا، وَهذَا مَا حَصل بِالفِعل.

وَلمَ هُو حَاليًا يَتجولُ بَين الأَسطُح فِي أَواخِر اللَيل بَينما الجَميع نِيام؟ كُلّ ذَلكَ لأنّه سَيقعُ فِي وَرطةٍ حَقيقيةٍ لَو عَادَ إِلى مَنزِله؛ حَيثُ سيُعاقِبهُ وَالدُه أَشد العِقاب وَلن يَسمحَ لهُ بِالخُروجِ مِن غُرفتهِ ثَانية، هَذا إِذا لَم يبتُر قَدمَيه. وَعلى حَسبِ رَأيهِ المُحترم فَهُو لَا يُمَانِع ذَلك، فَكلّ شَيءٍ يَهُون فِي سبيلِ إِذلَال ذَلكَ المَعتوهِ المُتغطرِس.

صَوتُ ضَجيجٍ بِالقُرب مِنه أَيقظَ فُضوله الخَامِد، فَاِتجهَ إِلى المكانِ المَنشود دُون تَردُد، اِستَلقى عَلى أحدِ الأَسطُح قَصد تَخفيهِ عَن الأَنظار، وَبتركِيزٍ شَديدٍ اِسترَقَ السَّمعَ عَلى مُحادَثةِ الرَّجُلينِ أَمامَه.

«أَلَار، مَا الّذي تَنوي فِعلهُ بِخيانتكَ هَذه؟!» صَاحَ أَحدُ الرَّجلين بِاِنزعاجٍ مُمسكًا يَاقةَ مَلابِس أَلار، وَعينَاهُ تَوهجَتا بِشررٍ غَاضِب، إِلّا أنّ المَعنِي بِالكَلامِ كَان النَّقيضَ للبُركانِ الهَائجِ أَمامه، إِذ بَدى كَبحيرةٍ سَاكِنةٍ بِمجردِ النَّظرِ إِلى عَينَيه الزَّرقاوَتين سَتغرقُ دُونَ القُدرة عَلى النَّجاة. أَمالَ رَأسهُ بِخفةٍ فَأصدرَ قُرطهُ خَشخشةً طَفيفةً حَيثُ رَدّ وَبسمةٌ مَلائكِيةٌ عَلى شَفتيهِ مُرتَسِمة: «خِيانَة؟ لَستُ أَدرِي عَمّا تَتحَدث.»

جَراءَ مُراوغتهِ، مُماطلتِه، وَإدعَائهُ الغَباء طَفحَ الكَيل وَبلغَ السَّيلُ الزُّبى بِالنِّسبةِ للمُستجوِب، فَأَشهَر مُسدسهُ فِي وَجههِ مُستطرِدًا بِنَفس النَّبرة: «لَا تَدعِي الغَباء! أَلستَ مَن كَشفَ مَكانَنا لِأفرَاد مُنظمةِ الشَّفق؟!»

فِي الوَضعِ الطَّبيعِي كَان أَيّ أحدٍ لِيخَاف وَيفقدَ السَّيطرةَ عَلى أَعصابِه، إِلّا أنّ فِضي الخُصلات كَان اِستثنَاءً مِن هَذا؛ إِذ اِستمَر فِي المُحافظةِ عَلى نَفسِ هَالتِه وَبسمتِه حِين قَال: «أُوه، هَل فَعلت؟ تَعلم بِالفعل أنّ ذَاكِرتِي سَيئة.»

فَجأةً وَدونَ سَابقِ إِنذارٍ اِختفَى الجَوُ المُسالمُ حَولَ أَلار، إِذ أَظلمَت عَيناه وَهُو يُعقبُ عَلى كَلامِه: «وَأيضًا عَلَى حَسب مَا أَتذكَر فَهُناكَ خَسائرٌ فِي كِلا الطَّرفين، إِذا خُنتكُم مِثلمَا تَقُول لِم هُناكَ خَسائرٌ فِي جِهةِ مُنظمةِ الشَّفق؟ وَكَما تَعلم فَأنَا عَلى عِلمٍ بِكلّ تَفاصِيل مُهمَتكم.»

اِرتبكَ المُخاطبُ وَما عَادَ قَادرًا عَلى رَمي اِستنتاجَاتِه عَبثًا، فَاِستغرقَ فِي التَّفكِّير مُحللًا كَلامَه فِي مُحاولةٍ لِفهمِ مَا جَرى حَقًا وَإعدادِ هجومٍ مُرتدٍ آخَر، لَكن مَهمَا فَكّر وَفَعل، فَلم يَستطِع تَكذيبه، وَلا مَفر إِلّا بِإلغاءِ اِستنتاجَاتِه الخَاطِئة.

«حَسنًا، هَذا...وِجهةُ نَظرٍ مَنطِقية.»

رُغمَ أنّه صَدقَ كَلامَه، إِلّا أَنّ شُعورًا بِالشَّكِ يُراوِدُه حِيالَ هَذا المَوضُوع، فَأنسبُ حلٍ للتَّخلُص مِن هَذه الشُّكوكُ بِقتلهِ فِي اللَحظةِ وَالحِين. وقَبل أَن يَفعَل أَوقفتهُ ضَحكاتُ أَلار المَجنُونة، لَا يَرى أَيّ شيءٍ أَو سببٍ يَدفعهُ للضَّحك مَا جَعلهُ يَقطبُ حَاجبيهِ فِي حيرةٍ وَاِستنكَار، مُتسائلًا عَن سببِ هَذا الفِعل المُفاجِئ.

«هَل صَدقتَ هَذا ستِيفَن؟»

رَفعَ ستِيفَن حَاجِبًا دُون الأخَر بِاِستغراب، فِيمَا مَسحَ المُهلسُ ضَحكًا دُموعهُ المُتأرجحةِ بَينَ أَهدابِه مُردِفا بِنبرةٍ شُعت مَرحًا وَجذَلا: «أَجل، أَنا مَن خَطط لِكلّ شَيءٍ مِن البِداية، لَقد كَان مِن المُمتعِ حَقًا تَجهيزُ نَص المَسرحِية وَتحريكُ خُيوطِ الدُّمى كَما أَشاء!»

اِرتَعش جَسدُ ستِيفَن بِخوفٍ غَير قَادرٍ عَلى تَمالُك نَفسه، ثُمّ نَبسَ بَحدقَتينِ مُتسِعتَين: «أَنت مَجنون!»

«هَل تَعتقدُ ذَلك؟ شُكرًا عَلى الإِطراء. وَلأنّي فِي حَالةٍ مِزاجِيةٍ جَيدةٍ بِسببكَ فَسِأعطيكَ مَوتًا سَريعًا دُونَ أَلم.»

بِسُرعةٍ خَاطفةٍ للأَبصارَ رَكل أَلارَ يَد الأَخر مُسقِطًا سِلاحَه، فَيُشهِر بَعد ذَلكَ مُسدَسه وَيُطلِق دُونَ تَردُد. اِرتَسمَت بَسمةٌ رَاضيةٌ عَلى شَفتيهِ وَهُو يُحدقُ فِي الجُثةِ المُلقاةِ أَرضًا، لَكن ذَلكَ لَم يَدم طَويلًا إِثر سَماعهِ شَهقةً خَافتةً مِن مَكانٍ قَريبٍ مِنه، مَسحَ المَكانَ بِعينَيه حَتى وَقعتَا عَلى مَبنى قَريبٍ مِن مَوقِعه؛ المكَانُ الوَحيدُ وَالأمثلُ للاِختبَاء فِي هَذهِ المِنطقة.

فِي هَذه اللَحظةِ بِالذَّات شَعر كَايل أَنّ خَيط حَياتِه سَيُقَص، مِن الخَوفِ تَجمدَت قَدماهُ مِن دُونِ القُدرةِ عَلى الهَرب، اِكتَفى فَقط بِمُراقبتِه يَستَعينُ بِالصَّنَادِيقِ المُكدَسةِ فَوق بَعضهَا البَعض لِيقفزَ وَيصلَ إِليه.

«مِن المُفاجِئِ رُؤيةُ جُرذٍ يَسترقُ السَّمع.»

ضَيقَ عَينيهِ بِحدة، وَقد تَجلَى الشَّك فِي نَظراتِه، فَكيفَ لَم يَنتبِه لَه؟ ثُمّ أَضاف: «مُنذ مَتى وَأنتَ هُنا؟»

«وَهل إِجابتِي سَتُغير شَيئا؟»

عَلى إِجابتِه السَّاخرَة رَمشَ عِدةَ مَراتٍ مُستوعبًا مَا أُذنَاه سَمِعت، ثُمّ أَطلقَ قَهقهةً خَافتةً تَنمُ عَن إِعجابِه بِمَا قِيل لَه، وَلم يَمنَع نَفسهُ عَن إِظهارِ اِبتسَامَته المُستمتِعة.

«مَعكَ حَق، لَن تُغير مِن مَصيرك، أَيّ أُمنياتٍ أَخيرةٍ قَبل أَن أُفجرَ رَأسَك؟»

صَوبَ مُسدسهُ عَلى جَبهةِ الحَالك الّذي لَم تَرمِش لَه عَين، يُحدقُ بِه بِنظراتٍ وَاثقةٍ مُتحديةٍ عَكس مَا فِي دَاخِله مِن عَاصفةٍ هَوجاءٍ كَانَ وَقُودهَا الخَوف، فلَا يُوجدُ شَيءٌ يُمكنُ أن يُنجيهِ فِي هَذه اللَحظة، لذَا قَررَ عَلى الأَقلِ أَن يَمُوتَ بِطريقةٍ رَائعة.

مُزامَنةً مَع ضَغطِه الزِّنَاد صُوِبت نَاحِيته رَصاصةٌ حَرفَت مَسارَ طَلقتهِ إِلى ذراعِ كَايل المُتأوهِ ألمًا جَراءَ ذَلِك، بَينما هَذا الأَول شَتمَ حَظهُ فِي سِره مُشِيحًا نَظرهُ فِي اِتجاهِ الإِطلاق، فَيجدُ رَجُلًا لَيسَ بِالغريبِ عنهُ يُصوبُ بُندقيتهُ نَاحِيته، فغمغَم بِسخط: «تسك، ذَلكَ العَجُوز حَقًا...!»

وقبلَ اِستعدادهِ للمُغادرة وَجهَ نَظرةً بارِدةً كَالصَّقيعِ لِمن يُحاربُ جاهِدًا إِيقافَ نَزيفِه، ثُمّ أردَف: «لَقد نَجوتَ هَذِه المَرة، لَكنّ المَرةَ القَادمةَ كُن مُتأكِدًا أَنّك سَتندَم.»

بَعد رَحيلهِ تنَفس الحَالكُ الصَّعداء وَكأنّ صَخرةً كَبيرَةً تَموضَعت فَوقَ صَدرِه أثقَلَتهُ وَجعلَت مِن التَّنفُس غَايةً لَا تُدركُ إلّا بِشقِ الأَنفُس اِنزَاحَت أخِيرًا مِن عَليه.

«أَيُّها الشَّاب! هَل أَنتَ عَلى مَا يُرام؟» هَرعَ إِليهِ صَاحِب البُنُدقِيةِ يتَفقدُ حَالهُ وَيطمَئنَ عَليهَا، مَزقَ قَميصهُ مِن أَجل رُؤيةٍ أَوضحَ للجُرح، وَمن حُسنِ الحَظ فَقد كَان خَدشًا طَفِيفا لَا يُشكِلُ أَيّ خُطورةٍ عَلى حَياتِه.

اِبتسمَ كَايل بِوَهنٍ مُجِييا: «أَظُننِي الآن فِي أَحسنِ حَالَاتِي رُغمَ مَا أُعانِيهِ مِن أَلم.»

مِن حَقيبتهِ الجِلديةِ السَّودَاء أَخرَج الرَّجُل سِكِينًا، قَداحة، وِقطعَة قُماش، ثُمّ شَرع فِي تَسخينِ السِّكِين فِيمَا يَستطرِد: «سَيؤلِمُكَ هَذا كَثيرًا، لَكنّ رَجاءً اِصبِر حَتى أَنتهِي مِن نَزعِ الرَّصاصة وَتَضمِيد جُرحِك.»

وَضعَ قِطعة القُماشِ فِي فمهِ كَي يُحكمَ الشَّد عَليهَا بِأسنَانِه، عَقبَ ذلكَ بَاشر عَملهُ فِي اِستخراجِ الرَّصاصةِ تَحت تَأوُهاتِ كَايل المُتألِمة، وَعبراتِه المُتلألِئةِ الفَارةِ مِن مَآقِيه بِاِنسيابِيةٍ عَبرَ الوَجنَتين. حَالمَا اِنتهَى الأَمر سَمحَ هَذا الأخِيرُ لِنفسِه بِأخدِ قِسطٍ مِن الرَّاحة والاِستسلامِ إِلى الظّلامِ رُويدًا رُوَيدًا حَتّى فَقدَ إِحساسهُ بِمُحِيطِه.

يُتبَع...

<----«« »»---->

لَا حَول وَلا قُوةَ إِلا بِالله.
اللهُم صلِ وَسلَم وَبارِك عَلى سَيدنَا مُحمد.

1472 كلمة.

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro