Chào các bạn! Vì nhiều lý do từ nay Truyen2U chính thức đổi tên là Truyen247.Pro. Mong các bạn tiếp tục ủng hộ truy cập tên miền mới này nhé! Mãi yêu... ♥

الفَصلُ التَّاسِع: اِختِطَاف.

بَعدمَا تَناهَى إِلى مَسمعِ آستَر خَبَرٌ يُفيدُ بِأَن بَارُون اللَيلِ قَد قَدمَ البَارحةَ إِلى الأَكادِيمية مِن أَجل قَتلِ أُستاذِ الرِّياضيَات الكُونت دِيفيد هُورِسُن؛ أَحدُ المُتواطِئينَ فِي سَحبِ عَائلتِه إِلى الحَضيض، وكَذا أَحدُ المَسؤُولين عَن تَهرِيب المُخدراتِ خَارجَ الوَطن كمَا أَسلفَ البَارُون مَع تَقديمِه أَدلةً دَامِغةً تُثبتُ ذَلك، وَالّذي صَراحةً لَم يَكن يَهمُه بِقدرِ مَا اِنشغلَ فِكرهُ بِالقلقِ عَلى اِبن أُخته، لَا يُصدقُ أنّه نَامَ وَسطَ تلكَ الفَوضى! سَارَ بِخُطواتٍ حَثيتةٍ نَحوَ مَهجع غَاردينيَا وَبالضّبطِ إِلى الغُرفةِ الوَاقعةِ فِي الطَّابِق الخَامِس أَخرَ الرِّواق، وَلأنّه مَا عَادَ يَملكُ صبرًا يَقتاتُ بِه رَكل البَابَ بِقوةٍ فِيمَا يَصيحُ بِقلق: «أَيهَا الشَّقي! هَل أَنت بِخير؟»

هَتفَ إِيثان بِضيقٍ وَاِمتعاضٍ فيمَا يُحاولُ التَّعودَ عَلى سَنا الشَّمسِ المُتطفلةِ وَالمُزعجةِ حَسبَ رَأيه: «أَلم يَتمَ تَعليمكَ أَن تَطرقَ البَابَ بِأدبٍ لَا أَن تَركُلهُ بِهمَجية؟»

وَلأولٍ مَرةٍ فِي تَاريخِ البَشريةِ تَجاهلَ الأَدعجُ سُخريتهُ وَلم يَردَ عَليها؛ إِذ أَنّ رُؤيتهُ بِخيرٍ جَعلت جَبلًا مَن الهَم يَنزاحُ مِن عَليه، فَلم يَكُن لِيتخَيل رَدةَ فِعلهِ لَو أَصابهُ مَكروهٌ مَا.

حَمد الرَّب عَلى سَلامتهِ وَعيناهُ فِي الغُرفةِ تَجُولان، كُلّ شَيءٍ مُرتبٌ فِيهَا وَلا يَدعُو لِلرِّيبةِ عَدا بَتلاتِ الوُرود المُلقاةِ هُنا وَهناكَ بِعشوائِيةٍ عَلى المَكان، وَقبلَ أن يَستفسرَ عَن أيّ شَيء نَبسَ الفَتى بِتمَلمُل: «البَارونُ كَان هُنا البَارحةَ وَهُو مَن تَسببَ بِهاتِه الفَوضى، وَكما أَرادَ مِني إِعطاءكَ هَذا.»

أَخرَج مِن تَحتِ وِسادتِه وَرقةَ اللَعب مُعطيًا إِياهَا لَه، وَحينمَا أَرادَ إِتمَامَ كَلامِه قَاطعهُ خَالهُ بِالسُّؤَال عَن حَالهِ بِلجهةٍ قَلقةٍ مُعاتِبة: «هَل كُنتمَا مَعا؟ لِمَ لَم تَصرُخ طَالبًا النَّجدة؟»

دَلكَ صَدغيهِ بِتعب؛ إِذ لَم يَأخُد كِفايتهُ مِن النَّوم جَراء مَا رَاودهُ مِن كَوابيس، وَخالهُ الحَبيبُ يَزيدُ مِن الطِّينِ بِلةً بِصراخِه هَذا، ثُمَ رَد بِتأفُف: «قَبل أَن تَضعَ اِستنتاجَاتٍ لَا مَحل لَها مِن الصِّحة، دَعنا أَولًا نَضعُ النِّقاطَ عَلى الحُروف، البَارُون لَم يُؤذنِي وَلم يُرد ذَلكَ مِن الأَساس، كَما وَكان سَيكشفُ عَن هُويتِه لِي لَولا تَدخُل بَعضٍ مِن حُفنة الأَغبيَاء، وَسببُ زِيارتِه لِي الرَّئِيسي هُو إِيصالُ رِسالةٍ لَك بِحجةَ أَنّك كُنت تَغُط فِي سُباتٍ عَميقٍ وَلستُ أَدرِي مَا فعلهُ أَو مَا يَقصدُه، وَأخيرًا وَليسَ أخِرا، سَواءً أَكانَ جَادًا فِي إِيذائِي مِن عَدمِه أَم لا فَلستُ أَهتم.»

كَلحَ لَازورَديُ العَينَين إِثرَ كَلامِه دَلالةً عَلى عَدمِ الإِطمئنَانِ الّذي يُراوِده مُعقبًا عَليه بِعتَاب: «المَرةَ القَادمةَ لَا تُحاوِل حَتى البَقاءَ بِقُربه!»

ثُمَ أَضافَ بَعد تَنهيدةٍ وَشت عَن قِلةِ حِيلتِه: «عَلى كُلٍ مَاذَا أَرادَ إِيصالهُ لِي مَع هَذهِ الوَرقة؟»

«فِي ليلةٍ ظَلمَاء، وَحيدةٌ مِن دُون رَفيقٍ وَضاء، سَيكتسحُ الدَّمُ الأَرجاء، فَهنيئًا لَكُم بِالكَرنفالِ الدَّموِي.»

رَمشَ آستَر عِدةَ مَراتٍ حَتى يَستوعِب مَا قِيل لَه، فَيسترسِل الأخرُ مُوضِحا: «قَولهُ هُو.»

هَمهمَ مُتفهمًا وَراحَ يَتفقدُ الوَرقة، فَلم يَكُن بِهَا مَا يُثيرُ الرِّيبةَ أَو الاِستغرَاب، لِذَا وَضعهَا جَانبًا يُرتبُ أَفكارَهُ فِيمَا أَخدهَا الأَمهقُ يَعبثُ بِهَا بَين يَديهِ وَقد تَساءَل بِتبرُم: «إِلى مَتى تَنوِي البَقاءَ هُنا؟ أَلا تَمتلكُ حِصصا؟»

اِرتَمى الخَالُ بَين أَحضانِ كُرسيٍ خَشبيٍ فِيمَا يُجيب بِنبرةٍ هَادئةٍ بَعيدةً كُلّ البُعد عَن نَبرتِه المُعتادَة المُحشوةِ بَين ثَناياهَا بِسخرِيةٍ لَاذِعة: «كَلا، أَلا تَعلمُ أنّ الأَكادِيمَية أَصدَرت مَنشورًا يَنصُ عَلى وُجُود عُطلةٍ طِيلةَ هَذا الأُسبُوع مِن أَجلِ التَّخفيفِ عَن نَفسيةِ الطُّلابِ مِن الفَاجِعةِ الّتي حَصلت؟ رُغمَ أَنّه مَا كَان عَلى رِجالِ الشُّرطةِ اِقتحَامُ المَهاجِع وَدبُ الرُّعبِ هَكذا فِي نُفوسِهم.»

رَفعَ الصَّبيُ رَأسه، وَعيناهُ اِزدَانَتا بِلَمعةٍ مَن التَّرقُب وَالتَّرجِي؛ فَإمَا أَن يَستغلَ هَذهِ الفُرصَة الذَّهبية أَو يَتعفَن هُنَا حَتى أخِر المَوسمِ الدِّراسِي، وَمن دُون أَن يَنطِق بمَا فِي بَالهِ عَلم الأَكبرُ مُباشرَةً مَا يَودُ التَّصريحَ بِه، لِذَا وَمِن دُون مُماطَلةٍ أَو تَأخِير رَفضَ مَا فِي فِي جُعبتِه مِن أَفكار.

جَفلَ الأَمهقُ مِن رَفضِه، لَكنه عَارضَ بِاِستهجَان: «لَكِني لَم أَنطق حَتى بمَا أُريد!»

«اِنتهَازُ العُطلةِ وَالخُروجِ لِلتَّسكُع خَارِجا، وَلأَنّ الخُروجَ مِن أَسوارِ الأَكادِيميةِ مَمنُوع تُريدُ جَري مَعك بِمَا أَنّ للأَساتِذةِ مُطلقُ الحُريةِ فِي الذَّهابِ أَينمَا شَاؤُوا. أَليسَ كَذلك؟»

بَرطمَ الصَّبي مُزفرًا بِيأس، فِي أَوقاتٍ كَهذهِ يَتمنَى لَو يَحظَى بِمغامرةٍ شَيقةٍ لَا يَهمُ لَو أَدت بِحياتِه إِلى الهَلاك، فَذلك أَفضلُ مِمَا يُسمَى المَلل، أَو لَو وُلدَ فِي عَالمٍ مُتطورٍ يَحوِي الكَثيرَ مِن الأَشيَاء المُمتِعة، لَربمَا حِينئذٍ قَد يُحبَبُ لَه البَقاءُ حَبيسًا فِي الغُرفة، لَكنَهَا أُمنياتٌ مِن سَابِع المُستحِيلَات أَن تَتحَقق.

اِرتَمى عَلى سَريرِه بِعشوَائيةٍ فِيمَا يَعبثُ بِورقةِ الكلفس، وَفجأةً وَبينمَا هُو سَارحٌ فِي التَّفكِير فِي أَيّ شَيء وَكُلّ شَيء بَدأت تَظهَرُ بَعضُ الأَلوانِ عَلى الوَرقة، وَكُلّ هَذا لِأنّه وَجههَا نَاحِية الضَّوء دُونَ قَصد.

«هِييي أَنت! اُنظر إِلى هَذا!»

فَحَص آستَر الوَرقة بِتمعنٍ شَديد، وَقد وَجدَ أَنَ رَأسَ الرَّجل مُلطخٌ بِاللونِ الأَحمرِ كمَا لَو أَنّها دِماءٌ تنزفُ مِنه، وَكذَا عَيناهُ المُلونتَانِ بِالذَّهبِي وَالأُخرَى بِالأَزرَق، وَبُقعةٌ حَمراء عَلى رَسمةِ البَرسِيم، عَدا ذَلك لَا يُوجدُ أَيّ اِختِلاف، وَممَا لَا شَك فِيه أنّ البَارُون يَودُ مِن خِلالِ رِسالتِه هَذه الإِشارةَ إِلى شَخصٍ مُواصفاتُه كَالآتِي: رَجلٌ فِي مُقتبلِ العُمر، مُصابٌ بُمتلازِمةِ الهِيترُوكرُوميا، لَكن السُّؤَال الّذي يَطرحُ نَفسهُ مَا فَائدةُ مَعرفة هُويةِ هَذا الشَّخص؟

بَعدمَا تَوضحَت الصُّورةُ أَمامَ إِيثَان بِربطهِ كُلّ القِطعِ مَع بَعض، سَألَ خَالهُ رَغبةً فِي تَأكيدِ صِحةِ مَا تَطرَق إِليه: «نِيه، أَلا يَقصدُ بِكُلّ هَذا أَنّ مَجزرةً سَتحدُث فِي المِهرجَانِ السَّنوِي لِلأَكادِيمِية الّذي يُقامُ كُلّ يَومٍ يَختفِي فِيه القَمر، وَستبتَدئُ بِهذَا الرَّجُل المَنشُود؟»

«هَل تُقيمُ أَكادِيمِية سَكارلِيت مِهرجَانًا فِي هَذا اليَوم كُلّ سَنة؟»

رَفعَ الأصغرُ حَاجِبًا دُون الأخَر، وَقد سَيطر كلٌّ منَ الاِستنكَار وَعدمِ التَّصديقِ نَبرته حِين نَطق: «هَل أَنت جَاد؟ تَعملُ هُنا وَلا تَدرِي شَيئًا عَن عَادَاتِها.»

«لَقد بَاتَ كُلّ شَيءٍ وَاضِحا، لَكِن لِمَ يُريدُ مِني مَعرفةَ هَذا؟» بَينهُ وَبينَ نَفسهِ فَكر، وَهَا قَد أُضيفَ سُؤَالٌ جَديدٌ إِلى قَائمةِ الأَسئلةِ الّتي لَم يُجب عَليهَا بَعد مُسببًا لَه حَنقًا وَاِنزعَاجا.

اِحتضَن زُمرديُ العَينين وِسادتهُ وَقد أَخد يَطرحُ مَا فِي جُعبته مِن أَسئلةٍ سَواءً أَكانَت مَنطقيةً أَم لَا؛ فَالخُوض فِي نِقاشٍ كَهذا مُمتعٌ وَسينسِيه المَلل.

«هَل تَعتقدُ أَنّه السَّفاح؟»

«ذَلكَ مُحال؛ هَذا لَيس مِن طَبعِه، وَبالفِعل يَتبادرُ إِلى ذِهنِي أَحد.»

تَحمسَ يَققُ الخُصلات وَقد أَبدَى اِهتمَامًا كَبيرًا لِمَا سيقُوله، وَعلى أَحر مِن الجمرِ يَترقبُ إِجابته.

«تَعرفُ عِصابةَ البَرسِيم الأَحمر؟»

نَمت عَلاماتُ الاِستغرابِ وَالاِستفهامِ عَلى رَأسِ المُخاطَب نَافيًا عِلمهُ بِها، وَهذا مَا وَجدهُ غَريبًا الصَّراحة، فَهُو عَلى إِطلاعٍ تَامٍ بِجميعِ المُنظماتِ الإِجرامِية وَالقَتلةِ المَطلُوبينَ دُوليا، وَعلى عَكسهِ فهَذا لَم يُثر اِستغرَاب خَالهِ القَائلِ بَعد أَخدهِ نَفسًا طَويلًا اِستعدادًا لِلشَّرحِ دُونَ اِنقِطاع: «هَذا مُتوقع، فَليست مَعرُوفةً إِلٌا للقلةِ القَليلة؛ وَهذا رَاجعٌ إِلى أنهُم شَديدُوا الحِرص فِي عَدمِ تَركِ أَدلةٍ وَراءهم وَكذا قَتلِ كُلّ مَن يَتورطُ مَعهُم أَو يُشكُ بِأنّه عَلى عِلمٍ بِوُجودِهم، وَقد حَصلتُ عَلى هَذهِ المَعلُوماتِ مِن صَديقٍ حَكى لِي عَنهم، وَمُنذ ذَلكَ اليومِ لَم ألتقِ بِاِسمهم أَو أَسمع عَنهم. وَسببُ شَكي بِهُم هُو وَرقةُ اللعبِ هَذه بِالذَات؛ فَلمَ اِختارهَا عِوضًا عَن وَرقةِ البستُوني مَثلا؟ بَل وَلمَ البُقعةُ الحَمراء عَلى الرَّمز؟»

أَومأَ الصَّبي مُتفهِما، ثُمَ أَخد زِمامَ المُبادرةِ بِالتَّساؤُل عَن كُلّ مَن لَم يَجد لَه جَوابًا شَافيا: «وِجهةُ نَظرٍ مَنطِقية، لَكن هَل قَتلةُ هَذه الأَيام يَقُومون بِعملِ الخَير؟ مَا الّذي سيستَفيدهُ مِن مَعرفتكَ لِمَا سَيحدُث؟ بَل وَكيفَ يَعرفُ كُلّ هَذا وَالعِصابة مُتخفيةٌ تَحت سِتارَ الغُموض؟»

بَعثرَ ذُو العُيون اللَازورَيةِ شَعرهُ الأَدعجَ بِعصبيةٍ فِيمَا أَجابَ بِحنق: «لَا أَعلم، وَلا رَغبةَ لِي بِالتَّفكِير حَاليا، لَستُ أَدرِي لِمَ تَطورَت الأُمورُ مِن مُهمةٍ مُملةٍ وَبسيطةٍ إِلى كُلّ هَذا التَعقيد، مُحقق، حَارسٌ شَخصي، أُستاذ، وَالآن سَأصبحُ البَطلَ المُكلفَ بِحمايةِ العَالم؟»

خَتمَ كَلامهُ بِاِبتسامةٍ سَاخرة، وَلم تَكُن مُوجهةً إِلّا لِنفسهِ البَائِسة، مُجردُ التَّفكِير فِي هَذا يُرغبهُ فِي الإِهلاسِ ضَحكًا حَتى تَتمزقَ أَحبالهُ الصَّوتية.

«وَبعدئذٍ صِر مُجرما، وَسيكتمِل كِتابُ إِنجازَاتكَ الحَافِل!»

عَلى كَلامِ اِبن صَديقهِ المَازحِ اِختلجَت عَيناه، وَاِرتجَف جَسدهُ تِلقَائيًا كَما لَو سَمعَ خَبرًا يَهُز الكَيان، فَفغرَ فَاهُ هَذا الأَول دَهشة؛ إِذ لَم يَتوقَع لَحظةً رَد الفِعل المُبالغ فِيه هَذا، بَل وَحين نَاداهُ سَائلًا عَن حَاله لَم يَكُن يَستجيبُ لَه، وَكأنّه خَارجَ نِطاقِ التَّغطِية. فَلم يَجد أَمامهُ خِيارٌ سِوى رَش بَعضِ المَاءِ عَليه أَو لِنقُل كُلّ المَاء المُتواجِد فِي الإِناء، مِن جهةٍ لِإِيقاظهِ مِن صَدمتِه، وَمن جِهةٍ أُخرَى حُبًا لِاِستفزَازهِ وَكذا اِنتقَامًا لِرفضِ طَلبه.

«هَل أَنت بِخير؟ مَا كَان كُلّ ذَلك؟ لَقد كُنتُ أَمزح.» نَفخَ خَديهِ بِغيظٍ وُهو يُراقبهُ كَيفَ يَعصرُ ثِيابه المُبللة، ثُمَ أَضاف بَعد أَن أَعطاهُ مِنشفةً جَلبهَا مِن الخِزانة: «هَل تَكرهُ أَن تَكُون قَاتِلا؟»

<----«« »»---->

تجَرعَ قلبُ إِيثان كَميةً مِن الاِستياءِ وَالسَّخط كَون خَالهُ رَفضَ مُرافقتهُ خَارجًا مَهمَا تَوسل إِليه، لِذَا تَبادَرت إِلى ذهنِه فِكرةُ الهَرب مِن الأَكادِيمية، صَحيحٌ أنّ فِي ذَلكَ مُخاطرةً وَخاصةً لَو اِرتقَى الخَبرُ إِلى مَسامِع وَالدَيه اللذان لَن يُمررَا ذَلكَ مُرورَ الكِرامِ أَبدا، لكنهُ مَا زَال أَفضلَ مِن المَوت ضَجرا.

بَين الأَعشابِ الغَضة تَسللَ بِخفيةٍ وَحذرٍ وَهُو يَحبُو عَلى قَدمَيه، رُغمَ أنّ هَذه الحَديقةَ مَحظورٌ عَلى الطُّلابِ وَالأَساتذةِ زِيارتُها ولَا خَوفَ مِن لِقائهم، إِلّا أَنّ البُستانِي غَيرُ مُدرجٍ ضِمن مَن حُظرَ عَليهِم ذَلك، وَفي قَرارةِ نَفسهِ يَدعُو أَن لَا يُلاقِيه؛ إِذ لَا يَودُ طَريقًا صَعبًا مَحفُوفًا بِالمَخاطر.

وَهُو يَحبُو اِصطدمَ بِشيءٍ صَلب، لَم يَكُن إِلا ظَهر فَتًى فِي نَفس عُمرِه، اِلتفت هَذا الأخير عَلى عَجلٍ وَملامحُ الذُّعر مُرتسمةٌ عَلى أَماراتِه لَكنهَا اِرتخَت فَور رُؤيتهِ لإِيثان.

«لَقد أَفزعتني، هَل تُريدُ الهَرب كَذلكَ إِيثان؟!»

سَأل وَعيناهُ البَنفسجيتين كَاللافندر شعَا بِالحمَاس، فِي حِين أنّ إِيثان لَعن سُوء حَظهِ مُستديرًا للعَودة؛ لَا يَود مَهمَا حَصل التَّورط مَع أَسِيل رُودريغز؛ قَائدُ مَهجعِ ألكَامَاس، وأَصغرُ قَائدٍ عرفتهُ الأَكادِيمية.

«لَقد غيرتُ رَأيي، وَداعا.»

أَبدى أَسيل مَظهرًا مُزريًا يُرثَى له فِيمَا يَرد: «هَذا مُؤسف، يبدُو أَنّ علي إِخبار المُدير بِدخُولكَ المِنطقةَ المَحظورة، وَلا أُمانِع فَضحَ نَفسي بِالمُناسَبة.»

في نِهايةِ الحَديث اِنبلجَ ثغرهُ بَاسمًا، وَهنا أَدركَ الأمهقُ أنّه قَد تَورط مَعهُ بِالفعل، زَفر بيأسٍ قَائلا: «مَا الّذي تَبتغيه مِني؟»

«أُريدُ بَعض الرِّفقة!» لَحنَ حَالكُ الشَّعر ذَا الخُصلةِ البَنفسجية المُزينةِ لناصيتِه كلِماتهُ بِمرح، فيمَا قَطب إِيثان إِحدى حَاجبيهِ مُستنكرًا وهو يُجيب: «حَسبتُ أَنّ ثَعابينكَ تَفي بِهذا الغَرض.»

«لَن أَستطيعَ التَّجول بِراحةٍ وَأنَا بِصحبتهم كَما تَعلم.»

همهمَ المُخاطبُ مُتفهمًا وِجهةَ نَظره، مُكملًا سبيلهُ إِلى السُّور، وَمن رَآهُ هُناكَ رَسم الدَّهشة وَالذهُول عَلى مَعالمِ سِحنته، بينمَا رَفيقهُ صفرَ بِإعجاب؛ فَقد زَاد عَددُ الرِّفقة، وَهو مَا يَعني زِيادةَ المُتعة.

اِنتبه إِليهما الأسمرُ فتهللت أسَارِيرهُ غَبطة، ورَاح يُعانقُ إِيثان غَير المُعتاد عَلى تَصرُفاتِه إلى حِين اللَحظة.

«السَّلامُ عليكُم.» بِلكنةٍ غريبةٍ نبسَ الحالكُ وَابتسامةٌ لطيفةٌ نمَت عَلى شَفتيه.

بَريقٌ نَجميٌ أَحاطَ جَميل الهاتفَ بِحماسٍ طُفولِي: «وَعليكُم السَّلام، هَل تُجيدُ اللُغةَ العَربِية؟»

«لَيس حَقا، فَقط بعضُ الكَلمات.»

«إِنّه لَأمرٌ مُؤسفٌ بعضَ الشَّيء، لَكنهُ رائعٌ فِي ذاتِ الوَقت!»

اِكتفى أَسيل بِالاِبتسامِ كَإجابةٍ له، فَأعقبَ مُضيفا: «تَنويانِ التَّسلل أَيضا؟»

هزَ الصَّبيان رَأسهُمَا بِأن نَعم، وَعلى عَكس الحَالكِ وَالأَسمرِ المُستمتعَين بِوقتهمَا فِي التَّجوُل هُنا وَهُناك، كَان إِيثان مُنزعجًا وَمُحبطا؛ لَم يُحب رِفقتهمَا وَخاصةً المَدعُو أَسيل، يَكرهُ حَقًا أَقنعتهُ الّتي يَرتدِيها، وَليسَ مُطمئنًا حَتى مِن سببِ إِصرارِه عَلى مُرافقتِه، لَربمَا يُبالغُ وَلكنه يبقَى أَفضَل مِن تَخفيفِ حَذرِه، وَخاصةً وَأنّه شَهدَ تِلكَ الحَادثةَ فِي حَفلِ الاِفتتَاح.

صَرخةٌ مُرتبعةٌ اِنبثقت مِن ثغرِ السَّارح فِي التَّفكِير إِثر فَزعهِ مِن صَوتِ اِنفجارٍ حَدث بِالقُرب مِن قَدمه، تَلى ذَلكَ ضَحكاتٌ صَاخبةٌ اِنطلقَت مِن الحَالك، وَلم يَحتَج إِيثان وَقتًا حَتى يُدركَ أَنّه الفَاعِل، فَصاحَ بهِ مُستهجِنا: «مَا الّذي تَعتقدُ نَفسكَ فَاعِلا؟»

«لَقد كُنت شَارد الذِّهن وَتتجاهَلُ كَلامِي، فَاِرتَأيتُ أَنّ إِيقاظكَ مِن سَرحانكِ بصوتِ المُفرقعاتِ كَاف.»

هَل مِن المَسمُوح لَه خَنقهُ فِي الحِين وَاللَحظة؟ هَذا مَا تَبادرَ إِلى عَقل إِيثان فَور رُؤيتهِ لِاِبتسامتهِ المُستفِزة، كَانَ مِن المُفترضِ أَن تَكُون نُزهةً للتَّرويحِ عَن نَفسهِ لَا اِختبارًا لِضبطِ الأَعصاب!

تَنهدَ بِتعب وَأكمَل مَسيرَه مُتجاهِلًا إِياه، فَبعدمَا خَرجُوا مِن أَسوارِ الأَكادِيمية لَن يبَالِي لَو وَشى بِه إِلى المُدير، المُهم أَن لَا يبقَى ثَانيةً أُخرَى مَعه.

أَثنَاء مَسيرِه اِصطدمَ بِصدرِ رَجُلٍ عَريض، لَم يُكلف عَناءَ نَفسهِ رُؤيةَ وَجهه، بل اِكتفَى بِالغمغمةِ مُعتذِرا، حَالمَا خَطى أُولى خُطواتِه مُبتعدًا شَعر بِيدٍ تُحطمُ كَتفه، اِلتَفت رَغبةً فِي الصُّراخِ عَلى الفَاعِل، لَكن لَكمةً أَطاحتهُ أَرضًا مَا كَان لَهُ بِالمِرصاد.

«أَيهَا الغَبي نُود الأَطفالَ عَلى الحَياة!»

زَجر بِه أَحد رِفقتهِ وَكان قَد تكفَل بِالإِمساكِ بِجميل المُقاومِ لَه بِكُل مَا أُوتي مِن قُوة، عَدا أَنّ هَذا عَديمُ الفَائدةِ كُليا، مَهمَا فَعل الصِّبيةُ الثَّلاثة للفرَار فَمصيرُهم كَان فُقدانَ الوَعي بِمصيرٍ مَجهُولٍ يَنتظِرُهم.

يُتبَع...

<----«« »»---->

سُبحَان الله وَبحمده، سُبحَان الله العَظيم.
لَا إِله إِلا الله، اللهم صلِّ وَسلّم وَبارك عَلى حَبيبنا مُحمد.

1817 كلمة.

Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro