الفصل السابع
مرحبا بمحبي وسامي و " الوتر "
أهلا بعشاق المستر " عوّاد "
استمتعوا
*
مجرد أراضي قاحلة هي قلوبنا إلى أن تأتي غيمة
غيمة قد نراها في البداية سوداء لا فائدة منها و لكن في وقت ما سيتغير كل شيء
سوف تمطر حتى نرتوي إلا أنني لم أرتوي بعد
*
سُحبت بعيدا للغاية و وجدتني أقاسم بوبي حفيد السيد باركر الطاولة و هو لم يتوقف لحظة عن الكلام ، ثرثر حول كل انجازاته و أنا فقط كنت أحمل كأسي و بين لحظة و الأخرى أبتسم له حتى لا يظهر الملل على وجهي
وضعت الكأس الذي لم أرتشف منه شيئا و حدقت حولي حينها شعرت بكفه على كفي و عندما التفت له هو تحدث
" ما بالك كاث ... أشعر أنني أتحدث لوحدي "
حينها عكرت حاجبية و نفيت مبتسمة
" أبدا أنا فقط كنت منبهرة لما وصلت له بعمر صغير بوبي و الآن هلا تسمح لي ؟ "
قلتها و سحبت كفي من تحت كفه ملتفتة ، الآن أبحث عن يعقوب ، بل منذ البداية ما كان عليه أن يترك بوبي يسحبني بعيدا عنه و هو من وعدني أنه سيبعد عني كل أنواع الأم ، أن أستمع لشخص كان يعد فاشلا بالنسبة لك و كل شيء وصل له بسبب عائلته و اسم جده لهو أمر مؤلم للغاية
سرت بين المدعوين أبحث عنه فلم يكن مع جدي ولا مع السيد باركر ، واصلت بحثي و لم يكن موجودا بين الحضور حتى اتخذت طريقا في هذه الحديقة الكبيرة يوصل إلى مكان هادئ بعيدا عن الضوضاء و ما إن سرت قليلا حتى رأيته يجلس على مقعد الحديقة ، يبسط ذراعه اليسرى على مسند المقعد و كفه الأخرى يحمل بها كأسه و يشرب بهدوء
عندما رأيته أنا لا أدري لما ابتسمت ، لا أدري لما البهجة أصابت قلبي و تجردت من حزني و ألمي
أ لأنه وعدني أنه لا ألم بعد أن أضع يدي بيده و أعزف من جديد ألحاني ؟
دفعت خطواتي بهدوء نحوه حتى وصلت خلفه ، وقفت بعض الوقت و ما إن هممت باكمال سيري و الجلوس بقربه هو تحدث
" لقد وضعت رهانين مع نفسي "
توقفت و هو التفت ، كان يرسم بسمة جانبية على شفتيه و أنا حاولت ألا أبدو بمظهر الفتاة الحالمة
بل عكرت حاجبي و هو مد كفه نحوي
حدقت به ثم بكفه و بدون تحكم أنا ممدتها نحوه فسحبني له ، كما يسحبني نحو السعادة التي يعدني بها أو على الأقل اللا ألم
جلست بجانبه و هو وضع ذراعه على كتفي ، يتقرب مني بدون حدود و هذا أمر مزعج و غير مزعج بذات الوقت
" لم تسأليني ؟ "
" عن ماذا ؟ "
" عن الرهانين ؟ "
" و لما سأسأل ما دامت ستخبرني في جميع الأحوال ؟ "
عندها خرجت منه شهقة سخرية و أنا التفت نحوه بجانبية
" ما الذي يجعلك متأكدة أنني سأخبرك ؟ "
" لو لم ترد ذلك ما كانت ستخبرني عنهما منذ البداية "
" مجادلة أنت "
" مثلك يعقوب "
" حسنا أنا لن أخبرك عن الرهانين "
قالها مقدما وجهه راسما التحدي على ملامحه حينها أشحت عنه و حدقت أمامي ثم أشرت لبيت خشبي ، بيت شجرة بني هناك منذ وقت طويل و تحدثت متجاهلة سبله في جعلي أتوسله حتى يتحدث
" هناك كنت أعزف أحيانا و بوبي يمثل أنه جمهوري "
و حينها كأنه انفجر بوجهي
" أرى أنك سعيدة برؤيتك لبوبي هذا "
فالتفت له مستغربة و حركت رأسي متسائلة
" و لما تبدو متضايقا منه ؟ "
" لأنه تم سحبي و جعلوني أسحبك إلى هنا من أجل أن تلتقي أنت ببوبي "
" و هل الآن فقط أدركت ذلك ؟ "
و هنا نبرة صوته انخفضت
" لا ، منذ أن تم تعريفنا عليه و استحوذ هو على كل اهتماماك "
" استحوذ على اهتمامي ؟ ..... هل أنت جاد ! كنت سوف أموت من الملل و هو يثرثر بدون توقف عن انجازاته "
" اذا الجميع يحاول أن يجعلوكي معجبة به من جديد "
" من جديد ؟ "
" أوليس هو حب طفولتك ؟ "
فعكرت حاجبية مجيبة ببسمة سخرية
" من أخبرك و لما كل هذه التكهنات الخاطئة ؟ "
حينها رفع كفه و نفى
" دعك من تكهناتي هل كنت سعيدة بلقائه ؟ "
" نوعا ما "
" كنت سعيدة اذا "
" يعقوب لما فجأة تفقد بريقك بعيني ؟ "
" لما تركته و أتيت هنا ؟ "
حينها ابتسمت ، ضممت كفي معا و عدت أحدق بعيدا
" فقط افتقدتك .... "
" ماذا ؟ "
قالها و وضع كفه على كفي بعد أن وضع كأسه بقربه على الجانب الآخر و جعلني التفت له
" افتقدتيني ؟ "
" أجل أريد البقاء بجانبك لأن الألم فعلا بدأ يزول عندما أكون معك و ما إن تختفي يسيطر من جديد "
رسم بسمة كبيرة ثم سحبني كلي له و ضمني ليضع كفه على ظهري حينها فقط أغمضت عيني و تنهدت بعمق
إنه يثبت نفسه في الأعماق ، إنه يسرقني مني اليه
وضعت أنا الأخرى كفي على ظهره و حركتها ليبعدني ، حدق بعيني مبتسما بتوسع ثم استقام و سحبني لأستقيم معه كذلك
" حان الوقت حتى نفشل مخطاطتهم و نغادر المكان "
قالها و سحبني متجهين نحو البوابة و لكن ما إن اقتربنا حتى تم اعتراض طريقنا ، لقد كان السيد باركر يحمل كمانا و وترا و رفعهما بوجه يعقوب
" المدعوون ينتظرون عزفك سيد يعقوب و لا يصدقون أنهم سيقابلونك و يسمعون عزفك مباشرة أمامهم "
حينها كف يعقوب خف تمسكها بكفي ، شعرت بالفتور قد أصابه فجأة و عندما رفعت نظراتي نحوه كانت نظرة الأم قد استوطنت عينيه السوداء
ترك كفي و لكن قبل أن يشعر بمزيد من الألم أمسكت أنا بكفه و تحدثت
" أنا سوف أعزف عن السيد يعقوب ، لحنا جديدا لم يسمع من قبل "
*
القوة هي أكثر ما نحتاج اليه حتى نواصل العمر
القوة هي أكثر ما نتوهم أننا نمتلكه و لكن في ثانية
في ثانية كل شيء يتداعى كبنيان قديم
كطوفان يضرب الأرض فلا يبقى عليها أي حياة
و أنا أكثر ما يهدني أن يلمس أحد وتري
صحيح أنني وجدت من سميتها يدي ، لحني الضائع و لكنني في هذه اللحظة أشعر بالضياع
هاهي تضم كفي و تترك ضعفها جانبا حتى تنقذني من ظلامي
دقاتي لم تخطئ أول مرة عندما دقت لها
حزني لم يخطئ عندما هرب نحو عينيها و اختبأ بهما
وجدتني أقف مثل الجميع في صفوف المتفرجين عندما وقفت هي وسط الحديقة أين كانت محط أنظار للجميع
صحيح أنها تقدمت حتى تنقذني من بؤسي و لكن هاهي نظرة الحزن تعود و تستوطن عينيها بقوة
هاهي دموعها تقف على عتبات عينيها الجميلة
أغمضت عينيها و حركت الوتر على أوتار الكمان عندها أنا الآخر أغمضت عينيّ فهاهي بداية لحني الضائع ، لقد حُفر بداخلها و هي تعزفه كله ، إنها تحيي بي مشاعري التي سرقت مني ، حتى أنني لم أستطع انهاءه قبل الحادث و بعد الحادث فقط سمعت ضجته بداخلي بدون أن أستطيع تجسيدها
لا يسمع شيء سوى صوت الكمان و أنا كنت هائما مع ألحانها الحزينة ، مع مشاعرها الحقيقية التي وحدي من يمكنني رؤيتها عندما تعزف على الوتر
وحدي من يمكنني لمس خوفها و قهرها من الحياة ، أملها و رغبتها الكبيرة بأن تكون هي الأخرى مثل الجميع
في تلك اللحظة شعرت بشخص يقف بجانبي و عندما فتحت عينيّ و حدقت نحوه لم يكن سوى السيد سكوت ، جدها ، لقد التفت لي بعد أن كان يحدق بها و نفى بحزن كبير ثم همس
" أبعدها عن هنا بسرعة أرجوك "
و ما كدت أستوعب ما يقول حتى لمحت السيد رايان سكوت يسير بسرعة و هو قد وصل تقريبا الى كاثرين و وقتها كان الأوان قد فات فهاهو يسحب الكمان منها و يرميه أرضا
قبل أن نوالي بأي حركة هو صفعها بقوة و أنا فقط ركضت اليها و جدها كذلك
" أخبرتك أن ترحلي ، أن تتركي كل ما أخذته من حبيبتي و هو ليس من حقك "
ضممتها أخبئها عنه بعيدا و هي فقط شعرت بها تمسك بقميصي بشدة و السيد سكوت صرخ به
" ما هذه الحماقة التي تتفوه بها ؟ "
حينها التفت للجميع و صرخ بأعلى صوت
" لقد رحلت عني الدنيا بسببها ، غادرت كايلي بدون عودة عندما خرجت حتى تذهب لها "
و هي في حضني لم أسمع سوى أنّاتها و لو كان ممكنا كنت أوسعته ضربا و لكن أن أبعدها عن حضني في وقت كهذا و لحظات حزينة و حرجة كالتي نحن فيها الآن ، هي سوف تفقد ما تبقى من ثقتها بالحياة ، ستفقد الرغبة بالبحث عن السعادة و ترك مصاحبة الألم
كل ما فعلته أنني تركته هناك يصرخ بجنون و سحبتها معي عائدين نحو الفندق ، لقد سحبتها فحتى الخطوة كانت غير قادرة على مدها و عندما وصلنا للفندق و وقفنا على بابه هي رفعت نظراتها المبللة بدموعها ، نظراتها التعيسة و همست
" أنا غير مذنبة ، لما يكرهني لهذه الدرجة ؟ "
حينها التفت كلي لها ، ضممت وجنتيها بكفي معا و غرقت بعينيها ، لقد أخبرتكم من قبل أنها تسحب مني الحزن ، من عيني يسكن بعينيها و يؤلم قلبها الصغير و أنا ابتسمت مخففا عنها
" هو يعلم أنكِ لست مذنبة ، إنه رجل مسكين لدرجة أنه لا يملك علاّقة يضع عليها خطاياه فيبحث عليها عند من حوله و لم يجد غيرك ، هو يكره حقيقته و أنه بات يعيش بدونها ، وجد نفسه غير كفئ كي يقدم لك ما كانت هي تدفعه لتقديمه لكِ لأنه ليس جيدا كفاية حتى يكون أبا يا كاث "
نفت و أنا تركت وجنتيها و ضممتها لي مقبلا رأسها بجانبية فخرجت شهقاتها المتؤلمة و هذا ما جلعني أحملها و هي لجأت لي ، لقد ضمت رقبتي و وضعت رأسها على صدري مواصلة البكاء و أنا فقط قربتها من روحي و مشيت ، سرت الردهة ثم صعدت الدرج متجها نحو غرفتي حاملا اياها هي و همومها ، هي و تعاستها و آلامها
*
الانسان منا ليس له سوى والديه
و من الطبيعي عندما تفقد أحدهما سوف يحاول الآخر أن يعوض مكانه في قلبك
إلا أنا أبي يحاول نهش ما تبقى في قلبي من مشاعر و حب
يحاول جعل الدنيا أكثر سوادا مما هي عليه في عينيّ
جعلني يعقوب أتمدد على سريره و قال أنه سيذهب لغرفتي حتى يجمع أغراضي
و أنا كنت منهكة و كل ما فعلته أنني سحبت الغطاء علي ، اختبأت تحته لكن بعد أن أقفل الباب أغمضت عيني باكية
لا يسعني فعل شيء سوى البكاء
لقد صمدت فترة طويلة و كنت قوية للغاية ، تظاهرت باللامبالاة و لكن قلبي كان يبالي و يبالي جدا ، مشاعري كانت تجرح مرة بعد مرة بقوة و أنا بعد الآن سوف أعده ميتا كما يعدني هو ، سوف أكرهه بشدة كما يكرهني هو
فقط سوف أكون مثله و لن أفكر سوى بنفسي و لو كان على حسابه هو
حاولت النوم و ما إن أغمضت عينيّ حتى سمعت باب الغرفة يفتح فلم يكن سوى يعقوب
الرجل الغريب عني الذي بدأ يبعد الألم كلما وضع كفه علي{ ، كلما ربت على قلبي و قال أنه هنا من أجلي
كيف للغرباء أن يشعروا بما فينا من قهر و ظلم ؟
كيف له أن يفهم كل دمعة و كل نظرة ؟
كل نفس يخرج من صدري الضيق و كل أنّات الوجع ؟
ألأن فيهم جزءا منا ؟ أم أن هناك تشابه في الوجع ؟
رن هاتفه بعد أن وضع حقيبة ظهري على الأريكة فسارع نحو الشرفة و أنا فتحت عينيّ مبعدة الغطاء عن رأسي ما إن أقفل بابها الزجاجي
حدقت به و بعد أن كان يبدو نوعا ما هادئا فجأة ظهر على ملامحه الغضب و حرك كفه في الهواء بعدم رضى
لم أتمكن من سماعه و لم أرد أساسا أن أعلم فهو أمر يخصه في النهاية
أبعدت عني الغطاء معتدلة في مكاني منزلة قدمي للأرض و هو بعد فترة أنهى المكالمة و دخل
كانت ملامحه غاضبة بالفعل و لكنه عندما رفع رأسه و رآني أجلس على جانب السرير حاول أن يرسم بسمة
لقد فعلها ، ابتسم و لكن هناك غضب يسكن عينيه
اقترب بهدوء و جلس بجانبي ليمسك بكفي حينها نبست أنا
" لنغادر يعقوب "
رفعت نظراتي نحوه و هو حدق بي ثم أومأ
" لقد قطعت تذكرتين بالفعل و لكن القطار سيكون مساء "
" و أنا لا أستطيع البقاء هنا إلى المساء قلبي لن يتحمل جرح جديدا "
" حسنا "
أومأ ثم اقترب مني و ضمني له ، استجبت له ، بادلته العناق مغمضة عيني و هو حرك كفه على ظهري مادا اياي بالأمان الذي أحتاجه ، الأمان الذي سرق مني بغير ذنب ، أجل بغير ذنب فأنا في النهاية أكثر شخص يشعر بألم الفقد
ابتعدت عنه و ابتسمت ثم استقمت و سرت نحو أغراضي ، و كل ما فعلته أنني حملت سترتي الثقيلة و ارتديتها فوق الفستان و هو حاول الاعتراض
" ألا تشعرين بالبرد ؟ "
لكنني التفت و نفيت لأجيب بهد تنهد سكن أعماقي
" لا أريد أن أشعر بأي شيء بعد الآن "
اقتربت و مددت كفي له ، حدق بها ثم رفع نظراته لي و أنا رسمت بسمة
" هيا لنغادر ، لنرسم بداية جديدة لكلينا "
" متأكدة أنك تريدين أن تكون بدايتك معي و حسب ما أراه صحيحا ؟ "
" ما كنت أراه أنا لم يكن صحيحا و الانسان أحيانا يحتاج لمن يرى عنه "
حينها ابتسم و تمسك بكفي أكثر ثم استقام
لم يكن يملك أمتعة كثيرة ، بل فقط كيسا ورقي وضع فيه ثيابه القديمة ثم غادرنا الغرفة ، أقفل الحساب في الفندق و بعدها غادرنا نهائيا ، أنا أحمل حقيبة ظهري و هو يحمل الكيس الورقي بكفه و بكفه الثانية يمسك كفي ........ أبى تركها فلا يدري أي أمان يغرسه بي وسط الخوف
لقد سرنا في ذلك الطريق و سارت معنا الشمس التي كانت تستعد للمغادرة
ربما إن صاحبتنا الشمس سيزول الصقيع عن أيامنا ، سيذوب ذلك الجليد من حول قلبي فتذهب معه كل ألامي
*
جلسنا في محطة القطار منتظرين القطار و الصمت فرض نفسه بيننا
هي تفكر بما تعرضت له من طرف والدها أمام الجميع و أنا أفكر في معضلتي التي ظهرت
هاريسون هو من اتصل بي عندما كنا لا نزال بالفندق
في البداية أجبته ببعض البهجة و لكن ما إن أفرغ لي ما كان بجعبته حتى شعرت أن العالم اسود بعينيّ و الغضبني ملأني
أخذت النصف بالفعل من ثورتي فمالذي تريده ؟
لقد قال أن روز تراجعت عن الطلاق في آخر لحظة و أعادت كل شيء ، كل النقود التي طالبت بها عادت و تخلت عنها و الآن باتت تريدني أنا ..... فجأة هكذا تقول أنها تريدني أنا
و لكن أنا لا أريدها ، لقد انتهينا ، و ما كسر يستحيل أن يعود كما كان و لو حاولنا تزيينه
شعرت بكاث تتقرب مني و عندما أمسكت بكفي التفت لها و حدقت بعينيها فتساءلت
" ما بك ؟ لما تبدو غاضبا للغاية ؟ "
حينها نفيت ثم استقمت و سحبتها معي نقف على الرصيف
" هيا القطار سوف يأتي بأي لحظة "
أجل أنا تهربت بسحبها نحو الرصيف و لم نقف كثيرا حتى توقف القطار و بعدها صعدنا
جلسنا في مقصورتنا و هي كانت تحدق بي ، لم تبعد عينيها من عليّ و أنا لا أدري لما شعرت بالارتباك
لا أريد أن أخبرها أن روز لا تريد الطلاق لأنها حتما ستسحب نفسها و ترحل بعيدا و أنا لا أريد منها أن ترحل
هي للتو بدأت تتمسك بكفي و أنا لا يجب أن أفلتها و إلا أفلتت الدنيا منها و بالتالي لن يكون لي لحن ضائع ، لن أتمكن من العزف من جديد إن هي غادرت و اختفت مثلما ظهرت في حياتي
و بينما عمق أفكاري كان يسحبني نحوه هي نادت اسمي
" يعقوب "
رغما عني رسمت بسمة رافعا رأسي نحو نظراتها ، نحو عينيها التي تأخذني بعيدا
" نعم "
" حدثني عن وطنك "
" وطني ؟ "
فاجأتني عندما تحدثت عن وطني
" أجل وطنك الذي أخبرونا كثيرا أنه ليس لكم وحدكم "
حينها تملكني الغيظ
" بل هو ملك لنا وحدنا فمتى رأيتِ الأوطان تقسم كتركة ؟ "
" اذا أخبرني عن الحقيقة ، أريد أن أحب فلسطين كما تحبها أنت ، أريد أن أشعر بعشق الوطن فوطني أنا بات جامدا و بت لا أشعر تجاهه بأي حنين "
حينها خرج كلامي بعد تنهد عميق مني
" ما الذي تريدين أن أقوله عن فلسطين ؟ ......أنني أشعر بالذنب لأنني أعيش و هي تنزف ؟ أم أن بسمتي تتوقف كلما تذكرت أنها تبكي ؟ أم تراها ترثي أبنائها و تدفنهم في قلبها بينما أرثي أن مجرد لحن لا يمكنني عزفه ، صدقيني يا كاثرين فلسطين أعظم من أن تحكى ، إنها روح تسكننا و ليس مجرد أرض نسكنها "
" هل هي عظيمة لهذه الدرجة ؟ "
" بل أكثر عظمة .... إنها أرض ضمت أنبياء الله ، أرض تعايش فيها المسلم و المسيحي و عاشا كأخوين و لم يزعزع هناء معيشتهم سوى محتل غاصب حلت عليه لعنة الله منذ عصور غابرة فساروا تائهين في الأرض و الآن يحاولون جعلنا نحن تائهين "
" تقصد اليـ*ـهـ*ود ؟ "
" أقصد الصـ*ـهايـ*نة .... فالدين ليس له دخل ، لأن كل دين خلقه الله "
" هل أنت مسلم يا يعقوب ؟ "
" لا .... أنا مسيحي عربي فلسطيني "
" أنت تتحدث كشخص مسلم كنت أعرفه "
" ألم أخبرك أن المسلم و المسيحي عاشا أخوين في فلسطين ؟ .... احتفلنا معهم و احتفلوا معنا ، حزنا معهم و حزنوا معنا ، دفنا موتاهم و دفنوا موتانا "
و ابتسمت عندما تذكرت أبي عندما حكى لي عن أبو عماد جارهم المسلم
" ما الذي يجعلك تبتسم يعقوب ؟ "
" أتعلمين كاثرين ؟ أبي كان يحكي عن رجل اسمه أبو عماد ، كان جارهم و صديق أبي منذ الطفولة ، لقد كان يحضر القدّاس يوم الأحد في الكنيسة مع أبي ، أخبرني أنه كان يجلس ولا ينطق بحرف بل يستمع باحترام و يوم الجمعة كان يسحب أبي معه نحو مدينة القدس و عندما يسأله أبي ما الذي سنفعله هناك ؟ يخبره أنه عليهما أن يصليا الجمعة في بيت المقدس ، و عندما اشترى أبي سيارة في شبابه قال أنه كان يرفض أن يقل بها أي شخص إلا أبو عماد فقد كان أبي يستيقظ باكرا يوم الجمعة و يخرجان نحو القدس ، كثيرا ما تعرض هو و أبو عماد للضرب من طرف المحتلين و كثيرا ما تم اعتقالهما فكان يطلق سراح أبي و أبو عماد يحجز لوقت أطول "
" لقد كانا فعلا كأخوين ..... ما الذي حل بأبو عماد بعدها ؟ هل ظل يذهب هناك ؟ "
سألتني لكنني شعرت بالأسى و نفيت متذكرا نظرات أبي الحزينة كلما تحدث عنه
" أبو عماد أستشهد و تلك كانت الضربة التي قسمت ظهر أبي ، لقد مشى في جنازته و شارك في دفنه و بعدها ترك فلسطين و هاجر أرضا لن تضمه مع أبو عماد "
" و لما ترك فلسطين ؟ "
" لأنه قال أن حب فلسطين ارتبط بحب أبو عماد و حب أبو عماد ارتبط بفلسطين "
رسمت بسمة على ملامحها و نبست بهدوء
" لقد بدأ حب فلسطين يدب قلبي يا يعقوب "
" اذا احميه و هو في مهده داريه و أنا سوف أسقيه في قلبكِ "
نهاية الفصل السابع من
" الوتر "
الفصل الذي كنت متشوقة لأصله ، الفصل الذي بدأت حكايا فلسطين تخرج من ذاكرة يعقوب و تدون في سطور
أتمنى أنكم استمتعتم ولا تنسوا أن تغدقوه بالحب ، كونوا بخير أعزائي
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro