مساء الخير على قرائي الغاليين
استمتعوا بفصل جديد
*
الانسان لا يمكن له أن يكون شيطانا كاملا
و بالتالي لا يمكن له أن يكون ملاكا يحمل فوق ظهره جناحين
من يحاول اغتيال فرحتي لن أتساهل معه فمعروف أنا مسبقا بأنانيتي
لا أحاول ارتداء أي قناع بل أحاول جاهدا الظهور بوجهي الحقيقي ، مشوها كان أو وسيما
لا أحاول اخفاء شيء ، ما أعتقده صحيح أقول أنني فعلته و ما أعتقده سيء أقول لن أعيد الكرة
و لكن أمام مريم و مشاعر الأنوثة خاصتها هي و ايلا التي ندمت ندما شديدا على دعوتها وجدتني واقفا
" أعترف أن ما فعلته أمر شائن و لن أكررها "
بثوبها الأبيض ، تسريحتها و كل شيء كان جاهزا لبداية مراسم الزفاف كانت تقف أمامي و خلفها ايلا الواشية و بالتالي خلفي يقف هاريسون الخائن و مع آخر كلمة قلتها تعمدت العودة نحو الخلف و دست على قدمه بشدة ، عقابا له و على فمه الثرثار
ابتسمت لي مريم ثم فتحت ذراعيها فتركت قدم الحقير و تقدمت أضمها بينما هو خلفي كان يقفز رافعا قدمه متألما ، يستحق الحقير ، حركت كفها على ظهري و نبست بخفوت
" لقد انزعجت كثيرا عندما أخبرتني ايلا .... مهما كان ما فعلته لا يجب أن نتصرف مثلها "
" لا أوافقك الرأي حبيبتي "
قلتها و ابتعدت فعكرت حاجبيها لكنني قبلت جبينها و هي تحدثت
" اجعهلم يطلقون صراحها يعقوب فهي حامل "
عكرت حاجبي برفض فعبست بدلال و تحركت مكانها
" أرجوك يعقوب فأنت عربي و العربي لا يتقاوى على امرأة "
" تلك ليست امرأة .... انها شيطان مارد "
" يعقوب أرجوك "
بدلال مرة أخرى هي مدت شفتيها و أنا مررت كفي على وجهي
" تبا لي ...... حسنا حسنا "
قلتها معاودا تقريبها مني و ما إن ابتعدت ترفع نظراتها الجميلة ناحيتي حتى ابتسمت لها من جديد و هي ابتسمت تلك الابتسامة التي أحبها ثم حركت شفتيها بـ " أحبك "
حينها التفت لهاريسون الذي بدى عليه الألم مشيرا له بسبابتي
" أنت أخرجها حالا "
عندها توسعت عينيه و نفى
" لا يمكنني .... "
فافجرت به ايلا
" تخرجها حالا و إلا انسى أننا على علاقة سيد هاريسون "
خرجت مباشرة بعد صراخها بوجهه و هو التفت لنا
" لم أرى من قبل امرأة تدافع على غريمتها "
وقتها طردته
" أخرج هاريسون و إن أفسدت ايلا هذا اليوم سوف أفسد لك وجهك "
" أغرب عني يعقوب "
قالها و خرج فشعرت بكف مريم على صدري لألتفت و عكرت حاجبيّ
" هل أنت راضية الآن ؟ "
" أجل "
قالتها هازة رأسها بنعم باسمة و أنا عكرت حاجبيّ
" أنا لست راضي و لكن من أجل سعادتك سوف أفعل أي شيء "
" يعقوب لا أريد أن تكون شريرا مثلها "
" لست شريرا صدقيني لأنها تفعل ما يتقبله عقلك وما لا يتقبله "
" اذا كيف كنت تعيش معها و متقبلا ذلك "
حينها تنهدت و نفيت
" كنت أعمى .... بل كنت أقول ربما ستتغير ، ربما مرت بظروف دفعتها لفعل كل تلك الأمور السيئة و أنا سوف أساعدها لكن اتضح أنها لا تستحق أي مبرر "
" لا بأس كل ذلك انتهى ولا نريد معها أي علاقة "
ابتسمت أومأ مثل طفل صغير يلقن النصائح من طرف أمه
بعدها جاء السيد سكوت و طردني من الغرفة إلى الحديقة أين كان الجميع ينتظر لبدأ المراسم
و مثل أي رجل عاشق كنت أترقب ظهورها بصبر يكاد ينفذ
هل ستصدقونني إن قلت أنني و برؤيتها قادمة برفقة جدها ناحيتي فقدت احساسي بكل شيء حولي إلا هي ؟
عندما أمسكت بكفها و حدقت بعينيها غرقت بعاملها
و الفرحة التي كانت تملأ عينيها شعرت أنها أهدتها لعينيّ
تماما مثل ذلك اليوم عندما سرقت كل حزني و خبأته بعينيها الآن أهدتني فرحتها و خبأتها أنا بقلبي
لا أصدق ما أنا عليه الآن
بعد أن تعرضت للحادث و ضاع مني حلمي ، كما كنت أعتقد حينها ، استوطنني اليأس و الهم
بدوت لنفسي رجل بائس لن ينال أبدا في حياته ما يحبه و يرغب فيه
و إن حصل عليه في يوم سوف يكون فقط لزيادة اللوعة في أحزاني عندما أتذكر أيامي السعيدة
هكذا نحن البشر
لا نحتفظ باللحظات السعيدة سوى للتنبيش عنها في أدراج الذاكرة في أكثر أوقاتنا سوء
بينما في أوقاتنا السعيدة لا نتذكر حجم الألم ولا الكدر الذي كنا نعيشه يوما
حتى تلك الدمعة التي أحرقت وجوهنا و مسحناها بعنف سوف ننسى كم مرة ذرفناها
*
تعودنا منذ الصغر أن الأشرار سينالون عقابهم السيئ في نهاية القصة
عندما تكون القصص مثالية و ليس في عالمنا المليئ بالتناقضات و التفاصيل المجنونة
أتتني ايلا غاضبة للغاية و مهما حاولت معها لم تخبرني سبب غضبها
كنا سوف نحتفل لكن نامت و أولتني ظهرها
لم تنم هي ولا أنا فامتنعت عن قول شيء رغم سؤالي المتكرر لها
بعد أن تجهزت و بات كل شيء على بعد دقائق معدودة عدت و سألتها وقتها فقط أخبرتني
انزعجت أجل و لكن في المقابل كنت أعرف كيف سوف يرد يعقوب
و مثلما توقعت هو لم ينكر و لم يظهر ندمه الحقيقي
أنا كذلك أعتقد أنها تستحق لكن لكل شيء حدود و الشر في الانسان يجب أن يكون له حدود
مضى حفل الزفاف و كان رائعا ، بسيط لكن كل شيء كان كما أحب ، كل من أحب كان هناك و هنأني فكان ذلك شيء كبير بالنسبة لقلبي الذي افتقد حب الناس
بنهاية الحفل و حتى قبل أن نصعد إلى غرفتنا أنا و يعقوب و بينما نحن نجلس مع جدي في غرفة المعيشة و هاريسون كذلك اختفت ايلا لكن اختفاءها لم يطل عندما نزلت الدرج بينما تحمل حقيبتها و هاريسون وقف و بان الانزعاج على ملامحه
التفت خلفي فرأيتها قد غيرت ثيابها ، تضع نظاراتها و تضم شعرها بمسكه فأيقنت أنها منزعجة للغاية و لن يتمكن هاريسون من اقناعها بالبقاء
" ايلا لما تحملين حقيبتك ؟ "
تجاهلته و تقدمت نحوي أنا و يعقوب ، وقفت أمامنا ثم أمسكت كفينا معا و ابتسمت عندما نحن استقمنا لها
" سعيدة للغاية من أجلكما و آسفة اذا كنت قد سببت لكما الازعاج "
" لا تقولي هذا ايلا "
قلتها و ضممتها لي فبادلتني ثم ابتعدت بسرعة
" اذا سوف أعود إلى لندن "
" ليس الآن ايلا ابقي معنا يوما آخر "
" لا أستطيع لقد اتصلوا بي من العمل و يجب أن أعود "
الجميع أدرك أنها حجة حتى تغادر و هي تركتني ثم اقتربت من جدي و ضمته بخفة
" شكرا لاستقبالي بمنزلك سيد سكوت "
" تمنيت أن تمكثي لفترة أطول "
" لا بأس فالعطل كثيرة على أي حال "
و هاريسون الذي استشاط غضبا فجأة سحبها من ذراعها و أمامنا ليسير نحو الباب تاركين حقيبتها بقربنا
" دعني هاريسون "
" تعالي معي ايلا و كفاك تصرفات طفولية "
" تقول عني أنا طفلة ؟ .... ماذا عنك أيها الناضج "
و هكذا اختفت أصوات شجارهما عندما أقفل الباب و جدي التفت لنا و ابتسامته توسعت
" شجار عشاق ...... لن ينتهي إلا و قد تصالحا و الآن هيا إلى غرفتكما فقد كان اليوم متعبا للغاية "
يعقوب فقط كان يرسم بسمة على وجهه و عندما طردنا جدي إلى غرفتنا شعت عينيه فرحا ، ياله من رجل لعوب
أمسك بكفي و تحدث بهدوء كبير ، هدوء كيف أشرحه ؟ المهم أنه تظاهر بالعفة أمام جدي و سرنا نصعد الدرج
" بهدوء حبيبتي أم تريدين مني أن أحملك ؟ "
توقفت ثم التفت نحو الخلف فكان جدي يقف أسفل الدرج و يرسم ابتسامة كبيرة بينما يراقبنا عندها ابتسمت ثم التفت ليعوقب و نفيت هامسة
" لا .... جدي يراقبنا "
" لهذا أتظاهر أننا متعبين و سنخلد للنوم مباشرة "
" يعقوب اخرس سوف يسمعك "
واصلنا صعود الدرج و ما إن اختفينا عن أنظار جدي حتى تحول يعقوب الرقيق و الحنون ، يعقوب الرصين و الهادئ و رماني بحركة خاطفة على كتفه كأنني أزن وزن كيس بطاطة صغير ثم ضرب مؤخرتي
" لن أقبل بالاعتراضات أو الاحتجاجات مريم عوّاد "
*
البراءة لم يعد لها وجود في زمننا هذا
و أنا و مريم خير دليل على ذلك
علاقتنا لم تبدأ كأي علاقة طبيعية بل كانت علاقة جسدية بحته كل منا نفس بها عما يضيّق عليه صدره
إلا أن القدر كان بجانبنا عندما أبعد الرغبة المحضة عن طريقنا و جعلنا نفتح أعيننا على شيء اسمه الحب
أقفلت الباب ثم سرت نحو السرير واضعا مريم ، مريم عوّاد ، عليه بخفة و لم أبتعد حيث أنني بسرعة حاصرتها بذراعي عندما اعتليتها و حدقت بعينيها
أتدرون ما معنى أنها بين ذراعي ؟ ترتدي ثوب الزفاف و أصبحت على اسمي أنا ؟
أنا حتى لم أنتظر كل هذا الكمال و المثالية في حياتي ، ابتسمت متانسيا الجروح القديمة و نبست بتلك الطريقة التي تحبها و تتظاهر بعدم فهمها
" منذ الليلة لن تتهربي مني بحججك الواهية يا فتاة "
" يعقوب أنا متعبة "
قالتها بدلال ولا يبدو أنها متعبة بل هي متعطشة لي بقدر ما أنا متعطش لها
" بل أنت مشتاقة "
حينها وضعت كفيها تعبث بهما بربطة عنقي الفراشية
" من أخبرك ؟ "
" كل شيء بك حبيبتي "
أمسكت بكفي فكها و جعلتها تنظر لعينيّ ثم برغبة كبرة التقمت شفتيها أقبلهما بشهية
أحبها ، أعشقها و أعيش سعيدا فقط من أجلها و لأجل فلسطين التي شعرت أنني قريب منها أكثر عندما بدأت هي تستمع لقصصها مني
نحن نحب فنحكي لمن نحب عما نحب
*
أحيانا عندما تظهر طيبتك و مرحك لمن حولك سيعتقدون أنك مجرد مهرج أمامهم
اكتفيت من تغطرس ايلا و عندما حاولت أن تثبت أنها على حق بغضبها مني سحبتها رغما عنها
لنتعامل بقليل من الخشونة فالناعم لن يتأقلم إلا مع الخشن و إلا انزلق كل شيء
وقفنا في الحديقة فتركتها و هي سحبت ذراعها بقوة رامقة اياي بغضب كبير
" لما هذه التصرفات ايلا ؟ "
" حقا لا تعلم لما ؟ .... "
" لا تستفزيني لقد سويت الأمر و تلك الحقير ستكون الآن تغادر مركز الحجز "
" هذا ما يزعجني بك .... في النهاية هي تحمل طفلك "
" و أنا أخبرتك أن ما حدث سوف يساعدني بأخذ طفلي منها "
" أنت لن تأخذ طفلا من أمه لأن هذا تصرف وحشي "
حينها لا أدري لما زادتني كلماتها غضبا و أظهرت جانبي اللئيم
" قولي أنك لا تريدينه ففي النهاية لن تكوني سوى زوجة أب "
ايلا التي كانت تشتعل غضبا هدأت فجأة و حدقت بعيني ، أجل نظرتها تلك جعلتني أدرك الحماقة التي تفوهت بها
ابتسمت بسخرية و أنا شددت على كفي و اقتربت منها لكنها تراجعت لتنفي
" من أخبرك أنني سوف أتزوج بك حتى أكون زوجة أبيه ؟ "
" ايلا أرجوك "
" أغرب عن وجهي هاريسون "
قالتها ثم مضت مغادرة و هذه المرة لم أتمكن من ايقافها ، لقد عادت للمنزل ، أخذت حقيبتها و غادرت فعلا و أنا تركت كل أغراضي و تبعتها ، من بعيد تبعتها
*
نتدلل
نتمادى في دلالنا لكن قد تأتيك صفعة لم تتوقعها
كلمة واحدة فقط سوف تكسر كل ما حاولت بناءه
لقد كسر ما بنيته مرة و بجهد ألصقته محاولة عدم رؤية عيوبه ، اعتبرته تماما مثل القطعة الفنية التي يتم كسرها و اعادة لصقها عمدا لكن ذلك أشبه بالمستحيل
ما كسر قد كسر و لن يعود لما كان عليه
حملت حقيبتي و غادرت هذه المرة
أوقفت سيارة أجرى و أخبرت السائق أن يقلني للمحطة
لست نادمة بعد الآن عما مر بحياتي أتعلمون لما ؟
لأن التجربة تجعل الانسان يكتفي و أنا اكتفيت و هاريسون شخص سيء رغم ما يحاول اظهاره من طيبة و حسن أخلاق
أساسا هو رجل خائن ، لقد خان صديقه ، مهما حاولنا التناسي و مهما اعترف تبقى هذه البصمة موجودة في حياته ، البصمة التي سوف تجعلني أشكك به مهما وثقت به
الثقة نبنيها بعد مواقف كثيرة و عديدة لكننا نفقدها بسهولة بعد موقف واحد لا غير
نحن البشر نحب و نكره بكل سهولة
توقفت سيارة الأجرى فنزلت و السائق أنزل لي حقيبتي من الصندوق حينها توقفت خلفي سيارة أجرة أخرى و ما إن حملت حقيبتي و هممت بالتوجه نحو مدخل المحطة رأيت هاريسون ينزل منها حينها زدت من سرعة خطواتي
لقد نادى اسمي و أنا تجاهلت صوته و مضيت نحو الداخل ، قطعت تذكرت ثم جلست على مقعد في الرصيف أنتظر القطار الذي سيأتي بعد نصف ساعة
اقترب و جلس القرفصاء أمامي حينها فقط حدقت فيه ببرود و عندما حاول امساك كفيّ أنا أبعدتهما
" اسمعيني أرجوك ايلا أنا آسف لكل ما قمت به و آسف جدا جدا على كلماتي المتهورة "
لكن أنا أجبته ببرود
" ابتعد عني و إلا صرخت و أخبرتهم أنك تحاول أذيتي "
" اييلا "
" ابتعد هاريسون "
استقام و أنا أشحت عنه بظراتي بعيدا و هو فقط نبس بهدوء
" لن أتركك لوحدك في هذا الليل ايلا "
قالها و غادر و ما هي سوى دقائق حتى عاد و جلس في المقعد المجاور لمقعدي ، لقد كان يحمل تذكرة و يحدق بي و أنا تجاهلت النظر نحوه و حتى كتمت دموعي و أسفي على قلبي الذي جرح مرة أخرى بسببه
*
وضعت كفي على الغطاء و اعتدلت في مكاني و يعقوب كان يقف على النافذة ساندا كفه عليها
ابتسمت و تذكرت مرة عندما كنا نلاحق الرغبات فقط لا غير
وقتها أخبرته أنه لا يجب أن نستمر باقامة العلاقات لأن بيننا لا توجد علاقة شرعية أو رسمية
بيننا لم يكن يوجد مشاعر و لكن الآن ، أو ربما منذ وقتها نحن كان بقلبنا الكثير من المشاعر
ابتسمت ثم نبست اسمه بخفوت
" يعقوب "
التفت لي فابتسم و اقترب حتى جلس بقربي على السرير ، قرب كفه مني و ضم بها وجنتي فأغمضت عيني مستحلية شعوري عندما لمسني
حركت وجنتي على كفه ثم همست
" أخبرني كم تحبني "
فتحت عيني محدقة بعينيه التي لم أرى يوما بصدقها ، إنه راجل واضح لذلك الحدّ الذي يجعلك لا تصدق أنه لا يحمل بقلبه الأسرار
ابتسم محركا رأسه ليجيبني بسؤال
" أخبريني أنت كم تحبينني ؟ "
" لا يوجد حد لحبي لكِ "
" إنها اجابة تقليدية لن تغريني أبدا "
" ما الذي تريد أن أقوله يعقوب ؟ "
" أريد أن تقولي أحبك بقدر تلك الدماء الطاهرة التي تسقي أرض فلسطين فلا أحد يستطيع تقديرها ، أو أن تقولي أحبك بقدر ما تحب أنت فلسطين "
فابتسمت و أجبته كما رغب
" أحبك يعقوب ، أحبك بقدر ما تحب فلسطين "
" أتعلمين لما جواب كهذا يجعلني راضيا ؟ "
" لما ؟ "
" لأنني وحدي أعلم كم أحب فلسطين و بالتالي بت أعلم كم تحبينني "
عندها تقرب مني و ضمني له فضممته لي ، تمسكت به و مررت كفي على ظهره مغمضة عيني غير مصدقة للسعادة التي غمرني بها حبيبي
وعدني أن يبعد عني الألم إن وثقت به ، و بعد أن وثقت بهم ملأني سعادة و لم يبعد الألم فحسب
قال أنني أخذت منه حزنه و أسكنته عينيّ لكنني لا أعتقد هذا
هو من أخذ حزني و ألمي ، أخذ كل تعبي و ارهاقي من الحياة و دفنهم بعيدا فصارت الحياة بنظري تستحق أن أحياها ، تستحق أن أقاتل بشراسة في معاركها
ابتعد عني ثم استقام و أمسك بكفي
" هيا فالشمس ستطلع قريبا و نحن يجب أن نستمتع بالمكان قبل أن نغادر "
" ألن نمكث هنا طويلا ؟ "
" للاسف لا ، فغدا يجب أن نعود إلى لندن لأن هناك بعض الأمور يجب أن نقوم بها بالإضافة للألبوم الجديد الذي ينتظرنا حتى نعمل عليه فستة أشهر بالكاد ستكفينا "
ألم أخبركم أنه يحوّل الأمور السيئة إلى أخرى جيدة ... الفشل الذي اعتقدت أنه أصابني جعله حدثا ناجحا ، لم يستسلم و لم يسمح لي أن أستسلم كذلك
*
وصلنا إلى لندن
لكن وصلنا و الفراق كان قد خط خطواته بيننا فعلا هذه المرة
طوال الطريق و نحن نجلس مقابل بعضنا بذات المقطورة و لم تسمح لي بالكلام ، لم تسمح لي بالتبرير مع انها المرة الوحيدة التي استحقيت أن أبرر موقفي ، المرة الوحيدة التي شعرت بالظلم
سارت في الطريق تسحب حقيبتها و أنا سرت خلفها بدون أن أقترب كثيرا منها ، مهما كان ما قلته لها و ما قالته لي ، لا يمكنني تركها فايلا ليست بتلك القوة التي تتظاهر أنها عليها
وصلت بعد سير طويل أظن أنها نفست به عما يضايق صدرها ، مع أن ما يضيق بالصدور من الصعب التنفيس عنه ، و حتى عندما نتعتقد أننا فعلنا ذلك سوف يكون هناك بعض البقايا
تلك البقايا سوف تتراكم لتكبر و تنمو و في النهاية نجد أننا نحن كما كنا ، لن يتغير بنا شيء
توقفت قبل أن تصعد درجات منزلها الصغيرة ، شدت بكفها على ذراع حقيبتها ثم التفتت لي ، رمقتني بتلك النظرة التي كسرت ما كان باقيا شامخا بي ثم تنهدت و سحبت نفسها لداخل المنزل ثم أقفلت الباب ، أما أنا فبقيت خلف بابها ، بقيت بعيدا عنها رغما عني
إنها أطول ليلة تمر علي بحياتي كلها ، الأطول لأنني رأيت أكثر انسانة أحببتها و أحببت الاحتفاظ بها في حياتي تغادر بعيدا لأسباب غبية للغاية ، حتى أنني فعلت ما فعلت ليس من اجلي بل من أجل يعقوب
يعقوب الذي خنته فما عاد يثق بي رغم أنه أبقى على مودته ناحيتي
وضعت كفي بجيوب بنطالي و التفت مغادرا ، تجولت بشوارع لندن الفارغة ، لم أكن أعتقد أنها يمكن أن تكون فارغة لهذا الحد لكن تبين أنه عندما تكون فارغة أيامنا حينها سوف نتمكن من رؤية كل ما هو فارغ
عدت لمنزلي و هناك اتصلت بيعقوب بعد أن أخذت حمامي
رن الهاتف فأجابني
" هاريسون "
" مرحبا يعقوب "
" لما رحلتما يا رجل لقد اعتقدنا أنكما سوف تتصالحان "
ابتسمت عندها بأسف ، يعقوب نسي حقده تجاهي و هاهو يحدثني مثلما تعودنا
" الأمور تعقدت .... بسببي تعقدت كثيرا و ايلا تركتني "
" لا تقلها يا رجل "
" عندما تعودان اجلب لي حقيبتي اذا لم يكن في الأمر ازعاج "
" بالتأكيد ، غدا سوف نعود "
" كونا بخير "
" حاول أن تصالحها "
" إلى اللقاء يعقوب "
*
مرت عدة أيام كنت خلالها أشعر بتعاسة كبيرة ، كلما وقفت بجانب نافذة غرفتي رأيت سيارة هاريسون متوقفة قريبا
أحبه أجل و لكن كلامه جرحني ، موقعي الذي وضعني به في حياته لا أحبه و لا أريد ان أكونه
عدت للعمل و بينما أنا اليوم بعملي رن هاتفي و عندما ألقيت نظرة كان هاريسون فتجاهلت المكالمة إلا أنه عاد و اتصل من جديد و عندما بدى مصرا لتلك الدرجة أجبته
" ما الذي تريده هاريسون ؟ "
" ايلا يجب أن تأتي بسرعة للمستشفى "
عندها استقمت بسرعة من على مقعدي مجيبة بلهفة و خوف
" ما الذي حدث لك هاريسون ؟ "
" ما حدث لم يحدث لي بل لمريم "
" ما بها "
" روز ..... "
كان الاسم وحده كفيلا ليحدث ذلك الشرخ في قلبي و في حياة يعقوب و مريم
ألن تموت و ننتهي منها و من شرها ؟
نهاية الفصل الثاني و العشرون من
" الوتر "
أتمنى أنكم استمتعتم به و لا يزال هناك أحداث أعتقدها من أجمل أحداث العمل سوف نراها في الفصلين القادمين
كونوا بخير إلى أن نلتقي من جديد
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro