الفصل الثاني
مرحبا بقرائي الغاليين
ربما الرواية تبدو غريبة لمن هو متابع لي و لكن صدقوني أن الاختلاف الوحيد أنه من قبل كان البطل أحد الشخصيات المشهورة و هذه المرة الشخصية خطيت معالمها أنا مع انني تعودت العمل على تفاصيل البطل و لو كان شخصية مشهورة حتى يتكيف مع موضوع الرواية
أتمنى ن تدعموني و تمنحوا العمل فرصة
استمتعوا بالفصل
*
" رافقي ليلي و سأبعد عنكِ حزنكِ "
تكررت الجملة في ذهني كلما شعرت بأنامله تمر على ذراعي
لا أدري ما الذي دهاني و كيف طاوعت هذا الرجل و رافقته
كيف سمحت لنفسي أن أكون مجرد رفقة ليلة ؟
أغمضت عينيّ شادة عليهما و هو شعرت به يقترب أكثر مني و ذراعه ضمت خصري من تحت الغطاء
قبل كتفي ثم دس أنفاسه برقبتي فكرهت نفسي أكثر
" حان الوقت حتى أبعد حزنكِ "
همس بها و لكنني فقط أبعدت عني ذراعه من تحت الغطاء و التفت بجانبية بينما أمسك بالغطاء على صدري
" سوف أنام "
حدق بعينيّ ، لقد كانت عينيه عميقة و لكن شعرت بالاشمئزاز من نفسي
الجميع يعلم أن " يعقوب عوّاد " رجل متزوج و لكن أنا سرت معه أؤنس ليله
هو حر اذا أراد أن يخون زوجته و لكن أنا لا أريد أن يرتبط اسمي بشيء سيء
لا أريد أن أكون عشيقة أحد
التفت أوليه ظهري و تنهدت حينها هو عاد و قبل كتفي من جديد ثم ربت عليه بهدوء
" نامي يا .... أنت لم تخبريني باسمك "
و أنا حتى أتخلص من كل شيء أجبته بسرعة
" كاثرين "
أبعد كفه عن كتفي و شعرت به يلتفت للجانب الآخر حينها وضعت كفي على ثغري و بكيت
بكيت بشدة فلا شيء يسير في حياتي كما أريد
كل شيء يجعلني أشعر أنني شخص بدون قيمة
*
صحيح أنني خرجت من المنزل و في نيتي أن آتي برفقة انتقاما من روز و لكن الآن الرفقة لم تكن من أجل الانتقام
كان لي علاقات كثيرة قبل أن أتزوج من روز ، و روز نفسها كنت أمارس معها العلاقة الزوجية بحميمة كبيرة و كنت أشعر بشعور جيد معها و لكن الليلة كان كل شيء مختلف
كل شيء بدى كالحلم
حتى أنني في هذه اللحظة لا أشعر بالحزن ولا أشعر بضغط يطبق على صدري كما كنت أشعر في بداية الليل
عينيها ، أناتها ، أنفاسها و حتى آهاتها و لمساتها الرقيقة على ظهري
كلها كانت كالحلم ، لا بل كالخيال
التفت أحدق بها هي من تسحب كل حزني لأشعر أنه يختبئ بقلبها
و كأنني عشت داخلها طويلا و هي للتو وقفت أمامي
عدت أحدق أمامي و قد مر الكثير من الوقت منذ طلبت أن تنام
لا هي نامت ولا أنا تمكنت من ذلك و أنا أشعر بها بهذا القرب الكبير مني
إنها كتعويذة
سحرتني من أول نظرة ثم دفنتني بها من أول قبلة
حاولت النوم و عندما أغمضت عينيّ شعرت بها تتحرك ، فتحت عيني و راقبتها من خلال المرآة التي تقابلني و تعكس لي صورتها
الأضواء التي تتسلل عبر الجدار الزجاجي الكبير تجعل جميع تفاصيلها ظاهرة بسقوط جزء من الظلام عليها
دنت و أخذت شيئا من الأرض ليتبين أنه قميصي الأسود ، ارتدته ثم سارت بهدوء حتى وصلت للباب و عندما التفتت ناحيتي أنا تظاهرت بالنوم
فتحت الباب و غادرت الغرفة بهدوء عندها فتحت عينيّ ثم التفت لمكانها ، قربت كفي و وضعتها هناك فشعرت بدفئها
اعتدلت في مكاني ساندا نفسي على مسند السرير الكبير مفكرا
ما يحدث لي أشعر به لأول مرة و هذا يجعلني راغبا بشدة في العزف و لكن
لكن فجأة عاد الحزن ليحتلني عندما رفعت كفي أمامي و حدقت بها
اصابة واحدة و حادث بدى صغير كان كفيلا بالقضاء على حلمي و كل مستقبلي
تركت كفي تقع بحضني ثم أغمضت عينيّ عندها سمعت لحن كنت في بداية تألفيه قبل أن يقع الحادث
كان آخر ما عملت عليه ، متيقن أنا أنه لا أحد يستطيع عزفه غيري
هل أنا متوهم ؟
هل أسمع العزف في ذهني و يبدو لي حقيقي لهذه الدرجة ؟
فتحت عيني و العزف لم يتوقف بل هو مستمر و المعزوفة يفترض بها أن تتوقف فأنا لم أنتهي منها ، كنت في مطلعها فقط و هاهي متواصلة
أبعدت الغطاء عني ثم سحبت بنطالي من على الأرض بقربي
ارتديته ثم فتحت الباب عندها زاد علو الصوت في أذني و المشاعر فاضت بقلبي
تبعت الصوت و هاهو يوصلني إلى الغرفة التي تعودت امضاء كل وقتي بها
كان بابها مفتوحا قليلا و هذا ما جعل الصوت يصل إلي فهي غرفة بجدران عازلة للصوت
وضعت كفي على المقبض و أسندت نفسي على الجدار و ظهرت هي تحمل الكمان ، تعزف مغمضة عينيها
كانت بعض من أشعة القمر تنعكس على وجهها و بالتالي دموعها كانت ظاهرة
و هاهي مرة أخرى تسحب مني حزني مني اليها
رسمت بسمة على وجهي و هي واصلت ، أغمضت عيني مستمتعا بالمعزوفة التي أكملتها هي بمشاعرها
لقد وددت أن تستمر بدون توقف أو أن تكون تلك اللحظات القصيرة أكثر طولا
كثيرا من الاعتقادات كانت لدي و هاهي تتلاشى واحدة تلوى الأخرى
انها شخص مذهل تختبئ بعيدا عن الأضواء
انها الشخص الذي يجب أن يقف مكاني و يعزف ألحاني
توقفت فجأة و أنا فتحت عينيّ ، وضعت الكمان على الطاولة ثم أسندت نفسها على ذراعيها ، خبأ شعرها المتساقط وجهها ثم سمعت صوت أنين صادر عن بكائها و هذا ما جعلني أدفع الباب و أدخل بذات الهدوء الذي قدمت به
وقفت خلفها ثم مددت كفي نحوها و قبل أن ألمسها هي رفعت رأسها و مسحت دموعها ثم التفتت لتتوسع عينيها بتفاجأ
" أنا .... "
" من أنتِ كيف لكِ أن تعزفي بهذه البراعة ؟ "
و لكنها عبست و الدموع تدفق المزيد منها على وجنتيها نافية
" أنا لا أحد ولا يمكنني أن أكون "
قالتها و غادرت مسرعة
التفت نحوها و لكنها اختفت و بقي فقط عطرها قريبا محبوسا بأنفاسي
أعدت نظراتي للكمان الموضوع على الطاولة ثم قربت كفي منه ، لمسته و لم أشعر بالحسرة
من الصعب أن تضيع منك قدراتك و لكن القدر قد يرسلها على هيئة بشر
و هذه الفتاة ستكون أناملي العازفة التي فقدتها
التفت نحو الباب مرة أخرى و وجدتني أتراجع و جلست على المقعد مفكرا
كيف لكل هذا أن يحدث بهذا الوقت بالذات ؟
من تكون هذه الفتاة ولما حتى الآن لا يوجد لها صوت ؟
اختليت بنفسي تاركا لها مساحة خاصة و لكن ربما فعلتي تلك كانت خاطئة فقد سمعت صوت الباب و هذا ما جعلني أغادر الغرفة نحو غرفتي فكانت فارغة و قميصي على السرير
تراجعت و تبعتها نحو الخارج لكنها اختفت مثلما ظهرت
و كأنها حلم جميل تشعر بالأسى بمجرد أن تستيقظ منه لأنه في النهاية ليس حقيقة و مجرد أوهام و أمنيات بالنفس مختبئة بعيدا
تركت الباب يقفل و عدت للداخل ، جلست على طرف سريري عندها لمحت شيئا آخر على السرير فالتفت و لم يكن سوى قبعتها السوداء فالتفت لها و أخذتها
قربتها مني ثم رسمت بسمة و وضعتها على رأسي لأرفع نظراتي نحو المرآة
" في النهاية هي حقيقة و ليست وهم "
*
الدموع مهما بكيناها لن تفيد الرجاء
كلما أخبرتني أنني نسيت همي و حزني
أجدني أغرق به أكثر و أكثر
إنه لعنة لا تحل عني
و الليلة عدت و أمسكت اللعنة من جديد
لقد أقسمت و سرت كثيرا محافظة على قسمي لليوم
عندما دخلت لتلك الغرفة ساحبة قدمي الحافيتين لا أدري ما الذي أصابني عندما رأيت الكمان موضوع أمامي بكل وضوح
ليس كما الكمان الذي أدفنه أنا بحقيبته و لم أفتحها منذ توفيت أمي
حنيني له و للمسه هو من تحكم بي
حملته و عندما رأيت تلك النوتات مرسومة على الورقة الموضوعة على الطاولة بقربه لم أتحكم بنفسي
لقد عزفتها ، بدأتها كما كانت ولا أدري كيف استمررت بدون أن تكون لها نهاية
لقد اتضح أن بعض النهايات مدفونة بداخلنا و نحن لا نعرفها ، نجهلها ولا ندري أنها موجودة أساسا
توقفت تحت ضوء عمود الشارع ثم رفعت رأسي نحو السماء المظلمة ، السماء التي تكبدت فيها الغيوم و أثقلت هذا الليل ببعض الندى
أغضت عينيّ و تنفست محاولة اخراج ضعفي و كل ما يؤلمني و لكن نفس و راء الآخر تخرج الأنفاس و يبقى الألم
يبقى الضعف ساكنا بقلوبنا و أعمقانا
أخرجت هاتفي من جيب سترتي ، بحثت عن رقم أبي ثم سرت عدة خطوات و جلست على عتبات أحد المحلات المقفلة في هذا الوقت المبكر من الصباح
اتصلت و أنا أعلم أنه لن يجيب
أدري أنه ثمل و إن لم يكن لن يفعل
رن الهاتف مرة بعد مرة و كررت المحاولة مرة بعد مرة حتى فتح الخط و خطف قلبي فوضعت كفي عليه و شعرت أن الدماء تجري بجسدي و رأسي لا يستوعب أنني أسمع انفاس أبي
كل ما قيل هو الصمت
من طرفه و من طرفي حتى نبست و البكاء مرة أخرى سيطر عليّ
" أبي "
و بمجرد أن قلت تلك الكلمة الخط أقفل و ها أنا أشعر أنه طردني من داخله من جديد
أغمضت عيني تاركة الهاتف على آذاني و كفي الأخرى وضعتها على عينيّ
خرجت شهقاتي بألم و أنيني برجاء
مللت هذه السنوات التي هدت كل صلابتي ، استهلكت كل صبري و قوتي
و مهما قلت لنفسي أنني كبيرة إلا أن شعور الألم و الوجع الساكنين قلبي لا يزالان كما هما
بل هما يزددان اتساعا مع الأيام ، مع الوقت و مع الظروف
أمنياتي لم يعد لها مكان بحياتي
و حتى حياتي لم يعد لها مكان بهذا العالم
أنا مجرد فتاة تمر بالشوارع ولا أحد يراها ، لا أحد يشعر بحزنها ولا أحد يرى الحزن المختبئ بعينيها
لا أحد و أنا لا أحد
*
صباحا تجولت في المنزل بينما أحمل كوب القهوة خاصتي
لا أدري لما أفعل و لكن أفكاري كلما تحركت من زاوية لأخرى تحركت معي و سكنت شواطئ تلك الفتاة الغريبة
إنها لحن من زمن لم يكن أبدا
إنها سلم موسيقي يصعب عزفه بينما هو يتسلل بألحانه العذبة اليك فتستمر بترديده داخلك
و أنا الآن أفكر كيف سوف أجدها من خلالها اسمها
" كاثرين "
هناك الآلاف و إن لم أبالغ مئات الآلاف يحملن هذا الاسم و لكن لسن مثلها
انها وحدها و متفردة ، أنها مغناطيس يسحب الحزن مني اليها فلا يسعني أن أشعر بالبؤس على نفسي بينما كل مشاعري تكون لها و لعينها الحزينة
يقال أن الحب يطرق بابك بدون أن تعلم
و هناك من يقول أن الحب يتجول حولك و يأتي بالمواقف
بالحتم أنا سوف أصدق أنه يدق الباب
لا يمكنني أن أجزم و لكنه طرق بابي أمس
أجل مجرد طرقة و مجرد نظرة أخذتني من عالم لآخر
وقفت أمام الجدار الزجاجي الذي يجعل غرفة المعيشة مضيئة مفكرا
يجب أن أجدها ، أدربها و أؤلف ألحاني لها
و لن يعزفها غيرها
رسمت بسمة على شفتي ثم التفت و سرت نحو الطاولة ، جلست و وضعت فنجان القهوة و من قربه أخذت المغلف
المغلف الذي أحضره هاريسون و قال أن العودة لنقطة البداية أمر صعب
" لست أمانع العودة للبداية .... صدقني يا هاريسون "
فتحت الظرف ثم أخذت الرسالة من داخله
قرأتها و مع كل حرف توسعت بسمتي
" لقد أتى العرض في وقته "
تركت الظرف و الورقة على الطاولة ثم استقمت متجها نحو غرفتي
أخذت حمامي و غيرت ثيابي ، تأنقت و عندما وقفت أمام المرآة رفعت كفي اليسرى محدقا بها
حركت أناملي لأشعر ببعض الألم لكنني فقط ابتسمت
" ربما لستِ أنت أعظم عازفة "
وضعت ساعتي على معصمي ثم ألقيت نظرة أخيرة
قميص خيطي و سترة ، لحية كثيفة نوعا ما و لكنها تعجبني
التفت و قبل خروجي أخذت وشاحي الأسود و وضعته حول رقبتي ، مررت بغرفة المعيشة و أخذت الورقة و الظرف ثم مفاتيح سيارتي
اتجهت نحو الباب و لكنني عدت أدراجي لآخذ قبعة كاث التي نسيتها هنا و غادرت
قدت طوال الطريق من المنزل إلى الجامعة و كلي حماس ، سوف أعود لبادية النجاح
ربما لم تكن الطريق الأولى التي سلكتها هي الطريق الصحيح
من قبل كنت أومن أن لا يد تعزف لي غير يدي فلا ثقة لدي حتى أضعها بغيري
و لكن اليوم
هناك يد واحدة فقط يمكنها أن تعزف لي
لدي كل الثقة حتى أضعها بتلك الفتاة
لدي ثقة بحزنها الذي سيدفع كثيرا من المشاعر أن تتجسد و تسمع
و ها أنا كلما التفت و رأيت قبعتها بجانبي رسمت البسمة على وجهي و كأنني لم أعرف هما بحياتي يوما
وصلت للجامعة و توقفت في موقف السيارات
خرجت من سيارتي ثم اتجهت نحو مكتب العميد حتى وصلت و عندما وقفتُ ، مساعدته ذات النظارات وقفت و هتفت باسمي
" يعقوب عوّاد "
" مرحبا "
" أهلا ... تفضل بالجلوس "
قالتها مشيرة نحو المقعد و لكنني نفيت و قدمت لها الرسالة
" تلقيت دعوة من السيد سبنسر و قد أتيت اليوم لمقابلته "
فرفعت كفيها معا و نفت
" لا داعي أن أرى شيئا أعلم أنه عرض عليك منصب في كليتنا لذا دقيقة واحدة فقط حتى أخبر السيد سبنسر أنك هنا سيد عواّد "
أومأت و هي بسرعة اتجهت نحو الباب ، جلست منتظرا معيدا المغلف لجيبي الداخلي و هي غابت لبعض الوقت ثم عادت ببسمة أوسع من سابقتها
" السيد فيلكس سبنسر بانتظارك سيد عوّاد "
" شكرا لك آنستي "
جمعت كفيها معا محافظة على بسمتها و أنا توجهت نحو الباب ، طرقته بداية و عندما سمعت صوته فتحت الباب و دخلت عندها استقام من مكانه و خرج من خلف مكتبه
" سيد عوّاد مرحبا بك "
تركت الباب يقفل خلفي و تقدمت اليه ، حييته و هو فعل بحرارة كذلك ثم دعاني للجلوس ففعلت و بعدها تحدث
" ماذا تشرب سيد عوّاد ؟ "
" شكرا و لكن أتيت هنا من أجل العرض المقدم لي "
" سوف نكون مسرورين إن قبلت أن تدرِّس في كليتنا فبالاضافة لشهادتك العليا أنت شخص معروف في هذا المجال و الجميع يشيد بك "
" شكرا لك و لكن عليك أن تعلم شيئا "
قلتها و رفعت كفي اليسرى أمامه
" بعد الحادث الذي تعرضت له أنا غير قادر على العزف من جديد "
" و نحن لا نحتاج أن تعزف ، نحتاج أن تعلم طلبتنا كيف يعزفون ببراعة و يسخرون كل مشاعرهم "
" اذا تطلب مني أن أدرس التلحين ؟ "
" لا أحد ببراعتك في هذ الشيء "
حينها ابتسمت و أومأت
" موافق "
قدم لي كفه من جديد ففعلت كذلك و حييته و بعدها حمل هاتف مكتبه و تحدث لمساعدته
" ايلا تعالي للحظة "
و ماهي سوى لحظات حتى كانت تقف أمامنا و هو تحدث
" قودي السيد عوّاد إلى مكتبه و سلميه جدول التوقيت "
" بالتأكيد سيد سبنسر "
استقمت و مرة أخرى هو استقام قدم تحيته لي ثم غادرت مع المساعدة التي كانت تسير قبلي
و بين الفينة و الأخرى تلتفت لي و تبتسم ثم تحدق أمامها ، صحيح أنها تبدو مغفلة و لكن هي فتاة جيدة و هذا يظهر جليا من خلال ثيابها المحتشمة و عدم بهرجتها في زينتها
وضعت كفي بجيوب بنطالي و سرت متذكرا أياما كنت أسعى فيها للأضواء و النجاح
من لا يفقد أحلامه ؟
الجميع لديهم أحلام مفقودة و حياة مهدورة
الانسحاب ليس للجبناء فكم من حرب كسبت عندما تم الانسحاب منها
هناك أوقات تجبرنا الحياة على الانسحاب و إلا انسحبت هي منا
و أنا رجل كان بيده كل شيء
الأضواء ، الشهرة و النجاح
لم أشعر أنه الوقت المناسب للانسحاب و لكنهم جميعا انسحبوا و تركوني وحدي وسط المسرح
و بدل أن يكون مسرح ألم و عذاب
سوف أجعله مسرح سعادة
السعادة لا تُعطى بل هي تأخذ أو تصنع من لا شيء
وصلنا بقرب المكتب ، نفس المكتب القديم الذي كنت أشغله من قبل فأشارت
" سيد عوّاد إنه مكتبك ..... أرجو أن تستمتع بعملك و مع طلبتنا فهم موهوبين للغاية "
أومأت فقط ثم تقدمت و فتحت الباب و هي تقدمت من خلفي و عندما جلست وضعت الورقة التي كانت تحملها طوال الطريق على طاولة المكتب
" إنه جدول توقيتك "
أومأت ببسمة و هي غادرت لتقفل الباب فحدقت حولي و نبست بمشاعر مختلطة ، حزينة ، تعيسة و جزء من السعادة
" إنها البداية من جديد يعقوب "
*
سرت في الشارع متجهة نحو عملي بعدما وضعت على رأسي قلنسوة السترة التي ارتديها تحت سترتي الثقيلة ، لقد بحثت عن قبعتي كثيرا و لم أجدها
كنت أضع كفيّ بجيوب السترة و بين الفينة و الأخرى أرفع رأسي
وجهي و ملامحي بائسة و لكن الناس من حولي كلهم يبتسمون
قبلا كنت أخبرني و أقول ربما لأنني هكذا ، عابسة طوال الوقت أرى الجميع يبتسمون و يضحكون
و لكنني كنت مخطئة
الجميع سعيد
الحياة مسرح كبير
مسرح الجميع يمثلون عليه أدوارهم باتقان و أهم دور هو السعادة
إنها مسرح النسيان فهم ينسون ألامهم و يتناسون همومهم ليبتسموا
في النهاية سوف ينفجرون تعاسة و ينزلون عن هذه الخشبة الفانية
وصلت للمطعم أخيرا فدخلت و بطريقي لغرفة التبديل أبعدت القلنسوة و أندرو مع سكينه خرج من خلف طاولته
" هل ستعملين الورديتين كاملتين ؟ "
فأجبته بدون أن ألتفت
" أجل أندرو "
غيرت ثيابي لثياب العمل ، تنورة حمراء و قميص أصفر ، أشعر أنني مهرج كلما ارتديت هذا الشيء و أندرو يقول أن مندوب الاعلانات أخبره أن هذين اللونين يجعلان أي شخص يشعر بالجوع و يشتهي الطعام
وقفت أمام المرآة و رفعت شعري بمسكة سوداء ثم خرجت و بدأت العمل
و مثل كل يوم ، عند منتصف النهار سوف يمتلئ المطعم و أنا أنسى نفسي و مع صراخ أندرو يصبح كل همي خدمة الزبائن
صرخ أندرو من بعيد بينما أنا أشعر بالغضب من طريقته و صوته المزعج
" كاث خذي طلبات الزبون "
اقتربت و أنا أحمل دفتري الصغير و ذلك الفتى بدأ بسرد طلباته ، كنت أكتب و لكن فجأة التفت و رأيت يعقوب عوّاد يقف أمام مدخل المطعم ، يحمل بيده قبعتي السوداء و يحدق باللافتة
هو بالتأكيد لا يرتاد مطعام متواضعة لذا بسرعة أخذت قائمة الطعام من الفتى
" سوف تصلك طلباتك "
قلتها و غادرت بسرعة متجاهلة ايقافه لي
" أنا لم أنتهي بعد "
دخلت للمطبخ المتصل مع طاولة أندرو و سلمتهم الطلب ثم جلست القرفصاء و أندرو حدق بي بغضب و قبل أن يقترب مني أنا فقط رفعت كفي و أشرت له بسبباتي أن يصمت
أجل أنا أختبئ ولا أريده أن يراني
كان ذهابي معه غلطة و مقابلته لي صدفة شيطانية لا غير
أنا أكره نفسي لدرجة كبيرة فلا أحتاج لمزيد من الذنوب لأكرهني أكثر
*
أوقفت سيارتي أمام المطعم الذي بحثت عنه من خلال اسمه الموجود على الكيس و العنوان المدون كذلك
أتيت هنا و أنا آمل أن أقابل كاث
حملت قبعتها التي نسيتها أمس و نزلت من السيارة ، سرت قاطعا الطريقا و عندما وصلت هناك رفعت نظراتي نحو اللافتة
" إنه هو "
و عندما أنزلت نظراتي لأرميها داخلا خلف الزجاج بدى المكان ممتلئا و الأماكن كلها مشغولة و رغم هذا دفعت الباب و دخلت
تقدمت من رجل حدق بي منذ دخولي حتى وقفت أمامه و ما فصل بيننا هو طاولته
" هل أخدمك بشيء ؟ "
" هل يمكنني أن أطرح عليك بعض الأسئلة ؟ "
" بالتأكيد "
" هناك موظفة هنا اسمها كاثرين فهل أستطيع مقابلتها ؟ "
عندها عكر حاجبيه ثم أنزل نظراته نحو الأرض ليعود و يرفعها لي مرة أخرى نافيا
" لا ..... هي لم تأتي اليوم و سوف تطرد قريبا "
حينها ابتسمت و رفعت القبعة التي أمسكها بكفي
" كنت أريد أن أعيد لها هذه "
" يمكنني أن أعطيها لها "
و مد يده حتى يأخذها مني لكن قبل أن يفعل سحبتها لي من جديد نافيا
" شكرا و لكنني سأقابلها و أسلمها لها بنفسي "
و التفت مغادرا
مصر أن تصعدي معي مسرح السعادة أيتها الفتاة البائسة
نهاية الفصل الثاني من
" الوتر "
أتمنى أنكم استمتعتم به بالرغم من أن قصة لم تتضح معالمها بعد
كونوا بخير أعزائي إلى أن نلتقي مع فصل جديد
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro