٧
فين لم تستيقظ هذه المرة على صوت داركوس، بل كان بانشي يلمس جبينها بيده الباردة، فتحت عينيها بإرهاق وعندما تشكلت صورته أمامها نهضت على الفور بجلوس، انتابها صداع مروِّع.
بانشي نهض عن السرير واستطرد "آسف على دخول غرفتك واقتحام خصوصيتك، لكن كنتِ تُهذين كثيراً ولم تتوقفي عن الأنين لذا أردت الإطمئنان عليكِ"
عاودت الإستلقاء وتنهدت بقوة "لا بأس يا بانشي… إنه شيء يحصل كل فترة مع النساء، أنت تعرف… ولكنني بخير لا تقلق! أريد أن أنام قليلاً فقط"
زم شفتيه قبل أن يقول "حسناً، نادي علي إذا احتجتِ شيء"
قبل أن يمسك الباب ويخرج حادثته فين بإحراج "بانشي! شكراً لك، آسفة لأني أُثقِل كاهلك"
"على الرحب، فين"
هي لم تتمكن من النوم بعد ذلك، أخذت تتصفح الإنترنت وتراسل صديقها غراي، لم يجبها لأنه يعمل الآن بالطبع.
تأففت بضجر ونهضت لتستحم وتغسل ملاءة السرير التي تلطّخت في الأمس، حملتها وخرجت من الغرفة بهدف وضعها في الغسالة وعندها وجدت بانشي في الطابق السفلي يضع أطباق الفطور على الطاولة.
"صباح الخير فين، هل تشعرين بتحسن الآن؟" حادثها دون النظر إليها.
"أجل، ليس بالشيء الكبير لذا لا تقلق"
"أعطِني هذه سأهتم بشأنها، إجلسي وتناولي فطورك" قال بعدما أخذ الملاءة من بين يديها لتستطرد باِستغراب "أين داركوس؟ ألن يأكل؟"
"لا، إنه لا يشعر بالجوع لذا يمكنكِ الأكل بدونه"
طقطقت بلسانها وجلست على المائدة، إنها تأكل وحدها لأول مرة، لقد اعتادت على الشجار مع ذلك المكتئب والضحك عليه.
تأففت فين بضجر لتنهض وتتجه لغرفته، طرقت على بابه وصاحت "داركي… هل أنت بخير؟"
"إبتعدي!" صاح بها من الداخل لتتنهد للمرة الثالثة "لماذا؟"
"فقط… لا أستطيع الخروج…"
"هل هذا بسببي أنا يا داركي؟"
"لا! إنه… فقط… لدي بثرة في وجهي أنا أبدو قبيح جداً، لا أريد الخروج فقط دعيني وشأني"
كتمت ضحكتها "يا للهول… أن يكون للمرء بثرة لا يعني أنه قبيح"
"فقط دعيني وشأني، لا أشعر بالأمان بسبب البثرة، إنها مقرفة وكبيرة و… هذا لا يهم أرجوكِ لا تضغطي علي"
رفعت كتفيها بلا مبالاة لتجلس أرضاً وتسند ظهرها على الباب "داركوس يا صديقي، لا تقلق أنت أجمل شخص رأيته في حياتي، لن تكون البثرة عائق لجمالك"
"…حقاً؟…. أعني أعرف ذلك! ولكن مازلت لا أرغب بالخروج"
"كان يجب أن تساندني في هذا اليوم العصيب، أنا أمرّ بأسبوع مليء بالألم، وأشعر بالإكتئاب والقرف وكل شيء سيء معاً ولكن بئساً لا يوجد أصدقاء في هذا الزمان"
"أنا أكاد أقتلك" همس لتصيح فين "ماذا! تريد قتلي الآن!"
"لا! ليس أنتِ، إنها لعبة الفيديو…"
حل صمت طويل بينهما لتبتسم فين بخبث "داركي يا داركي، هل تُحِبُّني؟"
بدى صوته مليء بالفزع "ما هذا السؤال الآن!"
"أحتاج لبعض الحنان في هذه الفترة لماذا لا تفهم!"
"أنا… أنتِ اجتماعية ولطيفة"
"أعرف أني اجتماعية ولكن كلمة كهذه لا تمحي الهموم! أم أنك من النوع الخجول ولا تجرؤ على التفوه بهذا الكلام!"
"لا! لست من النوع الخجول… أستطيع قول كل شيء"
ابتسمت فين وحادثته بنبرة مشاكسة "ماذا أنا لم أسمع أيها الخجول إرفع صوتك"
"… أنا أحبكِ يا فين… أترين الآن أنا لست خجول بل أنتِ مزعجة فقط!"
ضحكت بقوة لتصيح "أنت مضحك! ما هذا!"
"أنتِ… لم تقولي أنكِ تحبينني أيضاً، أنتِ الخجولة هنا"
صاحت فين بغرور "ماذا! أنا لا أخجل من إظهار مشاعري، أحبك أيضاً يا داركوس، حقيقة، أنت شخص جيد، صحيح أنك مزعج وقليل الأخلاق أحياناً ولكنك من الداخل قِطّ لطيف"
لم يجبها أبداً، كان هدفها أن تجعله يتشجع ويخرج من غرفته المظلمة ولكن يبدو أنه مُصِرّ، نهضت من مكانها قائلة "إذا أردت التحدث إلي، يمكنك الإتصال بي"
اتجهت لغرفتها وارتمت على السرير بملل، وردها اتصال وكان داركوس، ابتسمت وأجابت بحماس "مرحباً هل اشتقت إلي بهذه السرعة!"
"هاي! أنتِ حقاً تكذبين طوال الوقت! هل تعتقدين أني أجمل شخص رأيته في حياتك أم أنه ذلك المُغنّي الغبي الذي يضع كحل ولا يرتدي قميص!؟" كان يصيح بها بجدية ما جعلها تضحك من جديد بلا توقف.
تلقّت شتيمة كبيرة لتنفجر بالضحك أكثر من ذي قبل، توقفت بعد دقائق لتزفر أنفاسها وتمسح الدموع من أطراف عينيها لتتلفظ "الأمور لا تسير هكذا… حتى لو كنت قبيح، أنت صديقي وليس هو، ربما أنت لا تعتبرني شيء مهم، ولكن أنت مُهم لي أكثر من أي شخص آخر"
نبرته بدت رقيقة على غير العادة "فين… ربما أنا لم أخبركِ بهذا يوماً ولا أعتقد أني سأخبرك وجهاً لوجه… لكنكِ أهم شخص لدي… أريد شيء واحد منكِ فقط، لا ترحلي، حتى لو تحسنت وقضيت على الإكتئاب لا أريدك أن تتركيني"
كان فمها مفتوح تستمع لكلماته الشجاعة لتنهض عن السرير وتفرك شعرها "واو هذا… كان هذا صادم… أعني إنه شيء جيد لا تخطئ الفهم! لم أتوقع يوماً أن تُحبني لهذه الدرجة"
"وماذا في ذلك! أنا لم أحبك في البداية بسبب… أنكِ قبيحة"
"هل هذه أسرع طريقة لديك لجرح مشاعري؟"
"لا، أنا آسف لقد كنت أكذب حسناً… أنتِ لستِ قبيحة، أنا فقط في ذلك الوقت لم أستطع أن أُحِب أحد، كنت أكره كل شخص حتى نفسي"
"داركي أنا فخورة بك حقاً لقد تحسنت بسرعة! لا تأبه للعقد الذي بيننا، سأبقى معك حتى النهاية"
فينيكس وداركوس لم يتوقفا عن الثرثرة عبر الهاتف، كانت تحاول إقناعه مراراً أن يخرج ولكن لا فائدة، في النهاية اضطر داركوس أن ينهي المكالمة بسبب أن بانشي يريد التحدث إليه باِنفراد.
أوصلت فين هاتفها بالشاحِن واستلقت على سريرها، هو يتحدث براحة أكثر عبر الهاتف، كانت على وشك سؤاله عن تلك التوابيت ولكنها لم تستطع تخريب هذه اللحظة بينهما وأن تجعله يتوتر وتتراجع حالته.
تلقّت اتصال من جديد، هذه المرة كان غراي، أجابته ببهجة "هاي كيف الحال!"
"أنا بخير! هل ترغبين بالتسكع معي غداً؟"
"ولمَ لا، يستحسن أن تأخذني لمكان جميل حسناً! ليس مثلما حدث في الثانوية عندما علقنا في المصعد"
غراي وعدها بوقت ممتع في الغد قبل أن يقاطع مكالمتهما اتصال داركوس، لهذا اضطرت على تأجيل الحديث معه والإهتمام بالمكتئب أولاً.
"هاي فين… مع من كنتِ تتحدثين؟"
"إنه غرايدي"
"غرايدي… ماذا يريد، لماذا يتصل بكِ في ساعة متأخرة؟"
"داركي يبدو أن عليك فتح ستائرك والنظر للسماء، إنها الخامسة عصراً!"
"وماذا في ذلك، هناك أشخاص ينامون عصراً…"
"بل هناك مشكلة ولكنك لا تخبرني عنها! ما خطبك مع الفتى! إنه شخص جيد لماذا تكرهه"
"أنا لا أكرهه… فقط… لا أحب وجوده، إنه يأخذ تركيزك"
قلبت فين عينيها عندما تذكرت أن من تتحدث إليه مايزال داركوس الذي يتصرف كالأطفال ويغار من كل شيء.
"لا أبداً هو لا يأخذ تركيزي، أنت صديقي المقرب وليس هو، غراي صديق قديم فقط"
"من الأفضل أن يكون كذلك! لدي شعور قوي أنه سيحاول جعل العلاقة بينكما تسير بطريقة أخرى"
"ماذا! ما الذي تقصده!؟"
صاح داركوس بتوتر "تباً علي الذهاب لقد عبثت بالبثرة يبدو أني فقعتها!"
أنهى المكالمة لتحدق فين بشاشة هاتفها وزاوية شفاهها مرفوعة.
"ما الذي يحصل مع هذا الرجل…" تمتمت لنفسها لتعاود شحن هاتفها ومغادرة الغرفة حتى تتناول الغداء الذي فوتته.……
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro