١٦
فينيكس كانت في غرفة الفندق، في سريرها، تحدق خلال باب الشرفة المفتوح وتبكي، دان سوف يعثر عليها قريباً، وداركوس حطم كل شيء جيد تملكه وتشعره، يجب أن تهرب من كل هذا بأسرع وقت ولكنها مفلسة.
نهضت حتى تحاول حل المشكلة، أخذت حمام قصير ثم ارتدت ثيابها وخرجت للشارع، كانت تحمل هاتفها القديم ذو الشاشة المكسورة وتلك البطاقة التي أعطتها إياها بلو، هاتفها لم يعمل لذا اتجهت إلى الهواتف العامة في الشارع، وضعت بعض العملات النقدية في الآلة وضغطت أزرار الأرقام لتضع الهاتف على أذنها.
"مرحباً مركز إكس واي للشعر المستعار"
"مرحباً... أردت سؤالك، ما هي الإجراءات التي علي اتخاذها إذا أردت... بيع شعري لكم"
"في الحقيقة ليس الكثير! يمكنك القدوم إلينا ونتحدث وجهاً لوجه ونخبركِ كل ما تريدين معرفته"
تنهدت فين "حسناً دبّري لي موعد لو سمحتِ، أنا مستعدة في أي وقت حتى لو كان الآن"
"فعلاً! في الحقيقة هناك ساعتين شاغرتين الآن، هل ستنجحين في الوصول أم أصنع لكِ موعد آخر؟"
فين كانت مصممة على الهرب ولن يوقفها أي شيء حتى شعرها ستتركه، الشيء الوحيد الذي يميزها عن غيرها.
زفرت أنفاسها "سأصل خلال نصف ساعة"
وصلت إلى المبنى، مركز إكس واي للشعر المستعار، لم تكن لديها أي نوع من المشاعر في تلك اللحظة، كأن مخزون الحزن نفد منها.
قابلت موظفة الإستقبال وأخبرتها أن الخبيرة يجب أن تفحص شعرها أولاً وهذا يكون ضروري فقط لأجل تحديد قيمته.
سارت كل تلك الفحوصات بشكل جيد وحددت موعد لقصّ الشعر وهو غداً، عادت فين إلى غرفتها في الفندق مفطورة القلب، لم تكن تكترث لشعرها ولكن للسبب الذي يجعلها تتخلص منه.
استبدلت ثيابها وأطفأت الأنوار لتتمدد فوق السرير وتحدق خلال باب الشرفة، كانت تنتظر النوم...
كانت تغمص عينيها شيء فشيء قبل أن يحُطّ شيء أسود غريب على شرفتها جعل عينيها تتسع وارتعد قلبها، كان شخص مُظلم طويل يقترب نحوها، فقفزت من مكانها وأشعلت النور لتكتشف أنه داركوس مجدداً.
"ماذا تفعل هنا!"
كان يقترب نحوها مع كلامه "جئت لأخبركِ شيء مُهِمّ، على طريقة مصاصي الدماء"
قبض عليها بذراعيه وأحكَم عناقها، كالعادة احتكاكها به يجعلها تتخدّر وتفقد التحكم، طبع داركوس قُبلة سريعة على رقبتها ثم قال "أنا أُحِبكِ، ليس ذلك الحُب الذي اعتدت على تزييفه عندما كنا أصدقاء، بل مُغرَم بك"
كانت المشاعر تتفجر في ذاتها وتعكس هذا في عينيها، لم تستطع تحديد موقفها إن كانت سعيدة أم لا، كل ما تعرفه أنها نَسَت كُل شيء في هذه اللحظة، كل شيء حولها وكل ماضيها، كل حواسها ركزت على هذه اللحظة.
داركوس كان يستمتع بكل جزء من هذا العناق، كل نبضة، كل نفس تتنفسه، الشوق يقتله ويجعله يفكر بأشياء مجنونة ولكن كان عليه التوقف عند هذه اللحظة واِلتزام حدوده، طبع قبلة على رأسها ودفعها بخفة لتجلس على السرير ثم اتجه إلى الشرفة من جديد.
"إذا كانت لديكِ ذرة مشاعر نحوي، لا تقصّي شعرك، نادي بإسمي فقط" ابتسم لها وقفز من فوق الدرّاب، هرعت فين إلى الشرفة وحدّقت للأسفل لكن لم يكن له أثر، كان قد جف حلقها ولم يُبطى نابضها.
أطفأت الأنوار وأوت إلى فراشها، كيف ستنام وعيونها مصدومة هكذا... هل عليها قول اسمه فقط وإنهاء كل هذا العذاب. قبل أن تتوصل فين لقرار خذلها النوم.
***★****★***
دان الولد المدلل للسياسي، كان في بيته، في مكتبه يقوم بعدة اتصالات يحاول فيها العثور على أثر لفينيكس، كانت الطاولة أمامه مليئة بالفوضى والأوراق والبطاقات والهواتف المحمولة.
جاء أحد الحراس إليه، وقف أمامه باِحترام واستطرد "فتاة ما تقف عند البوابة وترغب بلقائك سيدي، هل ندخلها؟"
عقد حاجبيه وتمتم "فتاة؟ حسناً أدخلها" قال الأخيرة بينما يحرك يده بلا مبالاة ويبحث بين أوراقه عن رقم شخص آخر.
سمع وقع أقدامها تدخل الغرفة وتزيد توتره، مزق الورقة التي بين يديه قائلاً "قولي بسرعة، لست متفرغ"
ضحكت الفتاة باِستهزاء قبل أن تتلفظ "ماذا لو أخبرتك عن مكان فينيكس"
اتسعت عينيه ورفع رأسه إليها، كانت تملك شعر أزرق ونظارات صفراء على عينيها.
نهض دان من مكانه "مَن أنتِ؟ كيف تعرفين مكانها!"
رفعت كتفيها "إسمي بلو، أنا أعرف كل شيء، وفينيكس موجودة الآن في فندق إكس، ولديها موعد عند الساعة الثانية عشر، استغل الفرصة قبل أن تهرب مجدداً"
ابتسمت بلو في نهاية حديثها وخرجت مغلقة الباب خلفها وهي تتمتم "جميعكم هكذا لا تفهمون إلا بالعين الزرقاء"
كانت تتجاهل صراخ دان "لحظة! إنتظري! أمسكوا بها!"
ركض خارج الغرفة وكانت قد اختفت، شد قبضتيه ليتمتم من بين أسنانه "إنتظريني يا فينيكس"
***★****★***
فينيكس استيقظت من كوابيسها المعتادة، أضاف وجود داركوس فيها بعض التغيير، جهّزت نفسها ووضبت حقيبتها. عندما ترجع ستكون جاهزة لحملها والسفر بعيداً عن هنا.
طُرِق بابها ليخرجها من أفكارها، تركت حقيبتها في مكانها واقتربت من الباب، هذه ليست خدمة الغرف بالتأكيد.
"مَن هُناك؟" صاحت لكن لم يجبها أحد وطرق مجدداً، سمعت صوت ضئيل مألوف من الطرف الآخر "إكسِروا الباب"
ارتجف جسمها وارتعد كيانها لِما أنصتت، كانت ضربات عنيفة تصطدم بالباب بينما هي ركضت إلى غرفتها مجدداً ولم تعرف كيف تتصرّف، هي لا تملك هاتف بعد الآن لتطلب المساعدة.
انطلقت إلى الشرفة لتصرخ بقوة "ساعدوني! شخص ما يقتحم غرفتي!"
لم يسمعها أحد من الطابق الثالث عشر، صدح ضجيج قوي وأيقنت عندها أنهم خلعوا الباب، اِلتفتت وشاهدت دان يقف في المدخل ويفتح ذراعيه "ألم تشتاقي لحبيبك يا فينيكس؟"
اندفعت وأغلقت باب الشرفة على نفسها ليدحرج دان عينيه "بربك ألم تملّي من هذه الحركات"
كان يقترب من الباب ببطء ويغني وفينيكس يرتعد قلبها مع كل خطوة يدنوها، أغمضت عينيها حتى لا تواجه هذا الموقف بعد الآن.
شخص ما وضع يده على كتفها، كانت تترقب وصوله، داركوس صديقها الوحيد.
"تعالي معي يا فينيكس" همس لها لتستدير إليه وتعانقه بلا مُقدمات "خُذني من هنا يا داركوس"
كان سعيد بقوة لأنها الآن طلبت منه المساعدة، هذا يعني أنها ماتزال تشعر بالأمان معه.
داركوس سرق حبيبته من ذلك المكان وأرجعها إلى البيت حيث غرفتها القديمة، فين كانت جالسة في سريرها وتحاول التقاط أنفاسها بينما الآخر يقدّم لها كوب من ماء.
"إهدأي، لقد تخطينا تلك اللحظة، أنتِ هنا الآن"
"شكراً لك" قالت وتناولت الكوب من يده، ارتشفت منه ووضعته جانباً ليجلس هو قربها ويستطرد بقلق "كيف تشعرين الآن؟"
فين كانت تمتنع عن إجابته ما جعله يتنهد "حسناً أنا آسف، هذا بسببي، كنت أراقبك وكنت أستطيع مساعدتك منذ البداية ولكن انتظرتك أن تنادي علي..."
اعتدلت فين بجلستها لتقابل وجهه وتتفوه "شكراً لك... أنت أنقذتني منه مرتين"
"ليس بالشيء الكبير، كان ليفعل هذا أي شخص"
حركت رأسها برفض "لا يا داركي... ليس كل شخص... وهذا ما يجعلني أجلس معك الآن"
"أنتِ قُلتِ داركي للتو... هل هذا يعني أنكِ لا تكرهينني!"......
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro