الفصل التاسع عشر
https://youtu.be/Vz2hokSI6bk
مرحبا بقرائي الغاليين إلى مشبعتهم صدمات
أنصحكم تسمعوا لأغنية آدم و أنتوا تقرأوا لأنوا الفصل مليئ بالمشاعر
استمتعوا
*
نحن البشر مجرد بالونات نُملأ بالهواء فوق طاقتنا
كلما ارتفعنا عن الأرض كلما اعتقدنا أننا نجحنا و لن يتمكن شيء من الاطاحة بنا
نحن لسنا سوى كذبة و أرفع الابر سوف تكون سلاحا فتاكا
القصر الذي عمرته بلبنات سرقتها من الحياة
انهار فوق رأسي و حبست تحت ركامه فجأة
لا أنا قادر على التنفس ولا قادر على ازاحة حجر واحد منه عن كاهلي
ضربت كثيرا بيد من حديد و لم أعتقد أبدا أنه في يوم سيتم ضربي بنفس اليد
احتلت و غدرت و خدعت ... دست القلوب فشربت من نفس الكأس
كنت أجلس و أنظر لداي الذي لا زال ينام أكثر مما يستيقظ
أحدق فيه و أتبحر بتفاصيله ، في ملامحه ، في لون عينيه و شعره ... بكل شيء به و أخبرني لماذا فقط حدث هذا لي ؟
لما خسرت ما هو لي في يوم واحد ؟
بت عاجزا عن الاقتراب منه بعد أن كنت أبعد الجميع عنه
ليست كفي التي تعودت ألا تلمسه لكنني بهذه اللحظة كلما رفعتها أقربها منه ارتجفت و لم تتمكن الوصول له
" تشانيول ... "
همست باسمي من خلفي و أنا فقط أغمضت عينيّ لأرد بهدوء عكس البرود الذي كنت أشعر به ناحيتها من قبل
" حتى وقت قريب شعرت بالخزي من كل شيء فعلته بكِ ... حتى وقت قريب ندمت ندما شديدا على خيانتكِ فتبين أنك لم تكوني تلك المرأة الفاضلة ، لقد سرقتي أبوتي لداي ، سرقته مني و نفذتِ تهديدكِ "
استقمت في مكاني و نظراتي لم أتمكن من ابعادها عن داي ، ابني الذي سُرق مني فجأة و نسب لغيري أنا الذي فعلت كل شيء لأجله وحده
بصمت و هدوء انسحبت من غرفته مغادرا و أنا لا أدري أين يجب أن أذهب
أنا بيدي و بأفعالي جعلت كل الأحضان تقفل بوجهي
سرت في الشوارع بعدما غادرت المستشفى ، سرت بدون أن أمنح نفسي فرصة للشعور بالتعب و الارهاق فلا تعب ولا ارهاق يفوق ما تشعر به نفسي
كسرت قلبي و قلب المرأة الوحيدة التي أحبتني بدون مقابل
حتى وقت قريب كنت أعتقد أن دانبي هدتني حياتها بدون مقابل لكن كل شيء بات واضح عندما زرعت الهم و الدموع بعينيّ ، هي سرقت حياتي و لم تهديني شيئا عندما أهْدَتنِي أنا لها
و أمام منزل يحتضن هذه المرأة الوحيدة أنا وقفت يتيما من دونها ، أحتاج حضنها ، أحتاج تربيتها على قلبي و صوتها يخبرني أنه لا بأس
أقسم أنني أحتاج أن أضع رأسي بحضنها فتخلل أناملها خصلاتي و تمنحني النوم الذي سرق مني ، تمنحني نفسي و قلبي
نادم أنا فقلبي ضاع مني ولا يمكنني العودة ، غاضب من نفسي و غاضب على قلبي الذي دائما ما منحته لمن لم يكن يوما لي
حتى داي لم يكن مني و لي
اقتربت بتردد نحو باب منزل سونا ثم قرعت الجرس و أنا لا أدري ما الذي سوف أقوله لو فتحت ميوك الباب
كيف لي أن أهمس لها باعتذاري ؟
كيف هي سوف تضمني لها و تقبل أسفي ؟
فتح الباب أجل لكنها كانت سونا التي بسرعة غضبت نظراتها ، وضعت كفها على صدري و دفعتني عندما خرجت و أقفلت الباب خلفها و بكل كره هي نبست
" ما الذي جاء بك هنا ؟ "
" أريد رؤية ميوك "
قلتها بصوت ضعيف لا يمكن أن يشعر به سوى هي ، حبيبتي التي خنتها و غدرت بقلبها ، أخبرتها مرارا و كثيرا أننا شخصين سيئين و لكن في النهاية كنت وحدي السيئ و هي كانت مجرد أنثى مجروحة تبحث عن كف تداوي جروحها
كنت تلك الكف ، تمكنت من منحها أكبر و أغلى حلم في عمرها لكنني بيدي عدت و دمرت كل شيء ، أنا من سرقت منها أمومتها ، سرقت سعادتها و بسمتها و حتى صورتها أمام الناس
" هل أنت بكامل قواك العقلية بارك تشانيول ... بعد كل ما فعلته بها ، بعد أن جعلتها علكة بفم الأمة و عرضتها للموت على يد السافل سونغ هون تقول أنك هنا لرؤيتها ؟ ... ما الذي سوف تقوله لها ؟ "
و بكل استسلام أنا نفيت لأجيب و الدموع تسكن عينيّ
" أنني أحبها "
" كذبتك انطلت علي و عليها مرة و لن تتمكن من تكرارها ... ميوك باتت ورقة محروقة ولا يمكنك أن تستفيد منها لذا غادر "
قالتها و التفت لتفتح الباب ثم أقفلته بقوة في وجهي بعد أن دخلت
دقائق بقيت على حالي واقف أنظر للباب و أتمنى أن تفتحه و تضمني لكن كل شيء بات من الماضي ، كل ما فعلته سوف آخذ جزاءه ولا يمكن أن أنجو بكل الأذى الذي سببته لغيري ، الكل انتقم مني بطرق تكسرني
في السماء انفجر صوت الرعد كما انفجر الألم في صدري
طردت من جنتها ، لقد باتت خاوية على عروشها و قلبي بات مدينة دقها الخراب و هجرت
عدت أسير في الطرقات الخاوية مثل قلبي و حاول المطر المنهمر كدموعي أن يطهرني من آثامي
كل ما قمت به لا يمكن أن ينسى ، أخطائي كبيرة و آثامي لا يمكن أن تغتفر
*
عندما نرى خيباتنا أمامنا سنكون فارغين
عندما نلمس جروحنا بأيدينا سيكون الأوان قد فات و القلوب ضاعت
لا أحمل في قلبي ذرة غضب أو حقد تجاهه ، أنا لا يمكنني أن أفعل ذلك
لكنني حزينة من أجله ، حزينة بالرغم من عدم استعدادي لفتح حياتي له
أنا سامحته على كل ما فعل ، سماحته من كل قلبي و أتمنى أن يكون سعيدا و يجبر بخاطره ليعود ابنه لحضنه بكل خير
لا أضمر له في قلبي أي سوء و في المقابل لا أريد أن أكون قريبة منه من جديد ، لا أريد أن ألمس ضعفي من جديد
في اللحظة التي أشحت عنه بنظراتي في المستشفى و مضيت بدون أن ألومه كان قد خرج من حياتي نهائيا
لقد جرحني و هجرني و أنا لن أفتح أبواب قلبي التي تصدعت و تنتظر الانهيار
عادت سونا التي قالت أنها سوف تفتح الباب بعد أن قرع الجرس
جلست فخرجت من شرودي و همومي لأرفع نظراتي نحوها و تساءلت
" من كان ؟ "
" لا أحد "
ردت و بعض الغضب كان في نبرتها
" هل أنت متأكدة ؟ "
لكنها تجاهلتني و اقتربت لتمسك بكفيّ
" ماذا قررتِ أن تفعلي ؟ "
" سوف أغادر العاصمة "
عبست و أومأت ثم رسمت بسمة و واصلتُ
" سوف أصحب معي ييجي و أنت سوف تزوريننا كثيرا "
لكنها اعترضت
" أتركي ييجي هنا ... تعلمين أنني لا أمكث في المنزل كثيرا و في الوقت الذي بقيت فيه هنا حال البيت تغير ثم أنت بعد الآن لن تكوني قادرة على تحمل كلفة راتبها "
" أنت محقة ... حاليا لا يمكنني سوى اعالة نفسي ، سوف أتركها لكن اهتمي بها ولا تسمحي لها بدخول الحانة "
" لا تخافي ميوك ... تدرين أن بيتي لا يدخله رجل "
أومأت مبتسمة ثم استقامت فساعدتني حتى وصلت لغرفتي ، جلست في الفراش و هي وضعت علي الغطاء و ييجي من خلفها وقفت بقرب المدخل تحمل صينية عليها صحن الحساء
" عشاءك جاهز سيدتي "
أخذت عنها سونا الصينية و وضعتها بحضني لتجلس على جانب السرير و أنا ابتسمت من جديد
" تعاملنني كأنني طفلة "
" أنت طفلتي ميوك "
" طفلة بلغت الأربعين من عمرها "
قلتها بينما أحمل الملعقة و هي هتفت قبل آكل
" لحظة ... لا يجب أن تهملي دوائك "
" سونا لقد مللت منه يكفي أنا تحسنت "
" يجب أن تنهيه كله هيا "
قالتها لتناولني القرص و كأس الماء فأخذته منها ، ابتلعته ثم باشرت تناول طعامي و سونا نبست
" أنت متأكدة أنك ستكونين بخير هناك ؟ "
" أجل ... "
" ماذا ان حاول سونغ هون أن يقوم بفعل آخر "
حينها رسمت بسمة سخرية مجيبة
" لن يتمكن ... هو الآن جعل لطلاقي منه صدى كبير و أي أذى سيصيبني سوف توجه أصابع الاتهام نحوه ، ثم كوني مطمئنة فالمنزل آمن ولا يعرفه أحد "
لكنها أجابتني بهوء
" لكن بارك يعرفه "
الملعقة التي كنت أرفعها نحو فمي توقفت ، ارتجف كفي و همست بهدوء
" أخذ ما يريد و لن يعود مرة أخرى "
قلتها و قربت الملعقة من ثغري ، لم تجبني و فقط حدقت بي و أنا لم أكن أبدا قادرة على أكل أي شيء لكنني مضطرة ... لا أريد لسونا أن تكون قلقة عليّ ، يكفي ما سببته لها حتى الآن من تعب و قلق
بعد أن انتهيت أخذت سونا الصينية و أنا تناولت كأس الماء من جانبي ، رفعته الي بهدوء فارتجفت كفي من جديد عندما أغمضت عينيّ و تذكرت آخر لحظاتي معه ... شعرت بلمساته و حتى أنفاسه
فتحت عيني و نظرت للماء الذي اهتز داخل الكوب ، امتلأت عيني بالدموع و وضعت الكأس جانبا لأتمدد و أسحب الغطاء علي
" لقد انتهى يا ميوك ... كل شيء انتهى "
*
صباح اليوم التالي استيقظت مبكرا ، أخذت حمامي بعد أن منعت من ذلك لأيام ، جهزت حقيبتي و نفسي ثم خرجت من الغرفة فكانت سونا تجلس على الأريكة ، تضع فنجان قهوتها أمامها و تحمل الجريدة و عندما انتبهت لوجودي هي وضعتها على الطاولة بقربها
جلست فحدقت بي و نبست بأسى
" سوف تغادرين ؟ "
" أجل ... المنزل يحتاج للتجهيز و التنظيف "
" لما لا تبقين أكثر هنا ؟ "
" أفضل أن أختفي الآن ... أريد أن أبقى لوحدي يا سونا و أفكر جيدا بكل ما حدث لي ، علي أن أرتب حياتي الجديدة "
أومأت بدون قول شيء و بعدها قدمت لي ييجي فنجان من القهوة ، شربته و بعد وقت وصلت سيارة الأجرى التي طلبتها لي سونا ، ودعتني بقرب الباب و أنا غادرت أخيرا
كثيرا ما خططت لحياتي وحيدة هكذا لكن لم أعتقد أنني سوف أكون مهمومة غير مرتاحة بها
لقد كانت مدة قصيرة هي التي غيرت كل حياتي ، صنعت لنفسي ذكريات سوف تحرقني كل ليلة
بنيت له صروحا في قلبي يصعب هدمها
حكمت على نفسي بالعذاب و انتهى الأمر
وصلت للمنزل و مضت عدة أيام جهزته فيه ، اشتريت مزيدا من الأثاث ، لم يكن أثاثا جديدا بل هو قديم بعض الشيء فأنا لا يجب أن أصرف كل ما ادخرته ...
زرت البلدة القريبة و كنت أشتري أغراضي من هناك ثم أعود لمنزلي ، أسير طوال الطريق و أنفس عن خلجات صدري التي تضيّق علي عيشي ، أجمل ما في هذا المكان أن سكانه بسطاء ، لا يهتمون بما يجري بالعاصمة و بالتالي بالنسبة لهم أنا لست سوى امرأة تقيم لوحدها ، هم لا يمتلكون تلفزيونات ولا يحاولون قراءة الجرائد
لكن الجلوس هكذا و عدم فعل شيء لا يفعل شيء سوى أنه يفتح أوراق ذكرياتي ليخرج منها أجمل اللحظات فتحفر في قلبي أسوأ المشاعر الآن
أخذت صباحا محفظة نقودي و ارتديت ثيابا عادية ، شعري القصير أتركه حرا ولا أضع على وجهي أي شيء
خرجت من المنزل لأقفل الباب و كما تعودت سرت نحو البلدة ، قصدت متجر السيدة لي التي قالت أنها تحتاج شخصا يتقن التطريز حتى يعمل على بعض الأثواب التي تعرضها في متجرها بعد أن تقوم هي بخياطتها ، أنا يمكنني أن أقدم لها حتى قصات جديدة للأثواب
في منشوريا علمونا الخياطة و التطريز و أنا كانت لي رغبة كبيرة حتى أتمكن من فعل شيء في مجال كهذا لكن الأحداث التي تلت منعتني من تحقيق أحلامي و ما كنت أريده ... كنت أرغب بحياة بسيطة هادئة و حد اللحظة لم أحصل عليها
دفعت الباب و دخلت ليصدر صوتا الجرس الذي علق فوقه ، رفعت رأسها السيدة لي التي كانت تحيك شيئا و ابتسمت لي لتبعد نظاراتها
" سيدة ميوك ... هل غيرت رأيك ؟ "
قالتها بينما تحدق بي فابتسمت أومئ لها
" أجل ... الجلوس بدون فعل شيء يجعلني أفكر بسوء لذا سوف أعمل معكِ "
" لن تندمي فأنا أكثر من يلتزم بدفع المستحقات لأصحابها في مواعيدها "
ابتسمت لها و هي تركت ما كان بيدها و دنت قليلا لتخرج من تحت الطاولة ثوبا ، وضعته على الطاولة و تحدثت
" أريد أن تطرزي أطرافه ... إنه طلب خاص و صاحبته ستكون سخية "
" لا مشكلة لديّ ... يمكنني أن أطرزه "
" ماذا عن الأجرى ... كم ستطلبين ؟ "
" ما تدفعينه عادة سيدة لي "
" حسنا لكن عليك أن تسرعي فهي تحتاجه قريبا جدا "
" سوف أقوم بجهدي حتى أقدمه في الوقت المحدد "
وضعته في كيس ثم شرحت لي ما علي القيام به و بعدها حملت الكيس و غادرت ، اشتريت بعض الضروريات التي أحتاجها من محل البقالة و قبل أن أخرج من المتجر أنا لمحت علبة سجائر
توقفت أمامها و عينيّ امتلأت دموعا بسرعة ، غزتني الذكريات و تذكرت يقيني أنني سوف أعيش هذه الأوقات المؤلمة ، وقتها لم أهتم للألم الذي سوف يعصر قلبي و عشت اللحظة فحسب
" سيدتي هل نسيتي شيء ؟ "
تساءل صاحب المتجر فخرجت من شرودي و حزني بسرعة ، حملت علبة السجائر و وضعتها بين أغراضي سائلة عن ثمنها ، دفعته و غادرت بسرعة
هل سأتمكن من طرد دخانها خارج صدري و رؤية طيفه به ؟
*
الأسرار تسكن الصدور لوقت طويل
لكن في النهاية سوف تكشف ، حتى لو رفضنا كشفها و وضعناها بين رفوف الزمن سوف نجبر على اخراجها في يوم
أمام ما قاله الطبيب عن كون تشانيول هو المتبرع الأفضل لداي وقفت عاجزة
كل شيء سوف يكشف لذا قررت كشفه بنفسي
لم أفكر و لم أضع بحسباني أي نتائج لكن رد فعل تشانيول لم أتوقعه
لم يقل شيئا و عاد لغرفة داي يجلس بقربه و عندما حاولت أنا قول تلك الأشياء العالقة هو وجه لي الاتهام ، أجل أنا آثمة ، أنا مخطئة أعترف
غادر بعدها و منذ عدة أيام لم أعرف عنه شيء ، داي كلما فتح عينيه يسألني عنه و أنا لا أجد سوى الكذب لأخبره به
إنه تعيس لأنه عاد يختفي و يجعله يشتاق له
ليس من حقي و لا من حق ابني أن نطالب بعودته أو حتى الالتفات لنا لكن داي لا أحد يسعده مثلما يفعل هو ، مثلما كان داي هو حياة تشانيول من قبل ، فتشانيول هو عالم داي ، إنه لا يرى شخصا غيره ، علاقته به متينة و قوية لدرجة سوف يكسر بعنف لو علم صغيري ما اقترفتُه بحقه
أدري أنني سرقت منه حياته ، سرقت كل ما قام به و جعلته بدون معنى
و الآن فقط يمكنني القول أن علاقتنا كانت علاقة مصالح متبادلة ، منحته المكانة التي بحث عنها طويلا و في المقابل جعلته أبا لابني بدون أن يعلم أنه ليس ابنه من صلبه ، حصلت على الرجل الذي أردته ... كنت أنا أكبر مستفيد
" أمي أخبري أبي أن يأتي ... لقد اشتقت له و أريد رؤيته "
التفت ناحيته بعينين حزينتين ثم اقتربت و دنوت أقبل كفه ، رفعت نظراتي نحو عنيه المتعبة و ربت على مقدمة رأسه
" إنه مشغول يا حبيبي "
عبس من جديد ليغمض عينيه و أكثر أمر سيء هو أن داي يتألم ، كلما أخذ جرعة من العلاج الكميائي سوف يعاني
أنا لست قوية حتى أواجه كل هذا لوحدي ، أتمنى أن يعود ، ليس من أجلي ، لأجل داي فهو والده الذي رباه و داراه برموش عينيه
نام داي فغادرت غرفته و توجهت نحو مكتب الدكتور دو ، صديقه ، طرقت الباب و عندما سمح لي فتحته
" هل يمكنني الدخول ؟ "
عندما رآني ابتسم لي و أومأ فدخلت و أقفلت الباب ، جلست في المقعد المقابل و هو تساءل
" ألا يزال تشانيول لا يزور داي ؟ "
فأومأت بصمت
" مابه لما يتصرف بجنون هكذا ؟ لقد كان أكثرنا لهفة لعلاج داي ؟ "
" الخطأ خطئي أنا دكتور دو "
" ما الذي تعنينه ؟ "
" الأمر لم يعد سرا ... الطبيب أخبرنا أن تشانيول يمكنه أن يتبرع لداي بالنقي لأنه والده و درجة القرابة بينهما كبيرة "
" اذا هذا أمر جيد "
عندها ضممت كفيّ معا بتوتر و ابتسمت ببؤس لأرد
" لا ... الأمر ليس جيد لأن تشانيول ليس والد داي الحقيقي "
توسعت عينيه ليستقيم محدقا بي و أنا هربت من نظراته تلك و واصلت
" تشانيول كل هذه السنوات كان يعتقد أن داي من صلبه هو ... منحه حياته و فعل لأجله كل شيء سواء جيد أو سيء "
" اذا هو لم يكن يعلم ؟ "
" حتى وقت قريب ... منذ اليوم الذي علم فيه امتنع عن زيارة داي و السؤال عنه ، عندما أتصل بمكتبه يرفض الحديث معي و داي حزين جدا لأنه لا يأتي لزيارته "
" أنت ... لقد دمرته و سرقت منه ما تبقى من حياته ، ذلك الجزء الجيد منه الذي كان يختبئ بداخله قضيت عليه بفعلتك هذه سيدة دانبي "
قالها مؤنبا اياي و عاد ليجلس و أنا ببكاء ترجيته
" أرجوك أخبره أن يعود ... أنا لا أدري كيف أتصرف ، داي يتلقى العلاج و لكن ماذا سيحدث لاحقا أنا حقا لا أدري "
" علينا معرفة والده الحقيقي "
عندها نفيت
" لقد توفي ... هو مات حتى قبل أن أعلم أنني حامل "
" هذه مشكلة "
" هكذا ابني سيموت في النهاية و لن نتمكن من فعل شيء ؟ "
" بلا يمكننا اذا وجدنا المتبرع المناسب "
" اذا ... هل يمكن أن يتبرع له شخص لا تربطه به صلة قرابة ؟ "
" أعتقد أجل و لكن عليك مناقشة هذا مع طبيبه المختص و المشرف على حالته "
" سوف أفعل بالتأكيد لكن نحن لا زلنا بحاجة تشانيول ... أدري أنها أنانية مني و لكن ليس من أجلي بل من أجل داي "
" من أجل داي هو سيعود بدون أن يخبره أحد ، فقط امنحيه بعض الوقت "
أومأت ثم ودعته لأغادر و اتجهت إلى مكتب الطبيب ، طرقت الباب فسمح لي بالدخول و عندما فتحته كانت المفاجأة الكبرى
تشانيول كان يجلس أمامه على المقعد ، اندهشت لدرى رؤيتي له هنا و هو فقط رمقني بنظرات باردة و عاد يحدق بالطبيب الذي ابتسم
" تفضلي سيدة دانبي أحمل لك أخبارا جيدة "
تركت الباب يقفل و تقدمت بهدوء لأجلس في المقعد المقبل لتشانيول ، لم أبعد عنه نظراتي المتأسفة و هو لم يخصني بنظرة و لو كانت غاضبة
" السيد بارك تطابقت أنسجته مع داي و يمكنه التبرع له "
" حقا ؟ "
هتفتها بسعادة و عدم استيعاب و الطبيب هو من رد
" أجل ... في الأيام المنصرمة كنا ننتظر ظهور نتائج التحاليل التي قام بها السيد بارك "
زادت الدموع بعينيّ فقربت كفيّ من كفه و حين لمتسها أحاول امساكها امتنانا هو سحبها و استقام ليخاطب الطبيب
" سوف أرى داي و أعود لاحقا حتى نناقش جميع التفاصيل "
" بالتأكيد "
غادر يقفل الباب خلفه بقوة و أنا بقيت مكاني بينما عينيّ تبكي ، هو لم يتركه
قبل أن يقول الطبيب شيء أنا استقمت و تبعت تشانيول ، ركضت خلفه في الرواق الذي كان فارغا حتى وصلت اليه أخيرا فأمسكت ذراعه و جعلته يلتفت لي بعد أن توقف و همست بضعف
" أنا ... "
لم أجد ما أقوله لكنني بسرعة ضممته و وضعت رأسي على صدره
" بعد اختفاءك ضننت أنك لا تريد رؤيتنا "
وضع كفيه على ذراعي و أبعدني عنه بينما لا زالت نظرته الباردة تحرقني كأنها نارا لا بردا و سلاما ، تأملني طويلا و في النهاية هو رد بصوت هادئ
" داي ابني أنا ... لي به أكثر ما لكِ به "
كلامه كان سيفا ذو حدين ، حدا جرحني بقوة و حد أبعد عني جروح الآخرين ، سحب كفيه و التفت من جديد مغادرا نحو غرفة داي و أنا فقط أجهشت بكاء و تركتني أجلس بتعب على أحد مقاعد الانتظار
*
هذه المرة أنا خسرت كل شيء
خسرت قلبي ، خسرت مشاعري
خسرت ابنا لم أعلم بوجوده و خسرت ابنا كان كل وجودي
خسرت كثيرا ولا يجب أن أخسر أكثر لذا استقمت بعد انتكاستي تلك
رتبت أولوياتي و دفنت مشاعري البائسة و عدت لكوني رجل بدون قلب و بدون رحمة
ربما هذه المرة سوف أكون أسوأ من قبل
نجح كانغ في الانتخابات و أنا انشغلت في تغطية الحدث و الاعلان عن النتائج و في الوقت ذاته تواصلت مع طبيب داي
أنا نسيت كل ذلك الكلام الذي قالته أمه أمام الطبيب عن كوني لست والده الحقيقي و بحثت عن حل حتى أنجو و اياه من هذه العاصفة ، بعدها سوف لن يكون بحياتي سوى داي ، لن يكون أحد ببيتنا سوى أنا و هو
أخبرني الطبيب أنه يمكنني أن أتبرع له اذا تطابقت الأنسجة و لكن علينا أن نتحرك بسرعة فاستجابته للعلاج الكميائي ليست بالمستوى المرجو
لم أدعه يراني لكنني وقفت كثيرا خلف باب غرفته و استمعت لألمه و أناته الخافتة
تألم قلبي و بكيت لأجله ، فقط لو يمكنني حمل الألم عنك يا صغيري ، لو يمكنني على الأقل التألم و اياك
اليوم هو موعد ظهور النتائج ، كنت أجلس بمكتبي شارد الذهن عندما طرق الباب و دخلت عبره مساعدتي
" سيد بارك مدير مكتب الرئيس هنا "
التفت لها ثم أشرت لها أن تسمح له بالدخول و أنا لم أتحرك من مكاني ، بقيت جالسا بكل راحة حتى دخل مساعد كانغ
كان معه رجلين يحملان حقيبتين فأشار لهما أن يضعاهما و ينصرفوا ففعلوا و أنا كنت فقط أراقب الوضع
أقفل الباب فالتفت لي و رفع حاجبه
" يفترض أن تقف و تحييني فأنا مستشار رئيس الدولة "
حينها ابتسمت بجانبية و استقمت فعلا ، سرت حتى وقفت أمامه واضعا كفيّ بجيوب بنطالي الأسود و مباشرة سألته ، لا أملك وقتا حتى أصرفه عليه
" ما الذي تريده ؟ ... "
" أتيت بمهمة كلفني بها الرئيس "
يبدو كطفل حفظ بضع كلمات و هو يكررها الآن
" هل يريد رئيسك التخلص مني ؟ "
" بل يريد مكافأتك "
قالها و أشار للحقائب ، سار نحوها ثم فتحها و رفع نظراته نحوي
" كل هذا لك "
" و المقابل ؟ "
" الرئيس شكل حكومته بالفعل "
قالها و هذا ما كنت متأكدا منه ، هو يريد ازاحتي و عدم الوفاء بوعده ، في الواقع المناصب و السلطة في هذه اللحظة باتت آخر همي لكنني لست متعودا على الخسارة ... حتى و لو كان سجالا كلاميا ، من يغدر بي يجب أن يعيش على أعصابه
" أخبر رئيسك أن السلطة الحقيقية لا تزال بيدي ، كما رفعته و أسقطت عدوه يمكنني أن أطيح به هو الآخر ... جميع ملفات فساده و تعاونه مع اليابانيين هو أيضا أحتفظ بها "
رمقني بغضب و شد على كفه قبل أن يهددني
" أنت تريد الموت "
" لست أريد الموت و لكن أخبر رئيسك أن وعده ... السلطة و كل شيء مرتبط بها ما عاد يهمني "
" ماذا تعني ؟ هل هو فخ ؟ "
" فكرت أنت و هو كما تريدان "
قلتها و أنا من تركت له المكتب و غادرت ، في المستشفى يجمعني موعد مع طبيب داي أهم بكثير من الترهات التي يقولها رئيس الأمة و مستشاره الأحمق
نحن لن يحكمنا سوى الحمقى الذين امتلأت قلوبهم جشعا
وصلت للمستشفى و ذهبت مباشرة لمكتب الطبيب و هناك هو أكد لي أنه بامكاني التبرع لداي و لأول مرة منذ أيام كانت طويلة كالدهر شعرت بشيء أسعدني حقا
داي ابني أنا و أنا لن أسمح لأي أحد أن يسرقه مني
فتحت باب غرفته بهدوء فهاجت مشاعري قهرا عندما وقعت عليه نظراتي ، امتلأت عينيّ بالدموع التي لا يمكنني السيطرة عليها
تركت مقبض الباب و بكفي أسندتني على ايطاره ، أنا متعب يا صغيري
لقد سرقوا مني الحياة عندما سرقوك مني و انتزعوك من حضني
تباهيت بك كثيرا و حملتك بقلبي قبل حضني لكن في النهاية تبين أن كل زهوي بك كان هباء منثورا
فتح عينيه المتعبتين و أمال رأسه و عندما رآني همس ببكاء
" أبي "
أسندت جبيني على ظهر كفي التي على الايطار و بكيت و هو نبس من جديد
" أبي لا تبكي أنا سوف أكون بخير من أجلك ... لن أبكي و سأحتمل الألم "
إن كلماته الباكية ، توسلاته لي تحرقني و تكويني ، ترديني قتيلا نادما على كل الآثام التي اقترفتها
نادما على قلب امرأة هي من أحبتني بصدق و رميته لأدوسه بقوة
" أبي أرجوك لا تبكي "
رفعت نظراتي نحوه فكان يمد لي كفه عندها سقطت كل الموانع بيني و بينه ، سقط الدم الذي فرقنا و اقتربت أضم كفه الصغيرة تلك و أقبلها
وضع كفه التانية على كفي الممسكتين بكفه و ببكاء هو لامني
" لماذا لم تأتي لزيارتي أبي ... أنا اشتقت لك "
" أنا ... آسف يا حبيبي ، أعدك بعد اليوم لن أغيب عنك "
قبلت جبينه و ضممته لصدري فتمسك هو بسترتي و ضمني بقوة متمسكا بي كأنه متمسك بالحياة
إن كنت لم أمنحك الحياة من قبل أنا سوف أمنحها لك الآن بكل تأكيد
نهاية الفصل التاسع عشر من
" المعارض - ارتواء "
أكثر فصل مليئ بالمشاعر ، حتى لو كانت حزينة لكنها الأكثر صدقا منذ بداية الرواية و كلام تشان عن داي هو هير دليل على حبه الكبير له أظن علاقته بداي من اكثر الامور عظمة
توقعاتكم للقادم و انتظروني حتى أعود في الفصل القادم
كونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro