
الفصل التاسع و العشرون
مساء الخير على قرائي الغاليين
أعتقد الكل محتاج لفصل جديد
استمتعوا به
*
لن أسألكِ من آلم الآخر أولا
فمن الواضح أنه أنا
لن أتهرب من ذنبي أمامكِ و لن أتنصل من أنانيتي
و في المقابل لن تنكري أنكِ تشعرين برهبة قلبي و أنتِ بين ذراعيّ
تشعرين بانهزامي عندما أبعدكِ بقسوة
سوف أقدم لكِ مئات الورود
شرط أن تبعدي كفكِ عن قلبي
سوف أقر بيني و بين هذياني و جنوني أنك خربتِهِ عندما زرعتِ بي وردة
سوف أغمض عيني و أتنهد بحضنك و لكن اصلحي ما أفسدتِه و توقفي عن تخريب المزيد
*
" ما الذي تفعلينه أمام هذا القبر مجددا ؟ "
صرخة من الخلف جعلت الجميع يلتفت و فيريا تمتد نظراتها لترى الدون يقف هناك و على وجهه كما تعود يرسم ملامح الانزعاج
لم تكد تستوعب ما الذي صرخ به فموقفها أمام المسدسات و ذلك الرجل المريب جعل الخوف يسكن قلبها و لكن تشانيول لم يعطي لأي أحد فرصة عندما تقدم اليها
لم يمسك بكفها ولا بذراعها كما تمنت أن يفعل في تلك اللحظة و لكن أمام غريمه و عدوه الصدوق هو أمسك بكم سترتها و سحبها ليدفعها أمام قبر آخر و أشار لها بتهديد
" أخبرتك ألف مرة أن ذاك هو قبر أختك و ليس هذا القبر "
متوسعة عينيها نفت ، لم تستوعب و لكن النظرة المخيفة التي عاود رمقها بها جعلتها تلتفت بدون أي مجادلة و تسير نحو القبر ، قبر أختها التي لا تملكها من الأساس ، كادت تصل اليه عندما مرة أخرى أوقفها
" أنتِ "
التفتت بهدوء و حذر عندها تقدم خطوتين فقط و رمى بباقة الورود بحضنها فالتقطتها هي بسرعة عندما اصطدمت ببطنها
" خذي باقتكِ معكِ "
لا يترك القسوة جانبا أبدا و هذا ما يجعلها حزينة للغاية و عينيها تستدعي الدموع و بالتالي يجعل المشهد المرتجل أمام فاليريو و رجاله يبدو حقيقي
تمسكت بها و التفتت من جديد مكملة طريقها نحو القبر الذي لم تكلف نفسها عناء قراءة حتى الاسم المدون عليه ، وجدت نفسها تجلس على جانبه فقدميها ما عادت تحملانها و وضعت الباقة لتهمس
" آسفة لازعاجك أيا كنت بجلوسي هنا "
أما تشانيول ، الدون فقد التفت لفاليريو و نظراته لم تكن أبدا نظرات عادية بل كانت متقدة بغضب ، تقدم نحوه رافعا كفه ثم بظهرها ربت على صدره بتلك الحركة التي تظهر الغضب و الاستخفاف بمن يقف أمامك
" ما الذي تفعله هنا أنت ؟ "
حينها أمال فاليريو رأسه و ابتسم يمثل الوداعة و الحزن
" انها ميتة يا صديقي فلا يجب أن تشتعل غيرة "
إلا أن بروفانزانو ردّ بتعنت
" انها زوجتي هل تفهم ..... اذا أردت أن تشتعل بيننا العداوة من جديد ضع عينيك على زوجتي "
حينها وصلت الرنّة إلى مسامع فيريا التي انفلتت شهقات بكائها لتلفت النظرات اليها ، بكت بصوت عالي مما جعل الجميع يصدق أنها مقهورة القلب على أختها و وحده الدون بروفانزانو كان يعرف ما يعزف على لحن البكاء داخل صدرها
" أختي ........... "
صاحت بها عندما أدركت أنها في موقف لا تحسد عليه و الآخر لكي يجنبها الخطر و نظرات فاليريو التي تحوم حولها لفت نظره عندما تحدث
" فاليريو ...... "
التفت له هذا الأخير و أ شار له نحو طريق الخروج و الآخر بسرعة ارتدى قناع الوداعة
" أعتذر من جديد يا صديقي و لكن أعدك أنها آخر مرة آتي هنا "
أومأ الآخر بكل سهولة و بدون أن يبدي على وجهه أي ملامح ثم سارع باخراجه هو و رجله من هناك ، باتت فيريا وحيدة في المقبرة عندما غادروا عندها حاولت مسح دموعها التي أبت التوقف
التفتت إلي قبر جيمه و بعبوس نبست
" آسفة على غيرتي و لكنني أحبه أقسم لكِ جيمه "
أما تشانيول فقد وقف بجانب سيارته ذات الطراز الكلاسيكي القديم و وقف مقابلا له الدون المزيف ، فاليريو بينما رجاله بعيدا قليلا بجانب سياراته الفخمة
حدق به ثم وضع كفيه بجيوب بنطاله ليخرج ابهاميه
" ما الذي جاء بك إلى هنا ؟ "
" كنت أبحث عنك "
" أمام قبر جيمه ؟ "
" أولم نلتقي بقربه ؟ "
" اسمع فاليريو لآخر مرة سوف أحذرك "
" سوف لن أذكر حتى اسمها على مسامعك "
" لا أريده أن يتكرر حتى في سرك فاليريو "
فابتسم و لكن خلف الابتسامة يختبئ الكثير من الكره و الحقد
" سوف أنساه يا صديقي "
أومأ تشانيول بدون أن يقول كلمة و لكن داخله نار مستعرة ، بداخله قلب مشتعل و ثأر ينبض بالحياة و لن يموت حتى يموت من عبث بشرفه و شرف العائلة ، من أشعل النار بأرواح بريئة فبات وحيدا بين ليلة و وضحاها
يصرخ فلا مجيب ، يبكي بدون نحيب و يتألم بدون تنهيدة تعبر عتبات الصدر أو حتى الشفاه مرتلا قدر الألم الذي حفر نفسه داخله
التفت مشيحا عنه فلو حدق به ثانية سوف يستل مسدسه و يفجر رأسه و بهذا يكون طعم الانتقام مرّا للغاية
مع التفاته رأى فيريا تغادر المقبرة فزمجر أكثر بملامحه يرمقها بانزعاج كبير ثم سرعان ما أشاح عنها ليجد نظراته تقابل نظرات الآخر ، و الذي التفت لها ثم عاد يسأله
" يبدو أنها تزعجك ؟ "
فرد يتظاهر بعدم الاهتمام
" انها مجنونة تبكي عند قبر أختها دائما "
" مسينة باتت مليئة بالمجانين مؤخرا "
و بمحتولة منه للهرب من الموضوع تساءل
" اذا ما الذي جاء بك حقا إلى مسينة ؟ "
حينها ابتسم الآخر ثم قهقه ليرفع كفه و ربت على كتف الدون بروفانزانو الذي رمقه بجمود و بدون أي رد فعل حتى توقف ثم مسح البسمة ليجيب
" عملنا يا صديقي فهل أنت جاهز ؟ "
" لن نستطيع الحديث هنا عن العمل ........ هيا إلى مكان آخر حتى ندرس جميع التفاصيل ولا يكون هناك أي نسبة للخطأ "
" لهذا أحب العمل معك يا صديقي "
بدون أن يجيبه دقق فيه النظرات ، و يالها من نظرات فقد أربكت من يقف أمامه حتى أشار نحو سيارته
" هل نغادر ؟ "
و لكن تشانيول أبعد كفيه عن جيوب بنطاله و التفت سائرا نو الباب الأمامي لسيارته
" سوف أتبعك بسيارتي "
أومأ فاليريو ليلتفت حينها رودريغو مساعده فتح له الباب و بعد ما صعد أقفله التفت محدقا جيدا بفيريا التي كانت تتمسك بحقيبتها بخوف
عيني الدون من تحت النظارة كانت تراقب كل شيء ، انطلقت سيارات فاليريو و تشانيول استغرق بعض الثواني لينطلق خلفهم ، في النهاية كان يؤمن الفتاة من بعد أن يغادر و لكنه بمروره جانبها لم يلتفت لها و لم يعطيها حتى نظرة و هي توقفت لتعبس أكثر
لكن دائما ما نجد أنفسنا نختبئ خلف المرايا حتى نغطي نقص الروح و النفس
و هكذا هو الحال مع الدون فقط تعلقت نظراته بالمرآة الأمامية محدقا بتلك الفتاة التي توقفت في طريقها ، حتى أنه رأى عبوسها و حزنها و هذا جعله يرسم ابتسامة رغم الألم الذي يفسد قلبه فهمس
" لا يمكنني أن أعيشكِ فيريا "
*
أوقف سيلفانو سيارته أمام منزل يبدو كذلك بعيدا ، منزل أمضى فيه الدون أيام لا تنسى فعلا عندما اتخذه مكانا لشهر عسله بعد زفافه على جيمه
الماضي لن يعود و الأموات لن يعودوا للحياة مهما ضجت بهم الذاكرة
أنزل سيلفانو الفتيات مع السيدة سيلفيا
وقفت هذه الأخيرة ممسكة بحقيبتها محدقة بالمنزل و سيلفانو أنزل الأغراض و عندما التفت لها هي حدقت به لتتساءل
" منزل من هذا ؟ "
فتنهد ليجيب
" منزل جيمه .... أحد العقارات التي سوف تبقى على حالها مهما طال الزمن "
أومأت بدون كلمة ثم دخلوا جميعا ليدلهم على الغرف التي يجب أن يستخدموها بعيدا عن غرفة الدون التي كانت غرفته مع جيمه ، دخل هناك سيلفانو ليضع حقيبة أغراضه الصغيرة و عندما وضعها على الأرض حدق نحو الشرفة ثم تنهد و خرج لينفي بأسف على ما وصلوا اليه
أقفل الباب لحظتها اهتز هاتفه معلنا عن وصول رسالة
و من غيره الدون سوف يراسله
أخرجه ليفتح الرسالة عندها رفع حاجبه الأيمن
" فيريا على الطريق الطويل المؤدي للمقبرة خذها من هناك و امنعها من مغادرة المنزل "
" هل سيحتجزها هي الأخرى ؟ "
حرك كتفيه بعدم اهتماما مبتسما رغم المرارة الموجودة بالأيام و سار نحو الباب ، غادر متخذا طريق المقبرة و ما كاد يصل نصف الطريق حتى لمح الفتاة تجلس على حجر كبير مطلي بالجير الأبيض ، تسند ذراعيها على ركبتيها محدقة بالأرض و الحزن بادي على هالتها
توقف بقربها فرفعت رأسها ناحيته و هو نزل ، تقدم ليقف أمامها ثم واضعا كفيه بجيوب بنطاله تحدث
" ما الذي كنت تفعلينه في المقبرة ؟ "
عندها ابتسمت بسخرية لتستقيم حاملة حقيبتها على كتفها ، تجاهلته لتسير نحو السيارة بعرج و بطئ و عندما فتحت الباب التفتت له لتجيبه
" كنت في زيارة لأختي ....... التي لا أعرفها "
فتحت الباب و صعدت لتقفله بغضب عندها هسهس بهمس سيلفانو
" الاثنين يفرغان غضبهما بي أنا ..... تبا لكما "
سار باتجاه السيارة ثم صعد و انطلق ، عاد أدراجه نحو المنزل الثاني حينها استغربت فيريا مشيرة أمامها للطريق
" هذا ليس طريق العودة "
" أعلم و نحن ذاهبين إلى مكان آخر أين تنتظرنا السيدة سيلفيا و الفتيات "
حينها التفتت له
" لماذا ؟ "
و بكل سهولة أجاب
" لأن الدون قال هذا "
و في تلك اللحظة تذكرت مظهر أولائك الرجال و تساءلت بشك
" لماذا أبعدنا الدون عن ذلك المكان ؟ ما الذي سيقوم به ؟ "
عندها أوقف سيلفانو السيارة ، التفت لها و النظرة بعينيه تغيرت ، باتت جدية أكثر ليرفع كفه بوجهها
" اسمعي فيريا .... مهمتك الوحيدة كانت اخراج الدون من السجن ، لا أدري ما الذي حدث و خرج حتى قبل أن تباشري عملك فكان يفترض بك أن تغادري منذ زمن و تعودي إلى حياتك و عملك ، إلا أنك تمسكت بالدون كمجنونة و تصرحين في كل وقت أنك تحبينه و أنا لم أشأ أن أجبرك على المغادرة و قلت لنفسي ، كن لطيفا يا فتى و دعها تجرب حضها معه لعلها تنجح و تخرجه من حالته و لكن إلى هنا و يتوقف تدخلك ...... ما الذي يقوم به أو ما الذي سيقوم به ليس من شأنك و اذا أردت سماعها بطريقة أكثر قسوة سوف أجعله بنفسه يقولها لكِ "
حينها ابتسمت ، بسخرية و غضب بالتأكيد لترفع كفيها معا و تصفق له
" كدت أصدق أنك جاد "
" أنا جاد فيريا .... يستحسن بك أن تبتعدي عن الأنظار قبل أن تلفت أنظار فاليريو الحقير "
" إنه ذلك الرجل أليس كذلك ؟ "
" صدقيني لا تريدين أن تعرفي عنه شيء ...... "
قالها و عاد ليشغل المحرك و ماهي سوى نصف ساعة حتى وصلا للمنزل و عندما نزلا هي حاولت أن تسرع نحو الداخل و لكن هو أوقفها عندما صاح من خلفها
" فيريا لا تبعثي بالمكان و ابقي في الغرفة التي ستدلك عليها السيدة سيلفيا "
حدقت به و هو التفت عائدا أدراجه نحو السيارة و ما إن غادر حتى شتمته ، هو و الدون معا لتطرق الباب عندها فتحت لها السيدة سيلفيا الباب
" أين اختفيت صباحا ؟ "
" زرت أختي "
بعرج تجاوزتها و الأخرى بتعجب أقفلت الباب
*
مرّ اليوم بطوله و تشانيول يشرف بنفسه على العملية التي بدأت بالفعل و المزرعة الآن باتت موقعا لجريمة رفضها هو نفسه قبلا و لكن الآن بات مرغما على تنفيذها و بفاه باسم
قام بجولة أخيرة يتأكد أن لا أحد يستطيع اختراق الجدار الأمني الذي أشرف على اعطائه التعليمات بنفسه و هذا ما لم يرق لمساعد فاليريو الذي وقف بجانب سيده ، سيده الذي بدأ في رسم ابتسامات الرضى و الارتياح و هو يرى تغير حال الدون
أعاد مسدسه إلى العلاقة تحت سترته ثم غادر المزرعة سائرا نحو سيارته ، صعد اليها و عندما أقفل الباب وجد نفسه يشد على المقود بشدة ، أغمض عينيه و شعر بالعار الشديد و تلك الكلمات التي كان يلقنها له جده عادت لترن في أذنه
عاد يفتح عينيه و بسرعة شغل محرك سيارته مغادرا المكان لكنه لم يستطع ابعاد عينيه من على المرآة ، أضواء المكان تخنقه و تجعله يرى نفسه بعين الكره
" اللعنة علي ..... تبا "
صرخ يضرب المقود بكفيه معا ليتوقف بمنتصف الطريق ، ثم أسند رأسه عى المقود هامسا بضعف
" سامحني يا جدي و لكن عفة جيمه أنتهكت و هي التي كانت بريئة ، عائلتي ، العائلة التي وضعتها أمانة في عنقي قتلت و يجب أن أنتقم لهم و لك من جديد يا جدي "
أما في المنزل ، تناولت فيريا عشاءها برفقة الجميع ، الكل خلد إلى النوم إلا هي وقفت كثيرا على نافذة الغرفة التي خصصت لها و عندما لم يزرها النوم تذكرت تحذيرات سيفانو فقررت معاكسته ، بل معاكسة الدون
التفتت نحو الباب ثم سارت بعرج حتى وصلت اليه ، فتحته بهدوء فأغمضت عينيها عندما أصدر صريرا بسبب المفصل و عندما بات الشق قادرا على اخراجها توقفت لتغادر الغرفة و تجنبت اقفال الباب
حتى تتجنب الفوضى لاحقا عند عودتها
سارت حتى توقفت أمام باب الغرفة التي أخبرتها سيلفيا أن سيلفانو قال أن تلك هي غرفة الدون التي لن يقبل أن يدخلها أحد
قربت كفها من المقبض و ما إن لمسته حتى تنهدت
" لابد أنها غرفة جيمه "
سحبت كفها لترفع نظراتها ، تنفست بقوة مترددة ثم مرة أخرى داست كل ترددها و أعادت كفها على المقبض لتفتح الباب عندها لفحها عطر امرأة تترك بصمتها في كل مكان
تقدمت بهدوء لتقفل الباب من خلفها ثم التفتت لتحدق بكل شيء ، كل شيء مغطى بملاءات بيضاء ، هذه الملاءات التي تخبئ تحتها الذكريات
ذكريات البسمة و ذكريات الدموع
اقتربت بعرج و بهدوء أبعدت جميع الملاءات لتجد أخيرا اطارا يحمل صورة لجيمه و تشانيول ، صورة من زفافهما و ملامحه بدت جدية فابتسمت فيريا لتحمل الاطار
قربت كفها المترجفة بهدوء لتلمس ملامح جيمه التي كانت ترتسم عليها السعادة
" أنتِ جميلة جدا جيمه ..... جميلة و عينيك بريئة "
حركت كفها بهدوء منتقلة إلى ملامح الدون و قبل أن تعلق عليها سمعت صوته من خلفها و مثل صورته تماما بدى منزعجا غاضبا
" ما الذي تفعلينه هنا ؟ "
التفتت بسرعة متفاجئة بخوف و هذا الخوف كان ضدها عندما جعلها توقع الايطار و تكسر زجاجه فتقدم تشانيول و دنى ليحمله ، اعتدل بوقفه ثم رفع نظراته الغاضبة و هي نبست بأسف
" آسفة "
و لكنه أشار نحو الباب بالايطار المكسور الذي يحمله
" غادري فورا "
" أنا .... "
" قلت غادري "
غادرت هي بسرعة لتقفل الباب من خلفها و التي لا تدري كيف فتح حتى و هو رفع الايطار ، منذ زمن طويل هو تجنب رؤية صورة لها ، منذ زمن طويل افتقد ابتسامتها و براءة عينيها
جرّ خطواته مرغما ليجلس على جاب السرير ، أسند ذراعيه على قدميه ثم رفع الايطار له و وجد كفه تتجه نحو ملامح جيمه ثم لم يستطع لمسها ، أغمض عينيه و سحب أنفاسه
لقد أحبها و لكن بطريقة مختلفة ، الآن فقط عندما يرى تلك الفتاة الشقية تتجول حوله مصرة على تقديم قلبها له بات يدرك مكامن الاختلاف بين الاحترام و المودة و بين الحب و العشق
ما كان بينه و بين جيمه و إن كان من طرفها عشقا كبيرا إلا من جانبه كان ، احتراما كبيرا
كانت مودة زرعت بين الاثنين و أحيانا كثيرة تكون المودة مُعينة على الحياة أكثر من الحب ، بل المودة أقوى من الحب و إن كانت المشاعر فيها لا تبدو قوية ولا شرسة مثله
وضع الايطار بجانبه ثم أغمض عينيه ليضم كفيه معا مقربهما منه
" هل سأكون في كل مرة أنا من يحمل ملعقة العلقم و المر ؟ "
*
صباحا و حينما كان الجميع على طاولة الفطور التي أعدتها السيدة سيلفيا تجنب الدون الجلوس عليها و توجه مباشرة نحو عمله ، عليه أن يقضيه ثم يلتفت للأهم حيث يجب أن يزيح مساعد فاليريو لكي يكون على مقربة من هذا الأخير
تعمدت فيريا أن تخرج متأخرة و عندما وصلت إلى الطاولة وجدت نفسها تحدق مباشرة إلى رأس الطاولة حيث يفترض أن يكون مكان الدون
رمقها سيلفانو بنظرات ذات معنى ثم ربت على المقعد الذي حركه بقربه
" تعالي فيريا .... الدون غادر بالفعل "
تقدمت لتجلس أين أشار لها ثم قبل أن تقرب الشوكة من فمها نبست ببعض الغل
" لا يهمني أمره "
" حسنا "
قالها بدون اكتراث و حمل كوب قهوته فالتفتت له لترمي الشوكة داخل الصحن بغضب
" ما الذي تعنيه بحسنا ؟ "
حدق فيها بغربة ثم ابتسم ببعض الاستغراب
" ما الذي دهاك ؟ "
" ثم أخبرني من أحضر أغراضي من المزرعة ؟ أنت بالتأكيد أليس كذلك ؟ "
" نعم أنا .... لابد أنك تبحثين عن شجار "
" أجل لأنك تركت حقيبة مهمة هناك و يجب أن أجلبها "
" سوف نجلبها لاحقا "
" بل اجلبها الآن أحتاجها لكي أغادر هذا المكان فلا مكان لي هنا "
" ليس الآن فلتغادري لاحقا "
" تبا لك و لسيدك "
قالتها لتدفع الكرسي خلفها و استقامت مغادرة الغرفة لتقفل بابها بقوة و هو تنهد بقلة حيلة ليقرب الفنجان من ثغره هامسا
" مجنونة ..... "
" ما الذي فعله لها ؟ "
تساءلت السيدة سيلفيا و الفتيات فعلا كن يحدقن به منتظرات الاجابة بترقب
" لم يفعل شيئا بل هي من توقعت الكثير "
قالها ببساطة ثم استقام مغادرا و قبل أن يقفل الباب عاد يطل برأسه على السيدة سيلفيا
" لا تتركيها تغادر المنزل سيدة سيلفيا "
" كن مطمئنا "
و من خلف باب غرفتها كانت تسمع كل لكامتهم عندها اقتربت من النافذة لتضم ذراعيها لصدرها
" سوف نرى كيف سوف تمنعونني من مغادرة المنزل "
*
مر اليوم بطوله على فيريا لم تغادر الغرفة و الدون كان بين الفينة و الأخرى يطمئن على الجميع و يشدد على سيلفانو أن يبقي عينيه عليهم و بعد مغيب الشمس احتاجت السيدة سيلفيا لبعض الأغراض التي كانت ناقصة من المطبخ من أجل العشاء فتطوع سيلفيانو حتى يحضرها و هنا كانت الفرصة مواتية لفيريا حتى تتسلل نحو المزرعة
تحضر حقيبتها و تقتل فضولها الذي ظلّ يلاحقها
" لما تم نقلنا من المزرعة فجأة ؟ "
تسللت بدون أن يراها أحد و كانت مظطرة للسير طويلا حتى وصلت إلى الطريق العام و هناك أخذت سيارة أجرى ، أخبرته عن العنوان فأقلها هناك ليتوقف بعيدا عن المكان فلا أحد يقترب و سكان مسينة لا يفعلون ذلك
لم يكن ذلك الأمر غريبا بالنسبة لها و لكنه زاد التساءلات و تأكدت ان أمرا ما يحدث فسلمته أجرته و نزلت
في هذا الوقت كان الدون قد غادر المزرعة و مساعد فاليريو قرر البحث من خلف الدون و هذا ما جعله يعود للمزرعة ، توجه مباشرة نحو الاسطبل و في المساحة المخصصة للكسير بحث عن شيء فهو لا يثق به على أي حال
ركل كومة القش بقدمه ثم نفى
" تبا له لا يترك أي شيء من خلفه "
تحرك الكسير بعنف رافعا أطرافه مما جعل الوغد يغادر بسرعة و يقفل الباب ، ثم رفع كفه و أشار له
" سوف أفجر رأسك قريبا لنرى ما الذي يمكن لسيدك أن يفعل "
قالها ليرسم ابتسامة جانبية خبيثة ثم سار خارجا من الاسطبل و بما أن الدون ليس هناك فهي فرصته لينبش عن بعض التفاصيل داخل البيت ، فتح الباب فالفتيات يتم احتجازهن في مستودع و البضاعة في مستودع آخر
دخل المنزل و تجول في الغرف باحثا عن أي شيء يمكِّنه الامساك بخطأ و لو صغير على الدون إلا أنه بدون جدوى و لكن عندما فتح باب آخر غرفة شد انتباهه حقيبة صغيرة موضوعة بجانب طاولة الزينة
ترك الباب و تقدم ليحملها ، وضعها على الطاولة رغم صغرها ثم فتحها ليجد بها بعض الأوراق الثبوتية
حمل بطاقة تعريف فرأى صورة فيريا و نزلت نظراته لتقرأ حروف اسمها عندها رسم ابتسامة خبيثة ليهمس
" فيريا جينوفيزي ..... كنت أعلم أن ذلك الرجل يخفي أكثر مما يظهر "
أعاد البطاقة إلى الحقيبة ثم أقفلها ليحملها و ما إن التفت حتى فتح الباب و ها هو يلتقي بفيريا و التي لا أحد يعلم كيف هي أقنعت الحراس حتى يدخلونها إلى هناك
تصلبت هي في مكانها عندما تذكرته أما هو رسم ابتسامة ليرفع كفه و يمرره على فكه حاكا لحيته بنوع من القذارة ثم نبس
" هل تعلمين أن الدون فاليريو بحث عنكِ كثيرا يا فيريا جينوفيزي ؟ "
و لكن قبل أن يواتي بحركة انطلقت رصاصة من خلفها لتستقر بوسط جبينه ليخر ميتا في لحظة مما جعل عينيها تتوسع و التفتت فكان الدون بروفانزانو ، أعاد مسدسه إلى العلاقة ثم تجاوزها ليأخذ حقيبة أوراقها من قربه ثم أمسك بذراعها و سحبها ليغادرا
" كنت أنوي التخلص منه على أي حال "
نهاية الفصل التاسع و العشرون من
" الكسير "
كيف هو الدون بروفانزانو ؟؟
فيريا و كيف سيكون رد فعلها ؟
و إلى أن نلتقي مع فصل جديد أرجو أن تكونوا بخير
سلام
Bạn đang đọc truyện trên: Truyen247.Pro